السؤال
هل القرآن عبارة عن ترجمة لكلام الله، وفقاً لقوله تعالى: إنا جعلناه قرآناً عربياً؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرآن الكريم هو كلام الله غير مخلوق، لأنه صفة من صفات الرب جل وعلا، وصفاته تعالى غير مخلوقة تكلم الله به حقيقة بصوت وحرف، وأسمعه جبريل ونزله على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا ما دل عليه القرآن والسنة وهو مذهب السلف قاطبة، قال الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ {التوبة:6}.
ولا يقال هو ترجمة لكلام الله، فإن ذلك من البدع التي ابتدعتها الفرق الخارجة عن الصراط المستقيم المخالفة لأهل السنة والجماعة، والاستدلال بالآية الواردة في السؤال على خلق القرآن إنما هو من استدلالات الجهمية والمعتزلة الباطلة إذا قالوا: جعل بمعنى خلق فالقرآن مخلوق، وقد بين أئمة السلف والعلماء من بعدهم تهافت هذا الاستدلال وبطلانه، ومخالفته للغة العرب التي نزل بها القرآن، وبينوا أن جعل تأتي على حالين في لغة العرب: الأولى: أن تنصب مفعولاً واحداً وتكون بمعنى خلق أو غيره، مثل قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {الأنعام:1}. فجعل هنا بمعنى خلق.
والحال الثانية: أن تأتي جعل ناصبة لمفعولين، فلا يمكن أن تكون بمعنى خلق في لغة العرب التي نزل بها القرآن، وإنما معنى الجعل هنا التصيير، أي: صيرناه عربياً، يعني: أنزلناه بهذا اللسان العربي، فهذه الآية: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {الزخرف:3}. معناها هو معنى قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {يوسف:2}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: أي صيرناه عربياً لأنه قد كان قادراً على أن ينزله عجمياً وينزله عربياً فلما أنزله عربياً كان قد جعله عربياً دون عجمي. انتهى.
وقد استدل العلماء بآيات قاطعة على هذا المعنى وألزموا بها الذين قالوا هذا القول الباطل، فقالوا لهم: ما تقولون في قوله تعالى: وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً {النحل:91}.
هل معناها: قد خلقتم الله عليكم كفيلاً، لا يمكن لأي معتزلي أن يقرأ جعلتم في الآية هذه بمعنى خلقتم أبدا، وكذلك قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ {الحجر:91}.
وعضين أي أجزاء، فهؤلاء جعلوا القرآن أجزاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض أو قسموه فيما بينهم فمنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن، قال العلماء: فنحن وأنتم نتناظر في مسألة القرآن نفسه، هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ فإذا كان قوله ـ الذين ـ تعود إلى الكفار كما في آخر سورة الحجر: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ{الحجر:19}. فالكفار هم الذين خلقوا القرآن وأنتم لا تقولون بهذا أبداً إذاً فـ ـ جعل ـ ليس بمعنى خلق إنما بمعنى: اتخذوه عضين، أو صيروه عضين أي: جعلوه أجزاءً.
فهذه خلاصة ما ذكر من رد على الشبهة التي تتعلق بها الفرق المنحرفة عن عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة.
ولمزيد من التفصيل حول الآية المذكورة وردود العلماء على من حرف معناها، راجع: الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل، والرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة للالكائي، وشرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، العقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية للشيخ الجديع، وغيرها من كتب أهل السنة وهي كثيرة ـ والحمد لله ـ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3988 فهي مهمة.
والله أعلم.
هل القرآن عبارة عن ترجمة لكلام الله، وفقاً لقوله تعالى: إنا جعلناه قرآناً عربياً؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرآن الكريم هو كلام الله غير مخلوق، لأنه صفة من صفات الرب جل وعلا، وصفاته تعالى غير مخلوقة تكلم الله به حقيقة بصوت وحرف، وأسمعه جبريل ونزله على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا ما دل عليه القرآن والسنة وهو مذهب السلف قاطبة، قال الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ {التوبة:6}.
ولا يقال هو ترجمة لكلام الله، فإن ذلك من البدع التي ابتدعتها الفرق الخارجة عن الصراط المستقيم المخالفة لأهل السنة والجماعة، والاستدلال بالآية الواردة في السؤال على خلق القرآن إنما هو من استدلالات الجهمية والمعتزلة الباطلة إذا قالوا: جعل بمعنى خلق فالقرآن مخلوق، وقد بين أئمة السلف والعلماء من بعدهم تهافت هذا الاستدلال وبطلانه، ومخالفته للغة العرب التي نزل بها القرآن، وبينوا أن جعل تأتي على حالين في لغة العرب: الأولى: أن تنصب مفعولاً واحداً وتكون بمعنى خلق أو غيره، مثل قوله تعالى: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ {الأنعام:1}. فجعل هنا بمعنى خلق.
والحال الثانية: أن تأتي جعل ناصبة لمفعولين، فلا يمكن أن تكون بمعنى خلق في لغة العرب التي نزل بها القرآن، وإنما معنى الجعل هنا التصيير، أي: صيرناه عربياً، يعني: أنزلناه بهذا اللسان العربي، فهذه الآية: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {الزخرف:3}. معناها هو معنى قوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {يوسف:2}.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى: أي صيرناه عربياً لأنه قد كان قادراً على أن ينزله عجمياً وينزله عربياً فلما أنزله عربياً كان قد جعله عربياً دون عجمي. انتهى.
وقد استدل العلماء بآيات قاطعة على هذا المعنى وألزموا بها الذين قالوا هذا القول الباطل، فقالوا لهم: ما تقولون في قوله تعالى: وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً {النحل:91}.
هل معناها: قد خلقتم الله عليكم كفيلاً، لا يمكن لأي معتزلي أن يقرأ جعلتم في الآية هذه بمعنى خلقتم أبدا، وكذلك قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ {الحجر:91}.
وعضين أي أجزاء، فهؤلاء جعلوا القرآن أجزاء يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض أو قسموه فيما بينهم فمنهم من يؤمن ومنهم من لا يؤمن، قال العلماء: فنحن وأنتم نتناظر في مسألة القرآن نفسه، هل هو مخلوق أو غير مخلوق؟ فإذا كان قوله ـ الذين ـ تعود إلى الكفار كما في آخر سورة الحجر: الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ{الحجر:19}. فالكفار هم الذين خلقوا القرآن وأنتم لا تقولون بهذا أبداً إذاً فـ ـ جعل ـ ليس بمعنى خلق إنما بمعنى: اتخذوه عضين، أو صيروه عضين أي: جعلوه أجزاءً.
فهذه خلاصة ما ذكر من رد على الشبهة التي تتعلق بها الفرق المنحرفة عن عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة.
ولمزيد من التفصيل حول الآية المذكورة وردود العلماء على من حرف معناها، راجع: الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد بن حنبل، والرد على الجهمية للإمام عثمان بن سعيد الدارمي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة للالكائي، وشرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، العقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية للشيخ الجديع، وغيرها من كتب أهل السنة وهي كثيرة ـ والحمد لله ـ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3988 فهي مهمة.
والله أعلم.
أمس في 5:19 pm من طرف عبدالله الآحد
» الله أول بصفاته لم يزل ولا يزال متصفا بها سبحانه وتعالى
الأحد مايو 19, 2024 5:34 pm من طرف عبدالله الآحد
» الإيمان بأن الله خلق آدم على صورته كما قال رسول الله بلا كيف ولا تشبيه
السبت مايو 18, 2024 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد
» صفات الله الفعلية قديمة النوع حادثة الآجاد أي متجددة الآحاد غير مخلوقة
الجمعة مايو 17, 2024 4:29 pm من طرف عبدالله الآحد
» أهل السنة ليسوا مشبهة وعلامة الجهمية تسميتهم بالمشبهة
الخميس مايو 16, 2024 4:52 pm من طرف عبدالله الآحد
» أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث
الثلاثاء مايو 14, 2024 4:57 pm من طرف عبدالله الآحد
» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
الإثنين مايو 13, 2024 10:55 pm من طرف صادق النور
» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
الإثنين مايو 13, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد
» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد