آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» عقيدة أهل السنة في كلام الله عز وجل
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110اليوم في 5:10 pm من طرف عبدالله الآحد

» فَضْلَ صِلَةِ الأَرْحَامِ -* - * كَيْفَ تَصِل رَحِمَك .
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110أمس في 10:13 pm من طرف صادق النور

» القرآن من آحاد كلام الله ليس قديما بقدم الله ونوع كلام الله قديم
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110أمس في 4:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» قول فى البدعة والسنة !!!
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الأحد مايو 05, 2024 10:31 pm من طرف صادق النور

» الكتب المهمة التي ينصح بقراءتها في العقيدة الإسلامية الصحيحة
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الأحد مايو 05, 2024 3:23 pm من طرف عبدالله الآحد

» كلام الله قديم النوع حادث الآحاد أي متجدد الآحاد وهو غير مخلوق
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110السبت مايو 04, 2024 4:51 pm من طرف عبدالله الآحد

» 40 خطأ فى العقيدة
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:47 pm من طرف صادق النور

» ما هى حقيقة أيمانك
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:38 pm من طرف صادق النور

» التحذير من الغلو في النبي صلى الله وسلم والأنبياء والصالحين
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 4:41 pm من طرف عبدالله الآحد

» بطلان قاعدة الخلف في أن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم
-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 12:22 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

-(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين-  فلسطين في ألإسلام -                                                                                                                               -       Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 29 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 29 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9666 مساهمة في هذا المنتدى في 3202 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    -(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين- فلسطين في ألإسلام - -

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود -(( 83 -)) وطنا العربي الجميل - فلسطين - تاريخ فلسطين - أول من سكن فلسطين - تاريخ اليهود في فلسطين- فلسطين في ألإسلام - -

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 9:34 am


    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام علي سيد المرسلين وأمام المتقين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم أجمعين

    تاريخ فلسطين
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    فلسطين ما قبل الميلاد

    فِلَسْطِين (بالعبرية: פלשתינה أو פלסטין حسب السياق، باليونانية: Παλαιστίνη) هي المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب شرق البحر المتوسط حتى وادي الأردن، وفي بعض التعاريف، يمتد التعريف ليشمل مناطق شرق نهر الأردن، تقع في غرب آسيا وتصل بشمالي أفريقيا بوقوعها وشبه جزيرة سيناء عند نقطة التقاء القارتين، مكونة الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام المتصل بمصر؛ فكانت نقطة عبور وتقاطع للثقافات والتجارة والسياسة بالإضافة إلى مركزيتها في تاريخ الأديان، ولذلك لكثير من مدنها أهمية تاريخية أو دينية، وعلى رأسها القدس.
    وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا(
    بحيرة طبريا أو بحيرة طبرية هي بحيرة عذبة المياه تقع بين منطقة الجليل في شمال فلسطين وهضبة الجولان اللتان اغتصبتها إسرائيل، على الجزء الشمالي من مسار نهر الأردن. يبلغ طول سواحلها 53 كم وطولها 21 كم وعرضها 13 كم، وتبلغ مساحتها 166 كم2. أقصى عمق فيها يصل إلى 46 متر. تنحدر من قمة جبل الشيخ الثلجية البيضاء، المياه الغزيرة لتشكل مجموعة من الينابيع التي تتجمع بدورها لتكون نهر الأردن. البحيرة والمنخفض حولها هما جزء من الشق السوري الأفريقي
    .)في منطقة تل العبيدية وهي ترقى إلى ما بين 600 ألف سنة مضت وحتى مليون ونصف سنة مضت. في العصر الحجري الحديث -(
    العصر الحجري الحديث 9000 – 4500 قبل الميلاد أو العصر النيوليثي (بالإنجليزية: Neolithic)‏ هو المرحلة الأخيرة من عصور ما قبل التاريخ (عصور ما قبل الكتابة) عرف الإنسان فيه الاستقرار الدائم في قرى ثابته من خلال توصله إلى الزراعة وتدجين الحيوانات كما شهد الإنسان في هذه المرحلة تطور الفكر الديني وتوصله أيضاً لصناعة الفخار واستخدامه في الحياة اليومية للتخزين والطبخ وغيرها من الاستعمالات، وتعتبر القرى النطوفية في بلاد الشام العتبة والبوابة الرئيسية لنقل المجتمعات من مجتمعات مستهلكة متنقلة إلى مجتمعات منتجة مستقرة
    .(10000 ق.م. - 5000 ق.م.) نشأت المجتمعات الزراعية الثابتة، ومن العصر النحاسي (5000 ق.م. - 3000 ق.م.) وجدت أدوات نحاسية وحجرية في جوار أريحا وبئر السبع والبحر الميت.يعد الأثريون أريحا كأقدم المدن على الإطلاق  حيث يرجع تاريخها إلى العصر الحجري ما قبل 10 - 11 ألف سنة، أي حوالي قبل الألف الثامن قبل الميلاد.

    التسمية والحدود

    من التدوينات التي تعارف عليها لاستخدام اسم «فلسطين» إشارة إلى المنطقة الجغرافية جنوبي بلاد الشام ما كتبه المؤرخ الإغريقي هيرودوت في مؤلفاته في القرن الخامس قبل الميلاد، إذ أشار إلى منطقتي بلاد الشام وبلاد الرافدين باسم «سوريا» وإلى جنوبها ب«فلسطين» (Παλαιστινη پَلَيْسْتِينِيه) و«فلسطين السورية». وعلى ما يبدو استعار هيرودوت هذا الاسم من اسم «پلشت» الذي أشار إلى الساحل الجنوبي ما بين يافا ووادي العريش حيث وقعت المدن الفلستية. وكان الفلستيون من شعوب البحر ومن أبرز الشعوب التي عاشت في منطقة فلسطين من القرن ال12 ق.م. ولمدة 500 عام على الأقل.

    وعم استخدام اسم فلسطين كاسم منطقة ذات حدود سياسية معينة في القرن الثاني للميلاد عندما ألغت سلطات الإمبراطورية الرومانية «ولاية يهوذا» (Provincia Iudaea) إثر التمرد اليهودي عليهم عام 132 للميلاد وأقامت ولاية فلسطين السورية (Provincia Syria Palestinae) محلها. أصبحت فلسطين تُسمى «جند فلسطين» في بداية عهد الخلافة الإسلامية، وكانت تتداخل حدودها مع «جند الأردن».

    من الناحية الطوبوغرافية ونباتية يمكن استخدام معايير مختلفة لتحديد منطقة فلسطين، ولكنه يمكن بشكل عام وصفها كالمنطقة الممتدة من نهر الليطاني في لبنان شمالا إلى رأس خليج العقبة جنوبا، ومن البحر الأبيض المتوسط غربا إلى الضواحي الغربية للبادية السورية في الأردن شرقا. ويمكن أيضا اعتبار صحراء النقب جزءا طبيعيا من شبه جزيرة سيناء وعدم شموله بمنطقة فلسطين جغرافيا.

    حدود فلسطين التاريخية («من النهر إلى البحر») هي البحر الأبيض المتوسط غربا، «خط رفح العقبة» الذي يفصلها عن سيناء من الجنوب الغربي، رأس خليج العقبة جنوبًا، وادي عربه، البحر الميت ونهر الأردن شرقًا، ومنحدر هضبة الجولان قرب شواطئ بحيرة طبريا الشرقية ومسار نهر الأردن الشمالي في الشمال الشرقي. ويحد فلسطين شمالا لبنان في خط متعرج يبتديء غربا برأس الناقورة على البحر الأبيض المتوسط، ثم يتجه شرقا إلى قرية يارون، فينعطف شمالا حتى المكان حيث وقعت في الماضي قريتي المالكية وقَدَس وحيث تقع بلدة المطلة ثم شرقا إلى تل القاضي وغربا إلى نقطة قرب منبع بانياس. ويشكل مسار الحدود الشمالي الشرقي صورة إصبع حيث أطلق على هذه المنطقة اسم «إصبع الجليل».

    والحدود المشار إليها اليوم كحدود فلسطين التاريخية هي نتيجة سلسلة من المفاوضات والاتفاقيات بين الإمبراطوريات التي سيطرت على الشرق الأوسط في مطلع القرن الـ 20 والتي أدت كذلك إلى تصميم الحدود السياسية في عموم الشرق الأوسط. بين 1917 و1948 أشار اسم فلسطين إلى منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين وكان يتكون من عدة وحدات إدارية.

    التاريخ
    تقع فلسطين في موقع استراتيجي بين مصر ولبنان وسوريا والأردن، وهي أرض الرسالات ومهد الحضارات الإنسانية، حيث مرت على أقدم مدينة فيها وهي أريحا، إحدى وعشرون حضارة منذ الألف الثامن قبل الميلاد. وهي مهد الديانتين اليهودية والمسيحية، ولهذه الأرض تاريخ طويل وجذور بالثقافة والدين والتجارة والسياسة. وفي فلسطين تتكلم الشواهد التاريخية عن تاريخ هذه الأرض الطويل والمتشابك منذ ما قبل التاريخ. أقدم شعب معروف استوطن هذه الأرض هم الكنعانيون. وقد تمت السيطرة على المنطقة من قبل العديد من الشعوب المختلفة، بما في ذلك قدماء المصريين والفلستينيين وبني إسرائيل، والآشوريين والبابليين والفرس والإغريق والرومان والبيزنطيين، والخلافة العربية، والصليبيون، والأيوبيين، والمماليك والعثمانيون، والبريطانيون وأخيرا إسرائيل بعد النكبة عام 1948.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    أول من سكن فلسطين
    لا يعرف بالضبط متى سكن الإنسان أرض فلسطين، ولكن الكثير من الإشارات تدل على أن أول من سكن فلسطين هم مجموعة قبائل تدعى بـ “النطوفيين”، في القرن (14) قبل الميلاد، ولهم آثار تدل عليهم، ولكن لا أحد يعرف: من هم؟ وما أصلهم؟ ومن أين جاؤوا؟ إلا أنهم أصحاب أقدم آثار اكتشفت فيها حتى الآن.

    في القرن الثامن قبل الميلاد : وجدت آثار تشير إلى بداية في مدينة  “أريحا”، والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم، واستمر ذلك حتى منتصف القرن  قبل الميلاد.

    الكنعانيون
    أول آثار ثابتة لأناس استقروا في فلسطين، تعود إلى “الكنعانين” و”الآموريين” وهم قبائل عربية دخلوا فلسطين من جزيرة العرب، وهذا ثابت في تاريخ فلسطين، أجمع عليه المؤرخون الشرقيون منهم والغربيون، أما اليهود فلم يكن لهم ذكر في هذا التاريخ، بل ورد أول ذكر لهم بعد ذلك بعدة قرون.

    انقسمت القبائل العربية في فلسطين إلى أقسام:

    الكنعانيون: سكنوا سهول فلسطين.
    اليبوسييون: استقروا في منطقة القدس.
    الفينيقيون والعمورييون: سكنوا في الجبال.
    وهذا سبب تسمية تلك الأراضي  “أرض كنعان” في تاريخ المؤرخين وعند علماء الآثار ، فلم تسمى بأرض يهود ولا أرض بني إسرائيل، أما عن لغاتهم فليست اللغة الاصلية لأنّ لغة أهل الجنة وما نطق به آدم عليه السلام هي اللغة العربية، ولكن مع الأيام تغيّرت لغات الناس ومنهم “الكنعانييون”.

    اول من استخدم اسم فلسطين
    يعود اسم “فلسطين” إلى شعوب جاءت من البحر المتوسط ومنها “جزيرة كريت”، بعد أن أصابتهم مجاعة فهاجموا شواطئ الشام ومصر، فصدهم “رمسيس الثالث” في معركة “لوزين” المشهورة،
    ثم سمح لهم بعد مفاوضات أن يسكنوا جنوب فلسطين في مناطق تسمى “بلست”، فسمّوا “البلستينيين” وعرفت أرضهم بـ “بلستين”، وتجاوروا مع “الكنعانيين واليبوسيين” سكانها الأصليين، ثم اختلطت أنسابهم ولغاتهم.

    تاريخ اليهود في فلسطين

    سكن ابراهيم عليه السلام في فلسطين
    بعث نبي الله إبراهيم عليه السلام في مدينة “بابل” في العراق، ثم هاجر إلى الشام ومنها إلى مصر، ثم عاد واستقر مع زوجته “سارّة” في مدينة الخليل بفلسطين، وهناك وهبته “سارّة” خادمتها السيدة “هاجر” فتزوجها ورُزق منها “إسماعيل” عليه السلام،

    فجاءه الأمر الإلهي بأخذ هاجر وإسماعيل وتركهما في مكة، ولما عاد إلى “سارّة” بفلسطين رزقه الله منها “إسحاق” عليه السلام، ومن ذريته كان نبي الله “يعقوب” الذي سمي بـ “إسرائيل” عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام.

    وفي قصة نبي الله يوسف بن يعقوب بعد أن ألقاه إخوته في البئر، واصطُحب مع قافلة إلى مصر فعاش فيها ثم أصبح عزيزها، أرسل إلى أبيه يعقوب، فأخذ أهله وأبناءه وهاجروا جميعًا إلى مصر واستوطنوا فيها، ومن هنا يظهر أنّ بني إسرائيل كانوا مهاجرين إلى فلسطين، ولم يكملوا جيلًا واحدًا فيها وغادروها إلى مصر، وقد أجمع المؤرخون العرب والغربيين على هذا الامر.

    هجرة موسى عليه السلام وبني إسرائيل إلى فلسطين
    عاش بنو إسرائيل برفاه في مصر زمن يوسف عليه السلام، لإكرام فرعون ذلك الزمان له، ولما زادت أعدادهم وكاثروا أهلها بعد يوسف عليه السلام؛

    استضعفهم المصريون وأذلّوهم فصاروا عبيدًا، ووصل الأمر إلى إصدار فرعون مصر الأمر بقتل أولادهم الذكور، فبعث الله موسى عليه السلام ليخرج ببني إسرائيل من مصر ويعود بهم إلى فلسطين، فرأوا الايات والمعجزات التسع العظيمة التي أيده الله بها.

    وفي رحلة الهجرة لحقهم فرعون وجنوده فأغرقهم الله في البحر، وفي سيناء مروا على قوم يعبدون الأصنام، فطلبوا من موسى بعد كل ما رأوه أنْ يجعل لهم آلهة كما لهؤلاء،

    فأي خلل في الإيمان وأي سوء في التفكير؟! ثم سبقهم موسى عليه السلام إلى جبل الطور ليناجي ربه فعبدوا العجل، فارتفع جبل الطور فوق رؤوسهم كالسحابة، فعندها قالوا سمعنا وأطعنا وهم مترددين.

    ثم تابعوا مسيرهم إلى فلسطين، ولما أُمروا أنْ يدخلوا القدس قالوا لموسى: {قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}،(24)المائده .

    سبحان الله ما مرّ على الأنبياء شعب بخسّة هؤلاء، شعب يرون المعجزات ثم المعجزات ويرفض أن يطيع ويستسلم، فجاء عقاب الله لهم {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}(26)المائده.

    ابتلى الله بني إسرائيل بالتيه أربعين سنة عن القدس، وأثناءه كانت قصة البقرة ورأوا المعجزات، وتوفي هارون خلاله ومن بعده موسى الذي دعا الله: (رب أمتني قرب الأرض المقدسة)، فقبض ملك الموت روحه على بعد مرمى حجر من بيت المقدس عند كثيب أحمر.

    داود عليه السلام ومملكة إسرائيل
    بعد وفاة موسى عليه السلام في التيه، تبدل الجيل الذي رأى المعجزات الكثيرة وكفر ولم يطع، وجاء جيل جديد بدأ الأنبياء تربيته ، فقاد “يوشع بن نون” بنو إسرائيل، وقاتل القوم الجبارين، ودخل الأرض المقدسة بعد معجزة حبس الشمس له، ليتم النصر قبل الغروب ودخول يوم السبت الذي يحرم فيه العمل والقتال عندهم.

    وبعد وفاة “يوشع بن نون” عليه السلام تمزق بنو إسرائيل وتفرقوا، فأرسل الله لهم الأنبياء تباعًا فكلما مات نبي قام نبي، بل ربما اجتمع ثلاثة أنبياء في قرية واحدة، لكن الكفر تأصل في قلوبهم واعتادوا المعاصي ومعاندة الأنبياء، ثم تطور بهم الحال حتى وصل بهم إلى قتل الأنبياء.

    ثم تسلط عليهم العماليق وحكمهم “جالوت”، فأخذوا منهم مقدساتهم وأموالهم، وأهمها التابوت الذي يحوي عصا موسى والألواح التي أنزلت عليه، فجاء بنو إسرائيل لنبي لهم وطلبوا منه اختيار ملك يقاتلون بأمره،

    فبعث الله لهم “طالوت” ملكًا فقاتلوا أخيرًا بعد معاندات وعصيان، وكان في جيشه “داود عليه السلام” الذي قتل “جالوت”، وتزوج ابنة طالوت وقاد بني إسرائيل من بعده.

    أسس داود عليه السلام لبني إسرائيل مملكة في القدس استمرت (90) عامًا، فحكم جزء من فلسطين حتى الساحل، وكانت أول مملكة لبني إسرائيل عام (995) ق.م، وذلك بعد (1600) عام من وصول الكنعانيين واليبسيين إليها عام (2600) ق.م، وعاش بنو إسرائيل في مملكتهم الجديدة في بعض فلسطين، والبعض الآخر كان يسكنه الكنعانيون.

    وفي زمن نبي الله سليمان بن داود عليهما السلام، قام بتجديد بناء المسجد الأقصى القديم حسب المصادر الإسلامية وسخر لذلك الجان، أما في مصادر بني إسرائيل فيزعمون أنه قام ببناء “الهيكل” بواسطة عدد كبير من الجنود والبنائيين، والذين عرفوا فيما بعد بـ “الماسون” ومنهم جاءت “الماسونية“، ولا يوجد في كتبهم بيان واضح لمكانه بالتحديد .

    نبوخذ نصر وزوال مملكة إسرائيل

    بعد (90) عاما على تأسيس أول مملكة لبني إسرائيل، غزاهم “الآشوريون” من العراق ومن بعدهم “البابليون”، ولما أرادوا الثورة على حكمهم،

    توجه ملك البابليين المشهور “نبوخذ نصر” أو “بختنصر” إلى القدس وحاصرها لعام ونصف، ثم كان له النصر بسبب ذنوب بني إسرائيل ومعاصيهم، فدخلها وأحرقها ودمر “الهيكل المزعوم” ولم يبقي منه حجرًا على حجر، واقتاد منهم (40) ألف كأسرى وسبايا.

    فلسطين تحت حكم الفرس واليونان والرومان
    فلسطين تحت حكم الفرس
    ظل اليهود مستعبدين في بابل، حتى جاء الملك الفارسي “حورس الثاني” عام (539) قبل الميلاد: فسيطر على مملكة بابل وضمها لحكمه، تسامح الفرس وسمحوا لبني إسرائيل بالذهاب إلى القدس،

    ولكنهم فضلوا البقاء في بابل حيث الأموال والترف فمعبودهم الحقيقي في كل زمان هو المال، وحتى هذه الأيام: (إنّ عدد اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها يفوق عددهم في فلسطين).

    في هذه الفترة عاد بعض اليهود إلى القدس وقاموا ببناء “الهيكل الثاني”، وكان من تسامح الفرس معهم أنْ أعطوهم حكمًا ذاتيًا في منطقة محددة بفلسطين، واستمر هذا الهدوء قرابة (200) سنة حتى جاء رجل من أعظم رجالات التاريخ، إنه “الإسكندر المقدوني” الذي يعتبره بعض المفسرين أنه “ذو القرنين” الذي ورد ذكره في القرآن الكريم.

    فلسطين تحت الحكم اليوناني
    قام الإسكندر بفتح فلسطين في إحدى حملاته الثلاث المشهورة، والتي فتح فيها بلاد الهند وإيران والعراق والشام ومصر، وبقيت تحت حكم الإغريق حتى وفاة الإسكندر فانقسمت مملكتهم، فاستغل ذلك الأنباط العرب وضموا فلسطين إلى “مملكة البتراء”، وحكموها (100) سنة حتى عام (200) ق.م.

    عادت جماعات من الإغريق “السلوقيون” وسيطروا على القدس من جديد، واضطهدوا اليهود وأجبروهم على عبادة “زيوس” كبير الآلهة الأولمبية عند الإغريق،

    فاستجاب أكثرهم ودخلت الطقوس الإغريقية فيهم وسموا “اليهود الإغريقيون”، ورفض قسم آخر وتمسكوا بدينهم وسموا “المكابيون”، وهربوا من حكم الإغريق لهم بقيادة “يهوذا المكابي”، وثاروا على حكمهم وانتصروا في عدة معارك.

    في (25-1-164) قبل الميلاد: أصدر الإمبراطور الإغريقي قرارًا بإيقاف اضطهاد والسماح لهم بالعبادة، ودخلوا القدس وهم يشعلون أنوار الشموع، وسمي ذلك اليوم “عيد الأنوار” واشتهر في تاريخهم باسم “هانوكا”،

    ومنه كان الشمعدان اليهودي أحد الشعارات الرئيسية مع النجمة السداسية، ثم عيّن الإمبراطور حاكمًا يهوديًّا على القدس اسمه “سيمون”، أقام مملكة توسعت حتى البحر وبقيت تتبع الإغريق.

    فلسطين تحت حكم الإمبراطورية الرومانية
    في سنة (63) قبل الميلاد: بدأ الرومان في التوسع والسيطرة على ممالك الإغريق، ومن ضمنها مملكة بني إسرائيل وعينوا حاكمًا جديدًا عليهم اسمه “هيرودس”،

    لم يكن من “المكابيين” بل كان طاغية يقوم على مصالح الرومان، وفي عهده أصبحت فلسطين والأردن منطقة صراع بين الرومان والفرس، وفي عام (34) قبل الميلاد: زارت “كليوباترا” حاكمة مصر الفرعونية القدس في طريق عودتها من العراق.

    في عام (15) قبل الميلاد: ولدت السيدة مريم عليها السلام، ونشأت تحت رعاية نبي الله زكريا عليه السلام في القدس، وفي العام الرابع قبل الميلاد توفي ملك اليهود “هيرودس”، وتمزقت المملكة بين أبناءه الثلاثة.

    وقبل ميلاد المسيح بثلاثة أشهر ولد نبي الله يحيى عليهم السلام، ومع الأيام اشتهر يحيى عليه السلام بين اليهود كونه ابن نبيهم زكريا وأطلقوا عليه اسم “يوحنا المعمدان”، والتعميد هو الغسل في النهر تطهيرًا للذنوب.

    أما المسيح عليه السلام فكان اليهود ينظرون له نظرة ريبة ويتهمونه بالسحر، وخلال ذلك جاء الرومان وحكموا فلسطين بشكل مباشر وألغوا مملكتهم، وتولاها الحاكم الروماني “بطليموس“، وبقيت أمور القضاء والدين بيد اليهود.

    أراد “بطليموس” الزواج من ابنة أخيه بارعة الجمال، فطلب من يحيى وزكريا استثناء، فجمع نبي الله يحيى الناس وأعلن حرمة هذا الزواج، فغضب هذا الحاكم وأمر بقتل يحيى عليه السلام وقدّم رأسه مهرًا لابنة أخيه البغي، ثم أرسل جنوده فقتلوا زكريا عليه السلام.

    حمل المسيح عليه السلام الدعوة لليهود، ولم يستقر في مكان فكان كثير التنقل لذلك سمي بالمسيح، وفي شريعته نزلت بعض التخفيفات عن بعض القيود التي كانت مفروضة في التوراة بسبب معاصيهم، فبدأ الناس يتبعون المسيح ويجتمعون حوله، فغضب اليهود وتآمروا مع حاكم الروم على قتل المسيح،

    لكن الله نجّاه منهم ورفعه إليه وألقي شبهه على أحد الحواريين فقتل وصلب مكانه، وهرب الحواريون في الأرض ووصل بعضهم إلى روما “بطرس”، وقاموا بالدعوة إلى المسيحية بالسرّ، بسبب هذا التشتت ولاضطهاد اليهود بدأت تدخل الانحرافات في المسيحية، ثم إن “نيرون” امبراطور روما قبض على “بطرس” وعلى “بولس” وأعدمهما.

    بعد وفاة الحاكم الروماني “بطليموس”، سمح امبراطور روما لليهود أن يقيموا مملكة وحكمًا ذاتيًا في القدس، في عام (66) للميلاد: أعلنْ اليهود الثورة على الرومان، فحاصر جيش الرومان القدس أربع سنوات، ثم تمكن القائد الروماني “تيتوس” من دخولها وتدميرها من جديد، ولم يبقي لليهود فيها أثر بما فيها “الهيكل”، وأخذوا إلى روما وبيعوا عبيدًا.

    في عام (132) للميلاد: تجمع اليهود بقيادة “بارخوخبا” وتحصنوا في إحدى قلاع القدس، لكن الإمبراطور الروماني “هادفيان” استطاع بعد ثلاث سنوات القضاء على الثورة، وأمر ببناء مدينة جديدة على أنقاض ما بناه اليهود، وسميت القدس من وقتها بـ “إيلياء”، نسبة لاسم الامبراطور الروماني الأول، وهذا هو اسمها المشهور زمن الإسلام.

    قام الرومان بمنع اليهود من دخول القدس فتشردوا في الأرض، واستمر هذا المنع (200) سنة إلى عهد الإمبراطور الروماني “أوريوس” الذي سمح لهم بالدخول للعبادة فقط، وعاشت فلسطين بهدوء لم تعشه في السابق، الا ما كان من غزو ملكة تدمر “زنوبيا” لها الذي استمر لـ (3) سنين فقط.

    في عام (324) للميلاد: اعتنق إمبراطور روما “قسطنطين” المسيحية، وذلك بعد دراسته للفلسفة والأديان والآلهة، ولكنه أدخل فيها الكثير من الانحرافات وإليه ترجع معظم التحريفات التي أصابت المسيحية، ثم إنه توسع وسيطر على الإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية،

    واعتنقت والدته المسيحية وزارت القدس فأمرت ببناء (كنيسة القيامة) في مكان صلب المسيح، واستمرت هكذا الأمور حتى جاء الإمبراطور “جوليان” الذي ارتد عن المسيحية واعتنق اليهودية، فاشتعل الصراع بين المسيحية واليهودية.

    في عام (395) للميلاد: انقسمت الإمبراطورية الرومانية من جديد إلى: (الإمبراطورية الرومانية وعاصمتها روما في الغرب، وفي الشرق الإمبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية ويحكمها “هرقل”، ومن ممتلكاتها الشام وفلسطين)، وعاد الملوك إلى النصرانية وخصوصًا بعد أنْ رأى هرقل رؤيا مفادها أن بلاده سيأخذها منه المختونون، وهم لا يعرفون أحدًا يختتن غير يهود.

    حقائق حول تاريخ اليهود في فلسطين

    معظم سكان فلسطين الأصليين (الكنعانيين واليبوسيين) جاءوا من جزيرة العرب.
    وعد الله تعالى بني إسرائيل القدس زمن موسى عليه السلام لكنهم عصوا الله ورفضوا دخولها.
    تاريخ اليهود مليء بالانحرافات العصيان حتى وصل بهم الامر إلى قتل الأنبياء.
    الذين لهم الوعد بالأرض المقدسة هم المؤمنين أتباع الدين الحق.
    لم يحكم اليهود فلسطين كاملة في أي مرحلة من التاريخ.
    الحكم الوحيد المستقل لليهود كان في زمن داود وسليمان عليهما السلام.
    كل الممالك التي أنشؤوها كانت حكمًا ذاتيًا غير مستقل يتبع دولًا وإمبراطوريات أخرى.
    تشرد اليهود في الأرض منذ بناء “إيلياء” عام (324) للميلاد، ولم يكن لهم وجود حقيقي في فلسطين حتى أقاموا كيانهم الغاصب “إسرائيل”.
    أقوال المؤرخين عن تاريخ اليهود في فلسطين
    يقول “جورج ويلز” في كتابه “موجز التاريخ”: (كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حياة رجل أصرّ على الإقامة وبناء بيت له وسط طريق مزدحم، فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار).
    يقول “جوستاف لوبون”: (إنّ بني إسرائيل في فلسطين لم يقتبسوا من الحضارات الأخرى سوى أخسّ ما فيها، فلم يأخذوا سوا الانحرافات، والخرافات والعادات الضارة، وشيء من العبادات الضالة، وقرّبوا القرابين لآلهة آسيا، وقربوا القرابين “لبعل”، وكانوا يرون ألههم “يهوا” إلهًا عبوسًا حاقدًا بخيلًا).
    ويقول أيضًا: (إنّ تاريخ اليهود في ضروب الحضارة صفر، ولم يستحقوا أنْ يُعدوا من الأمم المتقدمة بحال، ولا تجد شعبًا عطّل الذوق الفنيّ كما عطله اليهود).

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    قسم علماء الآثار والمؤرخون في المنطقة تاريخ فلسطين حسب المخطط الآتي ضمن مجال دراستهم علم الآثار في فلسطين:

    العصور القديمة

    وجدت آثار الوجود البشري في منطقة جنوبي بحيرة طبريا، وهي ترقى إلى نحو 600 ألف سنة قبل الميلاد، وفي العصر الحجري الحديث (10000 ق.م. - 5000 ق.م.) أنشأت المجتمعات الزراعية الثابتة، ومن العصر النحاسي (5000 ق.م. - 3000 ق.م.) وجدت أدوات نحاسية وحجرية في جوار أريحا وبئر السبع والبحر الميت، ووصل الكنعانيون من شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين بين 3000 ق.م. و 2500 ق.م. حسب القصة التناخية وفي نحو 1250 ق.م، استولى بني إسرائيل على أجزاء من بلاد كنعان الداخلية، وما بين عامي 965 ق.م. و 928 ق.م. بنى الملك سليمان هيكلاً في القدس، وفي عام 928 ق.م. قسمت دولة بني إسرائيل إلى مملكتي إسرائيل ويهودا وفي 721 ق.م. استولى الآشوريون على مملكة إسرائيل، وفي عام 586 ق.م. هزم البابليون بقيادة بختنصر مملكة يهوذا وسبوا أهلها إلى بابل وهدموا الهيكل. 539 ق.م. يستولي الفرس على بابل ويسمحون لليهود بالعودة، ويبنى الهيكل الثاني.

    وفي عام 333 ق.م. يستولي الإسكندر الأكبر على بلاد فارس ويجعل فلسطين تحت الحكم اليوناني، وبموته وبحدود 323 ق.م. يتناوب البطالسة المصريون والسلوقيون السوريون على حكم فلسطين. حاول السلوقيون فرض الدين والثقافة الهلينيستية (اليونانية) ولكن في عام 165 ق.م. حسب التاريخ اليهودي يثور المكابيون على انطيوخس ابيفانس السلوقي حاكم سوريا، ويمضون في إقامة دولة يهودية مستقلة، وفي عام 63 ق.م. تضم فلسطين إلى الإمبراطورية الرومانية.

    ويمتد من 63 ق.م - 324 م. في نهاية العصر الهيلنستي ظهرت روما كدولة قوية في غرب البحر المتوسط، وأخذت تتطلع لحل مكان الممالك الهيلينية في شرق البحر المتوسط، فانتهز قادة روما فرصة وجود الاضطراب والتنافس بين الحكام، وأرسلوا حملة بقيادة «بومبي بومبيوس» الذي استطاع احتلال فلسطين، فسقطت مدينة يافا تحت الحكم الروماني عام 63 ق.م.

    عندما توفي الاسكندر عام 323 ق.م، انقسم قادة الاسكندر العسكريين الذين يعرفون باسم «الخلفاء Diadochi» ثم تفرغوا لمحاربة بعضهم بعضاً في صراعات منهمكة عرفت بحروب الخلفاء، بهدف اقتسام الإمبراطورية الهلنستية التي تأسست تحت قيادته، حيث سيطر سلوقس الأول (المظفر) Seleucus I (Nicator) (312-281 ق.م) مؤسس الدولة السلوقية في سوريا وعاصمتها أنطاكيا. أما بطليموس الأول (المنقذ) Ptolemy I (Soter) (323-285 ق.م) فقد أسس الدولة البطليمية في مصر وعاصمتها الإسكندرية.

    وقد اندلعت حروب خمسة بين الدولتين السلوقية من جهة والبطليمية من جهة أخرى، وذلك بغية الانفراد بالسيطرة على بلاد الشام (سوريا وفلسطين)، وقد عرفت هذه باسم الحروب السورية التي دامت حوالي اثنين وعشرين عاماً. وقد ذاقت فلسطين الأمرّين خلال هذه السنوات التي مرت ما بين وفاة اسكندر الكبير ومعركة إبسوس Battle of Ipsus عام 301 ق.م (بين البطالمة والسلوقيون).
    والذي استمر إلى نحو 324 م، وقد لقيت يافا خلال حكم الرومان الكثير من المشاكل، فتعرضت للحرق والتدمير، أكثر من مرة، بسبب كثرة الحروب والمنازعات بين القادة أحياناً، وبين السلطات الحاكمة والعصابات اليهودية التي كانت تثور ضد بعض الحكام أو تتعاون مع أحد الحكام ضد الآخرين، أحياناً أخرى. وكانت هذه المحاولات تقاوم في أغلب الأحيان بكل عنف، فعندما اختلف «بومبيوس» مع يوليوس قيصر، استغل اليهود الفرصة، وتعاونوا مع يوليوس في غزوه لمصر، فسمح لهم بالإقامة في يافا مع التمتع بنوع من السيادة. وعندما تمردوا على الحكم عام 39 ق.م. في عهد «أنطونيوس»، أرسل القائد الروماني «سوسيوس» (Sosius) جيشاً بقيادة «هيروز» لتأديبهم، واستطاع إعادة السيطرة الكاملة على المدن المضطربة وبخاصة يافا، والخليل، ومسادا (مسعدة) ثم القدس عام 37 ق.م. وقد عاد للمدينة استقرارها وأهميتها، عندما استطاعت «كليوباترا» ملكة مصر في ذلك الوقت احتلال الساحل الفلسطيني وإبعاد هيرودوس، حيث بقي الساحل الفلسطيني، ومن ضمنه مدينة يافا تابعاً لحكم «كليوباترا» حتى نهاية حكمها عام 30 قبل الميلاد.

    ويمتد العهد البيزنطي بعد ذلك من 324 م - 636 م. فدخلت فلسطين في حوزة البيزنطيين في الربع الأول من القرن الرابع الميلادي، في عهد الإمبراطور قسطنطين الأول (324 - 337 م) الذي اعتنق المسيحية وجعلها دين الدولة الرسمي. وقد شهدت فلسطين عامة أهمية خاصة في هذا العصر لكونها مهد المسيحية. وقد احتلت مركزاً مرموقاً في العهد البيزنطي، إذ كانت الميناء الرئيس لاستقبال الحجاج المسيحيين القادمين لزيارة الأرض المقدسة.

    بعد الميلاد

    في عام 325 بعد إعلان حرية التعبد للديانة المسيحية، طلب القديس مكاريوس بطريرك القدس من الإمبراطور أن يعيد المكان المقدس، فبنت القديسة هيلانة بازيليك الميلاد. في عام 384 مع وصول القديس هيرونيموس إلى بيت لحم قام في المدينة مركز عبادة لاتيني دام بعد وفاته سنين عديدة. في عام 614 أدّى غزو جيوش كسرى إلى خراب اليهودية ولم ينج من بيت لحم سوى بازيليك الميلاد وذلك كما يقال بفضل رسم للمجوس قائم على جدار البازيليك. والمجوس وهم ملوك الفرس الذين سجدوا ليسوع الطفل بحسب الرواية الإنجيلية.

    استمدت بيت لحم شهرتها العالمية الكبرى من مولد المسيح فيها. ويروى أن يوسف النجار، ومريم العذراء ذهبا إلى بيت لحم لتسجيل اسمهما في الإحصاء العام، فولدت مريم وليدها هناك. وترى المصادر المسيحية أن الولادة كانت في مغارة قريبة من القرية،
    ولكن القرآن (يقول) : (فَأجَآءَهَاَ المَخَاضُ إِلَى جِذعِ النَخلَةِ)(23) مريم،
    وفي سنة 330 م بنت هيلانة أم قسطنطين الكبير، كنيسة فوق المغارة التي قيل إن يسوع ولد فيها، وهي اليوم أقدم كنيسة في العالم. والمغارة تقع داخل كنيسة الميلاد، ومنحوته في صخر كلسي، وتحتوي على غرفتين صغيرتين، وفي الشمالية منها بلاطة رخامية، منزل منها نجمة فضية، حيث يقال إن المسيح ولد هناك. وعندما دخل عمر بن الخطاب القدس، توجه إلى بيت لحم، وفيها أعطى سكانها أمانًا خطيًا على أرواحهم وأولادهم وممتلكاتهم وكنائسهم. ولما حان وقت الصلاة، صلى بإشارة من راهب، أمام الحنية الجنوبية للكنيسة، التي أخذ المسلمون يقيمون فيها صلواتهم، فرادى، وجعل الخليفة على النصارى إسراجها وتنظيفها. وهكذا صار المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم جنباً إلى جنب.

    العصور الوسطى
    يتميز العصر العربي الإسلامي في فلسطين عامة، بمميزات هامة تجعله مختلفاً تماماً عن العصور السابقة، سواء منها البيزنطية،
    أم الهيلنستية، أم الفارسية، أم غيرها. فالفتح العربي الإسلامي لفلسطين لم يكن من أجل التوسع أو نشر النفوذ، أو إقامة الإمبراطوريات، إنما بدوافع دينية لنشر دين الله، وتخليص الشعوب المغلوبة على أمرها، ويبدو ذلك بكل وضوح في عدم تعرض مدن فلسطين إلى أي تدمير عند فتحها.
    فلقد استطاعت الموجة العربية الإسلامية القادمة من الجزيرة العربية، في القرن السابع الميلادي تحرير بني قومها من سيطرة البيزنطيين، ومن ثم تعزيز الوجود العربي فيها، ورفده بدماء عربية جديدة، حيث سبقتها الموجات العربية القديمة، من أنباط حوالي 500 ق.م. وآراميين حوالي 1500 ق. م. وأموريين، وكنعانيين حوالي 3000 ق.م.

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    أصبحت القدس مدينة مقدسة بالنسبة للمسلمين بعد حادثة الإسراء والمعراج وفق المعتقد الإسلامي، وبعد أن فُرضت الصلاة على المسلمين، أصبحوا يتوجهون أثناء إقامتها نحو المدينة، وبعد حوالي 16 شهرًا، عاد المسلمون ليتوجهوا في صلاتهم نحو مكة بدلاً من القدس، بسبب كثرة تعيير اليهود لمحمد وللمسلمين بسبب استقبالهم لقبلة اليهود، ولأسباب أخرى.

    وقد تم فتح فلسطين من قبل المسلمين، ابتداء من 634 للميلاد. في 636 م، وقعت معركة اليرموك بين المسلمين والروم البيزنطيين في وسط بلاد الشام، انتصر فيها المسلمون.
    وفي عهد عمر بن الخطاب والفتوحات الإسلامية، أًرسل عمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح لفتح فلسطين عامة ونشر الدعوة الإسلامية فيها، لكن القدس عصيت عليهم ولم يتمكنوا من فتحها لمناعة أسوارها، حيث اعتصم أهلها داخل الأسوار.
    وعندما طال حصار المسلمين لها، طلب رئيس البطاركة والأساقفة، المدعو «صفرونيوس»، طلب منهم أن لا يسلم القدس إلا للخليفة عمر بن الخطاب بشخصه،
    فكان الفتح العمري لبيت المقدس. كتب عمر مع المسيحيين وثيقةً عُرفت باسم «العهدة العمرية» وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية، وتعهد بالحفاظ على ممتلكاتهم ومقدساتهم،

    وبعد أن فُتحت بلاد الشام، قسمت إلى مقاطعات عدة دُعي كل منها «جُنداً» وهي تعني المحافظات العسكرية.
    وكانت منطقة فلسطين واقعة ضمن جند فلسطين وجند الأردن، وهما من بين خمسة أجناد تابعة لولاية الشام. كانت الأجناد الأخرى هي جند قنسرين وجند دمشق وجند حمص. في عام 661 م، ومع اغتيال الخليفة علي بن أبي طالب، أصبح معاوية بن أبي سفيان بلا منازع خليفة العالم الإسلامي بعد أن توج في القدس. كان مسجد قبة الصخرة، الذي أنجز بناؤه في 691، العمل المعماري الأكبر في العالم والأول من نوعه في العمارة الإسلامية.
    تم استبدال الحكم الأموي من قبل العباسيين عام 750، وأصبحت بعدها الرملة المدينة الرئيسية والمركز الإداري للقرون التالية، كما أصبحت طبريا مركزا مزدهرا للمنح الدراسية للمسلمين.

    ابتداء من 878 م، حُكمت فلسطين من مصر، مع تمتعها بحكم ذاتي شبه مستقل لقرن تقريبا. في العهد الفاطمي، اجتيحت المنطقة في 970 بجيش من البربر في الغالب، وهو التاريخ الذي يصادف بداية الفترة المتواصلة من الحروب بين القبائل التي دمروت الكثير من مدن البلاد. في 1073 تم السيطرة على فلسطين من قبل الإمبراطورية السلجوقية الكبرى، إلا أن استعادها الفاطميون عام 1098، ثم فقدوها لصالح الصليبيين في 1099 الذين غزوا فلسطين في حملات مختلفة وأسسوا فيها مملكة بيت المقدس. استمرت سيطرتهم على القدس ومعظم فلسطين قرن تقريبا حتى هزيمتهم على يد قوات صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين عام 1187. بعد ذلك، تمت السيطرة على معظم فلسطين من قبل الأيوبيين. بقيت الدولة الصليبية تنازع في المدن الساحلية الشمالية لمدة قرن من الزمان. قاد الحملة الصليبية الرابعة مباشرة إلى انهيار الإمبراطورية البيزنطية، والحد بشكل كبير تأثير المسيحية في جميع أنحاء المنطقة.

    في العهد المملوكي، كانت فلسطين إحدى إقطاعيات الظاهر بيبرس. وفي عام 1260 تحديدا، شهدت منطقة عين جالوت الواقعة بين بيسان وجنين واحدة من المعارك الفاصلة في التاريخ، حيث تعد معركة عين جالوت من أهم المعارك في تاريخ العالم الإسلامي، انتصر فيها المسلمون المماليك انتصارا ساحقا على المغول وكانت هذه هي المرة الأولى التي يهزم فيها المغول في معركة حاسمة منذ عهد جنكيز خان. أدت المعركة لانحسار نفوذ المغول في بلاد الشام وخروجهم منها نهائيا وإيقاف المد المغولي المكتسح الذي أسقط الخلافة العباسية سنة 1258م. في 1486، اندلعت أعمال القتال بين المماليك والأتراك العثمانيين في معركة للسيطرة على غرب آسيا، وقد سيطر العثمانيون بعدها على فلسطين وكل بلاد الشام في 1516.

    العصور الحديثة

    مع مطلع هذه الفترة التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوت فلسطين وكل بلاد الشام في إطار الدولة العثمانية التي دام حكمها قرابة الأربعة قرون. امتد سلطان الدولة العثمانية المتمركزة في إسطنبول على البلقان والأناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع.

    وفي ظل هذه القوة المركزية والبارزة في المنطقة بدأ تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثة قوى هي الدولة العثمانية والدولة الصفوية الناشئة في تبريز، والمماليك من جهة ثالثة، ففي آب/ أغسطس (1514 م) كانت الموقعة الأولى الفاصلة بين الدولة العثمانية بزعامة «سليم الأول» والدولة الصفوية بزعامة «الشاه إسماعيل» في (جالديران) قرب (تبريز) وانتصر فيها العثمانيون بفضل فعالية السلاح الناري الذي كانوا يتفوقون في استخدامه. وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعة حاسمة في (مرج دابق) قرب حلب في (23 آب/ أغسطس 1516 م)، وكان ذلك نهاية السلطة المملوكية باحتلال العثمانيين لمصر.

    وفي نفس العام دخل سليم الأول بلاد الشام دون أدنى مقاومة وذلك لكره الشاميين للمماليك في ذاك الوقت من جهة، وخوفهم من العثمانيين من جهة أخرى. وبعد موت «سليم» تولى السلطة ابنه «سليمان» (1520 -1566 م) والذي لُقب بسليمان القانوني نظراً لكثرة القوانين التي أصدرها في شؤون تنظيم الدولة. وفي عهده بلغت الإمبراطورية العثمانية مبلغها في الاتساع والازدهار، وامتدت على ثلاث قارات، كما ورثت الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية وأصبحت إسطنبول مركزاً للعالم الإسلامي وانبعاث الحضارة الإسلامية من جديد. ولكن بعد اكتشاف أمريكا ورأس الرجاء الصالح وبداية النهضة الأوروبية بدأ مركز القوة يتحول إلى الغرب.
    ولقد ترك العثمانيون أثرا كبيرا في ازدهار فلسطين، حيث إزدادت أهمية موانئها على أيامهم، وانشأوا المدارس والمساجد والكنائس والحمامات والأسواق والسرايا وغيرها من الأبنية الحكومية والخاصة، وخاصة في مدن القدس، عكا، يافا، نابلس، جنين، وبيت لحم.

    تعد حملة نابليون على مصر وبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا. فقد توجه نابليون بونابرت بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في (21 تموز/ يوليو 1798).

    اقتصرت حملة نابليون بونابرت على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة – طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطبة على الحدود مع الشام في 1798 في سيناء ثم قلعة العريش، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في 1799.

    وفي السنوات الأخيرة من العهد العثماني، كانت فلسطين من الناحية الإدارية تقع في قسمين إداريين: الأول هو متصرفية القدس الشريف المرتبطة بوزارة الداخلية في استانبول، وكانت أقضية بئر السبع والخليل وغزة ويافا تابعة لها بالإضافة إلى بيت لحم. والثاني: شمال فلسطين الذي كان يتبع لواءين: سنجق نابلس ومن أعماله طولكرم وجنين وطوباس وبيسان، وسنجق عكا، ومن أعماله صفد وطبرية والناصرة وحيفا. أما من الناحية العسكرية، فكانت فلسطين جزءًا من القيادة العسكرية العامة لسورية.

    وكان سنجق عكا سنجق عثماني يقع في ولاية بيروت. تمتد حدوده بين سنجق حوران ونهر الأردن شرقاً والبحر المتوسط غرباً، وسنجق نابلس شمالاً وسنجق بيروت جنوباً. اقتطع سنجقا عكا ونابلس من ولاية سوريا وألحقا بولاية بيروت عام 1888.

    ---------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا
    التالي :
    -
    - من اول من سكن فلسطين العرب ام اليهود؟ -


    عدل سابقا من قبل صادق النور في السبت أكتوبر 14, 2023 3:27 pm عدل 1 مرات

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود - من اول من سكن فلسطين العرب ام اليهود؟ -

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 10:10 am

    يتبع ما قبله :
    - من اول من سكن فلسطين العرب ام اليهود؟ -

    أول آثار ثابتة لأناس استقروا في فلسطين، تعود إلى "الكنعانين" و"الآموريين" وهم قبائل عربية دخلوا فلسطين من جزيرة العرب، وهذا ثابت في تاريخ فلسطين، أجمع عليه المؤرخون الشرقيون منهم والغربيون، أما اليهود فلم يكن لهم ذكر في هذا التاريخ، بل ورد أول ذكر لهم بعد ذلك بعدة قرون.

    من هم سكان فلسطين قبل الكنعانيين؟

    الكثير من الإشارات تدل على أن أول من سكن فلسطين هم مجموعة قبائل تدعى بـ "النطوفيين"، في القرن (14) قبل الميلاد، ولهم آثار تدل عليهم، ولكن لا أحد يعرف: من هم؟ وما أصلهم؟ ومن أين جاؤوا؟ إلا أنهم أصحاب أقدم آثار اكتشفت فيها حتى الآن.

    في القرن الثامن قبل الميلاد : وجدت آثار تشير إلى بداية في مدينة "أريحا"، والتي تعتبر أقدم مدينة في العالم، واستمر ذلك حتى منتصف القرن (4) قبل الميلاد.

    هل فلسطين دولة عربية ام يهودية؟
    دولة عربية: يقول "جورج ويلز" في كتابه "موجز التاريخ": (كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حياة رجل أصرّ على الإقامة وبناء بيت له وسط طريق مزدحم، فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار).

    ما هو سبب احتلال إسرائيل لفلسطين؟
    يرتبط هذا النزاع بشكل جذري بنشوء الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين، والاستيطان فيها، ودور الدول العظمى في أحداث المنطقة. كما تتمحور القضية الفلسطينية حول قضية اللاجئين الفلسطينيين وشرعية دولة إسرائيل واحتلالها للأراضي الفلسطينية بعدة مراحل.
    أين توجد دولة اليهود الحقيقية؟
    وفقًا لـلكتابات المقدسة اليهودية، التي أصبحت تعرف بـالكتاب المقدس العبري، ينحدر اليهود شعب إسرائيل القديم الذي استقر في أرض كنعان الواقعة بين الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن (1451 قبل الميلاد).

    الأحقية التاريخية في فلسطين

    إذا سألك أحدهم: فلسطين لمن؟ ستكون إجابتك بالتأكيد: للفلسطينيين، لكنه إن بادرك بسؤال: ما دليلك؟ فلربما ستجيبه: قال تعالى "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى" فإن قال لك أنا لا أؤمن بذلك وأريد دليلا آخرا؟ دليل علمي؟ فكيف ستكون الإجابة؟

    يحاول الاحتلال "الإسرائيلي" إثبات أحقيته وملكيته لفلسطين بشتى الطرق وقد فرغ لذلك مئات العلماء والكتّاب في مختلف المجالات الذين قاموا بمئات المشاريع وأنشئوا مراكز للدراسات وألفوا الكثير من الكتب ونشروا المئات من الأبحاث، وهم يبحثون تحت الأرض وفوقها ويقومون بالحفريات ويدفعون الملايين من أجل إيجاد رابط يربطهم بفلسطين من قريب أو بعيد.

    أصحاب الحق وملاك الأرض الحقيقيون عملوا في هذا الجانب أيضا – لكن القضية بحاجة للمزيد – وتمكنوا من إصدار العديد من الأبحاث والمنشورات التي تثبت أحقيتنا بالأرض باستخدام العلوم التاريخية والآثار والاستعانة بالنصوص الدينية دون أن تكون النصوص الدينية هي الدليل المجرد، وفي هذه السلسلة من التدوينات تحت عنوان "الأحقية التاريخية في فلسطين" مجموعة من الإثباتات وهي ملخص لعدة محاضرات ومصادر مكتوبة لكنها بكل تأكيد لا تغني عن المزيد من الاطلاع والمزيد من الأبحاث في هذا المجال.

    كان هدف مشروع "صندوق اكتشاف فلسطين" استعماريا بشكل أساسي، حيث كانت المنافسة على أشدها، وتم اختيار فلسطين لأنها كانت هدفا لكل المستعمرين نظرا لموقعها الاستراتيجي ومواردها المميزة.
    ومضات عامة:
    صندوق اكتشاف فلسطين:
    في أواسط القرن الثامن عشر وبرعاية الملكة فيكتوريا أنشأ الجيش البريطاني صندوق استكشاف فلسطين الذي عمل على ربط المواقع الأثرية في فلسطين بما ورد في الروايات التاريخية في التوراة بزعم أنها "أرض إسرائيل القديمة". الباحثون في صندوق اكتشاف فلسطين الذي رعته بريطانيا كانوا من المسيحيين ولم يكن برعاية المنظمة الصهيونية كما يعتقد البعض فبريطانيا كان لها من وراء هذه الأبحاث مآرب أخرى.

    كان هدف المشروع استعماريا بشكل أساسي، حيث كانت المنافسة على أشدها بين الدول الأوروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا وتم اختيار فلسطين لأنها كانت هدفا لكل المستعمرين نظرا لموقعها الاستراتيجي ومواردها المميزة. وقد أرادت بريطانيا أن تروج من خلال هذا المشروع لكذبات تتحدث عن أرض الميعاد وتربطه بما ورد بالتوراة عن أحقية اليهود بهذه الأرض.

    علم الآثار التوراتي:
    جاء علم الآثار التوراتي ليبحث عن آثار ويخلق نتائج متوافقة مع التوراة، ويلخص الكاتب محمد الأسعد ذلك فيقول: "وظيفة علم الآثار التوراتي في المنطقة العربية ليست التنقيب عن الآثار القديمة والتعرف على هويتها، لأن تلك الهوية معروفة سلفا في النص التوراتي، بل رفعها كمستندات تخلق رابطة بين ذلك الجوهر الثابت وبين الكيان الاستعماري الذي أنشأه الغرب على أرض فلسطين".

    علم الآثار:
    مقابل علم الآثار التوراتي قامت عدة أبحاث أخرى مبنية على علم الآثار المجرد وقد نسفت نتائج كثيرة من علم الآثار التوراتي حيث شارك باحثون أجانب -منهم يهود أيضا- بعضهم كان منصفا وتحدث بشكل واضح عن عدم وجود أي أثر لحضارة "إسرائيلية" على أرض فلسطين، ونحن هنا نتحدث عن حضارة وليس عن وجود عابر مضى مثل عشرات العابرين على أرض فلسطين. وسنذكر في التدوينات القادمة مشروع الباحثة كاثلين كينون التي جاءت إلى فلسطين وقامت بمجموعة دراسات وأبحاث مهمة.

    الكنعانيون:
    مجموعة من القبائل التي هاجرت من جزيرة العرب واستقرت في عدة أماكن كان من ضمنها أرض فلسطين وذلك في الألف الرابعة قبل الميلاد ولقبوا بالكنعانيين نسبة لجدهم الأكبر كنعان وهم أول من سكن الأرض وبنى فيها مدينة كاملة حسب معايير المدن في ذلك العصر.

    بنو إسرائيل:
    كلمة "إسرائيل" تعود إلى سيدنا يعقوب الذي لقب بـ "إسرائيل" وقد ثبت ذلك عند المسلمين واليهود ويعبر هذا الاسم عن اليهود بشكل خاص وقد تم تسمية دولة الاحتلال التي قامت على أرض فلسطين "اسرائيل" وهي تنادي بيهودية الدولة منذ قبل قيامها حتى.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    هل سكن اليهود فلسطين؟ الإجابة بالمجمل "نعم" ولكن فيها تفصيل حسب التالي:

    أصل اليهود:

    يستند اليهود إلى التوراة في أدلتهم حول أحقيتهم في فلسطين، والحقيقة أن التوراة نفسها تحمل أدلة تثبت الرواية الفلسطينية،
    فروايات التوراة مثلا تقول بأن أصل اليهود ووجودهم هو سيدنا إبراهيم عليه السلام وقد جاء سيدنا إبراهيم عليه السلام في بدايات الألف الثانية قبل الميلاد هاربا من العراق وجاء مع مجموعة قليلة جدا، أي أنه لم يكن بهدف تكوين مجتمع أو دولة بل جاء فارا طالبا الحماية ولم يأت بغية الاستقرار في فلسطين وهو ما حدث فعلا عندما هاجر أحفاده (أبناء يعقوب عليه السلام) من فلسطين إلى مصر واستقروا فيها وقد كانوا لا يزيدون عن 70 شخص في أحسن الروايات وهذه القصة معروفة في القرآن والتوراة.

    دخول اليهود إلى فلسطين:

    امتد عهد القضاء لقرن ونصف من الزمن تقريبا، حكم خلاله اثنا عشر قاضيا، ثم حكمهم طالوت وبعدها جاء عهد الملوك وكان منهم سيدنا داود (1004-962 ق.م) وبعد وفاته حكم سيدنا سليمان (962- 923 ق.م) الذي بني في عهده الهيكل
    حسب روايات التوراة أيضا فإن بني إسرائيل جاؤوا مع سيدنا موسى إلى فلسطين هاربين من فرعون مصر وقد دخلوا في التيه 40 سنة في الفترة (بين 1500 ق.م إلى 1460 ق.م تقريبا) حسب أقوى الروايات وقد كان التيه في أرض سيناء ولم يكن في فلسطين، ثم جاء يوشع بن نون الذي قاد بني إسرائيل إلى فلسطين وعبر بهم إلى أريحا وسنتحدث في التدوينة القادمة عن معركة أريحا والرواية اليهودية فيها.

    عهد القضاة والملوك:

    امتد عهد القضاء لقرن ونصف من الزمن تقريبا، حكم خلاله اثنا عشر قاضيا، ثم حكمهم طالوت وبعدها جاء عهد الملوك وكان منهم سيدنا داود (1004-962 ق.م) وبعد وفاته حكم سيدنا سليمان (962- 923 ق.م) الذي بني في عهده الهيكل، وبعد وفاته قسمت المملكة إلى قسمين: مملكة يهوذا وعاصمتها "أورشاليم" ومملكة إسرائيل وعاصمتها "السامرة"

    يهوذا والسامرة:

    قام الآشوريون بتدمير مملكة السامرة عام 722 ق.م وسبي اليهود للعراق، ومملكة يهوذا فدمرها الاحتلال البابلي (الدولة الكلدانية) بقيادة الملك نبوخذ نصر (بختنصر) الذي سبي يهود مملكة يهوذا إلى بابل عام 586 ق.م.

    اليهود في عهد الفرس واليونان والرومان:

    في عام 539 ق.م تمكن الملك الفارسي قادش الثاني من دخول بابل وتدمير مملكة بابل وذلك بمساعدة اليهود، وسمح لليهود بالعودة إلى فلسطين بشرط معاونته في الحكم فعاد بعضهم وعاشوا تحت حكم الفرس فترة دون أن يكون لهم حكم خاص.

    انقطع الوجود اليهود على أرض فلسطين لألفي سنة تقريبا وكانوا مجرد أعداد بسيطة عاشت تحت حكم الفلسطينيين إلى أن جمعوا أنفسهم من أقصى البلدان وعادوا على هيئة احتلال "إسرائيلي" عام 1948
    تمكن الإسكندر الأكبر بعدها من دخول فلسطين وهزيمة الفرس واضطر اليهود للنزول تحت حكمه، وبعد وفاة الإسكندر انقسمت مملكته وحدث صراع في فلسطين وأجبر اليهود على اعتناق الديانة الوثنية اليونانية فهاجر معظم اليهود إلى مصر.

    ثم جاء الرومان سنة 64 ق.م، وقام اليهود أكثر من مرة بمحاولة التمرد والثورة، لكن الرومان قمعوا هذه الثورات، كان آخرها قيام الإمبراطور "هادريان" سنة 70 م – وهناك روايات تقول 135 م- بتدمير مدينة "أورشاليم" وهيكلهم، وبناء مدينة أخرى على أنقاضها تسمى مدينة "إيليا كابوتلينا".

    انقطاع الوجود اليهودي:

    بعد ذلك انقطع الوجود اليهود على أرض فلسطين لألفي سنة تقريبا وكانوا مجرد أعداد بسيطة عاشت تحت حكم الفلسطينيين إلى أن جمعوا أنفسهم من أقصى البلدان وعادوا على هيئة احتلال "إسرائيلي" عام 1948 ليطردوا السكان الأصليين ويشتتوهم في بقاع الأرض.

    واضح جدا أن الوجود اليهود كان متقطعا ولم يكون حضارة على أرض فلسطين وإنما كان وجودا عابرا وفي مناطق محددة وبأعداد قليلة.

    عصور ما قبل التاريخ:

    سكن العرب الكنعانيون أرض فلسطين منذ عصور ما قبل التاريخ (أي عصر ما قبل القراءة والكتابة) وقد استقروا وبدؤوا باستصلاح الأرض والزراعة وبناء البيوت وهو ما لم يكن دارجا في تلك الفترة وقد وجدت آثار وأدوات زراعية تعود لفترة لم يكن فيها اليهود أصلا وهذا يدلل أن هناك سكانا سبقوا الجميع في الحياة على هذه الأرض.

    التطور الإنساني:


    وصل تطور الحياة في فلسطين إلى مرحلة "الدويلات" في بداية العصر البرونزي (3200 ق.م – 2000 ق.م) وهي وجود تكتل سكاني وبيوت ومزارع واستقرار، ثم تطور الكنعانيون بعد ذلك لمرحلة التمدن، حيث أسس الفلسطينيون أول مدينة في تاريخ الإنسانية وهي مدينة أريحا وسميت "حضارة جريكو" كما ذكرت وأثبتت ذلك الحفريات الأثرية، ازدهرت الحياة التجارية والصناعية وتم سكب البرونز والمعادن وظهور المعتقدات الدينية والزخارف الفنية على الأدوات، ومرحلة "المدينة" كانت أرقى ما وصل له البشر في التطور في تلك الفترة.


    في إحصائية بعهد محمد علي وضحت عدد اليهود في فلسطين فوجد أن نسبة اليهود لا تتجاوز 2% حيث بقيت فلسطين فارغة من اليهود منذ هزيمتهم أمام الرومان
    الوجود الفلسطيني:

    استمر الوجود الفلسطيني بالتمدد والانتشار وبناء مراكز وتجمعات أخرى على الساحل الفلسطيني وعلى مدار تلك العصور كانت فلسطين محط أطماع المحتلين فكانت تتعرض للاحتلال بين الفينة والأخرى وأحيانا كان الاحتلال يمتد لقرون لكن في ظل وجود فلسطيني مستمر.


    سكن فلسطين الرومان والفرس ووصل اسكندر الأكبر حدود غزة واحتلها الصليبيون وغيرهم فهل نقول أن فلسطين رومانية مثلا؟ أو هي تتبع بلاد فارس؟ بالتأكيد لا لأن السكان الأصليين ما زالوا موجودين وكل هذه الأعراق كانت عابرة لا يمكن نسبتهم للأرض ولا نسبة الأرض لهم أبدا.


    معركة أريحا:

    تتحدث الروايات اليهودية عن معركة قاد فيها يوشع بن نون اليهود واقتحامهم لأريحا التي كان يسكنها الكنعانيون في ذلك الوقت، فقاموا بتدميرها وإحراقها وعلى الرغم من أن الرواية نفسها تؤكد وجود سكان سبقوهم إلى الأرض وتتحدث عن ملك يدير مملكة كنعان إلا أن أبحاث البريطانية كاثرين كينون ذكرت أنه لا يوجد أثر لحرق حدث في أريحا في الفترة التي تذكرها التوراة.


    بنو إسرائيل لم يبنوا حضارة قط ولم يصلوا في تطورهم الإنساني للمستوى السائد في تلك الأرض وهذا واضح في الأبحاث والدراسات الأثرية التي وجدت أدوات تعود للفلسطينيين منذ العهد البرونزي لكنها لم تجد شيئا يعود لليهود.



    عام 1839 زار "موسى مونتفيوري" أحد اثرياء اليهود محمد علي وفاوضه ليسمح ببناء قرى ومساكن لليهود ولم تتم هذه الاتفاقية ولكن بدعم من مونتفيوري قامت الدولة في عهد محمد علي بعمل إحصائية توضح عدد اليهود في فلسطين فوجد أن نسبة اليهود لا تتجاوز 2% حيث بقيت فلسطين فارغة من اليهود منذ هزيمتهم أمام الرومان. والذين كانوا يسكنون فلسطين وقت الإحصائية كانوا من يهود الأندلس الذين هربوا مع المسلمين عام 1494 عندما سقطت الدولة الإسلامية.


    يحاول اليهود إثبات وجود هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد الأقصى وقد توصلوا لإثباتات -افتراءات- من خلال علم الآثار التوراتي ولكن علم الآثار الحقيقي نفى وجود أي آثار ترجع إلى بني إسرائيل حتى أيامنا هذه رغم الحفريات الهائلة التي يقوم بها الاحتلال في القدس وأسفل المسجد الأقصى وفي عدة مواقع في فلسطين.


    يتضح مما سبق التالي:

    * الوجود الفلسطيني لم ينقطع أبدا على أرض فلسطين منذ وجودهم الأول حتى في فترة أي احتلال.

    * الوجود الإسرائيلي الذي كان محدودا في فترة معينة وبأماكن معينة وقليلة. ودائما ما كانوا يخرجون من الأرض وينتهي وجودهم تماما ثم يعودون على أمل إقامة دولة لهم على أرض فلسطين.

    * أول وجود لليهود على أرض فلسطين كان بعد عام 1460 قبل الميلاد حسب رواية التوراة نفسها.

    * أول إقامة وحكم لليهود كان في عهد القضاة وكان قصيرا في تجمعات صغيرة.

    * كانت نسبة اليهود بسيطة جدا مقارنة بالسكان الأصليين "الكنعانيون"

    * بنو إسرائيل لم يبنوا حضارة قط ولم يصلوا في تطورهم الإنساني للمستوى السائد في تلك الأرض وهذا واضح في الأبحاث والدراسات الأثرية التي وجدت أدوات تعود للفلسطينيين منذ العهد البرونزي لكنها لم تجد شيئا يعود لليهود.

    * كان السكان الأصليون يزيدون وينتشرون في ظل تناقص بني إسرائيل جراء الحروب والهجرة المستمرة.

    * الأدلة التاريخية التي يعتمد عليها الإسرائيليون ضعيفة وتحمل تناقضات كفيلة بنسف أحقيتهم كاملة.

    فلسطين صدر الاسلام والخلفاء الراشدين

    قبل ظهور الاسلام في القرن السابع ، كان قد حدث تمازج متصل بين المسيحيين في فلسطين والسكان العرب (الذين كان العديد منهم من المسيحيين ايضا) القاطنين إلى الجنوب والى الشرق من فلسطين. وكان النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم واتباعه يتجهون إلى القدس كقبلة الصلاة ، وتروي الرواية الاسلامية اسراء النبي من مكة المكرمة إلى القدس وعروجه منها إلى السماء.

    وبعد معركة أجنادين وانتصار المسلمين فيها بدأ المسلمون يسيطرون على اراضي فلسطين ، وقد استولى العرب المسلمون على القدس من البيزنطيين سنة 637م ، اعرب الخليفة عمر بن الخطاب عن احترامه للمدينة بان تقبل بنفسه استسلامها ، وعامل اهلها برأفة واعتدال متميزيين ، وكتب لهم وثيقة أمان عرفت فيما بعد بالعهدة العمرية ، اعطاهم فيها امانا لأنفسهم واموالهم وكنائسهم وصلبانهم ، فمن خرج منها فهو آمن ومن أقام فهو آمن ، وشهد على ذلك خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص ، ومعاوية ابن ابي سفيان ، وقد اقرّ السير وليم فينز جيرالد "لم يحدق قط في التاريخ المؤسف للفتوحات حتى فتح القدس ونادرا منذ ذاك ، ان اظهر فاتح تلك المشاعر السخية التي اظهرها عمر للقدس ." وكان الاسم العربي الذي اطلق على القدس هو البيت المقدّس ، كمقابل للبيت الحرام . واصبحت ولاية فلسطين البيزنطية ولاية ادارية وعسكرية عربية اطلق عليها اسم جند فلسطين منذ ذاك.

    العصر الأموي
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    قبة الصخرة، شيدها عبد الملك بن مروان.
    كان معاوية بن أبي سفيان أول خلفاء بني أمية والي دمشق، وعندما قبض الأموييون الخلافة، نقلو عاصمة الخلافة إلى عاصمتهم - دمشق، ولما بلغت الخلافة الأموية اوج سلطانها ووصل نفوذها إلى وسط آسيا شرقآ وحدود فرنسا في أوروبا غربآ لتكون بذلك أكبر إمبراطورية إسلامية في التاريخ.

    أمر الخليفة الأموي الخامس عبد الملك بن مروان ببناء مسجد قبة الصخرة خلال الفترة 688م - 692م فوق صخرة المعراج.
    ولا تزال حتى يومنا هذا رمزاً معماريا للمدينة. رصد عبد الملك بن مروان لهذا البناء خراج مصر 7 سنين ولكن عبد الملك توفي قبل أن يتم بناء المسجد الأقصي فأكمله من بعده ابنه الوليد بن عبد الملك.

    يرى البعض أن تفضيل الأمويين لفلسطين والقدس سياسي إلى حد ما، لان مكة المكرمة كانت في يد خصوم بني اميّة في العقود الأولى، ولكن حتى بعدما دانت مكة المكرمة والمدينة المنورة بالولاء للأمويين سنة 692 م، فان الخليفة السابع سليمان، نُصِبَ على كرسي الخلافة في القدس ثم في العاصمة دمشق بعد ذلك، كما أنه بني مدينة الرملة بالكامل ومن قبل لم يكن لها وجود.

    العصر العباسي

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    إغتنم العباسيون الخلافة من الأمويين بعد معركة الزاب، ونقلو عاصمة الخلافة إلى الكوفة حتى بنو بغداد وجعلوها عاصمة لهم، وبلغت الإمبراطورية العباسية اوج سلطانها ونفوذها في غضون قرن من إنشائها، امّا بعد ذلك، فقد وقع الكثير من اراضي الامبراطورية تحت سلطان حكامها الذين كان ولائهم للخلافة العباسية اسميا، وظلت فلسطين طوال الشطر الأكبر من الفترة الواقعة بين انتهاء القرن التاسع الميلادي وحتى الحملات الصليبية في نهاية القرن الحادي عشر للميلاد تحكم من قبل حكام مسلمين اتخذوا من القاهرة مقرا لهم.

    زارها من العباسيين اثنان من الخلفاء، كان المنصور اولهما، وهو ثاني الخلفاء العباسيين، زار القدس مرتين وأمر بإصلاح التلف الذي لحق بالمدينة بسبب زلزال كان قد اصابها، اما الخليفة الثاني فهو المهدي، ثالث الخلفاء العباسيين، فقد زار القدس خصيصا لأداء شعائر الصلاة في المسجد الأقصى، وأقام توسعه كبيرة للمسجد الأقصي مما جعل العمران والحضارة تزداد سريعاَ، وقد أمر المأمون سابع الخلفاء العباسيين باجراء ترميمات كبرى في مسجد قبة الصخرة، تحت اشراف شقيقه.

    أصدر هارون الرشيد قراراً بالسماح للإمبراطور الروماني في بيزنطه «شارلمان» بترميم كنائس القدس، وسمح له أن يرسل البنائين والأموال لبناء كنائسهم، ثم أصدر قرارً يقضي بحماية لكل مسيحي يريد زيارة الأماكن المقدسة المسيحية في القدس، فصار جنود المسلمين يحمون الزائر المسيحي من أي أذي حتى يقضي زيارته.

    زمن حروب الفرنجة والحملات المضادة لها
    انقطع تسلسل الحكم العربي والإسلامي لفلسطين بفعل غزوالفرنجة، وقامت عدة دول صليبية على طول شرق المتوسط منهم مملكة القدس اللاتينية في فلسطين بين عامي 1099 و 1187 للميلاد، ولكن الحملات المضادة للفرنجة بقيادة صلاح الدين الايوبي وخلفائه استمرت حتى عام 1291، حيث استرد المسلمون آخر معاقل الفرنجة في قيصرية (قيسارية) وعكا، وقد قام الفرنجه، بعد دخولهم القدس بتعذيب واحراق وذبح آلاف من المسلمين العزّل من الرجال والنساء والاطفال، فضلا عن العدد القليل من الأهالي اليهود الذين التجؤوا إلى معبدهم، وقد قامت عدّة حروب في تلك الفترة حاول فيها القادة المسلمون تحرير فلسطين منها محاولة الوزير الأفضل الفاطمي التي باءت بالفشل.

    عهد المماليك
    كان المماليك هم من اخرج آخر الصليبيين من فلسطين وهم من هزموا المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيز خان، وامتدت فترة سيطرتهم ما بين عامي 1260 إلى الحكم العثماني لمصر عام 1517، وظل اسمها «جند فلسطين» وقسمت إلى ستة اقضية هي (غزة واللد وقاقون والقدس والخليل ونابلس).

    على الرغم من انتصار المسلمين في معركة عين جالوت وانحسار المد المغولي إلا أن الصليبيين ظلوا يحتفظون بمملكة عكا التي تسيطر على منطقة الساحل الممتدة من يافا إلى عكا. بعد ذلك، تولى سلاطين المماليك تطهير ما تبقى من بلاد الشام من الصليبيين حتى بعد 30 سنة من معركة عين جالوت. تولى الظاهر بيبرس الحكم بعد السلطان قطز، حيث قام الظاهر بيبرس بمتابعة تطهير بلاد الشام من الفرنجة فكان يغير ويهادن حسب ما تقتضيه الحاجة. بعد أن أنهى بيبرس المشكلات الداخلية توجه لعكا لحرب الفرنجة وذلك في 622ه الموافق 1263م. وعند وصوله، طلب الفرنج تجديد الهدنة ولكنه رفض وقرر المهاجمة ليتعرف على أماكن القوة والضعف. خرج الظاهر بيبرس إلى فلسطين مرة ثانية 1265م وهاجم قيسارية واستولى عليها، في السنة التالية خرج إلى صفد وحاصرها وفتحها. خرج لفلسطين مرة أخرى عام 1267م وطلب من الفرنجة الصلح فكان يهادن بعضهم دون الآخر حتى لا تتجمع قواهم. وفي عام 1268م تمكن من تحرير أنطاكية. تابع السلطان المنصور سيف الدين قلاوون مسيرة التحرير، حيث عقد تحالف ثلاثي بين الصليبيين والتتار ونائب حاكم دمشق الثائر ولكن تحالفهم أخفق. بعد ذلك، شدد المنصور الخناق على الفرنجة فاحتل حصن المرقب 1285م واللاذقية سنة 1289م. انتهز السلطان حادثة قتل الفرنجة لعدد من التجار المسلمين وأعلن الجهاد واخذ يعد العدة ولكنه مرض وتوفي فجأة 1290م، فخلفه ابنه الأشرف. عرض الفرنجة على الأشرف الصلح ولكنه رفض وواصل الاستعداد، حيث سار إلى عكا وبمساعدة من جند الشام تمكن من تحريرها1291م. بعد ذلك استولى على صيدا وصور وحيفا وعتليت. وهكذا انتهى الوجود الفرنجي في فلسطين والشام بعد قرنين من الزمان (1096-1291) م.

    الحكم العثماني
    هزم العثمانيون المماليك في حدود 1517 وكانت الدولة العثمانية سيطرت على فلسطين عام 1516 بعد معركة مرج دابق في 23 آب أغسطس من ذلك العام، وعينت القسطنطينية حاكما محليا عليها، كانت البلاد قد قسمت إلى خمسة مناطق تسمى سناجق هي سنجق القدس وغزة وصفد ونابلس واللجون، وكانت جميعها تابعة لولاية دمشق، ولكن كان الحكم إلى حد بعيد في أيدي السكان المحليين. وتم إعادة اعمار المرافق العامة في القدس على يد سليمان القانوني عام 1537.

    وقعت أجزاء فلسطين المختلفة وعموم بلاد الشام تحت سيطرة عائلات وكيانات متعددة في فترة الدولة العثمانية تراوحت بين الولاء والعداء للدولة المركزية، راجع أبوغوش، ظاهر العمر، معنيون.

    في 2 نوفمبر 1831، أرسل محمد علي باشا، الوالي العثماني المتمرد، ابنه إبراهيم باشا في حملة على ولاية سورية التي ظلت تحت الحكم العلوي لمدة عشر سنوات (حتى 19 فبراير 1841. تخللها اندلاع ثورة في 14 مايو 1834 على حكم إبراهيم تم قمعها خلال شهور.

    لم تعترف القوى العظمى آنذاك بفتوحات محمد علي وإبنه إبراهيم، واجبر لاحقا على الجلاء من الجهات التي فتحها، وفي عام 1869، قامت الدولة العثمانية بإصدار قرار بالسماح بتمليك الأراضي للأجانب، وفي عام 1875 نشأت أول جمعية سرية لمناهضة الحكم العثماني في بيروت، ثم انتشار الجمعيات المماثلة في شتى أرجاء ولاية سورية.
    --------------------------------------------------------------------
    تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا
    -
    التالي :
    -
    فلسطين منذ ثمانينات القرن ال19

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود فلسطين منذ ثمانينات القرن ال19

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 10:33 am

    يتبع ما قبله :
    فلسطين منذ ثمانينات القرن ال19

    خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر والفترة ما بعدها، تأزمت حالة المجتمعات اليهودية في أوروبا، وخاصة في شرقي أوروبا (المنطقة التي سكن فيها أغلبية اليهود في ذلك الحين)، حيث تعرضت لاضطهاد مكثف من قبل سلطات الإمبراطورية الروسية، ولسياسة لاسامية من قبل حكومات أوروبية أخرى. هذا بالإضافة إلى نمو الإيديولوجية القومية في أوروبا (التي بلغت ذروتها عند "ربيع الشعوب عام 1848) إلى بلورة الصهيونية، وهي إحدى الحركات القومية اليهودية المقامة آنذاك. حددت الحركة الصهيونية منذ نشوئها هدفا لها جمع جميع اليهود في بلاد واحد تصير موقع دولة يهودية، وفضلت "إيرتس يسرائيل" (أي فلسطين) كالبلاد حيث تقام هذه الدولة اليهودية لاعتبارها الوطن اليهود الأزلي.

    نشأت الصهيونية في فترة تعزز فيها التأثير الأوروبي في الشرق الأوسط، حيث استولت بريطانيا على مصر ووسعت حدودها وجعلتها جزء من الإمبراطورية البريطانية وكذلك أقامت عدد من الحكومات الأوروبية مندوبيات وقنصليات في فلسطين الخاضعة للسلطة العثمانية. فاعتبرت هذه الحكومات أيضا فلسطين بلادا متعلقة بالشعب اليهودي، كما يتبين من خطاب نابليون بونابرت في أبريل 1799 عندما حاصر جيشه مدينة عكا،
    ومن وعد بلفور الصادر من قبل حكومة بريطانيا في نوفمبر 1917، وكذلك من مراسلات حسين مكماهون التي قال فيها المندوب البريطاني هنري مكماهون عن منطقة فلسطين أنه «لا يمكن أن يقال أنها عربية محضة» (السير مكماهون، 24 أكتوبر 1915)، وكانت الحكومات الأوروبية تشجع بشكل ما الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي بدأت تتكثف منذ ثمانيات القرن ال19 إثر دعوة الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين، خاصة في منطقة السهل الساحلي، حول القدس وفي مرج بن عامر.

    الانتداب البريطاني

    في 1917، ضمن الحرب العالمية الأولى، احتل الجيش البريطاني المتجه من مصر، أرض فلسطين، وفي 1922 تأسس الانتداب البريطاني على فلسطين بموجب قرار عصبة الأمم في مؤتمر سان ريمو عام 1920. وأشارت سرعة تنفيذ الانتداب إلى «وعد بلفور»، الذي كانت الحكومة البريطانية قد نشرته في 2 نوفمبر 1917، أساسا للانتداب (الفقرة الثانية من مقدمة الشرعة)، والذي قال إن: «حكومة صاحب الجلالة (البريطاني) تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين». كان من ردود الفعل العربية الفلسطينية لوعد بلفور عقد أول مؤتمر وطني فلسطيني عام 1919 رافضا له كونه كان وعد من لا يملك لمن لايستحق وكون فلسطين هي جزء لا يتجزأ من الوطن العربي.

    أثناء الانتداب البريطاني كانت الوثائق الرسمية تعنون باسم دولة فلسطين، ومن هذه الوثائق جواز السفر الفلسطيني الصادر قبل سنة 1948 في فلسطين.

    في أبريل 1920 حدثت أولى الأزمات العنيفة بين العرب واليهود في سلسلة من الأزمات كانت ذروتها بين السنوات 1933 و1936 في ما يسمى بالثورة الفلسطينية الكبرى والتي تطورت بعد انتهاء الانتداب إلى ما يسمى بالقضية الفلسطينية أو النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. في ثورة القدس عام 1920 م احتشد الفلسطينيون من مختلف مدن فلسطين، في القدس كان العديد من اليهود يحتفلون كعادتهم كل عام بما يسمى موسم النبي موسى.
    وفي 4 أبريل اندلعت اشتباكات عنيفة بين المحتفلين وا الفلسطينيين المقدسيين. وبلغ عدد الضحايا في الاشتباكات 4 عرب و5 يهود بينما أصيب 23 عربيا ووسقط 216 جريحا يهوديا.

    أما العدالة البريطانية فحكمت على عدد من الزعماء العرب واليهود بالسجن بين 10 و 15 سنة مع الأشغال الشاقة، ولكنه أطلق سراحهم بعد عدة أشهر. كما وتتابعت مظاهر الرفض العربي وتصاعدت أعمال العنف بين العرب والمهاجرين اليهود، ففي أغسطس 1929 تبدأ أعمال شغب أسفرت عن مقتل 133 يهودي و 116 عربي.

    الثورة الكبرى عام 1936

    تصاعدت الأحداث في فلسطين منذ مقتل عز الدين القسام، وكان فرحان السعدي قد استمر بعده بتنظيم الهجمات المسلحة على القوافل البريطانية واليهودية في فلسطين حتى قبضت عليه القوات البريطانية، وفي 15 أبريل 1936 اشتبك الفلسطينيون مع جماعة من اليهود الصهيونيين في طريق نابلس - طولكرم، فقتل ثلاثة من الفلسطينيين، وفي الليلة التالية قتل فلسطينيين قرب مستعمرة بتاح تكفا، وفي اليوم التالي جرت اشتباكات بين العرب واليهود في يافا وتل الربيع قتل فيها ثلاثة من اليهود، ففرض نظام منع التجول في يافا وتل الربيع، وأعلن قانون الطوارئ.

    الاضراب العام وإعلان الثورة
    في 20 أبريل 1936 تألفت لجنة قومية في مدينة نابلس دعت البلاد إلى الإضراب العام المستمر حتى تبدل السلطات سياساتها، واستجابت البلاد للدعوة وشمل الإضراب مختلف نواحي الحياة، وفي 25 أبريل أجمعت الأحزاب على تشكيل لجنة عربية عليا بقيادة الحاج أمين الحسيني وعضوية ممثلين عنها، ودعت هذه اللجنة إلى الاستمرار في الإضراب حتى تبدل الحكومة سياستها تبديلا تاما وتوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ومنع انتقال الأراضي إلى اليهود وإنشاء حكومة وطنية نيابية، وعمت التظاهرات المدن الفلسطينية ووقعت اشتباكات.

    في 8 مايو عقد مؤتمر اللجان القومية بدعوة من اللجنة العليا، تقرر فيه الاستمرار في الإضراب وإعلان العصيان المدني بالامتناع عن دفع الضرائب اعتبارا من 15 مايو. وكان من مظاهر العصيان المدني الامتناع عن دفع الضرائب ووقف المواصلات العامة وتنظيم مسيرات سلمية والاحتشاد في المساجد واستجاب الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته للنداء الصادر ونشطت حركة الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني والقساميين بقيادة فرحان السعدي والمتطوعين بقيادة فوزي القاوقجي.

    قيام إسرائيل

    بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، تصاعدت حدّة هجمات الجماعات الصهيونية على القوات البريطانية في فلسطين، مما حدا ببريطانيا إلى احالة المشكلة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وفي 28 أبريل بدأت جلسة الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة بخصوص قضية فلسطين، واختتمت أعمال الجلسات في 15 مايو بقرار تأليف لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (UNSCOP)، وهي لجنة مؤلفة من 11 عضوا، نشرت هذه اللجنة تقريرها في 8 سبتمبر الذي أيد معظم افرادها حل التقسيم، بينما اوصى الاعضاء الباقون بحل فيدرالي، فرفضت الهيئة العربية العليا اقتراح التقسيم اما الوكالة اليهودية فاعلنت قبولها بالتقسيم، ووافق كل من الولايات الأمريكية المتحدة والاتحاد السوفييتي على التقسيم على التوالي، واعلنت الحكومة البريطانية في 29 أكتوبر عن عزمها على مغادرة فلسطين في غضون ستة أشهر إذا لم يتم التوصل إلى حل يقبله العرب والصهيونيون (انظر تقسيم فلسطين).

    وفي الفترة التي تلت ذلك، تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية من جميع الأطراف، وكانت لدى الصهاينة خطط مدروسة قامت بتطبيقها وكانت تسيطر على كل منطقة تنسحب منها القوات البريطانية، في حين كان العرب في حالة تأزم عسكري بسبب التأخر في القيام باجرائات فعّآلة لبناء قوة عربية نظامية تدافع عن فلسطين، ونجحت القوات الصهيونية باحتلال مساحات تفوق ما حصلت عليه في قرار التقسيم، وخرجت اعداد كبيرة من الفلسطينيين من مدنهم وقراهم بسبب المعارك وخوفا من المذابح التي حدثت والقصف الصهيوني.

    وفي 13 مايو وجه حاييم وايزمان رسالة إلى الرئيس الأمريكي هاري ترومان يطلب فيها منه الإيفاء بوعده الاعتراف بدولة يهودية، واعلن عن قيام دولة إسرائيل في تل ابيب بتاريخ 14 مايو الساعة الرابعة بعد الظهر، وغادر المندوب السامي البريطاني مقره الرسمي في القدس متوجها إلى بريطانيا، وفي أول دقائق من 15 مايو انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين وأصبح الإعلان عن قيام دولة إسرائيل نافذ المفعول، واعترفت الولايات الأمريكية المتحدة بدولة إسرائيل بعد ذلك بعشرة دقائق، ولكن القتال استمر ولكن هذه الآن أصبحت الحرب بين دولة إسرائيل والدول العربية المجاورة.

    بحلول 7 يناير عام 1949 انتهى القتال، ودخلت كل من إسرائيل الوليدة مع الأردن وسوريا ولبنان ومصر في مفاوضات للهدنة في ما عرف بإتفاقية رودس، ومع نهاية الحرب كانت إسرائيل قد أصبحت واقعا، وسيطرت على مساحات تفوق ما نص عليه قرار تقسيم فلسطين، وسيطرت على كامل السهل الساحلي باستثناء قطاع غزة الذي احتلتها المصريون، كما قامت على كامل النقب والجليل وشمال فلسطين، وأحتلت المملكة الأردنية الهاشمية مدينة االقدس الشرقية والضفة الغربية التي أصبحت جزءاً منها.

    القدس تحت الحكم الأردني
    تعتبر فترة الحكم الأردني لمدينة القدس من أقصر فترات الحكم في التاريخ الإسلامي، التي امتدت بين عامي 1948 وحتى العام 1967. قصر فترة الحكم والاحتلال الصهيوني الذي تبعها ابتداءاً من العام 1967،
    جعل التركيز في الكتابات على مواضيع لها علاقة بالاحتلال والصهيونية، مع اختزال هذه الفترة من الزمن من الدراسة والبحث وحصر الكتابات في الاعمار الملكي الأردني لقبة الصخرة المشرفة، التي نشأ عنها اعتقاد بان جل الاهتمام الأردني بالمدينة تمثل بالاعمار الهاشمي لقبة الصخرة والمسجد الاقصى لا غير.
    نتيجة انقسام المدينة لشطرين، شرقي وغربي، غدت المدينة في الخطوط الامامية للدولة على الحدود مع دولة معادية، والعاصمة كانت عمان. كما ان في كل فترة من التاريخ، فان أي دولة تأتي لاحقاً لدولة أخرى فانها ترث الدوائر والمؤسسات والمراكز الصحية والخدماتية بشكل اساسي. ولم ترث الأردن أي مبنى حكومي سوى مبنى القشلة في باب الخليل، والمتحف الوطني الفلسطيني ومبنى الاذاعة الفلسطينية من الانتداب، فيما عدا ذلك فقد كانت المكاتب الحكومية في الدولة تقع في القسم الغربي من المدينة، لاعتبارها منطقة تطوير وفق مخطط الهيكلي للقدس بالعام (1918).
    في حالة الحكم الأردني فانه غير امتياز شركة كهرباء القدس الذي ابتدأ بالعام 1953، نتيجة لاتحاد البلديات الخمس (بيت لحم، بيت جالا، القدس، رام-الله، اريحا). وجهاز التعليم الذي دمر أحد أهم منشآته، كالكلية العربية في القدس وكلية الامة في القدس. بالإضافة للخسائر الجسيمة في القطاع الصحي نتيجة لفقدان أحد أهم المستشفيات ليس في القدس فحسب بل على صعيد الشرق الأوسط اثناء الحرب وهو مستشفى العيون في القدس في الطالبية. عدا عن ذلك فان مباني البلدية الحيوية كالبريد المركزي في القدس والمحاكم وبلدية القدس العربية نفسها والمكاتب الحكومية التي كانت تتبع سلطة الانتداب كانت موجودة في الجزء الغربي للمدينة، ما عدا القشلة والمتحف الوطني الفلسطيني.
    وبالتالي فقد ورثت الأردن جزء من مدينة منكوبة مكون من بنايات متداعية وتجارة وصناعة مشلولتين، ولم يكن لدى جزء المدينة ذاك مصادر تمويل، كما كان يفتقر إلى حكومة وإلى الماء والكهرباء. بعد سقوط القسم الغربي من المدينة بيد الصهاينة، التي صاحبها تشريد سكان قرى القدس المهجرة، التي أصبحت تعرف بغربي القدس، بتعداد سكان لهذه القرى يبلغ حوالي (28963).
    كما ان مساحة بلدية القدس قد تقلصت من 19559 دونم في عهد الانتداب البريطاني، فاضحى ما تبقّى من المدينة وهو القسم الشرقي منها الخاضع للسيطرة الأردنية بمساحة 3109 دونم أي ما نسبته 15,3% من مجمل مساحة القدس الاجمالية اثناء الانتداب البريطاني بعدد سكان 33000 مواطن.

    العدوان الثلاثي عام 1956
    قرر الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وأصبحت عائداتها ملكا لمصر، وذلك لتمويل بناء السد العالي بعد أن كان لكل من بريطانيا وفرنسا نصيب الأسد من تلك العائدات، فكان ذلك القرار مقدمة للعدوان الثلاثي على مصر. واتخذت كل من أطراف العدوان فرصة لتحقيق دوافعها الخاصة بها، فبريطانيا وجدت فيها الفرصة للانتقام من التأميم كذلك فرنسا، اما إسرائيل فقد رأت أن الفرصة مناسبة لتدمير قوة مصر العسكرية والتوسع إلى قناة السويس. بدأ العدوان عندما هاجمت القوات الإسرائيلية “مصر” ثم ما لبثت أن أعلنت بريطانيا وفرنسا وجوب إخلاء القوات المتحاربة من القناة؛ بحجة تأمين الملاحة فيها، وقد تصدى الشعب المصري لهذا العدوان بكل الطرق.

    حرب 1967
    في عام 1967 قام الجيش الإسرائيلي باحتلال الضفة الغربية من نهر الأردن التي كانت في ذلك الحين جزء من الأردن، كما احتل قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان السورية بالإضافة إلى مناطق أردنية أخرى في الشمال، وعرفت هذه الحرب باسم حرب الايام الستة، ودخلت القاموس الفلسطيني باسم النكسة واحتلت إسرائيل سيناء.

    وصدر عن مجلس الأمن القرار 242 في تشرين الثاني 1967 الذي يدعو إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران 1967 كما يدعو الدول العربية إلى الاعتراف بإسرائيل.

    الانتفاضة الفلسطينية 1987 (أطفال الحجارة)
    قام الفلسطينيون بهبة جماهيرية عام 1987 وحتى 1993 عرفت باسم الانتفاضة الأولى أو انتفاضة أطفال الحجارة، كانت هذه الانتفاضة سببا في نشوء ضغوط دولية على إسرائيل.

    فك الارتباط الأردني مع الضفة الغربية:
    في شهر يوليو من العام 1988 قامت الحكومة الأردنية بناء على توجيهات من الملك الأردني حسين بن طلال بإتخاذ سلسلة من الاجراءات التي أعتبرت إعادة تعريف للوضع القانوني للضفة الغربية بالنسبة للأردن، فلم تعد الضفة الغربية جزء من الأردن تحت الاحتلال، واصطلح على هذه الخطوات بتسميتها «فك الارتباط».

    محادثات السلام
    إثر الانتفاضة الأولى بدأت محاولات حل المشكلة عن طريق مفاوضات ترعى من قبل أطراف دولية، فبدأت مفاوضات مدريد متعددة الأطراف التي ضمت كل من سوريا ولبنان والأردن والفلسطينين وإسرائيل، تبعتها مفاوضات أوسلو وواشنطن التي أفرزت اتفاقية أوسلو وقد تنازلت حركة فتح التي تقوم منظمة التحرير الفلسطينية بموجب هذا الاتفاق عن نحو 78 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية.

    السلطة الوطنية الفلسطينية والحكم الذاتي

    كان قيام حكم ذاتي فلسطيني محدود في غزة ومناطق معينة من الضفة الغربية عام 1994 هو بداية لاسترداد بعض حقوق الفلسطينين، وفي عام 1996 أقيمت انتخابات رئاسية فاز بها ياسر عرفات على منافسته الوحيدة سميحة خليل.

    في عام 1997 تم الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل على ما عرف باسم اتفاق الخليل الذي ترتب عليه انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق مأهولة بالفلسطينيين وبقاء مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية في البلدة القديمة والطرق المؤدية إليها.

    الانتفاضة الفلسطينية 2000 (انتفاضة الأقصى)
    كانت بداية انتفاضة الأقصى في تاريخ 28 سبتمبر 2000 ردة فعل شعبية على دخول ارئيل شارون أحد باحات المسجد الأقصى المبارك، وقد عملت حركات المقاومة على استمرار الانتفاضة وتصعيدها حتى تحولت إلى مقاومة مسلحة في مواجهة ترسانة الحرب الإسرائيلية.

    في يونيو حزيران 2002 بدأت الحكومة الإسرائيلية ببناء جدار فاصل داخل الضفة الغربية، قائلة بأن الهدف من بناء الجدار هو حماية مواطنيها من «الهجمات الإرهابية» والحفاظ على أمنها، وأدى بناء الجدار إلى تحديد الحركة بين مناطق الضفة الغربية، كما حدّ من الحركة إلى إسرائيل بالإضافة إلى خلق مناطق مغلقة وجيوب محصورة خلف الجدار لا يستطيع السكان الفلسطينيون الوصول إليها إلا بتصاريح خاصة، وكذلك إلى حصر ما يقدر ب 5000 فلسطيني خلف الجدار.

    في 9 يناير 2005 استلم محمود عباس لمنصب الرئاسة للسلطة الوطنية الفلسطينية بعيد وفاة ياسر عرفات الذي يظل يشغل هذا المنصب حتى وفاته وإقامة انتخابات رئاسية. وعام 2006 إقيمت الانتخابات التشريعة الثانية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أسفرت عن نجاح حركة حماس بالأغلبية النيابية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو ما اعتبر تغيير كبير على الخارطة السياسية الفلسطينية، وتعرض الفلسطينيون بعدها لضغوط دولية تمثلت في تغيير سياسة الدول المانحة في تحويلها للأموال للسلطة الوطنية الفلسطينية أو إيقافها تماما مما أدى إلى ضائقة مالية خانقة تعرضت لها مؤسسات السلطة، كما ظهرت خلافات داخلية عدّة تطورت أحيانا إلى مواجهات مسلّحة على خلفية خلافات سياسية بين الفصائل الفلسطينية.

    الانقسام الفلسطيني

    تعود جذور الانقسام إلى بدايات الانتفاضة الفلسطينية الأولى أواخر عام 1987، وتحديدا مع نشأة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ظل بيئة فصائلية يغلب عليها الطابع اليساري والعلماني (فتح).

    بدأت دائرة الخلاف بين الجانبين بالاتساع مع ازدياد القاعدة الشعبية لحركة حماس على حساب باقي الفصائل، وتحديدا حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي تقود فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتعمقت الفجوة أكثر بعد توقيع اتفاق أوسلو يوم 13 سبتمبر/أيلول 1993.

    في عام 1994 ومع قيام السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو وتسلمها لـ غزة وأريحا وباقي المدن الفلسطينية في فترة لاحقة، زاد الشرخ تعمقا بتنفيذ السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات حملات اعتقالات واسعة تركزت على قيادات حركة حماس وعناصرها وجهازها العسكري بعد كل عملية ضد الاحتلال.

    تمت تهدئة هذه الاضطرابات من خلال مفاوضات رعتها المملكة العربية السعودية والتي أسفرت عن ما يعرف باتفاق مكة.
    وكنتيجة لذلك قامت حركة حماس بإعلان أول حكومة وحدة وطنية فلسطينية وهي الحكومة الحادية عشر ضمت في صفوفها ممثلين عن العديد من الأحزاب ولكن تأثر هذا الاتفاق وما لبثت أن تجددت الاشتباكات في قطاع غزة وأخذت وتيرتها بالتسارع وإزداد الانفلات الأمني في القطاع ورفضت الأجهزة الأمنية الانصياع لوزير الداخلية آنذاك سعيد صيام فقام بإنشاء قوة أمنية جديدة تنصاع له باسم القوة التنفيذية، ومع انتشار الانفلات الأمني وعمليات الاغتيال وعدم انصياع الأجهزة الأمنية للحكومة قامت حركة حماس بالانقلاب علي الرئيس محمود عباس وسيطرت علي غزة.

    ولكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس اعتبر ما قامت به حماس انقلاباً مسلحاً وقام بإعلان حالة الطوارئ في المناطق الفلسطينية وأقال حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية لتصبح حكومة تسيير أعمال وفقا للقانون الأساسي الفلسطيني وطلب عباس من وزير المالية في حكومة الوحدة سلام فياض بتشكيل حكومة طوارئ وأصبحت سيطرتها على الأماكن المحتلة في الضفة الغربية وظلت حكومة الوحدة الفلسطينية المقالة لها السيطرة على مقاليد الأمور في قطاع غزة.

    في هذه الأثناء قالت حماس أنها تمثل الحكومة الشرعية نظراً لفوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل اقالتها واستمرت هذه الحكومة بالقيام بأعمالها في قطاع غزة، الذي بسطت سيطرتها عليه بشكل كامل، أما في الضفة الغربية فاعتقل معظم أعضاء المجلس التشريعي الممثلين لحركة حماس على يد إسرائيل. وفرضت إسرائيل حصار كاملا على قطاع غزة

    وقد سارعت الولايات المتحدة الأميركية إلى الدعوة لمؤتمر سلام عرف في حينه بمؤتمر الخريف، حيث عقد في مدينة أنابوليس الأميركية في 26 تشرين الثاني 2007. وعلى ضوء التوجهات الإيجابية نحو إعادة محادثات السلام، التزمت الدول المانحة بتقديم أكثر من 7.5 مليار دولار للسلطة الوطنية الفلسطينية خلال السنوات الثلاث التالية ضمن ما يعرف باسم خطة الإصلاح والتنمية متوسطة المدى.

    التكوين الجغرافي الفلسطيني

    السهل الساحلي
    المرتفعات (جبال الجليل مثل جبل القفزة ونابلس والقدس والخليل)
    غور الأردن: يشمل البحر الميت ووادي عربة. وهو جزء من الشق الجيولوجي الكبير الذي يبدأ عند حلب شمالاً وينتهي في البحر الأحمر جنوباً بحيث يشمل سهل القاع ووداي البقاع وغور الأردن، ومن الجيولوجيين من يربط هذا الشق بالبحيرات الاستوائية الأفريقية التي تقع حول منابع النيل.
    صحراء النقب
    يتكون السهل الساحلي من سهل عكا بين الناقورة وحيفا، ومن السهل الساحلي الأكبر، الذي تفصله عن سهل عكا جبل الكرمل الذي يمتد منها إلى غزة ورفح، وهو يزداد اتساعًا في اتجاهه للجنوب، فيصبح عند غزة نحو الثلاثين كم، ويتصل بهضبة النقب التي تبلغ مساحتها نحو نصف مساحة فلسطين، أما الجبال فإنها على العموم تزداد ارتفاعًا بالاتجاه جنوبًا، ويفصل بين جبال الجليل وجبال نابلس مرج بن عامر المتسع والخصب. ويمتد غور الأردن من منطقة مرج الحولة جنوبًا عبر بحيرة طبرية إلى البحر الميت.

    وتحوي فلسطين على عدة مدن ساحلية على شاطئ البحر المتوسط ومن أهمها: عكا، حيفا، الخضيرة، نتانيا، هرتسليا، تل أبيب، يافا أشدود، عسقلان (المجدل)، وغزة، والتي تعدّ من أهم مدن فلسطين من الناحية الجغرافية والاقتصادية والديمغرافية حيث يتركز في المدن والبلدات الساحلية نحو 60% من السكان (نحو 75% من السكان اليهود، ونحو 40% من السكان العرب)، وتوجد فيها أكبر المراكز الصناعية والتجارية. وتعدّ هذه المنطقة الساحلية، وبشكل خاص محافظة تل أبيب وقطاع غزة، من أكثر مناطق العالم كثافة.

    تمتلك فلسطين عدّة مناطق خصبة، أهمها المروج الشمالية بين جبال الجليل، مرج بن عامر وبعض المروج في وسط البلاد. إمدادات المياه للمنطقة ليست وفيرة، وهي معتمدة على مياه الأمطار التي تهطل خلال فترة 5 أشهر سنويًا لا غيرها (من نوفمبر إلى مارس). تعد بحيرة طبريا أهم وأكبر مصادر المياه الطبيعية للشرب والري في المنطقة، إذ كانت بحيرة الماء العذبة الوحيدة فيه. ويكون مصدر مياه البحيرة هو مياه الأمطار الهاطلة عليها مباشرة أو مياه نهر الأردن المغذَّى بثلوج جبل الشيخ المذوبة في موسم الربيع. نهر الأردن هو أكبر الأنهر في المنطقة، يتدفق جنوبًا خلال بحيرة طبريا إلى البحر الميت الشديد الملوحة. كذلك يتم ضخ مياه الشرب من الإكويفيرات (الطبقات تحت الأرضية الحاملة لمياه الأمطار المتغلغلة في الأرض)، وفي الآونة الأخيرة تعرضت هذه الخزانات الطبيعية تحت الأرضية للتمليح والتلوث بسبب زيادة جلب المياه منها ونقص مياه الأمطار التي تغذيها، وكذلك بسبب دفن النفاية الصناعية في أرض المنطقة الساحلية.

    وتتداخل جبال نابلس بجبال القدس والخليل، التي يتراوح ارتفاع القسم الأكبر منها بين خمس مئة وألف من الأمتار، وبسبب قلة الأمطار التي تسقط عليها فإن عوامل التعرية لم تفعل فيها فعلها في جبال نابلس، لذلك فإن الأودية العميقة وخطوط الارتفاعات غير المنتظمة التي نراها في هذه الجبال أقل منها في تلك. وتظل هذه الجبال مرتفعات متصلة تكون هضبة عالية. قلما تختلف طبعيتها من مكان إلى آخر.
    --------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود كارثة فلسطين، الحقيقة والمؤامرة

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 1:39 pm

    يتبع ما قبله :

    كارثة فلسطين، الحقيقة والمؤامرة

    أ - يتحدث الناس عن مشكلة اللاجئين، ولماذا خرجوا من بلادهم فما هي الأسباب الأساسية لخروج الفلسطينيين من وطنهم، وهل للإنجليز واليهود، خاصة الأعمال الإرهابية اليهودية لها علاقة بذلك؟ ب -
    يقول بعض الناس أن سماحتكم والهيئة العربية العليا طلبتم من أهل فلسطين الخروج من البلاد على إثر صدور قرار التقسيم في ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧م وقيام الاضطرابات في فلسطين.
    فماذا تقولون في ذلك؟ أسئلة عرضت على مفتى القدس الحاج «محمد أمين الحسيني» -رحمه الله- وتصدى للرد عليها في كتابه «كارثة فلسطين، الحقيقة والمؤامرة» الذي يعد شهادة للتاريخ وكشف لحقيقة المؤامرة القديمة على فلسطين والذي امتدت خيوطها حتى الآن.

    يجيب محمد أمين الحسيني: ** المؤامرة الاستعمارية اليهودية على العرب ترجع الأسباب الحقيقية لخروج أهل فلسطين من بلادهم إلى المؤامرة الاستعمارية اليهودية المبيتة ضدهم، وقبل أن أسرد هذه الأسباب،
    أرى أن أعرض بالذكر لبعض مقدمات هذه المسألة: لقد كان هدف الإنجليز واليهود منذ البداية العمل على تحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية، ولم يكن تصريح بلفور وعبارة «الوطن القومي اليهودي» إلا تمهيدا لهذه الغاية، وتمويها على الرأي العام العربي والإسلامي، حتى يتم للسياسة البريطانية تحقيق الوسائل المقررة وفق الخطة المرسومة،
    وكان في مقدمة هذه الوسائل فتح أبواب فلسطين على مصاريعها لهجرة يهودية واسعة النطاق، إلى أن يكاثر اليهود العرب،
    ومن ثم يأخذون بالضغط عليهم لإخراجهم من البلاد، كما ظهر من أقوال القاضي (برانديس) الزعيم اليهودي الأمريكي الذي كان مستشارا للرئيس (ولسون) في الشئون اليهودية.

    فقد أعلن هذا في عام ١٩٦٦م: "أن القصد من طلب اليهود تسهيل الهجرة إلى فلسطين أن يصبح اليهود أكثرية السكان فيها،
    وأن يرحل العرب عنها إلى الصحراء"، وكذلك كتب الكاتب اليهودي، (بن آفي) تعليقا على الشهادات التي قدمت أمام لجنة التحقيق المؤلفة في عام ١٩٢١م برئاسة السير (توماس هيكرافت): "أن على اليهود أن يظهروا وطنهم «فلسطين» من الغاصبين، وأن أمام المسلمين الصحراء والحجاز،
    وأمام المسيحيين لبنان فليرحلوا إلى تلك الأقطار.

    وفي أكتوبر ۱۹۳۰م نشرت صحيفة (المانشستر جارديان) البريطانية المعروفة بصبغتها الصهيونية، بيانا وقعه عدد من أقطاب الإنجليز ورجال الكومنولث البريطاني ومن بينهم (الويد جورج، وستانلي بولدوين، وأوستن تشامبرلن، وليوبولد ايمري، وونستون تشرشل، وهيو دالتون، وهارولد لاسكي، والمرشال سمطس، وأرثر جرينوود، واللورد سئل)،

    وغيرهم، وقالوا فيه: "إنه كان واضحا ومفهوما لدى الحكومة البريطانية عند إصدارها لتصريح بلفور عام ۱۹۱۷م أن يصبح اليهود أكثرية ساحقة في فلسطين". لقد كان عدد المهاجرين اليهود قبل عهد الانتداب البريطاني حوالي ٦٥ ألف يهودي، أما في فترة الانتداب (۱۹۱۹- ١٩٤٨م) فقد تعاظمت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بدعم من حكومة الانتداب حتى بلغ عدد المهاجرين في هذه الفترة وحدها نحو ٤٨٣ ألف مهاجر یهودي.
    ولما وقعت الحرب العالمية الثانية سنحت الفرصة لليهود لتقوية أنفسهم وتعزيز أسلحتهم ومضاعفة قواتهم العسكرية وإنشاء جيش يهودي بمساندة السلطات البريطانية التي عينت واستخدمت خلال تلك الحرب عددًا كبيرًا من اليهود في ورش الجيش البريطاني وثكناته ومستودعاته، وفي الوظائف الرئيسية والفنية، وجندت ألوفًا من شبان اليهود في سلك الجيش فدربتهم وسلحتهم وأشركتهم في العمليات الحربية، واعتمدت بعض المصانع اليهودية لإنتاج الذخائر والمتفجرات وما إلى ذلك من اللوازم العسكرية،
    وبلغ عدد الذين دربهم الإنجليز وجندوهم في الجيش البريطاني حسب ما ورد في التقويم السنوي اليهودي (هاشانا) لعام (٤٣ - ١٩٤٤م ) ٣٣ ألفًا وهذا الرقم لا يشمل عدد المجندين منهم في البوليس والدفاع السلبي والهاجانا وغيرها . واستطاع اليهود بمساعدة الإنجليز نقل كميات هائلة من السلاح إلى فلسطين وزعوها على مستعمراتهم ومنظماتهم العسكرية . **

    تشرشل يؤلف الفيلق اليهودي وفي عام ١٩٤٣م طالب اليهود الحكومة البريطانية بتأليف "فيلق يهودي" [تشكيلات عسكرية من المتطوعين اليهود] وإلحاقه كوحدة مستقلة بالجيش البريطاني، وساعدهم (تشرشل) مساعدة فعالة على تحقيق هذا الطلب، ولما اعترض المرشال (ويفل) قائد القوات البريطانية في مصر والشرق الأوسط على هذا الطلب خوفًا من إثارة العرب، تحداه (تشرشل) بتأليف الفيلق وجعلته القيادة البريطانية قسما من الجيش البريطاني في حملته على إيطاليا عام ١٩٤٤م. وبعد انتهاء الحرب عاد أفراد ذلك الفيلق إلى فلسطين ومع أكثرهم أسلحتهم الخفيفة. وفي ذلك يقول (تشرشل) في مذكراته التي نشرها عن الحرب العالمية الثانية ما نصه: "ولقد نصحني (ويفل) بعدم تشكيل ذلك الفيلق اليهودي خوفا من إثارة شعور العرب،

    ولكنى تحديت (ويفل)، وكتبت إلى الدكتور (وايزمان) بالسماح بتشكيل الفيلق، ولم يتحرك عربي واحد بالاحتجاج على ذلك". ولقد وافقت حكومة (تشرشل) على تشكيل لواء يهودي بصورة نهائية وصل عدد أفراده إلى ١٦ ألف في سنة ١٩٤١م،
    فلم يشبع هذا الكلب اليهودي العقور فاتخذ قرارا ببناء الجيش اليهودي جاء فيه: "يجب الاعتراف بحق اليهود في أداء قسطهم الكامل للمجهود الحربي، وفي الدفاع عن بلادهم بواسطة قوة عسكرية يهودية تقاتل تحت رايتها الخاصة". وقد تم لليهود تنظيم قواتهم وتسليحها قبل أن تضع الحرب أوزارها فأرادوا اغتنام الفرصة وأن لا تنتهي الحرب إلا وقد تحولت فلسطين إلى بلاد يهودية، مدفوعين إلى ذلك بالاعتبارات الآتية :
    1/ خشيتهم من قيام حركة عربية واسعة النطاق بعد الحرب تضطر بريطانيا وأمريكا إلى عدم تشكيل الدولة اليهودية في فلسطين. 2/ رغبتهم في قيام الدولة اليهودية قبل أن يزول أثر عطف العالم الغربي عليهم، وهو ما استطاعوا الحصول عليه بدعايتهم الواسعة ضد ألمانيا النازية واضطهادها لليهود.
    3/ خشيتهم من أن يقوم من البريطانيين من يعارض في تحويل فلسطين إلى دولة يهودية، لاعتبارات تتعلق بمصلحة الإمبراطورية ثم شرع اليهود بحملة إرهابية منظمة لاستعجال السلطات البريطانية بالتسليم لهم بفلسطين،
    وشكلوا عصابات إرهابية أشهرها :
    1/ عصابة أرجون تسفاي ليومي
    2/ عصابة شتيرن فقامت بأعمال إرهابية عدة.
    واستمر الإرهاب اليهودي إلى ما بعد انتهاء الحرب، وتجاوز الانجليز إلى العرب لإرهابهم وترويعهم وحملهم على ترك ممتلكاتهم والنزوح عن فلسطين، ومع أن الإنجليز لم يشكلوا الدولة اليهودية في فلسطين خلال الحرب، لاعتبارات سياسية وعسكرية، إلا أنهم سارعوا إلى تشكيلها بعد انتهائها متوسلين إلى ذلك بوسائل سياسية وغيرها، إلى أن قدموا قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة التي قررت في ٢٩ نوفمبر ١٩٤٧م تقسيم فلسطين باتفاق بين بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وتبع صدور قرار التقسيم قيام اضطرابات وتطورات خطيرة في فلسطين،
    وحدثت المحاولات المعروفة لإبعاد عرب فلسطين عن تولى زمام قضيتهم من الوجهتين السياسية والعسكرية، وحرمان مجاهديهم من المال والسلاح، وقد وجد اليهود والإنجليز والأمريكيون أن ظروف عام ١٩٤٨م مواتية لتنفيذ خطتهم المبيتة لإخراج عرب فلسطين منها، وتحويلها إلى دولة يهودية، ولم تعد ثمة ضرورة لانتظار الوقت الذي يصبح فيه اليهود أكثرية في فلسطين، وتوسلوا إلى ذلك بوسائل متعددة بنيت على ثلاث قواعد رئيسية هي :
    (1) الضغط السياسي (۲)
    الدعاية والإرجاف (۳)
    الإرهاب 1/
    الضغط السياسي ويتمثل في الضغط الشديد الذي قام به المستعمرون على بعض المسئولين العرب لانتزاع زمام قضية فلسطين من أيدي أهلها، مما أدى إلى تبديل الخطة الأساسية الموضوعة من قبل مجلس جامعة الدول العربية في (أكتوبر ١٩٤٧م) للدفاع عن فلسطين وما تلا ذلك من عدم تقديم المساعدات الضرورية لعرب فلسطين، مما أدى إلى إضعافهم، وعرقلة جهودهم، ومنع مجاهديهم من الاستمرار في جهادهم العظيم الذي كاد يقضى على قرار التقسيم في مارس ١٩٤٨م .

    2/ الدعاية والإرجاف ضاعف المستعمرون واليهود دعايتهم المضللة ضد الفلسطينيين ورجال الحركة الوطنية في داخل فلسطين وخارجها، ولاسيما في الأقطار العربية فقد أنشأ قلم المخابرات البريطانية – بالتعاون مع اليهود - عدة مراكز دعاية ضد الفلسطينيين لتشويه سمعتهم وتشكيك الشعوب العربية في إخلاصهم وجهادهم فتكف عن مد يد المساعدة إليهم، ولإقناع العرب بأن إنقاذ فلسطين لن يتم إلا عن طريق إدخال الجيوش النظامية إليها.
    ومما هو جدير بالذكر أن الإنجليز أنشئوا من جملة ما أنشئوه من مراكز الاستخبارات والدعاية في الأقطار العربية، مركزا للدعاية في القاهرة في شارع قصر النيل، ووضعوا على رأسه رجلاً بريطانيا انتحل الإسلام واتخذ له اسما إسلاميا وملئوه بالموظفين والعملاء والجواسيس الذين بنوهم في مختلف المدن والأوساط المصرية،
    وكان من مهام هذا المركز بث الدعاية المعروفة بدعاية الهمس Whispering بالإضافة إلى نواحي الدعاية الأخرى. أما في داخل فلسطين فقد بذلوا جهودًا واسعة لتثبيط الهمم وإضعاف النفوس وإدخال روح الوهن والهزيمة بين المجاهدين، والكيد للرجال العاملين ومحاولة إقناع الفلسطينيين بقلة جدوى المقاومة وضرورة الإقلاع عن سياسة التطرف، والدعوة إلى التعاون مع الإنجليز،
    وقد ركزوا الدعاية وتشويه السمعة على صفوة الوطنيين والمجاهدين الذين عرفوا بصلابتهم وشدة إخلاصهم ولاسيما على الهيئة العربية العليا ورئيسها حيث اختلقوا أنواع الأكاذيب والمفتريات والأراجيف ولما شرع أهل المدن الكبرى - كالقدس ويافا وحيفا وعكا بالعمل على تحصين مدنهم وتسليح أنفسهم، تدخل الإنجليز للحيلولة دون ذلك بإقناع الأهلين بأن بريطانيا لن تسمح لليهود باحتلال المدن الكبرى، ولاسيما المدن والقرى العربية التي خصصت للعرب بموجب قرار التقسيم.
    وإني لأذكر بهذه المناسبة أنى ألححت بمطالبة المختصين بجامعة الدول العربية في ديسمبر ١٩٤٧م بضرورة تحصين المدن الرئيسية، وتسليح المجاهدين للدفاع عنها تسليحًا واقيا، فأجابني أحد المسئولين بقوله: "لا ضرورة لتسليح يافا البتة؛ لأن قرار التقسيم جعل يافا في المنطقة العربية، فلا خوف عليها مطلقا اعتداء اليهود،
    أما حيفا فإن الإنجليز لن يسمحوا لليهود باحتلالها أبدا؛ لأنهم يريدون أن يجعلوا منها مرفاً حرا، وأن لدينا من التأكيدات ما يجعلنا نطمئن إلى ذلك"!!!.

    3/ الإرهاب اليهودي وارتبطت أعمال الدعاية والإرجاف ارتباطا وثيقا بأعمال الإرهاب اليهودي الأثيم الذي قام به اليهود لترويع العرب المدنيين وذلك بنسف المنازل وإلقاء المتفجرات في الأسواق ومراكز تجمع الأهلين مما أودى بحياة الكثيرين من الشيوخ والنساء والأطفال،
    وأخذ دعاة الأعداء يزينون للأهلين الهجرة إلى الأقطار العربية محافظة على سلامة أرواحهم وأطفالهم، وفي الوقت نفسه أخذت تظهر دعوة من بعض البلاد العربية تنادى بضرورة نقل الأطفال والنساء والشيوخ العاجزين من فلسطين ريثما يبت في مصيرها، كما ظهرت دعاية أخرى بأن الجيوش العربية ستدخل فلسطين قريبا لتحريرها فلا داعي للقتال وتحمل الخسائر في الأموال والأرواح. **
    تحيز الإنجليز لليهود فلما نشب القتال بين العرب واليهود في أواخر عام ١٩٤٧م إثر صدور قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، كان موقف حكومة الانتداب البريطاني موقف المتحيز إلى اليهود، المتآمر معهم، شأنها طول عهد انتدابها مدة ثلاثين عاما فكانت تتدخل -في كل معركة يفوز بها العرب- لحماية اليهود والحيلولة دون استيلاء العرب على ممتلكاتهم ومستعمراتهم، بحجة أنها لا تزال صاحبة السلطة في فلسطين والمسئولة عن حماية أرواح السكان وممتلكاتهم، غير أنها لا تتذرع بهذه الحجة عندما تكون أرواح العرب وممتلكاتهم عرضة للهلاك والدمار والأمثلة على هذا كثيرة لا مجال لتعدادها الآن،
    غير أن من الحوادث ما له صلة وثقى بكارثة فلسطين، وأدى إلى هجرة عدد كبير من العرب.
    الإنجليز يمهدون السبل لخروج العرب أضرب لذلك مثالاً حادث هجرة أهل طبرية، فقد تم طبقا لخطة مرسومة لتسليم هذه المدينة لليهود، فإن طبرية تقطنها أكثرية من اليهود وأقلية من العرب،
    وقد كانت القوات البريطانية خلال المعارك الناشبة بين العرب واليهود تغض طرفها عما يقترفه اليهود في الأحياء العربية العزلى من السلاح، وتسهيل سبيل وصول المدد والنجدات إلى اليهود،
    وتحول دون وصول المدد والنجدات إلى العرب، مما هيأ لها أن تتدخل وتعمل على إجلاء العرب عن المدينة تاركين وراءهم جميع ما يملكون، بحجة أنهم أقلية يخشى عليها من الأكثرية اليهودية .
    ومثل ذلك حدث في المذابح التي اقترفها اليهود في القرى العربية الضعيفة بين سمع القوات البريطانية وبصرها، كمذابح قرى دير ياسين وغيرها. ومن الجدير بالذكر أن معظم الفظائع الوحشية في هذه القرى ارتكبتها عصابتا أرجون تسفاى ليومى وشترن،
    وأكثر أفرادهما من اليهود المتدينين ورجال الدين الربانيين والحاخاميين المنتسبين إلى جماعة (أجودات إسرائيل) الدينية اليهودية، المعروفين بفرط تعصبهم وشدة أحقادهم، فكانوا يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ دون رحمة، ويبقرون بطون الحوامل ويخرجون الأجنة منها برءوس حرابهم، زاعمين أن هذا أمر إله إسرائيل الذي أمر شعب إسرائيل حين فتح أريحا أن يقتل بحد السيف كل ما في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير، وأن يحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها،
    كما جاء في الإصحاحين السادس والسابع من سفر يشوع المؤامرة الإنجليزية على تسليم حيفا لليهود

    أما حيفا فقد كانت كارثتها من أبرز مظاهر تحيز الإنجليز لليهود وتآمرهم، فقد أعلنت سلطة الانتداب البريطانية أن لبريطانيا مصالح حيوية في حيفا، وأنها لن تتخلى عنها إلا بعد شهر أغسطس ١٩٤٨م أي بعد انتهاء الانتداب بثلاثة أشهر ونصف شهر،
    وعلى هذا منعت العرب من إقامة المراكز المحصنة داخل المدينة، وحظرت عليهم الوصول إلى أماكن معينة، في الحين الذي كان اليهود فيه يتحصنون ويتركزون ويجوبون كافة المواقع دون حظر، حتى إذا أتموا تسلحهم واستكملوا استعدادهم أعلنت سلطة الانتداب فجأة عدولها عن التمسك بحيفا واضطرارها لإخلائها!
    وحينئذ ظهر أن اليهود قد تسلموا ما كان بيد الإنجليز من المعسكرات ذات الشأن، والأماكن المحصنة والمواقع المشرقة على أحياء حيفا كلها، مما سبب كارثة استيلاء قوات اليهود المسلحة عليها، واضطرار أهلها العرب للجلاء عنها بعد وقائع دامية، وبعد ما منع الإنجليز وصول النجدات إليهم، تاركين وراءهم كل ما يملكون أيضا، وعندئذ فقط ظهرت رقة شعور القوات البريطانية، ففتحت ميناء حيفا وجمعت ما فيها من السفن وجعلت تدعو العرب إلى الرحيل عن المدينة وتحملهم عليها، وكذلك أخذ الفيلق العربي -
    أي جيش الجنرال جلوب- ينقل العرب في سياراته كما فعل في طيرة حيفا وغيرهما، وكما نقل قبل ذلك أهالي طبرية وبيسان بسياراته إلى شرق الأردن، فعل كل ذلك تسهيلاً لهجرة العرب وتمكينا لاحتلال اليهود.
    واشتركت دائرة المخابرات البريطانية واليهودية في هذه المهمة بنصيب وافر وأخذت على عاتقها إشاعة الحوادث المثيرة والأخبار المضللة، ونشر الذعر بين الأهالي الآمنين من العرب، وخاصة على أثر المذابح التي اقترفها اليهود وكان للمخابرات البريطانية وأعوانها من موظفي حكومة الانتداب أكبر الأثر فيما حدث في مدينة يافا من هذا القبيل أيضا مما أدى إلى خروج أهلها الغزل، والتجائهم إلى أماكن أخرى من فلسطين أو إلى الأقطار العربية المجاورة.

    أما في القدس الجديدة فقد منعت القوات البريطانية المجاهدين الفلسطينيين من المرور عبر مناطق السلامة التي كان جنودهم يحتلونها ثم لم يلبثوا أن سلموا تلك المناطق -مع معسكر العلمين الكبير الواقع جنوب القدس- إلى قوات الهاجاناه اليهودية في ١٣ و ١٤ مايو ١٩٤٨م وبذلك أصبح اليهود يسيطرون على القدس الجديدة، ويتحكمون في القدس القديمة أيضًا . كارثة اللد والرملة

    وأما كارثة اللد والرملة فقد نشأت من أن الجنرال جلوب سحب فجأة قوات الجيش الأردني التي كانت مرابطة فيهما، بعد ما جرد قوات الجهاد المقدس التي كانت مرابطة في مطار اللد ومحطة السكة الحديد وغيرهما من سلاحها، بحجة الهدنة الأولى، واعدًا بإرجاعها بمجرد انتهاء الهدنة.
    ولكن أخلف وعده عندما استؤنف القتال في ٩ يوليو ١٩٤٨م، فسقطت اللد والرملة وعشرات القرى المحيطة بهما في أيدي اليهود واضطر نحو مائة ألف من أهلها للنزوح، يضاف إليهم من لجأ إلى المدينتين المذكورتين من أهل مدينة يافا وقراها، وهم لا يقلون عن خمسين ألف نسمة أيضًا.

    والجنرال (جوت باجوب جلوب): هو المستشار العسكري للملك عبد الله بن الحسين والقائد العام للجيوش العربية في فلسطين، له تاريخ أسود في سحق ثورة رشيد عالي الكيلاني في العراق حين كان قائدا للقوات البريطانية المرابطة في شرق الأردن ..
    كان هو القائد الفعلي لتلك الجيوش المنكوبة، وضع خطة تفتقد عنصر التنسيق والتكامل والتوافق في تنفيذها، تم تعديلها قبلها بيومين مما أربك مهمات الجيوش ومحاور عملياتها الأمر الذي يضع علامة استفهام من المغزى منه، خاصة أن الخطة الجديدة أفقدت الجيوش وحدة الهدف، وضعف التأثير ..
    وطلب فيها من جيش الإنقاذ الانسحاب وعطل الجيش اللبناني وشتت بقية الجيوش. وقد روى لي أحد رجال الدين المسيحي المحترمين أنه سمع من سيادة (المونسنيور) وكيل بطريرك اللاتين في فلسطين أن جلوب بعث ببرقية تهنئة لقائد الجيش اليهودي على احتلاله اللد والرملة، ولما صادفه المونسينور المذكور وعاتبه على برقيته أجابه جلوب بقوله: "هذه هي السياسة"!!.
    أشرف قائد الجيش الأردني سنة ١٩٥٣م جلوب باشا على المذبحة التي أبادت قرية (قبية) الواقعة في الضفة الغربية التي قام بها اليهود، فقررت الحكومة الأردنية عزله عن قيادة الجيش وترحيله عن البلاد، وجاء هذا القرار متأخرا جدا.
    ونحن حين نعرض لذكر الجنرال جلوب باشا الانجليزي لا نرمى إلى تجريحه شخصيا فهو يعمل لصالح أمته ويقدم لها الخدمات الجلية،
    ولكن اللوم يقع على بعض العرب الذين ولوه القيادة العامة الفعلية أثناء حرب فلسطين. وبعد الهدنة الثانية توالت اعتداءات اليهود على المناطق العربية، وانسحبت قوات الدول العربية من مناطق الجليل الغربي وجنين وبعض القدس وبيت لحم يذكر أنه دخلت الهدنة الأولى حيز التطبيق العمل في ١١ يونيو ١٩٤٨م بقبول الجامعة العربية لها، والتي قالت عنها القيادة العسكرية الإسرائيلية: "إن الهدنة جاءت في الوقت الملائم"؛ فقد كانت الوحدات متعبة وخائرة القوى،
    وكانت الخسائر في كتائب سلاح المشاة عالية جدا، وكان من الضروري منح الرجال فترة استجمام لاسترداد القوى، كما كان من الضروري إرسال تعزيزات للكتائب. أما الهدنة الثانية فبدأت في ١٩ يوليو ١٩٤٨م بعد استئناف الحرب في ٩ يوليو ١٩٤٨م على جميع الجبهات بعد أن أعادت القوات الصهيونية ترتيب قواتها وبعد أن زودت بكميات كبيرة من أحدث الأسلحة وبادرت بالهجوم على الجبهات العربية الراكدة وبصورة عامة أخذ زمام المبادرة في هذا القطاع وإلحاق الضرر به وإلغاء تفوقه الطبوغرافي.

    الهيئة العربية العليا عارضت في خروج العرب من فلسطين أما فيما يتعلق بالجواب على الشق الأخير من سؤالكم، فقد كان رأيي الذي أعلنته مرارًا، وأبلغته للجهات العربية ذات الشأن، أن يبقى عرب فلسطين في بلادهم، وأن يدافعوا عنها حتى النفس الأخير، وأن لا يجلوا لأي سبب من الأسباب. لماذا خرج اللاجئون الفلسطينيون من فلسطين؟ لا يزال المستعمرون واليهود الصهيونيون، وصنائعهم المأجورون، يروجون دعايتهم الكاذبة المضللة بأن اللاجئين من عرب فلسطين إنما غادروا بلادهم من أنفسهم، وتلبية لنداءات وتوجيهات صدرت إليهم من الهيئة العربية العليا لفلسطين ومن الدول العربية، فبالإضافة إلى ما بيناه أنها من إدحاض لتلك التهم والمفتريات التي يرجف بها الأعداء،

    نثبت فيما يلي بعض الحقائق والوثائق الدامعة في هذا الشأن: لما اشتد الإرهاب اليهودي في فلسطين، وأخذ اليهود المجرمون يقترفون شتى الفظائع الوحشية في العرب، اقترح سيادة (جاورجيوس حكيم) مطران طائفة الروم الكاثوليك في حيفا وعكا ترحيل النساء والأطفال إلى لبنان لإنقاذهم من فظاعة الإرهاب اليهودي،
    وقد كتب رئيس اللجنة القومية في حيفا المرحوم السيد رشيد الحاج إبراهيم بتاريخ ٣ مارس سنة ١٩٤٨م كتابا إلى رئيس الهيئة العربية العليا مستوضحًا رأى الهيئة في هذا الأمر، وعلى أثر ذلك أبرق رئيس الهيئة إلى اللجنة القومية بحيفا يقول: إن هجرة الأطفال ضارة بالمصلحة، ويطلب التريث في الأمر وانتظار كتابه،
    ثم أرسل رئيس الهيئة كتابه المشار إليه إلى رئيس اللجنة القومية وقد أعرب فيه عن تخوفه من أن يكون نزوح العائلات العربية عن فلسطين سببا في إضعاف معنويات الأمة، وعارض في النزوح مبينا أن الأفضل نقل من تدعو الضرورة إلى نقله من العائلات من الأماكن الشديدة الخطر إلى الأماكن المأمونة في المدن والقرى الداخلية الفلسطينية .
    وفي نفس الوقت أبرقت الهيئة إلى السيد "كمال حداد" مدير مكتبها في بيروت مؤكدة ضرر هجرة الأطفال وغيرهم من فلسطين إلى دمشق وبيروت وطالبت مراجعة السلطات المختصة في سوريا ولبنان لمنعها.
    ولم تقتصر الهيئة في مساعيها على محاولة منع هجرة الفلسطينيين إلى خارج فلسطين بل طالبت في مذكرتها، الحكومات المصرية واللبنانية والسورية، وسائر الحكومات العربية بإعادة الفلسطينيين الذين غادروا فلسطين إلى الأقطار العربية ليقوموا بواجبهم في فلسطين، كل في ناحية عمله. وفي ذلك عبرة وتذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
    ثم إن اليهود أنفسهم، ولاسيما الذين قاموا منهم باقتراف جرائم الإرهاب المنكرة، اعترفوا بصراحة بأن الجرائم والفظائع التي اقترفوها في العرب كانت السبب المباشر لخروجهم من بلادهم والتجائهم إلى الأقطار العربية المجاورة، فالإرهابي اليهودى المجرم (مناحم بيجن) الذي كان قائدا لمنظمة (أرجون تسفاى ليومي) اليهودية الإرهابية السرية يقول في كتابه «الثورة - تاريخ الأرجون»:

    "إن مذبحة دير ياسين كان لها أثر بالغ في نفوس العرب يساوى ستة أفواج من الجنود، وأن قرية قلونية العربية التي كانت قد صدت كل هجوم شنته عليها قوات الهاجاناه، قد أخليت في ليلة واحدة،
    وكذلك أخليت قرية بيت أكساء".
    ثم يقول: "لقد ساعدتنا مذبحة دير ياسين على إنقاذ طبرية وحيفا بصورة خاصة ولم يبق من العرب الذين كانوا يقطنون المنطقة التي أصبحت إسرائيل، وعددهم ۸۰۰ ألف غير ١٦٥ ألفا، وتظهر أهمية هذا الحادث بما ينطوي عليه من مغزی اقتصادی وسیاسي".
    وكذلك يقول الكاتب اليهودي (اليرمان هال) في كتابه «عرب إسرائيل»: "لقد أصبح واضحا أن القوات الإسرائيلية كانت قاسية حتى مع غير المحاربين من العرب، فهناك على سبيل المثال عدد كبير من القرى المنسوفة والمهجورة، حيث لم يقع أي قتال أو وقع منه شيء يسير جدا،
    أما بشأن الفظائع فإن إسرائيل تذكر دير ياسين بأسف حيث ذبحت الأرجون أكثر من مائتين من الرجال والنساء والأطفال،
    ويجب أن يضاف إلى الأسباب التي أدت إلى فرار العرب الجنوني من فلسطين خوفهم من وقوع حوادث جديدة مشابهة الحادثة دير ياسين".
    اعتراف الكونت برنادوت واعترف (الكونت فولك برنادوت)، وسيط الأمم المتحدة الذي اغتاله اليهود في القسم الذي احتله اليهود من مدينة القدس لأنه أوصى بإعطاء القدس والنقب للعرب، اعترف في تقريره المرفوع إلى الأمم المتحدة عام ١٩٤٨ : بأن خروج عرب فلسطين نجم عن الرعب الذي نشأ عن إشاعات تتعلق بأعمال الإرهاب والطرد، حقيقية أو مزعومة،
    ثم قال : "وهناك تقارير عديدة من مصادر موثوقة تؤكد وقوع نهب وسلب على نطاق واسع، وتخريب وتدمير قرى دون أية ضرورة عسكرية".
    ------------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - زاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود سبب حرص الصهاينة على فلسطين:

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 2:34 pm

    يتبع ما قبله :

    سبب حرص الصهاينة على فلسطين:

    أما سبب حرص الصهاينة على فلسطين: فذلك راجع لاعتقادهم أنها أرض الميعاد التي سيعود إليها اليهود، ويجتمعون فيها، وذلك حسب ما جاء في كتبهم المحرفة، كذلك حرصوا على فلسطين لموقعها الجغرافي الاستراتيجي، الذي يهدفون من ورائه إلى احتلال العالم.
    ويؤيد ذلك ما صرَّح به (ناحوم غولدمان) قائلاً: (لم يختر اليهود فلسطين لمعناها التوراتي بالنسبة إليهم، ولا لأن مياه البحر الميت تعطي سنويًّا بسبب التبخر قيمة ثلاثة آلاف مليار دولار من المعادن، وأشباه المعادن،
    وليس أيضاً لأن مخزون فلسطين من البترول يعادل عشرين مرة مخزون الأمريكتين مجتمعتين، بل لأن فلسطين نقطة الارتكاز الحقيقية لكل قوى العالم، ولأنها المركز الاستراتيجي العسكري للسيطرة على العالم).
    ومن هذا المنطلق جدَّ اليهود في الحصول عليها، وقد مرَّ بنا موقف السلطان عبد الحميد من طلب اليهود، ومرَّ بنا سعيهم في الإطاحة به ونجاحهم في ذلك.
    ومنذ أن سقط السلطان عبد الحميد فتحت فلسطين أبوابها للهجرة اليهودية، وجرى المخطط في طريقه إلى غايته عن طريق (هرتزل) وحلفائه.
    وتمت مؤامرة إنجليزية أخرى كانت الدعامة الأولى لإسرائيل، وهي التي منحت اليهود وعد بلفور عام (1917) م، وهي التي هَجَّرت ثلاثمائة ألف يهودي ما بين عام (1922 -  1939) م.
    وفي أغسطس عام (1923) م, تم تهجير اليهود الألمان لأرض فلسطين (أرض الميعاد) كما يزعمون، واليهود الألمان هم أخطر وأهم يهود الأرض، وهم الذين حركوا الصناعة اليهودية، وانبعثت على أيديهم الصناعة، وذلك بما سرقوه وتعلَّموه من الألمان، وهم أرقى وأعلم اليهود.
    ولذا فهم في المناصب العسكرية، والبحوث العلمية، وقد حرص (هرتزل) على تهجيرهم.

    - وعد بلفور:

    يعدُّ وعد بلفور الدعامة الأولى لإسرائيل؛ فما هو ذلك الوعد، وما أسبابه، وماذا يتضمن ؟
    وعد بلفور: هو ذلك الوعد الذي أصدرته الحكومة البريطانية بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وذلك في الثاني من نوفمبر عام (1917) م.
    وقد تواتر أن الباعث الأعظم الذي حقق حلم الصهيونية هو ما رواه (لويد جورج) رئيس الوزارة البريطانية الأسبق في مذكراته عن الدور الذي قام به وايزمان في خدمة بريطانيا إبان الحرب العظمى، وذلك عندما ساعد بريطانيا في استخراج مادة الأسيتون التي تستخدم في صنع الذخائر الحربية التي كانت تستخرج من خشب الأشجار، وكان استخراجها بكميات كافية يحتاج إلى مقادير هائلة من الخشب، وليس في إنجلترا غابات كثيرة تفي بهذه الحاجة، فكانت تستورد من أمريكا، والأسعار ارتفعت.
    وأخيراً اهتدى لويد- وكان يومئذ رئيس لجنة الذخائر- إلى أستاذ بارع في الكيمياء وضع مواهبه تحت تصرف بريطانيا، وهو الدكتور (وايزمان) الذي أصبح بعد ذلك مشهوراً،
    وكان وايزمان مقتنعاً بأن أمل الصهيونية رهين بانتصار الحلفاء؛ فاستطاع بعد بضعة أسابيع أن يستخرج المادة المطلوبة الأسيتون من عناصر أخرى غير الخشب، مثل الحبوب والذرة على وجه الخصوص، وبذلك حلَّ لبريطانيا أعوص مشكلة عانتها أثناء الحرب.
    ورفض الدكتور (وايزمان) كل جزاء مقابل عمله، بشرط أن تصنع بريطانيا شيئاً في سبيل الوطن القومي اليهودي.
    ولما تولى (لويد جورج) رئاسة الوزارة خاطب بلفور بأن بريطانيا تريد أن تجتذب إلى صفها اليهود في الدول المجاورة، وكانوا ميالين إلى ألمانيا لسخطهم على روسيا، وكان لذلك أثره على وعد بلفور.
    وبعبارة أخرى فإن بريطانيا رغبت في مكافأة إسرائيل على عملها، ومساعدتها لها في الحرب، ورغبت أيضاً في كسب اليهود، فكان ذلك الوعد... عام (1917) م.
    وكان الثمن إعطاء ما لا يملك شيئاً لمن لا يستحق شيئاً.
    وبعد ذلك تتابعت الهجرة اليهودية من شتى أقطار العالم، وانصهرت في بوتقة اليهودية أكثر من سبعين جنسية من مصر، واليمن، والحبشة، والعراق، والهند، وأوربا، وروسيا، وأمريكا، وغيرها.
    وفي عام (1948) م, ارتفع عدد اليهود من خمسين ألف مهاجر إلى ستمائة وخمسين ألفاً، ثم تتابعت الهجرات من كل أنحاء العالم.
    وآخر ما حصل من ذلك تهجير يهود الفلاشا من الحبشة، ومحاولات تهجير اليهود الروس،
    وصدق الله تعالى .( فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) [الإسراء : 104]
    ولعل تلك الهجرات مصداق للآيات، والأحاديث التي أخبرت بذلك.
    وبرغم تلك العمليات التهجيرية، فإن هناك كثيراً من اليهود لم يستجب للعودة إلى فلسطين، وليس ذلك كرهاً لفلسطين، وإنما ذلك لخوفهم من الذبح في فلسطين، فهم يعلمون من كتبهم بأنهم سيذبحون بسيوف عباد الله، وأنهم في فلسطين سيدفنون بلا أحفاد.
    ولهذا فإن كثيراً منهم هاجر من فلسطين بعد أن هاجر إليها.
    وما هذا الوعد إلا سلسلة من التعاون بين اليهود والنصارى الذين يودون إبعاد المسلمين عن دينهم.

    - الوعــود البلفوريــة:

    «الوعود البلفورية» مصطلح نستخدمه للإشارة إلى مجموعة من التصريحات التي أصدرها بعض رجال السياسة في الغرب يدعون فيها اليهود لإقامة وطن قومي لهم في فلسطين، ويعدون بدعمه وتأمينه نظير أن يقوم اليهود على خدمة مصالح الدولة الراعية، أي أنها دعوة لتوقيع العقد الصامت بين الحضارة الغربية والمنظمة الصهيونية.
    والوعود البلفورية تعبير عن نموذج كامن في الحضارة الغربية يضرب بجذوره فيها.
    وهي حضارة تنحو منحى عضويًّا، وتجعل التماسك العضوي مثلاً أعلى. ونظراً لأن التماسك العضوي هو المثل الأعلى، فإن عدم التجانس يصبح سلبيًّا كريهاً. وينتج عن هذه الرؤية للكون رفض الآخر في شكل الأقليات.
    ومن ثم، نجد أن الحضارة الغربية (والمسيحية الغربية) لم تتوصل إلى إطار تتعامل من خلاله مع الأقليات، وبالذات اليهود، وإنما همَّشتهم (شعب شاهد) وحوسلتهم (جماعة وظيفية).
    ومنذ عصر النهضة الغربية والثورة العلمانية الشاملة، بدأت أزمة الجماعات اليهودية، وظهرت الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة التي تُعَدُّ جزءاً من فكرة العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية بشأن يهود العالم: شعب عضوي منبوذ ـ نافع ـ يُنقَل خارج أوربا إلى فلسطين؛ ليُوظَّف لصالحها في إطار الدولة الوظيفية.
    وقد صدرت معظم الوعود البلفورية في القرن التاسع عشر، واستمرَّت حتى صدور وعد بلفور عام (1917) م، الذي حسم مسألة علاقة اليهود بالحضارة الغربية. وسنقوم بمحاولة تحليل عدد من الوعود البلفورية، وسنقسمها إلى ثلاثة عناصر أساسية.
    1 ـ نص الوعد.
    2 ـ الديباجة العلنية (أو الأسباب المعلنة) التي عادةً ما ترد في الوعد نفسه أو في مجال الدفاع عنه.
    3 ـ الدوافع الخفية (العميقة أو الحقيقية) وهي عادةً لا ترد في أيٍّ من الوعود، وعلينا أن نبحث عنها في نصوص وحقائق تاريخية تشكِّل السياق التاريخي للوعد البلفوري موضع البحث.

    ويُعتبَر نابليون بونابرت من أوائل القادة الغربيين الذين أصدروا وعداً بلفوريًّا، وهو أيضاً أول غاز للشرق في العصر الحديث.
    وفيما يلي الجزء المهم من نص الوعد:
    (من نابليون القائد الأعلى للقوات المسلحة للجمهورية الفرنسـية في أفريقيا وآسيا إلى ورثة فلسطين الشرعيين.
    أيها الإسرائيليون، أيها الشعب الفريد، الذين لم تستطع قوى الفتح والطغيان أن تسلبهم اسمهم ووجودهم القومي، وإن كانت قد سلبتهم أرض الأجداد فقط.
    إن مراقبي مصائر الشعوب الواعين المحايدين ـ وإن لم تكن لهم مواهب المتنبئين مثل إشعياء ويوئيل ـ
    قد أدركوا ما تنبَّأ به هؤلاء بإيمانهم الرفيع من دمار وشيك لمملكتهم ووطنهم: أدركوا أن عتقاء الإله سيعودون لصهيون وهم يغنُّون، وسيُولَد الابتهاج بتَملُّكهم إرثهم دون إزعاج، فرحاً دائماً في نفوسهم (إشعياء( 35/10  انهضوا إذن بسرور أيها المبعدون.
    إن حرباً لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، تخوضها أمة دفاعاً عن نفسها بعد أن اعتبر أعداؤها أرضها التي توارثوها عن الأجداد غنيمة ينبغي أن تُقسَّم بينهم حسب أهوائهم.
    وبجرة قلم من مجلس الوزراء تقوم للثأر وللعار الذي لحق بها وبالأمم الأخرى البعيدة. ولقد نُسي ذلك العار تحت قيد العبودية والخزي الذي أصابكم منذ ألفي عام.
    ولئن كان الوقت والظروف غير ملائمة للتصريح بمطالبكم أو التعبير عنها، بل وإرغامكم على التخلي عنها، فإن فرنسا تقدم لكم إرث إسرائيل في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات، إن الجيش الذي أرسلتني العناية الإلهية به، والذي يقوده العدل ويواكبه النصر، جعل القدس مقرًّا لقيادتي، وخلال بضعة أيام سينتقل إلى دمشق المجاورة التي لم تَعُد تُرهب مدينة داود.
    يا ورثة فلسطين الشرعيين: إن الأمة التي لا تتاجر بالرجال والأوطان، كما فعل أولئك الذين باعوا أجدادهم لجميع الشعوب (يوئيل 4/6(، تدعوكم لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء.
    انهضوا وأظهروا أن قوة الطغاة القاهرة لم تُخمد شجاعة أحفاد هؤلاء الأبطال الذين كان تَحالُفهم الأخوي شرفاً لإسبرطة وروما (مكابيون 12/15(، وأن معاملـة العبـودية التي دامت ألفي عام لم تُفلح في إخمادها.
    سارعوا! إن هذه هي اللحظة المناسبة ـ التي قد لا تتكرر لآلاف السنين ـ للمطالبة باستعادة حقوقكم ومكانتكم بين شعوب العالم، تلك الحقوق التي سُلبت منكم لآلاف السنين، وهي وجودكم السـياسي كأمة بين الأمم، وحقـكـم الطـبيعي في عبادة يهـوه، طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد. (يوئيل 4/20.)
    وفيما يتعلق بوعد نابليون البلفوري، يمكن ملاحظة ما يلي:
    1 ـ جوهر الوعد هو العبارة التالية: ( تقدِّم فرنسا فلسطين لليهود في هذا الوقت بالذات، وعلى عكس جميع التوقعات... وهذه هي اللحظة المناسبة التي قد لا تتكرر لآلاف السنين). (تدعوكم (فرنسا) لا للاستيلاء على إرثكم بل لأخذ ما تم فتحه والاحتفاظ به بضمانها وتأييدها ضد كل الدخلاء). (وجودكم السياسي كأمة بين الأمم، وحقكم الطبيعي في عبادة يهوه طبقاً لعقيدتكم، علناً وإلى الأبد.
    2 ـ لا يختلف تصريح نابليون عن وعد بلفور، فنابليون يعتبر أعضاء الجماعات اليهودية شعباً غريباً عن وطنه (وهو ما يعني إسقاط المواطنة عنه) وهو شعب مرتبط بفلسطين.
    وقد وجَّه نابليون نداءه إلى (الشعب الفريد) و(المبعدين) الذين عاشوا (تحت قيد العبودية والخزي... منذ ألف عام)  
    و(ورثة فلسطين الشرعيين) (أي: الشعب العضوي المنبوذ) بأن يتبعوا فرنسا التي ستقدم لهم إرث إسرائيل، أي: أرض فلسـطين، أي: أنهم سـيتم خروجهم من فرنسا وتوطينهم في فلسطين.
    3 ـ ثم نأتي ثالثاً إلى الدوافع الخفية الحقيقية، وليس من الصعب تخمينها، فنابليون لم يَكُنْ يُكِنُّ كثيراً من الحب أو الاحترام لليهود، وهذا يظهر في تشريعاته داخل فرنسا.
    ولذا فإن إرسالهم إلى فلسطين فيه حل للمسألة اليهودية في فرنسا (والتي كانت قد بدأت في التفاقم). ومع هذا كان نابليون يهدف إلى توظيف اليهود في خدمة مشاريعه وتحويلهم إلى عملاء له،
    وهذا ما قاله ملك إيطاليا لهرتزل (وقد وافقه الزعيم الصهيوني على رأيه). ولعل إشارة نابليون إلى التقاليد المكابية هو إشارة خفية للدور القتالي (المملوكي) الذي يمكن أن تلعبه الدولة اليهودية المقترحة في خدمة المصالح الغربية.
    وقد صدرت أيضاً عدة وعود بلفورية ألمانية. ويمكننا هنا أن نتوقف قليلاً عند واحد من أهم إسهامات (هرتزل) للحركة الصهيونية، وهو أنه إذا كانت الفكرة الصهيونية إمكانية كامنة في الحضارة الغربية تود أن تتحقق، فلم يكن بإمكانها أن تخرج من عالم الوجود بالقوة إلى عالم الوجود بالفعل إلا من خلال آليات محددة، أهمها:
    تنظيم المادة البشرية (اليهودية) التي سيتم ترحيلها، وتأسيس إطار تنظيمي يستطيع أن يتلقَّى الوعود، وأن يقوم بتنفيذها.
    وحينما أصدر نابليون وعده البلفوري لم يكن هناك تنظيم يهودي يمكنه تلقِّي هذا الوعد، والعمل على تسخير المادة البشرية لتنفيذه. وهذا ما أنجزه (هرتزل) بعد أن نشر كتابه (دولة اليهود) الذي وضَّح فيه ما نسميه «العقد الصامت بين الحضارة الغربية والحركة الصهيونية». فقرَّر (هرتزل) أن يأخذ بزمام الأمور، وأن يتوجه للدول العظمى.
    وقد ساعده في مسعاه هذا القس (الواعظ) الصهيوني نصف المجنون (هشلر) إذ قدمه إلى أحد كبار المسئولين الألمان الذي تحدَّث إلى القيصر عن الموضوع. وكانت ثمرة هذه الاتصالات وعد بلفوري ورد في خطاب من دون إيلونبرج باسم حكومة القيصر إلى (هرتزل) مؤرخ في سبتمبر (1898) وجاء فيه:
    (إن صاحب الجلالة على استعداد أكيد أن يناقش الأمر(توطين اليهود) مع السلطان، وأنه سيسعده أن يستمع إلى مزيد من التفاصيل منكم في القدس. وقد أصدر جلالته أوامره بأن تُذلِّل كل الصعاب التي تواجه استقبال وفدكم.  وأخيراً يحب جلالته أن يخبركم عن استعداده أن يأخذ على عاتقه مسئولية محمية (يهودية) في حالة تأسيسها. وجلالته حينما يكشف لكم عن نواياه، فهو يعوِّل، بطبيعة الحال، على مقدرتكم على الكتمان. وكم يسعدني أن أنقل لكم هذه المعلومات، وأتمنى أن تنجح في الوصول إلى القدس في الموعد المحدد. وفي الحقيقة، فإن فشلكم في هذا سيسبب لجلالته خيبة الأمل. وأترك لكم- بما تتميزون به من لباقة- أن تقرروا ما إذا كنتم تودون الوصول إلى إستنبول في الوقت الذي يصل فيه جلالته إليها أم لا ).
    ويمكننا ملاحظة ما يلي:
    1 ـ جوهر الوعد يُوجَد في العبارة: (يحب جلالته أن يخبركم عن استعداده أن يأخذ على عاتقه مسئولية محمية (يهودية) في حالة تأسيسها ( وأنه ) على استعداد أكيد أن يناقش الأمر(توطين اليهود)  مع السلطان.
    2 ـ وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الديباجة العلنية والنوايا المعلنة، فإننا لن نجد لها أيَّ أثر، فقيصر ألمانيا لم يكن تحت أية ضغوط للبحث عن مسوغات رومانسية، بل إن العكس في حالته هو الصحيح؛ إذ كان عليه أن يبرر أمام شعبه مسألة تعاطفه مع المشروع الصهيوني وتأييده له، بل واستعداده لأن يضع الصهاينة تحت حمايته.
    وكما قال في خطابه المؤرخ (29) سبتمبر (1898) م,والمُرسَل إلى دوق بادن، فإن تسعة أعشار شعبه سيُصدَم صدمة عميقة إذا اكتشف هذه الحقيقة. فاليهود ـ كما يقول ـ هم قتلة المسـيح، وهو يعـترف بهـذه الحقيقـة، ولكنه يضـيف قائلاً: (إن الإله قد أنزل بهـم العـقاب على ما اقترفوه من آثام، إلا أنه لم يأمر المسيحيين بأن يسيئوا معاملة هذا الشعب).
    3 ـ وأما العنصر الثالث، أي: الدوافع الحقيقية الخفية، فهي موجودة وبغزارة، في خطاب القيصر المذكور، وفي تعليقه على تقرير سفير ألمانيا في سويسرا عن المؤتمر الصهيوني الأول (1897) م, فهو في مجال تسويغ تعاونه مع (قتلة المسيح) يورد الأسباب التالية لتأييد ألمانيا للمشروع الصهيوني:
    أ) سينتج عن توطين شعب إسرائيل رخاء للمنطقة، ولا سيما أن الملايين ستصب في الأكياس العثمانية، الأمر الذي قد يؤدي إلى شفاء الرجل المريض.
    ب) ستُوجَّه طاقة اليهود ومواهبهم إلى أهداف أكثر نبلاً من استغلال المسيحيين.
    جـ) إفراغ ألمانيا من اليهود الذين فيها (وكلما عجلوا بالذهاب..، كان ذلك أفضل. فلن أضع أية عراقيل في طريقهم).
    د) إذا بُحثت المسألة من منظور الحقائق السياسية (لا الأخلاقية)، فإن ألمانيا ستستفيد غاية الاستفادة؛ لأن رأس المال اليهودي العالمي، بكل خطورته، سينظر بعين العرفان إلى ألمانيا.
    ولعل موقف القيصر من اليهود، بما يتسم به من كره عميق لهم، وترحيب شديد بالتخلص منهم، واستعداد تام لتوظيفهم في خدمة المصالح الألمانية- لا يختلف كثيراً عن موقف نابليون من قبله، أو موقف بلفور من بعده.
    ورغم وعود القيصر، ورغم حرصه على تبنِّي المشروع الصهيوني، إلا أنه لم يكن مدركاً مدى عُمْق الرفض العثماني للمشروع الصهيوني، وهو الأمر الذي أدركه إبان زيارته لإستنبول. ولذا، فحينما تم اللقاء في نهاية الأمر في القدس، حيث كان من المتوقع أن يُصدر القيصر وعده البلفوري العلني الكامل، تراجع واكتفى ببعض المجاملات الخالية من المعنى.
    ومن الأمثلة الأخرى على الوعود البلفورية: الوعد البلفوري الروسي القيصري.
    فقد قام (هرتزل) بمقابلة فون بليفيه، وزير الداخلية الروسي المعادي لليهود، بتفويض من المؤتمر الصهيوني الخامس (1901) م، حتى يَحصُل على تصريح يُعبِّر عن نوايا الروس يتلوه في المؤتمر الصهيوني السادس المزمع عقده سنة (1903) م.
    وبالفعل، صَدَر الوعد البلفوري القيصري على النحو التالي (في شكل رسالة وجَّهها فون بليفيه إلى تيودور هرتزل).
    وهذا هو منطوق الوعد:  (ما دامت الصهيونية تحاول تأسيس دولة مستقلة في فلسطين، وتنظيم هجرة اليهود الروس، فمن المؤكد أن تظل الحكومة الروسية تحبذ ذلك. وتستطيع الصهيونية أن تعتمد على تأييد معنوي ومادي من روسيا إذا ساعدت الإجراءات العملية التي يفكر فيها على تخفيف عدد اليهود في روسيا).
    وقد توصَّـل (هرتزل) أيضـاً إلى اتفاق مع المسئولين الروس مفـاده: أنْ تبذل الحكومـة الروسيـة مسـاعيها الحميـدة لـدى تركـيا؛ لتسـهيل دخـول اليهود إلى فلسطين.
    وستقدم مساعدات مالية للمهاجرين تُجمَع من مصادر يهودية، وستُسهِّل تنظيم الجمعـيات الصهيـونيـة الملتـزمة ببرنامج بازل.
    وقد سُمح أيضاً لبنك الاستـيطان اليهودي ببيع أسهمه في روسيا شريطة أن يفتح فرعاً له في البلد لكـي تستطيع السلطات مراقبة عمليات البيع.
    كذلك قام (بليفيـه) بتزويد (هـرتزل) برسـالة موقعـة منه، وبعد أن بحث محتوياتها مع القيصر، أعلن فيها أن الحكومة الروسية تنظر بعين العطف إلى الصهيونية ما دام هدفها إقامة دولة مستقلة في فلسطين، وأنها على استعداد لمساعدتها.
    وهذه المساعدة قد تتخذ شكل حماية الممثلين الصهاينة أمام الحكومة العثمانية، وتسهيل نشاط جمعيات الهجرة ومساعدتها ماليًّا من الضرائب التي تُجبى من اليهود.
    وقد استغلَّ (هرتزل) هذه الرسالة، في أكثر من مناسبة، فيما بعد.
    ويُلاحَظ أنه لا توجد أية ديباجات رومانسية في هذا الوعد، فهو مسألة تعاقدية جافة يتحدث فيها كل طرف عن الفائدة المرجوة وعلى العائد من الصفقة. ولذا، فقد أكَّد فون بليفيه- دون مواربة أو حياء- أن الهدف هو التخلص من اليهود عامة، باستثناء الأثرياء منهم، وجاء هذا واضحاً في قوله: (...إن نجاح اليهود في إقامة دولة مستقلة لهم تستوعب عدة ملايين منهم لهو أمر نقبله وندعمه... إننا لا نريد التخلص من جميع اليهود الروس... إننا نريد فقط التخلص من المعدمين والمضطربين). وحذَّر فون بليفيه من أن التأييد الروسـي القيـصري سـيتم سحبه إن كان هـدف الصهيونية، غير المعلن، هو تحقيق تركيز قومي لليهود في روسيا، فالدعم الروسي مشروط بالتخلص من اليهود.
    وقد كان ذلك مفهوماً تماماً لدى (هرتزل) الذي أكد في مفاوضاته مع بليفيه أن الحركة الصهيونية (ستستقطب جميع اليهود وضمنهم المتطرفون (أي: العناصر الثورية التي كانت تقض مضجع الدولة الروسية القيصرية). أما إذا انهارت آمالنا، فإن الوضع سينقلب رأساً على عقب، وستكسب الأحزاب الثورية إلى صفوفها أولئك الذين سينسحبون من الصهيونية التي أُمثِّلها أنا وزملائي).
    كما أن (هرتزل) فهم تماماً تحذير بليفيه. وهكذا فإننا نجده، في المؤتمر الصهيوني السادس (1903) م, يؤكد للمجتمعين أن الحكومة الروسية لن تسبب أية مشاكل للحركة الصهيونية، ما دام نشاطها منحصراً ضمن النظام والقانون (أي: في عملية التخلص من اليهود، وتفريغ روسيا منهم). واستطاع (هرتزل) بجهد وتصميم أن يحول بين المؤتمر وبين مناقشة مذابح كيشينيف، وقد علَّق على الموضوع في رسالة بعث بها إلى بليفيه قال فيها(:  ... رغم المصاعب التي واجهتني في إدارة جلسات المؤتمر بجوها المشحون نتيجة الأحداث المؤلمة (مذابح كيشينيف)، إلا أنني نجحت في المحافظة على النظام وإعادة الهدوء إلى الجلسات.. ولا شك في أن الفضل يعود في ذلك إلى رسالتكم التي تكرمت بإرسالها في (12) أغسطس، والتي كشـفت محتوياتها؛ لأخـمد بذلك كل جـدال ثار حول تلك الأحداث).
    ويمكن أن ننظر إلى مشروع شرق أفريقيا باعتباره أحد أهم الوعود البلفورية، وهو لا يختلف كثيراً عن الوعود البلفورية التي أشرنا إليها، وإن كان أكثر جدية وأكثر تحديداً منها. كما أنه يشبه في كثير من النواحي وعد بلفور الذي صدر في نهاية الأمر.
    وقد صدر آخر الوعود البلفورية عن ألمانيا بعد صدور وعد بلفور نفسه عن إنجلترا، إذ استغل الصهاينة الوضع الدولي الناشئ عن الجمود الذي ساد جبهات القتال عام (1916) م, واتجهوا إلى حثِّ الحكومة الألمانية على إصدار بيان رسمي يتضمن العطف على الصهيونية في فلسطين.
    ولكن الحكومة الألمانية كانت لا تزال مرتبطة بتحالف مع الحكومة العثمانية. كما كانت تخشى أن يؤدي تدهور الوضع العسكري إلى أن تسارع الحكومة العثمانية بعقد صلح منفرد مع الحلـفاء. وحيث إن ألمانيا لن تضـحي بتحالفها من أجل الصهاينة، فإنها ترددت كثيراً في الاستجابة للمطلب الصهيوني.
    ثم صدر وعد بلفور نفسه عام (1917) م، وعند هذه النقطة. وحسبما جاء في دراسة الدكتور محافظة، (اندفع الصهاينة يلحون على حكومة برلين لتلبية مطالبهم مع تشكيل وزارة طلعت باشا في عام (1917) م، وحاولت الحكومة الألمانية إرضاء الصهاينة بتَدخُّلها الحاسم لإلغاء التدابير العسكرية التي فرضها جمال باشا على اليهود في فلسطين عام (1917) م. وبعد صدور تصريح بلفور، اتجه الصهاينة إلى برلين لاستصدار تصريح مماثل. كما أنتهزوا زيارة الصدر الأعظم (طلعت باشا) في مطلع يناير (1918) م، فقابله الزعيم الصهيوني ألفريد نوسيج الذي بحث معه موضوع اليهود في الدولة العثمانية (ومما يجدر ذكره أن هذا الزعيم الصهيوني أصبح عميلاً للجستابو النازي فيما بعد، كما وضع خطة لإبادة يهود أوربا.
    وقد قبض عليه ثوار جيتو وارسو. وبعد محاكمة قصيرة، نُفِّذ فيه حكم الإعدام). وطلب نوسيج باسم الصهاينة إلغاء القيود المفروضة على هجرة اليهود إلى فلسطين. فوعدهم الصدر الأعظم بأن الباب العالي سوف يعيد تنظيم الأوضاع حالما تعود القدس وجنوب فلسطين إلى السيادة العثمانية بصورة تَكفُل الرضا التام لليهود، وتحقق أمانيهم كافة.
    وقد نُشر هذا التصريح في الصحف الألمانية في اليوم التالي للقاء.  ولا يمكن أن نسمِّي هذا التصريح وعداً بلفوريًّا بمعنى الكلمة، وإن كان يقترب من ذلك.
    ومن الواضح أن ذلك يمثل إحدى الحيل التي كانت تستعملها الدولة العثمانية على ممثلي العالم الغربي، وهو فن تَملَّك العثمانيون ناصيته نظراً لضعفهم العسكري. ولكن أهمية هذا التصريح لا تكمن فيه وإنما في أنه أعطى الضوء الأخضر للدولة الألمانية.
    وقد استمرَّ الصهاينة في ضغوطهم حتى حصلوا على تصريح من وكيل وزارة الخارجية الألمانية في اليوم التالي لتصريح الصدر الأعظم، هذا نصه: (نحن نؤيد رغبة الأقليات اليهودية، في البلدان التي لهم فيها ثقافة متطورة، في أن تختط طريقها الخاص بها، ونميل إلى دعم أمانيها. أما بالنسبة إلى أماني اليهود، وبخاصة أماني الصهاينة منهم في فلسطين،
    فإن الحكومة (الألمانية) ترحب بالتصريح الذي أدلى به مؤخراً الصدر الأعظم، طلعت باشا، والذي يعبِّر عن عزم الحكومة التركية، المتفق مع نظرتها الودية نحو اليهود بوجه عام، على تنمية استقرار يهودي مزدهر في فلسطين، عن طريق الهجرة غير المُقيدة، والاستيطان ضمن قدرة البلاد الاستيعابية، وقيام حكم ذاتي يتفق وقوانين البلاد، والتطور الحر لحضارتها).  
    ويُلاحَظ أن صياغة هذا الوعد تميل نحو الإبهام الشديد، فهو يؤكد حق اليهود المندمجين في الاستمرار في اندماجهم، وهو يميِّز بينهم وبين الصهاينة الذين لهم أمان في فلسطين، حيث سيسمح لهم (باستقرار يهودي مزدهر في فلسطين)، وهي عبارة غامضة حاول الوعد تحديدها عن طريق عبارة ( قيام حكم ذاتي)، ثم عاد وعدَّلها من خـلال إضـافة عبارة (يتفق وقوانين البلاد والتطور الحر لحضارتها). ولنلاحظ أن فكرة  (قوانين البلاد) تحل محل عبارة (القانون العام) أو (القانون الدولي) التي ترد في الأدبيات الصهيونية، خصوصاً في صياغتها الهرتزلية، وهي عبارة تعني: (حسب القانون الغربي أو الاستعماري). فكأن الوعد هنا ينزع المشروع الصهيوني من سياقه الغربي، ويضعه في سياق عثماني، الأمر الذي يعني فقدانه كل معنى، فالمستوطنون الصهاينة كان معروضاً عليهم دائما أن يحصلوا على المواطنة العثمانية، ويستقروا في فلسطين كعثمانيين لا كعنصر استيطاني تابع لدولة غربية.
    والقضية لم تكن قضية عدة آلاف يهودي لا وطن لهم، أو مضطهدين في أوطانهم ويبحثون عن مأوى لهم، وإنما هي قضية غَرْس عنصر بشري غريب يتحول إلى دولة ذات تَوجُّـه غربي اسـتعماري اسـتيطاني رفض هذا الحـل.  
    وبعد صدور الوعد البلفوري الألماني، استمرَّ الصهاينة في الضغط على الدولة العثمانية. وكلَّف الصدر الأعظم- بعد عودته من برلين- النائب اليهودي التركي قاراصو بتأليف لجنة يهودية عثمانية لوضع التفاصيل العملية لإنشاء شركة ذات امتياز في إستنبول تتولَّى العمل في المناطق المأهولة باليهود لإقامة حكم ذاتي فيها. وأمر طلعت باشا بدراسة الخطة التي وضعهتا اللجنة، ووعد بتبنيها عند بَحْث شروط الصلح بعـد انتهاء الحـرب.
    وسعى الصـهاينة، انطـلاقاً من هذا الوعد، إلى الحصول على مزيد من التنازلات من الجانب العثماني، وإصدار تصريح عثماني مماثل لتصريح بلفـور. وقد تمكَّنـوا من الحصـول على هذا التصريح في (14)تمـوز (1918) م، وتشكَّلت لجنة عثمانية لوضع ما جاء فيه موضع التنفيذ.
    ويمكننا ملاحظة اختفاء الديباجات العلنية المزخرفة أو الإشارة إلى الدوافع الحقيقية، فلا توجد أية إشارة للشعب اليهودي أو أمانيه القومية أو ارتباطه الأزلي بالأرض، وإنما هي إشارة روتينية إلى (أماني الصهاينة)  وحـديث عن اسـتقرار يهودي مزدهر.
    ومقابل هذا، لا توجد أية إشارة لكره اليهود أو الرغبة في استخدامهم أو تأسيس حامية عسكرية يقطنون فيها كمادة قتالية.
    ولا شك في أن وجود العثمانيين كطرف هو الذي أفضى إلى هذا الوضع. فهم لم يتحمسوا قط للمشروع الصهيوني، بل كانوا يرونه جزءاً من المحاولة الغربية لتفتيت حكمهم ودولتهم. ومع هذا، فقد اضطروا كارهين للدخول في حوار مع الصهاينة، وتقديم بعض التنازلات بسبب تدهور الوضع العسكري العام على الجبهات كافة، وفقدان معظم فلسطين، واعتقاد الدولة العثمانية أن تحقيق بعض المطالب الصهيونية قد يُحسِّن وضعها في مؤتمر الصلح الذي كان مقبلاً.
    ويمكننا أن نقول: إن وعد بلفور هو أهم حدث في تاريخ الصهيونية وتاريخ الجماعات اليهودية في العالم، كما أن أهميته بالنسبة لفلسطين والفلسطينيين لا تخفى على أحد.

    وعـــد بلفـــور

    «وعد بلفور» هو التصريح الشهير الذي أصدرته الحكومة البريطانية عام (1917) م, تعلن فيه عن تعاطفها مع الأماني اليهودية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وحين صدر الوعد كان عدد أعضاء الجماعة اليهودية في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان.
    وقد أخذ الوعد شكل رسالة بعث بها لورد بلفور في (2) نوفمبر (1917) م, إلى اللورد إدموند دي روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك. وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
    (عزيزي اللورد روتشيلد: يسعدني كثيراً أن أنهي إليكم، نيابةً عن حكومة جلالة الملك، التصريح التالي تعاطفاً مع أماني اليهود الصهاينة التي قدَّموها، ووافق عليها مجلس الوزراء. إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وسوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. وليكن مفهوماً بجلاء أنه لن يتم شيء من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية للجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين أو بالحقوق أو الأوضاع القانونية التي يتمتع بها اليهود في أية دولة أخرى.  وسوف أكون مديناً بالعرفان لو قمتم بإبلاغ هذا التصريح إلى الاتحاد الصهيوني.
    ) إمضاء(
    وفيما يتصل بهذا النص، نلاحظ ما يلى:
    1 ـ صيغة الوعد واضحة تماماً هنا إذ تُوجَد هيئة حكومية (حكومة جلالـة الملك) تؤكد أنها تنظر بعين العطف إلى إنشـاء وطن قومي سيضم (الشعب اليهودي)، أي: أنه تم الاعتراف باليهود لا كلاجئين أو مضطهدين مساكين، كما أن الهدف من الوعد ليس هدفاً خيريًّا، ولكنه هدف سياسي (استعماري). كما أن هذه الحكومة التي أصدرت الوعد لن تكتفي بالأمنيات، وإنما سوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف. هذا هو الجوهر الواضح للوعد.
    2 ـ ثم تبدأ بعد ذلك الديباجات التي تهدف إلى التغطية، فالوعد لن يضر بمصالح الجماعات غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا بمصالح الجماعات اليهودية التي لا تود المساهمة في المشروع الصهيوني، بل تود الاستمرار في التمتع بما حققته من اندماج وحراك اجتماعي. وسنلاحظ أن الديباجات تتسم بكثير من الغموض؛ إذ إن الوعد لم يتحدث عن كيفية ضمان هذه الحقوق.
    ثم نأتي الآن للأسباب التي يوردها بعض المؤرخين (الصهاينة أو المتعاطفون مع الصهيونية) لتفسير إصدار إنجلترا لوعد بلفور. فهناك نظرية مفادها أن بلفور قد صدر في موقفه هذا عن إحساس عميق بالشفقة تجاه اليهود بسبب ما عانوه من اضطهاد، وبأن الوقت قد حان لأن تقوم الحضارة المسيحية بعمل شيء لليهود، ولذلك فإنه كان يرى أن إنشاء دولة صهيونية هو أحد أعمال التعويض التاريخية. ولكن من الثابت تاريخيًّا أن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية بين عامي (1903و1905) م, هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا؛ لرفضهم الاندماج مع السكان، واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية؛ لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده.
    وقد كان لويد جورج رئيس الوزراء لا يقل كرهاً لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، تماماً مثل تشامبرلين قبلهما، والذي كان وراء الوعد البلفوري الخاص بشرق أفريقيا.
    وينطبق الوضع نفسه على الشخصيات الأساسية الأخرى وراء الوعد، مثل جورج ملنر وإيان سمطس، وكلها شخصيات لعبت دوراً أساسيًّا في التشكيل الاستعماري الغربي.
    ويرى بعض المؤرخين أن إنجلترا أصدرت الوعد تعبيراً عن اعترافها بالجميل لوايزمان؛ لاختراعه مادة الأسيتون المحرقة أثناء الحرب العالمية الأولى، وهو تفسير تافه لأقصى حد، لا يستحق الذكر إلا لأنه ورد في بعض الدراسات الصهيونية والدراسات العربية المتأثرة بها.
    ويبدو أن وايزمان نفسه قد تقبَّل هذا التفسير بعض الوقت. ولذا حينما توترت العلاقات بين إنجلترا والمستوطنين الصهاينة في الأربعينيات، وضع وايزمان مواهبه العلمية تحت تصـرف الإمبراطـورية، متصـوراً أن بإمكانه ممارسة بعض التأثير عليها.
    وبطبيعة الحال، لم يُوفَّق وايزمان في مساعيه. وفيما يتصل بجهوده الدبلوماسية نفسها أثناء الحرب، يمكن القول بأنه كان شخصية محدودة الذكاء، فلم يدرك الأبعاد الإمبريالية للمشروع الصهيوني أو لوحشية المشروع الإمبريالي، وغير مدرك حتى لدقائق السياسة البريطانية (وهذا هو وصف موظفي الخارجية البريطانية له في تقاريرهم السرية التي تم الكشف عنها مؤخراً).
    وحينما أندلعت الحرب العالمية الأولى، كان وايزمان قد وصل لتوه إلى سويسرا في إجازة صيفية. ثم اضطر إلى العودة إلى بريطانيا، فطلب منه لويد جورج أن يقابل هربرت صمويل، فعبَّر عن خوفه من أن يكون صمويل مثل سائر يهود إنجلترا معادياً للصهيونية، ولكنه فوجئ بأن صمويل هذا صهيوني هو الآخر.
    وحينما تقدَّم بطلباته الصهيونية، أخبره صمويل بأن طلباته هذه متواضعة أكثر من اللازم، وأن عليه أن يفكر على مستوى أكبر من ذلك (ويبدو أن هرتزل لم يشف التسلليين تماماً من ضيق الأفق والفشل في إدراك عالمية الظاهرة الإمبريالية ووحشيتها).
    ثم أخبره صمويل بأن أعضاء الوزارة يفكرون في أهداف صهيونية، ودوَّن وايزمان بعد ذلك العبارة التالية: (لو كنت يهوديًّا متديناً لظننت أن عودة الماشيَّح قد دنت).
    ومع هذا، وكما سنبيِّن فيما بعد، أظهر وايزمان شيئاً من الذكاء باكتشافه بريطانيا (لا ألمانيا) باعتبارها القوة الإمبريالية الصاعدة التي يمكنها أن ترعى المشروع الصهيوني. ولعل الأمر لا يدل على ذكاء بقدر ما ينبع من وجوده في إنجلترا بالفعل، وتَحرُّكه داخل إطار المصالح البريطانية، ولعله لو وُجد في فرنسا لما أدرك شيئاً.
    وهناك نظرية تذهب إلى أن الضغط الصهيوني (واليهودي) العام هو الذي أدَّى إلى صدور وعد بلفور، ولكن من المعروف أن أعضاء الجماعات اليهودية لم يكونوا كتلة بشرية ضخمة في بلاد غرب أوربا، وهم لم يكونوا من الشعوب المهمة التي كان على القـوى العظـمى أن تساعـدها أو تعـاديها، بل كان من الممكـن تجاهلهم.
    ويمكن القول بأن أعضاء الجماعات اليهودية كانوا مصدر ضيق وحسب، ولم يكونوا قط مصدر تهديد.
    أما الصهاينة فلم تكُن لهم أية قوة عسكرية أو سياسية أو حتى مالية (فأثرياء اليهود كانوا ضد الحركة الصهيونية).
    ولكل هذا، لم يكن مفر من أن تكون المطالب الصهيونية على هيئة طلب لخدمة مصالح إحدى الدول العظمى الإمبريالية.
    ولعل أكبر دليل على أن الضغط الصهيوني أو اليهودي لا يشكل عنصراً فعالاً في عملية استصدار وعد بلفور، وأنه عنصر ثانوي على أحسن تقدير، هو نجاح الصهاينة في إنجلترا وفشلهم في ألمانيا. فقد بذل صهاينة ألمانيا جهوداً محمومة لاستصدار وعد بلفوري، وكانت توجد عنـدهم مقومـات النجـاح، ولكن كل هذا لم يُجد فتيلا:
    1 ـ بذل صهاينة ألمانيا قصارى جهدهم ليبينوا للحكومة الألمانية مدى نفع اليهود للمشروع الاستعماري الألماني، وقد كان هناك كثير من المفكرين الألمان غير اليهود يشاركون في هذه الرؤية.
    2 ـ كان عدد كبير من الزعماء الصهاينة يقف وراء ألمانيا، وكانت برلين لوقت طويل المقر الرئيسي للمنظمة.
    3 ـ كانت ألمانيا حليفة لتركيا التي كانت فلسطين تابعة لها.
    4 ـ كانت لغة المؤتمرات الصهيونية هي الألمانية، كما كانت ثقافة مؤسسي الحركة الصهيونية ألمانية.
    5 ـ كانت الجماعة اليهودية في ألمانيا مُشرَّبة بالثقافة الألمانية، وكان كثير من أعضاء النخبة الثقافية الألمانية من اليهود، وقد يسَّر هذا على اليهود الحركة داخل المجتمع الألماني.
    6 ـ كانت الجماعة اليهودية في ألمانيا ذات ثقل مالي وثقافي وسياسي كبير؛ إذ كانت أهم البنوك الألمانية في أيد يهودية.
    7 ـ اشترك أعضاء الجماعة اليهودية في ألمانيا في القوات الألمانية أثناء الحرب بأعداد تفوق نسبتهم القومية.
    8 ـ كانت القوات الألمانية في الحرب العالمية الأولى تقوم بما سمته «تحرير» بولندا وليتوانيا وغرب روسيا (مراكز الكثافة البشرية اليهودية)، واعتبرت اليهود عنصراً بشريًّا ألمانيًّا تابعاً لألمانيا.  وقد أسَّس الزعيم الصهيوني ماكس بودنهايمر لجنة لتحرير يهود روسيا عام (1914) م. وكان بين أعضائها ليو موتزكين. وقد تم إصدار نشرة بالعبرية كتب ناحوم سوكولوف افتتاحيتها. وكان أمل الصهاينة أن تستولي القوات الألمانية على غرب روسيا حيث كان يوجد معظم اليهود. ومعنى هذا أنه كان ثمة تلاق بين الآمال الصهيونية والآمال التوسعية الألمانية.
    9 ـ كانت أرستقراطية اليهود في أمريكا (كبار المموِّلين) من أصل ألماني، وقد كانت هذه الأرسـتقراطية متعـاطفة تماماً مع ألمانيا ومؤيدة لها.
    ويمكن أن نقـارن هـذا الوضع بوضـع الجماعة اليهوديـة في إنجلترا، التي كانت صغيرة العدد ومندمجة ومعادية للصهيونية، وكانت الحركة الصهيونية فيها ضعيفة للغاية.
    ومع هذا، فشل صهاينة ألمانيا في استصدار وعد بلفوري من ألمانيا. وحينما نجحوا، كان ذلك في مرحلة متأخرة من الحرب وكان وعداً باهتاً للغاية، بينما نجح صهاينة إنجلترا فيما فشل فيه صهاينة ألمانيا.
    وفي الواقع، يمكننا تفسير الفشل الصهيوني في ألمانيا، والنجاح الصهيوني في إنجلترا، لا بالقوة والضعف الذاتيين الصهيونيين،
    ولا بحجم الضغوط الصهيونية مهما كانت ضخمة ومهمة وحيوية، ولكن بالعودة إلى المصالح الإستراتيجية الغربية.
    ويبدو أن ألمانيا، بسبب علاقتها الحميمة مع تركيا، لم يكن بإمكانها أن تُصدر مثل هذا الوعد (تماماً كما كان الوضع مع إنجلترا عام (1904) م, حينما أصدرت وعد شرق أفريقيا البلفوري، ولم تذكر فلسطين من قريب أو بعيد؛ لأن علاقتها مع الدولة العثمانية لم تكن تسمح بذلك).
    ومن المعروف أن وايزمان، كي ينجح في الحصول على وعد بلفور، قطع علاقته مع اللجنة التنفيذية الصهيونية في برلين، ورفض التراسل مع زملائه في دول الوفاق Entente ورفض موقف الحياد الرسمي الذي اتخذته المنظمة. كما أنه لم يخبر المقر الرئيسي للمنظمة في كوبنهاجن بمباحثاته مع إنجلترا.
     ويُقال: إن انقسام الحركة الصهيونية لم يُعق جهوده بل ساعدها. والواقع أن نجاحه في إنجلترا، تماماً مثل الفشل الصهيوني في ألمانيا، يمكن تفسيره بإستراتيجية الإمبراطورية الإنجـليزية التي قـررت تقسيـم الدولة العثمانية واحـتلال الشرق العربي.
    ولعل ذكاء وايزمان يَكمُن في اكتشافه ذيلية الصهيونية، وحتمية الاعتماد على الإمبريالية، وصعود القوة البريطانية، فتبعها بكل قوته، وقطع كل علاقاته مع المنظمة الصهيونية ذات الجذور الألمانية والتوجه الألماني.

    --------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا - جزاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خطط اليهود المستقبلية

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 2:55 pm

    يتبع ما قبله :
    خطط اليهود المستقبلية:

    اليهود لم يكتفوا بفلسطين فقط، بل إنهم يسيرون ويعملون على تحقيق أطماعهم، وأحلامهم المستقبلية، وذلك بإقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تسيطر على العالم.
    وكما أنهم يسعون سعياً حثيثاً في سبيل رفع الحصار عنهم، فهم يعملون على إزالة حاجز النفرة بينهم وبين المسلمين باسم السلام تارة، وباسم التطبيع أخرى.
    وقد حدث شيء من ذلك، فقد حصل تطبيع بينها وبين كل الدول الدول العربية، فوجدوا بذلك الفرصة للإفساد والخراب، ونشر الرذيلة والفحشاء، كما حدث في مصر والسعوديه وألأمارات كل الدول العربيه، وهم لا يقتنعون بشيء، ولا يرضون حتى نتبعهم وندخل معهم في كل ما يريدون، وصدق الله إذ يقول -( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) [البقرة: 120]
    وقد استعملوا في ذلك شتى الطرق، واستعانوا بالنصارى وغيرهم، وجعلوهم حميراً يمتطونها؛ لتحقيق أغراضهم وأهدافهم.

    اللوبي اليهودي والصهيوني (أو جماعات الضغط الصهيونية)

    » لوبي«Lobby كلمة إنجليزية تعني: «الرواق» أو «الردهة الأمامية في فندق»،
    ولذا يُقال مثلاً: (سأقابلك في لوبي الفندق)، أي: في الردهة الأمامية التي توجد عادةً أمام مكتب الاستقبال. وتُطلَق الكلمة كذلك على الردهة الكبرى في مجلس العموم في إنجلترا، وعلى الردهة الكبرى في مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، حيث يسـتطيع الأعـضاء أن يقابلوا الناس، وحـيث تُعقَد الصـفقات فيها، كما تدور فيها المناورات والمشاورات، ويتم تبادل المصالح. وقد أصبحت الكلمة تُطلَق على جماعات الضغط (الترجمة الشائعة للمعنى المجازي لكلمة «لوبيlobby «) التي يجلس ممثلوها في الردهة الكبرى، ويحاولون التأثير على أعضاء هيئة تشريعية ما مثل مجلس الشيوخ أو مجلس النواب.
    وفعل «تو لوبيto lobby « يعني أن يحاول شخص ذو نفوذ (يستمده من ثروته أو مكانته أو من كونه يمثل جماعة تشكل مركز قوة) أن يكسب التأييد لمشروع قانون ما عن طريق مفاوضة أعضاء المجلس التشريعي في ردهته الكبرى، فيعدهم بالأصوات أو بالدعم المالي لحملاتهم الانتخابية، أو بالذيوع الإعلامي إن هم ساندوا مطالبه، وساعدوا على تحقيقها، ويهددهم بالحملات ضدهم، وبحجب الأصوات عنهم إن هم أحجموا عن ذلك. ويوجد في الولايات المتحدة أكثر من لوبي أو جماعة ضغط تمارس معظم نشاطاتها في العلن بشكل مشروع، وإن كان هذا لا يستبعد بعض الأساليب الخفية غير الشرعية (مثل الرشاوي التي قد تأخذ شكل منح نقدية مباشرة، أو تسهيلات معيَّنة، أو منح عقود، أو التهديد بنشر بعض التفاصيل أو الحقائق التي قد تسبب الحرج لأحد أعضاء النخبة الحاكمة وصانعي القرار... إلخ(
    وتوجد أشكال وأنواع من جماعات الضغط، فهناك جماعات الضغـط الإثنيـة: مثل اللوبي اليوناني أو اللوبي الأيرلندي، كما يوجد الآن لوبي عربي.
    وهناك كذلك جماعات الضغط الدينية، فهناك لوبي كاثوليكي وآخر علماني.
    ويوجد جماعات ضغط مهنية وجيلية ونفسية واقتصادية، فيوجد لوبي للمصالح البترولية، وآخر لمنتجي الألبان، وثالث لمنتجي البيض، ورابع لزارعي البطاطس، وخامس لنقابات العمال، وسادس لمنتجي التبغ، وسابع لصانعي السجائر، وثامن لمن يحاربون التدخين، وتاسع للعجائز، وعاشر للشواذ جنسيًّا (وهناك بالطبع لوبي لمن يحاربون الشذوذ الجنسي، ويدافعون عن قيم الأسرة).
    وقد أصبحت جماعات الضغط على درجة من الأهمية جعلت النظام السياسي الأمريكي أصبح يُسمَّى «ديموقراطية جماعات الضغط»، أي: أنه لم يَعُد هناك نظام ديموقراطي تقليدي يعبِّر عن مصالح الناخبين مباشرةً حسب أعدادهم (لكل رجل صوت)،
    بل أصبح النظام يعبِّر عن مقادير الضغوط التي تستطيع جماعات الضغط أن تمارسها على المشرِّعين الأمريكيين لتحديد قرارهم بشأن قضية ما، بحيث تَصدُر تشريعات وقوانين معيَّنة وتُحجَب أو تُعدَّل أخرى. فالمواطن الأمريكي لم يَعُد يمارس حقوقه الديموقراطية مباشرةً، وإنما أصبح يمارسها من خلال هذه الجماعات.
    ويُقال: إن أهم جماعات الضغط في الولايات المتحدة جماعة المدافعين عن حق المواطن الأمريكي في اقتناء الأسلحة النارية (دون ترخيص) واستخدامها للدفاع عن النفس. وهو حق يعود للجذور الاستيطانية الإحلالية للولايات المتحدة، ويشبه (حق) المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية في استخدام الأسلحة لقتل العرب (دفاعاً عن النفس).
    وتشير كلمة «لوبي»، بالمعنى المحدَّد والضيق للكلمة، إلى جماعات الضغط التي تسجل نفسها رسـميًّا باعتبارها كذلك، ولكنها، بالمعنى العام، تشير إلى مجموعة من المنظمات والهيئات وجماعات المصالح والاتجاهات السياسية التي قد لا تكون مسجلة بشكل رسمي، ولكنها تمارس الضغط على الحكام وصناع القرار. وعبارة «اللوبي اليهودي الصهيوني» في الأدبيات العربية والغربية (في كثير من الأحيان) تشير إلى معنيين اثنين:
    1 ـ اللوبي الصهيوني بالمعنى المحدَّد: تشير كلمة لوبي في هذا السياق إلى لجنة الشئون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك)، وهي من أهم جماعات الضغط، ومهمته، كما يدل اسمه، الضغط على المشرعـين الأمريكيين؛ لتأييد الدولة الصهــيونية. ويتم ذلك بعـدة سبل، من بينها تجميع الطاقات المختلفة للجمعيات اليهودية والصهيونية، وتوجيه حركتها في اتجاه سياسات وأهداف محددة عادةً تخدم إسرائيل.
    كما أن اللوبي يحاول أيضاً أن يحوِّل قوة الأثرياء من أعضاء الجماعات اليهودية (وخصوصاً القادرين على تمويل الحملات الانتخابية)، وأعضاء الجماعات اليهودية على وجه العموم (أصحاب ما يُسمَّى «الصوت اليهودي») إلى أداة ضغط على صناع القرار في الولايات المتحدة، فيلوح بالمساعدات والأصوات التي يمكن أن يحصل المرشح عليها إن هو ساند الدولة الصهيونية، والتي سيفقدها لا محالة إن لم يفعل.
    2 ـ اللوبي الصهيوني بالمعنى العام الشائع للكلمة: وهو إطار تنظيمي عام يعمل داخله عدد من الجمعيات والتنظيمات والهيئات اليهودية والصهيونية تنسق فيما بينها، من أهمها: مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، والمؤتمر اليهودي العالمي، واللجنة اليهودية الأمريكية، والمؤتمر اليهودي الأمريكي، والمجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية.
    وكل هذه المنظمات لديها ممثلون في واشنطن للتأثير على عملية صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. ورغم أن هذه المنظمات لديها أنشطة مختلفة ترتبط بالموضوعات الاجتماعية، فإنها أيضاً تعمل بشكل مباشر في الموضوعات التي ترضي إسرائيل حيث تسعى إلى الضغط على الكونجرس من خلال إرسال الخطابات إلى أعضائه، وغير ذلك من أشكال الضغط.
    وهناك أيضاً عدد من الجماعات الصهيونية التي تسعى إلى كسب تعاطف الرأي العام الأمريكي مع إسرائيل، والتي ظهرت في بداية الأمـر من أجـل السعي لإنشاء دولة إسرائيل ثم تأييدها بعد ذلك. ومن هذه المنظمات: المنظمة الصهيونية لأمريكا، والتحالف العمالي الصهيوني، والهاداساه، ومنظمة النساء الصهاينة في أمريكا. وتعمل هذه الجماعات على كسب الرأي العام عن طريق مشروعات متعددة تتراوح بين إنشاء المدارس التي تعلِّم العبرية، وإنشاء المستشفيات، وإنتاج الأفلام الموالية لإسرائيل، وتمويل رحلات الباحثين والسياسيين الأمريكيين إلى إسرائيل.
    ومن الناحية التنظيمية: تتميَّز هذه الجمعيات والمنظمات عن نظيراتها الأمريكيات بكونها تضم عضوية كبيرة، كما أن أجهزتها تتميَّز بوجود موظفين متميزين ومدربين على العمل في مجالات جماعات الضغط والتأثير. كذلك فإنها قادرة حالياً على تشجيع برامج سياسية واجتماعية غير مرتبطة دائماً بالبرنامج الصهيوني، كما أنها تملك جماعات متخصصة وقادرة على معالجة مشاكل بعينها، وتنمية شبكات للاتصال. وكذلك فإن لديهم بيروقراطية مركزية لها القدرة على الربط الدائم بين اليهود النشيطين سياسيًّا على مستوى أمريكا كلها عن طريق كل من مؤتمر الرؤساء ولجنة الشئون العامة. هذا بدوره يجعل لدى الجمــاعات الصهيونية القدرة على الرد الفوري والتعبئة السريعة وبشكل منسق على المستوى القومي، وذلك عندما تظهر موضوعات تستحق التدخل من جانب هذه الجماعات.
    وفي مجال الدعاية والتأثير على الرأي العام الأمريكي، فإن اللوبي الصهيوني بالمعنى المحدد للكلمة، وبالمعنى العام، نجح في جعله موالياً لإسرائيل بصورة عامة. وهذا النجاح لا يرجع فقط إلى الدعاية المنظمة والمؤتمرات، وإنما يرجع أيضاً لقدرة اللوبي الصهيوني على عقد تحالفات دائمة مع جماعات المصالح الأخرى، مثل العمال والمرأة والمنظمات الدينية، وتلك التي تمثل الأقليات الأخرى، وجمعيات حقوق الإنسـان، واسـتخدام هذه الجماعات للتأثير على الرأي العام والكونجرس.
    ولا يعمل اللوبي الصهيوني (بالمعنى العام الشائع) بشكل مستقل عن الحركة الصهيونية، وإنما ينسق معها. وعندما يُثار موضوع مهم، فإن قادة مؤتمر الرؤساء ولجنة الشئون العامة يحتفظون باتصال وثيق مع العاملين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن ومع المستويات العليا في الحكومة الإسرائيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كلتا المنظمتين لديها القدرة على تنسيق أنشطتها مع الجماعات الصهيونية على المستوى العالمي من خلال المنظمة الصهيونية.
    هذا هو المعنى الشائع، ولكننا سنطرح معنى ثالثاً غير شائع؛ إذ إننا نذهب إلى أن اللوبي الصهيوني لا يتكون من عناصر يهودية وحسب، وإنما يضم عناصر غير يهودية أيضاً، وهو يضم كل أصحاب المصالح الاقتصادية الذين يرون أن تفتيت العالم العربي والإسلامي يخدم مصالحهم، وأعضاء النخبة السياسية والعسكرية ممن يتبنون وجهة نظرهم. كما يضم اللوبي الصهيوني كثيراً من الليبراليين ممن كانوا يدعون إلى اتخاذ سياسة ردع نشيطة ضد الاتحاد السوفييتي(سابقاً)، وكثيراً من المحافظين الذين يرون في إسرائيل قاعدة للحضارة الغربية وقاعدة لمصالحها، كما يضم جماعات الأصوليين (الحَرْفيين) ممن يرون في دولة إسرائيل إحدى بشائر الخلاص.
    ولا يُوظِّف اللوبي اليهودي الصهيوني عناصر اليهودية والصهيونية وحسب، وإنما يُوظِّف عناصر ليست يهودية ولا صهيونية (بل قد تكون معادية لليهود واليهودية) ولكنها مع هذا تُوظِّف نفسها دفاعاً عنه وعن مصالحه، بسبب الدور الذي تؤديه الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط، وبسبب تلاقي المصالح الإستراتيجية الغربية والصهيونية.
    اللــوبي اليهــودي والصهيــوني: الأطروحـة الشائعة

    يُعَدُّ اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع) أداة ضغط فعالة في يد من يمثلون مصالح الدولة الإسرائيلية. ولا يستطيع أي دارس أن ينكر قوة اللوبي الذاتية التي يمكن تلخيص مصادرها فيما يلي:
    1 ـ يستند اللوبي اليهودي والصهيوني إلى قاعدة واسعة من الناخبين من أعضاء الجماعة اليهودية.
    2 ـ توجد بين هؤلاء الناخبين نسبة عالية من الأثرياء، يُقدَّر أنهم يتبرعون بأكثر من نصف مجموع الهبات الكبرى للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، إضافة إلى مبالغ ضخمة لحملات الحزب الجمهوري.
    3 ـ ازدادت أهمية هؤلاء الناخبين بعد الزيادة الهائلة في كلفة الحملات الانتخابية.
    4 ـ من أسباب قوة اللوبي اليهودي والصهيوني ارتفاع المستوى التعليمي لأعضاء الجماعات اليهودية.
    5 ـ يوجد عدد كبير من المثقفين الأمريكيين اليهود الذين أصبحوا جزءاً عضويًّا من النخبة الحاكمة، فهم أبناء حقيقيون للمجتمع الأمريكي لا يعيشون على هامشه أو (في مسامه) وإنما في صلبه، وهو ما يجعلهم قادرين على ممارسة الضغط والتأثير بشكل مباشر.
    6 ـ الجماعة اليهودية جماعة منظمة لدرجة كبيرة، وهذا يجعلها قادرة على مضاعفـة قوتـها، وزيادة نفوذها لدرجة لا تتناسب مع أعداد أعضائها.
    7 ـ ساعد نظام الانتخابات في الولايات المتحدة على أن يلعب اليهود دوراً ملحوظاً في الانتخابات بسبب تركُّزهم في بعض أهم الولايات التي تقرر مصير الانتخابات الأمريكية.. (نيويورك ـ كاليفورنيا ـ فلوريدا).
    8 ـ لا يهتم الناخب الأمريكي كثيراً بقضايا السياسة الخارجية ولا يفهمها كثيراً، ولذا فإن أقلية مثل الجماعة اليهودية عندها هذا الاهتمام بإسرائيل وسياسة الولايات المتحدة تجاهها يمكنها أن تمارس نفوذاً قويًّا في تحديد السياسة الخارجية الأمريكية.
    والافتراض الكامن في كثير من الأدبيات العربية أن اللوبي اليهودي الصهيوني (بالمعنى الشائع) هو الذي يؤثر في صناع القرار الأمريكي، بل يرى البعض أنه يسيطر سيطرة تامة على مراكز صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وأنه يدفع هذه السياسة في اتجاه التناقض مع المصالح القومية الأمريكية الحقيقية بما يخدم مصلحة الدولة الصهيونية (وينسب البعض للوبي مقدرات بروتوكولية رهيبة). وهذا يعني بطبيعة الحال أن اللوبي الصهيوني هو لوبي يهودي، وأن اليهود يشكلون قوة سياسية، وكتلة اقتصادية موحدة خاضعة بشكل شبه كامل للسيطرة الصهيونية، ويتحركون وفق توجيهاتها، وأن بإمكان أقلية قوامها (4,2% ) من السكان أن تتحكم في سياسة إمبراطورية عظمى مثل الولايات المتحدة.
    كما يفترض المفهوم أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة علاقة عارضة متغيرة، وليست إستراتيجية مستقرة، وأن تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل ناجم عن عملية ضغط عليها (من الخارج) تقوم به قوة مستقلة لها آلياتها المستقلة وحركياتها الذاتية ومصلحتها الخاصة، وليس نابعاً من مصالح الولايات المتحدة، أو من إدراكها لهذه المصالح.
    ويستند إدراك كثير من المنادين بمقولة قوة اللوبي الصهيوني إلى مجموعة من المقدمات المنطقية المعقولة التي تكاد تكون بدهية، ومن وجهة نظرهم فنحن إذا حكَّمنا العقل، ودرسنا الواقع بشكل موضوعي لتوصلنا إلى أنه ليس من صالح الولايات المتحدة الأمريكية أن تدخل في معركة مع الشعب العربي، بل من صالحها أن تتعاون معه في كل المجالات الممكنة؛ لأن مثل هذا التعاون سيؤدي إلى استقرار المنطقة العربية، وسيعود على الولايات المتحدة بالفائدة. فالعالم العربي يشغل موقعاً إستراتيجيًّا مهمًّا، فهو يقع في وسط أفريقيا وآسيا، وله امتداد حضاري وسكاني في كليهما، وهو شريك أوربا في حوض البحر الأبيض المتوسط، ويشكل نواة العالم الإسلامي. ولذا فمن صالح الولايات المتحدة أن تكون علاقاتها جيدة مع شعب يشغل مثل هذا الموقع الإستراتيجي، وألا يزاحمها أحد في مثل هذه المكانة. علاوة على هذا، يضم العالم العربي نسبة ضخمة من بترول العالم، ومن مخزونه الإستراتيجي المعروف، وهذا البترول ـ كما هو معروف ـ أمر حيوي بالنسبة للمنظومة الصناعية في الغرب. كما أن الأسواق العربية من أهم الأسواق من منظور تسويق السلع، وكذلك استثمار رأس المال. والعلاقة الطيبة بين الدول العربية والولايات المتحدة ستؤدي حتماً إلى تحسين صورتها لا في العالم العربي وحسب، بل في العالم الثالث بأسره.
    ولكن الولايات المتحدة، هذا البلد العقلاني الذي تحكمه معايير عملية عقلانية مادية باردة، لا تسـلك حسـب هـذه المعايير المعقولة البديهية، فهي تتمادى في تأييد إسرائيل، وتقف وراءها بكل قوة، وتستجلب على نفسها عداء العرب. مثل هذا الوضع شاذ وغير عقلاني لا يمكن تفسيره إلا بافتراض وجود قوة خارجية، ذات مقدرة ضخمة، قادرة على أن تضغط على الولايات المتحدة بحيث تتصرف، لا بحسب ما تمليه عليها مصالحها الموضوعية، وإنما حسبما تمليه عليها مصالح هذه القوة، أي: المصالح اليهودية والصهيونية والإسرائيلية التي يمثلها اللوبي اليهودي والصهيوني (بالمعنى الشائع(.
    ولكن ما لم يطرأ لمثل هؤلاء على بال هو أن من المحتمل أن الولايات المتحدة لا تدرك (مصالحها) بهذه الطريقة التي يتصورون أنها عقلانية، بل لعلها ترى أن (عدم الاستقرار أو عدم الاستقرار المحكوم) (بالإنجليزية: كونترولد إنستابيليتي (Controlled instability أفضل وضع بالنسبة لها، وأن وضع التجزئة العربية هو ما يخدم (مصالحها)، وأن إسرائيل هي أداتها في خلق حالة عدم الاستقرار المحكوم هذه، والخادم الحقيقي (لمصالحها)

    الصهيونية

    الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة، ترمي إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين تحكم من خلالها العالم كله. واشتقت الصهيونية من اسم (جبل صهيون) في القدس حيث ابتنى داود قصره بعد انتقاله من حبرون (الخليل) إلى بيت المقدس في القرن الحادي عشر قبل الميلاد. وهذا الاسم يرمز إلى مملكة داود وإعادة تشييد هيكل سليمان من جديد، بحيث تكون القدس عاصمة لها.
    وقد ارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية اليهودي النمساوي هرتزل، الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث والمعاصر، الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم.
    سبب التسمية: سميت الصهيونية بذلك نسبة إلى جبل صهيون الذي يقع جنوب بيت المقدس، ويقدسه اليهود.
    تاريخ الصهيونية:

    تاريخ الصهيونية جزء من تاريخ اليهود، والصهيونية هي امتداد لما يقوم به اليهود منذ القدم، وللصهيونية جذور تاريخية وسياسية منذ قيام حركة المكابين التي أعقبت السبي البابلي.
    ومرت بعد ذلك بمراحل كثيرة منذ تلك القرون، وذلك قبل ظهور المسيحية، وقبل ظهور الإسلام وبعده.
    وكانت مهمتها في مراحلها الأولى تحريض اليهود على العودة إلى أرض فلسطين، وبناء هيكل سليمان، وتأسيس دولة إسرائيل الكبرى.
    أما في العصر الحديث فقد بدأت نواتها الأولى عام (1806) م حين اجتمع المجلس الأعلى لليهود بدعوة من نابليون لاستغلال أطماع اليهود، وتحريضهم على مساعدته.
    والصهيونية الحديثة هي المنسوبة لـ (تيودور هرتزل) الصحفي اليهودي النمساوي (1860- 1904) م، وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم.
    وقد بدأ اليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين، وفي محاولتين لكنهم أخفقوا.
    وبعد ذلك أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عالمي في بال بسويسرا عام (1897) م، ونجح في تجميع يهود العالم حوله، كما نجح في جمع دهاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ اليهود، وهي (بروتوكولات حكماء صهيون) المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها.
    ومن ذلك الوقت بدأ حكماء اليهود يتحركون بدقة، ودهاء، وخفاء؛ لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها اليوم واضحة للعيان.
    ومما هو معروف أنه بعد انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في - بال- بدأ هرتزل جولته في العمل؛ لاحتواء السلطان عبد الحميد عن طريق الترغيب ثم الترهيب.
    وقد كان موقف السلطان عبد الحميد واضحاً صريحاً حيث قال: بلِّغوا الدكتور هرتزل ألا يبذل بعد اليوم شيئاً من المحاولة في هذا الأمر- التوطن بفلسطين- فإني لست مستعدًّا لأن أتخلى عن شبر واحد في هذه البلاد ليذهب إلى الغير، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعب روَّى ترابها بدمائهم؛ فلتحتفظ اليهود بملايينهم من الذهب.
    ثم بدأ الصهاينة من ذلك اليوم بمحاولة الإطاحة بعبد الحميد، وإزالة الخلافة الإسلامية، ثم تحقَّق لهم ما يريدون، وكان إسقاط عبد الحميد (1909) م، والتمهيد لإلغاء الخلافة عام (1924) م، وكان الذي بلغ السلطان قرار الخلع قُرَّه صُو عضو حزب الاتحاد والترقي اليهودي الأصلي.
    وقبل ذلك تمكَّن اليهود من تأليب الدول الاستعمارية على الدولة العثمانية، وإثارة السموم، والدسائس حول السلطان، ورميه بمختلف الاتهامات.
    ولم تكن الخلافة لتسقط لولا أن البدع قد انتشرت، وبدأت تدب في جسم الخلافة وتنخر فيه.
    وبالرغم من ذلك كله فإن الخلافة كانت ترهب أعداء الله، وتضع هيبة ومنعة للمسلمين.
    وكما نجح اليهود في بث الدعايات والأكاذيب على السلطان عبد الحميد، ووصفه بأنه سكير فاسق ظالم متوحش، فإنها أيضاً نجحت في إضفاء جميع صور البطولة على اليهودي مصطفى كمال الذي مثَّل رأس الأفعى اليهودية، ونفَّذ لدغتها القاتلة التي أدت إلى هدم الخلافة الإسلامية، وتمزيق الوجود السياسي للمسلمين.
    وقد كان هذا الخبيث يتظاهر بالتدين، ويصلي في مقدمة الجنود، ويتملق العلماء، وعموم المسلمين، وعندما تمكَّن نفَّذ خطته اللئيمة على النحو التالي:
    1- إلغاء الخلافة الإسلامية.
    2- فصل تركيا عن باقي أجزاء الدولة العثمانية؛ فحطم الدولة الإسلامية العظيمة.
    3- أعلن العلمانية الإلحادية.
    4- اضطهد العلماء أبشع اضطهاد، وقتل منهم العشرات، وعلقهم بأعواد الشجر.
    5- أغلق كثيراً من المساجد، وحرَّم الأذان، والصلاة باللغة العربية.
    6- أجبر الشعب على تغيير الزي الإسلامي، ولبس الزي الأوروبي.
    7- ألغى الأوقاف، ومنع الصلاة في جامع (أيا صوفيا)، وحوَّله إلى متحف.
    8- ألغى المحاكم الشرعية، وفرض القوانين الوضعية المدنية السويسرية.
    9- فرض العطلة الأسبوعية يوم الأحد، بدلاً من يوم الجمعة.
    10- ألغى استعمال التقويم الهجري، ووضع مكانه التاريخ الميلادي.
    11- حرَّم تعدد الزوجات، والطلاق، وساوى بين الذكر والأنثى في الميراث.
    12- شجع الشباب والفتيات على الدعارة، والفجور، وأباح المنكرات، بل كان قدوة في انحطاط الخلق، والفساد، وإدمان الخمر.
    13- قضى على التعليم الإسلامي، ومنع مدارس القرآن الكريم، واستبدل اللاتينية بالعربية.
    14- فتح باب تركيا لعلماء اليهود.
    هذه صورة عامة عن تاريخ الصهيونية.

    أهداف الصهيونية:

    من المعلوم أن الصهيونية حركة يهودية خالصة، أما أهدافها فهي أهداف سياسية دينية، وتلك الأهداف تتلخص فيما يلي:
    1- إثارة الحماس الديني لدى أفراد اليهود في جميع أنحاء العالم لعودتهم إلى أرض الميعاد المزعومة.
    2- هدم الأديان لإعلاء اليهودية التلمودية.
    3- حث سائر اليهود على التمسك بالتعاليم الدينية، والعبادات، والشعائر اليهودية، والالتزام بأحكام الشريعة اليهودية.
    4- إثارة الروح القتالية، والعصبية الدينية والقومية لدى اليهود؛ للتصدي للأديان، والأمم، والشعوب الأخرى.
    5- تزييف التاريخ للادعاء بوعد فلسطين.
    6- تدمير الإنسان عن طريق نظريات (فرويد) في الأخلاق، و(ماركس) في المال، و(دوركايم) في الاجتماع، و(سارتر) في أدب الانحلال والضياع.
    7- فرض المادية على الفكر البشري.
    8- محاولة تهويد فلسطين، وذلك بتشجيع الهجرة من سائر أقطار العالم إلى فلسطين.
    9- تدويل الكيان الإسرائيلي عالميًّا، وذلك بانتزاع اعتراف أكثر دول العالم بوجود دولة إسرائيل في فلسطين.
    10- متابعة وتنفيذ المخططات اليهودية العالمية السياسية، والاقتصادية خطوة خطوة، ووضع الوسائل الكفيلة بالتنفيذ السريع والدقيق لهذه المخططات، ثم التهيئة لها إعلاميًّا، وتمويلها اقتصاديًّا، ودعمها سياسيًّا.
    11- توحيد وتنظيم جهود اليهود في جميع أنحاء العالم أفراداً، أو جماعات ومؤسسات، وتحريك العملاء والمأجورين عند الحاجة لخدمة اليهود، وتحقيق مصالحهم ومخططاتهم.
    12- تطوير اللغة العبرية، والثقافة العبرية.

    التأسيس وأبرز الشخصيات:

    للصهيونية العالمية جذور تاريخية- فكرية وسياسية- تجعل من الواجب الوقوف عند الأدوار التالية:
    ـ وردت لفظة صهيون لأول مرة في العهد القديم عندما تعرض للملك داود الذي أسس مملكته (1000ـ 960) ق. م.
    ـ حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي (586ـ 538) قبل الميلاد، وأول أهدافها العودة إلى صهيون وبناء هيكل سليمان.
    ـ حركة باركوخيا (118ـ 138) م, وقد أثار هذا اليهودي الحماسة في نفوس اليهود، وحثَّهم على التجمع في فلسطين وتأسيس دولة يهودية فيها.
    ـ حركة موزس الكريتي، وكانت شبيهة بحركة باركوخيا.
    ـ مرحلة الركود في النشاط اليهودي بسبب اضطهاد اليهود وتشتتهم. ومع ذلك فقد ظل الشعور القومي عند اليهود عنيفاً لم يضعف.
    ـ حركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ (1501ـ 1532) م, وقد حثَّ اليهود على ضرورة العودة لتأسيس ملك إسرائيل في فلسطين.
    ـ حركة منشه بن إسرائيل (1604ـ 1657) م, وهي النواة الأولى التي وجَّهت خطط الصهيونية وركَّزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية.
    ـ حركة سباتاي زيفي (1626ـ 1676) م, الذي ادَّعى أنه مسيح اليهود المخلص، فأخذ اليهود في ظله يستعدون للعودة إلى فلسطين، ولكن مخلصهم مات.
    ـ حركة رجال المال التي تزعَّمها روتشيلد وموسى مونتفيوري، وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود.
    ـ الحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر.
    ـ الحركة الصهيونية العنيفة التي قامت إثر مذابح اليهود في روسيا سنة (1882) م، وفي هذه الفترة ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان (إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء).
    ـ ظهور مصطلح الصهيونية Zionism لأول مرة على يد الكاتب الألماني ناثان برنباوم سنة (1893) م.
    ـ في عام (1882) م, ظهرت في روسيا لأول مرة حركة عرفت باسم (حب صهيون)، وكان أنصارها يتجمَّعون في حلقات اسمها (أحباء صهيون)، وقد تم الاعتراف بهذه الجماعات في عام (1890) م, تحت اسم ( جمعية مساعدة الصناع والمزارعين اليهود في سوريا وفلسطين) وترأسها ليون بنسكر، واستهدفت الجماعة تشجيع الهجرة إلى فلسطين وإحياء اللغة العبرية.

    ـ الصهيونية الحديثة وهي الحركة المنسوبة إلى تيودور هرتزل الصحفي اليهودي المجري، ولد في بودابست في (2/5/1860) م, حصل على شهادة الحقوق من جامعة فينا (1878) م، وهدفها الأساسي الواضح قيادة اليهود إلى حكم العالم بدءًا بإقامة دولة لهم في فلسطين. وقد فاوض السلطان عبد الحميد بهذا الخصوص في محاولتين، لكنه أخفق، عند ذلك عملت اليهودية العالمية على إزاحة السلطان وإلغاء الخلافة الإسلامية.
    ـ وقد أقام هرتزل أول مؤتمر صهيوني عالمي سنة (1897) م، مستغلًّا محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي دريفوس الذي اتهم بالخيانة (1894) م؛ لنقله أسراراً عسكرية من فرنسا إلى ألمانيا، لكن ثبتت براءته فيما بعد، ونجح هرتزل من تصوير المأساة اليهودية- في زعمه- من خلال هذه الواقعة الفردية، وأصدر كتابه الشهير الدولة اليهودية الذي أكسبه أنصاراً لا بأس بعددهم مما شجَّعه على إقامة أول مؤتمر صهيوني في - بال- بسويسرا ( 29ـ 31/8/47) وقد علَّق عليه بقوله: (لو طلب إليَّ تلخيص أعمال المؤتمر فإني أقول بل أنادي على مسمع من الجميع: إنني قد أسست الدولة اليهودية). ونجح في تجميع يهود العالم حوله، كما نجح في جمع دهاة اليهود الذين صدرت عنهم أخطر مقررات في تاريخ العالم، وهي بروتوكولات حكماء صهيون المستمدة من تعاليم كتب اليهود المحرفة التي يقدسونها، ومن ذلك الوقت أحكم اليهود تنظيماتهم، وأصبحوا يتحرَّكون بدقة ودهاء وخفاء لتحقيق أهدافهم التدميرية التي أصبحت نتائجها واضحة للعيان في زماننا هذا.

    الأفكار والمعتقدات:

    - تستمد الصهيونية فكرها ومعتقداتها من الكتب المقدسة التي حرَّفها اليهود، وقد صاغت الصهيونية فكرها في بروتوكولات حكماء صهيون.
    - تعتبر الصهيونية جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة هي الجنسية الإسرائيلية.
    - تهدف الصهيونية إلى السيطرة اليهودية على العالم، كما وعدهم إلههم يهوه، وتعتبر المنطلق لذلك هو إقامة حكومتهم على أرض الميعاد، التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات.
    - يعتقدون أن اليهود هم العنصر الممتاز الذي يجب أن يسود، وكل الشعوب الأخرى خدم لهم.
    - يرون أن أقوم السبل لحكم العالم هو إقامة الحكم على أساس التخويف والعنف.
    - يدعون إلى تسخير الحرية السياسية من أجل السيطرة على الجماهير، ويقولون: يجب أن نعرف كيف نقدم لهم الطعم الذي يوقعهم في شباكنا.
    - يقولون: لقد انتهى العهد الذي كانت فيه السلطة للدين، والسلطة اليوم للذهب وحده، فلا بد من تجميعه في قبضتنا بكل وسيلة؛ لتسهل سيطرتنا على العالم.
    - يرون أن السياسة نقيض للأخلاق، ولا بد فيها من المكر والرياء، أما الفضائل والصدق فهي رذائل في عرف السياسة.
    - يقولون: لا بد من إغراق الأمميين في الرذائل بتدبيرنا عن طريق من نهيئهم لذلك من أساتذة وخدم وحاضنات ونساء الملاهي.
    - يقولون: يجب أن نستخدم الرشوة والخديعة والخيانة دون تردد ما دامت تحقق مآربنا.
    - يقولون: يجب أن نعمل على بثِّ الفزع الذي يضمن لنا الطاعة العمياء، ويكفي أن يشتهر عنا أننا أهل بأس شديد؛ ليذوب كل تمرد وعصيان.
    - يقولون: ننادي بشعارات الحرية والمساواة والإخاء؛ لينخدع بها الناس ويهتفوا وينساقوا وراء ما نريد لهم.
    - يقولون: لا بد من تشييد أرستقراطية تقوم على المال الذي هو في يدنا والعلم الذي اختص به علماؤنا.
    - يقولون: سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا، وسيكون تعيينهم في أيدينا، واختيارهم يكون حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدنيئة وحب الزعامة وقلة الخبرة.
    - يقولون: سنسيطر على الصحافة تلك القوة الفعالة التي توجه العالم نحو ما نريد.
    - يقولون: لا بد من توسيع الشقة بين الحكام والشعوب وبالعكس؛ ليصبح السلطان كالأعمى الذي فقد عصاه، ويلجأ إلينا لتثبيت كرسيه.
    - يقولون: لا بد من إشعال نار الخصومة الحاقدة بين كل القوى لتتصارع، وجعل السلطة هدفاً مقدساً تتنافس كل القوى للوصول إليه، ولابد من إشعال نار الحرب بين الدول، بل داخل كل دولة، عند ذلك تضمحل القوى، وتسقط الحكومات، وتقوم حكومتنا العالمية على أنقاضها.
    - يقولون: سنتقدم إلى الشعوب الفقيرة المظلومة في زي محرريها ومنقذيها من الظلم، وندعوها إلى الانضمام إلى صفوف جنودنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين والماسونيين، وبسبب الجوع سنتحكم في الجماهير، ونستخدم سواعدهم لسحق كل من يعترض سبيلنا.
    - يقولون: لا بد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه.
    - يقولون: إننا الآن بفضل وسائلنا الخفية في وضع منيع بحيث إذا هاجمتنا دولة نهضت أخرى للدفاع عنا.
    - يقولون: إن كلمة الحرية تدفع الجماهير إلى الصراع مع الله ومقاومة سنته، فلنشغلها هي وأمثالها إلى أن تصبح السلطة في أيدينا.
    - يقولون: لنا قوة خفية لا يستطيع أحد تدميرها، تعمل في صمت وخفاء وجبروت، ويتغير أعضاؤها على الدوام، وهي الكفيلة بتوجيه حكام الأمميين كما نريد.
    - يقولون: لا بد أن نهدم دولة الإيمان في قلوب الشعوب، وننزع من عقولهم فكرة وجود الله، ونحل محلها قوانين رياضية مادية؛ لأن الشعب يحيا سعيداً هانئاً تحت رعاية دولة الإيمان. ولكي لا ندع للناس فرصة المراجعة يجب أن نشغلهم بشتى الوسائل، وبذلك لا يفطنوا لعدوهم العام في الصراع العالمي.
    - يقولون: لا بد أن نتبع كل الوسائل التي تتولى نقل أموال الأمميين من خزائنهم إلى صناديقنا.
    - يقولون: سنعمل على إنشاء مجتمعات مجردة من الإنسانية والأخلاق، متحجرة المشاعر، ناقمة أشد النقمة على الدين والسياسة، ليصبح رجاؤها الوحيد تحقيق الملاذ المادية، وحينئذ يصبحون عاجزين عن أي مقاومة، فيقعون تحت أيدينا صاغرين.
    - يقولون: سنقبض بأيدينا على كل مقاليد القوى، ونسيطر على جميع الوظائف، وتكون السياسة بأيدي رعايانا، وبذلك نستطيع في كل وقت بقوتنا محو كل معارضة مع أصحابها من الأمميين.
    - يقولون: لقد بثثنا بذور الشقاق في كل مكان، بحيث لا يمكن اجتثاثه، وأوجدنا التنافر بين مصالح الأمميين المادية والقومية، وأشعلنا نار النعرات الدينية والعنصرية في مجتمعاتهم، ولم ننفك عن بذل جهودنا في إشعالها منذ (20) قرناً، ولذلك من المستحيل على أي حكومة أن تجد عوناً من أخرى لضربنا، وأن الدول لن تقدم على إبرام أي اتفاق مهما كان ضئيلاً دون موافقتنا؛ لأن محرك الدول في قبضتنا.
    - يقولون: لقد هيَّأنا الله لحكم العالم، وزوَّدنا بخصائص ومميزات لا توجد عند الأمميين، ولو كان في صفوفهم عباقرة لاستطاعوا مقاومتنا.
    - يقولون: لا بد من الانتفاع بالعواطف المتأججة لخدمة أغراضنا عوض إخمادها، ولا بد من الاستيلاء على أفكار الآخرين وترجمتها بما يتفق مع مصالحنا بدل قتلها.
    - يقولون: سنولي عناية كبرى بالرأي العام إلى أن نفقده القدرة على التفكير السليم، ونشغله حتى نجعله يعتقد أن شائعاتنا حقائق ثابتة، ونجعله غير قادر على التمييز بين الوعود الممكن إنجازها والوعود الكاذبة، فلا بد أن نكوِّن هيئات يشتغل أعضاؤها بإلقاء الخطب الرنانة التي تغدق الوعود، ولا بد أن نبثَّ في الشعوب فكرة عدم فهمهم للسياسة، وخير لهم أن يدعوها لأهلها.
    - يقولون: سنكثر من إشاعة المتناقضات، ونلهب الشهوات، ونؤجج العواطف.
    - يقولون: سننشئ ( إدارة الحكومة العليا ) ذات الأيدي الكثيرة الممتدة إلى كل أقطار الأرض، والتي يخضع لها كل الحكام.
    - يقولون: يجب أن نسيطر على الصناعة والتجارة، ونعوِّد الناس على البذخ والترف والانحلال، ونعمل على رفع الأجور وتيسير القروض ومضاعفة فوائدها، عند ذلك سيخر الأمميون ساجدين بين أيدينا.
    - يقولون: في الرسميات يجب علينا أن نتظاهر بنقيض ما نضمر، فنستنكر الظلم، وننادي بالحريات، ونندد بالطغيان.
    - يقولون: إن الصحافة جميعها بأيدينا إلا صحفاً قليلة غير محتفل بها، وسنستعملها لبث الشائعات حتى تصبح حقائق، وسنشغل بها الأمميين عما ينفعهم، ونجعلهم يجرون وراء الشهوة والمتعة.
    - يقولون: الحكام أعجز من أن يعصوا أوامرنا؛ لأنهم يدركون أن السجن أو الاختفاء من الوجود مصير المتمرد منهم، فيكونوا طاعة لنا وأشد حرصاً ورعاية لمصالحنا.
    - يقولون: سنعمل على ألا يكشف مخططنا قبل وقته، ولا نهدم قوة الأمميين قبل الأوان.
    - يقولون: نحن الذين وضعنا طريقة التصويت ونظام الأغلبية المطلقة؛ ليصل إلى الحكم كل من نريد بعد أن نكون قد هيأنا الرأي العام للتصويت عليهم.
    - يقولون: سنفكك الأسرة، وننفخ روح الذاتية في كل فرد ليتمرد، ونحول دون وصول ذوي الامتياز إلى الرتب العالية.
    - يقولون: لا يصل إلى الحكم إلا أصحاب الصحائف السود غير المكشوفة، وهؤلاء سيكونون أمناء على تنفيذ أوامرنا؛ خشية الفضيحة والتشهير، كما نقوم بصنع الزعامات وإضفاء العظمة والبطولة عليها.
    - يقولون: سنستعين بالانقلابات والثورات كلما رأينا فائدة لذلك.
    - يقولون: لقد أنشأنا قوانا الخفية لتحقيق أهدافنا، ولكن البهائم من الأمميين يجهلون أسرارها فوثقوا بها، وانتسبوا إلى محافلها، فسيطرنا عليهم وسخرناهم لخدمتنا.
    - يقولون: إن تشتيت شعب الله المختار نعمة وليست ضعفاً، وهو الذي أفضى بنا إلى السيادة العالمية.
    - يقولون: ستكون كل دور النشر بأيدينا، وستكون سجلات التعبير عن الفكر الإنساني بيد حكومتنا، وكل دار تخالف فكرنا سنعمل على إغلاقها باسم القانون.
    - يقولون: ستكون لنا مجلات وصحف كثيرة مختلفة النزعات والمبادئ، وكلها تخدم أهدافنا.
    - يقولون: لا بد أن نشغل غيرنا بألوان خلابة من الملاهي والألعاب والمنتديات العامة والفنون والجنس والمخدرات؛ لنلهيهم عن مخالفتنا أو التعرض لمخططاتنا.
    - يقولون: سنمحو كل ما هو جماعي، وسنبدأ المرحلة بتغيير الجامعات، وسنعيد تأسيسها حسب خططنا الخاصة.
    - يقولون: سنتصرف مع كل من يقف في طريقنا بكل عنف وقسوة.
    - يقولون: سنكثر من المحافل الماسونية، وننشرها في كل وسط؛ لتوسيع نطاق سيطرتنا.
    - يقولون: عندما تصبح السلطة في أيدينا لن نسمح بوجود دين غير ديننا على الأرض.

    الصهيونية هي الواجهة السياسية لليهودية العالمية، وهي كما وصفها اليهود أنفسهم (مثل الإله الهندي فشنو الذي له مائة يد) فهي لها في جلِّ الأجهزة الحكومية في العالم يد مسيطرة موجهة، تعمل لمصلحتها.
    - هي التي تقود إسرائيل وتخطط لها.
    - الماسونية تتحرك بتعاليم الصهيونية وتوجيهاتها وتخضع لها زعماء العالم ومفكريه.
    - للصهيونية مئات الجمعيات في أوروبا وأمريكا في مختلف المجالات التي تبدو متناقضة في الظاهر، لكنها كلها في الواقع تعمل لمصلحة اليهودية العالمية.
    --------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا جزاكم الله خيرا

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود أسباب نجاح الصهيونيه

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 3:17 pm

    يتبع ما قبله :

    أسباب نجاح الصهيونيه
    هناك من يبالغ في قوة الصهيونية مبالغة كبيرة جدًّا، وهناك من يهون من شأنها، والحقيقة، كما قيل: تضيع بين التهوين والتهويل.
    ومن استقرأ الواقع تبيَّن له أن اليهود يعيشون الآن فترة علوٍّ استثنائية.
    وقد حقَّقوا الكثير مما يصبون إليه، والواقع يشهد بذلك.
    ولم يكونوا ليحققوا ذلك إلا لأسباب عديدة منها:
    1- أخذهم بالأسباب.
    2- انغماس الناس في الشهوات، وركونهم للحياة الدنيا، وخصوصاً المسلمين.
    3- ترك فريضة الجهاد، وتعطيل السنن الربانية.
    4- أن هذا الاستعلاء الاستثنائي إنما هو استدراج وإملاء وإمهال من الله لهم، وهو في الوقت نفسه امتحان للمسلمين وعقوبة لهم.
    5- الخواء الروحي عند الغرب، والطغيان الكنسي.
    6- تخلِّي أمة الإسلام عن مهمتها في قوامة البشرية.
    ومن هذا المنطلق حقَّق اليهود كثيراً من أهدافهم.
    وهم عندما يضعون الخطط لا يستطيعون الجزم بتحقيقها، وغالباً ما يخفقون، إلا أنهم يضعون احتمالات كثيرة لكل عمل يعملونه.
    وما نراه الآن في هذا العالم دليل واضح على أنهم نجحوا في تنفيذ مخططاتهم.
    ومن خلال نظرة سريعة على الإعلام العالمي، والتعليم، والاقتصاد، والاجتماع، والرياضة، والفن يتبين لنا مدى نجاحهم.
    ولعل أهم هدف سعوا من أجله واجتهدوا في الحصول عليه هو استيطانهم في فلسطين، فما سبب حرصهم عليها ؟ وكيف حصلوا عليها ؟ وهل اكتفوا بها ؟ وماذا يريدون بعد ذلك ؟

    الاستيطان في فلسطين:

    تاريخ الحركة الصهيونية بعد ذلك هو تاريخ الاستيطان الصهيوني في فلسطين تحت رعاية حكومة الانتداب ومقاومة العرب لهذا الاستيطان. وقد ظهرت بعض التوترات بين القوة الاستعمارية الراعية والمستوطنين (وهو توتر يسم علاقة أية دولة راعية بالمستوطنين التابعين لها، وهو لا يعود إلى تناقض المصالح، وإنما إلى اختلاف نطاقها، فمصالح الدولة الراعية أكثر اتساعاً وعالمية من مصالح المستوطنين) ولذا فقد أصدرت الحكومة البريطانية الراعية مجموعة من الكتب البيضاء؛ لتوضِّح موقفها من المستوطنين الصهاينة ومن العرب. وقد انتقل دور الدولة الراعية من إنجلترا إلى الولايات المتحدة. ولكن كل هذه العناصر لا تغيِّر بنية الفكر الصهيوني ولا اتجاه الحركة، ولا تؤثر في المنظمة الصهيونية.
    أما بالنسبة للمنظمة الصهيونية، فبعد صدور وعد بلفور كان ضروريًّا أن يكون لها ذراعها الاستيطاني الذي يتعامل مع حقائق الموقف في فلسطين. وقد أسَّست المنظمة الصهيونية ساعدها التنفيذي المعروف باسم الوكالة اليهودية عام (1922) م، إذ نص صك الانتداب البريطاني على فلسطين على الاعتراف بوكالة يهودية مناسبة لإسداء المشورة إلى سلطات الانتداب في جميع الأمور المتعلقة بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وفي عام (1929) م، نجح وايزمان ـ رئيس المنظمة الصهيونية آنذاك ـ في إقناع أعضاء المؤتمر الصهيوني السادس عشر بضرورة توسيع الوكالة اليهودية، بحيث يتشكل مجلسها من عدد من أعضاء المنظمة وعدد مثله من غير أعضائها. وكان الغرض من ذلك استمالة أثرياء اليهود التوطينيين لتمويل المشروع الصهيوني دون إلزامهم بالانخراط في صفوف المنظمة، والإيحاء في الوقت نفسه بأن الوكالة تمثل جميع يهود العالم، ولا تقتصر على أعضاء المنظمة. وكان من شأن هذه الخطوة أن تعطي دفعة قوية للحركة الصهيونية، وتدعم الموقف التفاوضي للمنظمة الصهيونية مع الحكومة البريطانية التي كان يقلقها تصاعد الأصوات الرافضة للصهيونية في أوساط يهود بريطانيا (وقد ظلت المنظمتان تُعرَفان بالاسم نفسه على النحو التالي: المنظمة الصهيونية/الوكالة اليهودية حتى عام (1971) م, حين جرت عملية مزعومة وشكلية لإعادة التنظيم بحيث أصبحت المنظمتان منفصلتين قانونيًّا، ولكل منهما قيادة مختلفة).
    ولم يهدأ الصراع تماماً بين التوطينيين والاستيطانيين. فحتى عام (1948) م، كان الصراع يدور حول من يتحكم في المنظمة وحول تحديد أهداف المشروع الصهيوني. أما بعد عام (1948) م، فإن مجال الصراع أصبح تعريف اليهودي (الديني والعلماني) إذ حُسمت قضية التحكم في المنظمة لصالح المستوطنين تماماً، ولم يعد الصهاينة التوطينيون يهتمون به.
    رغم عدم اشتراك يهود البلاد العربية في إفراز الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، ورغم أن الصهيونية (بشقيها الشرقي والغربي) لم تتوجه إليهم بشكل خاص، ولم تحاول تجنيدهم بشكل عام وواسع قبل عام (1948) م، إلا أن إنشاء الدولة قد خلق حركيات تتخطى إرادتهم. كما أن حاجة الدولة الصهيونية إلى طاقة بشرية (بعد عزل يهود الشرق أو اختفائهم وبعد رفض يهود الغرب الهجرة) جعلها تهتم بهم وتجندهم، وتفرض عليهم في نهاية الأمر «مصيراً صهيونيًّا»، أي: الخروج من أوطانهــم. وقد استقرت أعداد كبيرة منهم في الدولة الصهيونية، وإن كان من الملحوظ أن أعداداً أكبر استقرت خارجها.
    وقد ظهرت صراعات بين دعاة الديمقراطية ودعاة الشمولية، وبين دعاة المشروع الرأسمالي الحر والنهج الاشتراكي، ولكنها صراعات لا علاقة لها بالفكر الصهيوني ولا الحركة الصهيونية، فهي صراعات داخلية بين المستوطنين، وإذا شارك فيها الصهاينة التوطينيون فإن مساهمتهم تظل ثانوية. وتعود هامشية هذه الصراعات إلى أن الولايات المتحدة تمول التجمُّع الصهيوني بأسره، بمن فيه من رأسماليين وإرهابيين وعقلاء ومجانين واشتراكيين وقتلة. فالحقيقة الأساسية هي وظيفية الدولة الصهيونية، ولذا فإن الصراعات ذات المضمون الأيديولوجي العميق أو السياسي المسطح ليست ذات أهمية كبيرة. أما الصراع بين الإشكناز والشرقيين فهو صراع عميق ومهم، ولكنه لا يؤثر في الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، فهو قضية إسرائيلية داخلية تماماً.
    وخاضت الدولة الصهيونية حروبها المتعددة ضد العرب، من حرب (1948) م, إلى حرب (1956) م, إلى حرب (1967) م, إلى حرب (1973) م, إلى اجتياح لبنان عام (1982) م, وما تبعه من توسُّع ومزيد من القمع. وتزايد الرفض الفلسطيني للدولة الاستيطانية الصهيونية والمقاومة لها.

    أزمة الصهيونية:

    تواجه الصهيونية- كفكرة وحركة ومنظمة ودولة- أزمة عميقة لعدة أسباب، من بينها انصراف يهود العالم عنها. فالصهيونية لا تعني لهم الكثير، فهم يفضلون إما الاندماج في مجتمعاتهم أو الهجرة إلى الولايات المتحدة، وقد تدهورت صورة المُستوطن الصهيوني إعلاميًّا بعد الانتفاضة؛ إذ إن هذه الدولــة الشرسـة أصبحت تسبب لهم الحرج الشـديد. وقـد أدَّى هـذا إلى أن المــادة البشـرية المُستـهدَفة ترفض الهجرة، الأمر الذي يسبب مشكلة سكانية استيطانية للمُستوطَن الصهيوني. ويُلاحَظ تزايد حركات رفض الصهيـونية، والتمـلص منها، وعدم الاكتراث بها بين يهود العالم.
    وعلى المستوى الأيديولوجي، يُلاحَظ، في عصر نهاية الأيديولوجيا وما بعد الحداثة، أن كل النظريات تتقلص ويختفي المركز، والشيء نفسه يسري على الصهيونية؛ إذ إن إيمان يهود العالم بها قد تقلَّص تماماً، ولذا فإن من يهاجر إلى إسرائيل إنما يفعل ذلك لأسباب نفعية مادية مباشرة. وفي داخل إسرائيل، تظهر أجيال جديدة تنظر إلى الصهيونية بكثير من السخرية. وعلى المستوى التنظيمي، تفقد المنظمة كثيراً من حيويتها، وتصبح أداة في يد الدولة الصهيونية، وتُقابَل اجتماعاتها بالازدراء من قبَل يهود العالم والمستوطنين في فلسطين. ولم تغيِّر اتفاقية أوسلو من الأمر كثيراً، بل لعلها تُسرع بتفاقم أزمة الصهيونية، باعتبار أن الدولة ستصبح أكثر ثباتاً واستقراراً، وستتحدد هويتها كدولة لها مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية المتشعبة التي ليس لها بالضرورة علاقة كبيرة بأعضاء الجماعات اليهودية في العالم.
    وهذه المرحلة شهدت تحول الفكرة الصهيونية، الاستيطانية الإحلالية، إلى واقع استيطانى إحلالي، إذ نجحت الدولة الصهيونية في طرد معظم العرب من فلسطين، واستبعاد من تبقَّى منهم. وأصبحت الدولة الصهيونية هي الدولة/ الشتتل أو الدولة/ الجيتو، المرفوضة من السكان الأصليين، أصحاب الأرض.
    ولكن في عام (1967) م، مع ضم المزيد من الأراضي العربية بمن عليها من بشر، تحوَّلت الدولة الصهيونية من دولة استيطانية إحلالية إلى دولة استيطانية مبنية على التفرقة اللونية (الأبارتهايد) الأمر الذي يتبدى في المعازل والطرق الالتفافية. وشهدت هذه الفترة مولد المقاومة الفلسطينية المنظمة وتصاعدها، واندلاع الانتفاضة المباركة، التى استمرت ما يزيد عن ستة أعوام، ولم تنطفئ جذوتها بعد، وهى بذلك تكون أطول حركة عصيان مدني في التاريخ.


    يتضح مما سبق:
    أن الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة ترمي لحكم العالم كله من خلال دولة اليهود في فلسطين، واسمها مشتق من اسم جبل صهيون في فلسطين، وقد قامت على تحريف تعاليم التوراة والتلمود التي تدعو إلى احتقار المجتمع البشري، وتحض على الانتقام من غير اليهود. وقد قنن اليهود مبادئهم الهدامة فيما عرف ببروتوكولات حكماء صهيون التي تحوي بحق أخطر مقررات في تاريخ العالم.


    اليهود في العصر الحديث:
    اليهود هم اليهود في عقائدهم وأخلاقهم، كما كانوا من قبل، إلا أنهم في العصر الحاضر أجمعُ شملاً، وأقوى نفوذاً، وأكثر تنظيماً، وأحكم سيطرة على مقاليد العالم، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث إنتهزوا الخواء الروحي والاقتصادي والسياسي الذي مُنِيَ به الغرب؛ فتمكنوا، وتحكموا في مقاليد الأمور هناك فكريًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، خاصة في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وروسيا.
    ثم هم وراء ابتداع وترويج النظرية الماركسية-الشيوعية- ثم تطبيقها في روسيا القيصرية، ثم تصديرها إلى شرق أوربا وبعض دول ما يسمى بالعالم الثالث.
    وكذلك قاموا بترويج النظريات الهدامة الأخرى في الاقتصاد، والسياسة، والاجتماع كنظرية التطور لدارون، ونظرية دور كايم الاجتماعية، ونظرية ميكافيلي السياسية التي ترى أن الغاية تسوغ الوسيلة.
    ولعل أبرز عمل قاموا به في هذا العصر هو احتلالهم لفلسطين بناءً على وعد بلفور عام (1335)هـ, حيث احتلوها سنة (1367)هـ، وقامت بعدها (إلى) اليوم بتوسيع رقعتها، وضم بعض الأراضي؛ سعياً في تحقيق الحلم بإقامة دولة إسرائيل الكبرى.
    وخلال تلك الفترة إلى هذا اليوم قامت إسرائيل بمجازر رهيبة جماعية وفردية, كذلك قاموا باحتلال لبنان والجولان، وأفسدوا في البلدان التي أقاموا معها جسوراً وعلاقات؛ حيث نشروا الفساد والرذيلة؛ فانتشر بذلك الانحلال، والأمراض الفتاكة كالإيدز وغيرها, كذلك انتشرت المخدرات, وعمليات التجسس.
    كما أنهم يحرصون على كل ما فيه هدم للقيم والأخلاق.
    كما أنهم يحرصون على إقامة دولتهم، وعلى جمع اليهود في شتى بقاع العالم؛ حيث قاموا بنقل يهود الفلاشا، ويهود الاتحاد السوفييتي وغيرهم إلى فلسطين.
    ولا يزالون يعيثون في الأرض فساداً، ويكررون اعتداءاتهم على الأقصى الشريف، ويذيقون أهل فلسطين ألواناً من العَسْف، والطغيان، والتسلط.
    -------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا - تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود سكان فلسطين

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أكتوبر 14, 2023 7:40 pm

    يتبع ما قبله :
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    سكان فلسطين

    سكان فلسطين ((
    فِلَسْطِين (بالعبرية: פלשתינה أو פלסטין حسب السياق، باليونانية: Παλαιστίνη) هي المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب شرق البحر المتوسط حتى وادي الأردن، وفي بعض التعاريف، يمتد التعريف ليشمل مناطق شرق نهر الأردن، تقع في غرب آسيا وتصل بشمالي أفريقيا بوقوعها وشبه جزيرة سيناء عند نقطة التقاء القارتين، مكونة الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام المتصل بمصر؛ فكانت نقطة عبور وتقاطع للثقافات والتجارة والسياسة بالإضافة إلى مركزيتها في تاريخ الأديان، ولذلك لكثير من مدنها أهمية تاريخية أو دينية، وعلى رأسها القدس. تقوم على حدود المنطقة التاريخية اليوم عدّة كيانات سياسية متراكبة: دولة إسرائيل (التي اُقيمت في حرب 1948 بعد تهجير مئات الآف الفلسطينيين من وطنهم) والضفة الغربية وقطاع غزة التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. إلى جانب السيطرة العسكرية الإسرائيلية على عموم الضفة يخضع سكان مدن المناطق المحتلة لسلطة حكم ذاتي فلسطينية تدير الشؤون المدنية للسكان منذ عام 1994 بناء على اتفاقيات أوسلو، بالإضافة إلى خضوع قطاع غزة بالكامل للسلطة الوطنية الفلسطينية منذ انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عام 2005. في عام 2007، أدى انقسام السلطة السياسية في مناطق الحكم الذاتي إلى نشوء سلطة في قطاع غزة وأخرى في مدن الضفة
    .))

    تعاقب على أرض فلسطين الكثير من الشعوب والأعراق، ومن المعروف بأن علاقة العرب بفلسطين قديمةٌ جداً.
    فالمعروف أن أقدم من سكن فلسطين هم من الشعوب السامية،(( [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الساميون (
    «سام» من الكتاب المقدس، بالعبرية: שם) هو مصطلح يصف أي مجموعة أثنية أو ثقافية أو عرقية تتحدث باللغات السامية. فلقَد اصطلح المؤرخون في هذا العصر أن يسموا الشعوب التي تتفاهم بالعربية والعبرانية والسريانية والحبشية والتي كانت تتفاهم بالفينيقية والآشورية والآرامية  «شعوباً سامية» نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام، لأن هذه الأمم جاء في التوراة أنها من نسله وسموا لغتهم اللغات السامية.
    وقد استخدم المصطلح لأول مرة في العقد 1770 من أعضاء مدرسة غوتنغن للتاريخ والذين اشتقوه من سام واحد من أبناء نوح الثلاثة في سفر التكوين. على أي حال، في علم الآثار، يُستخدم هذا المصطلح بشكل غير رسمي ليشير إلى نوع من الروابط التي جمعت الشعوب القديمة المتحدثة باللغات السامية.
    ويرى أحد الباحثين أن إطلاق تسمية «اللغات العربية» على اللغات السامية و«الأقوام العربية» على الأقوام السامية - التي يعود أصلها إلى شبه الجزيرة العربية وأطرافها - سيكون أقرب إلى الصواب، لكن اختصاص هذه الأقوام كلٌ باسمٍ معيّن سيجعل تسمية الساميّين بالعرب غير دقيقة تاريخيًا.
    ))
    وأبرزهم الكنعانيون، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    ((
    كنعان هي منطقة تاريخية سامية اللغة في الشرق الأدنى القديم، تشمل اليوم فلسطين ولبنان والأجزاء الغربية من الأردن وسورية. وكانت المنطقة مهمة سياسياً في العصر البرونزي المتأخر خلال حقبة العمارنة، كون المنطقة كانت محل نزاع الإمبراطورية المصرية والآشوريين. ذُكر الكنعانيون كجماعة إثنية كثيراً في الانجيل العبري. تم استبدال الاسم «كنعان» بـ«سورية» عقب سيطرة الإمبراطورية الرومانية على المنطقة.
    ينتمي الكنعانيون إلى عائلة الشعوب السامية، وقد استقر الكنعانيون في جنوب سوريا وفلسطين وسيطروا عليها سيطرة تامّة، حتى أنها عرفت باسم أرض كنعان أو بلاد كنعان، يعتبرهم مؤرخو العرب القدامى من العماليق، هم من الشعوب في مناطق جنوب سوريا وكذلك وهناك ساحل في منطقة عُمان جنوب الجزيرة العربية يعرف باسم كنعان. هناك عدّة نظريات حول أصل موطن الكنعانيين، ومن أشهر النظريات، بعض المؤرخين كـ«خزعل الماجدي» هي أن الكنعانيين من أكبر الموجات المهاجرة التي خرجت من شبه الجزيرة العربية، لكن يناقضها اكتشافات أن المدن الكنعانية في فلسطين أقدم من المدن الكنعانية في شبه الجزيرة العربية، وخير دليل مدينة أريحا الكنعانية التي هي أقدم مدينة في التاريخ.
    ))
    تستخدم كلمة الكنعانيين كمصطلح عرقي يشمل مختلف فئات السكان الأصليين - المجموعات المستوطنة والبدو على حد سواء -، في جميع أنحاء جنوب بلاد الشام أو كنعان. وهو إلى حد بعيد المصطلح العرقي الأكثر استخدامًا في الكتاب المقدس. في سفر يشوع، تم تضمين الكنعانيين في قائمة الأمم المطلوب إبادتها، وتم وصفهم لاحقًا بأنهم مجموعة «أهلكها الإسرائيليون»، على الرغم من أن هذه الرواية تتناقض مع النصوص التوراتية اللاحقة مثل سفر أشعيا. يلاحظ الباحث التوراتي مارك سميث أن البيانات الأثرية تشير إلى «أن الثقافة الإسرائيلية تتداخل إلى حد كبير مع الثقافة الكنعانية وتستمد منها، أي أن الثقافة الإسرائيلية إلى حد كبير كنعانية بطبيعتها».
    من القرن 7 ق م إلى القرن 4 ق م أسّس الكنعانيون مستعمرات كنعانية جديدة، امتدّت من غرب البحر الأبيض المتوسط إلى حدود السواحل الأطلسيّـة.
    ولكن هذا الأمر غير متفق عليه علميًا في نظر العديد من المؤرخين العرب. ولقد سميت هذه البلاد بأرض كنعان نسبةً إليهم،  رغم أنهم استوطنوا جزءًا من البلاد فقط، وهي المنطقة المحاذية للساحل، حيث أنشؤوا عدة مدنٍ في المناطق التي استقروا فيها، منها مجيدو    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    ((
    مچدو أو تل المتسلم، (بالعبرية: תל מגידו - تل مچدو). هي مدينة كنعانية تقع شمالي فلسطين، ويعود تاريخها إلى الألف الثالثة قبل الميلاد. تميزت مچدو في ظل الحضارة الكنعانية العريقة؛ بالبناء الحجري والأسوار الكبيرة، والقصور الفخمة، واشتهرت بصناعة النسيج والملابس ولا سيما تقدمها بمجال الزراعة. تعتبر اليوم من أهم المواقع الأثرية في فلسطين، حيث صُنفت في عام 2005 ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.
    تنبع أهمية مچدو من موقعها الاستراتيجي على الطريق التجاري والعسكري الذي يخترق جبل الكرمل من السهل الساحلي، ويتحكم بمدخل مرج ابن عامر، ويسيطر على الطريق الآتية من مصر إلى سورية. وهذا الموقع المميز أكسب المدينة مكانة مهمة عبر العصور، حيث كان مسرحًا للعديد من الأحداث في تاريخ المنطقة.
    أطلق الكنعانيون هذه التسمية على المدينة «مچدو»، بسبب موقعها على تل استراتيجي، حيث تعني هذه التسمية «موضع الجيوش ومخيمها». وقد ذُكرت مچدو في الإنجيل بسفر الرؤيا باسم «أرمجدون» عن هذا الملف استمع. وأمّا عن التسمية العربية «تل المتسلم»؛ فقد كان متسلم «لواء اللجون» أي الوالي يُقيم في «تل مچدو»، ليتمتع بالمناظر الخلابة التي كانت تطل عليه من المروج الخضراء، فسمي التل نسبة له.
    )(ومدن شكيم نابلس وكريات أربع وحبرون الخليل، واحتفظوا بالسيادة على المناطق التي استوطنوها ما يزيد عن خمسة عشر قرنًا، أي حتى نحو سنة ألف قبل الميلاد، حين تمكن بني إسرائيل وهم شعبٌ ساميٌّ آخر من احتلال البلاد واستيطانها، وعندها سميت البلاد بأرض إسرائيل نسبةً إليهم. وقد نجح بنو إسرائيل في إنشاء مملكةٍ لهم وصلت أوج مجدها وقوتها واتساعها في عهد ملكيهم داوود وسليمان، وجعلوا مدينة القدس أورشليم عاصمةً لمملكتهم ومركزًا لديانتهم. وفي أثناء عملية استيطان بني إسرائيل تعرضت البلاد لهجرة شعبٍ آخرٍ من عائلة الشعوب اليونانية التي نزحت من جزر كريت، وهم الفلسطيون أو الفلسطينيون وقد سميت البلاد فيما بعد على اسمهم فلسطين.

    انتهى حكم بني إسرائيل في المناطق التي استوطنوها سنة سبعين ميلادية، حين طردهم الرومان وخربوا لهم الهيكل، واستبدلوا اسم أورشليم بـ إيليا كابيتولينا.
    من المعروف أن البلاد خضعت للحكم الروماني منذ القرن الأول قبل الميلاد. وفي ظل الحكم الروماني ولد السيد المسيح، وبدأت المسيحية تنتشر بين السكان المحليين، خاصة بعد أن اعتنق الرومان حكام البلاد الديانة المسيحية وجعلوها الديانة الرسمية، وذلك خلال القرن الرابع ميلادي. ولقد أطلق مسيحيو الغرب اسم الأرض المقدسة على هذه البلاد.
    وفي أثناء سيطرة بني إسرائيل على البلاد، استوطنت بعض القبائل العربية فيها، وكانت في الأساس تعمل بالتجارة.
    ولقد ورد ذكر العرب في التوراة في فترة الهيكل الأول والهيكل الثاني...سفر نحميا 2 و6و8 و19 ويقسم السكان المسيحيون في الناصرة إلى طوائف مختلفة تحافظ على إطارها المستقل، كما تضم عددًا من الجماعات والفئات الطائفية المختلفة التي نشأت نتيجة تطورٍ تاريخيٍ طويلٍ.
    الفئة الأولى من المسيحيين في البلاد عامةً يرجع تاريخها للشعوب التي تواجدت في البلاد عشية الفتح الإسلامي، كالآراميين والسامريين والسوريون واليهود المتنصرين وأبناء شعوبٍ أخرى. ومنذ بداية القرن السابع بدأت عملية استعراب هؤلاء السكان مع تغلغل اللغة والعادات والحضارة والوعي العربي، وهكذا أضيفت طبقات سكانٍ جديدةٍ أثناء الحج إلى الأماكن المقدسة عند المسيحيين.
    وفي عهودٍ مختلفةٍ تجمع في البلاد أبناء طوائف مسيحية أجنبية كالأرمن والأقباط والأحباش والسوريين.

    فترات مهمة في تاريخ فلسطين
    - عام 3000 قبل الميلاد _ العصرالحجري .
    - عام 2000 قبل الميلاد _ العصر البرونزي
    - عام 300_ 539 قبل الميلاد_ احتلال الفرس للمنطقة
    - عام 333 قبل الميلاد _ احتلال الاسكندر المكدوني للبلاد
    - عام 4 _ 37 قبل الميلاد حكم هيرودس الروماني للبلاد
    - عام 4 قبل الميلاد _ ولادة السيد المسيح
    - عام 27 بعد الميلاد _ صلب المسيح بأمر من بيلاطس البنطي
    - عام 476 بعد الميلاد _نهاية الحكم الروماني وبداية الاحتلال البيزنطي
    - عام 476 _ 614 بعد الميلاد الاحتلال البيزنطي
    - عام 614 بعد الميلاد _دخول الفرس إلى البلاد تحت قيادة كسرى الثاني
    - عام 638 بعد الميلاد _ الفتح الإسلامي للبلاد
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    فتح القدس
    فتح القدس جزء من الصراع العسكري الذي وقع في 637 م الموافق 16 للهجرة بين الخلافة الراشدة الإسلامية والإمبراطورية البيزنطية. وقد بدأت عندما قام جيش المسلمين- تحت قيادة أبو عبيدة بن الجراح- بمحاصرة القدس في شوال 15 هـ الموافق نوفمبر تشرين الثاني 636 م.
    وبعد ستة أشهر، وافق البطريرك صفرونيوس على الاستسلام، بشرط قدوم الخليفة الراشدي. وفي عام 16 هـ، سافر الخليفة عمر بن الخطاب إلى القدس لتسلم مفاتيح المدينة.

    الفتح الإسلامي لمدينة القدس أكد توطيد السيطرة العربية على فلسطين والسيطرة التي لم تهدد مرة أخرى حتى الحروب الصليبية في أواخر القرن الحادي عشر وعبر القرن الثالث عشر.
    وهكذا، جاء الفتح الإسلامي تعريفا للعالم بمكانة القدس في الإسلام، كما في المسيحية واليهودية. بعد الفتح الإسلامي للقدس، سمح لليهود بزيارة وممارسة شعائرهم الدينية بحرية في القدس من قبل الخليفة عمر بعد ما يقرب من 500 سنة من طردهم من الأراضي المقدسة من قبل الرومان.

    كانت القدس مدينة مهمة من المقاطعة البيزنطية في السنوات السابقة للفتح الإسلامي.
    وفي 614 م، غزا الساسانيون تحت قيادة شهرباز المدينة أثناء الحروب الساسانية البيزنطية، وقام الفرس بنهب المدينة. ويقال أنهم ذبحوا 90000 ممن يتبعون المسيحية.
    وكان يعتقد أن اليهود، الذين تعرضوا للاضطهاد في الحكم الروماني الذي يسيطر عليهم، قاموا بمساعدة الفُرس.
    وكان الصليب الحقيقي أسر واقتيد إلى المدائن وتم استرجاعه فيما بعد من قبل الإمبراطور هرقل بعد أن انتصر على الفُرس.

    توفي الرسول صل الله عليه وسلم عام 632 م وخلفه الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، الذي أرجع السيادة على الجزيرة العربية بعد سلسلة من الحملات المعروفة باسم حروب الردة. وبدأ الفتح الاٍسلامي في الشرق من خلال غزو العراق، مقاطعة من الإمبراطورية الفارسية الساسانية.
    وعلى الجبهة الغربية، غزت جيوشه الإمبراطورية البيزنطية.

    في 634 م، توفي أبو بكر رضي الله عنه وخلفه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    وفي أيار / مايو 636 م، أطلق الإمبراطور هرقل حملة كبيرة لاستعادة الأراضي المفقودة، لكن جيشه هُزم بشكل حاسم في معركة اليرموك في 13 هـ آب / أغسطس 636 م. بعد ذلك، عقد أبو عبيدة قائد المسلمين في سوريا مجلس الحرب في أوائل أكتوبر 636 م لمناقشة الخطط المستقبلية والأهداف المتنوعة بين مدينتي قيسارية الساحلية والقدس.
    رأى أبو عبيدة أهمية هذه المدن على حد سواء، والتي قاومت كل محاولات المسلمين في الفتح. فكتب غير قادر على اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة إلى الخليفة عمر للحصول على التعليمات.
    في رده، أمر الخليفة لهم لفتح الأخير. وفقا لذلك، سار أبو عبيدة من الجابية نحو القدس. ووصل القادة والمسلمون من جميع أنحاء القدس والحامية البيزنطية انسحبت إلى المدينة المحصنة.

    الحصار
    تم تحصين القدس جيدا بعدما استعادها هرقل من الفُرس. وبعد هزيمة البيزنطيين في اليرموك، أصلح بطريرك القدس صفرونيوس دفاعاتها.
    وكان المسلمون حتى الآن لم يحاصروا المدينة. ومع ذلك، منذ 13 هـ كانت هناك قوات عربية يمكن أن تهدد كل الطرق المؤدية إلى المدينة المقدسة.
    على الرغم من أنها لم تكن محاصرة، بعد معركة اليرموك كانت في حالة حصار من المسلمين الذين استولوا على الحصون المجاورة بيلا وبصرى. وقد قطعت المدينة عن بقية سورية، وكانت مسألة أن يجري إعدادها للحصار على ما يبدو لا مفر منه.
    عندما وصل جيش المسلمين أريحا، جمع صفرونيوس الآثار المقدسة بما في ذلك الصليب الحقيقي، وأرسلها سرا إلى الساحل لأخذها للقسطنطينية. بدأت قوات المسلمين الحصار في شوال 15 هـ. وبدلا من الاعتداءات المتواصلة على المدينة قرروا المضي قدما في الحصار لاٍنهاك البيزنطيين بنقص الإمدادات حتى يمكن التفاوض على الاستسلام غير الدموي.

    وعلى الرغم من عدم تسجيل تفاصيل الحصار، يبدو أنه لم يكن دمويا والحامية البيزنطية لم تتوقع أي مساعدة من نظام هرقل المتواضع.
    بعد حصار دام أربعة أشهر، عرض صفرونيوس استسلام المدينة ودفع الجزية،
    بشرط أن يحضر الخليفة إلى القدس للتوقيع على اتفاق وقبول الاستسلام.
    يقال أنه عندما علم المسلمون بشروط صفرونيوس  اقترح شرحبيل، أحد قادة المسلمين، إرسال خالد بن الوليد على أنه الخليفة، بما أنه كان مماثلا جدا في المظهر لعمر بدلا من انتظار قدوم الخليفة من المدينة المنورة.
    لكن هذا لم ينجح ربما لأن خالد كان مشهورا جدا في الشام، أو قد يكون هناك بعض المسيحيين العرب في المدينة الذين زاروا المدينة المنورة وشاهدوا كل من عمر وخالد. وبالتالي رفض بطريرك القدس التفاوض، فكتب أبو عبيدة إلى الخليفة عمر عن الوضع، ودعاه للقدوم إلى القدس لقبول استسلام المدينة.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
    الاستسلام
    في ربيع الأول من السنة 16 هـ، وصل عمر إلى فلسطين وذهب أولا إلى الجابية، حيث استقبله أبو عبيدة وخالد بن الوليد الذي كان قد سافر مع مرافقه لاستقباله. وترك عمرو قائدا لجيش المسلمين للحصار.

    لدى وصول عمر إلى القدس، تمت صياغة العهدة العمرية.
    واستسلمت المدينة وأعطيت ضمانات الحرية المدنية والدينية للمسيحيين في مقابل الجزية. وقد وقع عليها الخليفة عمر نيابة عن المسلمين، وشهدها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان. في أواخر نيسان / أبريل 637 م، استسلمت القدس رسميا للمسلمين.

    وقد نص شرط في العهدة العمرية أن لا يسكن بإيلياء (القدس) معهم أحد من اليهود
    خطب عمر في أهل بيت المقدس قائلا: «"يا أهل إيلياء لكم ما لنا وعليكم ما علينا."»
    ثم دعاه البطريرك صفرونيوس لتفقد كنيسة القيامة، فلبى عمر دعوته، وأدركته الصلاة وهو فيها فالتفت إلى البطريرك وقال له: «"أين أصلي؟ فقال "مكانك صل" فقال: ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجدا
    وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى.
    وجاء المسلمون من بعده وبنوا في ذلك المكان مسجدا سمي بمسجد عمر.
    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    ----
    - عام 1099 _ 1100 بعد الميلاد الاحتلال الصليبي
    - عام 1187 بعد الميلاد _ سقوط الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي في قرون حطين
    - عام 1291 _1516 بعد الميلاد _الفترة المملوكية
    - عام 1516 بعد الميلاد _ الحكم العثماني
    - عام 1610 _1636 بعد الميلاد _فترة حكم فخر الدين المعني الثاني للمنطقة
    - عام 1730 بعد الميلاد _فترة حكم ظاهر العمر للجليل أثناء حكم السلطان العثماني
    - عام 1780 _1804 بعد الميلاد _ حكم أحمد باشا الجزار في الجليل
    - عام 1804 _1819 بعد الميلاد حكم سليمان باشا في عكا والناصرة
    - عام 1819 _ 1831 بعد الميلاد _ حكم عبد الله باشا _حاكم عكا
    - عام 1831 _ 1841 بعد الميلاد _حكم إبراهيم باشا
    - 20/9/1918 دخول الجيش البريطاني للناصرة في نهاية الحرب العالمية الأولى
    - 14/5/1948 جلاء الانتداب البريطاني عن البلاد وترك البلاد في حالة فوضى
    - 16/7/1948 _احتلال اليهود للناصرة حتى هذا اليوم
    وهكذا تم احتلال مناطق عديدة في فلسطين عام 1948
    -----------------------------------------------------------------------------
    أحبابنا - جزاكم الله خيرا - ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 11:42 pm