أحكامٌ عامَّةٌ في القضاءِ
الفصل الأول: التتابُعُ والتراخي في القضاءِ
-()-لكنَّ المسارعةَ إلى القضاء أوْلى؛ لقوله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [آل عمران:133] ؛ وقوله سبحانه: أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ [المؤمنون:61]-()
المبحث الأول: التَّتابُعُ في القضاءِ
لا يجِبُ التَّتابُعُ في قضاءِ رَمَضانَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة،
وعليه أكثَرُ أهلِ العِلمِ-()-قال النووي: إذا لزمه قضاءُ رمضان أو بعضِه: فإن كان فواتُه بعُذرٍ؛ كحيض ونِفاسٍ، ومرضٍ وإغماءٍ وسَفَرٍ، ومن نسي النيَّةَ أو أكل معتقدًا أنه ليلٌ، فبان نهارًا، أو المرضِعُ والحامِلُ- فقضاؤه على التَّراخي بلا خلافٍ، ما لم يبلُغْ به رمضانَ المُستقبَل)(قال ابنُ حجر: ظاهِرُ صنيعِ البخاري يقتضي جوازَ التراخي والتفريقِ؛ لِمَا أودعه في الترجمةِ من الآثار كعادته، وهو قولُ الجمهور-()
الأدِلَّة أولًا من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]
وجه الدلالة:
أنَّ الله تعالى أطلق القَضاءَ ولم يُقَيِّدْه
ثانيًا: من الآثار
وقال ابنُ عباس رَضِيَ اللهُ عنهما: ((لا بأسَ أن يُفَرِّقَ))
ثالثًا: لأنَّه صومٌ لا يتعلَّقُ بزمانٍ بعَينِه، فلم يجِبْ فيه التتابُعُ، كالنَّذرِ المُطلَق -() قال ابنُ قدامة: وهو قولُ ابن عباس وأنس بن مالك، وأبي هريرة وابن محيريز وأبي قلابة، ومجاهد وأهل المدينة، والحسن وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة، والثوري والأوزاعي، والشَّافعي وإسحاق-()
المبحث الثاني: التَّراخي في القَضاءِ
المطلب الأول: حُكمُ تأخيرِ قَضاءِ رمضانَ إلى ما قبل دخولِ رمضانَ آخَرَ
يجوز قضاءُ الصَّومِ على التَّراخي في أي وقتٍ من السَّنَة، بشَرْطِ ألَّا يأتيَ رمضانُ آخَرُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمشهورُ مِن مَذهَبِ المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سَلَمةَ قال: سمعْتُ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها تقول: ((كان يكونُ عليَّ الصَّومُ مِن رَمَضانَ، فما أستطيعُ أن أقضِيَه إلَّا في شعبانَ؛ الشُّغُلُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو برَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
من أخَّرَ قضاءَ رَمَضانَ حتى دخَلَ رَمَضانُ آخرُ، فقد اختلف فيه أهلُ العِلمِ على قولينِ:
القول الأول:
يلزَمُه القضاءُ مع الفِديةِ، وهي إطعامُ مِسكينٍ عن كلِّ يومٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكِيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول طائفة من السلف
وذلك لِمَا أفتى به جماعةٌ من أصحابِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّه قال في رجلٍ مَرِضَ في رمضانَ، ثم صَحَّ فلم يصُمْ، حتى أدركه رمضانُ آخَرُ، قال: يصومُ الذي أدركه ويُطعِمُ عن الأوَّلِ؛ لكُلِّ يَومٍ مُدًّا مِن حِنطةٍ، لكُلِّ مِسكينٍ، فإذا فَرَغَ من هذا صام الذي فَرَّط فيه))
كما رُوِيَ عن ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ أنهما قالا: ((أطعِمْ عن كلِّ يَومٍ مسكينًا)) ولم يُرْوَ عن غيرهم من الصحابة خلافُه
القول الثاني:
لا يلزَمُه إلا القضاءُ فقط، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ، والشوكاني، وابنِ عُثيمين، وهو قولُ بعضِ السَّلَفِ -() قال ابنُ حزم: ومن كانت عليه أيامٌ من رَمضانَ فأخَّرَ قضاءَها عمدًا, أو لعذرٍ, أو لنسيانٍ، حتى جاء رمضانُ آخَرُ؛ فإنَّه يصومُ رمضان الذي ورَدَ عليه كما أمره الله تعالى، فإذا أفطَرَ في أوَّلِ شوال قضى الأيَّامَ التي كانت عليه، ولا مزيدَ, ولا إطعامَ عليه في ذلك، وكذلك لو أخَّرَها عدةَ سِنينَ، ولا فَرْقَ إلَّا أنَّه قد أساء في تأخيرِها عمدًا، سواءٌ أخَّرَها إلى رمضانَ، أو مقدار ما كان يُمكِنُه قضاؤُها من الأيام--- قال ابنُ عُثيمين: إذا ترك الإنسانُ قَضاءَ رَمَضانَ إلى رمضانَ الثاني بلا عُذرٍ، فهو آثمٌ، وعليه أن يقضِيَ ما فاته، ولا إطعام عليه، على القَولِ الصَّحيحِ) -()
الدَّليل من الكتاب:
عمومُ قَولِه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184]
وجه الدلالة:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قد قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وعُمومُه يَشمَلُ ما قضاه قبل رَمَضانَ الثَّاني أو بَعْدَه، ولم يذكُرِ اللهُ تعالى الإطعامَ؛ ولذا فلا يجِبُ عليه إلَّا القَضاءُ فقط
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي سَلَمةَ قال: سمعْتُ عائشة رَضِيَ اللهُ عنها تقول: ((كان يكونُ عليَّ الصَّومُ مِن رَمَضانَ، فما أستطيعُ أن أقضِيَه إلَّا في شعبانَ؛ الشُّغُلُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو برَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
المطلب الثاني: تأخيرُ قضاءِ رَمَضانَ بغيرِ عُذرٍ حتى دخولِ رَمَضانَ آخَرَ
من أخَّرَ قضاءَ رَمَضانَ حتى دخَلَ رَمَضانُ آخرُ، فقد اختلف فيه أهلُ العِلمِ على قولينِ:
القول الأول:
يلزَمُه القضاءُ مع الفِديةِ، وهي إطعامُ مِسكينٍ عن كلِّ يومٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: المالكِيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قول طائفة من السلف
وذلك لِمَا أفتى به جماعةٌ من أصحابِ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
فعن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّه قال في رجلٍ مَرِضَ في رمضانَ، ثم صَحَّ فلم يصُمْ، حتى أدركه رمضانُ آخَرُ، قال: يصومُ الذي أدركه ويُطعِمُ عن الأوَّلِ؛ لكُلِّ يَومٍ مُدًّا مِن حِنطةٍ، لكُلِّ مِسكينٍ، فإذا فَرَغَ من هذا صام الذي فَرَّط فيه))
كما رُوِيَ عن ابنِ عُمرَ وابنِ عبَّاسٍ أنهما قالا: ((أطعِمْ عن كلِّ يَومٍ مسكينًا)) ولم يُرْوَ عن غيرهم من الصحابة خلافُه
القول الثاني:
لا يلزَمُه إلا القضاءُ فقط، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، وهو اختيارُ ابنِ حَزمٍ، والشوكاني، وابنِ عُثيمين، وهو قولُ بعضِ السَّلَفِ -() قال ابنُ حزم: ومن كانت عليه أيامٌ من رَمضانَ فأخَّرَ قضاءَها عمدًا, أو لعذرٍ, أو لنسيانٍ، حتى جاء رمضانُ آخَرُ؛ فإنَّه يصومُ رمضان الذي ورَدَ عليه كما أمره الله تعالى، فإذا أفطَرَ في أوَّلِ شوال قضى الأيَّامَ التي كانت عليه، ولا مزيدَ, ولا إطعامَ عليه في ذلك، وكذلك لو أخَّرَها عدةَ سِنينَ، ولا فَرْقَ إلَّا أنَّه قد أساء في تأخيرِها عمدًا، سواءٌ أخَّرَها إلى رمضانَ، أو مقدار ما كان يُمكِنُه قضاؤُها من الأيام--- قال ابنُ عُثيمين: إذا ترك الإنسانُ قَضاءَ رَمَضانَ إلى رمضانَ الثاني بلا عُذرٍ، فهو آثمٌ، وعليه أن يقضِيَ ما فاته، ولا إطعام عليه، على القَولِ الصَّحيحِ) -()
الدَّليل من الكتاب:
عمومُ قَولِه تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:184]
وجه الدلالة:
أنَّ الله سبحانه وتعالى قد قال: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وعُمومُه يَشمَلُ ما قضاه قبل رَمَضانَ الثَّاني أو بَعْدَه، ولم يذكُرِ اللهُ تعالى الإطعامَ؛ ولذا فلا يجِبُ عليه إلَّا القَضاءُ فقط
المطلب الثالث: حكمُ صيامِ التطوُّعِ قبل قضاءِ صِيامِ الفَرضِ
لا يجِبُ أن يقضِيَ المرءُ ما عليه قبل صَومِ التطوُّعِ، إنْ كان الوَقتُ متَّسِعًا، وهذا مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وهو روايةٌ عن أحمد؛ وذلك لأنَّ وقتَ القَضاءِ مُوسَّعٌ وليس مُضَيَّقًا-() -قال ابنُ عابدين: ولو كان الوجوبُ على الفور لكُرِهَ؛ لأنَّه يكون تأخيرًا للواجِبِ عن وقته الضَّيِّق)(-قال ابنُ قدامة: وروي عن أحمد أنَّه يجوزُ له التطوُّعُ؛ لأنها عبادةٌ تتعَلَّقُ بوقتٍ موسَّعٍ-()المبحث الأول: قضاءُ الصِّيامِ عَنِ المَيِّتِ الذي أخَّرَه لعُذرٍ
مَن كان عليه صومٌ واجِبٌ، ولم يتمكَّنْ مِن القضاءِ لعُذرٍ حتى مات؛ فلا شيءَ عليه، ولا يجِبُ الإطعامُ عنه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وهو قولُ أكثَرِ أهلِ العِلمِ؛ وذلك لأنَّه حقٌّ لله تعالى، وجَبَ بالشَّرعِ،
وقد مات من وجَبَ عليه قبل إمكانِ فِعلِه، فسقَطَ إلى غيرِ بَدَلٍ، كالحَجِّ
المبحث الثاني: قضاءُ الصِّيامِ عن الميِّتِ الذي أخَّرَه لغَيرِ عُذرٍ
مَن مات وعليه صومٌ واجبٌ- سواءٌ كان عن نذرٍ أو كفَّارةٍ، أو عن صومِ رَمَضانَ- وقد تمكَّنَ من القضاءِ، ولم يقضِ حتى مات؛ فلوَلِيِّه أن يصومَ عنه، فإنْ لم يفعَلْ أطعَمَ عنه لكُلِّ يَومٍ مِسكينًا، وهذا قولُ الشَّافعيِّ في القديمِ، واختاره النوويُّ، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن مات وعليه صيامٌ، صام عنه وليُّه ))
وجه الدلالة:
أنَّ قَولَه: ((صام عنه وليُّه)) خبَرٌ بمعنى الأمرِ، لكنَّه ليس للوُجوبِ
و(صيامٌ) هنا نكرةٌ غيرُ مُقَيَّدةٍ بصيامٍ مُعَيَّنٍ.
2- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رسولَ اللهِ إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومُ شَهرٍ، أفأقضيه عنها؟ قال: ((نعم، قال: فدَينُ اللهِ أحقُّ أن يُقضى ))
المبحث الثالث: قضاءُ الصَّومِ عن الحيِّ
لا يُصامُ عن أحدٍ في حياتِه.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم
، وابنُ عبد البر، وابنُ العربي، والقاضي عِياض، والنوويُّ
-قال ابنُ العربي: قال علماؤنا: لا يُصلِّي أحدٌ عن أحد باتِّفاقٍ، فرْضًا ولا نفلًا، حياةً ولا موتًا، وكذلك لا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ حيًّا قال النووي: قال القاضي وأصحابنا: وأجمعوا على أنَّه لا يُصلَّى عنه صلاةٌ فائتةٌ، وعلى أنَّه لا يُصامُ عن أحدٍ في حياته وقال: (قال أصحابنا وغيرهم: ولا يُصامُ عن أحدٍ في حياتِه، بلا خلاف، سواءٌ كان عاجزًا أو قادرًا-()
-قال القاضي عِياض: وأجمعوا بغير خِلافٍ أنَّه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحدٍ في حياته ولا موتِه، وأجمعوا أنَّه لا يصومُ أحدٌ عن أحدٍ في حياته)(
المبحث الأول: حكمُ إتمامِ مَن شرع في الصَّومِ الواجِبِ
إذا شَرَعَ الإنسانُ في صومٍ واجبٍ- كقضاءٍ، أو كفَّارة يمينٍ، وما أشبَه ذلك مِنَ الصِّيام الواجبِ- فإنَّه يلزَمُه إتمامُه، ولا يجوزُ له أن يقطَعَه إلَّا لعُذرٍ شَرعيٍّ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قَولِه تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد: 33]
ثانيًا: لأنَّ المتعَيِّنَ وجب عليه الدُّخولُ فيه، وغيرُ المتعَيِّنِ تعيَّنَ بدُخولِه فيه، فصار بمنزلةِ الفَرضِ المتعَيِّن
المبحث الثاني: حكمُ إتمامِ مَن شرَعَ في صومِ التطوُّعِ وحُكمُ قَضائِه إن أفسَدَه
المطلب الأول: حكمُ إتمامِ مَن شَرَعَ في صومِ التطوُّعِ
مَن شرَعَ في صومِ تطوعٍ فيُستحَبُّ إتمامُه ولا يلزَمُه، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة والحَنابِلة، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ،
واختيارُ ابنِ عُثيمين
الأدِلَّة منَ السُّنَّة:
1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((دخل عليَّ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ، فقال: هل عندكم شَيءٌ؟ فقلنا: لا. قال: فإنِّي إذًا صائِمٌ، ثم أتانا يومًا آخَرَ، فقلنا: يا رسولَ الله، أهدِيَ لنا حَيسٌ، فقال: أرينِيه، فلقد أصبحتُ صائِمًا. فأكَلَ ))
2- عن أبي جُحيفةَ قال: ((آخى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بين سلمانَ وأبي الدَّرداءِ، فزار سَلمانُ أبا الدَّرداءِ، فرأى أمَّ الدَّرداءِ مُتبذِّلةً، فقال لها: ما شأنُكِ؟ قالت: أخوك أبو الدَّرداءِ ليس له في الدُّنيا حاجةٌ. فجاء أبو الدَّرداءِ فصَنَعَ له طعامًا، فقال: كُلْ فإني صائمٌ. قال ما أنا بآكِلٍ حتى تأكُلَ، فأكَلَ. فلمَّا كان الليلُ ذهب أبو الدَّرداءِ يقوم، قال: نَمْ. فنام ثم ذهَبَ يقومُ، فقال: نَمْ. فنام، ثم ذهَبَ يقومُ، قال: نم، فنام. فلما كان مِن آخرِ اللَّيلِ، قال سَلمانُ: قُمِ الآن. فصَلَّيَا. فقال له سلمانُ: إنَّ لِرَبِّك عليك حقًّا، ولنفسِك عليك حقًّا، ولأهلِكَ عليك حقًّا، فأعِطْ كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، فأتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذكَرَ ذلك له، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: صَدَقَ سَلْمانُ ))
المطلب الثاني: حكمُ قَضاءِ صَومِ التطَوُّعِ إن أفسَدَه
إذا أفسد الإنسانُ صَومَه النَّفلَ، فلا يجِبُ عليه القضاءُ، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وهو قول طائفةٍ من السلف؛ وذلك لأنَّ القضاءَ يتبَعُ المقضِيَّ عنه، فإذا لم يكُنْ واجبًا، لم يكن القَضاءُ واجِبًا
الإفطارُ في نهارِ رَمَضانَ بِغَيرِ عُذرٍ
مَن أفطَرَ- بغيرِ الجِماعِ- في نهارِ رَمَضانَ بغيرِ عذرٍ، عامدًا مختارًا عالِمًا بالتَّحريمِ، بأنْ أكَلَ أو شَرِبَ مثلًا؛ فقد وَجَبَ عليه القضاءُ فقط، ولا كفَّارةَ عليه، وهذا مذهَبُ الشَّافِعيَّة والحَنابِلة، واختاره ابنُ المنذر، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلَفِ
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]
وجه الدلالة:
أنَّه قد وجب القضاءُ على المريضِ والمسافِرِ، مع أنَّهما أفطَرَا بسبَبِ العُذرِ المُبيحِ للإفطار، فَلَأنْ يجِبَ على غيرِ ذي العُذرِ أَوْلى، أمَّا عدمُ إيجابِ الكفَّارةِ عليه، فلأنَّه لم يثبُتْ شيءٌ في إيجابِها على غيرِ المُجامِعِ في نهار رمضانَ
ثانيًا: لأنَّ الأصلَ عَدمُ الكفَّارةِ أو الفِديةِ، إلا بدليلٍ، ولا دليلَ، والنصُّ قد ورد بالكفَّارةِ في الجِماع، ولا يصِحُّ قياسُ المفطِّرات الأخرى على الجِماع؛ لأن الحاجةَ إلى الزَّجرِ عنه أمسُّ وآكَدُ
---------------------------------------------------------------------------
وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي : .الإفطارُ في نهارِ رَمَضانَ بِغَيرِ عُذرٍ
اليوم في 5:34 pm من طرف عبدالله الآحد
» الإيمان بأن الله خلق آدم على صورته كما قال رسول الله بلا كيف ولا تشبيه
أمس في 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد
» صفات الله الفعلية قديمة النوع حادثة الآجاد أي متجددة الآحاد غير مخلوقة
الجمعة مايو 17, 2024 4:29 pm من طرف عبدالله الآحد
» أهل السنة ليسوا مشبهة وعلامة الجهمية تسميتهم بالمشبهة
الخميس مايو 16, 2024 4:52 pm من طرف عبدالله الآحد
» أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث
الثلاثاء مايو 14, 2024 4:57 pm من طرف عبدالله الآحد
» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
الإثنين مايو 13, 2024 10:55 pm من طرف صادق النور
» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
الإثنين مايو 13, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد
» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد
» هل القرآن مدلول كلام الله؟!
الجمعة مايو 10, 2024 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد