آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشرك سيظهر في هذه الأمة بعد إخفائه واندحاره
الصوفية أو التصوف Ooou110اليوم في 2:19 pm من طرف عبدالله الآحد

» فضل توحيد الله سبحانه
الصوفية أو التصوف Ooou110أمس في 3:20 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب الدعوة إلى توحيد الله سبحانه
الصوفية أو التصوف Ooou110الخميس نوفمبر 21, 2024 3:00 pm من طرف عبدالله الآحد

» كتاب الترجيح في مسائل الطهارة والصلاة
الصوفية أو التصوف Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» وجوب التوكل على الله وخده لا شريك له
الصوفية أو التصوف Ooou110الأربعاء نوفمبر 20, 2024 3:26 pm من طرف عبدالله الآحد

» أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها
الصوفية أو التصوف Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 5:24 pm من طرف عبدالله الآحد

» العبادة وأركانها
الصوفية أو التصوف Ooou110الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 2:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» الراجح من أقوال العلماء أن جلسة الاستراحة سنة في الصلاة
الصوفية أو التصوف Ooou110الإثنين نوفمبر 18, 2024 2:31 pm من طرف عبدالله الآحد

» -(( 3 -))- خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
الصوفية أو التصوف Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 10:15 pm من طرف صادق النور

» لا يعلم الغيب إلا الله وحده لا شريك له
الصوفية أو التصوف Ooou110الأحد نوفمبر 17, 2024 3:12 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الصوفية أو التصوف Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 39 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 39 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10132 مساهمة في هذا المنتدى في 3408 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 311 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو Pathways فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الصوفية أو التصوف

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:41 pm


    الصوفية أو التصوف

    الصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد مراتب الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان، مقام التربية والسلوك، مقام تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل، الذي هو الركن الثالث من أركان الدين الإسلامي الكامل بعد ركني الإسلام والإيمان، وقد جمعها حديث جبريل، وذكرها ابن عاشر في منظومته (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين)، وحث أكثر على مقام الإحسان، لما له من عظيم القدر والشأن في الإسلام.

    قال أحمد بن عجيبة: «مقام الإسلام يُعبّر عنه بالشريعة، ومقام الإيمان بالطريقة، ومقام الإحسان بالحقيقة. فالشريعة: تكليف الظواهر. والطريقة: تصفية الضمائر. والحقيقة: شهود الحق في تجليات المظاهر. فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده». وقال أيضاً: «مذهب الصوفية: أن العمل إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى مقام الإسلام، وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة يُسمى مقام الإيمان، وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يُسمى مقام الإحسان».

    والإحسان كما تضمنه حديث جبريل هو: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده - كغيره من العلوم - جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بـ علم التصوف، وعلم التزكية، وعلم الأخلاق، وعلم السلوك، أو علم السالكين إلى الله، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية لابن عطاء الله السكندري، قواعد التصوف للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري، والتعرف لمذهب أهل التصوف للإمام أبي بكر الكلاباذي وغيرها.

    ومعنى التصوف الحقيقي كان في الصدر الأول من عصر الصحابة ، فالخلفاء الأربعة كانوا صوفيين معنى، ويؤكد ذلك كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني - أحد مشاهير المحدثين - فقد بدأ كتابه الحلية بصوفية الصحابة، ثم أتبعهم بصوفية التابعين، وهكذا.

    انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل: الجنيد البغدادي، وأحمد الرفاعي، وعبد القادر الجيلاني، وأبو الحسن الشاذلي، وأبو مدين الغوث، ومحي الدين بن عربي، وشمس التبريزي، وجلال الدين الرومي، والنووي، والغزالي، والعز بن عبد السلام كما القادة مثل: صلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، والأمير عبد القادر، وعمر المختار، وعز الدين القسام.

    نتج عن كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة في طرق التصوف إلى عدد من الممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي للهجوم باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام.

    تعريف التصوف
    من حيث اللغة
    تعددت الأقوال في الأصل اللغوي لكلمة الصوفية، فمنهم من قال إنها ليست عربية، ذكر القشيري في كتابه الرسالة: «أنه ليس لهذا الاسم أصل في اللغة العربية»، وقد أرجعها الباحثون والمؤرخون المختصون في علوم الديانات القديمة، إلى أصل يوناني، هو كلمة: (سوفيا)، ومعناها الحكمة. وأول من عرف بهذا الرأي: البيروني وذكر محمد جميل غازي، الذي قال: «الصوفية كما نعلم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف. وذكروا المستشرقون بأن أنَّ كلمة «الثيوصوفيا» -الكلمة اليونانيَّة- يقولون: '' هذه هي الأصل كما ينقل كاتبها ماسينيون عن عدد المستشرقين؛ بأنَّ أصل التصوف: هو مشتق مِن الثيوصوفية '' وهذه الثيوصوفية كما يذكر -أيضًاً- عبد الرحمن بدوي، وينقل عن مستشرق ألماني فول هومر قوله: '' إن هناك علاقة بين الصوفية، وبين الحكماء العراة مِن الهنود '' ويكتب باللغة الإنجليزية جانيوسوفستز و«سوفستز» يعني: الصوفيين، هؤلاء إذا ربطنا هذه مع الثيوصوفية -أي: الصوفية- التي نقول «الثيو» معناها في لغتهم: الله عز وجل، فمثلاً الحكم الثيوقراطي يعنى: الحكم الإلهي، والثيوصوفية أي: عشاق الله، أو محبو الله سبحانه وتعالى الفيلسوفي هذا: عاشق الحكمة «فيلا» معناها: حكمة، أو محب الحكمة. وذكر أبو الريحان البيروني وهو أحد العلماء الذين ذهبوا للهند وكتبوا عن جغرافيتها وأدينها وعلومها، أن أصل الكلمة مؤؤخوذ من الهندية والهندية أخذتها من اليونانية فقد قال: «ومنهم مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليه، وأنَّ ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حقٍّ، والحقُّ هو الواحد الأول فقط، وهذا رأي السوفية - كتبها بالسين - وهم الحكماء، فإنَّ سوف باليونانية: [الحكمة] وبها سمي الفيلسوف: بيلاسوفا، أي: محب الحكمة، ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم -أي: رأي حكماء الهند -سُمُّوا باسمهم- أي: الصوفية- ولم يَعرف اللقبَ بعضُهم فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك، فصُيِّر مِن صوف التيوس...». وذكر أيضًا إن الصوفية هم حكماء الهند، وأنَّ اسمهم هو «السوفية»، وأنَّ ما يُطلق عليهم مِن الأسماء، أو ما حدث للاسم مِن التصحيف - فقيل: إنَّه مِن الصوف أو غير ذلك - هذا ليس له حقيقة.

    وقال البعض بأنها عربية الأصل وهي على عدة أقوال، أشهرها:

    أنه من الصوفة، لأن الصوفي مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله سبحانه وتعالى.

    أنه من الصِّفة، إذ أن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها.
    أنه من الصُفَّة، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم.
    أنه من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله؛ وتسابقهم في سائر الطاعات.
    أنه من الصوف، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والاخشيشان.
    أنه من الصفاء، فلفظة «صوفي» على وزن «عوفي»، أي: عافاه الله فعوفي، وقال أبو الفتح البستي رحمه الله:
    صوفية
    تَنَازَعَ النَّاسُ فِي الصُّوفِيِّ وَاخْتَلَفُوا وَظَنَّهُ الْبَعْضُ مُشْتَقًّا مِنَ الصُّوفِ
    وَلَسْتُ أَمْنَحُ هَذَا الْاِسْمَ غَيْرَ فَتًى صَفَا فَصُوفِيَ حَتَّى سُمِّيَ الصُّوفِي

    وسُئل الشبلي: لم سميت الصوفية بهذا الاسم؟ فقال: هذا الاسم الذي أُطلق عليهم، اختُلِف في أصله وفي مصدر اشتقاقه، ولم ينته الرأي فيه إلى نتيجة حاسمة بعد. ويقول القشيري: «وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر فيه أنه كاللقب». وقال ابن تيمية أنهم ينسبون في رواية إلى صوفة بن أدبن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك. وكرأي آخر، يقول الشيخ ابن الجوزي في محاولته التي اعتبرها علماء آخرون تقليلاً من شأن التصوف الإسلامي، ذكر في كتابه تلبيس إبليس: يُنسب الصوفيين إلى (صوفة بن مرة) والذي نذرت له والدته أن تعلقه بأستار الكعبة فأطلق اسم (صوفي) على كل من ينقطع عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط.

    وقال محمد متولي الشعراوي أنّ الصوفيّة منْ أصل صافى وصوفِيَ إليه: أي بادله الإخاء والمودّة، وتكونُ بتقرّب العبْد لربّه بالحُب والطّاعة ويُصافيه الله بقرْبه وكرامته، فنقول:الذي صوفِي مِن اللَّهِ جل جلاله.

    ويقول الداعية محمد هداية: التصوف بمعناه اللغوي أي التزهد فنحن يجب أن نكون هكذا، أما التصوف بمعنى الشرك بالله وما يتبعه من مظاهر مثل مسح عتبات المساجد والصلاة في مساجد معينة فهو ليس من الإسلام في شئ.

    من حيث الاصطلاح

    كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، كل منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها:

    قول زكريا الأنصاري: التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية.
    قول الشيخ أحمد زروق: التصوف علم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله سبحانه وتعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول «علم التوحيد» لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان. وقال أيضا: وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين مرجع، كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هي وجوه فيه.
    قول الجنيد: التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني.
    قول أبو الحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية.
    قول ابن عجيبة: التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة.

    النشأة والتاريخ

    أصل التصوف
    يُرجع الصوفية أصل التصوف كسلوك وتعبد وزهد في الدنيا وإقبال على العبادات واجتناب المنهيات ومجاهدة للنفس وكثرة لذكر الله إلى عهد رسول الإسلام محمد وعهد الصحابة، وأنه يستمد أصوله وفروعه من تعاليم الدين الإسلامي المستمدة من القرآن والسنة النبوية. وكوجهة نظر أخرى، يرى بعض الناس أن أصل التصوف هو الرهبنة البوذية، والكهانة المسيحية، والشعوذة الهندية فقالوا: هناك تصوف بوذي وهندي ومسيحي وفارسي. بينما يرفض الصوفية المسلمون تلك النسبة ويقولون بأن التصوف ما هو إلا التطبيق العملي للإسلام، وأنه ليس هناك إلا التصوف الإسلامي فحسب.

    بداية ظهور اسم الصوفية

    يقول القشيري: «اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم «الصحابة»، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين «الزهاد» و«العُبَّاد»، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهادًا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم «التصوف»، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة».

    ويقول محمد صديق الغماري: «ويعضد ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب «ولاة مصر» في حوادث سنة المائتين: «إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف». وكذلك ما ذكره المسعودي في «مروج الذهب» حاكيًا عن يحيى بن أكثم فقال: «إن المأمون يومًا لجالس، إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، فعلمت أنه بعض الصوفية». فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في «كشف الظنون» أن أول من سمي بالصوفي «أبو هاشم الصوفي» المتوفى سنة خمسين ومئة».

    ظهور التصوف كعلم

    بعد عهد الصحابة والتابعين رحمهم الله، دخل في دين الإسلام أُمم شتى وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ فقام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحو في الصدر الأول ـ علم الفقه، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض «الميراث» وغيرها. وبعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله عز وجل بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، من باب سد النقص، واستكمال حاجات الدين في جميع نواحي النشاط.

    وكان من أوائل من كتب في التصوف من العلماء:

    الحارث المحاسبي، المتوفى سنة 243 هـ، ومن كتبه: بدء من أناب إلى الله، وآداب النفوس، ورسالة التوهم.
    أبو سعيد الخراز، المتوفى سنة 277 هـ، ومن كتبه: الطريق إلى الله.
    أبو عبد الرحمن السلمي، المتوفى سنة 325 هـ، ومن كتبه: آداب الصوفية.
    أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي، المتوفي سنة 378 هـ، وله كتاب: اللمع في التصوف.
    أبو بكر الكلاباذي، المتوفي سنة 380 هـ، وله كتاب: التعرف على مذهب أهل التصوف.
    أبو طالب المكي، المتوفى سنة 386 هـ، وله كتاب: قوت القلوب في معاملة المحبوب.
    أبو قاسم القشيري، المتوفى سنة 465 هـ، وله الرسالة القشيرية، وهي من أهم الكتب في التصوف.
    أبو حامد الغزالي، المتوفى سنة 505 هـ، ومن كتبه: إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، بداية الهداية، وغيرها الكثير. ويعد كتاب إحياء علوم الدين من أشهر -إن لم يكن الأشهر- كتب التصوف ومن أجمعها.
    وشهدت الصوفية بعد جيل الجنيد قفزة جديدة مع الإمام الغزالي خاصة كتابه إحياء علوم الدين محاولة لتأسيس العلوم الشرعية بصياغة تربوبة، تلاه اعتماد الكثير من الفقهاء أبرزهم عبد القادر الجيلاني للصوفية كطريقة للتربية الإيمانية، ويبدو أن الجيلاني وتلاميذه الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق العربي حافظوا على الجذور الإسلامية للتصوف بالتركيز على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل الحارث المحاسبي، والدليل على ذلك أن حتى ابن تيمية رغم الهجوم الضاري الذي يشنه على الصوفية في عصره، لا يرى بأساً في بعض أفكار التصوف ويمتدح أشخاصا مثل عبد القادر الجيلاني وأحمد الرفاعي. وينسب المؤرخين لهذه المدارس الصوفية المنتشرة دورا كبيرا في تأسيس الجيش المؤمن الذي ساند صلاح الدين في حربه ضد الصليبيين.

    ظهور التصوف كطرق ومدارس

    يرجع أصل الطرق الصوفية إلى عهد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان يخصّ كل من الصحابة بورد يتفق مع درجته وأحواله:

    أما الصحابي أبو بكر، فقد أخذ عنه الذكر بالاسم المفرد (الله).
    وأما الصحابي علي بن أبي طالب، فقد أخذ من النبى الذكر بالنفي والإثبات وهو (لا إله إلا الله).
    ثم أخذ عنهما من التابعين هذه الأذكار وسميت الطريقتين: بالبكرية والعلوية. ثم نقلت الطريقتين حتى التقتا عند الإمام أبوالقاسم الجنيد. ثم تفرعتا إلى الخلوتية، والنقشبندية. واستمر الحال كذلك حتى جاء الأقطاب الأربعة السيد أحمد الرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وشيّدوا طرقهم الرئيسية الأربعة وأضافوا إليها أورادهم وأدعيتهم. وتوجد اليوم طرق عديدة جدًا في أنحاء العالم ولكنها كلها مستمدة من هذه الطرق الأربعة. إضافة إلى أوراد السيد أبو الحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية والتي تعتبر أوراده جزءًا من أوراد أي طريقة موجودة اليوم.

    الطرق الصوفية

    الطريق لغة: هي «السيرة»، وطريقة الرجل: مذهبه، يقال: هو على طريقة حسنة وطريقة سيئة.

    واصطلاحاً: اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة الله جل جلاله، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية نسبة لرجالاتها. وقد أخذ اسم الطريقة من القرآن: وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا.

    تختلف الطرق التي يتبعها مشايخ الطرق في تربية طلابهم ومريديهم باختلاف مشاربهم وأذواقهم الروحية، وباختلاف البيئة الاجتماعية التي يظهرون فيها. فقد يسلك بعض المشايخ طريق الشدة في تربية المريدين فيأخذونهم بالمجاهدات العنيفة ومنها كثرة الجوع والصيام والصمت والسهر وكثرة الخلوة والاعتزال عن الناس وكثرة الذكر والتفكر. وقد يسلك بعض المشايخ طريقة اللين في تربية المريدين فيأمرونهم بممارسة شيء من الصيام وقيام مقدار من الليل وكثرة الذكر، ولكن لا يلزمونهم بالخلوة والابتعاد عن الناس إلا قليلاً. ومن المشايخ من يتخذ طريقة وسطى بين الشدة واللين في تربية المريدين. وكل هذه الأساليب لا تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، كما يقولون، بل هي من باب الاجتهاد. ولذلك يقولون:

    صوفية لِلَّهِ طَرَائِقٌ بِعَدَدِ أَنْفَاسِ الْخَلَائِقِ صوفية
    وللطرق الصوفية شارات وبيارق وألوان يتميزون بها: فيتميز الرفاعية باللون الأسود. ويتميز القادرية باللون الأخضر. ويتميز الرحمانية باللون البرتقالي. ويتميز الأحمدية باللون الأحمر. أما البرهانية فإنها لا تتميز بلون واحد كسائر الطرق بل تتميز بثلاث ألوان: الأبيض الذي تميز به إبراهيم الدسوقي، والأصفر الذي تميز به أبو الحسن الشاذلي ومنحه لابن أخته إبراهيم الدسوقي، والأخضر وهو كناية عن شرف الانتساب لأهل بيت نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

    التصوف والجهاد

    جهاد النفس هو أحد أدوات التصوف في صناعة الشخصية الإسلامية، ويسمونه «الجهاد الأكبر»، كما يسمون جهاد الأعداء بـ «الجهاد الأصغر»، وقد ظهر من الصوفية مجاهدون كثر عبر تاريخ المسلمين قديماً وحديثاً، وأكثر ما يكون ظهورهم في أوقات الاستعمار ونوازل الأمة الإسلامية
    التصوف وعلم الكلام
    إذا نظرنا إلى طبيعة كل من علم الكلام والتصوف، فإننا نجد أن طبيعة علم الكلام نظرية، إذ يبحث في الأصول الاعتقادية كوجود الله سبحانه وتعالى ووحدانيته وإرساله الرسل واليوم الآخر، بينما طبيعة علم التصوف عملية، فإذا بحثنا عن طبيعة التصوف فإننا يمكن أن نستخلصها من تعريف التصوف، ونجد هناك عدة تعريفات للتصوف يمكن إيجازها فيما يلي:

    اتجاه أخلاقي يربط التصوف بالسلوك والأخلاق فيقول البعض في تعريف التصوف: «الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق دني» وأيضا «التصوف خلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء».
    اتجاه يربط بين التصوف والزهد والعبادة، وهذا الاتجاه يهتم بالوسيلة التي يتخذها المتصوف، ولقد عرف بين الصوفية الزهاد والنساك، يقول ابن خلدون: «إن أصل طريقة المتصوفة لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة».
    اتجاه ثالث يربط بين التصوف والمعرفة والمشاهدة ورؤية القلب وهو يعبر عن الاتجاه الروحي، والتجربة النفسية التي يحياها المتصوف، فالصوفي: «من صفى ربه قلبه، فامتلأ قلبه نوراً، ومن دخل في عين اللذة بذكر الله».
    وعلى هذا يتبين أن طبيعة التصوف عملية تهتم بالأخلاق والسلوك، وبذلك تفترق عن المسلك النظري لعلم الكلام. وهناك فرق آخر بين العلمين، يتعلق بالعلم والمعرفة وأداة المعرفة البشرية، فلقد فرق معظم الصوفية بين المعرفة والعلم، فالمعرفة تتطلب اتصالاً مباشراً، وهذا يعني أن معرفة الله معرفة مباشرة، العارف هو الإنسان والمعروف هو الله، وهذه المعرفة مباشرة دون واسطة إلا ذات المعروف نفسه وهو الله. أما لفظة العلم فلا يصح أن تكون مرادفة للفظ المعرفة عند الصوفية لأن العلم إنما يقوم على الحس أولاً، ثم يقوم على العقل ثانياً، فالمنهج في العلم حسي تجريبي عقلي، والتصوف لا يعول على الحس ولا يركن إلى العقل، إنما الصوفية أرباب أحوال وأصحاب أذواق وأحاسيس من قبيل الوجدانيات التي لا تعرف بعقل أو شيء من قبيل العقل إنما هي معرفة بالقلب، وهي لا تستمد من تجربة ولا معلم ولا كتاب، وإنما معرفة عن تجربة ذوقية باطنية، ومعرفة القلب الذي يعرف ويشاهد، لأنه هو الذي تذوق وهو الذي تحقق. والعلم بمعناه الصوفي الروحي يختلف عن علم الظاهر مثل علم الكلام والفقه والنحو وغير ذلك من العلوم، إذ كل ذلك من قبيل الدراسة، بينما عند الصوفية هو معرفة، وليس علماً يتدراس بين الخلق، ولا علم تستمد عناصره من العالم الطبيعي المحسوس، إنما هو معرفة أو عرفان. وعلى هذا يمكن القول بأن معرفة الله عند الصوفية طريقها القلب، إذ أن الإنسان لا يستطيع أن ينال المعرفة الإلهية بواسطة حواسه، لأن الله ليس شيئاً مادياً يمكن إدراكه بالحواس، كما لا يمكن إدراك ذات الله تعالى بالعقل أيضاً، لأن الله وجوده غير محدود، ولا يدخل في الفهم والتصور ولا يستطيع منطق العقل البشري أن يتجاوز المحدود، فيذكر أبو بكر الكلاباذي قول الصوفية بأن السبيل معرفة الله هو الله، وأن العقل مُحدث، ولا يدل المحدث إلا على مُحدث مثله.

    ويوضح الغزالي طريق الصوفية في المعرفة فيقول: «فاعلم أن ميل أهل التصوف إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية فلذلك لم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه المصنفون والبحث عن الأقاويل والأدلة المذكورة، بل قالوا: الطريق تقديم المجاهدة ومحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، ومهما حصل ذلك كان الله هو المتولى لقلب عبده والمتكفل له بتنويره بأنواه العلم، وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة وأشرق النور في القلب، وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكوت، وانقشع عن القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية، فليس على العبد إلا بالاستعداد بالتصفية المجردة وإحضار الهمة مع الإرادة الصادقة والتعطش التام والترصد بدوام الانتظار لما يفتحه الله من الرحمة».

    ومن هذا النص يمكننا أن نستخلص سمة المعرفة، من حيث أنها تتصل بالتجربة وبالسلوك العلمي أكثر من اتصالها بالفكر والنظر إذ أنها تقوم على التجربة التي يخوضها الصوفي، ومعاناته لتلك التجربة، وهذا هو الدور الإيجابي للصوفي، ثم يحل عليه الفضل الإلهي ليريه الله ما شاء له أن يريه، وهذا المنهج يعرف عند الصوفية منهج الكشف والإلهام وهو منهج ذوقي، وإدراك مباشر يختلف عن الإدراك الحسي المباشر، والإدراك العقلي المباشر، والكشف هو بيان ما يستتر على الفهم فيكشف عنه للعبد كأنه رأي عين. ويصفه الغزالي بأنه نور يقذفه الله في القلب، وهو سبيل الوصول إلى اليقين، فيقول مبيناً وصوله إلى اليقين بعد الشك: «ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور يقذفه الله في الصدر، وذلك النور هو مفتاح أكثر المعارف، فمن ظن أن الكشف موقوف على الأدلة المجردة، فقد ضيق رحمة الله الواسعة». وهذا المنهج يقابل منهج النظر العقلي، الذي يقول به المتكلمون، وهو في رأي الغزالي يعد أعلى مرتبة وأرقى مناهج المعرفة، فهناك الإنسان العامي الذي يقوم منهجه في المعرفة على التقليد، وهناك المتكلم الذي يقوم منهجه على الاستدلال العقلي، وهو في رأي الغزالي قريب من منهج العوام، وهناك العارف الصوفي الذي منهجه المشاهدة بنور اليقين، وعلى هذا فالمعرفة الصوفية في تدرج أنواع المعرفة تعد أعلاها، فهي تنطوي على معرفة العوام والمتكلمين وتتجاوزها.

    ويمكن القول بأن الصوفية يقولون بتدرج المعرفة وفقاً لموضوعات المعرفة، فمعرفة الله سبحانه وتعالى هي أعلى المعارف وهي تدرك عندهم بالقلب، أما دون ذلك من المعارف فإدراكه بالحس وبالعقل وبالسمع، في حين يرفض المتكلمون تلك المعرفة الإلهامية لأنها ذاتية وليست موضوعية، وليست عامة مطلقة، وليست متيسرة لكل الناس، وعلى كل فإن منهج الصوفية في المعرفة وهو الإلهام مقابل لمنهج المتكلمين في المعرفة وهو النظر، ولقد عارض المتكلمون بشدة بعض أقوال الصوفية القائلين بالحلول والاتحاد. وعلى الرغم من تباين طبيعة علم الكلام والتصوف، واختلاف أداة المعرفة بينهما، إلا أن ذلك لا يعني الانفصال التام بينهما، وذلك لاستناد التصوف على القرآن والسنة، وأنه لابد للصوفي الحقيقي من علم كامل بالكتاب والسنة الصحيحة لكي يصحح اعتقاداته، ويقول الإمام عبد الوهاب الشعراني في تعريفه لعلم التصوف أنه: «علم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة، والتصوف إنما هو زبدة عمل العبد بأحكام الشريعة». وعلم الكلام هو العلم الذي يبحث في أمور العقائد ويعتمد على الكتاب والسنة. ونجد لدى الصوفية كما يذكر عنهم أبو بكر الكلاباذي في كتابه «التعرف لمذهب أهل التصوف» أقوال في موضوعات علم الكلام، فيذكر قولهم في التوحيد والصفات والقدر وغير ذلك من الموضوعات التي خاص فيها المتكلمون، وطريقتهم في ذلك تجري في الغالب على طريقة متكلمي أهل السنة من ماتريدية وأشاعرة.
    ****************************
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    لا تنسونا من صالح دعائكم



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:43 pm



    اتباعهم للقرآن والسنة
    يرى أئمة التصوف أنهم متبعون للكتاب والسنة، وأن علمهم هذا كباقي العلوم الإسلامية من الفقه والعقيدة مستمد من الكتاب والسنة، دل على اعتقادهم بذلك أقوالهم، والتي منها:

    قول الجنيد: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام.» وقال أيضا:«من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.».
    قول سهل التستري:.«أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسوله، وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق.»
    قول أبو الحسن الشاذلي:«إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام».
    قول أبو الحسين الوراق: «لا يصل العبد إِلى الله إِلا بالله، وبموافقة حبيبه في شرائعه، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد».
    قول عبد الوهاب الشعراني: «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون».
    قول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فقال: «هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة، وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى: لبيك اللهم لبيك».
    ويستدلون أيضا على صحة توجههم بمواقف أئمة المذاهب السنية الأربعة الداعية إلى التصوف بمعناه الصحيح. أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الإسلام محمد.

    مصطلحات الصوفية

    إِن لكل علم من العلوم كالفقه والحديث والمنطق والنحو والهندسة والفلسفة اصطلاحات خاصة به، لا يعلمها إِلا أصحاب ذلك العلم، ومن قرأ كتب علم من العلوم دون أن يعرف اصطلاحاته، أو يطلع على رموزه وإِشاراته، فإِنه يؤول الكلام تأويلات شتى مغايرة لما يقصده العلماء، ومناقضة لما يريده الكاتبون فيتيه ويضل.

    وللصوفية اصطلاحاتهم التي قامت بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك. فبسبب ذلك دعى الصوفية من يريد الفهم عنهم إلى صحبتهم حتى تتضح لهم عباراتهم، ويتعرفوا على إِشاراتهم ومصطلحاتهم. قال بعض الصوفية: «نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقنا». وقال عبد الوهاب الشعراني: سمعت سيدي عليًا الخواص يقول: «إِياك أن تعتقد يا أخي إِذا طالعت كتب القوم، وعرفت مصطلحهم في ألفاظهم أنك صرت صوفيًا، إِنما التصوف التخلق بأخلاقهم، ومعرفة طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلَّوْا بها من الكتاب والسنة».

    وإِن كلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم ولا يعرف اصطلاحاتهم من قراءة كتبهم ليس من قبيل كتم العلم، ولكن خوفاً من أن يفهم الناس من كتبهم غير ما يقصدون، وخشية أن يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإِنكار والاعتراض، شأن من يجهل علماً من العلوم. لأن المطلوب من المؤمن أن يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام وما يتفق مع مستواهم في العلم والفهم والاستعداد. فمن هذه المصطلحات:

    الأنس: قال الجنيد: هو ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة.
    الاتصال: وهو أن ينفصل العبد بسره عما سوى الله، فلا يَرَى بسره - بمعنى التعظيم - غيرَه، ولا يسمع إلا منه.
    التجريد: وهو أن يتجرد العبد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض.
    الوجد: هو ما صادف القلب من فزع، أو غم، أو رؤية معنى من أحوال الآخرة، أو كشف حالة بين العبد وبين الله.
    التواجد: هو ظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوي حاله تمكن فسكن.
    الغيبة: أن يغيب عن حظوظ نفسه فلا يراها، وهي قائمة معه، موجودة فيه، غير أنه غائب عنها بشهود ما للحق.
    الجمع: جمع الهمة: وهو أن تكون الهموم كلها هما واحدا وهو الله.

    ******************************
    تابعونا


    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:46 pm



    المنهج العملي في التصوف
    يرى الصوفية أنهم لا يكتفون بأن يوضحوا للناس أحكام الشرع وآدابه بمجرد الكلام النظري، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يأخذون بيد تلميذهم ويسيرون به في مدارج الترقي، ويرافقونه في جميع مراحل سيره إلى الله، يحيطونه برعايتهم وعنايتهم، ويوجهونه بحالهم وقولهم، يذكرونه إذا نسي، ويقوِّمونه إذا انحرف، ويتفقدونه إذا غاب، وينشطونه إذا فتر. وهكذا يرسمون له المنهج العملي الذي يمكنه به أن يتحقق بأركان الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. ومن أهم الطرق العملية التي يطبقها رجال التصوف للوصول إلى رضا الله ومعرفته:

    العلم
    يعتقد الصوفية أن العلم والعمل توأمان لا ينفكان عن بعضهما، والسالك في طريق الإيمان والتعرف على الله والوصول إلى رضاه لا يستغني عن العلم في أية مرحلة من مراحل سلوكه. ففي ابتداء سيره لا بد له من علم العقائد وتصحيح العبادات واستقامة المعاملات، وفي أثناء سلوكه لا يستغني عن علم أحوال القلب (بسط وقبض) وحسن الأخلاق وتزكية النفس. ولهذا اعتُبِرَ اكتساب العلم الضروري من أهم النقاط الأساسية في المنهج العملي للتصوف، إذ يرى الصوفية أن التصوف ليس إلا التطبيق العملي للإسلام كاملاً غير منقوص في جميع جوانبه الظاهرة والباطنة.

    الصحبة
    يعتقد الصوفية أن للصحبة أثراً عميقاً في شخصية المرء وأخلاقه وسلوكه، وأن الصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثر الروحي والاقتداء العملي. وأن الصحابة ما نالوا هذا المقام السامي والدرجة الرفيعة إلا بمصاحبتهم لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ومجالستهم له. وأن التابعون أحرزوا هذا الشرف باجتماعهم بالصحابة.

    وبما أن الصوفية وباقي المسلمين يؤمنون بأن رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم عامة خالدة إلى قيام الساعة، فإن الصوفية يرون أن لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ورّاثاً من العلماء العارفين بالله، ورثوا عن نبيهم العلم والخُلق والإيمان والتقوى، فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله، فمَنْ جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، ومَنْ نصرهم فقد نصر الدين، ومن ربط حبله بحبالهم فقد اتصل بالرسول محمدصلى الله عليه وسلم حسب اعتقادهم. ويرون أن هؤلاء الوراث هم الذين ينقلون للناس الدين، مُمَثَّلاً في سلوكهم، حيَّاً في أحوالهم، واضحاً في حركاتهم وسكناتهم، هم من الذين عناهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». ويعتقدون أن أمثال هؤلاء الوراث لا ينقطع أثرهم على مر الزمان، ولا يخلو منهم بلد، وأن صحبتهم دواء مجرب، والبعد عنهم سم قاتل، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؛ مرافقتهم هي العلاج العملي الفعَّال لإصلاح النفوس، وتهذيب الأخلاق، وغرس العقيدة، ورسوخ الإيمان.

    ويستدلون على أهمية الصحبة بآيات من القرآن، منها:

    ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾.
    ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.
    ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾.
    ﴿الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا﴾.
    ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾.
    ويقول أئمة التصوف في أهمية صحبة الشيوخ المرشدين:

    قال أبو حامد الغزالي : «مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة».
    قال ابن عطاء الله السكندري : «وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر».
    قال أحمد زروق : «أخذ العلم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم (بل هو آياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا العلمَ)، (واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ)، فلزمت المشيخة».
    مجاهدة النفس
    يعرّف الصوفية مجاهدة النفس على أنها: «بذل الوسع في حمل النفس على خلاف هواها ومرادها المذموم، وإلزامها تطبيق شرع الله أمراً ونهياً». ويقولون أنه ليس المراد من مجاهدة النفس استئصال صفاتها؛ بل المراد تصعيدها من سيء إلى حسن، وتسييرها على مراد الله وابتغاء مرضاته.

    ويستدل الصوفية على المجاهدة بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، منها:

    في القرآن: ﴿والذينَ جاهَدوا فينا لنَهديَنَّهم سُبُلَنا﴾.
    في السنة النبوية: «المجاهدُ مَنْ جاهد نفسَهُ في الله».
    ومن أقوال أئمتهم في الحث على مجاهدة النفس:

    قال أبو عثمان المغربي: «من ظن أنه يُفتح له بهذه الطريقة أو يكشف له عن شيء منها لا بلزوم المجاهدة فهو في غلط».
    قال زكريا الأنصاري : «إنَّ نجاة النفس أنْ يخالف العبدُ هواها، ويحملَها على ما طلب منها ربُّها».
    قال أحمد بن عجيبة: «لا بد للمريد في أول دخوله الطريق من مجاهدة ومكابدة وصدق وتصديق، وهي مُظهِر ومجلاة للنهايات، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادَّاً في طلب الحق باذلاً نفسه وفلسه وروحه وعزه وجاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية ؛ علمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، وإذا رأيناه مقصِّراً علمنا قصوره عما هنالك».
    واعترض أقوام على رجال التصوف واتهموهم بأنهم يُحَرِّمون ما أحل الله من أنواع اللذائذ والمتع،
    وقد قال الله: (قٌلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله التي أخرجَ لعبادِهِ والطيبات من الرزق...) [الأعراف: 32]. ولكن رجال التصوف ردوا عليهم بقولهم أنهم لم يجعلوا الحلالَ حراماً، إذْ أسمى مقاصدهم هو التقيد بشرع الله، ولكنهم حين عرفوا أن تزكية النفس فرضُ عين، وأن للنفس أخلاقاً سيئة وتعلقات شهوانية، توصِل صاحبها إلى الردى، وتعيقه عن الترقي في مدراج الكمال، وجدوا لزاماً عليهم أن يهذبوا نفوسهم ويحرروها من سجن الهوى.

    وبهذا المعنى يقول الصوفي الحكيم الترمذي رداً على هذه النقطة، وجواباً لمن احتج بالآية القرآنية: ﴿قُلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله﴾ : «فهذا الاحتجاج تعنيف،
    ومن القول تحريف لأنَّا لم نُرِدْ بهذا، التحريمَ، ولكنا أردنا تأديب النفس حتى تأخذ الأدب وتعلم كيف ينبغي أن تعمل في ذلك، ألا ترى إلى قوله جل وعلا: ﴿إنّما حرّم ربيَ الفواحشَ ما ظهر منها وما بطنَ والإثمَ والبَغيَ بغيرِ الحقِّ﴾[الأعراف: 33]. فالبغيُ في الشيء الحلال حرامٌ، والفخرُ حرام، والمباهاةُ حرام، والرياء حرام، والسرف حرام، فإنما أُوتِيَتِ النفسُ هذا المنعَ من أجل أنها مالت إلى هذه الأشياء بقلبها، حتى فسد القلب. فلما رأيتُ النفس تتناول زينة الله والطيبات من الرزق تريد بذلك تغنياً أو مباهاة أو رياء علمتُ أنها خلطت حراماً بحلال فضيَّعَتِ الشكرَ، وإنما رُزِقَتْ لتشكُرَ لا لِتكْفرَ، فلما رأيتُ سوء أدبها منعتُها، حتى إذا ذلَّت وانقمعت، ورآني ربي مجاهداً في ذاته حق جهاده، هداني سبيله كما وعد الله: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المحسنين﴾ [العنكبوت: 69] فصرتُ عنده بالمجاهدة محسناً فكان الله معي، ومن كان مع الله فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، وقذفَ في القلب من النور نوراً عاجلاً في دار الدنيا حتى يوصله إلى ثواب الآجل».

    ذكر الله
    يعرّف الإمام ابن عطاء الله السكندري الذكر على أنه: هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أو ترديد صفة من صفاته، أو حكم من أحكامه، أو فعل من أفعاله، أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله.

    ويعتقد الصوفية أن الذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها. وهو أصل كل مقام وقاعدته التي يبني عليها، كما يُبنى الحائط على أساسه، وكما يقوم السقف على جداره.

    حث أئمة التصوف على الذكر كثيرا، فقال الإمام أبو القاسم القشيري : الذكر منشور الولاية، ومنار الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر. وقال أيضاً: الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر.

    ويجعل الصوفية للذكر أنواع، ولكل منها أدلة عندهم من الكتاب والسنة يجيزونها بها، ولكل منها فوائد تعود على السالك إلى الله بما يناسب حاله، فيذكرون:

    ذكر السرّ، وذكر الجهر.
    الذكر الفردي، والذكر الجماعي.
    الذكر باللسان، والذكر بالقلب.
    الخلوة
    يعرف الصوفية الخلوة على أنها: انقطاع عن البشر لفترة محدودة، وترك للأعمال الدنيوية لمدة يسيرة، كي يتفرغ القلب من هموم الحياة التي لا تنتهي، ويستريح الفكر من المشاغل اليومية التي لا تنقطع، ثم ذكرٌ لله بقلب حاضر خاشع، وتفكرٌ في آلائه آناء الليل وأطراف النهار، وذلك بإرشاد شيخ عارف بالله، يُعلِّمه إذا جهل، ويذكِّره إذا غفل، وينشطه إذا فتر، ويساعده على دفع الوساوس وهواجس النفس.

    أما عن دليلها الذي يستدلون به من الكتاب والسنة، عديدة، منها:

    الآية القرآنية الكريمة: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [73:8] [المزمل: 8]. وقد قال العلامة أبو السعود مفسراً لهذه الآية: «ودُم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان؛ من التسبيح والتهليل والتحميد... إلى أن قال: وانقطعَ إليه بمجامع الهمة واستغراق العزيمة في مراقبته، وحيث لم يكن ذلك إلا بتجريد نفسه عليه الصلاة والسلام عن العوائق الصادرة المانعة عن مراقبة الله، وقطع العلائق عما سواه».
    حديث عن عائشة أنها قالت: «أولُ ما بُدِئَ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء». وقد قال ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: «في الحديث دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دينه، لأن النبي لما اعتزل عن الناس وخلا بنفسه، أتاه هذا الخير العظيم، وكل أحد امتثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم له من مقامات الولاية. وفيه دليل على أن الأوْلى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول أمره يخلو بنفسه». وقال القسطلاني في شرحه لحديث عائشة المذكور: «وفيه تنبيه على فضل العزلة لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا، وتفرغه لله تعالى، فتنفجر منه ينابيع الحكمة. والخلوة أن يخلو عن غيره، بل وعن نفسه بربه، وعند ذلك يصير خليقاً بأن يكون قالبه ممراً لواردات علوم الغيب، وقلبه مقراً لها».
    ويذكر الإمام الغزالي طريقة الخلوة ومراحلها ومقاماتها، فيقول: «أن الشيخ يُلزِم المريد زاوية ينفرد بها، ويوكل به من يقوم له بقدر يسير من القوت الحلال - فإنَّ أصل الدين القوت الحلال - وعند ذلك يلقنه ذكراً من الأذكار، حتى يشغل به لسانه وقلبه، فيجلس ويقول مثلاً: الله، الله، أو سبحان الله، سبحان الله، أو ما يراه الشيخ من الكلمات، فلا يزال يواظب عليه، حتى يسقط الأثر عن اللسان، وتبقى صورة اللفظ في القلب، ثم لا يزال كذلك حتى تُمحى من القلب حروف اللفظ وصورته، وتبقى حقيقة معناه لازمة للقلب، حاضرة معه، غالبة عليه، قد فرغ عن كل ما سواه، لأن القلب إذا اشتغل بشيء خلا عن غيره - أيَّ شيء كان - فإذا اشتغل بذكر الله وهو المقصود، خلا لا محالة من غيره. وعند ذلك يلزمه أن يراقب وساوس القلب، والخواطر التي تتعلق بالدنيا، وما يتذكر فيه مما قد مضى من أحواله وأحوال غيره، فإنه مهما اشتغل بشيء منه - ولو في لحظة - خلا قلبه عن الذكر في تلك اللحظة، وكان أيضاً نقصاناً. فليجتهد في دفع ذلك، ومهما دفع الوساوس كلها، وردَّ النفس إلى هذه الكلمة، جاءته الوساوس من هذه الكلمة، وإنها ما هي؟ وما معنى قولنا: الله؟ ولأي معنى كان إلهاً، وكان معبوداً؟ ويعتريه عند ذلك خواطر تفتح عليه باب الفكر، وربما يَرِدُ عليه من وساوس الشيطان ما هو كفر وبدعة، ومهما كان كارهاً لذلك، ومُتَشمِّراً لإماطته عن القلب لم يضره ذلك».

    ويجعل الصوفية للخلوة نوعين، هما:

    خلوةٌ عامة: ينفرد بها المؤمن ليتفرغ لذكر الله بأية صيغة كانت، أو لتلاوة القرآن، أو محاسبة نفسه، أو ليتفكر في خلق السموت والأرض.
    خلوةٌ خاصة: يقصد منها الوصول إلى مراتب الإحسان والتحقق بمدارج المعرفة، وهذه لا تكون إلا بإشراف مرشدٍ مأذون، يُلَقِّنُ المريد ذكراً معيناً، ويكون على صلة دائمة به ليزيل عنه الشكوك ويدفعه إلى آفاق المعرفة، ويرفع عنه الحجب والأوهام والوساوس، وينقله من الكون إلى المُكَوِّن.

    *********************

    تابعونا



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:48 pm



    العقيدة التي يتبنّاها الصوفية
    يعلن المتصوفة حاليا بمعظمهم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كمذهب عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة، بل وتبناها جمهور علماء أهل السنة والجماعة من الإمام النووي، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، وغيرهم الكثير. فبالتالي فإن كتب المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواء كانت أشعرية أوماتريدية. وذلك بالرغم أنهم يتبنون كتب ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود، لكن المتصوفة يقولون أن هذه الكتب ليست في متناول العوام (والعوام في نظر المتصوفة هو كل من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها) ، وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الكتب والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي. ويرى الشيخ المسافر أن ابن عربي والسهروردي وابن سبعين، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية، وان كثيرا من كتبهم فلسفية بامتياز، وإن لم تسم بذلك. ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين اسسوا اطروحاتهم الفلسفية أو ضمنوها أجزاء من إنتاج المشايخ الأولياء الثلاثة، أو كما يطلق عليهم البعض «الفلاسفة العظام الثلاثة».

    قال أبو القاسم القشيري في رسالته المشهورة بالرسالة القشيرية عند ذكر عقيدة الصوفية ما نصه: «وهذه فصول تشتمل على بيان عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها على وجه الترتيب. قال شيوخ هذه الطريقة على ما يدل عليه متفرقات كلامهم ومجموعاتها ومصنفاتهم في التوحيد: إن الحق سبحانه وتعالى موجود قديم لا يشبهه شيء من المخلوقات، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقت وزمان.»
    وقال الشيخ أبو بكر الكلاباذي الحنفي في كتابه التعرف لمذهب أهل التصوف: «اجتمعت الصوفية على أن الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان.»
    عقيدة الصوفية في الأولياء
    الولي عندهم هو: عبد لله، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده، وهو عبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر، هو دون الأنبياء في المرتبة والمنزلة، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ، إلا من عصمه الله. ويستشهدون بالآية القرآنية: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون) فالمتقون هم أولياء الله. وقد ورد تحذير في أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك كما في الحديث القدسي: من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب.

    مراتب الأولياء
    جعل الصوفيةُ الأولياءَ على مراتب، وذلك بحسب اجتهادهم في دقائق التقوى -وبحسب ما يعتبرونه توفيقًا من الله لهم-، وبذلك تفاوتت مراتبهم في مقامات الولاية، فليس كل المتقين على درجة واحدة. أما من حيث الدرجات، فيجعلون المراتب من الأفضل إلى الأدنى كالتالي:

    القطب الغوث، الذي به يغاث عباد الله وبواسطته تنزل الرحمة، اشتهر منهم أربعة: الإمام عبد القادر الجيلاني، والإمام أحمد الرفاعي والإمام أحمد البدوي والإمام إبراهيم الدسوقي.
    ثم الإمامان، وهما كالوزيرين له.
    ثم الأربعة الأوتاد الحافظون لجهات الأرض.
    ثم السبعة النجباء والحافظون للأقاليم السبعة.
    ثم الأربعون الأبدال الساعون في قضاء حوائج المسلمين، وهم في الشام. وقد ورد فيهم أحاديث مختلف في صحتها منها قول النبي محمد: «الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يُسقَى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب»
    ثم التسعة والتسعون الذين هو مظاهر أسماء الله.
    ثم الثلاثمائة والتسعون الأولياء الصالحون من المؤمنين.
    وأهل مراتب الصوفية لا بد من وجودهم في كل زمان إلى غاية نزول عيسى بن مريم عليه السلام.

    كرامات الأولياء
    الكرامة هي أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة، يظهرها الله عز وجل على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم. وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء، وكلام البهائم، وطي الأرض، وظهور الشيء في غير موضعه ووقته.

    ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن، منها:
    قصة الذي عنده علم من الكتاب في الآية القرآنية: (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك).
    قصة مريم بنت عمران حين قال لها النبي زكريا: (أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله).
    ومن أحاديث النبي محمد: «أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما».
    ومن قصص وقعت للصحابة: قصة الصحابي عمر بن الخطاب: عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي: يا سارية الجبل!! ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا وهكذا.
    الصوفية يعتبرون أن أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. قال أبو القاسم القشيري : واعلم أن من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات.

    والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض صحيح ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهو مذموم، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب. قال الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى أن الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أو جلب مصلحة، لأن الله هو الفاعل عندهم، لا هُمْ، هذا مشهدهم، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك الفعل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أو دجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم، وإِذا رجع الأمر إِلى القدرة فلا تعجب.

    كما أن الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره. قال الإِمام اليافعي : لا يلزم أن يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من كل من ليس له كرامة منهم، بل قد يكون بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين، وكمال المعرفة بالله.

    ويعتبر الصوفية أن عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته. قال الإِمام القشيري : لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا، لم يقدح عدمها في كونه ولياً.

    هل يجوز للولي أن يعرف أنه ولي
    اختلف الصوفية في الولي: هل يجوز أن يعرف أنه ولي أم لا؟ على قولين.:

    فقال بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن معرفة ذلك تزيل عنه خوف العاقبة، وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن، وفي وجوب الأمن زوال العبودية؛ لأن العبد بين الخوف والرجاء.
    وقال الأجلة منهم والكبار: يجوز أن يعرف الولي ولايته؛ لأنها كرامة من الله للعبد، والكرامات والنعم يجوز أن يعلم ذلك فيقتضي زيادة الشكر. ويستدل هؤلاء بأن النبي محمد قد أخبر أصحابه بأنهم من أهل الجنة، وشهد للعشرة بالجنة، وشهادة النبي توجب سكونا إليها، وطمأنينة بها، وتصديقا لها. ومع ذلك فقد أخبرهم النبي بذلك.

    ****************************
    تابعونا

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:51 pm



    الشريعة والطريقة والحقيقة
    يقسّم الصوفية الدين إلى ثلاثة أركان رئيسية: هي الشريعة، والطريقة، والحقيقة - حيث يعتبره السلفيون أنه تقسيم بدعة في دين الإسلام، ولم يرد في صحته أي أدلة -. ويستدل الصوفية على صحة هذا التقسيم ما ورد بحديث نبي الإسلام محمد الذي اشتهر باسم حديث جبريل وهو مروي عن الصحابي عمر بن الخطاب، يقول:

    بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال : الإسلام أن تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان قال :أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.قال: فأخبرني عن الساعة قال: مالمسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاه يتطاولون في البنيان. ثم انطلق. فلبث مليا ثم قال: ياعمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل آتاكم يعلمكم دينكم.

    فالحديث يذكر أقسام الدين كما يقولون، وهي:

    ركن الإِسلام: وهو الجانب العملي؛ من عبادات ومعاملات وأُمور تعبدية، ومحله الأعضاء الظاهرة الجسمانية. وقد اصطلح العلماء على تسميته بالشريعة، واختص بدراسته الفقهاء.
    ركن الإِيمان: وهو الجانب الاعتقادي القلبي؛ من إِيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر. وقد اختص بدراسته علماء التوحيد.
    ركن الإِحسان: وهو الجانب الروحي القلبي؛ وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك، وما ينتج عن ذلك من أحوال وأذواق وجدانية، ومقامات عرفانية، وعلوم وهبية، وقد اصطلح العلماء على تسميته بالحقيقة، واختص ببحثه الصوفية.
    وللوصول إِلى هذا المقام، والإِيمان الكامل، لابد من سلوك الطريقة، وهي مجاهدة النفس، وتصعيد صفاتها الناقصة إِلى صفات كاملة، والترقي في مقامات الكمال بصحبة المرشدين، فهي الجسر الموصل من الشريعة إِلى الحقيقة. قال السيد في تعريفاته: «الطريقة هي السيرة المختصة بالسالكين إِلى الله، من قطع المنازل والترقي في المقامات».

    ولتوضيح الصلة بين الشريعة والحقيقة يضربون لذلك مثلاً الصلاة، فالإِتيان بحركاتها وأعمالها الظاهرة، والتزام أركانها وشروطها، وغير ذلك مما ذكره علماء الفقه، يمثل جانب الشريعة، وهو جسد الصلاة. وحضور القلب مع الله في الصلاة يمثل جانب الحقيقة، وهو روح الصلاة. فأعمال الصلاة البدنية هي جسدها، والخشوع روحها. وما فائدة الجسد بلا روح؟! وكما أن الروح تحتاج إِلى جسد تقوم فيه، فكذلك الجسد يحتاج إِلى روح يقوم بها، ويستدلون على ذلك بالآية القرآنية: (أقيمُوا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ) ولا تكون الإِقامة إِلا بجسد وروح، ولذا لم يقل: أوجدوا الصلاة.

    فالشريعة عندهم هي الأساس، والطريقة هي الوسيلة، والحقيقة هي الثمرة، وهذه الأشياء الثلاثة متكاملة منسجمة، فَمَنْ تمسَّك بالأولى منها سلك الثانية فوصل إِلى الثالثة، وليس بينها تعارض ولا تناقض، ولذلك يقول الصوفية في قواعدهم المشهورة: (كل حقيقة خالفت الشريعة فهي زندقة).

    ويقول الشيخ أحمد زروق: لا تصوف إِلا بفقه، إِذ لا تعرف أحكام الله الظاهرة إِلا منه. ولا فقه إِلا بتصوف، إِذ لا عمل إِلا بصدق وتوجه لله تعالى. ولا هما (التصوف والفقه) إِلا بإِيمان، إِذ لا يصح واحد منهما دونه. فلزم الجميع لتلازمها في الحكم، كتلازم الأجسام للأرواح، ولا وجود لها إِلا فيها، كما لا حياة لها إِلا بها، فافهم.

    ويقول الإِمام مالك بن أنس: مَنْ تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق.

    ويقولون أنه كما حفظ علماء الظاهر حدود الشريعة، كذلك حفظ علماء التصوف آدابها وروحها، وكما أبيح لعلماء الظاهر الاجتهاد في استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع، والحكم بالتحليل والتحريم على ما لم يَرِدْ فيه نص، فكذلك لعلماء الصوفية أن يستنبطوا آداباً ومناهج لتربية المريدين وتهذيب السالكين.

    وحدة الوجود والحلول والاتحاد
    إِن من أهم ما ينتقد به المعارضون للصوفية اتهامهم بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى أن الله قد حلَّ في جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان، أو بمعنى أن المخلوق عين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ويرى الصوفية أنه لاشك أن هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة الإسلامية. فالصوفية ينفون هذه التهمة عن أنفسهم جملة وتفصيلا، ويحذرون من أن يرميهم أحد بهذه العقيدة الكفرية جزافاً دون تمحيص أو تثبت، ومن غير أن يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات كتبهم، كالفتوحات المكية للشيخ الكبير محي الدين ابن عربي ، وإحياء علوم الدين للامام أبو حامد الغزالي ، والرسالة القشيرية للامام ابي القاسم القشيري الشافعي والمثنوي لجلال الدين الرومي وغيرها.

    صريح أقوالهم في رفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد
    صرح أئمة الصوفية في كتبهم برفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد بالمعنى السابق ذكره، والتي منها:

    يقول الشعراني : ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على أن يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل قالوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٍّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم؛ إِذ ما مِن وليٍّ إِلا وهو يعلم أن حقيقته سبحانه وتعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق؛ لأن الله بكل شيء محيط.
    قال الشيخ محي الدين بن عربي في عقيدته الوسطى: اعلم أن الله واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى أن يحل فيه شيء، أو يحل هو في شيء، أو يتحد في شيء.
    وقال في باب الأسرار: لا يجوز لعارف أن يقول: أنا الله، ولو بلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل.
    وقال في باب الأسرار: من قال بالحلول فهو معلول، فإِن القول بالحلول مرض لا يزول، وما قال بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما أن القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول.
    وقال أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: من أعظم دليل على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، أن تعلم عقلاً أن القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه.
    قال صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: حدثني الشيخ كمال الدين المراغي قال: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي - تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي - وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، وقال: أتكون الصنعة هي عين الصانع؟!.
    قال أبو حامد الغزالي: وأما القسم الرابع وهو الاتحاد فذلك أيضا أظهر بطلانا لأن قول القائل إن العبد صار هو الرب كلام متناقض في نفسه، بل ينبغي أن ينزه الرب سبحانه وتعالى عن أن يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحالات... فالاتحاد بين شيئين مطلقا محال...فأصل الاتحاد إذا باطل... وأما القسم الخامس وهو الحلول فذلك يتصور أن يقال أن الرب تبارك وتعالى حل في العبد أو العبد حل في الرب، تعالى رب الأرباب عن قول الظالمين.
    قال الإمام أحمد بن عجيبة في تفسيره البحر المديد: واعلم أن ذات الحق ـ جل جلاله ـ عمّت الوجود، فليست محصورة في مكان ولا زمان

    وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

    فأسرار ذاته سبحانه وتعالى سارية في كل شيء، قائمة بكل شيء، كما تقدّم، فهو موجود في كل شيء، لا يخلو منه شيء، أسرار المعاني قائمة بالأواني، وإنما خصّ الحق سبحانه وتعالى السماء بالذكر؛ لأنها مرتفعة معظّمة، فناسب ذكر العظيم فيها، وعلى هذا تُحمل الأحاديث والآيات الواردة على هذا المنوال. وليس هنا حلول ولا اتحاد؛ إذ ليس في الوجود إلاّ تجليات الحق ومظاهر ذاته وصفاته، كان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما كان عليه، فما مثال الكون إلا كجبريل حين يتطوّر على صورة دحية، غير أنَّ رداء الكبرياء منشور على وجه ذاته وأسرار معانيه، وهو ما ظهر من حسن الكائنات، وما تلوّنت به الخمرة من أوصاف العبودية. ولا يفهم هذا إلاَّ أهل الذوق السليم. وبالله التوفيق.

    تأويلهم لأقوال أوهمت وحدة الوجود أو الحلول أو الاتحاد


    وأما ما ورد من كلام الصوفية في كتبهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فيقولون أنه إما مدسوس عليهم، بدليل ما سبق من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة. وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة والنحلة ، ولكن بعض منتقديهم حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم ، ورموهم بالزندقة والكفر. أما غيرهم فقد فهموا كلامهم على معناه الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عرف عن الصوفية.

    قال جلال الدين السيوطي : واعلم أنه وقع في عبارة بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هو المبالغة في التوحيد. والتوحيد معرفة الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى أن قال: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعرفاً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر العلماء والمسلمين، وليس هذا مذهب الصوفية، وإِنما قاله طائفة غلاة لقلة علمهم وسوء حظهم من الله، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين قالوا في عيسى : اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن وقع منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محو أنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه وتعالى.
    وقال: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر.
    وقال: وأما قول أبي يزيد البسطامي: (سبحاني، ما أعظم شأني) فهو في معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من قال: (أنا الحق) محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد، لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالعلم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى. وإِنما حدث ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما العلماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى أن قال: والحاصل أن لفظ الاتحاد مشترك، فيطلق على المعنى المذموم الذي هو أخو الحلول، وهو كفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى صحيح، لا محذور فيه شرعاً، ولو كان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد أن يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد. وكم استعمل المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية. كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث. وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية. وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أو معنى. وحيث وقع لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هو محو النفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه وتعالى، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد.
    نقل الشعراني عن الشيخ علي بن وفا قوله: المراد بالاتحاد حيث جاء في كلام القوم فناء العبد في مراد الحق سبحانه وتعالى، كما يقال: بين فلان وفلان اتحاد، إِذا عمل كل منهما بمراد صاحبه.
    قال الشيخ ابن القيم في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين: الدرجة الثالثة من درجات الفناء: فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين، وهو الفناء عن إِرادة السوى، شائماً برق الفناءِ عن إِرادة ما سواه، سالكاً سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه، فانياً بمراد محبوبه منه، عن مراده هو من محبوبه، فضلاً عن إِرادة غيره، قد اتحد مراده بمراد محبوبه، أعني المراد الديني الأمري، لا المراد الكوني القدري، فصار المرادان واحداً.. ثم قال: وليس في العقل اتحاد صحيح إِلا هذا، والاتحاد في العلم والخبر. فيكون المرادان والمعلومان والمذكوران واحداً مع تباين الإِرادتين والعلمين والخبرين، فغاية المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب، وفناء إِرادة المحب في مراد المحبوب. فهذا الاتحاد والفناء هو اتحاد خواص المحبين وفناؤهم؛ قد فَنَوْا بعبادة محبوبهم، عن عبادة ما سواه، وبحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والاستعانة به والطلب منه عن حب ما سواه. ومَنْ تحقق بهذا الفناء لا يحب إِلا في الله، ولا يبغض إِلا فيه، ولا يوالي إِلا فيه، ولا يعادي إِلا فيه، ولا يعطي إِلا لله، ولا يمنع إِلا لله، ولا يرجو إِلا إِياه، ولا يستعين إِلا به، فيكون دينه كله ظاهراً وباطناً لله، ويكون الله ورسولهُ أحبَّ إِليه مما سواهما، فلا يوادُّ من حادَّ الله ورسوله ولو كان أقرب الخلق إِليه، وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه، وحظوظها بمراضي ربه تعالى وحقوقه، والجامع لهذا كله تحقيق شهادة أن لا إِله إِلا الله علماً ومعرفة وعملاً وحالاً وقصداً، وحقيقة هذا النفي والإِثبات الذي تضمنتْهُ هذه الشهادة هو الفناء والبقاء، فيفنى عن تأله ما سواه علماً وإِقراراً وتعبداً، ويبقى بتألهه وحده، فهذا الفناء وهذا البقاء هو حقيقة التوحيد، الذي اتفقت عليه المرسلون صلوات الله عليهم، وأُنزلت به الكتب، وخلقت لأجله الخليقة، وشرعت له الشرائع، وقامت عليه سوق الجنة، وأسس عليه الخَلْق والأمر.. إِلى أن قال: وهذا الموضع مما غلط فيه كثير من أصحاب الإِرادة. والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة.
    قال الشيخ ابن تيمية في تبرئة الصوفية من تهمة القول بالاتحاد: ليس أحد من أهل المعرفة بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أو بغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن سُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان وألحقهم بالطائفة النصرانية.
    وقال: وأما قول الشاعر في شعره: (أنا مَنْ أهوى، ومَنْ أهوى أنا) فهذا إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويفعل مثل ما يفعل؛ وهذا تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به عن رؤية نفسه.
    ***************************
    تابعونا

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:54 pm



    أفكار أخرى

    الكشف: هو نور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم أسباب المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر.
    الفراسة: والتي تختص بمعرفة خواطر النفوس وأحاديثها، يقول ابن عجيبة: الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أو وارد يتجلى فيه، لا يخطئ غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: (اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله)، وهي على حسب قوة القرب والمعرفة، فكلما قوي القرب، وتمكنت المعرفة صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق.
    الإلهام والتحديث: وهو ما يُلقَى في الرُّوع بطريق الفيض. وقيل: الإلهام ما وقع في القلب من علم.
    العلم اللدني: ويتحدث عنه الصوفية والذي يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية، كما كان ذلك للخضر، حيث ورد ذلك في الآية القرآنية: (وعلمناه من لدنّا علماً).
    النبي محمد: ويعتقدون بالأخذ عنه يقظةً ومناماً. ويعتقدون بأنه باب الله ووسيلته العظمى إليه وأنه بشر ولكن ليس كالبشر، ويعتقدون أن محبته شرط في الطريق، لذلك يكثرون من ذكره ومن الصلاة عليه ومن مديحه وإنشاد الشعر فيه، ولهذه الأمور يكثرون من إقامة الموالد والذي يقومون فيه بالإنشاد والوعظ والتحدث في سيرته وشمائله، ولا يجيزون فيه الاختلاط ولا باقي المحرمات.
    الشيخ المربي: لا بد في التصوف من التأثير الروحي، والذي يأتي بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه حتى تصل سلسلة التلقي في سند متصل من الشيخ إلى الرسول محمد بن عبد الله. فيقولون: من لا شيخ له فشيخه الشيطان!
    البيعة: يبايع فيه المريد المرشد، ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة، والتحقق بركن الإحسان، والترقي في مقاماته. وهو بمثابة الوعد والعهد.
    المجاهدة : يقول الصوفية : التخلي ثم التحلي ثم التجلي، التخلي عن الأخلاق الذميمة ، والتحرر من قيود القوى الظلمانية في النفس من الشهوة والغضب والحسد، أخلاق الحيوانات والسباع والأبالسة. ثم التحلي بالأخلاق الحميدة ، واستنارة القلب والنفس بنور سيدنا رسول الله وأهل بيته، ثم تجلي أنوار الله لعين القلب بعد محو الحُجُب التي كانت تحجب القلب عن المشاهدة والتنعم بها. وهذا هو أعلى نعيم أهل الجنة، يكرم الله به خواص عباده المحبوبين له في هذه الدار، كلٌ بحسب حظه ونصيبه من رسول الله.
    التبرك: وهو طلب البركة من الله من طريق الأسباب الشرعية، وأعظمها التوسل إليه بذلك المتبَرّك به، سواء أكان شخصا أو أثرا أو مكانا. وهذه البركة كما يعتقدون تُطلب بالتعرض لها في أماكنها بالتوجه إلى الله ودعائه. ويستدلون بالقصص الكثير الواردة بتبرك الصحابة بالنبي محمد؛ بشعره وعرقه ودمه وموضع صلاته.
    التوسل: هو أحد طرق الدعاء، وباب من أبواب التوجه إلى الله، والمتوسل به إنما هو واسطة ووسيلة للتقرب إلى الله، والتوسل حسب اعتقادهم يكون بالأنبياء أو الأولياء، أو يكون بالأعمال الصالحة للإنسان، وأعظم هذه الوسائل عندهم هو النبي محمد.
    معرفة الله ومعرفة النفس : في الحديث (من عرف نفسه عرف ربه) قال أهل التصوف : من عرف نفسه بالنقص والحاجة والعبدية، عرف ربه بالكمال والغنى والربوبية، ولكن قليل من يعرف نفسه بهذا المعنى ويراها على حقيقتها، فأغلب الناس ينازعون الربوبية ويعترضون على القدر ولا يرضون بحكم الله ويقل فيهم التوكل ويعتمدون بقلوبهم على الأسباب، فهي مشهدهم وموضع نظرهم، وليس مشهدهم أن الله تعالى هو المتصرف المعطي المانع.. أكثر الناس يعيشون أسرى نفوسهم.
    ولذلك قال الصوفية (أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك) فلا سبيل لأحد إلى معرفة الله تعالى ما دامت فيه بقية من نفسه الأمارة بالسوء، لأنها أغلظ حجاب بين العبد وربه.. ولا سبيل إلى قطع واقتحام هذه العقبة إلا بشيخ من شيوخ الطريق، من خارجها، يصل السالك أو المريد مدد سيده رسول الله ص من خلال شيخه هذا، مدد يعينه على اقتحام عقبة نفسه الأمارة لتموت ويولد صاحبها ولادة أخرى (موتوا قبل أن تموتوا)، ومن الطبيعي أنه لا يمكن للنفس أن تسمح لصاحبها أن ينتصر عليها دون معين من خارجها من المشايخ الكُمّل.
    زيارة القبور: اعتنى الصوفية بقبور الأنبياء والصالحين والأولياء، فشيّدوا حولها المساجد، وبنوا عليها القباب، وذلك حفاظا عليها من الاندثار، وضياع هذه المعالم. وأصبحوا يقصدونها طلبا للبركة، وطلبا لاستجابة الدعاء من الله عندها. ويرون أنهم بذلك متبعون لأئمة السنة، حيث يقولون بأنه وردت نصوص من هؤلاء الأئمة على جواز البناء على قبور الصالحين والأولياء. وجواز قصدها للتبرك.
    موقف أئمة السنة من التصوف
    هذه نبذة من الأقوال والشهادات عن التصوف والصوفية :

    أبو حنيفة النعمان : قال الفقيه الحنفي علاء الدين الحصكفي في الدر المختار في شرح تنوير الأبصار: «قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته مع صلابته في مذهبه وتقدمه في هذه الطريقة: سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصراباذي. وقال أبو القاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهو أخذها من السري السقطي، وهو من معروف الكرخي، وهو من داود الطائي. وهو أخذ العلم والطريقة من أبي حنيفة، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله. فعجبا لك يا أخي: ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار؟ أكانوا متهمين في هذا الإقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة، وأرباب الشريعة والحقيقة، ومن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود ومبتدع».
    يقول ابن عابدين في حاشيته رد المحتار على الدر المختار متحدثاً عن أبي حنيفة، تعليقاً على كلام الحصكفي صاحب الدر الآنف الذكر: (قوله: من أبي حنيفة) هو فارس هذا الميدان، فإن مبنى علم الحقيقة على العلم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فقال أحمد بن حنبل في حقه إنه كان من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد ، ولقد ضرب بالسياط ليلي القضاء فلم يفعل. وقال عبد الله بن المبارك: ليس أحد أحق من أن يقتدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إماما تقيا نقيا ورعا عالما فقيها، كشف العلم كشفا لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. وقال الثوري لمن قال له جئت من عند أبي حنيفة: لقد جئت من عند أعبد أهل الأرض، وأمثال ذلك مما نقله ابن حجر وغيره من العلماء الأثبات.

    ويستكمل شارحًا: قوله: وهم أئمة هذه الطريقة إلخ في رسالة الفتوحات للقاضي زكريا الأنصاري: الطريقة سلوك طريق الشريعة، والشريعة: أعمال شرعية محدودة، وهما والحقيقة ثلاثة متلازمة، لأن الطريق إليه تعالى ظاهر وباطن فظاهرها الطريقة والشريعة، وباطنها الحقيقة فبطون الحقيقة في الشريعة، والطريقة كبطون الزبد في لبنه، لا يظفر بزبده بدون مخضه، والمراد من الثلاثة إقامة العبودية على الوجه المراد من العبد اهـ ابن عبد الرزاق.

    (قوله: ومن بعدهم) أي من أتى بعد هؤلاء الأئمة في الزمان سالكا في هذا الأمر وهو علم الشريعة والحقيقة فهو تابع لهم، إذ هم الأئمة فيه فيكون فخره باتصال سنده بهذا الإمام كما كان ذلك فخر الأئمة المذكورين الذين افتخروا بذلك وتبعوه في حقيقته ومشربه، واقتدى كثير منهم بطريقته ومذهبه».

    مالك بن أنس : يقول الإمام مالك: «من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق».
    محمد بن إدريس الشافعي : ويقول الإمام الشافعي:
    فقيها وصوفيا فكن ليس واحد فإنّــي وحق الله إيّـــاك أنصـح
    فذلك قـاس لم يذق قلبه تُقى وهذا جهول، كيف ذو الجهل يصلحُ؟!
    فهذا الإمام الشافعي يحرص على الاقتداء بالصوفية ويستفيد منهم ويغترف من معينهم، وكان يقول : «حُبب إليّ من دنياكم ثلاث: ترك التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف». يتأكد تعظيم واحترام الإمام الشافعي للصوفية من خلال القصة التالية: «مر طائفة من المتصوفة على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في صحن المسجد، فقال الشافعي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما على وجه الأرض في هذه الساعة قوم أكرم على الله عز وجل منهم». كما أنه استفاد كثيرا من الصوفية، وكان يقول: «صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين، وفي رواية سوى ثلاث كلمات قولهم: الوقت سيف إن لم تقطعه قطعك، وقولهم: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وقولهم: العدم عصمة».

    أحمد بن حنبل : وأما الإمام أحمد بن حنبل فكان يُعظم الصوفية ويرفع من قدرهم؛ لأنهم أئمة هدى وصلاح وخير لهذه الأمة. فقد نقل العلامة محمد السفاريني الحنبلي، ، عن إبراهيم بن عبد الله القلانسي، ؛ أن الإمام أحمد، قال عن الصوفية: «لا أعلم أقواما أفضل منهم. قيل إنهم يستمعون ويتواجدون، قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة».
    وقد كان الإمام أحمد قبل ذلك يحذر ابنه عبد الله من صحبتهم فلما سبر مذهبهم، وعرف أحوالهم، ومنزلتهم أمره بملازمتهم والاقتداء بهم، وفيما يلي قصته مع ابنه: «كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله رحمه الله تعالى: «يا ولدي عليك بالحديث، وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فإنهم ربما كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه، فلمــا صحــب أبـا حمزة البغدادي الصوفي، وعرف أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فإنهم زادوا علينا بكثرة العلم والمراقبة والخشية والزهد وعلو الهمةالحديث»، بل أكثر من هذا فالإمام أحمد يُعد في نظر الكثيرين، من كبار الصوفية، لأنه يعتبر من الأوائل الذين تكلموا بعلوم الصوفية كما صرح بذلك ابن تيمية في مجموع فتاويه بقوله: «وقد نُقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما». وهذا ما يفسر إدراج الصوفية الإمام أحمد ضمن تراجمهم وطبقاتهم مثل: «حلية الأولياء» لأبي نعيم، و«الطبقات الكبرى» للشعراني، و«الكواكب الدرية» للمناوي، و«التذكرة» لفريد الدين العطار.

    أبو حامد الغزالي : بقدر اشتهار الغزالي بأشعريته، اشتهر بتصوفه، ولذلك فهو يمثل مرحلة خطيرة من مراحل امتزاج التصوف بالمذهب الأشعري حتى كاد أن يكون جزءاً منه، ولكن ما نوعية التصوف الذي اعتنقه الغزالي بقوة حتى قال فيه في المنقذ - بعد شرح مطول لمحنته ورحلته وعزلته -: «ودمت على ذلك مقدار عشر سنين، وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به: إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطريق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لو جمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به» ثم يشرح ويوضح فيقول: «وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها - وهي أول شروطها - تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة، استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله؟ وهذا آخرها، بالإضافة إلى ما يكاد يدخل تحت الاختيار والكسب من أوائلها، وهي على التحقيق أول الطريقة، وما قبل ذلك إلا كالدهليز للسالك إليه».
    العز بن عبد السلام الملقب بسلطان العلماء : وقد أخذ التصوف عن شهاب الدين عمر السهروردي، وسلك على يد الشيخ أبي الحسن الشاذلي، قال: «قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، وقعد غيرهم على الرسوم، ومما يدلك على ذلك، ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فإِنه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، فلو كان العلم من غير عمل، يُرضي الحق تعالى كل الرضا، لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولو لم يعملوا بعلمهم، هيهات هيهات».
    النووي : قال في رسالته المقاصد: أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، واتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإِعراض عن الخلق في الإِقبال والإِدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، والرجوع إِلى الله في السراء والضراء. ولكن التصوف عند الامام النووي شيخ مذهب أئمة الشافعية بمعني تزكية النفس لا غير فقد قال النووي أصول الدِّين أربعة : الكتابُ والسنُّة والإجماع والقياس المعتبران. وما خالف هذه الأربعة فهو بدعةُ ومرتكبُه مُبتدع ، يتَعَيَّنُ اجتنابه وزجرهُ. ومن المطلوب اعتقاد من علم وعمل ولازم أدب الشريعة ، وصحب الصّالحين. وأمّا من كان مسلوباً عقلهُ أو مغلوباً عليه ، كالمجاذيب ، فنسلّم لهم ونفوّض إلى الله شأنهم ، مع وجوب إنكار ما يقع منهم مخالفا لظاهر الأمر ، حفظاً لقوانين الشَّرع
    ابن تيمية : تحدث ابن تيمية عن التصوف في مجموع فتاويه فقال: «وقد نُقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما».
    وقال: «وأما جمهور الأمة وأهل الحديث والفقه والتصوف فعلى ما جاءت به الرسل وما جاء عنهم من الكتب والأثارة من العلم وهم المتبعون للرسالة اتباعا محضا». ولم يثبت عنه أنه انتمى إلى التصوف مع أنه امتدح بعض المتصوفة، وخلاصة رأيه في التصوف ومن انتمى إليه تتلخص في قوله: وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمى أحدهم فقيراً أو صوفياً أو فقيهاً أو عالماً أو تاجراً أو صانعاً أو أميراً أو حاكماً أو غير ذلك، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. انتهى. وفي المقابل فقد ذم آخرين من الذين يدعون الانتماء إليهم كالحلاج وابن عربي وغيرهما، ولذلك قال في الفتاوى: وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم: كالحلاج مثلاً. انتهى.

    تاج الدين السبكي : قال في كتابه «معيد النعم ومبيد النقم»، تحت عنوان الصوفية: حياهم الله وبيَّأهم وجمعنا في الجنة نحن وإِياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعباً ناشئاً عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المُتلبِّسين بها، بحيث قال الشيخ أبو محمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حدَّ لهم. والصحيح صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة.. ثم تحدث عن تعاريف التصوف إِلى أن قال: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويُستنزل الغيث بدعائهم، فوعنَّا بهم.
    جلال الدين السيوطي : قال: إن التصوف في نفسه علم شريف، وإِن مداره على اتباع السنة وترك البدع، والتبرِّي من النفس وعوائدها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها، والتسليمِ لله، والرضى به وبقضائه، وطلبِ محبته، واحتقارِ ما سواه.. وعلمتُ أيضاً أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه، فأدى ذلك إِلى إِساءة الظن بالجميع، فوجَّه أهلُ العلم للتمييز بين الصنفين ليُعلمَ أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملتُ الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية فلم أرَ صوفياً محقِّقَاً يقول بشيء منها، وإِنما يقول بها أهل البدع والغلاةُ الذين ادَّعَوْا أنهم صوفية وليسوا منهم.
    ابن عابدين : وقد تحدَّثَ عن البدع الدخيلة على الدين مما يجري في المآتم والختمات من قِبل أشخاص تزيَّوْا بزِي العلم، وانتحلوا اسم الصوفية، ثم استدرك الكلام عن الصوفية الصادقين حتى لا يُظن أنه يتكلم عنهم عامة فقال: ولا كلام لنا مع الصُدَّقِ من ساداتنا الصوفية المبرئين عن كل خصلة رديَّة، فقد سُئل إِمامُ الطائفتين الجنيد: إِن أقواماً يتواجدون ويتمايلون؟ فقال: دعوهم مع الله يفرحون، فإِنهم قوم قطَّعت الطريقُ أكبادَهم، ومزَّق النصبُ فؤادَهم، وضاقوا ذرعاً فلا حرج عليهم إِذا تنفسوا مداواةً لحالهم، ولو ذُقْتَ مذاقهم عذرتهم في صياحهم.
    الإمام الشاطبي : حيث عقد العزم على التأليف في التصوف ثم أعجلته المنية قبل تحقيق المراد، يقول : «وفي غرضي إن فسح الله في المدة وأعانني بفضله ويسر لي الأسباب أن ألخص في طريقة القوم أنموذجا يستدل به على صحتها وجريانها على الطريقة المثلى، وأنه إنما داخلتها المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي ولا فهم لمقاصد أهلها، وتقوَّلوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى غير ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم، وأعظم من ذلك أنهم يتساهلون في اتباع السنة، ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبد صحيحا، وطريقة القوم بريئة من هذا الخباط بحمد الله».
    ويشيد بمذهب الصوفية بقوله: «وقد بنوا نحلتهم على اتباع السنة، وهم باتفاق أهل السنة، صفوة الله من الخليقة».

    العلامة ابن خلدون : يقول ابن خلدون: «هذا العلم ـ يعني التصوف ـ من علوم الشريعة الحادثة في الملَّة؛ وأصله أن طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق، والخلوة للعبادة، وكان ذلك عامَّاً في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة».
    *******************************

    تابعونا


    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 8:57 pm


    قول الشيخ العلامه بن باز في الصوفيه

    التصوف وأهل التصوف أنواع كثيرة ولهم طرق كثيرة، واختلف في أسباب تسميتهم الصوفية، فقال الكثير من أهل العلم: إنهم سموا بهذا لأنهم اعتادوا لبس الصوف والتميز بالصوف عن غيرهم فقيل لهم الصوفية.
    وقيل لأنهم من أهل الصفاء لكن على غير نسبة مستقيمة في ذلك، وأنهم سموا بهذا لأنهم يعتنون بصفاء القلوب والنظر في الأعمال القلبية والعناية بالزهد والرغبة في الآخرة ونحو ذلك فقيل لهم الصوفية من أجل هذا على غير نسبة صحيحة.
    فالحاصل: أن الصوفية طوائف في الأغلب اعتنت بأعمال القلوب وحركات القلوب وتوجه القلوب والأذكار، توجه القلوب إلى الله والعناية بالأذكار وابتلوا بطرق أحدثوها أحدثها لهم مشايخهم تخالف شرع الله فصاروا بذلك على أقسام وعلى فرق كثيرة كل فرقة تدعي أن شيخها وإمامها وصاحب طريقها أولى من الآخر، كما بين الشاذلية والنقشبندية والقادرية والتيجانية والخلوتية إلى غير هذا فرق لا تحصى، فرق كثيرة لا تحصى وفي بعضها كفر عظيم وشر عظيم حتى يرى بعضهم أن الواجب اتباع هذا الشيخ وأن من خالف هذا الشيخ فهو باطل وإن كان في القرآن والسنة، فالواجب اتباع هذا الشيخ ضل أو اهتدى وهذا كفر وضلال نعوذ بالله.
    وهناك من يقول منهم وهو كثير مما ينقل عنهم: أن الواجب على هذا التلميذ أمام هذا الشيخ أن يكون كالميت بين يدي الغاسل، لا يحرك ساكنًا ولا ينكر على شيخه شيئًا ولو رآه يفعل معاصي الله، لا ينكر لأن الشيخ أعلم منه، ولا يغير شيئًا إلا بمشورة الشيخ ورأيه كالميت بين يدي الغاسل ليس له حركة ولا رأي ولا إرادة ولا شيء إلا ما قاله الشيخ، وكل هذه أمور باطلة.
    وأكثر ما يؤخذ على الصوفية أنهم ليسوا بمستنين بالكتاب والسنة بل لهم طرق وعوائد وقوانين ونظم اتبعوا فيها مشايخهم وقلدوا فيها أشياخهم ولو خالف شرع الله، ولو كانت مخالفة للقرآن والسنة، فلهذا أنكر عليهم أئمة العلم وشنعوا عليهم بهذه الطرق المخالفة للشرع، ولكنهم أقسام في ذلك وأنواع منوعة، منهم من هو بعيد من شرع الله، ومنهم من هو قريب، ومنهم من هو بين ذلك.
    فالواجب على أهل العلم: أن يعرضوا أقوالهم وطرائقهم وما كانوا عليه على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فما وافق ذلك قبل لأنه وافق الشرع لا لأنه طريق فلان أو طريق فلان أو رأي الشيخ فلان، لا، ما وافق الشرع قبل لأنه وافق الشرع وما خالفه رد لأنه خالف الشرع.
    والواجب نقض هذه الطرق والقضاء عليها وإلغاؤها وأن يكون الجميع تحت شريعة الله واتباع محمد ﷺ، هو شيخهم وإمامهم لا يكون لهم شيخ آخر سواه يحكمونه، بل هو محكم فما وافق شرعه قبل وما خالفه رد، لا من الصوفية ولا من الحنفية ولا من المالكية ولا من الشافعية ولا من الحنبلية ولا من الظاهرية ولا من غير ذلك.
    الواجب أن يكون الجميع خلف محمد ﷺ، خلف شريعته معها متبعين لها منقادين لها معظمين لها، فما قاله الرسول ﷺ محمد وثبت عنه وجب اتباعه والأخذ به والسير عليه وإن خالف التيجاني وخالف النقشبندي وخالف فلانًا وفلانًا، وما خالف شرع الله وجب تركه وإن قال به التيجاني أو النقشبندي أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو الشيخ عبدالقادر أو غير ذلك، فالمحكم هو كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].
    وقال : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[الشورى:10] ما قال حكمه إلى فلان أو فلان، قال حكمه إلى الله، يعني حكمه إلى شريعة الله إلى القرآن والسنة هذا هو الدواء وهو العلاج للصوفية وغيرها من الفرق كلهم، يجب عليهم أن يخضعوا لحكم الله وألا يجعلوا الشيخ فلان هو المحكم، لا عبدالقادر ولا التيجاني ولا الشاذلي ولا فلان ولا فلان ولا فلان بل المحكم هو كتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام.
    والذي يقوم بذلك هو العلماء الناصحون المتبعون لشرع الله لا الذين يدعون إلى أنفسهم وإلى تعظيمهم وإلى أن يكونوا معبودين مع الله أو متبعين على غير شريعة الله، هؤلاء يرفضون، إنما العالم في الحقيقة هو الذي يدعو إلى الله وإلى كتاب الله، هذا هو العالم هو الذي يدعو إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله ﷺ وإذا خالف رأيه ما دل عليه الكتاب والسنة رفضه،
    وهكذا رأي غيره مع الكلام الطيب والأدب الصالح مع العلماء وعدم سوء الأدب، بل يحترم العلماء ويعرف لهم فضلهم وينتفع بكلامهم وكتبهم، ولكن لا يجعلهم آلهة يعبدهم مع الله، ولا يجعلهم مشرعين يعطلون شرع الله لأجلهم ويخالف ما قاله الرسول لأجلهم، لا، ولكن يعتبرهم علماء -إذا كانوا علماء- يعتبرهم علماء يؤخذ من قولهم ما وافق الحق ويترك من قولهم ما خالف الحق، هكذا قال العلماء: قال مالك رحمه الله -الإمام المشهور إمام دار الهجرة في زمانه في القرن الثاني: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر، يعني الرسول ﷺ.
    وقال الشافعي رحمه الله : أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس كائنا من كان، وهكذا قال أبو حنيفة، وهكذا قال أحمد، وهكذا قال الأوزاعي والثوري وغيرهم من أهل العلم والإيمان، كلهم يقولون هذا الأمر، يجب طاعة الله ورسوله وتحكيم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ورد ما خالف ذلك إلى الكتاب والسنة، وعرض الآراء -عرض آراء الناس آراء العلماء- عرضها على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فما وافقها قبل وما خالفها رد مع احترام العالم المشهور والترضي عنه والدعاء له بالمغفرة والرحمة، لكن لا يقدم قوله ولا رأيه على ما قاله الله ورسوله، كل عالم له أخطاء يصيب ويخطئ لأنه ليس كل واحد يحصي العلم، يفوته بعض العلم فلهذا يخطئ في بعض المسائل التي فاته فيها العلم، فما أخطأ فيها رد إلى الحق والصواب.



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:01 pm



    وقال ألأستاذ رجائي عطيه في الصوفيه

    الصوفية.. بين العقل والمعرفة.. والقلب والرياضة

    الصوفية من حيث الموضوع، نوعان عظيمان: نوع العقل والمعرفة، ونوع القلب والرياضة.
    والصوفية من حيث موقعها من الدنيا، كذلك نوعان: نوع يتخطاها وينبذها، ونوع يمشى فيها ويصل منها إلى الله.
    وكل هذه المذاهب قد عُرف فى الإسلام على أوفاه كما يقول الأستاذ العقاد.
    فمن الصوفيين طلاب المعرفة من يُحسب فى عِداد الفلاسفة الأفذاذ، ومنهم من لا نظير له كالغزالى ومحيى الدين بن عربى وذى النون المصرى.
    وهؤلاء الصوفيون العقليون يذهبون بالعقل إلى غاية حدوده، ولا يتهيبون الشكوك والاعتراضات، بل يقولون ــ كما قال الغزالى ــ إن الشك أول مراتب اليقين. ولكنهم متى بلغوا بالعقل غايته ــ ملكتهم نشوة الوجدان فأسلموا أمرهم كله إلى الإيمان.
    أما الصوفيون القلبيون فهم يلتمسون المعرفة المباشرة برياضة النفس على قمع الشهوات، وعندهم أن شهوات الإنسان هى الحائل بينه وبين النور، فإذا ملك زمامها تكشف له النور ووصل إلى مرتبة العارفين، وأغناه صفاء النفس عن دراسة الدارسين وبحوث الباحثين.
    وكما تقدم، فإن الصوفية من حيث علاقتها بالدنيا نوعان: نوع يرفضها لأنها وهم وغشاوة مزيفة كالطلاء، ونوع آخر يخوض غمار الدنيا ليبتليها ويمتحن نفسه بتجاربها وغوايتها ــ وعنده أنها جميلة لأنها من خلق الله، وكل ما يخلقه ــ سبحانه ــ جميل.
    وهذا النوع من الصوفية، هو أقرب أنواعها إلى الإسلام، وليس على المسلم حرج أن يرى للدنيا ظاهرًا خَدَّاعًا، وباطنًا صادقًا أجمل من ظاهرها، وقصة الخضر مع موسى عليهما السلام خير دليل على ذلك.
    إلاّ أن الصوفى المسلم يقاوم مطامع الدنيا لأنها تحجبه عن حقائقها العليا.
    من المعروف أن انتشار الإسلام فى أقطار شاسعة كانت فيها سلفًا ديانات وثنية وغير وثنية، قد أدى إلى تسرب بعض أخلاطه واقترانها بأقوال أناس من المنتسبين إلى الإسلام بما يجوز وبما لا يجوز. إلاَّ أنه يمكن أن يقال بوضوح إن الإسلام ينكر من تلك المذاهب مذهبين منتشرين فى الصوفية على عمومها:
    الإسلام ينكر مذهب الحلول كما ينكر المذهب القائل بوحدة الوجود.
    فلا يقر الإسلام مذهبًا يقول بحلول الله فى جسد إنسان، ولا يقر مذهب القائلين بفناء الذات الإنسانية فى الذات الإلهية.
    ولا يقر الإسلام مذهبًا يقول بوحدة الوجود، أو يقول بأن الله هو مجموعة هذه الموجودات، وأن الكون كله بسمائه وأرضينه ومخلوقاته العلوية والسفلية هو الله.
    وعلى ذلك فإنه إذا أجاز المتصوف المسلم معنى من معانى الوحدة الوجودية، فإنها عنده هى وحدة الفضائل الإلهية ووحدة التوحيد.
    وقد يلجأ الصوفى المسلم إلى التوفيق بين الظاهر والباطن، أو بين الشريعة والحقيقة، أو بين الأمور الدنيوية والأمور الأخروية، ولكن مقصود العبارات لا يتعدى إثبات أن الشريعة لا بد لها من الحقيقة، وأن الحقيقة لا غناء لها عن الشريعة، وأنهما متضافرتان. ومثل ذلك تقريب الزهد، بأن الزاهد ليس من لا يملك شيئًا، بل من لا يملكه شىء، والمقصود أنه مالك للدنيا غير مملوك لها بحال.
    وقد ظل المتصوفة والمنتسبون إلى الطرق الصوفية يبرأون من القول بالحلول ووحدة الوجود وإسقاط التكليف، ويعتزلون من يقول بذلك، ولوحظ ذلك فى القانون الذى استشير فيه شيوخهم وصدر فى الديار المصرية بلائحة الطرق الصوفية فى سنة 1320 هـ /1903 م، ونصت المادة الثانية من بابه الخامس على أن «كل من يقول بالحلول أو الاتحاد أو سقوط التكليف، يطرد من الطرق الصوفية جميع».
    وقد أدى هذا الفارق بين الصوفية الإسلامية والصوفية الدخيلة ــ إلى توهم فريق من المستشرقين أن التصوف كله مستعار من الهند وفارس أو من الأفلاطونية الحديثة، وهو قول يصدق على مذهب الحلول ومذهب وحدة الوجود، ولكنه لا يصدق البتة على مذاهب الصوفية الإسلامية التى تقوم على الحب الإلهى والكشف عن الحقائق من وراء الظواهر، فهذه الصوفية أصيلة فى الإسلام، يتعلمها المسلم من كتابه، ويصل إليها ولو لم يتصل قط بفلسفة البراهمة أو فلسفة أفلوطين.
    من كتاب الله
    ويقرأ المسلم فى كتابه: « اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ » ( النور 35) « وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ » ( البقرة 115 )، « وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » (ق 16).. فلا يزيد المتصوفة إلا التفسير حين يقولون إن الوجود الحقيقى هو وجود الله وأنه أقرب إلى الإنسان من نفسه لأنه قائم فى كل مكان يصل له كل كائن، « وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ » ( الإسراء 44)، والله يخلق ويأمر فهو فعال مريد وليست إرادته مانعة من الخلق كما يرى الفلاسفة إذ يقولون إن الإرادة القديمة لا ينشأ منها اختيار حديث أو مخلوق حادث... « أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ » (الأعراف 54).
    ومما يعلمه المسلم من كتابه أن عقل الإنسان لا يدرك من الله إلا ما يلهمه إياه لأنه تعالى « يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء » (البقرة 255)، ومنه يعلم الخلاف ما بين عالم الظاهر وعالم الباطن أو عالم الحقيقة وعالم الشريعة، لأنه يقرأ مثلا واضحًا لهذا الخلاف فيما كان من الخضر وموسى عليهما السلام من خلاف.
    ويقرأ المسلم تفاصيل ما كان بين الخضر وموسى عليهما السلام من خلاف روته الآيات من الآية 65 حتى الآية 82 من سورة الكهف.
    وهذه الآيات البينات يقرأها جميع المسلمين وبينهم ولا شك أناس مطبوعون على التصوف واستخراج الأسرار الخفية والمعانى الروحانية من طوايا الكلمات، فإذا عمد هؤلاء إلى تفسير تلك الآيات وما فى معانيها، فليس أيسر عليهم من الوصول إلى لباب التصوف.
    لا إسقاط للشريعة أو التكليف

    وإذا آمن الصوفى بالكشف عن الحقائق من وراء الظواهر، فإنه لا ينتهى من ذلك إلى إسقاط الشريعة أو إسقاط ما تأمره به من التكليف أو تحظره عليه من المحرمات.
    الحقيقة عنده لا تنقض الشريعة بل تتممها وتكشف ما استتر من حكمتها، وتظهر ما خفى من أسباب ظواهرها كما فعل الخضر مع موسى عليهما السلام فى كل قضية خفيت على صاحبه.
    وليس من الإنصاف أن تُحمل على التصوف أوزار الأدعياء واللصقاء الذين يندسون فى صفوفه نفاقًا واحتيالا وجهلا وفضولا، فما من نحلة فى القديم والحديث سلمت أو نجت من أوزار اللصقاء.
    ولكن التصوف على حقيقته الكاملة هو حرية الضمير فى الإيمان بالله على الحب والمعرفة، وبلوغ هذه المرتبة من فضائل الإسلام الذى أطلق ضمير الفرد من عقال السيطرة ويسّر له أن يلوذ بسريرته هذا الملاذ الأمين.

    ***********************

    تابعونا



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:07 pm



    واحدة من أهم الطوائف الإسلامية على الإطلاق، هم "الصوفية" وهو مذهب إسلامى، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما أهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف أهتم أيضا بتحقيق مقام الإحسان، مقام التربية والسلوك.

    وقد وصف ابن خلدون في القرن الرابع عشر الصوفية بأنها التفانى في عبادة الله والزهد في الثروة والمظاهر وغيرها من أوجه السعادة، واعتزال الآخرين لعبادة الله، ويؤكد الصوفية على ضرورة تعلم المعرفة الإسلامية من المعلمين وليس الكتب، ويمكن تتبع أثر معلمي الطرق حتى محمد نبي الإسلام نفسه، ويعنى الصوفية بالذكر فهم يذكرون أسماء الله ويقرؤون آيات القرآن سواء بشكل فردي أو في مجموعات (حلقات الذكر).

    لا يعرف على وجه التحديد من بدأ التصوف في الإسلام، ويقال بأن التصوف أول ما ظهر كان في الكوفة بسبب قربها من بلاد فارس، والتأثر بالفلسفة اليونانية بعد عصر الترجمة، يقول ابن تيمية: "أن أول من عرف بالصوفي هو أبو هاشم الكوفي سنة (150هـ)"، وقد بلغ التصوف ذروته في نهاية القرن الثالث، وواصلت الصوفية انتشارها في بلاد فارس ثم العراق ومصر والمغرب، وظهرت من خلالها الطرق الصوفية.

    وتختلف العقيدة الصوفية عن عقيدة الكتاب والسنة فى أمور عديدة من أهمها: مصدر المعرفة الدينية، ففى الإسلام لا تثبت عقيدة إلا بقرآن وسنة لكن في التصوف تثبت العقيدة بالإلهام والوحى المزعوم للأولياء والاتصال بالجن الذين يسمونهم الروحانيين، وبعروج الروح إلى السماوات، وبالفناء فى الله، وانجلاء مرآة القلب حتى يظهر الغيب كله للولى الصوفي حسب زعمهم، وبالكشف، وبربط القلب بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث يستمد العلوم منه، وأما القرآن والسنة فإن للصوفية فيهما تفسيرا باطنيا حيث يسمونه أحيانا تفسير الإشارة ومعانى الحروف فيزعمون أن لكل حرف فى القرآن معنى لا يطلع عليه إلا الصوفي المتبحر، المكشوف عن قلبه.

    ويختلف أهل السنة والجماعة فى موقفهم من الصوفية، بأن الجماعات السلفية ترى أنهم فئة من الفئات الضالة عن الإسلام الصحيح، إذ يعتقدون أن التصوف وليد التشيع، وبداية أمر حركة التصوف الفرس؛ الذين يمثلون عصب التشيع ودمه الفوار، وكبار المتصوفة والمنظرين له فرس.

    بينما لم يرفضها الأزهر الشريف، لم يقف دور الأزهر في الصوفية، عند حد التأييد والحب، والانتماء فقط، وإنما امتد إلى نشر الصوفية الحقة، عبر عدد من المدارس التي أنشئت لتعليم أصول الصوفية، ومنها تلك التي أنشئت في عام 736هـ، وأخرى بناها الظاهر بيبرس، وسبقتهما المدرسة التي أسسها صلاح الدين الأيوبي، وولى عليها أعلام العلماء والفقهاء الصالحين.

    أسماء الصوفية وسبب تسميتهم بها


    من أشهر الأسماء لهذه الطائفة اسم "الصوفية"، ولهم أسماء أخرى غير مشهورة على ألسنة الناس، ومن تلك الأسماء التي أطلقت عليهم أو أطلقوها هم على أنفسهم:
    1- الصوفية: وهو الاسم المشهور الذي يشمل كل فرقهم، وهم يرضون به ويتمدحون بالانتساب إليه، وقد سبق تعليل هذه التسمية.
    2- أرباب الحقائق: لزعمهم أنهم وصلوا إلى حقائق الأمور وخفاياها بخلاف غيرهم من الناس الذين أطلقوا عليهم اسم "أهل الظاهر"و"أهل الرسوم" (1) .
    3- الفقراء: وهو اسم زعم السهروردي أن الله هو الذي سماهم به حيث قال: "وأهل الشام لا يفرقون بين التصوف والفقر يقولون: قال الله تعالى لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ[البقرة:273]، هذا وصف الصوفية، والله تعالى سماهم فقراء" (2) .
    4- ويسمون شكفتية في خرسان نسبة إلى الغار، قال السهروردي عن الصوفية في خرسان: "كان منهم طائفة بخرسان يأوون إلى الكهوف والمغارات، ولا يسكنون القرى والمدن يسمونهم في خرسان شكفتية؛ لأن شكفت اسم الغار؛ ينسبونهم إلى المأوى والمستقر" (3) .
    5- جوعية: قال السهروردي: "وأهل الشام يسمونهم جوعية" (4) .
    6- الملامية أو الملامتية: وقد عنون المنوفي لها بقوله: "أهل الملامة والملامتية" (5) .
    والملامتية هي إحدي تطور المذهب الصوفي ووساوسه المتشعبة وأمانيه البراقة، وهذه الملامة التي يعتنقها بعض الصوفية ويتظاهر بها هي في أحد مفاهيمها بعينه، يدخل فيه الشخص من حيث يشعر أو لا يشعر، بل وسموه النفاق المحمود (6) ، حين يأتى الصوفي بما يلام عليه لأجل أغراض سامية فيما يزعمون، ولكن متى كان النفاق محموداً؟!
    والملامتي حسب المفهوم الصوفي عرفه السهروردي بقوله عن بعضهم: "الملامتي هو الذي لا يظهر خيراً ولا يضمر شراً"، ثم قال: "وشرح هذا هو: أن الملامتي تشربت عروقه طعم الإخلاص وحقق بالصدق، فلا يحب أن يطلع أحد على حاله وأعماله ولا يتم هذا الإخلاص إلا إذا أصبح يستوي عنده المدح والذم له من الناس، وألا يفكر في اقتضاء ثواب العمل في الآخرة" (7) .
    ويعللون لهذا بأنه مع الناس في الظاهر، وهو مع الله في الباطن مهما كانت أفعاله في الظاهر.ومن هنا أبو سعيد الخراز: "رياء العارفين أفضل من إخلاص المريدين "
    ومن شرح السهروردي هذا الكلام بقوله:"ومعنى قوله: إن إخلاص المريدين معلول برؤية الإخلاص والعارف منزه عن الرياء الذي يبطل العمل، ولكن لعله يظهر شيئا من حاله وعمله بعلم كامل عنده فيه؛ لجذب مريد أو معاناة خلق من أخلاق النفس في إظهاره الحال والعمل، وللعارفين في ذلك علم دقيق لا يعرفه غيرهم، فيرى ذلك ناقص العلم صورة رياء، وليس برياء إنما هو صريح العلم لله وبالله من غير حضور نفس ووجود آفة فيه (Cool .
    والصحيح أنه التلاعب بعقول الناس والترويج للباطل بأبطل منه وقلب للحقائق، إذ كان الأولى أن يغلظ ذنب العارف لا أن يكون الرياء منه أفضل من غيره، ومتى كانت دعوة المصلحين تقوم علي أساس مداهنة الناس ومراءاتهم؟‍!وأيضاً كيف صح له أن يصف محض الرياء بأنه ليس رياء وإنما هو صريح العلم لله وبالله من غير حضور نفس؟!
    فمن يقبل هذا الخداع ويتهم نظره وعقله، ويصدق بأن تلك الحال التي اعترت الصوفي إنما هي من أجل أن يجذب المريد أو يرد أن يذل نفسه، فمن أين يعلم الناس ذلك حتى يمكنهم أن يسموا الرياء عبادة لله؟؛ ولهذا فإن من الثابت عندهم أن كل ما يصدر عن الصوفي ينبغي أن يفسر بخير حتى وإن كان فعل الفواحش، فيجب الاعتقاد علي أنه لم يفعل ذلك إلا لحكمة جليلة، كما بين ذلك الشعراني في طبقاته وغيره من كبار الصوفية، في تراجمهم لسادتهم عتاة الصوفية.
    وفي هذا يقول الدباغ: "إن غير الولي إذا انكشفت عورته نفرت منه الملائكة الكرام- والمراد بالعورة العورة الحسية، والعورة المعنوية التي تكون بذكر المجون وألفاظ السفه- وأما الولي فإنها لا تنفر منه إذا وقع له ذلك؛ لأنه إنما يفعله لغرض صحيح فيترك ستر عورته لما هو أولي منه" (9) .
    ويؤكد الفوتي ظان الواجب في حق المشايخ والأولياء- وهو كثير جداً- منه:
    1-عدم الاعتراض على الشيخ في أي شيء يفعله ولو كان ظاهره حرام.
    2-أن يكون المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل (10) .
    وشروط أخرى يندى لها الجبين ويموت القلب حسرة لأولئك الذين أذلتهم الصوفية وملكت عليهم كل عرق ينبض بالحياء والحياة، وذكر علماء التصوف أمثلةً وأخباراً كثيرة في وجوب التسليم والرضاء لكل ما يفعله الولي الصوفي مهما كان ذلك العمل، وهو ما قرره الفوتي وعلي حرازم والشعراني والمنوفي وأبو يزيد البسطامي والسهروردي وغيرهم من كبار الصوفية المجرمين في حق البشرية.
    ومهما كان، فإن الملامتية في حقيقتها إنما هي إحدى مصايد الصوفية مهما زخرفوا القول فيها.
    وقال ابن عربي عن هؤلاء الملامتية: "أنهم رجال قطعهم الله إليه وصانهم صيانة الغيرة عليهم؛ لئلا تمتد إليهم عين فتشغلهم عن الله. لقد انفردوا مع الله راسخين لا يتزلزلون عن عبوديتهم مع الله طرفة عين (11) .
    ويرى ابن عربي في فتوحاته المكية أن هذا الاسم أطلق عليهم؛ لأنهم أخفوا مكانتهم الشريفة في العامة، فكأن المكانة تلومهم حيث لم يظهروا عزتها وسلطانها (12) .
    وقد شبههم المنوفي في كتابه (جمهرة الأولياء) بأهل الكهف في فتوتهم وحالهم، حين قال في التعريف بهم: "الملامة نعت لإبدال أهل الفتوة، واسم الملامية أو الملامتية أطلق علي قوم يلومون أنفسهم مع حسن أحوالهم ونموها"، وقد استفاض المنوفي في الأمثلة للملامتية وحشر كثيراً من الناس أمثلة للفتوة (13) .
    وقد قسم شيخ الإسلام الملامية إلى قسمين:
    ملامية يفعلون ما يحبه الله ورسوله ولا يخافون لومة لائم في ذلك، وهؤلاء هم أهل الملام المحمود.
    وملامية يفعلون ما يبغضه الله ورسوله ويصرون على الملام في ذلك والصبر عليه، وهؤلاء هم أهل الملام المذموم.
    قال: "وبهذا يحصل الفرق بين الملامية الذين يفعلون ما يحبه الله ورسوله ولا يخافون لومة لائم في ذلك، وبين الملامية الذين يفعلون ما يبغضه الله ورسوله ويصبرون على الملام في ذلك" (14) .
    وأشار العلامة ابن الجوزي – رحمه الله – إلى مسلك من مسالك هؤلاء الملامية، وهو: ارتكاب المعاصى بحجة عدم لفت الأنظار إلى صلاحهم – كما يتصورون – فقال وفي الصوفية قوم يسمون الملامتية اقتحموا الذنوب وقالوا: مقصودنا أن نسقط عن أعين الناس فنسلم من الجاه، ثم قال معلقاً على هذا الزعم الباطل: وهؤلاء قد أسقطوا جاههم عند الله لمخالفة الشرع" (15) . (16)


    تابعونا


    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:11 pm



    تعريف التصوف لغةً

    قال الجوهري في (الصحاح): (الصوف للشاة والصوفة أخص منه وصوفة أي حيٌّ من مضر وهو الغوث بن مريم بن أدين بن طابخة بن إلياس ابن مضر، كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج أي يغيضون بهم).
    وقول الشاعر: حتى يقال أجيزوا آل صوفانا (1) .
    وكبش صاف أي كثير الصوف (2) .
    وصاف السهم عن الهدف يصوف ويصيف عدل عنه. ومنه قولهم صاف عني شر فلان وأصاف الله عني شره (3) .
    ومن خلال هذه التعريفات اللغوية المتقدمة يتضح لنا أن كلمة صوف تأتي بمعنى الصوف المعروف للشاة ونحوها.
    كما تأتي بمعنى مال وعدل.
    ويرى أحمد بن فارس أن الباب كله يرجع إلى الصوف المعروف وفي ذلك يقول: (الصاد والواو والفاء أصل واحد صحيح وهو الصوف المعروف.
    يقال كبش أصوف وصوف وصائف وصاف كل هذا يكون في كثير الصوف.
    ويقولون خذ بصوفة قفاه إذا أخذ بالشعر السائل في نقرته) (4) .
    وذهب أحمد بن علي المقري في (المصباح المنير) إلى أن كلمة صوفية كلمة مولدة لا يشهد لها قياس ولا اشتقاق في اللغة العربية (5) .
    وقال ابن خلدون في (المقدمة): (إن قيل بالاشتقاق فإنها مشتقة من الصوف لأنهم في الغالب مختصون

    تعريف التصوف اصطلاحاً

    أ- تعريف التصوف لدى المتصوفة أنفسهم:
    وقد اختلفوا اختلافاً كثيراً في تعريفه، كما اختلفوا في أصله واشتقاقه، بل اختلفوا هنا في تعريفه اختلافاً كثيراً حتى تناقضت وتعارضت تعريفاتهم فمن المتصوفة الذين أوردوا تعريفات عدة للتصوف:
    1- معروف الكرخي وقد عرفه بما يلي: (التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق) (1) .
    2- الجنيد (2) وقد عرفه بما يلي فقال: (التصوف أن تكون مع الله بلا علاقة) وقد عرفه أيضاً بما يلي فقال: (التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية ومفارقة الأخلاق الطبعية وإخماد الصفات البشرية ومجانبة الدواعي النفسانية ومنازلة الصفات الربانية والتعلق بعلوم الحقيقة واتباع الرسول في الشريعة) (3) .
    وقد عرَّف سحنون التصوف بما يلي حين سُئل عنه فقال: (التصوف هو أن لا تملك شيئاً ولا يملك شيء) (4) .
    إذا نظرنا في التعريفات السابقة نرى أن أئمة التصوف قد عرفوا التصوف بتعريفات مختلفة، فمثلاً معروف الكرخي قد عرفه بأن معنى التصوف هو الأخذ بالحقائق، كلمة الحقائق تحتمل عدة وجوه ولا ندري ماذا يقصد بها ولعله في الغالب يقصد بها العلم الصوفي الذي يقولون عنه علم الحقيقة.
    وأما الجنيد فقد عرفه بتعريفين، ففي التعريف الأول عرفه بأن معنى التصوف هو أن يكون الإنسان مع الله بلا علاقة، ولعله يقصد بأن على الإنسان أن يقطع جميع علاقاته مع بني جنسه وهذه دعوة باطلة فإننا لسنا مأمورين بالهروب عن البشر عنهم في الأربطة والخوانق، والزوايا الصغيرة كما يفعل المتصوفة إلى يومنا هذا.
    وأما في التعريف الثاني فقد عرفه بأنه تصفية القلب عن موافقة الخليقة والابتعاد عن الأخلاق الطبيعية التي فُطر الإنسان عليها والسعي إلى التخلص من الصفات البشرية وعدم إعطاء النفس حقها مما تطلبه وأن يكون متعلقاً بعلوم الحقيقة ويتبع الرسول في الشريعة.
    وهذه كلها مخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله لأن الإنسان بشر وسيظل بشراً هكذا، مهما عبد الله سبحانه وتعالى.
    وسحنون قد عرَّف التصوف بأنه التجرد عن كل الأملاك والتحرر من أي أحد أن يملكك.
    وفي الحقيقة فالصوفية في هذه التعريفات تعرب لنا عن معتقدات الصوفية التي يعتقدونها في قلوبهم ولم يقولوها هكذا جزافاً.
    ب - تعريف التصوف لدى غير المتصوفة من المسلمين:
    لقد عرف الدكتور إبراهيم هلال التصوف بما يلي فقال: (رغم كثرة التعريفات التي عرف بها التصوف الإسلامي في كتب التصوف وغيرها فإننا نستطيع أن نقول أن التصوف كما يراه الصوفية في عمومه هو السير في طريق الزهد، والتجرد عن زينة الحياة وشكلياتها وأخذ النفس بأسلوب من التقشف وأنواع من العبادة والأوراد والجوع والسهر في صلاة أو تلاوة ورد.
    حتى يضعف في الإنسان الجانب الجسدي ويقوى فيه الجانب النفسي أو الروحي فهو إخضاع الجسد للنفس بهذا الطريق المتقدم سعياً إلى تحقيق الكمال النفسي كما يقولون وإلى معرفة الذات الإلهية وكمالاتها وهو ما يعبرون عنه بمعرفة الحقيقة) (5) .
    والإسلام يدعو حقيقة إلى تربية الإنسان تربية إسلامية صحيحة حتى يكون مستقيماً في حياته ويخضع لأوامر الله ورسوله عن قناعة كاملة.
    ولكن الإسلام لا يسلك في تربية الإنسان الطريق الذي سلكه المتصوفة في تربية الإنسان وإنما يسلك في التربية إلى تقوية الإيمان بالله وباليوم الآخر وبجميع ما يجب الإيمان به والعمل بالشريعة في حدود استطاعة الإنسان بالإتيان بالواجبات والإقلاع عن المحرمات والابتعاد عنها كلية، ولذا أقول إن سلوك المتصوفة في تربية الإنسان سلوك منحرف بعيد كل البعد عن المنهج الذي جاء به الإسلام وأمرنا أن نسلكه، ذلك لأن السلوك الذي يسير عليه المتصوفة في التربية يحطم معنويات الإنسان ويسعى دائماً أن يفصل الإنسان عن هذه الحياة نهائياً حتى يصبح عضواً ميتاً لا قيمة له في هذه الحياة، وهذا سلوك يختلف تماما عن السلوك الذي دعا إليه الإسلام ذلك لأن الإسلام دين شامل كامل يدعو الإنسان لكي يقوم بوظائفه في هذه الحياة على أكمل وجه وأتمه.
    فالإسلام أباح للإنسان أن يأكل من الطيبات كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة: 172].
    وقال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف: 32].
    ولو تتبعنا وبحثنا في المصادر التاريخية فسنجد أن هذه التربية الصوفية أخذت من فلسفات أجنبية كالهندوكية والبوذية أو الديانات المحرَّفة كالمسيحية واليهودية أو أنها أخذت من البيئة الإسلامية عن طريق الطوائف الضالة كالشيعة والباطنية.
    فالمتصوفة قد أدخلوا في الإسلام ما ليس منه في جميع جوانبه سواء كان في جانب العبادة أو كان في جانب العقائد والأخلاق حتى أصبحت معرفة الصوفية في عمومها معرفة فلسفية أو إشراقية لا معرفة دينية ترجع إلى محض التمسك بالكتاب والسنة.
    فالإشراق الفلسفي الذي عرف من قبل عند سقراط وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان والهند والفرس، والذي يصل فيه المرء بعد مرحلة التجرد والرياضة والعبادة إلى مرحلة الكشف والإخبار عن المغيبات هو غاية التصوف الإسلامي في منهجه الفلسفي (6) .
    وقد عرفه الشيخ محمد فهر شقفة بقوله: (التصوف طريقة زهدية في التربية النفسية يعتمد على جملة من العقائد الغيبية (الميتافيزيكية) مما لم يقم على صحتها دليل لا في الشرع ولا في العقل).
    وقد شرح هذا التعريف فقال: (وقولنا: يعتمد على جملة من العقائد (الميتافيزيكية) مما لم يقم على صحتها دليل في الشرع ولا في العقل.
    يعني تلك العقائد التي تبحث فيما وراء الطبيعة والتي يدعون بأنهم تعلموها عن طريق الكشف أو وردت إليهم عن طريق الخواطر أو الرؤى المنامية كعقيدة البعض في الحلول ووحدة الوجود والحقيقة المحمدية واعتبارها أصلاً لكل حياة بشرية وكونية، وعقيدة البعض الآخر عن النواميس الطبيعية مما لم يخبر بذلك قرآن ولا سنة ولا يقوم على أساس علمي ولا يتفق مع المقاييس العقلية)


    هل توجد علاقة بين المتصوفة وأهل الصفة

    هذه القضية تعتبر من القضايا الساخنة خاض غمارها المتصوفة من جانب، وغير المتصوفة من الجانب الآخر حول الصلة بين الفريقين: الصوفية، وأهل الصُّفَّة.
    فهل توجد فعلاً علاقة بين الصوفية وأهل الصُّفَّة؟
    الجواب: إنه بالرغم مما بذله المتصوفة من جدل وبحوث لتقريب التصوف إلى أهل الصُّفَّة فإن ذلك لم يُجْدِهم شيئاً.
    فهناك من المتصوفة كالمنوفي، والسهروردي، وغيرهما من كبار الصوفية من يزعم وجود تلك الصلة بين الفريقين، وأن أهل الصُّفَّة هم سلف أهل التصوف، فالسهروردي يرى أن العلاقة بين المتصوفة وأهل الصُّفَّة تتمثل في حب الانفراد والعزلة عن الناس والشوق إلى الله تعالى، وأن هذه الفكرة هي الجامع بين الصوفية وأهل الصُّفَّة فيما يرى، وقد قال في إثبات ذلك:
    "الصوفية يشاكل حالهم حال أولئك (1) ، لكونهم مجتمعين متآلفين متصاحبين لله وفي الله كأصحاب الصُّفَّة، وكانوا نحواً من أربعمائة رجل لم تكن لهم مساكن بالمدينة ولا عشائر، جمعوا أنفسهم في المسجد كاجتماع الصوفية قديماً وحديثاً في الزوايا والربط.." (2) إلى آخر كلامه.
    وأما المنوفي فقد قال عنهم: "هم قوم أخلاهم الحق من الركون إلى شيء من العروض الفانية وشغل أفئدتهم بالحياة الباقية.." إلى أن يقول: "استوطنوا الصفة فصفوا أنفسهم من الأكدار ونقوها من الأغيار، واعتصموا من حظوظ النفوس بالإيثار".
    إلى أن قال: "وكان الظاهر من أحوالهم والمشهود من أخبارهم غلبة الفقر عليهم وإيثارهم القلة واختيارهم لها، فلم يجتمع لهم نوعان، ولا حضر لهم من الأطعمة لونان" (3) .
    والحقيقة أن السهروردي وغيره من المتصوفة لم يستطيعوا أن يأتوا برباط واحد، أو بوجه شبه يعتبر قاسماً مشتركاً صحيحاً مقبولاً بين حال أهل الصُّفَّة رضوان الله عليهم وبين المتصوفة، مع كثرة ما حاول هو وغيره وبشتى الأساليب أن يوجدوا تلك الصلة المزعومة، وأن يكون أولئك الصحابة الأفاضل هم الأساس لأقطاب التصوف والمثل الأول لهم.
    مع محاولة بعضهم كذلك ربط حركة التصوف وما تحمل من حب العزلة والانفراد والخلوة بما وقع للرسول صلى الله عليه وسلم، من تحبيب الخلوة إليه في غار حراء يتعبد فيه الليالى ذوات العدد.
    وقد فاتهم أن هذا لا يصلح أن يكون دليلاً لهم على ذلك؛ فإن أقل ما ينقصه هو أن تلك الخلوة إنما كانت بعناية من الله له؛ ليستعد لحمل أعباء الرسالة فيما بعد، وقبل أن يكلف أيضاً بدعوة الناس وإقامة شعائر الدين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم بمجرد أن اختاره الله لتبليغ الدعوة كان محط أنظار الناس في كل لحظة من لحظات عمره المبارك، وإلا فكيف انتشر الإسلام بعد ذلك ودخل الناس في دين الله أفواجاً لو بقى على تلك الخلوة وبمفهوم الصوفية أيضاً؟!.
    والحق أن المتصوفة ليس لهم مستند في تعلقهم بأساس تصوفهم سواء كان ذلك التعلق بالصحابة من أهل الصفة، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم في خلوته في غار حراء، ومن زعم أن بدايات التصوف كان الرسول صلى الله عليه وسلم أو أهل الصفة فلا شك في خطئه.
    وإذا كان المتصوفة فيما يدعون يحبون الفقر والخرقة (4) ، والانزواء في الزوايا والأربطة، فإن الثابت المتواتر أن أهل الصفة في مجملهم كانوا كثيراً ما يشكون حالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمل أن يساعدهم على حياة طيبة في الدنيا تكون عوناً لهم إلى الآخرة، وقد أخبر الله عنهم أنهم يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون.
    وقد تحقق لمعظمهم بعد ذلك مال وافر، عملاً منهم بقول الله تعالى وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا[القصص:77]، واجتمعت لبعضهم ألوان الأطعمة المباحة ولم يزهدوا عن الدنيا نهائياً، لأنهم يعلمون أن ذلك لا ينافي الزهد، بينما معظم المتصوفة إنما يريد بإظهار ذلك الزهد وتلك الرهبانية الوصول إلى ما في أيدي الناس واستعباد أذهانهم وأفكارهم، لا زهداً حقيقياً عن الدنيا في أكثر أحوالهم؛ حيث وجد لبعضهم بعد موتهم مدخرات كثيرة مما يتنافى ودعوى الزهد؛ لأن الزهد الحقيقي هو ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، فلا رهبانية ولا تواكل ولا تحريم لما أحله الله من الطيبات، ولا استحلال ما لم يرد به الشرع، وهذا هو الزهد لا إظهار الفقر والعوز كما يراه غلاة المتصوفة.
    إن تلك الصلة بين الصوفية وأهل الصُّفَّة التي يزعمها السهروردي والمنوفي محض خيال؛ ذلك أن أهل الصُّفَّة ما كانوا يحبون الفقر ولا يحبون الانفراد والعزلة عن الناس، وكيف يحبون العزلة والانفراد وهم في أكثر أماكن تجمع الناس؟! وأيضاً أكان مكثهم في الصفة بمحض رغبتهم أم كانت حالة طارئة أملتها عليهم الظروف المعيشية؟.
    ذلك أنه لا يخفى على طلاب العلم – أن أهل الصفة كانوا من الفقراء الذين لا يجدون مأوى غير المسجد، في الوقت الذي كانوا يبحثون فيه بكل جد من أجل الوصول إلى حال اليسار والغنى، خصوصاً وهم يتلون قول الله تعالى: وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا[القصص:77]، كما يسمعون قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفى كل خير)) (5) وقوله أيضاً: ((اليد العليا خير من اليد السفلى)) (6) ".
    فما كان أحدهم يحمل الزنبيل على ظهره ويطوف بالبيوت في طلب رزقه متكاسلاً عن العمل، متكلاً على ما في أيدي الناس أعطوه أم منعوه، كما هي حال كثير من المتصوفة بعد أن فسدت فطرهم واختلت مفاهيمهم.
    حين صاروا كما مدحهم السهروردي بقوله: "واتخذوا لنفوسهم زوايا يجتمعون فيها تارة وينفردون أخرى، أسوة بأهل الصفة، تاركين للأسباب متبتلين إلى رب الأرباب" (7) .
    وأما زعم المنوفي أن الله اختار أهل الصفة ليكونوا كذلك وهم أيضاً قد اختاروا الفقر والمسكنة – فهو زعم باطل يكذبه الله في القرآن الكريم وتكذبه السنة النبوية والتاريخ. لقد كان من أهل الصُّفَّة أميراً ومن أصبح غنياً ذا ثراء كبير وفير، ومن أصبح قائد جيوش جرارة، وهم مع ذلك في قمة الزهد والخشوع لربهم. (Cool

    تابعونا




    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:13 pm


    نشأة التصوف

    إن الناس اختلفوا في بدء ظهور هذه الكلمة واستعمالها كاختلافهم في أصله وتعريفه, فذكر ابن تيمية وسبقه ابن الجوزي وابن خلدون في هذا أن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة الأولى, وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني وغيرهما، وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري (1) .
    وقال السراج الطوسي في الباب الذي خصصه للرد على من قال: لم نسمع بذكر الصوفية في القديم وهو إسم مستحدث: يقول في هذا الباب: (إن سأل سائل فقال: لم نسمع بذكر الصوفية في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين، ولا فيمن كان بعدهم، ولا نعرف إلا العبّاد والزُّهاد والسيَّاحين والفقراء، وما قيل لأحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوفي، فنقول وبالله التوفيق.
    الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لها حرمة، وتخصيص من شمله ذلك، فلا يجوز أن يعلق عليه اسم على أنه أشرف من الصحبة، وذلك لشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمته، ألا ترى أنهم أئمة الزهاد والعباد والمتوكلين والفقراء والراضين والصابرين والمختبين، وغير ذلك، وما نالوا جميع ما نالوا إلا ببركة الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما نسبوا إلى الصحبة والتي هي أجل الأحوال استحال أن يفضلوا بفضيلة غير الصحبة التي هي أجل الأحوال وبالله التوفيق.
    وأما قول القائل: إنه اسم محدث أحدثه البغداديون، فمحال، لأن في وقت الحسن البصري رحمه الله كان يعرف هذا الاسم، وكان الحسن قد أدرك جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، وقد رُوي عنه أنه قال: رأيت صوفيا في الطواف فأعطيته شيئا فلم يأخذه وقال: معي أربعة دوانيق يكفيني ما معي.
    وروي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء، وقد ذكر الكتاب الذي جُمع فيه أخبار مكة عن محمد بن إسحاق بن يسار، وعن غيره يذكر فيه حديثاً: أنه قبل الإسلام قد خلت مكة في وقت من الأوقات، حتى كان لا يطوف بالبيت أحد، وكان يجيء من بلد بعيد رجل صوفي فيطوف بالبيت وينصرف، فإن صح ذلك فإنه يدل على أنه قبل الإسلام كان يعرف هذا الاسم، وكان يُنسب إليه أهل الفضل والصلاح، والله أعلم) (2) .
    وبمثل ذلك قال السهروردي: (وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: كان في زمن التابعين - ثم نقل عن الحسن البصري وما نقلناه عن الطوسي أيضا - ثم قال: وقيل: لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية) (3) .
    وصرح عبد الرحمن الجامي: (أن أبا هاشم الكوفي أول من دعى بالصوفي، ولم يسم أحد قبله بهذا الاسم، كما أن أول خانقاه بني للصوفية هو ذلك الذي في رملة الشام، والسبب في ذلك أن الأمير النصراني كان قد ذهب للقنص فشاهد فشاهد شخصين من هذه الطائفة الصوفية سنح له لقاؤهما وقد احتضن أحدهما الآخر وجلسا هناك، وتناولا معا كل ما كان معهما من طعام، ثم سارا لشأنهما، فسرّ الأمير النصراني من معاملتهما وأخلاقهما، فاستدعى أحدهما، وقال له: من هو ذاك؟
    قال: لا أعرفه، قال: وما صلتك به؟.
    قال: لا شيء. قال: فمن كان؟.
    قال: لا أدري، فقال الأمير: فما هذه الألفة التي كانت بينكما؟.
    فقال الدرويش: إن هذه طريقتنا، قال: هل لكم من مكان تأوون إليه؟.
    قال: لا، قال: فإني أقيم لكما محلا تأويان إليه، فبنى لهما هذه الخانقاه في الرملة) (4) .
    وأما القشيري فقال: اشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة) (5) .
    وأما الهجويري فلقد ذكر أن التصوف كان موجودا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وباسمه، واستدل بحديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سمع صوت أهل التصوف فلا يؤمن على دعائهم كتب عند الله من الغافلين) (6) .
    مع أنه نفسه كتب في نفس الباب في آخره شارحا كلام أبي الحسن البوشنجي (التصوف اليوم اسم بلا حقيقة، وقد كان من قبل حقيقة بلا اسم) فكتب تحته موضحا:
    (يعني أن هذا الاسم لم يكن موجودا وقت الصحابة والسلف، وكان المعنى موجودا في كل منهم، والآن يوجد الاسم، ولا يوجد المعنى) (7) .
    وأما المستشرقون الذين كتبوا عن التصوف، ويعدون من موالي الصوفية وأنصارهم، فمنهم نيكلسون فإنه يرى مثل ما يراه الجامي أن لفظة التصوف أطلقت أول ما أطلقت على أبي هاشم الكوفي المتوفى سنة 150 هـ (Cool .
    ولكن المستشرق الفرنسي المشهور ما سينيون يرى غير ذلك، فيقول:
    ورد لفظ الصوفي لأول مرة في التاريخ في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي إذ نعت به جابر بن حيان، وهو صاحب كيمياء شيعي من أهل الكوفة، له في الزهد مذهب خاص، وأبو هاشم الكوفي الصوفي المشهور.
    أما صيغة الجمع (الصوفية) التي ظهرت عام 189 هـ (814 م) في خبر فتنة قامت بالأسكندرية فكانت تدل قرابة ذلك العهد على مذهب من مذاهب التصوف الإسلامي يكاد يكون شيعيا نشأ في الكوفة، وكان عبدك الصوفي آخر أئمته، وهو من القائلين بأن الإمامة بالإرث والتعيين، وكان لا يأكل اللحم، وتوفى ببغداد حوالي عام 210 هـ.
    وإذن فكلمة صوفي كانت أول أمرها مقصورة على الكوفة) (9) .
    وقال أيضا:
    صاحب عزلة بغدادي، وهو أول من لقب بالصوفي، وكان هذا اللفظ يومئذ يدل على بعض زهاد الشيعة بالكوفة، وعلى رهط من الثائرين بالأسكندرية، وقد يعدّ من الزنادقة بسبب إمتناعه عن أكل اللحم، ويريد الأستاذ أول من لقب بالصوفي في بغداد كما يؤخذ مما نقله عن الهمذاني، ونصه:
    (ولم يكن السالكون لطرق الله في الأعصار السالفة والقرون الأولى يعرفون باسم المتصوفة، وإنما الصوفي لفظ أشتهر في القرن الثالث، وأول من سمي ببغداد بهذا الاسم عبدك الصوفي، وهو من كبار المشائخ وقدمائهم، وكان قبل بشر بن الحارث الحافي والسري بن المفلس السقطي) (10) .
    والجدير بالذكر أن هؤلاء الثلاثة الذين يقال عنهم بأنهم أول من سمّو بهذا الاسم، وتلقبوا بهذا اللقب مطعونون في مذاهبهم وعقائدهم، ورمى كل واحد منهم بالفسق والفجور وحتى الزندقة، وخاصة جابر بن حيان، وعبدك كما سيأتي ذلك مفصلا في محله من الكتاب إن شاء الله.
    وقد سبق كلام شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال: (إن لفظ الصوفية لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك) (11) .
    وبمثل ذلك قال ابن خلدون (12) .
    فخلاصة الكلام أن الجميع متفقون على حداثة هذا الاسم، وعدم وجوده في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالحين.
    نعم, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أزهد خلق الله في الدنيا وزخارفها، وأصحابه على سيرته وطريقته، يعدّون الدنيا وما فيها لهوا ولعبا، زائلة فانية، والأموال والأولاد فتنة ابتلي المؤمنون بها، فلم يكونوا يجعلون أكبر همهم إلا ابتغاء مرضاة الله، يرجون لقاءه وثوابه، ويخافون غضبه وعقابه، آخذين من الدنيا ما أباح الله لهم أخذه، ومجتنبين عنها ما نهى الله عنه، سالكين مسلك الاعتدال، منتهجين منهج المقتصد، غير باغين ولا عادين، مفرطين ولا متطرفين، وعلى رأسهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الراشدون، وبقية العشرة المبشرة، ثم البدريون، ثم أصحاب بيعة الرضوان، ثم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، ثم عامة الأصحاب، على ترتيب الأفضلية ...
    وتبعهم في ذلك التابعون لهم بإحسان، واتباع التابعين، أصحاب خير القرون، المشهود لهم بالخير والفضيلة، ولم يكن لهؤلاء كلهم في غير رسول الله أسوة ولا قدوة، الذي قال فيه جل وعلا: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
    والذي إذا وجد طعاما فأكل وشكر، وإذا لم يجد فرضي وصبر، وأحب لبس الثياب البيض، واكتسب جبّة رومية، ونهى عن التصدق بأكثر من ثلث المال، وأمر بحفظ حقوق النفس والأهل والولد، ونهى عن تعذيب النفس واتعاب الجسد والبدن، وحرّص متبعيه على طلب الحلال، وطلب الحسنات في الدنيا والآخرة، ومنع الله تعالى من التعنت والتطرف في ترك الدنيا وطيباتها في آيات كثيرة في القرآن الكريم، سنوردها في موضعها من الكلام إن شاء الله.
    ثم خلف من بعدهم خلف فتطرفوا، وذهبوا بعيدا في نعيم الدنيا وزخارفها، وفتحت عليهم أبواب الترف والرخاء، ودرّت عليهم الأرض والسماء، وأقبلت عليهم الدنيا بكنوزها وخزائنها، وفتحت عليهم الآفاق فانغمسوا في زخارفها وملذاتها، وبخاصة العرب الفاتحون الغزاة، والغالبون الظاهرون، فحصل ردّ الفعل، وفي نفوس المغلوبين المغزوين والمقهورين، من الموالي والفرس والمفلسين وأصحاب النفوس الضعيفة المتوانية خاصة، فهربوا عن الحياة ومناضلتها، وجدّها وكدّها، ولجأوا إلى الخانقاوات والتكايا والزوايا والرباطات، فرارا من المبارزة والمناضلة، وصبغوا هذا الفرار والانهزام وردّ الفعل صبغة دينية، ولون قداسة وطهارة، وتنزه وقرابة، كما كان هنالك أسباب ودوافع ومؤثرات أخرى، وكذلك أيدي خفية دفعتهم إلى تكوين فلسفة جديدة للحياة، وطراز آخر من المشرب والمسلك، وأسلوب جديد للعيش والمعاش، فظهر التصوف بصورة مذهب مخصوص، وبطائفة مخصوصة اعتنقه قوم، وسلكه أشخاص ساذجون بدون تفكير كثير، وتدبر عميق كمسلك الزهد، ووسيلة التقرب إلى الله، غير عارفين بالأسس التي قام عليها هذا المشرب، والقواعد التي أسس عليها هذا المذهب، بسذاجة فطرية، وطيبة طبيعية، كما تستر بقناعه، وتنقب بنقابه بعض آخرون لهدم الإسلام وكيانه، وإدخال اليهودية والمسيحية في الإسلام، وأفكارهما من جانب، والزرادشتية والمجوسية والشعوبية من جانب آخر، وكذلك الهندوكية والبوذية والفلسفة اليونانية الأفلاطونية من ناحية أخرى، وتقويض أركان الإسلام وإلغاء تعاليم سيد الرسل صلى الله عليه وسلم، ونسخ الإسلام وإبطال شريعته بنعرة وحدة الوجود، ووحدة الأديان، وإجراء النبوة، وترجيح من يسمى بالولي على أنبياء الله ورسله، ومخالفة العلم، والتفريق بين الشريعة والحقيقة، وترويج الحكايات والأباطيل والأساطير، باسم الكرامات والخوارق وغير ذلك من الخلافات والترهات.
    فلم يظهر التصوف مذهبا ومشربا، ولم يرج مصطلحاته الخاصة به، وكتبه، ومواجيده وأناشيده، تعاليمه وضوابطه، أصوله وقواعده، وفلسفته، ورجاله وأصحابه إلا في القرن الثالث من الهجرة وما بعده.

    الأطوار التي مر بها التصوف

    لقد مر التصوف بمراحل مختلفة، إذ بدأ بالزهد والزهاد في البصرة وأمثالها من أمصار المسلمين، ثم تحول بعد ذلك إلى طرق صوفية لكل منها معالمها المتميزة، ومن ثم صارت تنحرف عن الإسلام وتعاليمه رويداً رويداً.
    ويمكن أن نميز في الصوفية ثلاث مراحل واضحة نوجزها فيما يأتي:
    المرحلة الأولى:
    وكان يغلب على أصحابها جانب العبادة والبعد عن الناس، مع التزامهم بآداب الشريعة، وقد يغلب على بعضهم الخوف الشديد والبكاء المستمر، وكان من هؤلاء في المدينة: عامر بن عبد الله بن الزبير، الذي كان يواصل في صومه ثلاثاً ويقول له والده: رأيت أبا بكر وعمر ولم يكونا هكذا (1) .
    وكان في البصرة طلق بن حبيب العنزي، وعطاء السلمي الذي بكى حتى عمش (2) .
    ومن هؤلاء الزهاد: إبراهيم بن سيار وبشر بن الحارث الحافي كان قد فاق أهل عصره في الزهد وحسن الطريقة واستقامة المذهب وعزوف النفس كما قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (3) .
    ومن هؤلاء جنيد بن محمد الجنيد، الذي ينقل عنه الخطيب البغدادي قوله: (علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، ومن لم يحفظ الكتاب ولم يكتب الحديث ولم يتفقه، فلا يقتدى به) (4) .
    (إن هؤلاء كانت مقاصدهم حسنة، غير أنهم على غير الجادة وفيهم من كان لقلة علمه، يعمل بما يقع إليه من الأحاديث الموضوعة وهو لا يدري) (5) .
    ومن هذا الزهد المشروع نسبياً انتقل بعضهم إلى تأليف الكتب، يدعو فيها إلى أمور لم تكن عند الزهاد السابقين، كترك الزواج مثلاً، ومن هؤلاء: مالك بن دينار الذي امتنع عن الزواج، وعن أكل اللحم إلا من أضحيته، وكثيراً ما كان يقرأ في كتب السابقين كالتوراة والإنجيل.
    ويعتبر من أقطاب هذه المرحلة: رابعة العدوية، التي استحدثت قصة الحب الإلهي والعشق الإلهي.
    فهؤلاء من أوائل الصوفية الذين اتخذوا طريقة، جمعوا فيها بين الزهد والتعمق والتشدد، والتفتيش عن الوساوس والخطرات، مما لم يكن على عهد السلف الأول.
    وإذا كان الصفاء الروحي يأتي بدون تكلف عند السلف نتيجة التربية المتكاملة، فنحن هنا بصدد تشدد وتكلف لحضور هذا الصفاء، وبصدد تنقير وتفتيش عن الإخلاص يصل إلى حد الوساوس.
    ومما استحدث في هذه المرحلة: الاستماع إلى القصائد الزهدية مع استعمال الألحان المطربة، وصنفت الكتب التي تجمع أخبار الزهد والزهاد، ولكنها تخلط بين الصحيح وغيره، وتدعو إلى الفقر، وتنقل عن أهل الكتاب، مثل كتب الحارث المحاسبي، وقوت القلوب لأبي طالب المكي والرسالة للقشيري (6) .
    وعلى كل (فإن هذه المذاهب قد ظهرت فيما بعد القرون المفضلة رويداً رويداً، وكان أصحابها الأولون قد انفردوا بما أتوا من الزهد والورع، الذي لم يكن عليه رسول الله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، وإلى هذا يشير قوله تعالى: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا [الحديد: 27].
    والحقيقة إن لفظ الصوفية لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك) (7) .
    وربما كان الصوفية صادقين في زهدهم في هذه المرحلة، مع بعدهم عن الدنيا، إلا أن التشدد الذي فرضوه على أنفسهم لم يأمر به الشارع، ويبدو أن هناك تأثيراً للنصارى في تكوين القناعات بتعذيب الجسد كي تصفوا الروح (Cool .
    هذه البداية للتصوف بقيت مقبولة إلى حد ما، ولكن ليت الأمر وقف عند هذا الحد، وإنما بدأت تغزو الصوفية مصطلحات غامضة، وطقوس غريبة، وانحرافات عن الشريعة، وهذا ما ظهر جلياً في المرحلة التالية، وخلال طرق منظمة، لها مشايخها وطقوسها، بعد القرن الثالث الهجري.
    المرحلة الثانية:
    وقد أدخل فيها المتصوفة مصطلحات غامضة فتحدثوا عن الفناء والبقاء، وعلم الإشارة في المكاشفات، والمآل في ذلك إلى الذوق.
    وفي هذه المرحلة: نشأ لديهم ما يسمى بعلم الظاهر والباطن وأعلنوا سقوط التكاليف الشريعة عن أوليائهم، لاطلاعهم على علم الحقيقة وبسبب الكشف والإلهام، وزعموا الاطلاع على علم الغيب فكثرت الأساطير والخرافات عندهم.
    ولعل عقائد الشيعة – والباطنية خاصة – قد خالطت عقائد القوم، كما أن الأديان القديمة وفلسفة اليونان، قد تغلغلت في عقائد المتصوفة من خلال الطريقة ورموزها ومصطلحاتها.
    (وقد ظهر هذا التصوف بصورة مذهب مخصوص، وطائفة مخصوصة عند الموالي والأعاجم، عن سذاجة حيناً، وأحقاد لهدم الإسلام حيناً آخر، فأدخلوا اليهودية والمسيحية وأفكارهما في الإسلام، ناهيك عن الزرادشتية والمجوسية والبوذية، وفلسفة اليونان الأفلاطونية، يقصدون إبطال الشريعة والتفريق بينها وبين الحقيقة، مع إشاعة الأساطير والأباطيل باسم الكرامات والخوارق، ولم يظهر التصوف مذهباً ومشرباً، ولم ترج مصطلحاته الخاصة وأصوله وقواعهده إلا في القرن الثالث الهجري، وما بعده) (9) .
    وقد كان معظم أقطاب التصوف من هذه الطبقة منهم: أبو الحسن الشاذلي، وأبو يزيد البسطامي، وأحمد الرفاعي، وأحمد البدوي، وعبد القادر الجيلاني والتيجاني والنقشبندي...
    ومن الجدير بالذكر أن الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر، كتب كتاباً في تميجد الشاذلي وطريقته.
    ففي ذلك الكتاب يذكر أن الله سبحانه كلم الشاذلي على جبل زغوان، وهو الجبل الذي اعتكف الشاذلي في قمته، وتعبد فيه وتحنث، يذكر ذلك نقلاً عن صاحب كتاب (درة الأسرار) (10) .
    وينقل أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم الشاذلي من داخل حجرته الشريفة (فلما قدم المدينة زادها الله تشريفاً وتعظيماً، وقف على باب الحرم من أول النهار إلى نصفه، عريان الرأس حافي القدمين، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم تتسليماً، فسئل عن ذلك فقال: حتى يؤذن لي... فسمع النداء من داخل الروضة الشريفة: (يا علي ادخل) (11) .
    فمن كانت هذه مكانته لا يستبعد أن يقول: (لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يكون في غد وبعد غد إلى يوم القيامة) وإني لأستغرب كيف ينقل شيخ الجامع الأزهر هذه الأساطير وهو الذي تخرج من فرنسا أيضاً، إلا أن التربية الصوفية كثيراً ما تلغى فيها العقول.
    والطريقة عند أقطاب التصوف، أن معظمهم يوصل نسبه إلى آل البيت، (علي وأبنائه خاصة) فالرفاعي والشاذلي وأحمد البدوي والجيلاني كلهم من آل البيت، ويخاطبون جدهم رسول الله، وهو في قبره فيجيبهم. صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هكذا يزعمون، ويصدقهم أتباعهم بلا تردد.
    ومما قاله الشاذلي: (أعطيت الشاذلية ثلاثاً لم تحصل لمن قبلهم ولا لمن بعدهم: الأول أنهم مختارون في اللوح المحفوظ، الثاني أن القطب منهم إلى يوم القيامة، الثالث أن المجذوب منهم يرجع إلى الصحو) (12) .
    أحمد بن الرفاعي (13) : المتوفى سنة 578هـ، يحاول أتباعه إثبات نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً.
    يذكر صاحب القلادة أن الرفاعي لما حج عام 555هـ وقف تجاه الحجرة العطرة النبوية وقال: السلام عليكم يا جدي، فقال له عليه أفضل صلوات الله: وعليك السلام يا ولدي (14) . وسمع ذلك كل من في المسجد النبوي، ومد له رسول الله يده الشريفة العطرة من قبره الأزهر فقبلها، في ملأ يقرب من تسعين ألف رجل؟! ثم قالوا: (وإنكار هذه الكرامة كفر) (15) .
    وينقل عن الرفاعي أمور غريبة، وحركات عجيبة، وقد تعلم أصحابه السحر. يقول الذهبي: (ولكن أصحابه فيهم الجيد والرديء، وقد كثر الزغل فيهم وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق، من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات) (16) .
    وقال ابن خلكان (17) : (ولأتباعه أحوال عجيبة، من أكل الحيات وهي حية، والنزول إلى التنانير وهي تضطرم من النار فيطفئوها).
    وقال ابن الملقن في ترجمة الرفاعي: (هو القائل: الشيخ من يمحو اسم مريده من ديوان الأشقياء، ثم قال: ودخل عليه شخص، وكان على جبهته مكتوب سطر الشقاوة فمحي ببركته) (18) .
    وقد ناظر ابن تيمية رحمه الله أتباع الرفاعي (البطائحية) أمام أمير دمشق، وأبان الكذب والتلبيس عند مشايخهم، واشترط عليهم أن سيدخل معهم النار على أن يغتسلوا بالخل والماء الحار، لأنهم كانوا يطلون جسومهم بأدوية يصنعونها من دهن الضفادع وباطن قشر النارنج وغير ذلك من الحيل المعروفة لهم... ولما فضح أمرهم ذلوا، وطلبوا التوبة عما مضى، وسأل الأمير ابن تيمية عما يطلب منهم فقال: متابعة الكتاب والسنة) (19) .
    أما أحمد البدوي: والملقب بالسيد البدوي، فقد أحاطوه بمظاهر التقديس، وجعل قريناً لرسول الله وغيره من الأنبياء، وزعموا أن شفاعته لا يصل إلى مثلها الأنبياء، وأنه يطلع على الغيب، وأن الأرض تطوى له، وأنه قادر على إحياء الموتى، وإماتة الأحياء، وأنه يخرج من قبره عندما يستغيث به أحد ممن يتعرض لقاطع طريق، وأنه يتكلم من قبره، وقد ادعى السيد البدوي أنه من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم (20) .
    ويبدو أن البدوي كان شخصية غامضة مريبة، لها مخطط باطني خبيث، خطط له ومهد الطريق شخصيات من رموز الشيعة الباطنية باسم التصوف والدروشة (21) .
    هذه نماذج من قادة التصوف عرضت لسيرة بعضها حتى يطلع القارئ على خطورة ما توصلوا إليه من أفكار وشطحات، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى المراجع المطولة.
    المرحلة الثالثة:
    تعتبر هذه المرحلة من أخطر مراحل التصوف حيث تسربت الفلسفة اليونانية، فابتعدت بها عما سبقها من مراحل التصوف، بل جعلتها من الصوفية الخارجة عن الإسلام، إذ كان تأثير الفلاسفة قوياً بعد ترجمة كتب اليونان، وفيها نظرية الفيض والإشراق، التي ستلعب دوراً خطيراً في فكر التصوف، وخاصة عند السهروردي، وابن عربي (22) .
    وقد ذكر كثير من الباحثين، أن الأفلاطونية الحديثة هي أحد المصادر الأساسية، للتصوف، بل إنها هي المصدر الأول بالنسبة إلى القائلين بوحدة الوجود والحلول، بدءاً من أبي يزيد البسطامي، وسهل التستري وابن سبعين، وإنتهاء بابن الفارض والحلاج وابن عربي والسهروردي المقتول وغيرهم كثير.
    وقد أخذ هؤلاء نظرية الفيض والمحبة والإشراق والمعرفة، مع الآراء الأخرى التي تمسكوا بها عن الأفلاطونية الحديثة.
    ويرى آخرون أنها مأخوذة من البوذية، وغيرها من الديانات المحرفة كاليهودية والنصرانية (23) .
    فصار هؤلاء المتصوفة يعتقدون أنه ليس هناك فرق بين الله وخلقه، إلا أن الله تعالى كل والخلق جزؤه، وأن الله متجل في كل شيء من الكون حتى الكلاب والخنازير، فالكل مظاهره، وما في الوجود إلا الله، فهو الظاهر في الكون، والكون مظهره (24) .
    يقول ابن عربي: (فلا مظهر إلا نحن، ولا ظهور لنا إلا به، فبه عرفنا أنفسنا وعرفناه، وبنا تحقق عين ما يستحق إلا له.
    فلولاه لما كنا ولولا نحن ما كانا
    فإن قلنا بأن (هو) يكون الحق إيانا
    فبدانا وأخفاه وأبداه وأخفانا
    فكان الحق أكواناً وكنا نحن أعياناً (25)

    تعالى الله عما يقول هؤلاء الضالون علواً كبيراً، إذ أن هؤلاء (يعتقدون أن العالم كله ظل وعكس لذات الله تعالى، فهل في الوجود إلا الله؟ والإنس والجن والشجر والحجر والدود والدواب، والطيور والسباع والكلاب والخنازير صور مختلفة للتجلي الإلهي، فكل شيء في العالمين إله عند الصوفية، وعلى ذلك نقل الطوسي عن أبي حمزة الصوفي: أنه كان إذا سمع صوتاً مثل هبوب الريح، وخرير الماء، وصياح الطيور، كان يصيح ويقول: لبيك) (26) .
    (ونقل عن أبي الحسن النوري أنه سمع نباح الكلاب فقال: لبيك وسعديك) (27) .
    فماذا بعد هذا من الكفر الصريح، والوقاحة مع ذات الله جل جلاله.
    لقد كان عباد الأصنام يحترمونها، ويدافعون عن مقدساتهم، أما هؤلاء فقد نزلوا بأربابهم إلى أقل من عباد الأصنام بكثير (28)

    ما زلنا




    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:17 pm



    تأثر الصوفية بالفكر الغريب

    تأثر التصوف باليهودية

    كان ما يعرف بالتنبؤ مشهوراً بين اليهود وكان لمتصوفة اليهود مراكز تسمى المسفايات وكانت مراكزهم هذه منتشرة في كل البلاد التي تواجد فيها اليهود وفتحها الإسلام، وحارب الإسلام الكهانة فكانت تمارس الكهانة اليهودية في الغرف المظلمة وحاول هؤلاء الكهنة واستطاعوا تعليم الكهانة والتصوف إلى بعض المسلمين الذين نشروا هذه الأفكار بدورهم.
    وقد ظهر أحد الكهان وهوالحارث الدمشقي الذي سمى نفسه نبياً في زمن عبد الملك ابن مروان.
    كما يوجد هناك تشابه بين ذكر الصوفية البدعي وما دعا إليه العهد القديم حيث جاء فيه " ليبتهج بنو صهيون بملكهم ليسبحوا اسمه برقص بدف وعود ليرنموا … هللو يا، سبحوا الله في قدسه، سبحوه برباب وعود، سبحوه بدف ورقص، سبحوه بأوتار ومزمار، سبحوه بسنوج الهتاف ".
    وكان التنبؤ ظاهرة معروفة لدى اليهود، وكذلك الكهانة والتنجيم، وقد ظهر ذلك في الصوفية وإن كان بأسماء أخرى مثل المعرفة الصوفية وطرقها التي هي ادعاء علم الغيب عن طريق الكشف وغيره.
    ولا يخفى على أحد تأثر الشيعة من الفكر اليهودي في مسألة تقديس الأئمة وتناسخ الجزء الإلهي في بعض البشر وقال بعض فرق الشيعة في علي رضي الله عنه بذلك التناسخ، ومن ثم انتقل ذلك من هؤلاء أو أولئك إلى التصوف فظهر فيهم الغلو في المشايخ وأصحاب الطرق والأولياء.

    تأثر التصوف بالنصرانية

    دخل الإسلام البلدان وخاصة الشام، وكان الرهبان منتشرين في الصحاري والجبال حيث يقيمون صوامعهم فتأثر أتقياء الأمة وزهادها بهم، وكان في أول الأمر التأثر باللباس، وكثرة العبادات من الذكر والصلوات والصيام. فتأثرت الصوفية بذلك وانتقلت الرهبنة النصرانية مثل العزوف عن ملذات الحياة الدنيا وعن الزواج، ولبس الثياب البالية والمرقعة إليهم. حتى تسمى بعض أتقيـاء الأمـة بالرهبان...ولقـد تمسك كثيـر مـن الصوفيـة بقصص الزهـد التـي تنسب إلى المسيح عيسى عليه السلام والحواريين والاستشهاد بأعمال الرهبان ورجـال الدين النصارى، والصوامع والخلوة.
    وكذلك تأثروا بالدعوة إلى التسامح والحب الإلهي والمحاسبة الشديدة للنفس وتعذيبها والاعتراف للشيخ ورجل الدين بالذنب وطلب العفو والغفران منه.
    وتأثر التصوف من النصرانية بفكرة المعرفة والشهود والتأمل والفناء، ومن ذلك ما ذهب إليه القديس (برنار) حيث يرى أن الحياة المسيحية الصوفية تنحصر في اتباع طريق النجاة، وطريق النجاة في نظره بأن يقوم العابد الزاهد بالبحث والتأمل في نفسه ثم في العالم ثم في الإله، ينتهي أولاً إلى الشهود والذي هو الإدراك اليقيني البعيد عن أي ريب في الحقيقة، وأخيراً ينتهي إلى الغيبوبة التي تكون الروح فيها شاغرة بنفسها فتسمو إلى مرتبة الاستمتاع بالصلة الإلهية، ولعل ذلك الإحساس أصل فكرة الفناء.
    ويـرى المتألـه (أميرسـون) أن المعرفـة تكـون بواسطـة الزهـادة أكثـر منها بواسطة البحث الإنساني، وهي مناهج التأمل المرتبط بالتقدم الروحي ثم تنتهي إلى الاتصال بالله

    التأثر بالديانات الهندية

    لقد عرفت الهند الكهانة قبل المسيحية بثمانية قرون، وعرف المسلمون الهند في مطلع القرن الثاني الهجري عن طريق التجارة، وعن طريق السياحة الهندية التي كانت مشتهرة عند الهنود الذين تركوا الدنيا والملذات حيث ساحوا في العراق وغيرها من بلاد الإسلام ".
    والمطلـع علـى أديـان الهنـد يجـد كثيـراً من الفكر الشبيه بالفكر الصوفي وهذا بعضاً من ذلك:
    أ) التأمل والحلول:
    يوجد تشابه كبير بين معتقدات البراهمة وهم حكماء الهنود والصوفية، فإن الكهنة الهنود عن طريق التأمل يصبون إلى الوصول إلى الكمال الروحي الذي يؤدي في النهاية إلى الحلول في الله تعالى بزعمهم.
    ب) التناسخ والفناء:
    وإن كانت البوذية تأثرت بالبراهمة في فكرة الفناء غير أن النرفانا الكبرى هي من الفكر البوذي حيث يرى البراهمة أن الروح تخرج إلى جسد آخر، ولكن النرفانا الكبرى تعني الفناء المطلق وهو عودة الروح إلى منشئها لتحل في الله تعالى بزعمهم.
    ج) اليوغا (تعذيب الجسد):
    واليوغا الهندية هي عبارة عن رياضات شاقة فيها تعذيب للجسد للوصول إلى قتل الشهوة، وتحرير النفس من رغباتها وتعويد الجسد على الهدوء، وأحياناً يكررون بعض الألفاظ (الذكر عندهم).
    د) وحدة الوجود:
    ويعتقدون كما تشير كتبهم القديمة أن جميع أشكال الحياة من الحياة الإلهية إلى حياة أصغر الخلائق هي ذات واحدة وهي ماثلة في كل مخلوق وهي فكرة (وحدة الوجود).
    هـ) المظهر العام:
    إن الذي يذهب إلى الهند يجد عندهم لباس الخرقة والمرقعات، واستعمال السبح ذات الأعداد الكبيرة من الأمور المشتهرة بينهم.
    و) القدرات والمعجزات:
    يزعم صاحب كتاب (بيتنجل) في سياق حديثه عن التدين الهندي، أن الرجل إذا اشتغل بالرياضات وتهذيب النفس يمنح القدرة على ثمانية أشياء وهي:
    1- التمكن من تلطيف البدن حتى يخفى عن الأعين، وقال بهذا كثير من الصوفية حيث زعموا أن الولي عندهم يشاهد في أدنى الأرض، وبعد قليل في أقصاها وقد يشاهد في مكانين معاً.
    2- التمكن من تخفيف البدن حتى يستوي عنده وطء السوائل والوحل والتراب.
    3- التمكن من تعظيمه حتى يُرى في صورة هائلة عجيبة، وهذا ما تزعمه الصوفية من أن أحدهم يكبر حتى يملأ الغرفة.
    4- انطواء المسافات بينه وبين المقاصد الشاسعة، وهذا ما يزعمه بعض الصوفية من أن أحدهم يصلي الصبح في المدينة والظهر في مكة والعصر في بيت المقدس، أو أنه يتحرك في لحظات من نجد إلى عرفة ويرجع وينقل لهم أخبار الحجيج.
    5- التمكن من الإرادات، أي فعل ما يريد.
    6- التمكن من علم مايروم (يريد)، أي يحصّل العلم الذي يريده.
    7- التمكن من الترأس على أي طائفة، أي إذا أراد أن يكون رئساً على طائفة ما فيستطيع تحقيق ذلك.
    8- خضوع المرؤوسين وطاعتهم وهذا واضح عند الصوفية فيستطيع الشيخ جعل المريد يطيعه طاعة مطلقة حتى وإن كانت في معصية الله


    التأثر بالفلسفة الصينية

    ظهرت الحكمة الصينية قديماً في القرن السابع قبل الميلاد حيث عاش المفكر لأوتسة في ذلك القرن وهو زاهد متقشف يرفض المتع البشرية ويريد الإصلاح لقومه، ويدعو إلى ترك العمل والتخلي عن الشهوات وحاجات الجسد المادية، وقد عاصر أيضاً حكيم الصين الأكبر (كونفوشيوس)، وقد كان مفكراً عمليا ومصلحاً إجتماعياً.
    وحين عجز لاؤتسه (لي آره) عن إصلاح قومه ويئس من ذلك نزع إلى العزلة والهجرة، وحين طلب منه رجل أن يترك له كتاباً ترك له كتاب (تأوته) وهذا الإسم يتكون من مقطعين: (تآو) ومعناها الطريق الروحي (ته) النعمة أو اللطف الإلهي.
    وهذه الكلمة تآو ذات دلالة صوفية وهي كلمة قديمة تشتمل على الأخلاق، وفلسفة الحياة، وعلة الوجود، ونظام الطبيعة الخالد (بزعمهم)، وهي عندهم علة العلل المتجلية في الخالق والمرئية في العالم.
    وقد أكسب لاؤتسه هذه الكلمة معاني جديدة حين زعم أن الإنسان يستطيع الاتصال بالتأو عن طريق التجرد من الشهوات وعن طريق الرياضة الصوفية وترك الزهو وهجر الشعور الذاتي، فبذلك ينجو من شرك المادة (الجسد) ويترفع عن حواجز المكان والزمان ويكون بلوغ التآو في مراحل ثلاث: -
    أ – تزكية النفس وتطهيرها.
    ب- الإشراق
    ج- الاتصال والاتحاد.
    ونلاحظ أن هذه الأفكار والمعاني وجدت في التصوف سواءً بسواء فالعزلة وتعذيب الجسد وفكرة اللطف واعتزال الشهـوات والطهارة والتزكية والاتحاد، فقد مُلئت كتب التصوف بها.
    كما نلاحظ أن الإشراق الصيني هو فكرة شبيهة بالكشف عند الصوفية، كما أن الاتصال والاتحاد شبيه بالفناء عند الصوفية.

    ما زلنا



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:21 pm



    التأثر بالفلسفة اليونانية

    لقد كان للفلسفة اليونانية تأثير واضح في التصوف وخاصة أن الإفلاطونية الحديثة كان لها شيوع واضح ما بين النهرين وفي حران. وكذلك انتشرت في بلاد الشام ومصر والعراق وفارس وبعض الهند حين سيطر اليونان بقيادة الاسكندر بن فليب المكدوني على تلك البلاد وامتزجت ثقافتهم بتلك الثقافات منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
    وإن بعض المؤرخين والمتخصصين يرجع الصوفية إلى أصل يوناني باعتبارها مأخوذة من كلمة سوفيا وهي بمعنى الحكمة باليونانية وهذا ما يعترض عليه الصوفيون.
    ومـن أبـرز عناصـر الفكـر اليونانـي الغنوصيـة، والإشراقية وقد أثر ذلك فـي التصوف فقـد دعـا إلى التقشف ودعا إلى اتصال النفس بالملأ الأعلـى، إذ يعتقد بوجود عالم روحاني نوراني فوق عالم الطبيعة لا يدرك العقل حسنه وبهاؤه، ويبلغ الإنسان ذلك العالم إذا تطهرت نفسه من علائق هذا العالم المادي، فتغدو زكية إذا تبرأت من العجب والتكبر والرياء والحسد.
    والأفلاطونية الحديثة تحتوي على كثير من الفكر الصوفي إن صح التعبير – حيث يعتقدون بنظرية الفيض الإلهي وكذلك يقولون بالعقل الأول والنفس الكلية والهيولي والنفوس الجزئية وهي من مراتب الوجود عندهم وهذا ما يقول به بعض الصوفية كما عند ابن عربي، وكذلك نظرية الكشف والشهود والمعرفة.
    ومن الأفكار التي أثرت في التصوف أفكار (ديونيسوس) ومن أبرز آرائه ما يسمى (التأله) وهو أن المعرفة الحقيقية تحصل بعد تطهير القلب من رجاساته، والتحرر من عبودية الجسد ونبذ الدنيا ولذائذها، والخشوع والصمت والتأمل وعند ذلك فقط يصل الإنسان إلى مشاهدة الله والاتصال به.
    وكذلك تأثر التصوف بالغنوصية وهي كلمة يونانية بمعنى المعرفة وتطورت الكلمة حتى أخذت معنى اصطلاحياً وهو التوصل عن طريق الكشف والذوق إلى المعارف العليا دون الإستناد إلى البراهين العقلية.
    كما نقلت وترجمت إلى العربية كثير من الكتابات اليونانية ومنها كتب (إسطفانوس برصديلي) وهو راهب غنوصي سرياني عاش بين القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد وقد انتشرت ترجمات كتبه انتشاراً واسعاً عند ظهور التصوف الإسلامي.
    وهذا يدل دلالة واضحة على تأثر التصوف بالفلسفات اليونانية ومن الكلمات والمعاني الكثيرة التي كانت سائدة في الفكر اليوناني، واستعملت استعمالاً كثيراً في الفكر الصوفي المعرفة، والذوق، والكشف، الأزلية، والحقيقة، وحقيقة الحقائق، والكلمة، والعلة والمعلول، ووحدة الوجود.

    التأثر بعقائد الفرس

    لقد ظهر في بلاد فارس الفكر الصوفي منذ زمن بعيد حيث سادت عندهم فكرة صدور كل شيء عن الله ورجوعه إليه وأن الموجود بحق هو الله.
    وظهر الزهد والرهبنة في الديانة المانوية، والنهي عن ذبح الحيوان في الديانة المزدكية وكذلك ساعد دخول عدد كبير من الفرس في الدين الإسلامي على نقل تلك الأفكار بقصد حسن أو شيء وإن كثيراً من مشاهير الصوفية كانوا من أصول فارسية أمثال إبراهيم ابن أدهم ومعروف الكرخي، وشقيق البلخي، وحاتم الأصم، وسهل التستري، وأبو يزيد البسطامي والحلاج والسهروردي.
    ولقد كان الفرس قبل الإسلام يدينون بالزرادشتية (الماجوسية) المبنية على وحدة الوجود، منحدرة من اتحاد أو حلول بين انبثاقات صادرة عن الهين اثنين (النور والظلمة) وكان مذهب الأكثرية المجوسية يرجع المبدأين (النور والظلمة) إلى كائن أعلى واحد منه انبثق الوجود، ثم جاءت المانوية متفقة مع الزردشتية في أصل العقيدة.
    *****************
    ما زلنا





    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:23 pm



    هذه هي الصوفية

    مما لا يُختلف فيه أن الفكر الصوفي حادث في الإسلام. فقد مرَّ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وجيل الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعين، وتابعيهم رحمهم الله، دون أن يكون لهذا الفكر أثر واضح، حتى حدث وظهر في نهاية القرن الثاني، والصوفية يقرون بهذا، لكن من جهة اللفظ دون المعنى. يقول النواوي: "فأما كلمة التصوف؛ فقد أجمع الكاتبون في هذا المقام على: أنها من الكلمات الاصطلاحية التي طرأت في أواخر القرن الثاني للهجرة" (مقدمة التعرف لمذهب أهل التصوف، ص [4]، ويقول أحمد المقرئ: "تصوف الرجل، وهو صوفي، من قوم صوفية، كلمة مولدة" (المصباح المنير)، ص [134]). فالصوفية يقرون بأن مصطلح (الصوفية) حادث، لكنهم يقولون: الأحوال الصوفية موجودة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، تمثلت في أهل الصُّفّة. ولأجله ذهب بعضهم إلى أن أصل التصوف مشتق من (الصُّفّة)، وهو مكان كان يأوي إليه الفقراء في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ترجم منهم لأئمة التصوف: جعل أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعليًا رضوان الله عليهم أوائل الصوفية، ونسب إليهم كلمات في المقامات والأحوال. والوصف المشترك بين جميع من نُسبوا إلى التصوف من أئمة القرون الثلاثة الأولى هو: الزهد، والمجاهدة؛ الزهد في متاع الحياة الدنيا، ومجاهدة النفس لتهذيبها، ونفي عيوبها. ونتيجة هذا: تمثل التصوف في الزهد والمجاهدة؛ فكل زاهدٍ مجاهدٍ متصوفٌ، ومن له حال في الزهد والمجاهدة فهو: صوفي. هكذا قال بعضهم. لكنهم لم يتفقوا على رأي واحد في أصل كلمة (صوفية) واشتقاقها؛ فما قرره بعضهم نقضه آخرون، وقد رجعوا بالكلمة إلى أصول ستة أو سبعة، هي: 1- الصُّفّة: وبهذا قال أبو عبد الرحمن السلمي: "التصوف مأخوذ من أهل الصُّفّة" (تسعة كتب في أصول التصوف والزهد، ص [365]). وقال الكلاباذي: "وقال قوم: إنما سموا: صوفية. لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصُّفّة الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" (التعرف، ص[27]). وقال السهروردي: "وقيل: سُموا صوفية؛ نسبةً إلى الصُّفّة.. وهذا وإن كان لا يستقيم من حيث الاشتقاق اللغوي، ولكنه صحيح من حيث المعنى؛ لأن الصوفية يشاكلهم حال أولئك، لكونهم مجتمعين متآلفين، متصاحبين لله، وفي الله، كأصحاب الصُّفّة" (عوارف المعارف [5/ 84]). 2- الصفاء: قال الكلاباذي: "قالت طائفة: إنما سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها، ونقاء آثارها". وقال بشر بن الحارث: "الصوفي من صفا قلبه لله" (التعرف لمذهب أهل التصوف، ص [26]). وقال السهروردي: "قيل: كان الاسم في الأصل صفوي، فاستثقل ذلك فجعل صوفيًا" (عوارف المعارف [5/ 84]، ذهب إلى هذا الرأي الكلاباذي في (التعرف)، وسيأتي كلامه). وذكر نيكلسون أن: "جمهور الصوفية ذهبوا إلى أن الصوفي مشتق من الصفاء، وأنه أحد خاصة الله، الذين طهر الله قلوبهم من كدورات الدنيا" (انظر: في التصوف الإسلامي وتاريخه، ص [66]). 3- الصف الأول: قال الكلاباذي: "وقال قوم: إنما سموا صوفية؛ لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم إليه، وإقبالهم عليه، ووقوفهم بسرائرهم بين يديه" (التعرف، ص [26-27]). وقال السهروردي كقول الكلاباذي: "سموا صوفية؛ لأنهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم، وإقبالهم على الله تعالى بقلوبهم، ووقوفهم بسرائرهم بين يديه" (عوارف المعارف، [5/ 84]). 4- الصوف: يقول الطوسي: "نُسبوا إلى ظاهر اللبس، ولم ينسبوا إلى نوع من أنواع العلوم والأحوال التي هم بها مترسمون؛ لأن لبس الصوف كان دأب الأنبياء عليهم السلام، والصديقين، وشعار المساكين المتنسكين" (اللمع، ص [41]). ويقول السهروردي: "ذهب قوم إلى أنهم سموا صوفية نسبة لهم إلى ظاهر اللبسة؛ لأنهم اختاروا لبس الصوف لكونه أرفق، ولكونه كان لباس الأنبياء عليهم السلام. فكان اختيارهم للبس الصوف لتركهم زينة الدنيا، وقناعتهم بسد الجوعة، وسترة العورة، واستغراقهم في أمر الآخرة، فلم يتفرغوا لملاذ النفوس وراحتها، لشدة شغلهم بخدمة مولاهم، وانصراف همهم إلى أمر الآخرة، وهذا الاختيار يلائم ويناسب من حيث الاشتقاق؛ لأنه يقال: تصوَّف؛ إذا لبس الصوف، كما يقال: تقمَّص؛ إذا لبس القميص" (عوارف المعارف، ملحق بالإحياء [5/ 83]، وقد ذهب إلى هذا الرأي شيخ الإسلام ابن تيمية [11/ 195]، و ابن خلدون في المقدمة، ص [467]). 5- صوفة: ذكر ابن طاهر المقدسي القيسراني بسنده إلى الحافظ أبي محمد عبد الغني بن سعيد المقدسي قال: "سألت وليد بن القاسم: إلى أي شيء نسب الصوفي؟ فقال: كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة، انقطعوا إلى الله عز وجل، وقطنوا الكعبة؛ فمن تشبه بهم فهم الصوفية". قال عبد الغني: "هؤلاء المعروفون بصوفة، هم ولد الغوث بن مر" (صفوة التصوف، ص [154]). قال ابن الجوزي: "كانت النسبة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والإسلام، فيقال: مؤمن مسلم. ثم حدث اسم زاهد وعابد، ثم نشأ أقوام تعلقوا بالزهد والتعبد، فتخلوا عن الدنيا، وانقطعوا إلى العبادة، واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها، وأخلاقًا تخلقوا بها، ورأوا أن أول من انفرد به بخدمة الله سبحانه وتعالى عند بيته الحرام، رجل يقال له: صوفة واسمه الغوث بن مر، فانتسبوا إليه، لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله سبحانه وتعالى، فسُموا بالصوفية" (تلبيس إبليس، ص [161]). ثم ذكر أثر عبد الغني المقدسي الآنف الذكر، ثم قال: "وبالإسناد إلى الزبير بن بكار قال: كانت الإجازة بالحج للناس من عرفة إلى الغوث بن مر بن أدّ بن طابخة، ثم كانت في ولده، وكان يقال لهم: صوفة. وكان إذا حانت الإجازة قالت العرب: أجز صوفة. قال الزبير: قال أبو عبيدة: وصوفة وصوفان. يقال: لكل من ولي من البيت شيئًا من غير أهله، أو قام بشيء من أمر المناسك، يقال لهم: صوفة وصوفان". قال الزبير: "حدثني أبو الحسن الأثرم عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال: إنما سمي الغوث بن مر صوفة؛ لأنه ما كان يعيش لأمه ولد، فنذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفة ولتجعلنَّه ربيط الكعبة، ففعلت، فقيل له: صوفة، ولولده من بعده" (تلبيس إبليس، ص [161-162]). 6- صوفانة: قال ابن الجوزي: "وقد ذهب إلى أنه من الصوفانة، وهي بقلة رعناء قصيرة، فنُسبوا إليها لاجتزائهم بنبات الصحراء، وهذا أيضًا غلط؛ لأنه لو نُسبوا إليها لقيل: صوفاني". وقال: آخرون: "هو منسوب إلى صوفة القفا. وهي الشعيرات النابتة في مؤخره، كأن الصوفي عطف به إلى الحق، وصرفه عن الخلق" (تلبيس إبليس، ص [163]. 7- النسبة إلى جميع ما سبق: الصف الأول، والصُّفّة، والصوف، والصفاء: نحا إلى هذا الرأي الكلاباذي؛ حيث صحح نسبة الصوفية إلى جميع ما ذكر باعتبار المعنى، وإن كان يقر باستحالة ذلك لغة، قال: "وأما من نسبهم إلى الصُّفّة والصوف؛ فإنه عبَّر عن ظاهر أحوالهم؛ وذلك أنهم قوم قد تركوا الدنيا، ومن نسبهم إلى الصُّفّة والصف الأول؛ فإنه عبَّر عن أسرارهم وبواطنهم. فقد اجتمعت هذه الأوصاف كلها، ومعاني هذه الأسماء كلها في أسامي القوم وألقابهم، وصححت هذه العبارات، وقربت هذه المآخذ. وإن كانت هذه الألفاظ متغيرة في الظاهر؛ فإن المعاني متفقة؛ لأنها إن أخذت من الصفاء والصفوة كانت صفوية، وإن أضيفت إلى الصف والصُّفّة، كانت: صَفية، وصُفِّية. ويجوز أن يكون تقديم الواو على الفاء في لفظ الصوفية (هكذا في الكتاب، ويفترض أن تكون: (صفوية))، وزيادتها في لفظ الصَفية، والصُفِّية إنما كانت من تداول الألسن. وإن جعل مأخذه من الصوف، استقام اللفظ، وصحت العبارة من حيث اللغة. وجميع المعاني كلها من التخلي عن الدنيا، وعزوف النفس عنها، وترك الأوطان ولزوم الأسفار" (التعرف [27-32]). وصنيع الكلاباذي ليس بغريب على النهج الصوفي؛ فقد رأيناه في كلام السهروردي حينما قال: "قيل: كان الاسم في الأصل صفوي، فاستثقل ذلك فجعل صوفيًا" (عوارف المعارف [5/ 84]، ذهب إلى هذا الرأي الكلاباذي في التعرف، وسيأتي كلامه). والملاحظ في كلامه افتراض أن أصل الكلمة هي: صَفيّة: من الصف، وصُفِّيّة: من الصُّفّة، وصفوية: من الصفاء، وإنما انقلبت إلى (صوفية) بسبب تداول الألسن، حيث زيدت الواو في: صَفيّة، وصُفِّيّة، وتبادل الواو والفاء المواقع في: صفوية، وهذا قول يحتاج إلى دليل، ولم يستند إلى شيء، ولم أره لغيره. نقد الصوفية لهذه التعريفات: أكثر هذه الأقوال رواجًا: النسبة إلى الصفاء؛ فقد ذكر نيكلسون أن مقابل كل تعريف ينسب الصوفية إلى الصُّفّة اثنا عشر تعريفًا ينسبها إلى الصفاء؛ وذلك بالنظر في تعريفات الأئمة الصوفية، في المدة بين عام 200 إلى 440 هـ، وقد نقلها في كتابه، ثم قال: "يتبين من النظر في التعريفات أن الزمن الذي وضعت فيه يكاد يقرب من قرنين ونصف؛ لأن أولها هو تعريف معروف الكرخي المتوفى سنة 200هـ، وآخرها تعريف أبي سعيد بن أبي الخير المتوفى سنة 440 هـ، ويتبين أيضًا أنها تعريفات من أنواع مختلفة: إذ منها الثيوسوفي المتصل بأحوال الصوفية، ومنها المتصل بوحدة الوجود، كما أن منها الأخلاقي اللغوي، وهو ما أشبه بالحكم. وليس في عصرنا الحاضر من ينكر اشتقاق كلمة الصوفي من الصوف، ولكن الناظر في التعريفات التي ذكرناها سيظهر له في وضوح أن الوفية أنفسهم لم يأخذوا بهذا الرأي؛ فإنا نجد في مقابل كل تعريف ينسب الصوفية إلى لبس الصوف، اثني عشر تعريفًا، يشير إلى اشتقاق كلمة الصوفي من الصفاء" (في التصوف الإسلامي وتاريخه، ص [28]، وكلمة (ثيو سوفي) يونانية، معناها الحكمة الإلهية، ثيو (Theism): الإله؛ سوفي: (Sophy) الحكمة انظر: المعجم الفلسفي [1/ 360] (مادة: التوحيد)، المورد ص [879] مادة (Sophy)). فهذا ما اشتهر في تعريفات من تقدم من الأئمة المتصوفة: النسبة إلى الصفاء؛ فهو التعريف الشائع المشهور، أما مَنْ بعدَهم فقد صاروا إلى ترجيح النسبة إلى الصوف، على الرغم من أن أئمة الصوفية لم يأبهوا لهذا الرأي، كما ذكر نيكلسون آنفًا، وكما يذكر القشيري والهجويري. ثم تأتي في المرتبة بعدهما النسبة إلى الصُّفّة وإلى الصف الأول؛ فقد قال بها جمع من المتقدمين، لكن يبدو أن القائلين بالنسبة إلى الصُّفّة أكثر. وأما النسبة إلى الصوفة، فهي تأتي على معنيين: الأول: نسبة إلى رجل يدعى: صوفة. وهو الغوث بن مر بن أدّ. الثاني: نسبة إلى صوفة القفا، وهي: شعيرات مهملة في قفا الرأس. فهذه النسبة، والنسبة إلى الصوفانة: بقلة تنبت في الصحراء قد ذكرت، لكن ليس على ألسنة المتصوفة، وليس لها اعتبار ثقل يوازي الأقوال الأربعة الأولى، وإن كانت الأربعة فيما بينها متفاوتة، على ما سبق تفصيله. ويلاحظ أن جميع النسب السابقة لا تصح لغة، باعتراف أئمة التصوف، وإن كان ثبوتها أو بطلانها لغة لا تشترط فيها شهادتهم، بل يرجع إلى اللغة، غير أن إقرارهم مفيد في كل حال. يقول القشيري: "هذه التسمية غلبت على هذه الطائفة، فيقال: رجل صوفي، وللجماعة: صوفية، ومن يتوصل إلى ذلك، يقال له: متصوف. وللجماعة: المتصوفة. وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية: قياس ولا اشتقاق. والأظهر فيه: أنه كاللقب. فأما قول من قال: إنه من الصوف؛ ولهذا يقال: تصوَّف؛ إذا لبس الصوف. كما يقال: تقمَّص؛ إذا لبس القميص، فذلك وجه، لكن القوم لم يختصوا بلبس الصوف. ومن قال: إنهم منسوبون إلى صُفَّة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالنسبة إلى الصُّفّة لا تجيء على نحو الصوفي (ومن جهة المعنى كذلك، فلم يكن أهل الصفة متصوفة، ولا خبر لهم بأفكار الصوفية، ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في إبطال تصوف أهل الصفة انظر الفتاوى [11/ 37]، [71]، قال ابن الجوزي: "وهؤلاء القوم إنما قعدوا في المسجد ضرورة، وإنما أكلوا من الصدقة ضرورة؛ فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال، وخرجوا، ونسبة الصوفي إلى أهل الصفة غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: صفي" (تلبيس إبليس) ص[162-163]). ومن قال إنه مشتق من الصفاء، فاشتقاق الصوفي من الصفاء بعيد في مقتضى اللغة. وقول من قال: إنه مشتق من الصف؛ فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم؛ فالمعنى صحيح، ولكن اللغة لا تقتضي هذه النسبة إلى الصف. ثم إن هذه الطائفة أشهر من أن يحتاج في تعيينهم إلى قياس لفظ، واستحقاق اشتقاق" (الرسالة القشيرية،[2/ 550-551]). يلخص القشيري رأيه في كلمات: "وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق، والأظهر فيه أنه كاللقب". لقد رفض هذه النسب جميعًا لغةً واشتقاقًا، ولم يأبه للنسبة إلى الصُّفّة والصفاء من حيث المعنى، إلا الصف؛ فصحح المعنى، ورد الاشتقاق. وأما الصوف، فقد صحح الاشتقاق منه لغة، لكنه حكم ببطلان النسبة إليه، وعلل ذلك بأن القوم لم يختصوا بلبس الصوف. فالنسب كلها باطلة لغةً إذن، يستثنى منها: النسبة إلى الصوف. والنسبة إلى صوفة. فهاتان النسبتان صحيحتان لغةً، لكن الثانية منها غير مشهورة، فأئمة التصوف كالطوسي، والكلاباذي، والقشيري، والسهروردي وغيرهم، لم يذكروها ألبتة؛ فهي مطّرحة عندهم إذن، ويشكل عليها: أن لقب (صوفية) لم يعرف ولم يشتهر إلا في القرن الثاني، بينما هؤلاء الزهاد والعباد ظهروا في زمن مبكر من القرن الأول في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، فلو كان هذا اللقب مستمدًا من هذا الاسم (صوفة) فلِمَ لم يطلق عليهم في ذلك الوقت؟ ولِمَ تأخر حتى منتصف القرن الثاني إلى نهايته؟ فالاسم (صوفة) موجود منذ الجاهلية، والمنقطعون الزهّاد العبَّاد موجودون، ومع ذلك لم يطلق عليهم اسم (صوفية) حتى حل القرن الثاني، ومر نصفه، ثم بدأ هذا الاسم بالظهور، كما ثبت بالبحث التاريخي؛ فهذا مما يضعف هذه النسبة. فلم تبق نسبة صحيحة منها، من حيث اللغة، سوى النسبة إلى الصوف، فهذه مقبولة لغة. أما من حيث المعنى فقد رُدّت كذلك بأقوال أقطاب التصوف كالقشيري والهجويري، وإن كانت مقبولة عند غيرهما كالطوسي والسهروردي. والنتيجة التي نخرج بها من هذا العرض: أن الصوفية لم يتفقوا على نسبة معينة، فإذا اطَّرحنا ما ثبت بطلانه لغةً، وهو الواجب؛ لأنه لا وجه لإثبات نسبة خاطئة لغة إلا سفسطة، بقيت النسبة الصحيحة لغةً: (الصوف)، وهذه أيضًا لم تسلم من النقد والرد، وكان علة ذلك، كما ذكر القشيري أن القوم لم يختصوا ولم يشتهروا به. قال: "القوم لم يختصوا بلبس الصوف" (الرسالة [2/ 550-551]، رجَّح شيخ الإسلام ابن تيمية أن التصوف من لبس الصوف، وجاء هذا المعنى عند بعض المتقدمين كما في (تلبيس إبليس)، ووجه الاختصاص بالصوف؛ لأنهم يلبسونه على سبيل التزهد والتعبد، وكان النصارى يفعلون شيئاً من ذلك انظر منهاج السنة النبوية [4/ 43]). وشهادة القشيري خطيرة، فيها نقض لقول من ادعى أن الصوفية اشتهروا بلباس الصوف، شهد بها إمام عارف من أئمة الصوفية المتقدمين، العارفين بأحوال بدايات التصوف؛ حيث عاش في القرنين الرابع والخامس [377-465]، فهو من الجيل الثالث أو الرابع، والتصوف إنما نشأ في هذه الأجيال الممتدة ما بين القرن الثالث إلى الخامس، وكل ما لم يكن في هذه المدة فليس من التصوف قطعًا؛ لأن أهلها هم أئمة المذهب، وواضعوا أسسه، لا يختلف على هذا أحد. ومما يعطي الشهادة قيمة أكبر، أنَّا لم نسمع بإمام صوفي انبرى للرد عليه وإبطال زعمه هذا، فسكوتهم دليل موافقتهم له، ويبعد أن يكونوا غير مطلعين على كتابه، بل يستحيل، فكتابه (الرسالة) من أشهر كتب التصوف، فمن الذي لا يعرفه من الصوفية؟ بل سايره على هذا الرأي ووافقه إمام آخر معاصر له هو الهجويري، حيث قال: "واشتقاق هذا الاسم لا يصلح على مقتضى اللغة، من أي معنى؛ لأن هذا الاسم أعظم من أن يكون له جنس يشتق منه، وهم يشتقون الشيء من شيء مجانس له، وكل ما هو كائن ضد الصفاء، ولا يشتق الشيء من ضده، وهذا المعنى أظهر من الشمس عند أهله، ولا يحتاج إلى العبارة" (كشف المحجوب،[1/ 230-231]).

    ************************
    ما زلنا


    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:24 pm


    القول الراجح في نسبة الصوفية: بقيت نسبة أخيرة لم يذكرها أحد من المتصوفة؛ فقد رجع بعض الباحثين والمؤرخين المختصين بعلوم الديانات القديمة: الهندية والفلسفية من غير المتصوفة، بالكلمة إلى أصل يوناني، هو كلمة: (سوفيا)، ومعناها: الحكمة. وأول من عرَّف بهذا الرأي: البيروني في كتابه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) وتبعه عليه جمع، خصوصًا الباحثين المعاصرين، وفيما يلي أقوال الذين يقررون أجنبية المصطلح والفكرة عن البيئة الإسلامية: 1- يقول أبو الريحان البيروني مبينًا أصول التصوف في الفكر الفلسفي الهندي: "ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليها، وأن ما هو مفتقر في الوجود إلى غيره فوجوده كالخيال غير حق، والحق هو الواحد الأول فقط. وهذا رأي (السوفية) وهم الحكماء، فإن (سوف) باليونانية الحكمة، وبها سمي الفيلسوف (بيلاسوفا)، أي محب الحكمة. ولما ذهب في الإسلام قوم إلى قريب من رأيهم، سُموا باسمهم، ولم يعرف اللقب بعضهم فنسبهم للتوكل إلى (الصُّفّة)، وأنهم أصحابها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صُحّف بعد ذلك، فصُيّر من صوف التيوس" (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ص[27]، وفي قول البيروني جواب لقول من قال: لو كان (صوفي) مأخوذاً من (سوفيا) لقيل: (سوفي)، انظر (التصوف في الإسلام)، عمر فروخ، ص [24-29]). 2- وبهذا قال كل من المستشرق الألماني فون هامر، ومحمد لطفي جمعة، وعبد العزيز إسلامبولي وذهبوا إلى ما ذكره البيروني آنفًا (انظر: التصوف المنشأ والمصادر، ص [33]، قضية التصوف، المنقذ من الضلال، ص[32]). 3- المستشرق نيكلسون في كتابه (الصوفية في الإسلام) قال: "وكلمة Mystic التي انحدرت من الديانة الإغريقية إلى الآداب الأوروبية، يقابلها في العربية والفارسية والتركية، لغات الإسلام الثلاث الرئيسة، كلمة (صوفي)، واللفظان على كل حال ليسا مترادفين تمامًا؛ لأن للفظة الصوفي مدلول ديني خاص، وقد قيدها بالصوفية الذين يدينون بالدين الإسلامي، والكلمة العربية وإن اكتسبت على مدى الأيام مدلول الكلمة الإغريقية الواسع: شفاه مقفلة بالأسرار القدسية، وعيون مغمضة على النشوة الحالمة؛ إلا أن مدلولها كان متواضعًا يوم جرت على الألسنة لأول مرة، حوالي نهاية القرن الثاني الهجري" (ص[10]، عن كلمة (Mystic) ومعناها، ومرادفاتها في اللغات الأخرى، انظر: المعجم الفلسفي [1/ 282]،[747]). الشاهد من كلامه: أن الكلمة اكتسبت مدلول الكلمة الإغريقية على مدى الأيام؛ فهذا الرأي يرجع بمضمون الفكرة إلى جهة إغريقية، وهذا هو المهم. 4- إبراهيم هلال قال: "على أن الأصل في تسمية هذا المذهب بالتصوف، وأصحابه بالصوفية، يوقفنا على أن التصوف في أصله إنما هو استيراد أجنبي، ليس للإسلام فيه شيء، لا في نشأته، ولا في طريقته المتزيدة، ولا في غايته أو غاياته المتعددة" (قطر الولي، ص[181]). 5- الدكتور محمد جميل غازي، الذي قال: "الصوفية كما نعلم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف" (الصوفية الوجه الآخر، ص [47]). 6- المقبلي قال: "فالتصوف ليس من مسمى الدين؛ لأن الدين كَمُلَ قبله، أعني دين الإسلام، ولا هو من النعمة؛ لأنها تمت قبله، وليس التصوف داخلًا في مسمى الإسلام؛ لأن الإسلام تم قبله، وهم معترفون بالغيرية؛ فحينئذ هو بدعة ضلالة" (العلم الشامخ، ص [470]). ولهذا الرأي أدلة ترجحه على النسب السابقة، وبخاصة النسبة إلى الصوف؛ فمن ذلك: أولًا: التشابه ما بين كلمتي (صوفية) و(سوفية) في اللفظ والرسم، وجواز التبديل بين حرفي السين والصاد. ثانيًا: اتحاد مدلول الكلمتين: (سوفية)، (صوفية)؛ فمدلولهما: الحكمة. يبين هذا: أن الصوفي عند الصوفية هو الحكيم، وهو صاحب الحكمة. لذا يكثر دورانهم على هذا المعنى، ويجعلونه وصفًا لازمًا للصوفي؛ فمن لم يكن حكيمًا فليس له حظٌّ من اللقب، هكذا يقرر ابن عربي وغيره فيقول: "ومن شروط المنعوت بالتصوف: أن يكون حكيمًا ذا حكمة؛ وإن لم يكن فلا حظَّ له من هذا اللقب" (الفتوحات المكية، [2/ 266]). وكلمة (سوف) باليونانية تعني الحكمة كذلك، والفيلسوف هو محب الحكمة، وفق ما ذكر البيروني آنفًا. فإذا كانت الحكمة هي التصوف، والحكيم هو الصوفي.. والحكمة هي (سوف)، والحكماء هم السوفية، فأي اتفاق بعد هذا؟ يقول نيكلسون: "بعض الباحثين من الأوروبيين يردها إلى الكلمة الإغريقية: سوفوس، بمعنى ثيوصوفي" (الصوفية في الإسلام، ص [11]). وكلمة ثيوصوفي معناها: الحكمة الإلهية. (ثيو = إله)، (صوفي = الحكمة) (كلمة (ثيو سوفي) يونانية، معناها الحكمة الإلهية، ثيو (Theism) الإله؛ سوفي. (Sophy): الحكمة انظر: المعجم الفلسفي [1/360] (مادة: التوحيد)، المورد ص [879]، مادة (Sophy)). ويقول عبد الواحد يحيى، وهو فرنسي معاصر، أسلم وتصوف: "وأما أصل الكلمة؛ فقد اختلف فيه اختلافًا كبيرًا، ووضعت فروض متعددة، وليس بعضها أوْلى من بعض، وكلها غير مقبولة، إنها في الحقيقة تسمية رمزية. وإذا أردنا تفسيرها، ينبغي لنا أن نرجع إلى القيمة العددية لحروفها، وإنه لمن الرائع أن نلاحظ: أن القيمة العددية لحروف (صوفي) تمثل القيمة العددية لحروف (الحكيم الإلهي). فيكون الصوفي الحقيقي إذن هو: الرجل الذي وصل إلى الحكمة، إنه (العارف بالله)؛ إذ أن الله لا يُعرف إلا به" (قضية التصوف، المنقذ من الضلال، عبدالحليم محمود، ص[32]، وانظر: اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، فهد الرومي [1/ 359] والمذكور فرنسي الأصل، كان اسمه: رينيه جينو انظر: م س قضية التصوف). وتأتي قيمة هذا النص، من كونه في نظر الدكتور عبد الحليم محمود: صوفيًا متحققًا بالتصوف، من العارفين بالله (انظر: قضية التصوف، المدرسة الشاذلية، ص [281])، وهذه شهادة من صوفي كبير، لا خلاف في إمامته، وعليه فهذا الفرنسي المسلم المتصوف، إنما يعبر عن التصوف بعمق وإدراك لحقائقه إذن. ثالثًا: مضمون التصوف يوافق مضمون الفلسفة (سوفية)، فكلاهما يرميان إلى التشبه بالإله، وهذا يتبين من تعريف التصوف والفلسفة: قال الجرجاني: "الفلسفة التشبه بالإله بحسب الطاقة البشرية، لتحصيل السعادة الأبدية، كما أمر الصادق صلى الله عليه وسلم في قوله: «تخلَّقوا بأخلاق الله»(لا أصل له (السلسلة الضعيفة) للألباني، رقم [2822])؛ أي تشبهوا به في الإحاطة بالمعلومات، والتجرد من الجسميات" (التعريفات، ص [73]). وابن عربي يقول: فاعلم أن التصوف تشبيه بخالقنا *** لأنه خلق فانظر ترى عجبًا (الفتوحات، [2/ 266]). رابعًا: كان عند قدماء اليونان: مذهب روحي يعتنقه النُسَّاك والزُهَّاد، ينأون بجانبهم عن الدنيا، ويلجؤون إلى أنواع المجاهدات والرياضات الروحية، يتقربون بأرواحهم إلى خالقهم، لتلقِّي الحكمة والمعارف القدسية، كان يطلق عليهم لقب (تيو صوفية)، ومعناه: الحكماء الإلهيون. وإذا تأملنا هذا المذهب، وما يدعو إليه الصوفية، وجدناهما سواء، كما أنهما سواء في اللقب (انظر: أضواء على التصوف، طلعت غنام، ص [66]). خامسًا: من هذا القبيل طائفة من الهنود القدامى، كانوا يُعرفون باسم (جيمنو صوفيا) ومعناه: الحكيم العاري. كانوا يقضون حياتهم في السياحة، متأملين الله تعالى. وهذا أيضًا مذهب يعتنقه صوفية الإسلام: السياحة، والتأمل (نشأة الفكر الفلسفي، [3/ 42]). إذن هي فكرة قديمة، تجتمع كلها في لقب الحكمة (صوفية أو سوفية). ولهذا الرأي إشارة محتملة في كلام القشيري والهجويري، اللذان قررا أنها كلمة جامدة غير مشتقة، وربما سبب جمودها كونها أعجمية.. نعم! يوجد في العربية ألفاظ جامدة، والكلمات المعرّبة كذلك جامدة، وليس هذا بحثنا، إنما تحرير كلام هؤلاء الذين نفوا اشتقاقها؛ فإنه يحتمل الإشارة إلى أجنبيتها؛ فلنُعِد النظر فيما قاله القشيري والهجويري في هذا المقام. قال القشيري: "وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق، والأظهر فيه أنه كاللقب.. القوم لم يختصوا بلبس الصوف" (الرسالة، [2/ 550-551]). وقال الهجويري: "واشتقاق هذا الاسم لا يصلح على مقتضى اللغة، من أي معنى" (كشف المحجوب، [1/230-231]). وإذا أضفنا إلى ذلك ما ذكره المستشرق نيكلسون بقوله: "ولكن الناظر في التعريفات التي ذكرناها، سيظهر له في وضوح أن الصوفية أنفسهم لم يأخذوا بهذا الرأي؛ فإنا نجد في مقابل كل تعريف ينسب الصوفية إلى لبس الصوف، اثني عشر تعريفًا، يشير إلى اشتقاق كلمة الصوفي من الصفاء" (في التصوف الإسلامي وتاريخه، ص [28]). إذن النتيجة المهمة هنا: - أن القوم لم يختصوا بلبس الصوف. - ولا يشهد لاسم (صوفية) من حيث العربية، قياس ولا اشتقاق. - والصوفية لم يأخذوا بهذا الرأي. فالقشيري استظهر أنه لقب، ومنع هو والهجويري أن يكون له أصل لغوي. كل هذه إشارات إلى أعجمية الكلمة، وإن لم يصرحا بذلك، وإن حاولا التفلت من هذه النتيجة بأشياء، من قبيل تعظيم الاسم أن يكون له جنس يشتق منه، كما فعل الهجويري، غير أن هذا التسليم بمنع اشتقاق الكلمة لغةً، مع استظهار القشيري أنها لقب، يرجِّح أن الكلمة أعجمية، يدل على هذا أن أحدًا من أهل اللغة لم يقل في هذه الكلمة إنها جامدة، كما قيل في لفظ الجلالة (الله). بل الذي قالوه إنها كلمة مولدة. يقول أحمد المقرئ: "تصوَّف الرجل، وهو صوفي، من قوم صوفية، كلمة مولدة" (المصباح المنير، ص [134]). وكأنهما عرفا بذلك، وهذا محتمل، لكن لم يكن من السهولة التصريح بأن أصل الكلمة يونانية فلسفية، تدل على مذهب قديم، له قواعد وأصول معروفة تتشابه مع أصول الصوفية في الإسلام؛ فمثل هذا لا يمكن أن يفصح به إمام صوفي، وإلا كان عونًا على نقض مذهبه. فالكلمة إذن ليست عربية، بل هي يونانية، أصلها: (سوفية)، ولما دخلت إلى العربية، بدخول فلسفتها ومضمونها، غُيّر حرف السين فأشبع فصُيّر صادًا، إما عمدًا أو اتفاقًا، لقرب المخارج، فدخلت الكلمة في العربية لفظًا ومعنى، ساعد عليه جواز قلب السين صاد في اللغة العربية (شاهد هذا ما ورد عن أئمة القراءات جواز قراءة قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6] بالسين بدل الصاد). واستفادوا من هذا التحوير التعمية والتضليل عن أصل الفكرة؛ فهم (صوفية) في الظاهر، نسبة إلى اللباس، وفي الباطن (سوفية) نسبة إلى الفلسفة اليونانية الهندية. يقول الدكتور عمر فروخ: "كانوا، في حال اجتماعهم مع غيرهم، يحافظون على ظاهر الدين الإسلامي، وعلى فرائضه، أما في خلواتهم، وفيما بينهم، فكان لهم أشياء يستحي العاقل من ذكرها" (التصوف في الإسلام، ص [20-21]).

    **********************
    ما زلنا



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:29 pm



    ومن أهم الطرق الصوفية المنتشرة في العالم الإسلامي:

    اسم الطريقة نسبتها تاريخ الوفاة أماكن الانتشار
    الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر الجيلاني 561هـ سوريا والقوقاز وسنة العراق ومصر والبوسنة وآسيا الوسطى وشرق أفريقيا وجنوب اسيا والهند وباكستان والمغرب العربي والصين
    الطريقة السعدية الشيخ سعد الدين الجباوي 575هـ بلاد الشام والانبار
    الطريقة الرفاعية الشيخ أحمد بن علي الرفاعي 578هـ سوريا وسنة العراق ومصر وغرب آسيا والمغرب العربي والهند وباكستان
    الطريقة الأحمدية أو البدوية الشيخ أحمد البدوي 627هـ مصر وسوريا وغرب العراق والمغرب العربي والهند وباكستان
    الطريقة السهروردية الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي 632 هـ سنة العراق وكشمير وباكستان وأفغانستان ومصر وكردستان
    الطريقة الأكبرية الشيخ محي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ مصر وسوريا والمغرب العربي والاحساء
    طريقة آل باعلوي الشيخ محمد بن علي باعلوي 653هـ اليمن وإندونيسيا وشرق آسيا والحجاز
    الطريقة الشاذلية الشيخ أبو الحسن الشاذلي 656هـ مصر والسودان والحجاز والمغرب العربي واليمن والجزائر وتونس وسوريا والأردن والهند وباكستان
    الطريقة البرهانية الدسوقية الشيخ إبراهيم الدسوقي 676هـ مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا ودانمارك ولوكسمبرج وهولندا وروسيا والسويد وسويسرا والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة والكويت وباكستان ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا....
    الطريقة القزلباشية الشيخ صفي الدين إسحاق الأردبيلي 730هـ أفغانستان واليونان وتركيا
    الطريقة البكتاشية الشيخ محمد بن إبراهيم بكتاش 738هـ ألبانيا وشرق بلغاريا
    الطريقة النقشبندية الشيخ محمد بهاء الدين شاه نقشبند 791هـ آسيا الوسطى وسوريا والقوقاز وسنة العراق وكردستان والحجاز وسنة إيران والبوسنة وباكستان
    الطريقة العروسية الشيخ أحمد بن عروس 869هـ ليبيا وتونس
    الطريقة العيساوية الشيخ محمد بن عيسى 933هـ الجزائر ليبيا تونس المغرب
    الطريقة الخلوتية الشيخ محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي 986هـ مصر وتركيا وفلسطين والأردن والجزائر وليبيا
    الطريقة السمانية الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان 1189هـ السودان والصومال وإثيوبيا
    الطريقة الرحمانية الشيخ أمحمد بن عبد الرحمان بوقبرين 1208هـ الجزائر وشمال أفريقيا
    الطريقة الفاضلية الشيخ محمد فاضل بن مامين 1211هـ موريتانيا والمغرب والسنغال وأفريقيا
    الطريقة التيجانية الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني 1230هـ الجزائر والمغرب وتونس والسنغال والنيجر ونيجيريا والحجاز والسودان
    الطريقة الإدريسية الشيخ أحمد بن إدريس الفاسي 1253هـ السودان والصومال
    الطريقة المولوية الشيخ جلال الدين الرومي 672هـ تركيا وحلب واسيا الوسطى وسنة العراق ومصر والبوسنة وتونس وغرب بيروت
    الطريقة الختمية الشيخ محمد عثمان الميرغني الختم 1267هـ السودان وإريتريا وإثيوبيا والسنغال
    الطريقة السنوسية الشيخ محمد بن علي السنوسي 1276هـ ليبيا وشمالي أفريقيا والسودان والصومال والحجاز وغرب الأنبار
    الطريقة الكسنزانية الشيخ عبد الكريم شاه الكسنزان 1317هـ سنة العراق وكردستان العراق
    الطريقة العلاوية الشيخ أحمد مصطفى العلاوي 1353هـ الجزائر وتونس والمغرب والسنغال
    الطريقة الجعفرية الشيخ صالح عمر الجعفري الحسيني إمام الأزهر 1399هـ المغرب والسنغال وغرب أفريقيا
    الطريقة القادرية البودشيشية سيدي علي بن محمد الملقب بسيدي علي بودشيش المغرب
    الطريقة النونية الرفاعية الشافعية الشيخ الحبيب نور الدين علي محمد حسن السليماني الهاشمي الأمير السعودية ومصر والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا
    الطريقة الكركرية الشيخ محمد فوزي الكركري ما زال حي المغرب وفرنسا وإندونيسيا وباكستان ومصر والسعودية والجزائر وتونس وليبيا والأنبار والبرازيل والسودان وبريطانيا وإسبانيا وبلجيكا وأستراليا وكردستان وتركيا والإمارات العربية المتحدة ولبنان

    من مشاهير الصوفية من أهل السنة
    انتسب إلى التصوف علماء كثيرون من أهل السنة، منهم:

    من المتقدمين
    عبد الرحمان الثعالبي.
    محمد فوزي الكركري.
    الحسن البصري.
    أمحمد بن عبد الرحمان بوقبرين.
    أبو العباس أحمد التيجاني.
    محمد العربي الدرقاوي.
    أحمد بن عجيبة.
    الفضيل بن عياض.
    إبراهيم بن أدهم.
    داود الطائي.
    سفيان بن عيينة.
    أبو سليمان الداراني.
    بشر الحافي.
    الجنيد البغدادي.
    معروف الكرخي.
    السري السقطي.
    ذو النون المصري.
    أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري.
    أبو سعيد الخراز.
    الحارث المحاسبي.
    يحيى بن معاذ الرازي.
    أبو بكر الوراق.
    أبو القاسم السمرقندي.
    أبو عبد الله البلخي.
    عبد القادر الجيلاني.
    أبو الحسن الشاذلي.
    أبو العباس المرسي.
    ابن عطاء الله السكندري.
    أحمد الرفاعي.
    أبو حامد الغزالي.
    زكريا الأنصاري.
    منصور الحلاج.
    رابعة العدوية.
    إبراهيم الدسوقي.
    الخطيب الشربيني.
    أبو طالب المكي.
    أبو يزيد البسطامي.
    محيي الدين بن عربي.
    عبد الغني النابلسي.
    يحيى بن شرف النووي.
    ابن حجر العسقلاني.
    ابن حجر الهيتمي.
    تقي الدين السبكي.
    تاج الدين السبكي.
    جلال الدين السيوطي.
    ابن الجزري، شيخ القراء.
    العز بن عبد السلام
    أحمد الدردير المالكي.
    شهاب الدين السهروردي.
    عبد الوهاب الشعراني.
    إبراهيم بن فايد الزواوي.
    عبد الله بن علوي الحداد.
    يحيى العيدلي.
    أبو القاسم النصراباذي.
    أبو علي الروذباري.
    أبو العباس الدينوري.
    رويم بن أحمد.
    ابن الملقن.
    أبو عبد الرحمن السلمي.
    أبو طاهر السلفي.
    ابن النقيب.
    الشيخ ماء العينين القلقمي.
    الزركشي.
    بدر الدين ابن جماعة.
    أسد بن الفرات.
    محمد بن خفيف.
    أبو الفضل محمد المقدسي.
    حافظ ابن الصلاح.
    نجم الدين الخبوشاني.
    أبو نعيم الأصبهاني.
    بكار بن قتيبة.
    محمد بن علي بن محمود كمال الدين بن الصابوني.
    عبد المؤمن الدمياطي.
    شمس الدين المقدسي.
    شرف الدين أبو البركات محمد الجذامي المالكي.
    أحمد بامبا السنغالي.
    ماء العينين بن العتيق
    جمال الدين يوسف الحنبلي.
    أبو حيان الغرناطي.
    كمال الدين ابن النقيب.
    قطب الدين القسطلاني.
    أبو موسى المديني.
    أبو عبد العزيز أحمد بن صالح الفقيه اليحصبي.
    بهاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضائل.
    هبة الله بن سلامة.
    أبو المؤيد بن خطير الدين.
    أبو الحسن الهيكاري.
    محمد فاضل بن مامين.
    سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل.
    ماي العينين بن الشيخ محمد فاضل.
    قاضي القضاة تقي الدين أبي عبد الله محمد بن الحسين بن رُزَيْن الحموي الشافعي.
    صدر الدين أبو الحسن محمد.
    عماد الدين أو الفتح عمر.
    معين الدين أبو عبد الله محمد.
    علامة نجم الدين أبو النعمان بشير بن أبي بكر حامد الجُبعْبري التبريزي.
    عبد الواحد بن عاشرٍ الأنصاري المالكي.
    الشيخ أحمد بن المبارك اللّمْطي.
    مفتي اقريقيا الشيخ إبراهيم الرياحي التونسي.
    سيد أحمد البكاي الكنتي.
    ومن المتأخرين
    عبد الحليم محمود، من مصر.
    إبراهيم الباجوري، من مصر.
    محمد متولي الشعراوي، من مصر.
    مصطفى محمود، من مصر.
    محمد بن أبي القاسم الهاملي، من الجزائر.
    حسنين محمد مخلوف، مفتي الديار المصرية سابقا.
    محمد سعيد رمضان البوطي، من سوريا.
    عبد الرحمن الشاغوري، من سوريا.
    ولي الدين القادري، من العراق.
    محمد الهاشمي التلمساني، من سوريا.
    محمد الحامد، من سوريا.
    علي بوسحاقي، من الجزائر.
    مصطفى سعيد الخن، من سوريا.
    زينب القاسمي، من الجزائر.
    محمود بن عبد الرحمن الشقفة، من سوريا.
    سعيد حوى، من سوريا.
    أحمد كفتارو، من سوريا.
    محمد سعيد الكردي، من الأردن.
    يوسف النبهاني، من فلسطين.
    عبد القادر بن أحمد السقاف، من اليمن.
    إبراهيم بوسحاقي، من الجزائر.
    محمد علوي المالكي، من السعودية.
    أحمد العلاوي، في الجزائر.
    عبد الله بن الصديق الغماري، من المغرب.
    الشيخ امربيه رب من المغرب.
    عبد الحكيم كفتارو، من سوريا.
    ومن المعاصرين
    محمد ماضي أبو العزائم من مصر
    سيدي عبد السلام ياسين، من المغرب.
    سيدي حمزة بن العباس البودشيشي. من المغرب.
    محمد سعيد رمضان البوطي، من سوريا.
    أحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، من سوريا.
    محمد بسام الزين، من سوريا.
    علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق، من مصر.
    أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر السابق، من مصر.
    أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من مصر.
    محمد صلاح الدين المستاوي، من تونس
    أحمد الجامي، من تركيا.
    محمد ناظم الحقاني، شيخ الطريقة النقشبندية، من قبرص.
    محمد هشام قباني، من لبنان.
    محمد عبد الغفار الشريف، من الكويت.
    يوسف الرفاعي، من الكويت.
    علي الجفري، من اليمن.
    عمر بن حفيظ، من اليمن.
    سالم بن عبد الله الشاطري، مدير رباط تريم، من اليمن.
    نوح القضاة المفتي العام سابقاً، من الأردن.
    نوح كلر، من الأردن.
    سعيد فودة، من الأردن.
    عبد الله فدعق، من السعودية.
    محمد بن عبد الرحمن السقاف، من السعودية.
    زين بن سميط ، من اليمن.
    عبد الله بن بيه، من موريتانيا.
    مصطفى البغا، من سوريا.
    خواجة شمس الدين عظيمي، شيخ السلسلة العظيمية.
    محمد بن بريكة، من الجزائر.
    معاذ سعيد حوى، من الأردن.

    *****************
    ما زلنا

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5385
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الصوفية أو التصوف

    مُساهمة من طرف صادق النور السبت أغسطس 21, 2021 9:31 pm

    كتب في التصوف

    إحياء علوم الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
    المنقذ من الضلال، تأليف أبو حامد الغزالي.
    منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، تأليف أبو حامد الغزالي.
    الأربعين في أصول الدين، تأليف أبو حامد الغزالي.
    الفتح الرباني والفيض الرحماني، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
    فتوح الغيب، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
    الغنية لطالبي طريق الحق، تأليف الشيخ عبد القادر الجيلاني.
    الفتوحات المكية، تأليف الشيخ محيي الدين بن عربي.
    رياض الصالحين وتحفة المتقين، تأليف الشيخ عبد الرحمان الثعالبي.
    الأنوار المضيئة الجامعة بين الحقيقة والشريعة، تأليف الشيخ عبد الرحمان الثعالبي.
    الدر الفائق المشتمل على أنواع الخيرات في الأذكار والدعوات، تأليف الشيخ عبد الرحمان الثعالبي.
    الإرشاد لما فيه من مصالح العباد، تأليف الشيخ عبد الرحمان الثعالبي.
    رسالة آداب سلوك المريد، تأليف الشيخ عبد الله بن علوي الحداد.
    قواعد التصوف، تأليف الشيخ أحمد زروق.
    الحكم العطائية، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
    المنح الربانية في بيان المنظومة الرحمانية، تأليف مصطفى بن عبد الرحمن باشتارزي.
    تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس، تأليف ابن عطاء الله السكندري.
    آداب النفوس، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
    بستان العارفين، تأليف النووي.
    قوت القلوب، تأليف أبو طالب المكي.
    مكتوبات الربانية، تأليف الشيخ أحمد السرهندي.
    التعرف على مذهب أهل التصوف، تأليف أبو بكر الكلاباذي، قالوا عنه: لولا التعرّف ما عرف التصوّف.
    عوارف المعارف، تأليف عبد القادر بن عبد الله السهروردي.
    دلائل الخيرات، تأليف الجزولي.
    الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
    اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر، تأليف عبد الوهاب الشعراني.
    مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تأليف ابن القيم.
    منازل السائرين، تأليف أبي إسماعيل الهروي.
    العلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة، تأليف الشيخ عبد الرحمان الثعالبي.
    الرسالة القشيرية، تأليف الشيخ أبي القاسم القشيري.
    البرهان المؤيد، تأليف الشيخ أحمد بن علي الرفاعي.
    هكذا ظهر جيل صلاح الدين، تأليف ماجد عرسان الكيلاني.
    بدء من أناب إلى الله، تأليف الشيخ الحارث المحاسبي.
    العروة الوثقى، تأليف الإمام محمد الدين النهركاريزي.
    جامع كرامات الأولياء، تأليف يوسف النبهاني.
    مودة القربى، تأليف الشيخ محمد عبيد الله جانفداء النقيبي.
    كتب الحكيم الترمذي أبي عبد الله محمد بن علي.
    حل الرموز ومفاتيح الكنوز في شرح بعض المصطلحات والمفاهيم الصوفية المبهمة، تأليف العز بن عبد السلام.
    الفتوحات الإلهية شرح المباحث الأصلية، تأليف أحمد بن عجيبة.
    معراج التشوف إلى التصوف، تأليف أحمد بن عجيبة.
    في ملكوت الله مع أسماء الله، للعارف بالله تعالى الشيخ عبد المقصود محمد سالم مؤسس جماعة تلاوة القرآن الكريم.
    كتاب تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب، للشيخ محمد أمين الكردي.
    كتاب تربيتنا الروحية، تأليف الشيخ سعيد حوى.
    الطريق إلى الله، تأليف الشيخ علي جمعة.
    الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية، الشيخ يوسف خطار محمد.
    موسوعة الكسنزان الصوفية الكاملة 24 مجلد، تأليف محمد عبد الكريم الكسنزان.
    حقائق عن التصوف، تأليف عبد القادر عيسى.
    تاريخ الصوفية، تأليف عبد القادر عيسى
    نعت البدايات وتوصيف النهايات، تأليف ماء العينين القلقمي.
    المنقذ من الضلال لحجة الإسلام الغزالي مع أبحاث في التصوف ودراسات عن الإمام الغزالي، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    سيدنا زين العابدين، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    العارف بالله سهل بن عبد الله التسترى: حياته وآراؤه، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    العارف بالله أبو العباس المرسي، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    الإمام الرباني الزاهد عبد الله بن المبارك، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    العالم العابد العارف بالله ذو النون المصري، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    لطائف المنن للعارف بالله ابن عطاء الله السكندري، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    التصوف عند ابن سينا: دراسة لنصوص من الإشارات، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    القطب الشهيد سيدي عبد السلام بن مشيش، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    أقطاب التصوف الثلاثة، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    قضية التصوف: المنقذ من الضلال، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.
    قضية التصوف: المدرسة الشاذلية، تأليف الإمام الدكتور عبد الحليم محمود.

    ************************
    هذا ما تحصلناه
    إن كان من تقصير فمن أنفسنا


    لا تنسونا من صالح دعائكم

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 11:09 pm