الفصل الخامسُ: أحكامُ المقابِرِ
المبحث الأوَّل: ما يُشرَعُ فِعلُه في القَبرِ
المطلب الأوَّلُ: رفْعُ القَبرِ على الأرضِ وتسنيمُه
الفرع الأول: رفْعُ القَبرِ على الأرض
يُستحَبُّ رفْعُ القبرِ على الأرضِ قَدْرَ شِبْرٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أُلْحِدَ، ونُصِبَ عليه اللَّبِنُ نَصْبًا، ورُفِعَ قَبرُه مِنَ الأرضِ نحوًا مِن شِبْرٍ))
ثانيًا: ليُعرَفَ أنَّه قبرٌ فيُتَوقَّى ويُحتَرَمَ، ويُزارَ ويُتَرَحَّمَ على صاحِبِه
الفرع الثاني: تسنيمُ القبرِ
تسنيمُ القبرِ أفضَلُ مِن تسطيحِه، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والحَنابِلَة، ووجهٌ عند الشَّافعيَّة
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن أبي بكرِ بن عياشٍ عن سفيانَ التمَّارِ، أنَّه حدَّثَه: ((أنَّه رأى قبرَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مُسَنَّمًا ))-(( تسنيمُ القَبرِ: خلافُ تسطيحِه، وهو جَعْلُه كالسَّنَامِ، و(السَّنَامُ) كُتَلٌ من الشَّحْمِ مُحَدَّبةٌ على ظهرِ الْبَعِير والنَّاقَةِ -))
ثانيًا: لأنَّ التَّسطيحَ يُشبِه أبنيَةَ أهلِ الدُّنيا
ثالثًا: لأنَّ التَّسطيحَ صار شِعارًا لأهلِ البِدَع
المطلب الثاني: تعميقُ القَبرِ وتوسيعُه
الفرع الأول: تعميقُ القَبرِ
يُستحَبُّ أن يُعَمَّقَ القَبرُ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن هِشامِ بنِ عامرٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((شَكَوْنا إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ أُحُدٍ، فقلنا: يا رسولَ الله، الحَفْرُ علينا لكُلِّ إنسانٍ؛ شديدٌ! فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: احْفِروا وأَعْمِقوا وأَحْسِنوا، وادْفِنُوا الاثنينِ والثلاثةَ في قبرٍ واحدٍ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأَمْرَ في قوله ((وأَعْمِقوا)) للاستحبابِ
ثانيًا: لأنَّ تعميقَ القبرِ أنفى لظهورِ الرائحَةِ التي تستضِرُّ بها الأحياءُ
ثالثًا: لأنَّ تعميقَ القبرِ أبعدُ لقدرةِ الوَحْشِ على نَبْشِه
الفرع الثاني: توسيعُ القبرِ
يُستحَبُّ توسيعُ القبرِ ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن عاصمِ بن كُلَيبٍ، عن أبيه، عن رجُلٍ من الأنصارِ، قال: خَرَجْنا مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في جِنازة، فرأيتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو على القبرِ يوصي الحافِرَ: ((أَوْسِعْ مِن قِبَلِ رِجْليهِ، أَوْسِعْ مِن قِبَلِ رأسِه ))
يُستحَبُّ سَتْرُ قبرِ المرأةِ بِثَوبٍ عِندَ الدَّفْن.
الأدلة:
أولًا: من الإجماع
نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ قُدامة، وابنُ مُفلح
ثانيًا: لأنَّ المرأةَ عورةٌ، ولا يُؤمَنُ أن يبدُوَ منها شيءٌ فيراه الحاضرونَ
[size=24] المطلب الأول: تجصيصُ القبرِ
يَحْرُم تجصيصُ القبرِ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، واختاره القرطبيُّ، وابنُ القَيِّم، والصَّنعانيُّ والشَّوكانيُّ، والشنقيطيُّ، وابنُ بازٍ،
وابنُ عثيمينَ، وبه أفتَتِ اللجنةُ الدَّائِمَةُ-((تجصيصُ القَبرِ: طِلاؤُه بالجِصِّ، وهو الجيرُ المَعروفُ. .))
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجصَّصَ القبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ذلك، والأصلُ في النَّهيِ التحريمُ
ثانيًا: لأنَّ هذا وسيلةٌ إلى الشِّرْك، فإنَّه إذا بُنِيَ عليها وجُصِّصَت وزُيِّنَت، عُظِّمَتْ، وربَّما أدَّى ذلك إلى أن تُعْبَدَ مِن دون اللهِ
الفرع الأول: حُكمُ البناءِ على القبرِ
يحرُمُ البناءُ
على القَبرِ، وهو قولُ ابنِ حزمٍ، والقرطبي وابنِ تيميَّة، وابن القيم والشَّوكانيِّ، والشنقيطيِّ، وابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ، والألبانيِّ
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجَصَّصَ القبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن البِناءِ على القَبرِ، والأصلُ في النهيِ التحريمُ
حديثُ أبي الهيَّاجِ الأسديِّ أنَّ عليًّا رَضِيَ اللهُ عنه قال له: ((ألَا أبعَثُكَ على ما بَعَثَني عليه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ألَّا تَدَعَ تمثَالًا إلَّا طَمَسْتَه، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَه ))
ثانيًا: لأنَّ هذا وسيلةٌ إلى الشِّرْكِ؛ فإنه إذا بُنِيَ عليها عُظِّمَتْ، وربَّما تُعْبَدُ مِن دون الله
الفرع الثاني: بناءُ المساجد على القبورِ
لا يجوزُ بناءُ المساجدِ على القبورِ، وهو مَذهَب الحَنابِلَة، وقولُ بعضِ المالِكيَّة، وبعضِ الشَّافعيَّة، واختاره ابنُ تيميَّةَ، وابنُ القَيِّم، والصنعانيُّ، والشَّوكانيُّ، والشنقيطيُّ، وابنُ بازٍ، وابنُ عثيمينَ، والألبانيُّ
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
1- قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنَّصارى؛ اتَّخَذوا قبورَ أنبيائِهم مساجِدَ. يُحَذِّرُ مثلَ ما صَنَعوا ))
2- عن عبد اللهِ بنِ الحارثِ النجرانيِّ، قال: حدَّثني جُندَبٌ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعْتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قبل أن يموتَ بخَمْسٍ وهو يقول: ((إنِّي أَبرأُ إلى اللهِ أن يكونَ لي منكم خليلٌ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد اتَّخَذني خليلًا، كما اتَّخَذَ إبراهيمَ خليلًا، ولو كنْتُ متَّخِذًا مِن أُمَّتِي خليلًا لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلًا، ألَا وإنَّ مَن كان قبلَكم كانوا يتَّخِذونَ قبورَ أنبيائِهم وصالِحِيهم مساجِدَ، ألَا فلا تتَّخِذوا القُبورَ مساجِدَ؛ إنِّي أنهاكُم عن ذلك ))
3- عن عبد الله بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((إنَّ مِن شرارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُم السَّاعةُ وهم أحياءٌ، ومَن يتَّخِذُ القبورَ مساجِدَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الاتِّخاذَ المنهيَّ عنه من معانيه بناءُ المساجِدِ عليها، وقَصْدُ الصَّلاةِ فيها
4- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، ((أنَّ أمَّ حبيبةَ وأمَّ سَلَمَة ذَكَرَتا كنيسةً رَأَيْنَها بالحبشَةِ فيها تصاويرُ، فذَكَرَتا ذلك للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: إنَّ أولئك إذا كان فيهم الرَّجُلُ الصالحُ فمات، بَنَوْا على قَبرِه مسجدًا، وصَوَّرُوا فيه تلك الصُّوَر، وأولئك شِرارُ الخلْقِ عند الله يومَ القيامةِ ))
ثانيًا: سدًّا للذَّريعةِ المؤدِّيَةِ إلى الشِّرْكِ
المطلب الثالث: الكتابةُ على القبر
اختلف أهلُ العِلْمِ في حُكمِ الكتابةِ على القَبرِ
على قولينِ:
القول الأول:
يُكْرَه أن يُكْتَبَ على القَبرِ، وهو مذهَبُ الجمهورِ : المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة وقولُ أبي يوسُفَ ومحمَّدِ بنِ الحَسَنِ من الحَنفيَّة
الأدلَّة:
أوَّلًا: من السُّنَّة
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجصَّصَ القبرُ، وأن يُقْعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه))
وقال سليمانُ بنُ موسى: ((وأن يُكْتَبَ عليه ))
ثانيًا: أنَّ الكتابةَ لم تكن معهودةً لدى السَّلَف؛ فلم يفعَلْ ذلك صحابيٌّ
ثالثًا: أنَّ الكتابةَ على القَبرِ قد تؤدِّي إلى الفَخْرِ والمباهاةِ.
القول الثاني:
لا يجوز أن يُكتَبَ على القبرِ شيءٌ، وهو قولُ الشَّوكانيِّ، وابنِ بازٍ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن جابرٍ، قال: ((نهى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجَصَّصَ القبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبنَى عليه)) وقال سليمانُ بنُ موسى: ((وأن يُكْتَبَ عليه ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّهيَ في الحديثِ للتحريمِ
ثانيًا: ولأنَّ الكتابةَ ربَّما أفضَتْ إلى عواقِبَ وخيمةٍ من الغلُوِّ وغَيرِه من المحظوراتِ الشَّرعيَّةِ
يحرُم قضاءُ الحاجةِ على القَبرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنفيَّة والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَأَنْ يجلسَ أحدُكم على جَمرةٍ فتَحْرِقَ ثِيابَه، فتخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خَيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قبْرٍ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّ البولَ والغائِطَ أشدُّ من مجرَّدِ الجلوسِ؛ فإنَّ في ذلك انتهاكًا لحرمةِ القبورِ وأصحابِها
المطلب الخامس: الجلوسُ على القبرِ ووَطْؤُه والاتِّكاءُ عليه
الفرع الأول: الجلوسُ على القبر
يحرُمُ الجلوسُ على القَبرِ، وهو مَذهَب الظَّاهريَّة، وقولُ بعضِ الشَّافعيَّة، وبعضِ الحَنابِلَة، وقالت به طائفةٌ من السَّلَف، وهو قولُ الصنعانيِّ، والشَّوكانيِّ، وابنِ باز، وابنِ عثيمينَ، والألبانيِّ
الأدلة من السُّنَّة:
1- عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَأَنْ يَجْلِسَ أحدُكم على جَمْرَةٍ فتَحْرِقَ ثيابَه، فتَخْلُصَ إلى جِلْدِه؛ خيرٌ له من أن يَجْلِسَ على قَبرٍ ))
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُجَصَّصَ القَبرُ، وأن يُقعَدَ عليه، وأن يُبْنَى عليه ))
3- عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تُصَلُّوا إلى القبورِ، ولا تَجْلِسوا عليها ))
وَجهُ الدَّلالةِ مِنَ الأحاديث:
أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن ذلك، والنَّهْيُ يقتضي التحريمَ
4- عن عمرِو بن حزمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رآني رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنا مُتَّكئٌ على قَبرٍ، فقال: لا تُؤذِ صاحِبَ القبرِ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه نُهِيَ عن أذيَّةِ المقبورِ من المؤمنينَ، وأذيَّةُ المؤمِنِ محرَّمَةٌ بنَصِّ القرآنِ
الفرع الثاني: وطءُ القبر
يَحْرُم وطءُ القبورِ، وهو قولٌ عند الحَنابِلَة، واختاره ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ
الأدلة: أوَّلًا: مِنَ السنَّةِ
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه قال: ((نهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ تُجَصَّصَ القبورُ، وأن يُكتَبَ عليها، وأن يُبنَى عليها، وأن تُوطَأَ ))
2- عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَأَنْ أَمْشِيَ على جمرةٍ أو سيفٍ أو أخْصِفَ نعلي بِرِجْلي؛ أحبُّ إليَّ من أن أَمْشِيَ على قبرٍ ))
ثانيًا: من الآثار
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (لَأَنْ أَطَأَ على جمرةٍ أحَبُّ إليَّ مِن أن أطَأَ على قبرِ رَجُلٍ مُسْلمٍ)
ثالثًا: لأنَّه امتهانٌ للمُسلمِ وهو محتَرَمٌ حَيًّا وميِّتًا
الفرع الثالث: الاتِّكاءُ على القَبرِ
يحرُمُ الاتِّكاءُ على القَبرِ، وهو قولُ بعضِ الشَّافعيَّة، وبعضِ الحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن عمرِو بنِ حَزمٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((رآنِي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنَا متكئٌ على قبرٍ فقالَ: لا تُؤْذِ صاحِبَ القبرِ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
قوله: ((لا تُؤْذِ صاحِبَ القَبرِ)) نهيٌ عن أذيَّةِ المقبورِ من المؤمنينَ، وأذيَّةُ المؤمِنِ محرَّمةٌ بنَصِّ القرآنِ
اختلف أهلُ العِلْمِ في حكمِ المشي في المقابِرِ بالنِّعال على قولين:
القول الأول:
لا يُكْرَهُ المشيُ في المقابِرِ بالنَّعلينِ والخُفَّيْنِ ونحوِهما، وهو مذهبُ الحَنفيَّةِ
ومشهورُ مَذهَب الشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد، وبه قال أكثرُ أهْلِ العِلْمِ، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال نبيُّ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ العبدَ، إذا وُضِعَ في قبره وتَوَلَّى عنه أصحابُه؛ إنَّه ليَسْمَعُ قَرْعَ نِعالِهم ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ فيه جوازُ لُبسِ النِّعالِ في المقابِرِ، ولو كان ذلك مكروهًا لبَيَّنَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم
ثانيًا: القياسُ على دخولِ المَسجِدِ بالنِّعالِ والصَّلاةِ فيها؛ فإنَّه لا يُكْرَه، فكذلك المَشْيُ بين القبورِ بها أَوْلَى بِعَدَمِ الكراهةِ
القول الثاني:
يُكره المشيُ بين القُبورِ بالنِّعالِ، وهو مذهَبُ الحَنابِلَة، وقولُ ابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
عن بشيرِ ابنِ الخصاصيَّةِ قال: ((كنتُ أمشي مع رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فمَرَّ على قبورِ المسلمينَ، فقال: لقَدْ سَبَقَ هؤلاءِ شَرًّا كثيرًا، ثم مَرَّ على قبورِ المشركينَ، فقال: لقد سَبَقَ هؤلاءِ خيرًا كثيرًا، فحانت منه التفاتَةٌ، فرأى رجلًا يمشي بين القُبورِ في نَعْلَيهِ، فقال: يا صاحِبَ السِّبتيَّتينِ أَلْقِهِما ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ هذا الرَّجُلَ بإلقاءِ نعْلَيه لَمَّا رآه يمشي بين المقابِرِ، وأقلُّ أحوالِه الندبُ، ففيه كراهةُ المشيِ بالنِّعالِ بين المقابِرِ.
ثانيًا: أنَّ خَلْعَ النعلينِ أقرَبُ إلى الخشوعِ، وزِيِّ أهلِ التواضُعِ، واحترامِ أمواتِ المسلمينَ
المطلب السابع: حُكمُ قراءةِ القرآنِ على القَبرِ
لا تُشْرَع قراءةُ القرآنِ على القَبرِ
، وهو مَذهَب المالِكيَّة، وقَوْلُ أبي حنيفة، وروايةٌ عن أحمد، واختيارُ ابنِ تيمِيَّة، وابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ
الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
1- عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها قالت: ((ألَا أُحَدِّثُكم عنِّي وعن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قلنا: بلى.. الحديث، وفيه:
قالت: قلْتُ: كيف أقولُ لهم يا رسولَ الله؟ قال: قولي: السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ من المؤمنينَ والمُسْلمينَ، ويَرْحَمُ اللهُ المُسْتَقْدمينَ مِنَّا والمُسْتَأْخرينَ، وإنَّا إن شاءَ الله بكم لَلاحقونَ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها سألَتْه عمَّا تقول إذا زارَتِ القبورَ، فعَلَّمَها السَّلامَ والدُّعاءَ، ولم يُعَلِّمْها أن تقرأَ الفاتحةَ أو غيرَها مِنَ القُرآنِ، فلو أنَّ القراءةَ كانت مشروعةً لَمَا كَتَمَ ذلك عنها، كيف وتأخيرُ البيانِ عن وقت الحاجَةِ لا يجوزُ؛ كما تقرَّرَ في عِلْمِ الأُصولِ، فكيف بالكِتمانِ ؟!
2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَجعلوا بيوتَكم مقابرَ؛ إنَّ الشيطانَ يِنفِرُ من البيتِ الذي تُقرأُ فيه سورةُ البَقَرةِ ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَغَّبَ في قراءةِ البقَرَةِ في البيتِ، ونهى عن جَعْلِها كالمقابِرِ؛ فدَلَّ على أنَّ المقابِرَ ليست مَوْضِعَ قراءةٍ
ثانيًا: لأنَّه لم يَثبُتْ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قرأ سورةً من القرآنِ أو آياتٍ منه للأمواتِ، مع كثرَةِ زيارَتِه لقبورهم، ولو كان ذلك مشروعًا لَفَعَله، وبيَّنَه لأصحابِه؛ رغبةً في الثَّوابِ، ورحمةً بالأمَّةِ، وأداءً لواجِبِ البلاغِ، فلَمَّا لم يفعَلْ ذلك مع وجودِ أسبابِه، دَلَّ على أنَّه غيرُ مشروعٍ
ثالثًا: لأنَّه لم يُنقَلْ عن أَحَدٍ من السَّلَفِ مثلُ ذلك
المطلب الثامن: إسراجُ القُبور
يَحْرُمُ إسراجُ القُبورِ -(( سئل الشيخ ابنُ باز رحمه الله: هل يجوزُ إضاءةُ المقابِرِ والطُّرُق التي بين القُبورِ؟ فأجاب: (إذا كان لمصلحةِ النَّاسِ عند الدَّفن، أو كان في السُّورِ؛ فلا بأسَ، أمَّا وَضْعُ السُّرُج والأنوارِ على القبورِ فلا يجوزُ؛ لأنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لَعَنَ زائراتِ القبورِ والمُتَّخِذينَ عليها المساجِدَ والسُّرُج. وإذا كانت الإضاءةُ في الشَّارِعِ الذي يَمُرُّ بقُربها فلا بَأْسَ، وإذا وضع لمبةً عند الحاجة تُضيءُ لهم عند الدَّفْن، أو أَتَوْا بسِراجٍ معهم لهذا الغرض؛ فلا بأس_)).
الأدلَّة:أوَّلًا: من الإجماع
نَقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ تيمِيَّةَ
ثانيًا: لأنَّ في ذلك تضييعًا للمالِ مِن غير فائدةٍ
ثالثًا: أنَّ في إسراجِ المقابِرِ تعظيمًا لها، يُشْبِه تعظيمَ الأصنامِ
المطلب التاسع: الذَّبحُ عند القبور
لا يُشْرَع الذَّبْحُ عند القَبرِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه وسيلةٌ إلى الذَّبْحِ لصاحِبِ القبرِ، والوسائِلُ لها حُكْمُ الغاياتِ في المَنعِ
ثانيًا: أنَّ الذَّبْحَ عند القَبرِ فيه رياءٌ وسُمعةٌ ومُفاخرةٌ
الصَّدَقَةُ عند القَبرِ بدعةٌ
، وهو قولُ ابنِ تَيمِيَّة، وابنِ بازٍ، والألبانيِّ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه لا دليلَ عليها، والعباداتُ توقيفيَّةٌ
ثانيًا: لأنَّ فيه رياءً وسُمْعَة
ثالثًا: لأنَّه في معنى الذَّبْحِ عند القبرِ
المطلب الحادي عشر: السَّفَر إلى القُبورِ
السَّفَرُ لزيارةِ القبورِ لا يجوزُ، سواءٌ كانت قبورَ أنبياءٍ أو غيرِهم، وهو قولُ مالكٍ وجمهورِ أصحابِه
، وقولُ بعضِ الشَّافعيَّة، وروايةٌ عند الحَنابِلَة، اختارها ابنُ عَقيل، وابنُ تيميَّة، وهو قولُ ابنِ بطَّةَ، وابنِ الأثيرِ، وابنِ عبدِ الهادي، وابنِ القَيِّم، والصنعانيِّ، وابنِ بازٍ، وابنِ عثيمينَ
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سمعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((لا تَشُدُّوا الرِّحالَ إلَّا إلى ثلاثَةِ مساجِدَ: مسجدي هذا، والمسجِدِ الحرامِ، والمسجِدِ الأقصى ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
النهيُ في الحديثِ يَعُمُّ السَّفَر إلى المساجِدِ والمشاهِدِ، وكلِّ مكانٍ يُقصَدُ السَّفَرُ إلى عَينِه للتقَرُّبِ
ثانيًا: أنَّ السَّفَر لأجل زيارةِ القُبورِ لم يَصِحَّ فيه حديثٌ عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولم يَفعَلْه السَّلَفُ من الصَّحابة والتَّابعين
المطلب الثاني عشر: وَضْعُ الجريدِ أو الزُّهورِ على القبورِ
لا يُشرَعُ وَضْعُ الجريدِ أو الزُّهورِ
على القُبورِ؛ نصَّ عليه الخطَّابيُّ، وابنُ الحاجِّ من المالِكيَّة، وأحمدُ شاكر، وابنُ بازٍ، وابنُ عثيمينَ، والألبانيُّ
وذلك للآتي:
أولًا: أنَّه لم يُكْشَفْ لنا أنَّ مَن نَضَعُ على قبره جريدًا ونحوَه؛ يُعَذَّبُ، بخلافِ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ؛ فقد كُشِفَ له عن القَبرينِ
ثانيًا: أنَّ فِعْلَ ذلك فيه إساءةٌ إلى المَيِّتِ؛ لأنَّه ظَنَّ به ظَنَّ سَوْءٍ أنَّه يُعَذَّبُ، وقد يكون مُنَعَّمًا
ثالثًا: أنَّه مخالِفٌ لهَدْيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّه لم يكُنْ يَفعَلُ ذلك في كلِّ قَبرٍ
رابعًا: أنَّه مخالِفٌ لِمَا كانَ عليه السَّلَفُ الصَّالِحُ الذين هم أعْلَمُ النَّاسِ بشريعةِ الله، فما فَعَلَ هذا أحدٌ من الصَّحابة رَضِيَ اللَّهُ عنهم
المطلب الثالث عشر: اتِّخاذُ القبورِ عيدًا
لا يجوز اتِّخاذُ القُبورِ عيدًا
الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تَجْعَلوا بيوتَكم قبورًا، ولا تَجْعَلوا قبري عيدًا، وصَلُّوا عَلَيَّ؛ فإنَّ صَلاتَكم تَبْلُغُني حيث كُنْتُم ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قَبرَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أفضَلُ قَبرٍ على وَجْهِ الأرضِ، وقد نهى عن اتِّخاذِه عيدًا؛ فَقَبرُ غيرِه أَوْلى بالنَّهْيِ كائنًا مَن كان
ثانيًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ تيميَّة
ثالثًا: سدًّا للذَّريعةِ المُؤَدِّيةِ إلى الشِّرك
رابعًا: لِمَا فيه من المفاسِدِ العظيمةِ؛ كالصَّلاة إليها، والطَّوافِ بها، وتقبيلِها، واستلامِها، وغيرِها من المفاسِدِ
المطلب الأول: نَبْشُ قبورِ المُسْلمينَ
لا يجوزُ نَبْشُ قبورِ المسلمين لغَيْرِ سببٍ شرعيٍّ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة
، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لِمَا فيه مِن هَتْكٍ لحُرْمةِ الميِّتِ
المطلب الثاني: نبشُ قبورِ الكُفَّار
الفرع الأوَّل: نبْشُ قبورِ الكفَّار الحربييِّنَ
يجوز نَبْشُ قبور الكفَّار الحربيِّينَ؛ ليُتَّخَذَ مكانَها ما فيه منفعةٌ للمُسلمين؛ كالمسجدِ وغيرِه، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنفيَّة
، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
عن أنس رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدِمَ المدينةَ... وأنَّه أَمَرَ ببناءِ المَسْجِدِ، فأرسَلَ إلى ملإٍ مِن بني النَّجَّارِ، فقال: يا بني النَّجَّارِ، ثامِنوني بحائِطِكم هذا. قالوا: لا واللهِ، لا نَطْلُبُ ثَمَنَه إلَّا إلى اللهِ. فقال أنَسٌ: فكان فيه ما أقولُ لكم: قبورُ المشركينَ، وفيه خِرَبٌ، وفيه نَخْلٌ، فأمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقبورِ المُشركينَ فنُبِشَتْ، ثُمَّ بالخِرَب فسُوِّيَتْ، وبالنَّخْلِ فقُطِعَ، فصَفُّوا النَّخْلَ قبلةَ المسجِدِ، وجعلوا عِضادَتَيْه الحجارةَ.. ))
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مَوضِعَ مَسجِدِه عليه الصَّلاةُ والسَّلام كان قبورًا للمُشْركينَ فأَمَرَ بنَبْشِها وجَعْلِها مَسجدًا
الفرع الثاني: نَبْشُ قبورِ أهْلِ الذِّمَّة
لا يجوزُ نبْشُ قبورِ أهْلِ الذِّمَّة؛ نصَّ عليه الحَنفيَّةُ، والحَنابِلَة، وابنُ بطَّالٍ من المالِكيَّة ؛ وذلك لأنَّهم أتباعُ المسلمينَ أحياءً وأمواتًا
يجوزُ نَبْشُ القبرِ إذا نُسِيَ فيه مالٌ كالخاتَمِ وغَيْرِه؛ وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة
، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ تَرْكَ ذلك معه إضاعةٌ للمالِ
اختلف العلماءُ فيما إذا دُفِنَ المَيِّتُ بغيرِ غُسْلٍ: هل يُنْبَشُ ليُغَسَّلَ أو لا؛ على قولين:
القول الأول:
إذا دُفِنَ المَيِّتُ بغيرِ غُسْلٍ؛ يُنْبَشُ ويُغَسَّل إن لم يتغَيَّرْ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّة
، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ الظاهريَّة ؛ وذلك لأنَّه واجِبٌ مقدورٌ عليه، فوَجَبَ فِعْلُه
القول الثاني:
إذا دُفِنَ المَيِّتُ بغيرِ غُسْلٍ لا يُنْبَشُ، وهو مَذهَب الحَنفيَّة، وقولُ أشهَبَ من المالِكيَّة، وقولٌ للشافعيَّة، وروايةٌ عن أحمد ؛ وذلك لأنَّه مُثْلَةٌ، وقد نُهِيَ عنها
وما زلنا أحبابنا .. تابعونا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي : زيارةُ القبورِ وأحكامُها
أمس في 5:30 pm من طرف عبدالله الآحد
» الذبح لغير الله شرك
الأربعاء أبريل 17, 2024 7:29 am من طرف عبدالله الآحد
» أهل السنة ليسو خوارج
الثلاثاء أبريل 16, 2024 8:01 pm من طرف عبدالله الآحد
» اعمال رَمَضَانَ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ
الإثنين أبريل 15, 2024 11:48 pm من طرف صادق النور
» لا بد من توحيد الله في الاعتقاد والعمل كذلك
الأحد أبريل 14, 2024 8:21 pm من طرف عبدالله الآحد
» الاستقامة على الطاعة بعد رمضان
الأحد أبريل 14, 2024 6:06 pm من طرف صادق النور
» حكم الحلف بغير الله تعالى
السبت أبريل 13, 2024 7:46 am من طرف عبدالله الآحد
» صِيَامُ أَلَسْتُ مِنْ شَوَّالٍ جَوَائِز وَفَوَائِد .
الجمعة أبريل 12, 2024 10:39 pm من طرف صادق النور
» كفر من يحكم بغير ما أنزل الله
الجمعة أبريل 12, 2024 8:09 pm من طرف عبدالله الآحد
» التصوف من صور الجاهلية لمحمد الجامي رحمه الله
الجمعة أبريل 12, 2024 12:02 am من طرف عبدالله الآحد