أحبابنا هذا الجزء الخامس من ألأخلاق في ألإسلام
وسبق أن تكلمنا في الجزء ألأول والثاني والثالث عن ألأخلاق المحموده التي أقرها ألإسلام وأرسي قواعدها رب العزه سبحانه وتعالي وسيدنا الحبيب صل الله عليه وسلم وسار علي نهجه صحابته الكرام رضوان الله عليهم والتابعين وتابعين التابعين حتي وصلت إلينا منقحه كامله لا كذب فيها ولا تضليل عسي أن نكون من أهل ألأخلاق المحموده التي تزف أصحابها إلي جنات النعيم
ولكي تتم الفائده يجب أن نتابع من الجزء ألأول لزياده الفهم ونسترشد بهدي حبيبنا صل الله عليه وسلم ونرضي ربنا ونكون من أهل الجنه إن شاء الله .. نفعنا الله وإياكم بما تعلمنا وزادنا حرصاً علي فهم ديننا الحنيف
::::::::::::
وحتي نكون من أهل ألأخلاص ونتجنب ما يغضب ربنا سبحانه وتعالي تكلمنا في الجزء الرابع عن ألأخلاق المذمومه الي يمقتها ألإسلام ونهي عنها واليوم نتابع هذه ألأخلاق المذمومه حتي لا نقع في محظوراتها ونحرص علي أجتنابها ..
:: :: ::
...الـظـلـم ...
أصل الظلم: الجور ومجاوزة الحد، يقال: ظَلَمه، يَظْلِمُه ظَلْمًا، وظُلْمًا، ومَظْلمةً، فالظَّلْمُ مَصْدرٌ حقيقيٌّ، والظُّلم الاسم، وهو ظالم وظَلوم. وأصل الظلم، وضع الشيء في غير موضعه
معنى الظلم اصطلاحًا:
هو: (وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ إمَّا بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدول عن وقته أو مكانه)
وقيل: (هو عبارة عن التعدِّي عن الحق إلى الباطل وهو الجور. وقيل: هو التصرُّف في ملك الغير، ومجاوزة الحد)
الفرق بين الظلم ومترادفاته
- الفرق بين الجور والظلم:
(الجور خلاف الاستقامة في الحكم، وفي السيرة السلطانية تقول: جار الحاكم في حكمه، والسلطان في سيرته، إذا فارق الاستقامة في ذلك. والظلم ضرر لا يستحق ولا يعقب عوضًا، سواء كان من سلطان، أو حاكم، أو غيرهما، ألا ترى أنَّ خيانة الدانق والدرهم تسمَّى ظلمًا، ولا تسمى جورًا، فإن أخذ ذلك على وجه القهر أو الميل سمِّي جورًا وهذا واضح، وأصل الظلم نقصان الحق، والجور العدول عن الحق، من قولنا: جار عن الطريق. إذا عدل عنه، وخلف بين النقيضين، فقيل في نقيض الظلم الإنصاف، وهو إعطاء الحق على التمام، وفي نقيض الجور العدل، وهو العدول بالفعل إلى الحق)
(الغشم كره الظلم، وعمومه توصف به الولاة؛ لأنَّ ظلمهم يعمُّ، ولا يكاد يقال غشمني في المعاملة، كما يقال: ظلمني فيها،
وفي المثل: وَالٍ غشوم خير من فتنة تدوم، وقال أبو بكر: الغشم اعتسافك الشيء، ثم قال: يقال: غشم السلطان الرعية يغشمهم،
قال الشيخ أبو هلال رحمه الله: الاعتساف خبط الطريق على غير هداية، فكأنه جعل الغشم ظلما يجري على غير طرائق الظلم المعهودة)
- الفرق بين الهضم والظلم:
(أن الهضم نقصان بعض الحق ولا يقال لمن أخذ جميع حقه قد هضم.
والظلم يكون في البعض والكل، وفي القرآن فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه:112] ، أي: لا يمنع حقه ولا بعض حقه، وأصل الهضم في العربية النقصان، ومنه قيل للمنخفض من الأرض: هضم. والجمع أهضام)
الآيات الواردة في ذم الظلم والظالمين كثيرة ومتنوعة فمنها:
- آيات وردت في تنزيه الله تعالى نفسه عن الظلم، قال تعالى: وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ [غافر: 31]، وقال: وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت: 46 ]، وقال: وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ [آل عمران: 108]،
(أي: ليس بظالم لهم بل هو الحَكَم العدل الذي لا يجور؛ لأنه القادر على كل شيء، العالم بكل شيء، فلا يحتاج مع ذلك إلى أن يظلم أحدًا من خلقه؛ ولهذا قال: وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ [آل عمران:109] ، أي: الجميع ملْك له وعبيد له. وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [آل عمران:109] ، أي: هو المتصرف في الدنيا والآخرة، الحاكم في الدنيا والآخرة)
- وقال سبحانه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء: 40] ، وقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس: 44]
قال القرطبي: (أي لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم وزن ذرة، بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها. والمراد من الكلام أنَّ الله تعالى لا يظلم قليلًا ولا كثيرًا)
- آيات تتحدث عن إهلاك الله تعالى للظالمين، وتوعدهم بعقوبات في الدنيا والآخرة،
يقول تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] ، (يقول تعالى: وكما أهلكنا أولئك القرون الظالمة المكذبة لرسلنا كذلك نفعل بنظائرهم وأشباههم وأمثالهم، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)
- وقوله تعالى: وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ [سبأ: 42] ، وقال الله تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18]
(أي: ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كلِّ خير)
- وقال تعالى: وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [الحج:71] ، أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] ، وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ [الزمر:24] ، إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام: 21] ، وقال: إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51]
- آيات جاء فيها وصف المعاصي بالظلم: ومنها قوله تعالى: وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق: 1]، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10]
ذم الظلم والنهي عنه في السنة النبوية
((قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا... ))
قال ابن تيمية: (هذا الحديث قد تضمن من قواعد الدين العظيمة في العلوم والأعمال والأصول والفروع؛ فإن تلك الجملة الأولى وهي قوله: ((حرمت الظلم على نفسي)) يتضمن جلَّ مسائل الصفات والقدر إذا أعطيت حقَّها من التفسير، وإنما ذكرنا فيها ما لا بدَّ من التنبيه عليه من أوائل النكت الجامعة. وأما هذه الجملة الثانية
وهي قوله: ((وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)) فإنها تجمع الدين كله؛ فإنَّ ما نهى الله عنه راجع إلى الظلم، وكل ما أمر به راجع إلى العدل)
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ظلم قِيد شبر من الأرض طُوِّقه من سبع أرضين ))
- وعن جابر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم ))
قال ابن القيم: (سبحان الله! كم بكت في تنعم الظالم عين أرملة، واحترقت كبد يتيم، وجرت دمعة مسكين
كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ [المرسلات: 46]، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88] ، ما ابيضَّ لون رغيفهم حتى اسود لون ضعيفهم، وما سمنت أجسامهم حتى انتحلت أجسام ما استأثروا عليه، لا تحتقر دعاء المظلوم، فشرر قلبه محمول بعجيج صوته إلى سقف بيتك، ويحك نبال أدعيته مصيبة،
وإن تأخر الوقت، قوسه قلبه المقروح، ووتره سواد الليل، وأستاذه صاحب ((لأنصرنك ولو بعد حين )) وقد رأيت ولكن لست تعتبر، احذر عداوة من ينام وطرفه باكٍ، يقلب وجهه في السماء، يرمي سهامًا ما لها غرض سوى الأحشاء منك، فربما ولعلها إذا كانت راحة اللذة تثمر ثمرة العقوبة لم يحسن تناولها، ما تساوي لذة سنة غمَّ ساعة، فكيف والأمر بالعكس، كم في يمِّ الغرور من تمساح، فاحذر يا غائص، ستعلم أيها الغريم قصتك عند علق الغرماء بك:
إذا التقى كل ذي دَين وماطله ستعلم ليلى أي دين تداينت
من لم يتتبع بمنقاش العدل شوك الظلم من أيدي التصرف أثر ما لا يؤمن تعديه إلى القلب)
- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله ليُملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته .
ثم قرأ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] ))
قال ابن عثيمين: (... ((يملي له)) يعني: يمهل له حتى يتمادى في ظلمه، والعياذ بالله، فلا يعجل له العقوبة، وهذا من البلاء نسأل الله أن يعيذنا وإياكم، فمن الاستدراج أن يملي للإنسان في ظلمه، فلا يعاقب له سريعًا حتى تتكدس على الإنسان المظالم،
فإذا أخذه الله لم يفلته، أخذه أخذ عزيز مقتدر، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102] ، فعلى الإنسان الظالم أن لا يغترَّ بنفسه، ولا بإملاء الله له، فإنَّ ذلك مصيبة فوق مصيبته؛ لأنَّ الإنسان إذا عُوقِب بالظلم عاجلًا، فربما يتذكر ويتعظ ويدع الظلم، لكن إذا أُملي له واكتسب آثامًا، أو ازداد ظلمًا ازدادت عقوبته، والعياذ بالله، فيُؤخذ على غرَّة حتى إذا أخذه الله لم يُفلته)
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرَّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة ))
- قال معاوية رضي الله عنه: (إني لأستحي أن أظلم من لا يجد عليَّ ناصرًا إلا الله)
- وقال رجل عند أبي هريرة: (إنَّ الظالم لا يظلم إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت، والذي نفس أبي هريرة بيده، إنَّ الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم)
- (وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه: حصنها بالعدل، ونقِّ طرقها من الظلم)
- (ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق يوم الأذان؛ قال هشام: وما يوم الأذان؟
قال: قوله تعالى: فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [الأعراف:44] ، فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذلُّ الصفة، فكيف المعاينة؟)
- (وقال المهدي للربيع بن أبي الجهم، وهو والي أرض فارس: يا ربيع، آثر الحق، والزم القصد، وابسط العدل، وارفق بالرعية، واعلم أنَّ أعدل الناس من أنصف من نفسه، وأظلمهم من ظلم الناس لغيره)
- (وقال ابن أبي الزناد: عن هشام بن عروة قال: استعمل ابن عامر عمرو ابن أصبغ على الأهواز، فلما عزله، قال له: ما جئت به؟ قال له: ما معي إلا مائة درهم وأثواب. قال: كيف ذلك؟ قال: أرسلتني إلى بلد أهله رجلان: رجل مسلم له ما لي،
وعليه ما عليَّ، ورجل له ذمة الله ورسوله، فوالله ما دريت أين أضع يدي. قال: فأعطاه عشرين ألفًا)
- وكان شريح القاضي يقول: (سيعلم الظالمون حقَّ من انتقصوا، إنَّ الظالم لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب)
- وقال جعفر بن يحيى: (الخراج عمود الملك، وما استغزر بمثل العدل، وما استنزر بمثل الظلم)
آثار الظلم
1- الظالم مصروف عن الهداية:
قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51]
2- الظالم لا يفلح أبدًا:
قال تعالى: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]
3- الظالم عليه اللعنة من الله:
يقول الله عزَّ وجلَّ: يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر: 52]
4- الظالم يحرم من الشفاعة:
قال تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق ))
5- تصيبه دعوة المظلوم ولا تخطئه:
قال عليه الصلاة والسلام: ((واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ))
6- بالظلم يرتفع الأمن:
قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]
7- الظلم سبب للبلاء والعقاب:
قال تعالى: فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ [الحج:45]
وقال تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]
وقال سبحانه: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا [الكهف: 59]
8- توعد الظالم بدخول النار:
عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النار يوم القيامة )) قال ابن حجر: (قوله يتخوضون- بالمعجمتين- في مال الله بغير حق، أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل)
(الظلم ثلاثة:
الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق،
ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] ، وإياه قصد بقوله: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18] ، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 31]، في آي كثيرة، وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر: 32] ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]
والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله:
وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا إلى قوله: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية وبقوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى: 42]، وبقوله: وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء: 33]
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ [فاطر: 32] ، وقوله: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل: 44] ، إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ [النساء:64] ، فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة:35] ، أي: من الظالمين أنفسهم، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231]
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدًا مبتدئ في الظلم،
ولهذا قال تعالى في غير موضع: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33] ، وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57] ، وقوله: وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82] )
لا شكَّ أنَّ الظلم له صور كثيرة، وسنقتصر على ذكر بعضها حتى نكون منها على حذر، وهذه الصور منها:
أولًا: ظلم العبد نفسه
1- أعظمه الشرك بالله:
قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]
قال ابن تيمية: (ومما ينبغي أن يُعلم أنَّ كثيرًا من الناس لا يعلمون كون الشرك من الظلم، وأنَّه لا ظلم إلا ظلم الحكام أو ظلم العبد نفسه، وإن علموا ذلك من جهة الاتباع، والتقليد للكتاب، والسنة، والإجماع، لم يفهموا وجه ذلك، ولذلك لم يسبق ذلك إلى فهم جماعة من الصحابة لما سمعوا قوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82] ،
كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنهم قالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله: ((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] ؟)) وذلك أنهم ظنُّوا أنَّ الظلم- كما حدَّه طائفة من المتكلمين- هو إضرار غير مستحقٍّ، ولا يرون الظلم إلا ما فيه إضرار بالمظلوم، إن كان المراد أنهم لن يضروا دين الله وعباده المؤمنين، فإنَّ ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك والمعاصي أبلغ وأبلغ)
2- التعدِّي على حدود الله:
تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]
قال ابن جرير: (تلك معالم فصوله، بين ما أحل لكم، وما حرم عليكم أيها الناس، قلا تعتدوا ما أحل لكم من الأمور التي بينها وفصلها لكم من الحلال، إلى ما حرم عليكم، فتجاوزوا طاعته إلى معصيته، وإنما عنى تعالى ذكره بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا، هذه الأشياء التي بينت لكم في هذه الآيات التي مضت: من نكاح المشركات الوثنيات، وإنكاح المشركين المسلمات، وإتيان النساء في المحيض، وما قد بين في الآيات الماضية
قبل قوله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ، مما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أمر ونهى)
3- الصدُّ عن مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة: 114]
قال ابن جرير: (وأي امرئ أشد تعديًا وجراءة على الله وخلافًا لأمره، من امرئ منع مساجد الله أن يعبد الله فيها)
4- كتم الشهادة:
قال تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 140]
قال السعدي: (فهي شهادة عندهم، مودعة من الله، لا من الخلق، فيقتضي الاهتمام بإقامتها، فكتموها، وأظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق، وعدم النطق به، وإظهار الباطل، والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟ بلى والله، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة)
5- الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 57]
قال ابن كثير: (يقول تعالى: وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها، أي: تناساها وأعرض عنها، ولم يصغ لها،
ولا ألقى إليها بالًا)
6- الكذب على الله:
قال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 144]
قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: (يقول: فمن أشد ظلمًا لنفسه، وأبعد عن الحق ممن تخرص على الله قيل الكذب، وأضاف إليه تحريم ما لم يحرم، وتحليل ما لم يحلل)
ثانيًا: ظلم العباد بعضهم لبعض
وظلم العباد بعضهم لبعض أنواع، وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها.قال سفيان الثوري: (إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنبًا فيما بينك وبين الله تعالى؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد)
ويمكن تقسيمه إلى ظلم قولي، وظلم فعلي:
من صور الظلم القولي:
التعرض إلى الناس بالغيبة، والنَّمِيمَة، والسباب والشتم، والاحتقار، والتنابز بالألقاب، والسخرية، والاستهزاء، والقذف،...ونحو ذلك.
من صور الظلم الفعلي:
1- القتل بغير حق:
قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [الإسراء: 33]
قال السعدي في تفسير قوله تعالى وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ (وهي: النفس المسلمة، من ذكر وأنثى، صغير وكبير، بر وفاجر، والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق. إِلاَّ بِالحَقِّ كالزاني المحصن، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة... وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا أي: بغير حق فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
وهو أقرب عصباته وورثته إليه سُلْطَانًا أي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل)
2- الظلم الواقع على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم.
3- أخذ أرض الغير أو شيء منها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين ))
وفي هذا الحديث (التحذير الشديد من السطو على أرض الغير وأخذ شيء منها ظلمًا، والوعيد الشديد لمن فعل ذلك بالخسف به يوم القيامة)
4- الظلم الواقع في الأُسَر:
ومنه:
- ظلم الأولاد لوالديهما بعقوقهما.
- ظلم الأزواج لزوجاتهم في حقهنَّ سواء كان صداقًا، أو نفقةً، أو كسوةً.
- ظلم الزوجات لأزواجهنَّ بـتقصيرهن في حقهم، وتنكُّر فضلهم.
- ظلم البنات بعضلهنَّ عن الزواج. قال تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: 19]
(العضل : التضييق، والمنع، والشدة... والمعنى: لا يحل لكم إرث النساء، ولا عضلهن، أي ولا التضييق عليهن، لأجل أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهن، أي أعطيتموهن من ميراث، أو صداق، أو غير ذلك. والخطاب لمجموع المؤمنين لتكافلهم فيصدق بما أعطوه للنساء من ميراث، ومهر زواج، وغير ذلك، وجعله بعضهم للأزواج، وبعضهم للورثة، وكل منهم كان يعضل النساء)
- الدعاء على الأولاد، والقسوة في التعامل معهم.
- تَفضيل بعض الأولاد على بعض:
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: ((سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا، قال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فأراه قال: لا تشهدني على جور ))
5- ظلم أصحاب الولايات والمناصب:
ومنه:
- نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية.
- عدم إعطاء الرعية حقوقهم.
- تقديم شخص في وظيفة ما وهناك من هو أكفأ منه وأقدر على العمل.
6- ظلم العمال:
ومنه:
- أن يعمل له عمل ولا يعطيه أجره:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ))
- أن يبخسه حقوقَه أو أن يؤخرها عن وقتها.
- تكليفه بأمور غير ما اتفق عليها معه، أو بأمور لم تجرِ العادة تكليفه بها:
قال صلى الله عليه وسلم: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم ))
7- أكل مال الغير بغير حق:
وهو أنواع ومنه:
أ- أكل أموال الناس بالباطل:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا [النساء: 29-30]
(ينادي الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الإيمان فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ وينهاهم عن أكل أموالهم بينهم بالباطل بالسرقة أو الغش أو القمار أو الربا وما إلى ذلك من وجوه التحريم العديدة
فيقول: لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ، أي: بغير عوض مباح، أو طيب نفس، ثم يستثني ما كان حاصلًا عن تجارة قائمة على مبدأ التراضي بين البيعين لحديث: ((إنما البيع عن تراض )) والبيعان بالخيار ما لم يتفرقا )) فقال تعالى: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ فلا بأس بأكله فإنه حلال لكم. هذا ما تضمنته الآية كما قد تضمنت حرمة قتل المؤمنين لبعضهم بعضًا، فقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ والنهي شامل لقتل الإنسان نفسه وقتله أخاه المسلم؛
لأن المسلمين كجسم واحد، فالذي يقتل مسلمًا منهم كأنما قتل نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا فقال: إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فلذا حرم عليكم قتل بعضكم بعضًا.
هذا ما تضمنته الآية الأولى، أما الآية الثانية فقد تضمنت وعيدًا شديدًا بالإصلاء بالنار والإحراق فيها كل من يقتل مؤمنًا عدوانًا وظلمًا، أي: بالعمد والإصرار والظلم المحض، فقال تعالى: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ أي: القتل عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ أي: الإصلاء والإحراق في النار عَلَى اللّهِ يَسِيرًا لكمال قدرته بهذا العذاب إذا لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه بحال من الأحوال)
ب- أكل أموال الضعفاء كاليتامى:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10]
يقول الفخر الرازي: (اعلم أنه تعالى أكد الوعيد في أكل مال اليتيم ظلمًا، وقد كثر الوعيد في هذه الآيات مرة بعد أخرى على من يفعل ذلك، كقوله: وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [النساء: 2] وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا [النساء: 9] ثم ذكر بعدها هذه الآية مفردة في وعيد من يأكل أموالهم، وذلك كله رحمة من الله تعالى باليتامى؛ لأنهم لكمال ضعفهم وعجزهم استحقوا من الله مزيد العناية والكرامة، وما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته وكثرة عفوه وفضله؛ لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى)
ج- الرِّبا:
قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء: 160-161]
(ما زال السياق في اليهود من أهل الكتاب يبين جرائمهم ويكشف الستار عن عظائم ذنوبهم، ففي الآية الأولى سجل عليهم الظلم العظيم والذي به استوجبوا عقاب الله تعالى حيث حرم عليهم طيبات كثيرة كانت حلالًا لهم، كما سجل عليهم أقبح الجرائم،
وهي صدهم أنفسهم وصد غيرهم عن سبيل الله تعالى، وذلك بجحودهم الحق وتحريفهم كلام الله، وقبولهم الرشوة في إبطال الأحكام الشرعية.
هذا ما تضمنته الآية الأولى، أما الثانية فقد تضمنت تسجيل جرائم أخرى على اليهود وهي أولًا استباحتهم للربا وهو حرام،
وقد نهوا عنه، وثانيًا أكلهم أموال الناس بالباطل؛ كالرشوة والفتاوى الباطلة التي كانوا يأكلون بها. وأما قوله تعالى في ختام الآية: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا فهو زيادة على عقابهم به في الدنيا أعد لمن كفر منهم ومات على كفره عذابًا أليمًا موجعًا يعذبون به يوم القيامة)
د- الرشوة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الرَّاشي والمرتشي ))
يقول المناوي: (الرشوة على تبديل أحكام الله إنما هي خصلة نشأت من اليهود المستحقين اللعنة، فإذا سرت الخصلتان إلى أهل الإسلام استحقوا من اللعن ما استحقه اليهود)
هـ- الغشُّ في المعاملات:
قال صلى الله عليه وسلم: ((من غشَّنا فليس منا ))
قال المناوي معلقًا على هذا الحديث: (أي ليس على منهاجنا؛ لأن وصف المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها، وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش)
ويقول ابن حجر الهيتمي: (ليتأمل الغشاش بخصوصه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا)) يعلم أن أمر الغش عظيم، وأن عاقبته وخيمة جدًّا فإنه ربما أدت إلى الخروج عن الإسلام والعياذ بالله تعالى،
فإن الغالب أنه صلى الله عليه وسلم لا يقول ليس منا إلا في شيء قبيح جدًّا يؤدي بصاحبه إلى أمر خطير ويخشى منه الكفر،
فإن لمن يعرض دينه إلى زوال ويسمع قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غش فليس منا))، ولا ينتهي عن الغش إيثارًا لمحبة الدنيا على الدين ورضا بسلوك سبيل الضالين)
و- الميسر:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة:90-91]
ز- الغلول:
قال تعالى: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [آل عمران: 161]
(الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان وهو محرم إجماعا،
بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب....ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ الغال وغيره، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه، وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أي: لا يزاد في سيئاتهم،
ولا يهضمون شيئا من حسناتهم.)
ح- الهدايا التي تهدى للموظف بسبب وظيفته:
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا. ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولَّاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته،
والله لا يأخذ أحدًا منكم شيئًا بغير حقِّه، إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلَأَعرفنَّ أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء
أو بقرة لها خوار، أو شاةً تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول: اللهم! هل بلغت، بصر عيني وسمع أذني ))
التحذير من دعوة المظلوم:
قال صلى الله عليه وسلم: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ))
(أي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى. قال السيوطي: أي ليس لها ما يصرفها ولو كان المظلوم فيه ما يقتضي أنه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حرامًا أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه (وإن كان كافرًا) رواه أحمد من حديث أنس. قال ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب عن قدرته، وعلمه، وإرادته، وسمعه، وبصره، ولا يخفى عليه شيء، وإذا أخبر عن شيء أنَّ بينه وبينه حجابًا، فإنما يريد منعه)
ولربما تأخرت إجابة الدعوة، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:42-43]
وقال ميمون بن مهران: في قوله تبارك وتعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم)
(وقيل: لما حبس بعض البرامكة وولده قال: يا أبت، بعد العزِّ صرنا في القيد والحبس.
فقال: يا بني، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها، ولم يغفل الله عزَّ وجلَّ عنها)
(وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدًا قطُّ هيبتي رجلًا ظلمته، وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله، يقول لي: حسبي الله، الله بيني وبينك)
وقيل لإبراهيم بن نصر الكرماني: (إنَّ القرمطي دخل مكة، وقتل فيها، وفعل، وصنع، وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟ فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما هنَّ؟ قال: أوَّلهنَّ: أقرُّوا بالله وتركوا أمره، والثاني: قالوا: نحبُّ الرَّسول، ولم يتبعوا سنته، والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به، والرابع: قالوا: نحبُّ الجنَّة، وتركوا طريقها، والخامس: قالوا: نكره النَّار، وزاحموا طريقها، والسادس: قالوا: إنَّ إبليس عدُّونا، فوافقوه، والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا، والثَّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم، والتَّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب، والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور)
معاونة الظالم على ظلمه
من يعين الظالم فهو ظالم مثله، ومشارك له في الإثم:
الظلم من الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان
فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]
وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ((لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَه وَشَاهِدَيْه وقال: هُم سَواء ))
قال النووي: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليهما وفيه: تحريم الإعانة على الباطل)
وقال ميمون بن مهران: (الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء)
[right]
باب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها، قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:110] وقال تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:39]
شروط التوبة كما ذكرها العلماء:
- أن يقلع عن الذنب.
- وأن يندم على ما قد مضى.
- وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه.
- وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم، أو أعراضهم، أو أبدانهم، فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها.
قال ابن القيم: (والظلم عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئًا، وهو ظلم العباد بعضهم بعضًا، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئًا، وهو ظلم العبد نفسه بينه
وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها)
فمن ابتلي بشيء من الظلم، والتسلط على الناس سواء كان بأخذ مال، أو بغيره من أنواع الظلم، فليتحلل منه في هذه الدنيا الفانية، فليس في الآخرة دينار ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات يؤخذ من حسناته بقدر مظلمته ويعطى للمظلوم، فإن نفدت حسناته أُخذ من سيئات المظلوم وحمله الظالم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ))
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ))
وعن عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلًا بهمًا، فيناديهم مناد بصوت يسمعه مَن بعُد كما يسمعه مَن قرُب: أنا الملك، أنا الديَّان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، حتى اللطمة فما فوقها، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة، حتى اللطمة فما فوقها
وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49] ، قلنا: يا رسول الله، كيف وإنما نأتي حفاة عراة غرلًا بهمًا؟ قال: بالحسنات والسيئات جزاءً وفاقًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ))
وقال أبو الزناد: (كان عمرُ بنُ عبد العزيز يردُّ المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة، كان يكتفي باليسير، إذا عرف وجه مَظْلِمةِ الرَّجُلِ ردَّها عليه، ولم يكلِّفْه تحقيق البيِّنة، لما يعرف من غشم الوُلاة قبله على الناس، ولقد أنفد بيت مال العراق في ردِّ المظالم حتى حُمِلَ إليها من الشَّام)
وذكر صاحب (العقد الفريد) قصةً للمأمون: (وأنه جلس يومًا لردِّ المظالم، فكان آخر من تقدم إليه - وقد همَّ بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثَّة، فوقفت بين يديه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم. فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلَّمي بحاجتك. فقالت:
يا خير منتصف يهدى له الرشد ويا إمامًا به قد أشرق البلد
تشكو إليك عميد القوم أرملة عدى عليها فلم يترك لها سبد
وابتز مني ضياعي بعد منعتها ظلمًا وفرق مني الأهل والولد
فأطرق المأمون حينًا، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول:
في دون ما قلت زال الصبر والجلد عني وأقرح مني القلب والكبد
هذا أذان صلاة العصر فانصرفي وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد
فالمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا ننصفك منه وإلا المجلس الأحد
قال: فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: وعليك السلام ثم قال: أين الخصم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين - وأومأت إلى العباس ابنه -
فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس.
فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك.
فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإنَّ الحق أنطقها والباطل أخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها،
وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها، ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة)
----------------------------------------------------
-وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
ولا تنسونا من صالح دعائكم
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأحد يوليو 24, 2022 12:22 am عدل 1 مرات
أمس في 5:16 pm من طرف عبدالله الآحد
» تعليم الصبيان التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الثلاثاء أبريل 30, 2024 10:00 pm من طرف عبدالله الآحد
» عقيدة السلف الصالح للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني
الإثنين أبريل 29, 2024 4:19 pm من طرف عبدالله الآحد
» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( الجُزْءُ أَلْأَولٌ ) )
الأحد أبريل 28, 2024 6:20 pm من طرف صادق النور
» عظمة الله سبحانه وتعالى والتحذير من الاستهزاء بالله والعياذ بالله
الأحد أبريل 28, 2024 5:54 pm من طرف عبدالله الآحد
» أَسْرارُ اَلْمُسَبَّحَةِ اَوْ السُّبْحَةِ وَأَنْواعُها وَأَعْدادُها - - ( ( اَلْجُزْءُ الثَّانِي ))
الأحد أبريل 28, 2024 8:06 am من طرف صادق النور
» أقسام صفات الله
السبت أبريل 27, 2024 8:52 pm من طرف عبدالله الآحد
» اثبات أن الله يتكلم بالصوت والحرف وأن القرآن كلامه حقيقة
الجمعة أبريل 26, 2024 4:11 pm من طرف عبدالله الآحد
» الرياء شرك أصغر إن كان يسيرا
الخميس أبريل 25, 2024 4:39 pm من طرف عبدالله الآحد
» لم يصح تأويل صفة من صفات الله عن أحد من السلف
الأربعاء أبريل 24, 2024 5:12 pm من طرف عبدالله الآحد