آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» التعليق على بعض الأبيات من منظومة السفاريني في العقيدة
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الأربعاء أكتوبر 30, 2024 8:59 pm من طرف عبدالله الآحد

» تأكيد العمل بسنن الفطرة
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الأربعاء أكتوبر 30, 2024 2:46 pm من طرف عبدالله الآحد

» الإقعاء منه المكروه ومنه السنة
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 2:36 pm من طرف عبدالله الآحد

» النفي في صفات الله سبحانه عز وجل
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 11:53 am من طرف عبدالله الآحد

» خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الثلاثاء أكتوبر 29, 2024 11:02 am من طرف صادق النور

» قال الإمام عبد الغني المقدسي فكما لا يثبت إلا بنص شرعي كذلك لا ينفى إلا بدليل سمعي
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الأحد أكتوبر 27, 2024 3:42 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( 1 )) مَوَاقِفُ تَرْبَوِيَّة فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110السبت أكتوبر 26, 2024 8:16 pm من طرف صادق النور

» لا يشرع رفع اليدين في السجود والجلوس
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110السبت أكتوبر 26, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد

» نتبع القرآن والسنة ولا نبتدع
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الجمعة أكتوبر 25, 2024 4:40 pm من طرف عبدالله الآحد

» (( 2 )) مَوَاقِفُ تَرْبَوِيَّة فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooou110الخميس أكتوبر 24, 2024 4:22 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 40 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 40 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 10079 مساهمة في هذا المنتدى في 3382 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 308 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو ابراهيم عبدالله ادريس فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5370
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Empty السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 23, 2022 5:06 pm


    السابع عشر :: الجَنائزِ

    الفَصلُ الأوَّلُ: أحكامُ المرضِ والاحتضارِ

    المبحَثُ الأوَّلُ: أحكامُ المرضِ

    المطلب الأوَّلُ: حُكمُ التَّداوي


    اختلف أهلُ العِلْمِ في حكمِ التَّداوي على قولينِ:
    القَوْلُ الأوَّلُ: يُباحُ التَّداوي، وهو مذهَبُ الجُمهورِ : الحَنفيَّة والمالِكيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ الله عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((ما أنزلَ اللهُ داءً إلَّا أنزلَ له شِفاءً ))
    2- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((لكُلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أصيبَ دواءُ الدَّاءِ، بَرِئَ بإذن ِاللهِ عزَّ وجلَّ ))
    3- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّه سَمِعَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((في الحَبَّةِ السوداءِ شِفاءٌ من كُلِّ داءٍ إلَّا السَّامَ )) قال ابنُ شهابٍ: والسَّامُ: المَوتُ، والحَبَّةُ السَّوْداءُ: الشُّونِيزُ
    4- عن ابنِ بُحَينةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((احتجَمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ في وَسَطِ رَأْسِه ))
    5- عن سعيدِ بن زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((الكَمأَةُ مِنَ المَنِّ، وماؤُها شفاءٌ للْعَيْنِ ))
    6- عن عائشةَ رضِيَ الله عنها، سَمِعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((التَّلْبينةُ مَجَمَّةٌ لفؤادِ المريضِ، تُذْهِبُ بعضَ الحُزْنِ
    وَجهُ الدَّلالةِ مِن هذه الأحاديثِ:
    أنَّ فيها إثباتَ الطِّبِّ والعلاجِ، وإباحةَ التَّداوي
    7- عن عَوفِ بن مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كنَّا نَرْقي في الجاهليَّة، فقلنا: يا رسولَ الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعْرِضوا عليَّ رُقاكم، لا بَأسَ بالرُّقى ما لم يكُنْ فيه شِركٌ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قَولَه: ((لا بَأْسَ)) يقتضي الإباحةَ
    القول الثاني: يُستَحَبُّ التَّداوي، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة وجمهورِ السَّلَفِ، وعامَّة الخَلَفِ، وهو قولُ ابنِ بازٍ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    1- عن أُسامةَ بنِ شَريكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((قالَتِ الأعرابُ: يا رسولَ الله، ألَا نتداوَى؟ قال: نَعمْ، يا عبادَ اللهِ تداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لم يَضَعْ داءً إلَّا وضَعَ له شفاءً، أو قال: دواءً إلَّا داءً واحدًا، قالوا: يا رسول اللهِ، وما هو؟ قال: الهَرَمُ ))
    2- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كانَ لي خالٌ يَرْقِي من العَقْربِ، فنهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقَى، قال: فأتاه، فقال: يا رسولَ الله، إنَّكَ نهيْتَ عن الرُّقى، وأنا أَرْقي مِنَ العَقربِ، فقال: مَنِ استطاعَ منكم أن ينفَعَ أخاه فلْيَفْعلْ ))
    3- عن أبي سعيدٍ الخُدْرِي رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال: إنَّ أخي اسْتُطْلِقَ بَطنُه، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: اسْقِه عَسَلًا. فسقاه، ثم جاءه، فقال: إنِّي سَقَيتُه عسَلًا، فلم يَزِدْه إلَّا استِطلاقًا، فقال له ثلاثَ مرَّاتٍ، ثم جاء الرابعةَ، فقال: اسْقِهِ عَسَلًا. فقال: لقد سقيْتُه فلم يَزِدْه إلَّا استطلاقًا، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: صدَقَ اللهُ، وكَذَب بَطْنُ أخيك. فسَقاه فبَرَأ ))
    4- عن ابنِ شهابٍ، قال: أخبَرَني أبو سَلَمةَ، وسعيدُ بن المُسَيِّب أنَّ أبا هريرةَ رَضِيَ الله عنه أخبَرَهما أنَّه سَمِعَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((في الحبَّةِ السَّوْداءِ شفاءٌ من كُلِّ داءٍ إلَّا السَّامَ )) قال ابنُ شهابٍ: والسَّامُ: المَوْتُ، والحبَّة السَّوداءُ: الشُّونِيزُ
    5- عن ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، يقول: ((احتجمَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو مُحْرِمٌ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ من هذه الأحاديث:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمَرَ بذلك وأرَشَدَ إليه وفَعَلَه، كما في النُّصوصِ السابِقَة؛ مِمَّا دلَّ على استحبابِه
    ثانيًا: أنَّ المريضَ يكون ضَيِّقَ النَّفْسِ، لا يقومُ بما ينبغي أن يقومَ به من الطَّاعاتِ، وإذا عافاه اللهُ انشرَحَ صَدْرُه وانبسَطَت نفْسُه،
    وقام بما ينبغي أن يقومَ به مِنَ العباداتِ، فيكونُ الدَّواءُ إذًا مُرادًا لغَيرِه، فَيُسَنُّ
    ثالثًا: أنَّ في التداوي استمساكًا لِما خَلَقه اللهُ مِنَ الأسبابِ النَّافِعَة، وجَعَلَه من سُنَّتِه في عبادِه

    المطلب الثَّاني: حُكمُ الرُّقْيَةِ والاسترقاءِ

    الرُّقيَةُ جائزةٌ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أنسِ بن مالكٍ رَضِيَ الله عنه، في الرُّقَى قال: ((رُخِّصَ في الحُمَةِ، والنَّمْلة، والعَيْن ))
    2- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ الله عنه، قال: ((كانَ لي خالٌ يَرْقِي من العَقْربِ، فنهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقَى، قال: فأتاه، فقال: يا رسولَ الله، إنَّكَ نهيْتَ عن الرُّقى، وأنا أَرْقي من العقربِ، فقال: مَنِ استطاعَ منكم أن ينفَعَ أخاه فلْيَفْعلْ ))
    3- عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه أيضًا قال: ((نهى رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الرُّقَى، فجاء آلُ عمرِو بنِ حَزْمٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالوا: يا رسولَ الله، إنَّه كانت عندنا رُقيةٌ يُرقَى بها من العَقْربِ، وإنَّك نهيْتَ عن الرُّقَى. قال: فعَرَضُوها عليه، فقال: ما أرى بأسًا؛ منِ استطاعَ مِنْكم أن ينفَعَ أخاه فلْيَنْفَعْه ))
    4- عن عَوفِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كنَّا نرقِي في الجاهليَّةِ، فقُلنا: يا رسولَ الله، ما تقولُ في ذلك؟ فقال: اعْرِضوا عليَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكنْ فيه شِرْكٌ ))
    5- عن عبد العزيزِ، قال: ((دخلْتُ أنا وثابتٌ على أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ الله عنه، فقال ثابتٌ: يا أبا حمزةَ، اشتَكَيْتُ، فقال أنسٌ: ألَا أَرْقيكَ بِرُقيةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: بلى، قال: اللَّهُمَّ، رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الباسِ، اشْفِ أنتَ الشَّافي، لا شافِيَ إلَّا أنت، شفاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا ))

    المطلب الثَّالث: حُكمُ الأنينِ وتمنِّي الموت

    الفرع الأول: حُكمُ الأنينِ

    لا يُكْرَه الأنينُ للمريضِ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّة وهو روايةٌ عن أحمَدَ، واختاره ابنُ باز
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن القاسِمِ بنِ محمَّدٍ، قال: قالت عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه:
    ((رأساواهُ! فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ذاكِ لو كان وأنا حَيٌّ؛ فأستغْفِرَ لكِ وأدْعُوَ لَكِ. فقالت عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عنه: واثُكْلِيَاه ! واللهِ إنِّي لأظُنُّكَ تُحِبُّ موتي، ولو كان ذاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَومِكَ مُعَرِّسًا ببعضِ أزواجِك، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: بلْ أنا وا رَأساهُ! لقَدْ هَمَمْتُ- أو أردْتُ- أن أُرْسِلَ إلى أبي بكْرٍ وابنِهِ، وأعهَدَ؛ أن يقولَ القائِلونَ- أو يتمنَّى المُتَمَنُّون- ثم قُلْتُ: يأبى اللهُ ويدفَعُ المؤمنونَ، أو يدفَعُ اللهُ ويأبى المؤمنونَ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم شكا وَجَعَه وأَلَمَه
    ثانيًا: لأنَّه لم يَثْبُت فيه نهيٌ مقصودٌ
    ثالثًا: أنَّ الأنينَ مِن ألَم العِلَّةِ والتأوُّه قد يَغْلبانِ الإنسانَ، ولا يُطيقُ كَفَّهُما عنه، واللهُ تعالى لا يكلِّفُ نفسًا إلَّا وُسْعَها، وليس فى وُسْعِ ابنِ آدَمَ تَرْكُ الاستراحةِ إلى الأنينِ عند الوَجَعِ يشتدُّ به، والألمِ يَنْزِلُ به

    الفرع الثَّاني: حُكمُ تمنِّي الموت

    يُكرَه تمنِّي الموتِ لِضُرٍّ نَزَلَ به، أمَّا إذا كان لِخَوْفِ فتنةٍ في الدِّينِ فلا يُكْرَه، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من الكتابِ
    قولُ مريم: يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا [مريم: 23]
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ مريمَ عليها السلامُ تمنَّتِ الموتَ من جهةِ الدِّينِ؛ لوجهين:
    الأوَّل: أنَّها خافَتْ أن يُظَنَّ بها الشرُّ في دِينِها وتُعيَّرَ؛ فيفتِنَها ذلك.
    الثَّاني: لئلَّا يَقَعَ قَوْمٌ بِسَبَبِها في البُهتانِ، والنِّسبَةِ إلى الزِّنَا
    ثانيًا: من السُّنَّة
    1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لا يتمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ مِنْ ضُرٍّ أصابَه، فإن كان لا بُدَّ فاعِلًا، فليقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي ما كانَتِ الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّنِي إذا كانت الوَفاةُ خيرًا لي ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قولَه: ((لا يتمَنَّيَنَّ أحدُكم الموتَ مِنْ ضُرٍّ أصابَه)) فيه النهيُ عن تمنِّي الموتِ للضَّرَرِ النَّازِل.
    وقوله: ((وتوفَّني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي)) فيه إباحةُ تمنِّي الموتِ؛ خوفًا من أن يُفْتَنَ في دِينِه
    2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((لن يُدخِلَ أحدًا عَمَلُه الجَنَّةَ، قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: لا، ولا أنا، إلَّا أن يتغَمَّدَنيَ اللهُ بفضلٍ ورحمةٍ، فسَدِّدوا وقارِبُوا، ولا يتمنَيَنَّ أحدُكم الموتَ: إمَّا مُحسِنًا؛ فلعلَّه أن يزدادَ خيرًا، وإمَّا مُسيئًا؛ فلعَلَّه أن يَسْتَعْتِبَ ))
    3- عنِ معاذِ بن جبل رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أتاني الليلةَ رَبِّي تبارك وتعالى في أحسَنِ صورةٍ.... وقال: يا محمَّدُ إذا صَلَّيْتَ فَقُل: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ فِعْلَ الخيراتِ، وتَرْكَ المُنْكَراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وأن تَغْفِرَ لي وترحَمَني، وإذا أردْتَ فتنةً في قومٍ فتَوَفَّني غيرَ مَفتونٍ ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّ قولَه: ((وإذا أردْتَ فتنةً في قومٍ فتَوَفَّني غيرَ مَفتونٍ)) فيه أنَّه إذا خَشِيَ أن يُصابَ فى دِينِه فله أن يدعوَ بالمَوْتِ قبل أن يُصابَ بذلِكَ
    ثالثًا: من الآثار
    عن سعيدِ بنِ المُسَيِّب، قال: (لَمَّا صَدَرَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنه مِن مِنًى، أناخَ بالأَبْطَحِ، ثم كوَّمَ كَوْمَةً بَطحاءَ، ثم طَرَحَ عليها رداءَه واستلقى، ثم مدَّ يَدَه إلى السَّماءِ، فقال: اللَّهُمَّ كَبِرَت سِنِّي، وضَعُفَتْ قُوَّتِي، وانتشَرَتْ رَعِيَّتي، فاقبِضْني إليك غيرَ مُضيِّعٍ ولا مُفرِّطٍ... قال مالِكٌ: قال يحيى بنُ سعيدٍ: قال سعيدُ بنُ المسيِّب: فما انسَلَخَ ذو الحِجَّةِ حتى قُتِلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنه)

    المطلب الرابع: حُكمُ عيادةِ المريضِ


    الفرع الأوَّل: عيادةُ المريضِ المُسْلِم

    تُستَحَبُّ عيادةُ المريضِ المُسْلِمِ
    ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن البراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((أمَرَنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بسَبْعٍ، ونهانا عن سبعٍ: أَمَرَنا باتِّباعِ الجنائِزِ، وعيادَةِ المريضِ... ))
    2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: سَمِعتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: ((حَقُّ المُسلمِ على المُسْلمِ خَمْسٌ: ردُّ السلامِ، وعيادةُ المريضِ... ))
    3- عن أبي مُوسى الأشعريِّ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أطْعِموا الجائِعَ، وعُودُوا المريضَ، وفُكُّوا العانيَ ))
    4- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ الله عنهما، قال: ((مَرِضْتُ مرَضًا، فأتاني النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُني... ))
    5- عن عُرْوةَ؛ أنَّ أسامةَ بنَ زيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أخبَرَه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم رَكِبَ على حمارٍ، على إكافٍ على قطيفةٍ فَدَكِيَّةٍ، وأردَفَ أسامةَ وراءَه، يعود سَعْدَ بنَ عبادَةَ قبلَ وَقْعةِ بَدْرٍ.. ))
    6- عن ثَوبانَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، مولى رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: ((من عادَ مريضًا لم يَزَلْ في خُرْفَةِ الجنَّةِ، قيل: يا رسولَ اللهِ، وما خُرْفَةُ الجنَّة؟ قال: جَناها )
    7- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ يومَ القِيامةِ: يا ابنَ آدمَ، مَرِضْتُ فلم تَعُدْني، قال: يا رَبِّ، كيف أعودُك وأنت ربُّ العالمينَ؟! قال: أمَا عَلِمْتَ أنَّ عبدي فُلانًا مَرِض فلم تَعُدْه، أمَا عَلِمْتَ أنَّك لو عُدْتَه لوَجَدْتَني عِندَه؟... ))

    الفرع الثَّاني: عيادةُ المريضِ الذِّمِّي

    تجوزُ عيادةُ المريضِ الذمِّيِّ، خاصَّةً إذا كان يُرجَى إسلامُه، وهو مذهَبُ الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، وروايةٌ عن أحمَدَ، وهو قَوْلُ ابنِ حَزْمٍ، وابنِ عبدِ البَرِّ وابنِ تَيْميةَ والشَّوكانيِّ، وابنِ عُثَيمينَ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أنسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كان غلامٌ يهوديٌّ يخْدُمُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فمَرِض، فأتاه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يعودُه، فقعد عند رأْسِه، فقال له: أَسْلِمْ، فنظَرَ إلى أبيه وهو عِندَه، فقال له: أطِعْ أبا القاسِمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأسْلَمَ، فخرج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يقول: الحَمْدُ للهِ الذي أنقَذَه مِنَ النَّارِ ))
    ثانيًا: لأنَّ هذا من المعامَلَةِ الحَسَنةِ التي يُقْصَدُ بها تأليفُهم، ودَعْوتُهم إلى الإسلامِ، وترغيبُهم فيه

    المطلب الخامس: آدابُ زيارةِ المَريضِ

    الفرع الأَوَّلُ: الدُّعاءُ للمَريضِ

    يُستحبُّ لِمَن عاد مريضًا أن يدعُوَ له؛ نصَّ على ذلك المالِكيَّةُ، والشَّافعيَّةُ، والحَنابِلَةُ
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن ابنِ عباسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ؛ طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ ))
    2- عن أنسٍ رَضِيَ الله عنه، ((أنَّه قال لثابتٍ: ألَا أرقِيكَ برُقْيةِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال: بلى، قال: اللهُمَّ، ربَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الباسِ، اشْفِ أنت الشَّافي، لا شافِيَ إلَّا أنت، شفاءً لا يُغادِر سَقَمًا ))
    3- عن سعد بن أبي وقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، ((أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم دخلَ على سعدٍ يَعودُه بمكَّةَ، فبكى، قال: ما يُبكِيكَ؟ فقال: قد خَشيتُ أن أموتَ بالأرضِ التي هاجَرتُ منها، كما مات سعدُ بنُ خَوْلةَ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، ثَلَاثَ مِرَارٍ ))
    4- عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِي رَضِيَ اللهُ عنه، ((أنَّ جبريلَ أتى النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالَ: يا مُحَمَّدُ أَشْتَكَيْتَ؟ قال: نَعَم. قال: باسْمِ اللهِ أَرْقيكَ، مِنْ كُلِّ شَيءٍ يُؤذيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفسٍ أو عينِ حاسِدٍ اللهُ يَشْفيكَ، باسْمِ اللهِ أَرْقيكَ ))
    الفرع الثَّاني: تخفيفُ المُكْثِ عِندَه

    يُخَفِّفُ العائدُ المُكْثَ عند المريضِ، ولا يُطيلُ الجُلوسَ عنده ؛ نصَّ عليه المالِكيَّةُ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك ؛ وذلك لِمَا في الإطالَةِ من إضْجارِه والتَّضييقِ عليه، ومَنْعِه من بعضِ تَصَرُّفاتِه

    الفرع الثَّالِثُ: ترغيبُه في التَّوبَةِ

    يُسْتَحَبُّ ترغيبُ المريضِ في التَّوبَةِ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك لأنَّ التَّوبةَ واجبةٌ على كلِّ حالٍ، وهو أحْوَجُ إليها من غيرِه
    الفرع الرابع: ترغيبُه في الوصيَّةِ

    يُستَحَبُّ ترغيبُ المريضِ في الوصِيَّةِ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّةُ، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((ما حقُّ امرئٍ مُسلمٍ له شيءٌ يُوصِي فيه، يَبيتُ ليلَتَينِ إلَّا ووصِيَّتُه مكتوبةٌ عندَه ))

    الفرع الخامِسُ: حثُّه على تحسينِ الظَّنِّ باللهِ

    يُستحَبُّ للعائِدِ أن يَحُثَّ المريضَ على تحسينِ ظنِّه بربِّه سبحانه وتعالى؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ الله عنهما، قال: سمعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قبلَ موتِه بثلاثَةِ أيَّامٍ، يقولُ: ((لا يَموتَنَّ أحدُكم إلَّا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ ))
    الفرع السَّادِسُ: عدمُ مُواصلةِ العيادةِ كلَّ يومٍ
    ينبغي ألَّا يُواصِلَ العيادةَ كلَّ يومٍ ؛ نصَّ على ذلك الشَّافعيَّةُ، والحَنابِلَة ؛ وذلك حتَّى لا يُثْقِلَ عليه
    ----------------------------------------------------------------------------------------
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    التالي : أحكامُ المرضِ والاحتضارِ

    ::::::::::::::::::::::::::
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5370
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Empty أحكامُ المرضِ والاحتضارِ

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 23, 2022 5:28 pm


    المبحَثُ الثاني: أحكامُ الاحتضارِ

    المطلب الأَوَّلُ: الإكثارُ مِن ذِكْرِ المَوْتِ، والاستعدادُ له

    الفرع الأوَّلُ: الإكثارُ مِن ذِكْرِ المَوتِ

    يُستحَبُّ الإكثارُ مِن ذِكْر الموتِ؛ باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((كان رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يُكثِرُ أن يقولَ: أكثِروا مِن ذِكْرِ هاذِمِ اللَّذَّاتِ )
    ثانيًا: لأنَّ ذلك أزجَرُ عن المعصيَةِ، وأدعَى إلى الطَّاعةِ ؛ فالإنسانُ إذا تفَكَّرَ في الموت قَصُر أملُه، وكَثُرَ عَمَلُه

    الفرع الثاني: الاستعدادُ للموتِ

    يُستحَبُّ الاستعدادُ للمَوتِ؛ بأن يبادِرَ بالتَّوبةِ ورَدِّ المَظالِم إلى أهلِها، والإقبالِ على الطَّاعاتِ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: مِنَ الكتاب
    1- قولُ الله تعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا [الكهف: 110]
    2- قول اللهِ تعالى: وَتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31]
    ثانيًا: من السُّنَّة
    عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((أخَذَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بمَنْكِبِي، فقال: كنْ في الدُّنْيا كأنَّكَ غَريبٌ أو عابِرُ سبيلٍ. وكان ابنُ عمَرَ يقولُ: إذا أمسيْتَ فَلا تنتظِرِ الصَّباحَ، وإذا أصبحْتَ فلا تنتظِرِ المَساءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِك لِمَرَضِك، ومن حياتِك لِمَوْتِك ))
    ثالثًا: لِئَلَّا يَفْجَأَه الموتُ الْمُفَوِّتُ للتَّوبة، ورَدِّ المظالِمِ، وعَمَلِ الصَّالحاتِ

    المطلب الثاني: حُسْنُ الظَّنِّ بالله


    على المريضِ، ومَن حَضَرَتْه أسبابُ المَوْتِ ومعاناتُه، أن يكون حَسَنَ الظَّنِّ بالله تعالى.
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، قبل موتِهِ بثلاثَةِ أيَّامٍ، يقول: ((لا يَموتَنَّ أحَدُكم إلَّا وهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ ))

    2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يقولُ اللهُ تعالى: أنا عند ظَنِّ عَبدِي بي.. ))
    المطلب الثالث: ما يُسَنُّ عَمَلُه للمحتَضَر إذا نزل به المَوْتُ وما لا يُسنُّ

    الفرع الأوَّلُ: توجيهُ المحتَضَر إلى القِبْلَة

    لا يُسَنُّ توجيهُ المُحتَضَرِ إلى القِبلةِ، وهو قولُ مالكٍ
    ، وبعضِ السَّلَف، واختاره الألبانيُّ ؛ وذلك لأنَّه لا دليلَ عليه، ولم يكن مِن عَمَل النَّاسِ

    الفرع الثاني: سَقْيُه الماءَ

    استحبَّ الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة أن يُسْقَى المحتَضَرُ الماءَ؛ وذلك لأنَّه يُطْفِئُ ما نزل به من الشِّدَّة، ويُسَهِّل عليه النُّطْقَ بالشَّهادة ؛ لأنَّ العَطَشَ يَغْلِب حينئذٍ لشِدَّة النَّزْعِ
    الفرع الثالث: تلقينُ المُحتَضَر

    يُسَنُّ تلقينُ المحتَضَرِ الشَّهادةَ ؛ وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لَقِّنُوا موتاكم لا إلَهَ إلَّا اللهُ ))
    2- عن معاذِ بنِ جَبَلٍ رَضِيَ الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَن كان آخِرَ كلامِه لا إلهَ إلَّا اللهُ، دَخَل الجنَّةَ

    المطلب الرابع: علاماتُ المَوْتِ، وحكمُ الموتِ الدِّماغِيِّ، وإيقافِ أجهزةِ الإِنعاشِ

    الفرع الأول: علامات الموتِ
    من العلاماتِ الدالَّةِ على الموتِ
    : استرخاءُ القَدَمينِ، ومَيْلُ الأنفِ، وانخسافُ الصُّدْغينِ، وغيبوبةُ سوادِ العَينينِ، وغيرُ ذلك

    الفرع الثاني: الموتُ الدِّماغيُّ

    المسألة الأولى: تعريفُ الموتِ الدماغيِّ
    هو تلفٌ دائِمٌ في الدِّماغِ، يؤدِّي إلى توقُّفٍ دائمٍ لجميعِ وظائِفِه؛ بِما في ذلك جِذْعُ الدِّماغِ
    المسألة الثانية: حُكمُ الموتِ الدِّماغيِّ
    لا يُعدُّ موتُ الدماغ ِموتًا شرعيًّا تترتَّبُ عليه أحكامُ الموتِ، وهو قولُ ابنُ بازٍ، وبه صدَرَ قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ الإسلاميِّ، وهو قرارُ هيئةِ كبارِ العلماءِ بالمملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ
    وذلك للآتي:
    أولًا: أنَّ الأصلَ حياتُه؛ فلا يُعدَل عنه إلَّا بيقينٍ

    ثانيًا: أنَّ الإنسانَ لا يُعدُّ مَيِّتًا لتوقُّفِ الحياة عن بعضِ أجزاءِ جِسْمِه، بل يُعدُّ مَيِّتًا إذا تحقَّقَ مَوْتُه كليًّا

    ثالثًا: أنَّ جِسْمَ مَيِّتِ الدِّماغِ- حال كونِه تحتَ الإنعاشِ- يقبَلُ الغِذاءَ والدَّواءَ، ويظهَرُ عليه آثارُ النمُوِّ، وهذا مِن صفاتِ الجَسَدِ الحَيِّ

    رابعًا: أنَّ مَيِّتَ الدِّماغِ لا يزالُ قلبُه يَضْرِبُ، ونَفَسُه يتردَّدُ آليًّا، ولو كان بفِعلِ الأجهزةِ فقط لاستمَرَّ هذا الفعْلُ، لكِنَّ المُشاهَدَ أنَّ القَلْبَ والتنفُّسَ يتوقَّفانِ بعد فترةٍ، وهذا دليلٌ على بقاءِ شيءٍ مِنَ الحياةِ

    الفرع الثَّالث: إيقافُ أجهزةِ الإنعاشِ

    إذا كان المريضُ تحت أجهزةِ الإنعاشِ، وتعطَّلَت جميعُ وظائِفِ دماغِه تعطُّلًا نهائيًّا، وأصبَحَ تنفُّسُه آليًّا، ونبضاتُ قلبِه صناعيَّةً وليست حقيقيَّةً؛ فإنَّه يجوز رَفْعُ أجهزةِ الإنعاشِ عنه، وعلى ذلك فتوى اللَّجنة الدَّائمة برئاسَةِ ابنِ باز، وبه صدَرَ قرارُ المَجْمَع الفقهيِّ الإسلاميِّ
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: أنَّ بقاءَ الأجهزةِ على المَريضِ لا حاجةَ إليه؛ لأنَّ هذه الأجهزةَ أصبحَتْ هي التي تعمَلُ بالبَدَنِ

    ثانيًا: أنَّ هذه الآلاتِ تُطيلُ عليه ما يُؤْلِمُه من حالةِ النَّزْعِ والاحتضارِ، وهو نوعٌ مِن أنواعِ التَّعذيبِ، وإبقاؤُه ما بين الحياةِ والمَوْت مِمَّا لا يتَّفِقُ وكرامةَ الإنسانِ

    ثالثًا: يُسبِّبُ بقاءُ الأجهزةِ على المريض أمَلًا لأقارِبِه وذَوِيه؛ فتجِدُهم يتألَّمون لِحالِه، ويَحْزَنونَ لِمَا صار إليه

    رابعًا: أنَّ هذه الأجهزةَ، وهذه الغُرفةُ المجهَّزة؛ وراءها تكاليفُ باهظةٌ، ولا طائِلَ تحتها، فتجِدُ أنَّها لا تكونُ إلَّا لأناسٍ مُحَدَّدينَ، فلو أُتِيَ بشخصٍ آخَرَ لِتُستنقَذَ حياتُه، مكانَ هذا الشَّخْصِ الذي مهما طالَ به الزَّمَنُ فإنَّه لا فائدةَ من بقاءِ هذه الأجهزَةِ عليه- لكانَ أَوْلَى
    -----------------------------------------------------------------------------------------
    وما زلنا أحبابنا ... تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::
    التالي : . ما يُسَنُّ عَمَلُه لِمَن مات
    ::
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5370
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Empty ما يُسَنُّ عَمَلُه لِمَن مات

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 23, 2022 5:38 pm


    المطلب الخامس: ما يُسَنُّ عَمَلُه لِمَن مات

    الفرع الأول: إغماضُ عينِ الميِّت
    يُستحَبُّ إغماضُ عَيْنِ الميِّت
    الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة
    عن أمِّ سَلَمَة رَضِيَ اللَّهُ عنها، قالت: ((دخَلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم على أبي سَلَمَةَ وقد شَقَّ بَصَرُه، فأغمَضَه، ثم قال: إنَّ الرُّوحَ إذا قُبِضَ تَبِعَه البَصَرُ ))
    ثانيًا: من الإجماعِ
    نقَلَ الإجماعَ على ذلك: النوويُّ، والصنعانيُّ

    الفرع الثاني: شَدُّ لَحْيَيْهِ بعِصابَةٍ

    يُستحَبُّ أن يُشَدَّ لَحْيَا الميِّتِ بعِصابةٍ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ، والمالِكيَّةِ، والشَّافعيَّةِ، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لئلَّا يبقى فمُه مفتوحًا؛ فيدخُلَ فيه الهوامُّ، أو الماءُ أثناء غُسْلِه
    ثانيًا: حتى لا يكونَ مَنظَرُه قبيحًا

    الفرع الثالثُ: تليينُ مفاصِلِه

    يُستحَبُّ أن تُلَيَّنَ مفاصِلُ الميِّتِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك ليَسْهُل غُسلُه

    الفرع الرابع: تغطيةُ الميِّت

    تُستحبُّ تغطيةُ الميِّتِ بعد مَوتِه
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنينَ، قالت: ((سُجِّيَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين مات بثَوْبٍ حِبَرَةٍ )
    2- عن جابرِ بنِ عبدِ الله رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((جيءَ بأبي يومَ أُحُدٍ قد مُثِّلَ به، حتى وُضِعَ بين يَدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وقد سُجِّيَ ثوبًا، فذهبْتُ أريدُ أنْ أكشِفَ عنه، فنهاني قومي، ثمَّ ذهبْتُ أكشِفُ عنه، فنهاني قومي، فأمَرَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فرُفِعَ، فسَمِعَ صوتَ صائحةٍ، فقال: مَن هذه؟ فقالوا: ابنةُ عمرٍو- أو أختُ عمرٍو- قال: فَلِمَ تَبكِي؟ أو لا تبكي؛ فما زالَتْ الملائكةُ تُظِلُّه بأجنِحَتِها حتى رُفِعَ ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نَقَلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ

    الفرع الخامس: وَضْعُ الميِّتِ على سريرٍ ونحوِه

    يُستَحَبُّ وضْعُ الميِّتِ على سريرٍ ونحوِه، باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لئَلَّا يُصيبَه نداوةُ الأرضِ؛ فيتغَيَّرَ بنداوَتِها
    ثانيًا: ليبعُدَ عن الهوامِّ

    الفرع السادس: نَزْعُ ثيابِ الميتِ

    يُستحَبُّ نزْعُ ثيابِ الميِّتِ عقبَ موتِه؛ نص عليه الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    وذلك للآتي:
    أوَّلًا: لئلَّا يَحْمَى جَسَدُه فيَسْرُعَ فسادُه ويتغَيَّر
    ثانيًا: لأنَّه ربَّما خَرَجَت منه نجاسةٌ فلوَّثَتْ ثيابَه، ويتلوَّثُ بها

    الفرع السابع: وَضْعُ شيءٍ ثقيلٍ على بَطْنِه

    اتَّفَق الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة على استحبابِ وَضْع شيءٍ ثقيلٍ أو حديدةٍ على بَطْنِ الميِّتِ ؛ وذلك لئلَّا ينتفِخَ فيقبُحَ مَنْظَرُه

    المطلب السادس: حُكمُ تقبيلِ المَيِّتِ بعد مَوْتِه

    يجوزُ تقبيلُ وَجْه الميِّتِ، وذلك باتِّفاقِ المذاهبِ الأربعةِ: الحَنفيَّة والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدليلُ من الآثار:
    عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وعائشةَ رَضِيَ الله عنهم: (أنَّ أبا بكرٍ قَبَّلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو ميِّتٌ )
    -------------------------------------------------------------------------
    التالي : ما يُشْرَعُ عند نزولِ مُصيبةِ المَوتِ، وما يُباحُ، وما يَحْرُمُ
    ::
    وما زلنا أحبابنا تابعونا جزاكم الله خيرا
    ::::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5370
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    السابع عشر: الجَنائزِ :أحكامُ المرضِ والاحتضارِ :: غُسْلُ الميِّت وتكفينُه : الصَّلاةُ على الميِّتِ :: حَمْلُ الجنازةِ، والدَّفنُ :: أحكامُ المقابِرِ :: التعزيةُ                                                                                       Empty ما يُشْرَعُ عند نزولِ مُصيبةِ المَوتِ، وما يُباحُ، وما يَحْرُمُ : نعيُ المَيِّت: إسراعُ تجهيزِه : قضاءُ دَيْنِه وإنفاذُ وَصِيَّتِه : نَقْلِ الأعضاءِ مِنَ المَيِّتِ، وتشريح

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 23, 2022 6:31 pm


    المطلب السابع: ما يُشْرَعُ عند نزولِ مُصيبةِ المَوتِ، وما يُباحُ، وما يَحْرُمُ

    الفرع الأول: ما يُشْرَعُ فِعْلُه وقَوْلُه عند نزولِ مُصيبةِ الموت

    المسألة الأولى: الصَّبْر
    الصَّبْرُ المانِعُ من المُحَرَّمِ واجِبٌ.
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابِ
    قال الله تعالى: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46]
    ثانيًا: من الإجماع
    نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميةَ، وابنُ القَيِّم
    المسألة الثانية: ما يقوله من مات له ميِّت
    يُسنُّ الاسترجاع عند وفاة أحدٍ من أهله أو أقاربه أو غيرهم.
    قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155- 157]
    عن أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، زَوْجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالت: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((ما مِن عبدٍ تُصيبُه مُصيبةٌ، فيقولُ: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعونَ، اللهُمَّ أْجُرْني في مُصِيبتِي، وأَخْلِفْ لي خيرًا منها، إلَّا أَجَرَه اللهُ في مُصِيبته، وأَخْلَفَ له خيرًا منها ))
    وعن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((إذا ماتَ ولَدُ العبدُ قال اللهُ تعالى لملائِكَتِه: قَبَضْتُم وَلَدَ عبدي؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقولُ: قَبَضْتُم ثَمرَةَ فُؤادِه؟ فيقولونَ: نعم، فيقولُ: فماذا قال عبدي؟ فيقولونَ: حَمِدَك واسْتَرْجَعَ، فيقولُ اللهُ تعالى: ابنُوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ، وسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ ))

    الفرع الثاني: ما يُباحُ لأقارِبِ المَيِّتِ وغَيرِهم

    المسألة الأولى: البكاء
    يجوزُ البكاءُ على الميِّتِ من غيرِ ندْبٍ ولا نِياحَةٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّةِ، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وهو قولُ ابنِ حَزْمٍ
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- عن أسامةَ بنِ زيدٍ، قال: ((كنَّا عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ إذ جاءه رسولُ إحدى بناتِه يدعوه إلى ابنِها في الموتِ،
    فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ارجِعْ، فأخْبِرْها أنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وله ما أعطى، وكُلُّ شيءٍ عنده بأجَلٍ مُسَمًّى، فمُرْها فَلْتَصبِرْ ولْتَحْتَسِبْ، فأعادتِ الرَّسولَ أنَّها أقسَمَتْ لَتَأْتِيَنَّها، فقام النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقام معه سعدُ بنُ عُبادةَ، ومعاذُ بنُ جَبَلٍ، فدُفِعَ الصبيُّ إليه ونَفْسُه تَقَعْقَعُ ؛ كأنَّها في شَنٍّ، ففاضَتْ عيناه، فقال له سعدٌ: يا رسولَ اللهِ! قال: هذه رحمةٌ جَعَلَها اللهُ في قلوبِ عِبادِهِ، وإنَّما يَرحَمُ اللهُ مِن عبادِه الرُّحَماءَ ))
    2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((زارَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَبرَ أمِّه، فبَكَى وأبَكْىَ مَن حَوْلَه ))
    المسألة الثانية: الرِّثَاءُ
    يَجوزُ الرِّثَاءُ ؛ إذا لم يتضمَّنْ غُلُوًّا، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، وقولُ ابنِ باز، وابن عثيمينَ، وذلك لأنَّه فعلُ كثيرٍ من الصَّحابة ِوالعُلَماءِ
    الفرع الثالِثُ: ما يَحْرُم على أقارِبِ الميِّت وغَيرِهم

    يَحرُمُ على أقارِبِ الميِّتِ وغيرِهم: النَّدْبُ والنِّياحَةُ والصُّراخُ، وشقُّ الثَّوبِ ولَطْمُ الخَدِّ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك
    الأدلة من السُّنَّة:
    1- عن أبي مالكٍ الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أربعٌ في أمَّتِي مِن أَمْرِ الجاهليَّةِ، لا يتركونَهُنَّ: الفَخْرُ في الأحسابِ، والطَّعْنُ في الأنسابِ، والاستسقاءُ بالنُّجومِ، والنِّياحةُ ))
    وقال: ((النَّائحةُ إذا لم تَتُبْ قبل مَوْتِها تُقامُ يومَ القيامَةِ، وعليها سربالٌ مِن قَطِرانٍ، ودِرْعٌ مِن جَرَبٍ )
    2- عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدودَ، وشَقَّ الجُيوبَ، ودَعا بدعْوى الجاهليَّةِ ))
    3- عن أبي بُردَةَ بنِ أبي موسى رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: ((وَجِعَ أبو موسى وجَعًا شديدًا، فغُشِيَ عليه ورَأْسُه في حِجْرِ امرأةٍ مِن أهلِه، فلم يَسْتَطِعْ أن يَرُدَّ عليها شيئًا، فلما أفاقَ، قال: أنا بريءٌ مِمَّن بَرِئَ منه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ إنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بَرِئَ من الصَّالِقَةِ والحالِقَةِ والشَّاقَّةِ ))

    المطلب الثامن: نعيُ المَيِّت


    الفرع الأوَّلُ: حُكمُ نَعْيِ الميِّت
    يُكْرَه نعيُ الميِّتِ
    وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الدَّليلُ مِنَ السُّنَّة:
    عن حُذيفةَ بنِ اليمانِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، قال: ((إذا مِتُّ فلا تُؤذِنوا بي؛ إنِّي أخافُ أن يكون نَعْيًا؛ فإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم يَنْهَى عن النَّعْيِ ))

    الفرع الثاني: الإعلامُ بموتِ الميِّتِ من غيرِ نداءٍ

    لا يُكرَه الإعلامُ بموتِ الميِّتِ من غيرِ نداءٍ، وهذا باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة، وحُكِيَ فيه الإجماعُ
    الأدلَّة:أولًا: من السُّنَّة
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم نعى النَّجاشيَّ في اليومِ الذي مات فيه؛ خَرَجَ إلى المُصلَّى، فصَفَّ بهم، وكَبَّرَ أربعًا ))
    2- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ((أنَّ رجلًا أسودَ- أو امرأةً سوداءَ- كان يقمُّ المسجِدَ فمات، ( يقُمُّ: أي: يجمعُ القُمامَةَ، وهي الكُناسَة ) فسألَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنه، فقالوا: مات، قال: أفلا كُنْتُم آذنْتُموني به، دُلُّوني على قبره- أو قال قبرِها- فأتى قبْرَها فصلَّى عليها ))
    ثانيًا: من الإجماع
    نقل الإجماعَ على ذلك: ابنُ رُشدٍ الجَد، والموَّاق، والخرشي
    لِمَا يترتَّبُ على معرفة ذلك مِنَ المبادرةِ لشهودِ جِنازَتِه، وتهيئةِ أمرِه، والصَّلاةِ عليه، والدُّعاءِ له والاستغفارِ، وتنفيذِ وصاياه
    -(( . النَّعْيُ: هو إذاعةُ موتِ الميت، والإخبارُ به، ونَدْبُه. قال الزيلعيُّ: (كانوا يَبعثونَ إلى القبائِلِ يَنعَوْنَ مع ضجيجٍ وبكاءٍ وعويلٍ وتعديدٍ، وهو مكروهٌ بالإجماع ولا بأسَ بالنعيِ في الصُّحُف والجرائد ونحوهما قبل أن يُصَلَّى على الميِّتِ، إذا كان من أَجْلِ الصَّلاةِ عليه، كما نعى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النجاشيَّ حين مَوْتِه، وأمَرَ الصَّحابة أن يخرجوا للمُصَلَّى، فصلَّى بهم. وأمَّا بعد موتِه والصَّلاةِ عليه؛ فلا حاجة إلى ذلك، خاصَّةً وأنَّ مِن أهل العِلْمِ مَن عَدَّه في هذه الحالة مِنَ النَّعي ِالمنهِيِّ عنه .. قال ابن حجرٍ: (النَّعي ليس ممنوعًا كلُّه، وإنَّما نهى عما كان أهلُ الجاهلية يصنعونه؛ فكانوا يرسلون من يُعْلِنُ بخبر موت المَيِّت على أبوابِ الدُّور والأسواقِ، وقال ابن المرابط: مرادُه أنَّ النعيَ الذي هو إعلامُ النَّاسِ بموتِ قَريبِهم مباحٌ، وإن كان فيه إدخالُ الكَرْبِ والمصائِبِ على أهله، لكنْ في تلك المفسدةِ مصالِحُ جمَّة؛ لِمَا يترتَّبُ على معرفةِ ذلك مِنَ المبادرَةِ لشهودِ جنازته، وتهيئةِ أمْرِه، والصلاةِ عليه، والدُّعاءِ له والاستغفارِ، وتنفيذِ وصاياه، وما يترتَّب على ذلك مِنَ الأحكام.)).

    المطلب التاسع: إسراعُ تجهيزِه

    تُستحَبُّ المبادرةُ بتجهيزِ الميِّتِ عند تيقُّنِ مَوْتِه
    ، فإنْ شُكَّ في مَوْتِه أُخِّرَ وجوبًا، وهذا باتِّفاق المذاهبِ الفقهيَّة الأربعةِ: الحَنفيَّة، والمالِكيَّة، والشَّافعيَّة، والحَنابِلَة
    الأدلَّة:أوَّلًا: من السُّنَّة
    عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((أَسْرِعوا بالجِنازة ))
    وَجهُ الدَّلالةِ:
    أنَّه إذا كان الإسراعُ في التَّشييعِ مطلوبًا مع ما فيه مِنَ المشَقَّة على المُشَيِّعينَ، فالإسراعُ في التَّجهيزِ من بابِ أَوْلى
    ثانيًا: أنَّه أصوَنُ له وأحفَظُ من التغيُّرِ
    _ ((. قال الدردير: (ومن مات فجأةً أو تحت هدمٍ أو بمرضِ السَّكتةِ؛ فلا يُندَب الإسراعُ، بل يجِبُ تأخيرُهم حتى يتحقَّقَ مَوْتُهم، ولو يومين أو ثلاثةً؛ لاحتمالِ حياتِهم) ((الشرح الكبير)) (1/415). وقال النوويُّ: (فإن مات فجأةً لم يُبادَرْ بتجهيزه؛ لئلَّا تكونَ به سكتةٌ ولم يمُت، بل يُتْرَك حتى يتحقَّق موتُه... قال الشيخ أبو حامد: هذا الذي قاله الشافعي صحيحٌ؛ فإذا مات من هذه الأسبابِ أو أمثالِها يجوزُ أن يُبادَرَ به، ويجبُ تَرْكُه والتأني به اليومَ واليومينِ والثلاثةَ؛ لئلَّا يكون مُغمًى عليه، أو غيره ممَّا قاله الشافعي، ولا يجوز دفْنُه حتى يتحقَّقَ موته). ((المجموع)) (5/125). وقال ابن عثيمين: (فإن مات فجأةً؛ فإنَّه لا يُسَنُّ الإسراعُ بتجهيزِه؛ لاحتمالِ أن تكون غشيةً لا موتًا، والمسألةُ خطيرة؛ لأنَّه لو كانت غشيةً ثم جهَّزناه ودفنَّاه، ولم تكن موتًا، صار في ذلك قتلٌ لنفسٍ، فالواجِبُ إن مات فجأةً أن ننتظِرَ به ـ )).

    المطلب العاشر: قضاءُ دَيْنِه وإنفاذُ وَصِيَّتِه

    الفرع الأوَّل: المبادرةُ بقضاءِ دَيْنِه

    يُستحَبُّ أن يُبادَرَ بقضاءِ دَيْنِ الميِّتِ؛ نصَّ عليه الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة
    الأدلَّة من السُّنَّة:
    1- عن أبي هريرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((نَفْسُ المؤمِنِ مُعلَّقةٌ بِدَيْنِه؛ حتى يُقْضَى عنه ))
    2- عن أبي قتادَةَ رَضِيَ الله عنه، أنَّه سَمِعَه، يُحَدِّثُ عن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ((أنَّه قام فيهم، فذَكَرَ لهم أنَّ الجهادَ في سبيلِ الله والإيمانَ بالله أفضلُ الأعمالِ، فقام رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله، أرأَيْتَ إن قُتِلْتُ في سبيلِ الله، تُكَفَّرُ عنِّي خطاياي؟ فقال له رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: نعم، إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ الله، وأنت صابِرٌ مُحتَسِبٌ، مُقبِلٌ غيرُ مُدبِرٍ، ثم قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: كيف قُلْتَ؟ قال: أرأَيْتَ إن قُتِلْتُ في سبيل اللهِ، أَتُكَفَّرُ عنِّي خطاياي؟ فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نعم، وأنت صابِرٌ محتَسِبٌ، مُقبِلٌ غيرُ مُدبِرٍ، إلَّا الدَّيْنَ؛ فإنَّ جبريلَ عليه السلامُ قال لي ذلك ))
    3- عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه، ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، كان يُؤتَى بالرَّجُلِ الميِّتِ عليه الدَّيْنُ، فيَسْأَل: هل تَرَكَ لِدَينِه مِن قضاءٍ؟ فإنْ حُدِّثَ أنَّه تَرَك وفاءً صَلَّى عليه، وإلَّا قال: صَلُّوا على صاحِبِكم ))
    وَجهُ الدَّلالةِ مِن هذه الأحاديثِ:
    أنَّ فيها بيانَ خَطَرِ الدَّيْنِ وما يترتَّبُ عليه؛ ففيها الحثُّ للوَرَثةِ على قضاءِ دَيْن الميِّتِ

    الفرع الثاني: المبادرةُ بإنفاذِ وَصِيَّتِه

    يُستَحَبُّ أن يُبادَرَ بإنفاذِ وَصِيَّةِ الميِّتِ؛ نصَّ عليه الشَّافعيَّة، والحَنابِلَة ؛ وذلك مسارعةً لوصولِ الثَّوابِ إليه، والبِرِّ للمُوصَى له
    المطلب الحادي عشرَ: حُكمُ نَقْلِ الأعضاءِ مِنَ المَيِّتِ، وتشريحِ جُثَّتِه
    الفرع الأوَّل: حُكمُ نقلِ الأعضاءِ من المَيِّت
    يجوزُ نَقْلُ عضوٍ أو جُزْئِه من إنسانٍ مَيِّتٍ إلى مسلمٍ؛ إذا اضطُرَّ إلى ذلك
    ، وبه صدَرَ قرارُ هيئةِ كبارِ العلماءِ في المملكةِ العربيَّةِ السعوديَّةِ وقرارُ مجمَعِ الفِقْهِ الإسلاميِّ، وبه أفتت لجنةُ الفتوَى بمصرَ، ولجنةُ الفتوَى بالكويتِ
    الأدلَّة:أوَّلًا: من الكتابِ
    قوله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 173]
    قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام: 119]
    وَجهُ الدَّلالةِ من الآيتينِ:
    أنَّه تُستثنَى حالةُ الضَّرورةِ مِنَ التَّحريمِ، ومَنِ احتاجَ إلى نقْلِ العُضوِ إليه فسيكونُ في حُكْمِ المُضطَرِّ
    ثانيًا: أنَّ مَصْلحةَ الحيِّ برعايةِ إنقاذِ حياتِه أعظمُ مِن مصلحةِ الميِّت بانتهاكِ حُرمةِ بدنِه، وقد فارقَتْه الرُّوحُ، والقاعدةُ: أنَّ الضَّررَ يُزالُ، وأنَّ الضَّروراتِ تُبيحُ المحظوراتِ
    ثالثًا: أنَّ إحياءَ النَّفْسِ وإنقاذَها واجِبٌ شرعيٌّ؛ كما قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة: 32]

    الفرع الثاني: حُكمُ تشريحِ المَيِّت

    المسألة الأولى: التشريحُ لأجل التَّعليم
    اختلف العلماءُ في حُكمِ التَّشريحِ لأجل التَّعليمِ على أقوال؛ أهمُّها قولان:
    القول الأول: يجوزُ تشريحُ جُثَثِ الموتى بغَرَضِ تعليم الطِّبِّ وتعلُّمِه، وبه صدر قرارُ مَجْمَع الفِقهِ الإسلامي بمكَّةَ، وبه أفتت لجنةُ الفتوَى بالأزهرِ ؛ وذلك لأنَّ الضَّرورةَ دعتْ إلى التَّشريحِ لدراسةِ الطِّبِّ وتعلُّمِه لِمُداواةِ النَّاسِ، والتي يصيرُ بها التَّشريحُ مصلحةً تربو على مَفسَدةِ انتهاكِ كرامةِ الإنسانِ الميِّت، فقواعدُ الدِّين الإسلاميِّ مبنيَّةٌ على رعايةِ المصالحِ الرَّاجحةِ، وتحمُّلِ الضَّررِ الأخفِّ لجلبِ مصلحةٍ تفويتُها أشدُّ مِن هذا الضَّررِ
    القول الثاني: إذا كان الميتُ معصومًا في حياتِه، سواءٌ كان مسلمًا أو كافرًا؛ فإنَّه لا يجوز تشريحُه؛ أمَّا إذا كان غيرَ معصومٍ؛ كالمرتَدِّ والحربيِّ، فلا حَرَجَ في تشريحِه، وهو قولُ ابنِ بازٍ، وقرارُ هيئةِ كبارِ العُلَماءِ ؛
    وذلك لِمَا في تشريحِ الميِّتِ المعصومِ في حياتِه مِنَ الإساءَةِ إليه؛ وانتهاكِ حُرْمَتِه، أمَّا غيرُ المعصومِ؛ كالمرتَدِّ والحربيِّ، فيجوزُ تشريحُه للمَصلحةِ الطبِّيَّة
    المسألة الثانية: التَّشريحُ لأجل التَّحقيقِ الجنائيِّ
    يجوز التَّشريحُ لأجلِ التَّحقيقِ الجنائيِّ، وهو قولُ ابنِ بازٍ، وابنِ عُثيمينَ، وبه صَدَرَ قرارُ مجمَعِ الفقهِ الإسلاميِّ، وهيئةِ كبِار ِالعلماء، وأفتت به اللَّجنةُ الدائمة ؛ وذلك لِمَا يترتَّبُ عليه من مصالِحَ عظيمةٍ في مجالِ الأمنِ والعَدْلِ تُقَدَّمُ على مصلحةِ عَدَمِ التَّشريحِ.
    المسألة الثالثة: التَّشريحُ لمعرفةِ سَبَبِ الوفاةِ (التَّشريحُ المَرَضِيُّ)
    يجوز التشريحُ لِمَعرفةِ سَبَبِ الوفاةِ، والتحقُّقِ مِنَ الأمراض الوبائيَّةِ التي تستدعي التَّشريحَ، وبه صدر قرارُ المجمَعِ الفقهيِّ، وقرارُ هيئةِ كبارِ العلماءِ ؛ وذلك لِمَا يترتَّبُ عليه مِن مصالحَ كثيرةٍ؛ كوقاية المجتمَعِ من الأمراضِ الوبائيَّة، وأمَّا مفسدةُ انتهاكِ كرامَةِ الجثَّةِ المُشَرَّحة فمغمورةٌ في جَنْبِ المصالِحِ الكثيرةِ والعامَّةِ المتحَقِّقةِ بسببِ ذلك
    المسألة الرابعة: من ماتت وفي بَطْنِها جنينٌ يتحرَّكُ
    من ماتَتْ وفي بَطْنِها جنينٌ يتحرَّك يُشَقُّ بَطْنُها، إن رُجِيَ حياةُ الجنينِ، وهو مذهبُ الحَنفيَّة، والشَّافعيَّة، وقولٌ للمالكيَّةِ، وقولٌ للحنابِلَةِ، وهو قولُ ابنِ حَزمٍ، وابنِ عُثيمين
    وذلك للآتي:
    أولًا: لأنَّه استِبقاءُ حيٍّ بإتلافِ جزءٍ مِنَ المَيِّتِ، فأشبَهَ إذا اضطُرَّ إلى أكلِ جُزءٍ مِنَ المَيِّتِ
    ثانيًا: لأنَّ حُرمةَ الحَيِّ أعظمُ مِن حُرمة المَيِّت
    ثالثًا: لأنَّ الحَمْل إنسانٌ معصومٌ؛ فوجب إنقاذُه
    --------------------------------------------------------------------------
    التالي بإذن الله تعالي : حُكمُ غُسْلِ الميِّت، وبعضُ الأحكامِ المتعلِّقة به
    ::
    تابعونا أحبابنا جزاكم الله خيرا
    ::::
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 01, 2024 12:11 am