آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

<<< اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عنا <<< اللهم أعنا علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك <<< اللهم أرزقنا توبة نصوحاً قبل الموت وأرزقنا حسن الخاتمه <<<

المواضيع الأخيرة

» الإرادة الكونية والإرادة الشرعية
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110اليوم في 6:57 am من طرف عبدالله الآحد

» تحذير من كتاب القرآن قديم او محدث
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110أمس في 7:04 am من طرف عبدالله الآحد

» اثبات أن القرآن كلام الله حقيقة لا عبارة ولا حكاية
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الثلاثاء مارس 26, 2024 6:59 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على أشعري زعم أن أهل السنة مشبهة
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الإثنين مارس 25, 2024 6:54 am من طرف عبدالله الآحد

» الاستعاذة بغير الله شرك وبيان أقوال السلف في ذلك
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الأحد مارس 24, 2024 6:54 am من طرف عبدالله الآحد

» ذم علم الكلام وأهله
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110السبت مارس 23, 2024 6:59 am من طرف عبدالله الآحد

» الرد على الاحباش والكلابية واثبات الصفات الاختيارية لله سبحانه
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الجمعة مارس 22, 2024 7:02 am من طرف عبدالله الآحد

» الإيمان عند أهل السنة اعتقاد وقول وعمل
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الخميس مارس 21, 2024 7:12 am من طرف عبدالله الآحد

»  أحكام القرآن لأبن العربي - أبو بكر محمد بن عبد الله الأندلسي
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الأربعاء مارس 20, 2024 10:07 pm من طرف صادق النور

» وظائف شهر رمضان المعظم
مفهوم السعادة في ألأسلام Ooou110الأربعاء مارس 20, 2024 4:33 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

مفهوم السعادة في ألأسلام Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 46 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 46 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9552 مساهمة في هذا المنتدى في 3151 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو eleen فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    مفهوم السعادة في ألأسلام

    avatar
    شمس فارس


    ذكر عدد المساهمات : 49
    تاريخ التسجيل : 03/04/2011

    محمد عبد الموجود مفهوم السعادة في ألأسلام

    مُساهمة من طرف شمس فارس السبت يونيو 26, 2021 11:25 am




    مفهوم السعادة في الإسلام



    السعادة شعور داخلي يحسه الإنسان بين جوانبه يتمثل في سكينة النفس، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر، وراحة الضمير والبال نتيجة لاستقامة السلوك الظاهر والباطن المدفوع بقوة الإيمان.



    الشواهد على ذلك من الكتاب والسنة:

    1- قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].



    2- وقال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 123، 124].



    3- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس الغنى عن كثرة المال ولكن الغني غني النفس ).



    السعادة ليست في الماديات فقط:

    إن السعادة في المنظور الإسلامي ليست قاصرة على الجانب المادي فقط، وإن كانت الأسباب المادية من عناصر السعادة، ذلك أن الجانب المادي وسيلة وليس غاية في ذاته لذا كان التركيز في تحصيل السعادة على الجانب المعنوي كأثر مترتب على السلوك القويم.



    وقد تناولت النصوص الشرعية ما يفيد ذلك ومنها:

    أ/ قال الله تعالى: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ [النحل: 5، 6].



    ب/ وقال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32].



    ج/ وقال صلى الله عليه وسلمSad من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح ).



    الإسلام يحقق السعادة الأبدية للإنسان:

    لقد جاء الإسلام بنظام شامل فوضع للإنسان من القواعد والنظم ما يرتب له حياته الدنيوية والأخروية، وبذلك ضمن للإنسان ما يحقق له جميع مصالحه الدنيوية والأخروية، فقد جاء الإسلام للحفاظ على المصالح العليا والمتمثلة في الحفاظ على: (النفس، والعقل، والمال، والنسل، والدين).



    فالسعادة في المنظور الإسلامي تشمل مرحلتين:

    1- السعادة الدنيوية: فقد شرع الإسلام من الأحكام ووضح من الضوابط ما يكفل للإنسان سعادته الدنيوية في حياته الأولى، إلا أنه يؤكد بأن الحياة الدنيا ليست سوي سبيل إلى الآخرة، وأن الحياة الحقيقية التي يجب أن يسعى لها الإنسان هي حياة الآخرة قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97] وقال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77] وقال تعالى: ﴿ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: 38].



    2- السعادة الأخروية: وهذه هي السعادة الدائمة الخالدة، وهي مرتبة على صلاح المرء في حياته الدنيا قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 32] وقال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ ﴾ [النحل: 30].



    الحياة الدنيا ليست جنة في الأرض:

    لقد حدد الإسلام وظيفة الإنسان في الأرض بأنه خليفة فيها يسعى لأعمارها وتحقيق خير البشرية، ومصالحها التي ارتبطت بالأرض إلا أن هذا الاعمار وتحصيل المصالح تكتنفه كثير من الصعاب، ويتطلب من الإنسان بذل الجهد وتحمل المشاق في سبيل ذلك.



    كما أن الحياة ليست مذللة سهلة دائما كما يريدها الإنسان ويتمناها، بل هي متقلبة من يسر إلى عسر ومن صحة إلى مرض ومن فقر إلى غنى أو عكس ذلك، وهذه ابتلاءات دائمة يتمرس عليها الإنسان في معيشته، فيحقق عن طريقها المعاني السامية التي أمر بها من الصبر وقوة الإرادة، والعزم والتوكل والشجاعة، والبذل وحسن الخلق وغير ذلك، وهذه من أقوى أسباب الطمأنينة والسعادة والرضا قال الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].



    وقال صلى الله عليه وسلمSad عجبا لأمر المؤمن فإن أمره كله خير، فإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ).



    أسباب تحصيل السعادة:

    1- الإيمان والعمل الصالح: وتحصل السعادة بالإيمان من عدة جوانب:

    أ/ إن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى وحده لا شريك له إيمانا كاملا صافيا من جميع الشوائب، يكون مطمئن القلب هادي النفس ولا يكون قلقا متبرما من الحياة بل يكون راضيا بما قدر الله له شاكرا للخير صابرا على البلاء.



    إن خضوع المؤمن لله تعالى يقوده إلى الراحة النفسية التي هي المقوم الأول للإنسان العامل النشط الذي يحس بأن للحياة معنى وغاية يسعى لتحقيقها قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].



    ب/ إن الإيمان يجعل الإنسان صاحب مبدأ يسعى لتحقيقه فتكون حياته تحمل معنى ساميا نبيلا يدفعه إلى العمل والجهاد في سبيله، وبذلك يبتعد عن حياة الأنانية الضيقة، وتكون حياته لصالح مجتمعه وأمته التي يعيش فيها، فالإنسان عندما يعيش لنفسه تصبح أيامه معدودة وغاياته محدودة أما عندما يعيش للفكرة التي يحملها فإن الحياة تبدو طويلة جميلة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتها لوجه الأرض، وبذلك يتضاعف شعوره بأيامه وساعاته ولحظاته.



    ج/ إن الإيمان ليس فقط سببا لجلب السعادة بل هو كذلك سبب لدفع موانعها، ذلك أن المؤمن يعلم أنه مبتلى في حياته وأن هذه الابتلاءات تعد من أسباب الممارسة الإيمانية، فتتكون لديه المعاني المكونة للقوى النفسية المتمثلة في الصبر والعزم والثقة بالله والتوكل عليه والاستغاثة به والخوف منه، وهذه المعاني تعد من أقوى الوسائل لتحقيق الغايات الحياتية النبيلة وتحمل الابتلاءات المعاشية كما قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾ [النساء: 104].



    2- التحلي بالأخلاق الفاضلة التي تدفعه للإحسان إلى الخلق: إن الإنسان كائن اجتماعي لا بد له من الاختلاط ببني جنسه، فلا يمكنه الاستغناء عنهم والاستقلال بنفسه في جميع أموره فإذ ا كان الاختلاط بهم لازم طبعا، ومعلوم أن الناس يختلفون في خصائصهم الخلقية والعقلية فلا بد أن يحدث منهم ما يكدر صفو المرء ويجلب له الهم والحزن، فإن لم يدفع ذلك بالخصال الفاضلة كان اجتماعه بالناس - ولا مفر له منه - من أكبر أسباب ضنك العيش وجلب الهم والغم.



    لذلك أهتم الإسلام بالناحية الأخلاقية وتربيتها أيما اهتمام، ويظهر ذلك في النماذج الآتية:

    أ / قال الله تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾[القلم: 4]



    ب/ وقال تعالى في ذلك أيضا: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].


    ج/ وقال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].


    د/ وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35].



    ه/ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).



    و/ وقال صلى الله عليه وسلمSad مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد، بالحمى والسهر).



    3- الإكثار من ذكر الله تعالى والشعور بمعيته دائما: إن الإنسان يكون رضاه بمتعلقه بحسب ذلك المتعلق به وعظمته في نفس المتعلق والله تعالى هو أعظم من يطمئن له القلب وينشرح بذكره الصدر، لأنه ملاذ المؤمن في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره.



    لذلك جاء الشرع بجملة من الأذكار تربط المؤمن بالله تعالى مع تجدد الأحوال زمانا ومكانا عند حدوث مرغوب أو الخوف من مرهوب، وهذه الأذكار تربط المؤمن بخالقه فيتجاوز بذلك الأسباب إلى مسببها فلا يبالغ في التأثر بها فلا تؤثر فيه إلا بالقدر الذي لا يعكر عليه صفوه، كما أنه لا يستعظمها فيجاوز بها أقدارها إذ لا تعدو أن تكون أسبابا لا تأثير لها بذواتها وإنما أثرها بقدر الله تعالى.



    ومن النصوص التي تدل على ذلك:

    أ- قال الله تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].



    ب- أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول المسلم عند زواجه من المرأةSad اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ).



    ج- وأن يقول عند هيجان الريح: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به ).



    د- وقال صلى الله عليه وسلم في بيان وجوب الأخذ بالأسباب والاستعانة بالله وعدم الحزن على تخلف النتائج المرغوبةSad احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل لو إني فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان ).



    4- العناية الصحية:والصحة هنا تشمل جميع الجوانب: البدنية، والنفسية والعقلية، والروحية.


    الصحة البدنية: إن الصحة البدنية مما فطر الناس على الاهتمام به؛ لأنها تتعلق بغريزة البقاء كما أنها السبيل لتحقيق الغايات المادية من مأكل ومشرب وملبس ومركب.



    وقد أهتم الإسلام بالإنسان فنهى عن قتله بغير سبب مشروع، كما نهى عن كل ما يضر ببدنه وصحته، كما قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 151] وقال تعالى: ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157] وقال صلى الله عليه وسلمSad لا ضرر ولا ضرار ).



    الصحة النفسية: يغفل كثير من الناس أهمية الصحة النفسية أو يغفلون السبيل لرعايتها، والحفاظ عليها مع أنها ركن أساسي في تحقيق السعادة لذلك حرص الإسلام على تربية النفس الفاضلة وتزكيتها بالخصال النبيلة، فكان أهم ما سعي إليه هو تكوين النفس السوية المطمئنة الواثقة.



    وقوام استواء النفس يكون بالإيمان ثم بالتحلي بالأخلاق الفاضلة والابتعاد عن الخصال الذميمة من الغضب والكبر والعجب والبخل والحرص على الدنيا والحسد والحقد وغير ذلك مما يكسب الاضطراب والقلق، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131].



    وقال صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث؛ حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه ).



    وقال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 11، 12].



    الصحة العقلية: إن العقل هو مناط التكليف في الإنسان لذلك أمر الشارع الحكيم بالحفاظ عليه وحرم كل ما يؤدي إلي الإضرار به أو إزالته، ومن أعظم ما يؤدي إلي ذلك المسكرات والمخدرات لذلك حرمها الله تعالى بقوله: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].



    الصحة الروحية: لقد اعتنى الشرع بوضع الوسائل الكفيلة بالحفاظ علي الصحة الروحية فندب المؤمن إلى ذكر الله تعالى على كل حال، كما أوجب عليه الحد الأدنى الذي يكفل له غذاء الروح، وذلك بشرع الفرائض من الصلاة والصيام والزكاة والحج، ثم فنح له بابا واسعا بعد ذلك بالنوافل، وجميع أنواع القربات.



    هذه العبادات تربط الإنسان بربه وتعيده إليه كلما جرفته موجات الدنيا؛ لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وكان يقول صلى الله عليه وسلم: ( يا بلال، أرحنا بالصلاة ).



    وقد نهى الشارع عن الأمور التي تؤدي إلى سقم الروح وضعفها، فنهي عن اتباع الأهواء والشبهات والانهماك في الملذات؛ لأنها تعمي القلب وتجعله غافلا عن ذكر الله لذلك قال الله تعالى في وصف الكفار: ﴿ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ﴾ [الفرقان: 44] وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ ﴾ [محمد: 12].


    5- السعي لتحقيق القدر المادي اللازم للسعادة: لقد تقرر فيما سبق أن الإسلام لا ينكر أهمية الأسباب المادية في تحقيق السعادة إلا أن هذه الأشياء المادية ليست شرطاً لازما في تحقيق السعادة، وإنما هي من جملة الوسائل المؤدية لذلك.



    وقد تناولت كثير من النصوص هذه الحقيقة منها: قال الله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 32] وقال صلى الله عليه وسلم: ( نعم المال الصالح للعبد الصالح) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح ).



    تنظيم الوقت: يعتبر الوقت رأس مال الإنسان، فهو فترة بقائه في هذه الدنيا لذلك اعتنى الإسلام بالوقت وجعل المؤمن مسئولا عن وقته وأنه سوف يسأل عنه يوم القيامة.



    وقد جاءت شرائع الإسلام بحيث تعين الإنسان على ترتيب وقته وإحسان استغلاله، وذلك بالموازنة بين حاجاته الحياتية والمعيشية من جانب، وحاجاته الروحية والعبادية من جانب آخر، وقد حث الإسلام المؤمن على استثمار وقته وإعماره بالخير والعمل الصالح.



    قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 9، 10].



    وقال صلى الله عليه وسلم: ( لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به ).



    وقال صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ ).



    وأرشد صلى الله عليه وسلم إلى التوازن فقال: ( روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمي ).


    الطريق الأمثل للسعادة

    ففي اتباع منهج النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحياة كلها الطريق الأمثل والسبيل الأوحد للشعور بالسعادة الحقيقية، وهذا الاتباع يؤدي إلى النضج الانفعالي والوجداني والاجتماعي والسلوكي، وإلى توافق الإنسان مع نفسه ومع العالم من حوله، ويزوده بالقدرة على تحمل مسؤوليات الحياة ومواجهة ما يقابله من مشكلات وابتلاءات، ومن ثم يتقبل العبد واقع حياته، ويحظى بمشاعر الرضا والطمأنينة والسرور، وفي هذا المنهج النبوي يحقق العبد ذاته، ويستغل قدراته وإمكاناته إلى أقصى حد ممكن، وتكون شخصيته متكاملة سوية، وسلوكه مستقيما منضبطا، ويعيش في سلام ضمن حدود الشرع وتعاليمه.
    مؤشرات ومعايير

    وللاستدلال على سعادة الأفراد واتباعهم لمنهج النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحياة، هناك مؤشرات تشمل عوامل عدة ومعايير مستنبطة من السّنّة النبوية، وتتعلق سعادة العبد بمدى التزامه بهذه المؤشرات ومدى تأثيرها على سلوكه وانفعالاته، ويمكن تلخيص مؤشرات السعادة في السّنّة النبوية إلى خمسة مؤشرات عامة، وهذه المؤشرات تشمل علاقة العبد بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالآخرين والمجتمع، وفيها بيان لدوافع العبد وحاجاته ورغباته، وفيها ضبط لانفعالاته وعواطفه وسلوكياته، وبالتزامها يستطيع العبد أن يَهنأ بحياة سعيدة طيبة.
    تحقيق الإيمان وتطبيق شرائع الدين وأركانه

    إن للإنسان دوافع نفسية وروحية لا ترتبط بسد حاجاته البدنية كالدوافع الفسيولوجية، ولا تتعلق بحفظ الذات وبقاء النوع، وإنما هي تسد حاجات نفسية وروحية، وهي حاجات أساسية للإنسان؛ لأن إشباعها يحقق له الحياة الآمنة المطمئنة السعيدة، والحرمان منها يؤدي إلى الحرمان من الأمن النفسي، وإلى الشقاء والقلق، والإنسان لديه استعداد فطري لمعرفة الله -تعالى- والإيمان به، قال -تعالى-: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: 30) وقال الرسول – صلى الله عليه وسلم – في بيان هذه الفطرة السوية: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟»، فالإنسان يولد ومعه هذا الاستعداد الفطري، الذي يحتاج إلى ما يظهره وينميه من تعليم وتوجيه وإرشاد، وهو ما يمثل الناحية البيئة المكتسبة التي تؤثر على أساس الفطرة السوية، وبهذا يتأكد أن تحقيق الإيمان وتطبيق شرائع الدين وأركانه من أهم الدوافع التي تؤثر على سلوك الإنسان، وتسد حاجة ضرورية في حياته، ويؤثر دافع العبودية لله -تعالى- على سلوك الإنسان الحركي واللفظي، وعلى نشاطه العقلي المعرفي، وعلى نشاطه الوجداني والانفعالي.
    تحقيق الإيمان بالله -تعالى

    لا يخفى على أحد أهمية الإيمان، وعظم شأنه، وكثرة عوائده وفوائده على العبد في الدنيا والآخرة، بل إن الخير كله متوقف على تحقيق الإيمان الصحيح، فهو أجلّ المطالب وأنبل الأهداف والمقاصد، وبه يحيا العبد حياة طيبة سعيدة، وينجو من المكاره والشدائد والشرور، ويحظى بالسعادة والحبور، وينال ثواب الآخرة والنعيم المقيم والسرور، والخير الدائم الذي لا يحول ولا يزول، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (سورة النحل: 97).
    الإيمان شرط في صحة الأعمال

    وفي قوله -تعالى-: {وَهُوَ مُؤْمِنٌ} بيان أن الإيمان شرط في صحة الأعمال الصالحة وقبولها، ولا تسمى الأعمال صالحة إلا بالإيمان، والإيمان مقتضٍ لها؛ فإنّ التصديق الجازم مثمر لأعمال الجوارح من الواجبات والمستحبات، ومن جمع بين الإيمان والعمل الصالح كانت له البشرى والحياة الطيبة؛ فقد علق الله -سبحانه- الحياة الطيبة السعيدة بتحقيق الإيمان في قوله -سبحانه-: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} وهذه الحياة الطيبة تحصل له بطمأنينة قلبه وسكون نفسه وعدم التفاته لما يشوش عليه قلبه، ويرزقه الله رزقًا حلالًا طيّبًا من حيث لا يحتسب، ويحصل له في الآخرة أحسن الجزاء من أصناف اللذات مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيؤتيه الله في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، ويكون العبد بذلك قد فاز بالحياة الطيبة السعيدة في الدارين.
    حديث عظيم

    قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، وقال – صلى الله عليه وسلم – في بيان أركان الإيمان: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّه»، وفي بيان الإحسان قال – صلى الله عليه وسلم -: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، وهذا حديث عظيم مشتمل على السعادة كلها، وعلى خيري الدنيا والآخرة، وفيه تحديد المعنى من الحياة، والغاية من الوجود، وفيه بيان حيوية المسلم ونشاطه في استغلال أوقاته في الأمر الذي وجد له، وفيه ضبط المسلم لنفسه وتهذيبها بالالتزام بالطاعات واجتناب المعاصي، وفيه بيان للعلاج النفسي لكل أنواع العناء النفسي، فالإيمان الصادق أول علاج وأفضل سبيل للاطمئنان والسكينة، والصيام والحج من أقوى العلاجات وأكثرها فعالية في تدريب النفس وضبطها وكبح شهواتها في إطار الشرع، وفي الصيام والحج تعليق الفرح بالطاعة، وتعليق لأعياد المسلمين بعد تمام الطاعة؛ لأن الفرح الحقيقي مرتبط ارتباطا وثيقا بالطاعة وإنجازها.

    وفي الحديث تربية للعبد على التسليم والرضا المصاحب لقوة الإيمان، ويقود العبد للسعادة في الدارين، وفيه دعوة للإحسان بأنواعه، فهو حديث مشتمل على فوائد عدة، ومن هذه الفوائد أنه مشتملٌ على أركان الإيمان الستة، وأوَّل هذه الأركان الإيمان بالله، وهو أساس للإيمان بما يجب الإيمان به، ولهذا أُضيف إليه الملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر، والقضاء والقدر، ومَن لَم يؤمن بالله لا يؤمن ببقيَّة الأركان.
    التصديق بالقواعد الشرعية

    والإيمان هو التصديق بالقواعد الشرعية، وهو أصل كل سعادة وسرور، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي: أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى؟ قَالَ: وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى»، ففي الحديث بشرى عظيمة تجعل المؤمن في سكينة وطمأنينة، فمهما أخطأ العبد فإن له ربا كريما يغفر وبقبل التوبة الصادقة، وبذلك لا ينقطع الأمل، ولا تنقطع الحياة والإيجابية في حياة العبد المسلم.
    المرتكب لجنس الكبيرة

    وفي هذا الحديث دلالة على أن المرتكب لجنس الكبيرة من المسلمين يدخل الجنة، وليس فيه ما ينفي أنه يعذب قبل ذلك، كما أنه ليس في آية {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (سورة النور: 2) ما ينفي أنه قد يدخل الجنة بعد التعذيب على معصية الزنا، وهذا الحديث فيه بشرى من الله -تعالى- أن المؤمنين الذين حققوا شروط كلمة التوحيد يدخلون الجنة دار السعداء بفضل من الله ونعمته.
    أثر الإيمان في تحقيق السعادة

    أول أركان الإيمان ومصدر كل سعادة وخير هو الإيمان بالله -تعالى-، أي الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه، وأنه الخالق والرازق والمحيي والمميت، وأنه المستحق للعبادة دونما سواه، وأن يُفرد بالعبادة والذل والخضوع وأنواع العبادات، وأنّ الله هو المتصف بصفات الكمال والعظمة، والجلال، المنزَّه عن كل عيب ونقص، والعبد إذا آمن بهذه الأمور وحقق الإيمان، عاش في سكينة وطمأنينة، وفي هناء وسرور، فهو يعلم أن الله بيده كل شيء، وأنه الخالق والرازق، والذي له كل صفات العظمة -سبحانه-، وهذا الاعتقاد يجعل العبد يعيش في سلام مع نفسه وفي إيجابية، كونه حدد الهدف من حياته، ويقوده هذا الإيمان أيضا إلى الإيمان بباقي الأركان وإلى تطبيق شرائع الدين، والاستقامة على دين الهداية والسعادة والسلام، والإيمان بالله -تعالى- يشمل أربعة أمور، «الإيمان بوجوده -سبحانه-، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيته، والإيمان بأسمائه وصفاته».
    أثر الإيمان بالملائكة في تحقيق السعادة

    الايمان بأن لله ملائكة موجودين، وهم خَلق من خلقه، خُلقوا من نور، وهم خلقٌ كثيرٌ لا يعلم عددَهم إلّا الله -عز وجل-، وهم كما وصفهم الله: {عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (سورة الأنبياء: 26)، ويسبحون الله الليل والنهار لا يفترون، وأنهم قائمون بوظائفهم التي أمرهم الله بها كما تواترت بذلك النصوص من الكتاب والسّنّة، كل ذلك له أُثر نفسي كبير على شخصية المسلم، فهم عباد مكرمون لا يعصون الله أبدا ويفعلون ما يؤمرون، وهم جند الله سخرهم للمؤمنين حفظة ولتثبيت المؤمنين، ولهم وظائف عدة، فعندما يشعر العبد أن الله -سبحانه- سخر الملائكة لمساندة المؤمنين وتثبيتهم تسعد نفسه بهذه الجنود الربانية وهذا الدعم الإلهي.
    أثر الإيمان في الكتب السماوية في تحقيق السعادة

    الإيمان بالكتب السماوية كلها، والتصديق الجازم بها، أحد جوانب الإيمان بالله -تعالى- وقدرته وحكمته، وتدبيره لأمور العباد، فهي من كلامه -سبحانه- حقيقة، وهي نور وهدى وهي حق منزل من الله، غير مخلوقة، وفيها سعادة العباد في الدارين، والقرآن الكريم هو المهيمن على كل الكتب السماوية السابقة وهو مخصوص من الله بالحفظ من التبديل والتغيير، وهو كلام الله المنزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، ويؤمن العبد به تفصيلًا، فتُصدَّق أخبارُه، وتُمتثل أوامرُه، وتجتنب نواهيه، ويُتعبَّد الله طبقًا لِما جاء فيه وفي سنّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، فهو المعجزة الخالدة التي تُحدِّي بها أهل الفصاحة والبلاغة، ولهذا التصديق بهذه الكتب جملة وبالقرآن تفصيلا الأثر العظيم على العبد، والتأثير الكبير على سلوكه وانفعالاته، وفي ضبط عواطفه، وتزكية دوافعه، مما يسوقه للسعادة الحقيقة.
    أثر الإيمان بالرسل -عليهم السلام- في تحقيق السعادة

    الرّسل خير البشر، وهم الذين اصطفاهم الله لرسالاته، ومن أركان الإيمان التصديق الجازم بأنّ الله اصطفى رسلًا وأنبياء يهدون الناس إلى الحق ويخرجونهم من الظلمات إلى النور، واقتضت حكمته -تعالى- أن يرسلهم إلى خلقه مبشّرين ومنذرين، فيجب الإيمان بهم جميعًا على وجه الإجمال، ويجب الإيمان بمن سمَّى الله منهم على وجه التفصيل، ويجب الإيمان بأنّ محمدًا – صلى الله عليه وسلم – أفضلهم وخاتمهم، وأنّ رسالته عامة للثقلين ولا نبي بعده – صلى الله عليه وسلم -، وللإيمان بالرسل الكرام الأثر الكبير على شخصية المسلم واتزانه، فهم القدوة الحسنة وفي سيرهم أروع القيم والفضائل مثل الرضا، والصبر والإنجاز والتواضع، والأمانة، والإحسان، فهم خير البشرية الذين اختارهم الله لرسالاته.
    أثر الإيمان باليوم الآخرفي تحقيق السعادة

    الإيمان باليوم الآخر عقيدة مهمة، وسبب مهم من أسباب السعادة، فإذا تيقن العبد أن هذه الدنيا دار اختبار، والآخرة دار القرار، سعى في الطاعات، وجاهد نفسه على ملازمة الطاعة والاستقامة، فبمهما يجد العبد سعادة الدّارين، وقد جاء في الحديث الشريف: «فَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَوْتَتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ».

    وعندما يعتقد المؤمن أن هناك دارًا آخرة يجازي الله فيها المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ويغفر الله ما دون الشرك لمن يشاء، ويقر بكلِّ ما جاء في الكتاب والسّنّة عن كلِّ ما يكون بعد الموت، ويتيقن أن الله جعل الدُّورَ دارين دار الدنيا والدار الآخرة، حينها يتحقق له الرضا النفسي.
    أثر الرضا بالقضاء والقدر في تحقيق السعادة

    تسكن نفس العبد وتطمئن حينما يصدق بأنّ كلّ خير وشر هو بقضاء الله وقدره، وأنّ الله -تعالى- علم مقادير الأشياء وأزمانها أزلًا قبل إيجادها ثمّ أوجدها بقدرته، ومشيئته على وِفق ما علمه منها، وأنّه كتبها في اللّوح المحفوظ قبل إحداثها، قال الله -عز وجل-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (سورة القمر: 49)، فالله -تعالى- علم بجميع الكائنات وأزمانها وأحوالها وأفعالها من خير أو شر، وكتب في اللوح المحفوظ كل ما يصدر من الخلق من طاعة ومعصية وإيمان وكفر، وأطلع الملائكة على أحوال الإنسان قبل ظهوره إلى هذه الحياة عندما أمر الملك أن يكتب عليه أقداره وهو لا يزال في بطن أمه.

    والإيمان بهذه الأركان من أسباب السعادة؛ لأنّ تحقيق الإيمان متوقف على التصديق بكل أركان الإيمان، والمؤمن الحق الذي طلب السعادة ينشرح صدره لتعاليم الدين وقواعده، ويؤمن بما أمرنا الله أن نؤمن به، قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- : «بامتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.

    قال حمزة قاسم: «أفضل الأعمال على الإِطلاق الإِيمان بالله عقيدة وقولًا وعملًا؛ لأنّه أساس كل خير ومصدر كلّ سعادة، وشرط في قبول جميع الأعمال الشرعية، وصحتها شرعًا».


    **********


    تحياتي وسلامي





      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:57 pm