بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين أن خلقنا مسلمين موحدين
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد أشرف المرسلين وأمام المحجلين وصفوة الصفوه وخاتم النبوه وفاتح الجنه وعلي آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً طيباً مباركا فيه .
-----
- -
:: تعريفُ العَقيدةِ لُغةً
العقيدةُ في اللُّغةِ: من العَقْدِ، وهو الجمعُ بين أطرافِ الشَّيء، والشَّدُّ وشِدَّةُ التَّوثُّقِ
: تعريفُ العَقيدةِ اصطِلاحًا
العَقيدةُ في الاصطِلاحِ: هي جَزْمُ القَلبِ وعَقْدُه على توحيدِ اللهِ تعالى وما وَجَب الإيمانُ به دونَ شكٍّ
: تعريفُ الإيمانِ لغةً
الإيمانُ في اللُّغةِ: بمعنى التَّصديقِ، وأصلُ الأمنِ: هو طُمَأنينةُ النَّفسِ وزوالُ الخَوفِ
: تعريفُ الإيمانِ اصطِلاحًا
الإيمانُ في الاصطِلاح هو: التَّصديقُ الجازمُ بكلِّ ما أخبَرَ به اللهُ ورسولُهُ مع الإقرارِ والطُّمأنينةِ، والقَبولُ والانقيادُ له .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (... الإيمانُ وإن كان يتضمَّنُ التَّصديقَ فليس هو مجرَّدَ التَّصديقِ،
وإنَّما هو الإقرارُ والطُّمأنينةُ؛ وذلك لأنَّ التَّصديقَ إنَّما يَعرِضُ للخَبَرِ فقط، فأمَّا الأمرُ فليس فيه تصديقٌ من حيثُ هو أمرٌ،
وكلامُ الله خبرٌ وأمرٌ؛ فالخبَرُ يستوجِبُ تصديقَ المخبِرِ، والأمرُ يَستَوجِبُ الانقيادَ له والاستِسلامَ، وهو عملٌ في القَلبِ جِماعُه الخُضوعُ والانقيادُ للأمرِ، وإن لم يفعَلِ المأمورَ به، فإذا قوبل الخَبَرُ بالتَّصديقِ والأمرُ بالانقيادِ، فقد حصل أصلُ الإيمانِ في القلبِ، وهو الطُّمَأنينةُ والإقرارُ؛ فإنَّ اشتقاقَه من الأمنِ الذي هو القَرارُ والطُّمأنينةُ، وذلك إنَّما يحصُلُ إذا استقرَّ في القَلبِ التَّصديقُ والانقيادُ) .
وقال ابنُ عُثيمين: (نقول: إنَّ الإيمانَ هو التَّصديقُ المستلزِمُ للقَبولِ وللانقيادِ؛ قَبولِ الخَبَرِ، والانقيادِ للأمْرِ والنَّهيِ، هذا هو الإيمانُ، وأمَّا مجرَّدُ أنَّ الإنسانَ يقولُ: أنا مؤمِنٌ بالله، وأنا أعترفُ بأنَّ اللهَ موجودٌ، وأنَّ له رسُلًا، لكِنَّه لا يَعمَلُ، فلا يَنَفعُه هذا الإيمانُ؛ فالإيمانُ الذي ينفع هو ما ذَكَرْتُ، وقد يُطلَقُ الإيمانُ لغةً على مجرَّد التَّصديقِ، ويقال: هذا مؤمِنٌ بشَيءٍ، لكِنَّه كافِرٌ بأشياءَ، فهذا ليس الإيمانَ الشَّرعيَّ) .
: تعريفُ التَّوحيدِ لُغةً
التَّوحيدُ لُغةً: من الوَحْدةِ، وهي الانفِرادُ، ومعنى وحَّده توحيدًا، أي: جعَلَه واحدًا
: تعريفُ التَّوحيد اصطِلاحًا
التَّوحيدُ اصطِلاحًا: إفرادُ اللهِ سُبحانَه بما يختصُّ به من الرُّبوبيَّةِ والألوهيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ .
قال ابنُ القَيِّم: (ليس التَّوحيدُ مجرَّدَ إقرارِ العَبدِ بأنَّه لا خالِقَ إلَّا اللهُ، وأنَّ اللهَ ربُّ كلِّ شيءٍ ومليكُه،
كما كان عبَّادُ الأصنامِ مُقرِّين بذلك وهم مُشرِكون، بل التَّوحيدُ يتضمَّنُ من محبَّة اللهِ، والخُضوعِ له، والذُّلِّ له، وكمالِ الانقيادِ لطاعتِه، وإخلاصِ العبادةِ له، وإرادةِ وَجْهِه الأعلى بجَميعِ الأقوالِ والأعمالِ، والمنعِ والعَطاءِ، والحبِّ والبُغضِ-
ما يحولُ بين صاحِبِه وبين الأسبابِ الدَّاعيةِ إلى المعاصي والإصرارِ عليها، ومَن عَرَف هذا عَرَف قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ حرَّم على النَّارِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، يبتغي بذلك وَجْهَ اللهِ )) ...
وما جاء من هذا الضَّربِ مِن الأحاديثِ التي أَشكَلت على كثيرٍ من النَّاسِ، حتى ظنَّها بعضُهم منسوخةً، وظنَّها بعضُهم قيلَت قَبلَ وُرودِ الأوامِرِ والنَّواهي واستِقرارِ الشَّرعِ، وحمَلَها بعضُهم على نارِ المشركينِ والكفَّارِ،
وأوَّلَ بعضُهم الدُّخولَ بالخُلودِ، وقال: المعنى لا يدخُلُها خالدًا، ونحو ذلك من التَّأويلاتِ المُستَكرَهةِ. والشَّارعُ -صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه- لم يجعَلْ ذلك حاصلًا بمجرَّدِ قَولِ اللِّسانِ فقط، فإنَّ هذا خلافُ المعلومِ بالاضطرارِ مِن دينِ الإسلامِ؛ فإنَّ المنافقينَ يقولونَها بألسِنَتِهم، وهم تحتَ الجاحِدينَ لها؛ في الدَّركِ الأسفَلِ من النَّارِ، فلا بدَّ من قَولِ القَلبِ، وقَولِ اللِّسانِ) .
: العَلاقةُ بين العَقيدةِ والإيمانِ والتَّوحيدِ
العَقيدةُ والإيمانُ والتَّوحيدُ: هي في الجُملةِ ألفاظٌ مُتقارِبةٌ عند أهل السُّنَّةِ، إلَّا أنَّهم قد يَذكُرون مَسائِلَ في كتُبِ العقائِدِ لا يَذكُرونَها في كُتُبِ التَّوحيدِ، وقد يحدُثُ العَكسُ، وكذلك الإيمانُ.
وقد يُفرَّقُ بين علمِ العَقيدةِ والتَّوحيدِ اصطِلاحًا باعتبارِ أنَّ عِلمَ التَّوحيدِ يُعنى بإثباتِ العَقيدةِ الصَّحيحةِ بأدلَّتِها الثَّابتةِ، وأنَّ عِلمَ العَقيدةِ يُعنى مع ذلك بردِّ الشُّبُهاتِ ومناقَشةِ الدِّيانات والفِرَق المخالِفةِ، فعليه تكونُ العَقيدة أعمَّ موضوعًا من التَّوحيدِ .
وقيل: العَقيدةُ أعمُّ، والتَّوحيدُ أخصُّ، فعلمُ التَّوحيدِ معناه: الإيمانُ بتفرُّدِ الرَّبِّ في رُبوبيَّتِه وإلهيَّتِه وأسمائِه وصِفاتِه، فيرجعُ عِلمُ التَّوحيدِ إلى الإيمانِ باللهِ، وأمَّا العَقيدةُ فتتعلَّقُ بالإيمانِ باللهِ ومَلائِكتِه وكُتُبهِ ورُسُلهِ واليَومِ الآخِرِ وبالقَدَرِ، وعلى ذلك فالعَقيدةُ تَشمَلُ كِلا الأمرَينِ؛ التَّوحيدَ والإيمانَ، فهي أعمُّ منهما .
أمَّا الفَرقُ بيْن التَّوحيدِ والإيمانِ؛ فالتَّوحيدُ هو: "إفرادُ اللهِ عزَّ وجلَّ بما يختصُّ به ويجِبُ له".
والإيمانُ هو:"التَّصديقُ المتضمِّنُ للقَبولِ والإذعانِ"، وبينهما عمومٌ وخُصوصٌ؛ فكلُّ موحِّدٍ مؤمِنٌ، وكُلُّ مؤمِنٍ مُوحِّدٌ بالمعنى العامِّ، ولكِنْ أحيانًا يكونُ التَّوحيدُ أخصَّ من الإيمانِ، وأحيانًا يكونُ الإيمان أخَصَّ من التَّوحيدِ .
علمُ التَّوحيدِ والإيمانِ جاءت به الأنبياءُ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ، وآخِرُهم نبيُّنا محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ نَقَله عنه الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولم يكونوا بحاجةٍ إلى تدوينِه أو تصنيفِ كتُبٍ فيه، ثم ألَّفَ العُلماءُ كُتبَ الحديثِ؛ الصِّحاحُ، والسُّننُ، وغيرُها، وفيها كثيرٌ من الأحاديثِ والآثارِ المتَعلِّقةِ بالعَقائدِ.
ثمَّ بدأ التَّصنيفُ في عقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ حين ظهَرَت فِرَقُ الجَهْميَّةِ والمعَطِّلةِ والشِّيعةِ، فأصبح التَّصنيفُ في العقيدةِ ضرورةً لا بُدَّ منها؛ لنَفيِ تحريفِ الغالِينَ، وانتِحالِ المُبطِلينَ، وتأويلِ الجاهِلينَ،
ومِن ذلك الرِّسالةُ التي كتَبَها مالِكُ بنُ أنسٍ (ت: 179هـ) في القَدَر إلى تلميذِه عبدِ اللهِ بنِ وَهبٍ المصْريِّ (ت: 197هـ)
: مؤلَّفاتُ عِلمِ العَقيدةِ عندَ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ
1. (العَقيدةُ الطَّحاويَّةُ) للطَّحاويِّ (ت: 321 هـ).
2. (شرحُ أُصولِ اعتقادِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ) للَّالَكائيِّ (ت: 418هـ).
3. (عقيدةُ السَّلَفِ أصحابِ الحديثِ) للصابوني (ت: 449هـ).
4. (الاعتقادُ القادريُّ) للكرجيِّ (ت: 489 هـ).
5. (الاعتِقادُ) لابن أبي يَعْلى (ت: 526 هـ).
6. (لُمْعةُ الاعتقادِ) للموفَّقِ ابنِ قُدامةَ (ت: 620هـ).
7. (الاعِتقادُ الخالِصُ مِنَ الشَّكِّ والانتِقادِ) لابنِ العَطَّارِ (ت: 724هـ).
8. (العَقيدةُ الواسِطيَّةُ) لابن تَيميَّةَ (ت: 728 هـ).
: مؤلَّفاتُ عِلمِ الإيمانِ عند أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ
1. (كتابُ الإيمانِ ومَعالِمِه وسُنَنِه واستِكمالِ درَجاتِه) لأبي عُبَيدٍ القاسِمِ بنِ سلامٍ (ت: 224 هـ).
2. (الإيمانُ) لابن أبي شيبةَ (ت: 235 هـ).
3. (الإيمانُ) للعَدنيِّ (ت: 243 هـ).
4. (الإيمانُ) لابنِ مَنْدَهْ (ت: 395 هـ).
5. (مسائِلُ الإيمانِ) لأبي يَعْلى (ت: 458 هـ).
6. (الإيمانُ الكبيرُ) و (الإيمانُ الأوسَطُ) لابن تَيميَّةَ (ت: 728 هـ).
7. (أصولُ الإيمانِ) لمحمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ (ت: 1206 هـ).
8. (التَّوضيحُ والبيانُ لشجَرةِ الإيمانِ) للسَّعديِّ (ت: 1376 هـ).
: مؤلَّفاتُ عِلمِ التَّوحيدِ عِندَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ
1. (التَّوحيدُ وإثباتُ صِفاتِ الرَّبِّ) لابنِ خزيمة (ت: 311هـ).
2. (التَّوحيدُ ومَعرِفةُ أسماءِ اللهِ عزَّ وجَلَّ وصِفاتِه على الاتِّفاقِ والتفرُّدِ) لابنِ مَنْدَه (ت: 359هـ).
3. (الأربعون في دلائِلِ التَّوحيدِ) للهَرَويِّ (ت: 481 هـ).
4. (التَّوحيدُ لله عزَّ وجَلَّ) لعبدِ الغني المَقْدسيِّ (ت: 600 هـ).
5. (التَّوحيدُ) لابنِ رَجَبٍ (ت: 795 هـ).
6. (تجريدُ التَّوحيدِ المفيد) للمقريزيِّ (ت: 845 هـ).
7. (الدُّرُّ النَّضيدُ في إخلاصِ كَلِمةِ التَّوحيدِ) للشَّوكاني (ت: 1205 هـ).
8. (كتابُ التَّوحيدُ) لـمُحمَّدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ (ت: 1206 هـ).
9. (سُلَّم الوصولِ إلى عِلمِ الأُصولِ في التَّوحيدِ واتِّباعِ الرَّسولِ) لحافِظ الحَكَميِّ (ت: 1377 هـ).
: مُسَمَّياتٌ أُخرى لكُتُبِ العقائِدِ
لعِلمِ العقائِدِ مُسمَّياتٌ أخرى عند أهلِ السُّنَّةِ؛ مِثلُ: السُّنَّةِ ، والشَّريعةِ ، وأُصولِ الدِّينِ ، والفِقهِ الأكبَرِ .
ومن هذه الكُتُب:
1. كتابُ (السُّنَّةِ) لأحمدَ بنِ حنْبل (ت: 241 هـ).
2. (السُّنَّةُ) لابنِ أبي عاصِمٍ (ت: 287 هـ).
3. (الإبانةُ عن أُصولِ الدِّيانةِ) لأبي الحَسَنِ الأشعَريِّ (ت: 324 هـ).
4. (الشَّريعةُ) للآجُرِّي (ت: 360 هـ).
5. (الإبانةُ عن شريعةِ الفِرقةِ النَّاجيةِ ومُجانَبةِ الفِرَقِ المذمومةِ)، و (الشَّرحُ والإبانةُ عن أصولِ الدِّيانةِ) لابنِ بَطَّة (ت: 387هـ).
: حكمُ تعَلُّم عِلمِ العَقيدة والإيمانِ والتَّوحيدِ
إنَّ تعَلُّمَ هذه العُلومِ بطَريقةٍ إجماليَّةٍ تَصِحُّ بها عقيدةُ المسلِمِ: فرضُ عينٍ على كلِّ مكَلَّفٍ مِن ذكَرٍ وأُنثى،
وأمَّا المعرفةُ التَّفصيليَّةُ فهي فرضُ كفايةٍ، فإذا قام بعضُ المسلمينَ بدراسةِ تَفاصيلِ العقيدةِ، ومعرفةِ الأدلَّةِ النَّقليةِ والعَقليةِ ومعرفةِ الرَّدِّ على شُبُهاتِ المخالِفينَ؛ سَقَط الإثمُ عن الباقينَ .
: فَضلُ عِلمِ العَقيدةِ والإيمانِ والتَّوحيدِ وفوائدُه
1- تعلُّقُ عِلمِ العَقيدةِ والإيمانِ والتَّوحيدِ بأعظَمِ شَيءٍ، وهو اللهُ سُبحانَه وتعالى
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ قالَ: ((إيمانٌ باللهِ ورَسولِه )) .
2- أنَّ جميعَ الرُّسُلِ دَعَوا أقوامَهم إلى التَّوحيدِ أوَّلًا
كلُّ رُسُلِ اللهِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ قد دعَوا النَّاسَ إلى توحيدِ اللهِ وإخلاصِ عبادتِه؛ من أولِّهم نوحٍ عليه السَّلامِ، إلى آخِرِهم محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36] .
وقال اللهُ سُبحانَه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] .
3- أنَّ اللهَ تعالى أمَرَ بالتَّوحيدِ جميعَ العِبادِ
قال اللهُ تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد: 19] .
وقال اللهُ سُبحانَه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة: 5] .
4- أنَّ التَّوحيدَ حَقُّ اللهِ على العَبيدِ
عن مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((حقُّ اللهِ على عِبادِه أن يعبُدوه ولا يُشرِكوا به شَيئًا )) .
5- أنَّ التَّوحيدَ ملَّةُ أبينا إبراهيمَ عليه السَّلامُ التي أمَرَنا اللهُ باتِّباعِها
قال اللهُ تعالى: ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 123] .
وهي أيضًا دعوتُه عليه السَّلامُ؛ قال اللهُ تعالى حاكيًا دعاءَهُ: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ [إبراهيم: 35] .
6- أنَّ التَّوحيدَ شَرطٌ لقَبولِ العَمَلِ
جميعُ الأعمالِ والأقوالِ الظَّاهِرةِ والباطِنةِ متوقِّفةٌ في قَبولِها وفي كَمالِها، وفي ترتُّبِ الثَّوابِ عليها: على التَّوحيدِ، فكلَّما قَوِيَ التَّوحيدُ والإخلاصُ للهِ كمَلَت هذه الأمورُ وتمَّت.
قال اللهُ تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ [الأنبياء: 94] .
وقال اللهُ سُبحانَه: وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا [الإسراء: 19] .
وإذا جاء العبدُ بغير إيمانٍ فإنَّه يخسَرُ جميعَ عَمَلِه الصَّالحِ.
قال اللهُ تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: 65] .
7- تحقيقُ السَّعادةِ لجَميعِ البَشَريَّةِ في الدُّنيا
لا راحةَ ولا طُمأنينةَ ولا سعادةَ إلَّا بأن يَعرِفَ العَبدُ ربَّه بأسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه من جهةٍ صحيحةٍ، صادِقةٍ ناصِحةٍ، وهي جِهةُ الوَحيِ.
قال ابنُ تَيميَّةَ: (حاجةُ العَبدِ إلى الرِّسالةِ أعظَمُ بكثيرٍ من حاجةِ المريضِ إلى الطِّبِّ؛ فإنَّ آخِرَ ما يُقدَّرُ بعَدَمِ الطَّبيبِ مَوتُ الأبدانِ، وأمَّا إذا لم يحصُلْ للعَبدِ نورُ الرِّسالةِ وحياتِها، مات قلبُه موتًا لا ُترجى الحياةُ معه أبدًا، أو شَقِيَ شقاوةً لا سعادةَ معها أبدًا) .
8- أنَّه يُسَهِّلُ على العَبدِ فِعلَ الخَيراتِ وتَرْكَ المُنكَراتِ ويُسَلِّيه عن المُصِيباتِ
المُخلِصُ للهِ في إيمانِه وتَوحيدِه تخِفُّ عليه الطَّاعاتُ؛ لِما يرجو من ثوابِ ربِّه ورِضوانِه، ويَهونُ عليه تركُ ما تهواه النَّفسُ من المعاصي؛ لِما يَخشى من سَخَطِه وعِقابِه، وبحسَبِ تَكميلِ العَبدِ للتَّوحيدِ والإيمانِ يتلقَّى المكارِهَ والآلامَ بقَلبٍ مُنشَرحٍ، ونَفسٍ مُطمَئِنَّةٍ، وتسليمٍ ورضًا بأقدارِ اللهِ المُؤلِمةِ.
9- أنَّ التَّوحيدَ يحرِّرُ الإنسانَ من عُبوديَّةِ المَخلوقينَ والتعلُّقِ بهم وخَوفِهم ورَجائِهم والعَمَلِ لأجْلِهم
بالتَّوحيدِ والإيمانِ الصَّحيحِ يكونُ العبدُ متألِّهًا متعبِّدًا لله، لا يرجو سواه، ولا يخشى إلَّا إيَّاه، ولا يُنيبُ إلَّا إليه، وبذلك يتمُّ فلاحُه، ويتحقَّقُ نجاحُه.
10- أنَّ اللهَ تكفَّلَ لأهلِ التَّوحيدِ والإيمانِ بالفَتحِ والنَّصرِ في الدُّنيا
بالتَّوحيدِ يَحصُلُ العِزُّ والشَّرَفُ للمؤمنين، وبه تحصُلُ الهِدايةُ وتَيسيرُ الأُمورِ، ويتحقَّقُ صَلاحُ الأحوالِ، والتَّسديدُ في الأقوالِ والأفعالِ، وبه يَدفَعُ اللهُ عنهم شرورَ الدُّنيا والآخرةِ، ويمُنُّ عليهم بالحياةِ الطَّيِّبةِ.
11- تحقيقُ الجَماعةِ والاجتِماعِ
التَّوحيدُ هو الطَّريقةُ المُثْلى لجَمعِ شَملِ المُسلِمينَ ووَحدةِ صَفِّهم، وإصلاحِ ما فسَدَ مِن شُؤونِ دينِهم ودُنياهم، والتَّاريخُ شاهِدٌ على ذلك، فالدُّوَلُ التي قامت على السُّنَّةِ هي التي جمعت شَمْلَ المسلمينَ، وقام بها الجِهادُ، والأمرُ بالمعروفِ، والنَّهيُ عن المنكَرِ، وعزَّ بها الإسلامُ قديمًا وحديثًا.
12- التَّوحيدُ يُثمِرُ الأمنَ التامَّ في الدُّنيا والآخِرةِ
قال الله عزَّ وجلَّ: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام: 82] .
13- مضاعفةُ الحَسَناتِ
إذا تحقَّق الإيمانُ في قَلبِ العبدِ تحقُّقًا كاملًا، فإنَّ القليلَ مِن عَمَلِه يصيرُ كثيرًا، وتتضاعَفُ أعمالُه وأقوالُه بغير حصرٍ ولا حسابٍ، وترجَحُ كَلِمةُ الإخلاصِ في مِيزانِه.
قال الله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: 173] .
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا أحسنَ أحَدُكم إسلامَه فكلُّ حَسَنةٍ يعملُها تُكتبُ له بعَشْرِ أمثالِها إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ، وكلُّ سيئةٍ يَعمَلُها تُكتبُ له بمِثْلِها )) .
قال ابنُ رجب: (مضاعفةُ الحَسَناتِ زيادةً على العَشرِ تكونُ بحسَبِ حُسنِ الإسلامِ، كما جاء ذلك مصرَّحًا به في حديثِ أبي هُرَيرةَ وغَيرِه، وتكونُ بحسَبِ كمالِ الإخلاصِ، وبحسَبِ فَضلِ ذلك العَمَلِ في نَفْسِه، وبحسَبِ الحاجةِ إليه) .
وعن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما يروي عن رَبِّه عزَّ وجلَّ قال: ((إنَّ الله كَتَب الحسَناتِ والسَّيِّئاتِ، ثمَّ بيَّن ذلك؛ فمن هَمَّ بحَسَنةٍ فلم يَعمَلْها كتَبَها اللهُ له عِندَه حَسَنةً كامِلةً، فإنْ هو هَمَّ بها فعمِلَها كَتَبها اللهُ له عنده عَشْرَ حَسَناتٍ إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ )) .
قال ابنُ العربي: (ذلك من فَضلِ اللهِ على حسَبِ ما يَعلَمُ مِنَ الصِّدقِ في النيَّاتِ، وخُلوصِ الطَّوِيَّاتِ، والرَّغبةِ في الخيراتِ، والمواظَبةِ على الصَّالحاتِ) .
وقال السَّعديُّ: (ومن أسبابِ المضاعَفةِ، وهو أصلٌ وأساسٌ لِما تقدَّمَ: صِحَّةُ العَقيدة، وقوَّةُ الإيمانِ باللهِ وصِفاتِه، وقوَّةُ إرادةِ العَبدِ، ورَغبتِه في الخَيرِ؛ فإنَّ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ المحضةِ، وأهلَ العِلمِ الكامِلِ المفصَّلِ بأسماءِ اللهِ وصِفاتِه، وقوَّةِ لِقاءِ اللهِ: تُضَاعَفُ أعمالُهم مضاعفةً كبيرةً لا يحصُلُ مِثلُها ولا قريبٌ منها لمن لم يشارِكوهم في هذا الإيمانِ والعَقيدةِ؛ ولهذا كان السَّلَفُ يقولون: أهلُ السُّنَّةِ إن قعَدَت بهم أعمالُهم قامت بهم عقائدُهم، وأهلُ البِدَع إن كثُرَت أعمالُهم قَعَدت بهم عقائِدُهم( .
14- التَّوحيدُ يغفرُ اللهُ به الذُّنوبَ ويُكَفِّرُ به السَّيِّئاتِ
عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ:... ومَن لَقِيَني بقُرابِ الأرض خطيئةً لا يُشرِكُ بي شَيئًا، لَقِيتُه بمِثْلِها مَغفِرةً )) .
15- التَّوحيدُ يُدخِلُ اللهُ به الجَنَّةَ
عن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((من شَهِدَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورَسولُه، وأنَّ عيسى عبدُ اللهِ ورسولُه، وكَلِمتُه ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه، وأن الجنَّةَ حقٌّ، وأنَّ النَّارَ حقٌّ- أدخَلَه اللهُ الجنَّةَ على ما كان مِنَ العمَلِ )) .
وعن جابرِ بنِ عَبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من مات لا يُشرِكُ باللهِ شَيئًا دَخَل الجنَّةَ )) .
16- التَّوحيدُ يمنَعُ مِن دُخولِ النَّارِ
عن عتبانَ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((... فإنَّ اللهَ حرَّم على النَّارِ مَن قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، يبتغي بذلك وَجْهَ اللهِ )) .
وعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا دَخَلَ أهلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وأهلُ النَّارِ النَّارَ، يقولُ اللهُ: مَن كانَ في قَلبِه مِثقالُ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ فأخْرِجُوه )) .
17- نَيلُ شفاعةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أسعدُ النَّاسِ بشَفاعتي يومَ القيامةِ من قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ، خالِصًا مِن قَلْبِه أو نَفْسِه )) .
:
- عَقيدةُ التَّوحيدِ هي دينُ الفِطرةِ التي فَطَر اللهُ النَّاسَ عليها
قال اللهُ تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الروم: 30] .
- وآدمُ عليه السَّلامُ قد فطره اللهُ على العَقيدةِ السَّليمةِ، فكان مُوحِّدًا لله تعالى مُعتَقِدًا لله ما يجِبُ له من التَّعظيمِ والطَّاعةِ.
قال اللهُ تعالى حاكِيًا دُعاءَ آدَمَ وحَوَّاءَ عليهما السَّلامُ: قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف: 23] ، فلم يَدْعُوَا غَيرَ اللهِ سُبحانَه، وأنابَا إليه؛ لاعتِقادِهما الصَّحيحِ أنَّ اللهَ يَسمَعُ ويَعلَمُ ويَقْدِرُ، وأنَّه وَحْدَه الذي يَغفِرُ الذُّنوبَ ويَرحَمُ عِبادَه.
- وقد أخَذَ اللهُ على بني آدَمَ العَهدَ والمِيثاقَ بأنَّه رَبُّهم، وأشهَدَهم بذلك على أنفُسِهم.
قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف: 172-173] .
- والنَّاسُ كُلُّهم يُولَدونَ على الفِطرةِ ويَنشَؤونَ عليها ما لم تَصْرِفْهم عنها صوارِفُ الشَّرِّ والضَّلالِ
عن عِياضٍ المُجاشِعيِّ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ: ((أَلَا إنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ ما جَهِلْتُمْ ممَّا عَلَّمَنِي يَومِي هذا: كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وإني خلقتُ عبادي حُنَفاءَ كُلَّهم، وإنَّهم أَتَتْهم الشَّياطينُ فاجتالَتْهم عن دينِهم، وحَرَّمَتْ عليهم ما أحلَلْتُ لهم، وأمَرَتْهم أن يُشرِكوا بي ما لم أُنزِلْ به سُلطانًا... )) . الحديث.
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ما من مولودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواه يهَوِّدانِه، أو ينَصِّرانِه، أو يُمجِّسانِه )) .
فعَقيدةُ التَّوحيدِ هي الأصلُ الذي كان عليه آدَمُ -عليه السَّلامُ- والأجيالُ الأولى من ذُرِّيَّتِه
قال الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة: 213] .
أي: إنَّ النَّاس كانوا مجتَمِعين منذ عهدِ آدمَ عليه السَّلامُ على دِينٍ واحدٍ، هو دينُ الإسلامِ، وظلُّوا على ذلك مدَّةَ عَشرةِ قرونٍ، فاختلَفوا في دِينهم حتى عبَدوا الأصنامَ، فبعَث الله النَّبيِّين ينهَوْن عن ذلك الكُفرِ، مُبشِّرين مَن أطاعهم بالجنَّةِ، ومُنذِرين مَن عصاهم بالنَّارِ، وكان أوَّلَهم نوحٌ عليه السَّلامُ .
عن عبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: (كان بين نوحٍ وآدمَ عشرةُ قرونٍ، كلُّهم على شريعةٍ من الحَقِّ، فاختلفوا؛ فبعث اللهُ النبيِّينَ مُبشِّرينَ ومُنذِرينَ) .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (لم يكُنِ الشِّركُ أصلًا في الآدميِّينَ، بل كان آدَمُ ومن كان على دينِه من بنيه على التَّوحيدِ لله؛ لاتِّباعِهم النبُوَّةَ؛
قال اللهُ تعالى: وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا [يونس: 19] .
قال ابنُ عباس: "كان بين آدَمَ ونوحٍ عَشرةُ قرونٍ كلُّهم على الإسلامِ"،
فبتركِهم اتِّباعَ شريعةِ الأنبياءِ وَقَعوا في الشِّركِ، لا بوُقوعِهم في الشِّركِ خرجوا عن شريعةِ الإسلامِ؛ فإن آدَمَ أمرَهم بما أمَرَه اللهُ به؛ حيث قال له: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة: 38، 39] .
: عَقيدةُ التَّوحيدِ هي دَعوةُ الرُّسُلِ عامَّةً
اتَّفق جميعُ الرُّسُلِ عليهم السَّلامُ على الدَّعوةِ إلى عبادةِ اللهِ وَحْدَه لا شريكَ له، واجتنابِ الشِّركِ.
قال الله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36] .
وقال الله سُبحانَه: يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ [النحل: 2] .
ونوحٌ عليه السَّلامُ قال لقَومِه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 59] .
وهود عليه السَّلامُ قال لقَومِه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 65] .
وصالحٌ عليه السَّلامُ قال لقَومِه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 73] .
وإبراهيمُ عليه السَّلامُ قال لقَومِه: اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ [العنكبوت: 16] .
وشعيبٌ عليه السَّلامُ قال لقَومِه: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف: 85] .
وعيسى عليه السَّلامُ قال لقَومِه: إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [آل عمران: 51] .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (فإنَّ الرُّسُلَ جميعَهم أُمِروا بالتَّوحيدِ وأَمَروا به؛
قال اللهُ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] ، فبَيَّن أنَّه لا بدَّ أن يوحيَ بالتَّوحيد إلى كلِّ رسولٍ،
وقال الله تعالى: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف: 45] ، فبَيَّن أنَّه لم يَشرَعِ الشِّركَ قَطُّ، فهذان النصَّانِ قد دلَّا على أنَّه أمَرَ بالتَّوحيدِ لكلِّ رَسولٍ، ولم يأمُرْ بالإشراكِ قَطُّ، وقد أمر آدَمَ وبَنِيه من حينِ أُهبِطَ باتِّباعِ هُداه الذي يوحيه إلى الأنبياءِ؛ فثَبَت أنَّ عِلَّةَ الشِّركِ كان من تَرْكِ اتِّباعِ الأنبياءِ والمرَسلينَ فيما أُمِروا به من التَّوحيدِ والدِّينِ) .
: عَقيدةُ التَّوحيدِ في دَعوةِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
أغلَبُ آياتِ القُرآنِ الكريمِ جاءت في تقريرِ عَقيدةِ التَّوحيدِ، والدَّعوةِ إلى إخلاصِ العبادةِ للهِ وَحْدَه لا شريكَ له؛ إمَّا بصريحِ العِبارةِ، أو بالإشارةِ.
إنَّ مُعظَمَ آياتِ القُرآنِ الكريمِ جاءت في تقريرِ تَوحيدِ الألوهيَّةِ، وتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ والأسماءِ والصِّفاتِ، وأُصولِ الإيمانِ والإسلامِ، وأُمورِ الغَيبِ، والقَدَرِ؛ خَيرِه وشرِّه، واليومِ الآخِرِ، والجنَّةِ وأهْلِها ونَعيمِها، والنَّارِ وأهْلِها وعَذابِها. وأصولُ العَقيدةِ تدورُ حولَ هذِه الأُمورِ.
ومن أوائِلِ ما نزل به القرآنُ، وأمَرَ اللهُ رسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يفعَلَه: أن يكَبِّرَ اللهَ تعالى ويعظِّمَه وَحْدَه، وأن يُنذِرَ النَّاسَ مِن الشِّركِ، وأن يتطهَّرَ من الآثامِ والذُّنوبِ وغيرِها، ويهجُرَ ما هم عليه من عبادةِ الأصنامِ، ويَصبِرَ على ذلك كُلِّه.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ * وَلِرَبِّكَ فَاصْبِر [المدثر: 1 - 7]
وقد ذكر العُلَماءُ أنَّ القرآنَ: ثلثٌ أحكامٌ، وثلثٌ أخبارٌ، وثلثٌ توحيدٌ . وهذا ما فسَّروا به قَولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تعدِلُ ثُلُثَ القرآنِ)) .
وآياتُ الأحكامِ لا تخلو من ذِكْرٍ للعَقيدةِ وأُصولِ الدِّينِ، وذلك من خِلالِ ذِكرِ أسماءِ اللهِ وصفاتِه، وطاعتِه وطاعةِ رَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذِكرِ حِكَمِ التَّشريعِ، ونحوِ ذلك.
وكذلك آياتُ الأخبارِ والقَصَص أغلَبُها في الإيمانِ والاعتقادِ، مِن خلالِ أخبارِ المغيَّباتِ والوعيدِ واليومِ الآخِرِ، ونحوِ ذلك.
قال ابنُ القَيِّمِ: (الاعتناءُ في السُّوَرِ المكَيَّةِ إنَّما هو بأصولِ الدِّين؛ِ من تقريرِ التَّوحيدِ، والمَعَاد، والنُّبوَّةِ، وأمَّا تقريرُ الأحكامِ والشَّرائعِ فمَظِنَّتُه السُّوَرُ المدنيَّةُ) .
وقد كان غالِبُ وَقتِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عهدِ النُّبُوَّةِ في تقريرِ الاعتقادِ الصَّحيحِ، فالرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قضى ثلاثًا وعِشرينَ سَنةً في الدَّعوةِ إلى اللهِ؛ منها ثلاثَ عَشرةَ سنةً في مكَّةَ، كانت في الدَّعوةِ إلى توحيدِ الله تعالى، ونَبْذِ الشِّركِ والمعتَقَداتِ الفاسِدةِ،
ومنها عَشرُ سِنينَ في المدينةِ كانت موزَّعةً بين تَشريعِ الأحكامِ، وتثبيتِ العَقيدةِ، والحِفاظِ عليها، وحمايتِها من الشُّبُهاتِ، والجهادِ في سَبيلِها، أي: أنَّ أغلَبَها كذلك في تقريرِ عَقيدة التَّوحيدِ، وأصولِ الدِّينِ، ومن ذلك مجادَلةُ أهلِ الكِتابِ، وبيانُ بُطلانِ مُعتَقَداتِهم المحرَّفةِ، والتَّصَدِّي لشُبهاتِهم وشُبُهاتِ المنافِقينَ، وصَدُّ كَيدِهم للإسلامِ والمسلِمينَ، وكُلُّ هذا من حمايةِ العَقيدةِ.
وقد قاتَلَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ على عَقيدة التَّوحيدِ؛ حتى يكونَ الدِّينُ للهِ وَحْدَه، رَغْمَ أنَّ سائِرَ المفاسِدِ والشُّرورِ كانت سائِدةً في ذلك الوَقتِ،
فجَعل رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الغايةَ من قتالِ النَّاسِ تحقيقَ التَّوحيدِ وأركانِ الإسلامِ؛ لأن مدارَ الخيرِ على صَلاحِ العَقيدةِ، فإذا صلَحَت استقام النَّاسُ على الحقِّ والخَيرِ، وإذا فسَدَت فسدَت أحوالُ النَّاسِ، واستحكَمَت فيهم الأهواءُ والآثامُ، وسَهُلت عليهم المنكَراتُ.
عن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أُمِرتُ أن أقاتِلَ النَّاسَ حتى يَشهَدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ، ويُقيموا الصَّلاةَ، ويُؤتُوا الزَّكاةَ، فإذا فعلوا ذلك عَصَموا منِّي دماءَهم إلَّا بحقِّ الإسلامِ، وحِسابُهم على اللهِ )) .
: مِن خَصائِصِ عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: سَلامةُ المَصدَرِ
عَقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ مُعتَمِدةٌ على الكِتابِ والسُّنَّةِ وإجماعِ السَّلَفِ فحَسْبُ، كما أنَّها تتميَّزُ باتِّصالِ سنَدِها بالرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والصَّحابةِ والتَّابعين وأئمَّةِ الهدى.
وهذه الخاصيَّةُ لا توجَدُ في مذاهبِ أهلِ الكلام والصوفيَّةِ الذين يعتَمِدونَ على العَقلِ والنَّظَرِ، أو على الكَشْفِ والحَدْسِ والإلهامِ والوَجْدِ، أو عن طريقِ أشخاصٍ يَزعُمونَ لهم العِصمةَ، وليسوا بأنبياءَ، أو يدَّعون لهم الإحاطةَ بعِلمِ الغَيبِ مِن أئمَّةٍ أو رُؤساءَ أو أولياءَ أو أقطابٍ أو أغواثٍ أو غَيرِهم، أو يزعُمونَ أنَّه يسَعُهم العَمَلُ بأنظِمةِ البشَرِ وقَوانينِهم المخالفةِ لشريعةِ اللهِ سبحانه.
قال ابنُ تَيميَّةَ: (... بهذا يتبيَّنُ أنَّ أحَقَّ النَّاسِ بأن تكونَ هي الفِرقةَ النَّاجيةَ أهلُ الحديثِ والسُّنَّةِ، الذين ليس لهم مَتبوعٌ يتَعصَّبونَ له إلَّا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهم أعلَمُ النَّاسِ بأقوالِه وأحوالِه، وأعظمُهم تمييزًا بين صَحيحِها وسَقيمِها، وأئمَّتُهم فُقهاءُ فيها، وأهلُ مَعرفةٍ بمعانيها، واتِّباعًا لها؛ تصديقًا وعَمَلًا، وحبًّا وموالاةً لِمَن والاها، ومُعاداةً لِمَن عاداها... لا يَنصِبونَ مَقالةً ويَجعَلونَها من أصولِ ديِنهم وجُمَل كلامِهم، إن لم تكُنْ ثابتةً فيما جاء به الرَّسولُ، بل يجعلونَ ما بُعِثَ به الرَّسولُ من الكِتابِ والحِكمةِ هو الأصلَ الذي يَعتَقِدونَه ويَعتَمِدونَه، وما تنازعَ فيه النَّاسُ من مسائِلِ الصِّفاتِ والقَدَرِ والوَعيدِ والأسماءِ، والأمرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عن المنكَرِ، وغيرِ ذلك: يردُّونَه إلى اللهِ ورَسولِه، ويُفَسِّرون الألفاظَ المجمَلةَ التي تنازَعَ فيها أهلُ التفَرُّقِ والاختلافِ؛ فما كان من معانيها مُوافِقًا للكِتابِ والسُّنَّةِ أثبتوه، وما كان منها مخالِفًا للكِتابِ والسُّنَّةِ أبطَلوه؛ ولا يتَّبِعونَ الظَّنَّ وما تهوى الأنفُسُ؛ فإنَّ اتِّباعَ الظَّنِّ جَهلٌ، واتِّباعَ هوى النَّفسِ بغيرِ هدًى مِنَ اللهِ: ظلمٌ) .
وقال ابنُ القَيِّم: (مِن كَيدِه بهم وتحيُّلِه على إخراجِهم من العِلمِ والدِّينِ: أن ألقى على ألسِنَتِهم أنَّ كلامَ اللهِ ورَسولِه ظواهِرُ لفظيَّةٌ لا تفيدُ اليقينَ، وأوحى إليهم أنَّ القواطعَ العقليَّةَ والبَراهينَ اليقينيَّةَ؛ في المناهِجِ الفَلسفيَّةِ والطُّرُقِ الكلاميَّةِ! فحالَ بينهم وبيْن اقتباسِ الهُدى واليقينِ مِن مِشْكاةِ القُرآنِ، وأحالهم على مَنطِقِ اليونانِ، وعلى ما عِندَهم من الدَّعاوى الكاذِبةِ العَرِيَّة عن البُرهانِ، وقال لهم: تلك علومٌ قديمةٌ صَقَلَتها العُقولُ والأذهانُ، ومَرَّتْ عليها القُرونُ والأزمانُ! فانظُرْ كيف تلطَّف بكَيدِه ومَكْرِه حتى أخرَجَهم من الإيمانِ والدِّينِ، كإخراجِ الشَّعرةِ مِنَ العَجِين؟!
ومِن كَيدِه: ما ألقاه إلى جُهَّالِ المتصوِّفةِ مِنَ الشَّطحِ والطَّامَّاتِ، وأبرزه لهم في قالَبِ الكَشفِ من الخيالاتِ؛ فأوقَعَهم في أنواعِ الأباطيلِ والتُّرَّهاتِ، وفَتَح لهم أبوابَ الدَّعاوى الهائِلاتِ، وأوحى إليهم أنَّ وراءَ العِلمِ طَريقًا إنْ سلكوه أفضى بهم إلى كَشْفِ العِيانِ، وأغناهم عن التقيُّدِ بالسُّنَّةِ والقُرآنِ) .
-----------------------------------------------------------------------
التالي : - من خَصائصِ عَقيدةِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ: قِيامُها على التَّسليمِ للهِ ولِرَسولِه
-
تابعونا جزاكم الله خيرا
عدل سابقا من قبل صادق النور في الخميس نوفمبر 16, 2023 2:18 pm عدل 1 مرات
اليوم في 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد
» إيضاح حركى لمناسك الحج وشرح جميع المناسك
أمس في 7:57 pm من طرف صادق النور
» النذر لغير الله شرك أكبر
أمس في 3:57 pm من طرف عبدالله الآحد
» الجواب عن شبهة أن أهل السنة ينزلون آيات الكفار عن المسلمين
الأربعاء مايو 08, 2024 4:55 pm من طرف عبدالله الآحد
» عقيدة أهل السنة في كلام الله عز وجل
الثلاثاء مايو 07, 2024 5:10 pm من طرف عبدالله الآحد
» فَضْلَ صِلَةِ الأَرْحَامِ -* - * كَيْفَ تَصِل رَحِمَك .
الإثنين مايو 06, 2024 10:13 pm من طرف صادق النور
» القرآن من آحاد كلام الله ليس قديما بقدم الله ونوع كلام الله قديم
الإثنين مايو 06, 2024 4:13 pm من طرف عبدالله الآحد
» قول فى البدعة والسنة !!!
الأحد مايو 05, 2024 10:31 pm من طرف صادق النور
» الكتب المهمة التي ينصح بقراءتها في العقيدة الإسلامية الصحيحة
الأحد مايو 05, 2024 3:23 pm من طرف عبدالله الآحد
» كلام الله قديم النوع حادث الآحاد أي متجدد الآحاد وهو غير مخلوق
السبت مايو 04, 2024 4:51 pm من طرف عبدالله الآحد