مُفسداتُ الصِّيام وما يُكرَه للصائِمِ وما يباح له
المبحث الأول: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ
المطلب الأول: تناولُ الطَّعامِ والشَّرابِ عَمْدًا
الفرع الأول: حُكمُ تناوُلِ الطَّعامِ والشَّرابِ للصَّائِمِ
مَن أكلَ أو شَرِبَ ممَّا يُتغَذَّى به متعمِّدًا، وهو ذاكرٌ لصَومِه؛ فإنَّ صَومَه يَبطُلُ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة
أنَّ الله أباح الأكلَ والشُّربَ إلى طُلوعِ الفَجرِ، ثم أمَرَ بالإمساكِ عنهما إلى اللَّيلِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
ما جاء عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال فيما يرويه عن ربِّه: ((يترُكُ طَعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أجلي ))
ثالثًا: من الإجماع
نقَلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ
الفرع الثاني: ما يترتَّبُ على الإفطارِ عَمدًا بطعامٍ أو شرابٍ
1- القَضاءُ
يلزَمُ مَن أفطَرَ متعمِّدًا بتناوُلِ الطَّعامِ أو الشَّرابِ؛ القضاءُ، وعلى هذا عامَّةُ أهلِ العِلمِ،أمَّا الكفَّارةُ، فلا تَجِبُ عليه، وهو مذهَبُ الشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، ورجَّحه ابنُ المُنذِر، واختاره ابنُ عُثيمين
وذلك للآتي:
أما القضاءُ فقياسًا على المريضِ والمُسافِرِ اللَّذينِ أوجَبَ اللهُ عليهما القضاءَ مع وجودِ العُذرِ؛ فلَأنْ يَجِبَ مع عدَمِ العُذرِ أَوْلى
دليلُ عدمِ وُجوبِ الكفَّارة:
1- عدمُ ورودِ نَصٍّ مِن الكتابِ أو السنَّةِ، يوجِبُ ذلك، والأصلُ بَراءةُ الذِّمَّة
2- عدمُ صِحَّةِ القياسِ على الجِماع في نهارِ رَمضانَ؛ فقد ورد النصُّ في الجِماع، وما سِواه ليس في مَعناه؛ لأنَّ الجِماع أغلَظُ
2- الإمساكُ
يلزَمُ مَن أفطَرَ بالأكلِ والشُّربِ متعمِّدًا؛ الإمساكُ بقيَّةَ يومِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، واختاره ابنُ حزمٍ؛ وذلك لأنَّه أفطَرَ بدونِ عُذرٍ، فلَزِمَه إمساكُ بقيَّةِ النَّهارِ، وفِطرُهُ عَمْدًا لم يُسقِطْ عنه ما وجَبَ عليه من إتمامِ الإمساكِ
المطلب الثاني: تناوُلُ الطَّعامِ والشَّرابِ نِسيانًا
مَن أكَلَ أو شَرِبَ ناسيًا؛ فلا شَيءَ عليه، ويُتِمُّ صَومَه، وهذا مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((... فأنزَلَ الله تعالى لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286] قال- أي الله سبحانه وتعالى-: قد فَعَلْتُ ))
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من نَسِيَ وهو صائِمٌ، فأكلَ أو شَرِبَ- فلْيُتِمَّ صَومَه؛ فإنَّما أطعَمَه اللهُ وسقاه ))
المطلب الثالث: ما يَدخُل الجوفَ من غيرِ قَصْدٍ
ما يَدخُل جوفَ الصَّائِم بلا اختيارٍ منه، كغُبارِ الطَّريق، لا يُفطِّره في الجُملة.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذر، وابنُ حزم، وابنُ قُدامة، والنوويُّ، والخَرشيُّ
المطلب الرابع: حُكم ابتلاعُ الصَّائِم رِيقَه
ابتلاعُ الرِّيقِ لا يُفطِّر، ما دام لم يفارقِ الفمَ، ولم يَجمعْه.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ حزم، والنوويُّ، وابنُ مُفلح
المطلب الخامس: حُكمُ من ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ
الفرع الأول: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا لا يمكِنُ لَفْظُه
مَن ابتلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يسيرًا لا يمكِنُ لفظُه، مِمَّا يجري مع الرِّيقِ؛ فصومُه صحيحٌ.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنذِر
ثانيًا: لأنَّه لا يُمكِنُ التحرُّزُ منه، فأشبَهَ الرِّيقَ
الفرع الثاني: ابتلاعُ الصَّائِم ما بين أسنانِه مِمَّا يُمكِنُ لَفظُه
مَن ابتَلَعَ ما بين أسنانِه وهو صائِمٌ، وكان يُمكِنُه لَفظُه؛ فإنَّه يُفطِرُ، وهو مذهبُ الشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وقولٌ للمالكيَّة؛ وذلك لأنَّه بلَع طعامًا يُمكِنُه لفظُه باختيارِه، ذاكرًا لِصَومِه، فأفطَرَ به، كما لو ابتدأَ الأكْلَ
المطلب السادس:: حُكمُ ابتلاعِ الصَّائِم ما لا يؤكَلُ في العادة
إذا ابتلعَ الصَّائِم ما لا يُؤكَلُ في العادة كدرهمٍ أو حصاةٍ أو حشيشٍ أو حديدٍ أو خيطٍ أو غير ذلك؛ أفطَرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلةوهو مَذهَبُ جماهيرِ العُلَماءِ مِنَ السَّلَفِ والخَلفِ
الأدِلَّة:أولًا: من الآثار
قولُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: الفِطرُ ممَّا دخل، وليس ممَّا خرَجَ
ثانيًا: لأنَّه في حكمِ الأكلِ؛ فإنه يقال: أكَلَ حَصاةً
ثالثًا: لأنَّه ابتلع ما يُمكنه الاحترازُ منه ممَّا لا حاجةَ به إليه، فأشبَهَ ما إذا قَلَع ما بين أسنانِه وابْتلَعَه
المطلب السابع: حُكمُ شُربِ الدُّخَانِ أثناءَ الصَّومِ
شُرْبُ الدُّخَانِ المعروفِ (التَّبْغ) أثناء الصَّومِ؛ يُفسِدُ الصِّيامَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ الدُّخَانَ له جِرمٌ ينفُذُ إلى الجَوف،ِ فهو جسمٌ يدخُلُ إلى الجَوفِ، فيكونُ مُفطِّرًا كالماء؛ ولأنَّه يسمَّى شُربًا عُرفًا، وصاحِبُه يتعَمَّدُ إدخالَه في جَوفِه مِن مَنفَذِ الأكلِ والشُّربِ، فيكونُ مُفطِرًا
المطلب الثامن: من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت
الفرع الأول: الإمساكُ في حَقِّ مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبَتْ
إذا أفطَرَ الصَّائِم في صومٍ واجبٍ؛ ظانًا أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبَتْ، ثم تبيَّنَ له أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يلزَمُه الإمساكُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وحُكي فيه الإجماعُ، وذلك قضاءً لحقِّ الوقتِ بالقَدْرِ المُمكِن، أو نفيًا للتُّهمةِ
الفرع الثاني: من أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبتْ هل يلزَمُه قضاءٌ أو لا؟
اختلف أهلُ العِلمِ في وجوبِ القَضاءِ على مَن أفطَرَ ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت على قولينِ:
القول الأوّل:
من أفطر ظانًّا أنَّ الشَّمسَ قد غرَبت، يلزَمُه القضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل من الكتاب:
عموم قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّ الصَّائِم مأمورٌ بإتمامِ صَومِه إلى اللَّيلِ، والصَّائِم في هذه المسألة قد أكَل في النَّهارِ
القول الثاني:
من أفطر ظانًّا أنَّ الشمسَ قد غرَبت، فلا قضاءَ عليه، وهو قولُ طائفةٍ من السَّلف، واختاره ابن تيميَّة، وابن القيِّم، وابن عُثيمين
الأدِلَّة:
أوَّلًا: من الكتاب
عمومُ قوله تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا البقرة: 286.
وجه الدلالة:
أنَّ هذا مِن الخطأِ الذي قد عفا اللهُ عنه؛ ولا قضاءَ على من أفطر مُخطِئًا
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في يومِ غَيمٍ، ثم طلَعتِ الشَّمسُ ))
وجه الدلالة:
أنه لم يُنقَلْ أنَّ الصحابةَ أُمِرُوا بالقضاءِ، ولو كان واجبًا لنُقِلَ
المطلب التاسع: أكَلَ شاكًّا في غروبِ الشَّمسِ
من أكل شاكًّا في غروبِ الشَّمسِ ولم يتبَيَّنْ له بعد ذلك هل غربَتْ أم لا، أو تبيَّنَ أنَّها لم تغرُبْ؛ فإنَّه يأثَمُ، ويجِبُ عليه القضاءُ في الحالتينِ، وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الأربعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّه لا بُدَّ أن يُتِمَّ الصَّائِم صَومَه إلى اللَّيلِ، أي: إلى غروبِ الشَّمسِ
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا أقبَلَ اللَّيلُ مِن هاهنا، وأدبَرَ النَّهارُ مِن هاهنا، وغرَبَتِ الشَّمسُ؛ فقد أفطَرَ الصَّائِم ))
وجه الدلالة:
أنه لم تغرُبِ الشَّمسُ، والأصلُ بقاءُ النَّهارِ حتى يُتيَقَّنَ، أو يَغلِبَ على الظَّنِّ غروبُ الشَّمسِ، فمن أكلَ وهو شاكٌّ، فقد تجاوَزَ حَدَّه، وفعَلَ ما لم يُؤذَنْ له فيه.
المطلب العاشر: مَن تسحَّر بعد طُلوعِ الفَجرِ خطأً
من تسحَّرَ معتقدًا أنَّه ليلٌ، فتبيَّنَ له أنَّ الفَجرَ قد دخَلَ وقتُه؛ فقد اختلَفَ أهْلُ العِلمِ في وجوبِ القضاءِ عليه، على قولين:
القول الأول: صَومُه صَحيحٌ، ولا قضاءَ عليه، وهو قَولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ: واختاره ابنُ تيميَّةَ، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
1- قَولُ الله سبحانه وتعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّ الأصلَ بقاءُ اللَّيلِ حتى يتبيَّنَ دخولُ الفَجرِ, وضِدُّ التبيُّنِ: الشَّكُّ والظَّنُّ، ومن القواعِدِ الفِقهيَّةِ المُقرَّرةِ أنَّ اليقينَ لا يزولُ بالشَّكِّ، فما دُمنا لم نتبيَّن الفَجرَ، فلنا أن نأكُلَ ونَشرَبَ
2- قولُه تعالى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة: 286]
وجه الدلالة:
أنَّ مَن أكَلَ أو شَرِبَ جاهلًا بدُخولِ وَقتِ الفَجرِ؛ فهو مُخطِئٌ، والخطأُ معفوٌّ عنه.
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
حديثُ أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، حيث قالت: ((أفطَرْنا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ غَيمٍ، ثمَّ طلعَتِ الشَّمسُ ))
وجه الدَّلالة:
أنَّه لم يُنقَل أنَّهم أُمِرُوا بالقَضاءِ، وإذا كان هذا في آخِرِ النَّهارِ، فأوَّلُه مِن بابِ أَوْلى؛ لأنَّ أَوَّلَه مأذونٌ له بالأكلِ والشُّربِ فيه، حتى يتبيَّنَ له الفَجرُ
القول الثاني:
عليه القَضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل:
قولُ الله سبحانه وتعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
تبيُّنُ طلوعِ الفَجرِ قد حصلَ في هذه الحالةِ، فلَزِمَه القضاءُ
المبحث الثاني: الجِماع في نهارِ رمَضان متعمِّدًا
المطلب الأول: حُكم صومِ مَن جامع متعمِّدًا في نهار رمضانَ
من جامعَ متعمِّدًا في نهارِ رمضانَ، فسَدَ صَومُه.
الأدِلَّة:أوَّلًا: من الكتاب
قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: 187]
وجه الدلالة:
أنَّ الشَّارِعَ علَّقَ حِلَّ الرَّفَثِ إلى النِّساءِ- وهو الجِماع- إلى تبيُّنِ الخَيطِ الأبيضِ من الأسوَدِ مِن الفَجرِ، وهو وقتُ بدايةِ الصِّيامِ، ثمَّ يجِبُ إتمامُ الصِّيامِ والإمساكُ عن ذلك إلى اللَّيلِ، فإذا وُجِدَ الجِماع قبل اللَّيلِ فإنَّ الصيامَ حينئذٍ لم يتِمَّ، فيكونُ باطلًا
ثانيًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاء إليه رجلٌ فقال: هلكْتُ يا رسولَ الله. قال: وما أهلَكَك؟ قال: وقعْتُ على امرأتي في رمضانَ، فقال: هل تجِدُ ما تُعتِقُ؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ سِتِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا. قال: فمكث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيها تَمرٌ- والعَرَقُ: الْمِكتَلُ- قال: أين السَّائِلُ؟ فقال: أنا. قال: خذْ هذا فتصَدَّقْ به. فقال الرجُلُ: على أفقَرَ مني يا رسولَ اللهِ؟ فواللهِ ما بين لابَتَيْها- يريدُ الحَرَّتَينِ- أهلُ بَيتٍ أفقَرُ مِن أهل بيتي. فضَحِكَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه، ثم قال: أطعِمْه أهلَك ))
ثالثًا: الإجماع:
نقل الإجماعَ على ذلك ابنُ المُنذِر، وابنُ حَزمٍ، وابنُ قُدامةَ، وابن تيميَّة
المطلب الثاني: ما يترتَّبُ على الجِماع في نهارِ رمضانَ
يترتَّبُ على الجِماع في نهارِ رَمضانَ الأمورُ التالية:
أوَّلًا: الكفَّارةُ
تجب الكفَّارةُ على المُجامِعِ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
الدَّليل منَ السُّنَّة:
حديثُ أبي هُريرة رَضِيَ اللهُ عنه، وفيه ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للمُواقِعِ أهلَه في رمضانَ: هل تجِدُ ما تُعتِقُ؟ قال: لا. قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابعَينِ؟ قال: لا. قال: فهل تجِدُ إطعامَ ستِّينَ مِسكينًا؟ قال: لا ))
مسألة: الترتيبُ في الكفَّارةِ
كفَّارةُ من جامَعَ في نهارِ رَمَضانَ تكونُ على التَّرتيبِ وهو مذهَبُ الجمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، والظاهرية
الدَّليل منَ السُّنَّة:
عن أبي هُريرَةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، جاء إليه رجُلٌ، فقال: هلكتُ يا رسولَ الله، قال: وما أهلَكَك؟ قال: وقعتُ على امرأتي في رمضانَ، فقال: هل تجِد ما تُعتِقُ؟ قال: لا، قال: هل تستطيعُ أن تصومَ شَهرينِ مُتَتابِعَينِ؟ قال: لا، قال: فهل تجِد إطعامَ ستِّين مسكينًا؟ قال: لا، قال: فمكَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينا نحن على ذلك، أُتِيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَرَقٍ فيها تمرٌ- والعَرَقُ: المِكتَلُ- قال: أين السَّائلُ؟ فقال: أنا، قال: خُذْ هذا فتصدَّقْ به، فقال الرجُلُ: على أفقرَ مني يا رسولَ الله؟ فواللهِ ما بين لابَتَيها- يريدُ الحرَّتينِ- أهلُ بيتٍ أفقرُ من أهلِ بيتي، فضحِك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى بدَتْ أنيابُه، ثم قال: أطعِمْه أهلَك ))
ثانيًا: القَضاءُ
المجامِع في نهارِ رَمَضان يَقضي ذلك اليومَ الذي أفسَدَه بالجِماع، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه أفسَدَ صَومَه الواجِبَ، فلَزِمَه القضاءُ، كالصَّلاةِ
ثانيًا: لأنَّه إذا وجبَ القَضاءُ على المُفطِر بعُذرٍ، فعلى المتعَمِّدِ من بابِ أَوْلى
المطلب الثالث: ما يلزَمُ المرأةَ إذا جُومِعَت في نهار رمضانَ طائعةً
إذا جومِعَت المرأةُ في نهار رمضانَ طائعةً، يلزَمُها القضاءُ، والكفَّارةُ، وهو مذهَبُ الجمهور: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والحَنابِلة، وقولٌ عند الشَّافِعيَّة
- أما القضاءُ: فـلأنَّه فاتها الصيامُ بلا عُذرٍ، فوجب عليها القضاءُ
- وأما الكفَّارة: فقياسًا على الرجُلِ؛ لأنَّ الأحكامَ الشرعيَّةَ تستوي فيها المرأةُ مع الرجُلِ، ما لم يدُلَّ دليلٌ على خلافِه، والمرأةُ هتكَت صَومَ رَمضانَ بالجِماع، فوجَبَت عليها الكفَّارةُ كالرَّجُلِ
- ولأنَّ الكفَّاراتِ لا يُتشارَكُ فيها، فكلٌّ منهما حصل منه ما يُنافي الصِّيامَ من الجِماع، فكان على كلٍّ منهما كفَّارةٌ
المطلب الرابع: حكمُ من جامَعَ ناسيًا
من جامع ناسيًا، فصَومُه صحيحٌ، ولا يلزَمُه شيءٌ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وهو قولُ طائفةٍ مِن السَّلَف، واختاره ابنُ تيميَّةَ، وابنُ القيِّمِ، والصنعاني، والشَّوكاني، وابنُ عُثيمين
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
1- عن أبي هُريرةَ مرفوعًا بلفظ: ((من أفطَرَ في شهرِ رَمضانَ ناسيًا؛ فلا قضاءَ عليه ولا كفَّارةَ ))
وجه الدلالة:
أنَّ الفِطرَ هنا أعَمُّ مِن أن يكونَ بأكلٍ أو شُربٍ، فيشمَلُ الجِماع
2- الأحاديثُ الواردةُ في الكفَّارة في الجِماع، في بعضِها ((هلكْتُ))، وفي بعضها ((احترَقْتُ احتَرَقْتُ))، وهذا لا يكونُ إلَّا في عامدٍ، فإنَّ النَّاسيَ لا إثمَ عليه بالإجماعِ
ثانيًا: قياسًا على الأكلِ والشُّربِ ناسيًا، فالحديثُ صَحَّ أنَّ أكلَ الناسي لا يُفطِّرُ، والجِماع في معناه، وإنَّما خَصَّ الأكلَ والشُّربَ بالذِّكرِ؛ لِكَونِهما أغلَبَ وقوعًا، ولعَدَمِ الاستغناءِ عنهما غالبًا
المطلب الخامس: من تكرَّرَ منه الجِماع في يوم واحد
الفرع الأول: حُكم مَن تكرَّر منه الجِماع في يومٍ واحد
من تكرَّر منه الجِماعُ في يومٍ واحدٍ، تكفيه كفَّارةٌ واحدةٌ إذا لم يكفِّرْ.
الدَّليل من الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ عبد البَرِّ، وابنُ قُدامة
الفرع الثاني: حكمُ من تكرَّر منه الجِماعُ في يوم واحدٍ وكفَّر عن الأوَّل
اختلف أهلُ العِلمِ في من تكَرَّر منه الجِماعُ في يومٍ واحد وكفَّرَ عن الأوَّل هل تلزَمُه كفَّارةٌ ثانية أم لا؛ على قولينِ:
القول الأول:
من جامَعَ في نهارِ رمضانَ، وتكرَّر منه الجِماعُ في يومٍ واحدٍ وكفَّر عن الأوَّلِ، فلا تلزَمُه كفَّارةٌ ثانيةٌ، وهو مذهَبُ المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، وهو اختيارُ ابن عُثيمين ؛ وذلك لأنَّه لم يُصادِفْ صومًا منعَقِدًا، فلم يُوجِبْ شيئًا، بخلافِ المرَّةِ الأولى، فالجِماعُ الثاني ورد على صومٍ غيرِ صَحيحٍ، فهو لا يُسمَّى صائمًا
القول الثاني:
من جامع في نهارِ رَمضانَ ثمَّ جامَعَ مرَّةً ثانيةً، تلزَمُه كفَّارةٌ ثانيةٌ إذا كفَّر عن الأوَّلِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الجِنايةَ الأولى انجبَرَت بالكفَّارة الأُولى، فصادف جِماعُه الثَّاني حُرمةً أخرى كاملةً، فلَزِمَه لأجْلِها الكفَّارةُ
ثانيًا: لأنَّه إذا جامعَ فكَفَّرَ، ثم جامَعَ؛ عُلِمَ أنَّ الزَّجرَ لم يحصُلْ بالكفَّارة الأُولى
المطلب السادس: حُكمُ من تكرَّرَ منه الجِماعُ في يومينِ فأكثَرَ
من تكرَّرَ منه الجِماعُ في يومينِ فأكثَرَ، تلزَمُه كفَّارةٌ لكُلِّ يومٍ جامعَ فيه، سواءٌ كَفَّرَ عن الجِماعِ الأول أم لا، وهو مذهَبُ الجمهورِ: المالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ صَومَ كُلِّ يَومٍ عِبادةٌ مُنفرِدةٌ، فإذا وجبَتِ الكفَّارةُ بإفسادِه، لم تتداخَلْ كفَّاراتُها
المطلب السابع: حكمُ صَومِ مَن وَطِئَ في الدُّبرِ
من وَطِئَ في الدُّبُرِ فَسَدَ صَومُه، وعليه القَضاءُ والكفَّارةُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة والشَّافِعيَّة والحَنابِلة
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه وَطءٌ؛ فأفسَدَ صَومَ رمضانَ، وأوجَبَ الكفَّارة
ثانيًا: ولأنَّه يُوجِبُ الحَدَّ كالجِماع, فكذلك يُفسِدُ الصَّومَ ويُوجبُ الكفَّارةَ
ثالثًا: لأنَّه محَلٌّ مُشتهًى, فتجِبُ فيه الكفَّارةُ، كالوطءِ في القُبُلِ
الفرع الثامن: حكمُ من جامع في قضاءِ رَمضانَ عامدًا
من جامَعَ في قضاءِ رمضانَ عامِدًا، فلا كفَّارةَ عليه، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة وحُكي الإجماعُ على ذلك؛ وذلك لانعداِم حُرمةِ الشَّهرِ؛ ولأنَّ النَّصَّ بوجوبِ الكفَّارة ورد فيمن جامَعَ في نهارِ رَمضانَ، فلا يتعَدَّاه
المبحث الثالث: خروج المني
المطلب الأول: حكمُ من استمنى فى نهارِ رَمضانَ
مَنِ استَمْنى
في نهارِ رَمضانَ، فقد فسَدَ صَومُه، وعليه القَضاءُ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة
الأدِلَّة: أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يقولُ الله عزَّ وجَلَّ: الصَّومُ لي وأنا أجزي به؛ يدَعُ شَهوتَه وأكْلَه وشُربَه مِن أجلي ))
وجه الدلالة:
أنَّ الاستمناءَ مِن الشَّهوةِ التي لا يكونُ الصَّومُ إلا باجتنابِها
ثالثًا: لا كفَّارةَ فيه؛ لأنَّ النَّصَّ إنما ورد في الجِماعِ، والاستمناءُ ليس مِثلَه
المطلب الثاني: حُكمُ من باشَرَ أو قبَّلَ أو لمَسَ فأنزَلَ
الفرع الأول: القضاءُ على من باشَرَ أو قبَّلَ أو لمَسَ فأنزَلَ
مَن أنزَلَ المنيَّ بمباشرَةٍ دون الفرْجِ، أو بتقبيلٍ أو لَمْسٍ؛ فإنه يُفطِرُ بذلك، وعليه القَضاءُ باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة، والمالكيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لِمُشابهةِ الإمناءِ للجِماعِ؛ لأنَّه إنزالٌ مُباشرةً
ثانيًا: لأنَّ خُروجَ المنيِّ تتِمُّ به الشَّهوةُ، وفي الحديثِ: ((يترُكُ طعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أجلي ))
الفرع الثاني: هل على من أنزَلَ بمباشرةٍ أو تقبيلٍ ونحوِهما كفَّارةٌ؟
من أنزَلَ بمباشرةٍ، أو تقبيلٍ ونحو ذلكِ- بلا جِماعٍ- فلا كفَّارةَ عليه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلة؛ وذلك لأنَّ النص إنَّما ورد في الجِماع فقط، وما سواه ليس في معناه؛ لأنَّ الجِماعَ أغلَظُ
المطلب الثالث: حُكمُ من كرَّرَ النَّظَرَ حتى أنزَلَ
مَن كرَّر النَّظَر فأنزَلَ وهو صائِمٌ، هل يُفطِرُ أم لا؟ اختلف العُلَماءُ فيه على قولين:
القول الأول:
مَن كرَّرَ النَّظَرَ حتى أنزَلَ؛ فإنَّه يُفطِرُ؛ وهو مذهبُ المالكيَّة، والحَنابِلَة، وهو قول طائفةٍ مِن السَّلف، واختاره ابنُ عُثيمين، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ تَكرارِ النَّظَرِ فيه استدعاءَ المنيِّ، فيكونُ حُكمُه حُكمَ الاستِمناءِ
ثانيًا: أنَّه إنزالٌ بفعلٍ يُتَلذَّذُ به، ويُمكِنُ التحَرُّزُ منه، فأفسَدَ الصَّومَ، كالإنزالِ باللَّمسِ
ثالثًا: لا كفَّارةَ فيه؛ لأن النصَّ إنما ورد في الجِماعِ، وتَكرارُ النَّظرِ ليس مِثلَه
القول الثاني:
من كرَّر النَّظرَ حتى أنزل، فإنَّه لا يُفطِر، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وقولُ طائفةٍ مِن السَّلَفِ
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه إنزالٌ من غير مُبَاشَرةٍ، فأشبَهَ الاحتلامَ
ثانيًا: لأنَّه لم يُوجَدْ في النَّظَرِ صُورةُ الجِماعِ ولا معناه
المطلب الرابع: حكمُ من أنزَلَ بتفكيرٍ مُجَرَّدٍ عن العَمَلِ
مَن أنزَلَ بتفكيرٍ مجرَّدٍ عن العملِ؛ فلا يُفطِرُ، سواءٌ كان تفكيرًا مُستدامًا أو غيرَ مُستدامٍ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، والحَنابِلة، وحُكي الإجماعُ على عدمِ فَسادِ صَومِ مَن فكَّرَ فأنزَلَ
الأدِلَّة:أوَّلًا: مِن السُّنَّةِ
عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللهَ تجاوَزَ لأمَّتي عما وَسْوَسَتْ أو حَدَّثَت به أنفُسَها، ما لم تَعمَلْ به أو تَكَلَّمْ ))
وجه الدلالة:
أنَّ الفِكرَ مِن حَديثِ النَّفسِ، فيكونُ مِن المعفوِّ عنه
ثانيًا: لأنَّه لا نصَّ في الفِطْرِ به، ولا إجماعَ، ولا يُمكِنُ قياسُه على المباشَرةِ، ولا تَكرارِ النَّظَرِ؛ لأنَّه دُونَهما في استدعاءِ الشَّهوةِ، وإفضائِه إلى الإنزالِ
ثالثًا: لأنَّه إنزالٌ مِن غَيرِ مُباشرةٍ، فأشبَهَ الاحتلامَ
المطلب الخامس: حُكمُ من نام فاحتَلَم في نهارِ رَمَضانَ
مَن نام فاحتلَمَ في نهار رَمَضانَ فصومُه صحيحٌ.
الأدِلَّة: اوَّلًا: من الإجماع
نقل الإجماعَ على ذلك: الماوَرديُّ، وابنُ حَزمٍ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ رُشد، والنَّووي، وابنُ تيمية، وابنُ حَجَر
ثانيًا: لأنَّه مغلوبٌ ولا اختيارَ له، أشبَهَ مَن طارت ذُبابةٌ فوقَعَت في حَلْقِه دونَ اختِيارِه
المطلب السادس: حكمُ خُروجِ المَذْيِ من الصَّائِم
خروجُ المَذْيِ من الصَّائِم لا ينقُضُ صَومَه، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة، والشَّافِعيَّة، وهي إحدى الرِّوايتَينِ عن أحمد، واختاره ابنُ المُنذِر والصَّنعاني؛ وابنُ عُثيمين،
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه خارِجٌ لا يُوجِبُ الغُسلَ، فأشبَهَ البَولَ
ثانيًا: لِعَدمِ وُرودِ النَّصِّ على كَونِه مُفطِرًا، والأصلُ صِحَّةُ الصومِ
ثالثًا: لأنَّه دونَ المنيِّ، ويُخالِفُه في أمورٍ كثيرةٍ، فلا يُمكِنُ أن يلحَقَ به
----------------------------------------------------------------------------------
ول زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
::
ولا تنسونا من صالح دعائكم
::
التالي ::. الاستِقاءُ
عدل سابقا من قبل sadekalnour في الأحد نوفمبر 06, 2022 6:44 pm عدل 1 مرات
اليوم في 5:34 pm من طرف عبدالله الآحد
» الإيمان بأن الله خلق آدم على صورته كما قال رسول الله بلا كيف ولا تشبيه
أمس في 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد
» صفات الله الفعلية قديمة النوع حادثة الآجاد أي متجددة الآحاد غير مخلوقة
الجمعة مايو 17, 2024 4:29 pm من طرف عبدالله الآحد
» أهل السنة ليسوا مشبهة وعلامة الجهمية تسميتهم بالمشبهة
الخميس مايو 16, 2024 4:52 pm من طرف عبدالله الآحد
» أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث
الثلاثاء مايو 14, 2024 4:57 pm من طرف عبدالله الآحد
» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
الإثنين مايو 13, 2024 10:55 pm من طرف صادق النور
» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
الإثنين مايو 13, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد
» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد
» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد
» هل القرآن مدلول كلام الله؟!
الجمعة مايو 10, 2024 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد