آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» عقيدة أهل السنة في كلام الله عز وجل
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110اليوم في 5:10 pm من طرف عبدالله الآحد

» فَضْلَ صِلَةِ الأَرْحَامِ -* - * كَيْفَ تَصِل رَحِمَك .
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110أمس في 10:13 pm من طرف صادق النور

» القرآن من آحاد كلام الله ليس قديما بقدم الله ونوع كلام الله قديم
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110أمس في 4:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» قول فى البدعة والسنة !!!
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الأحد مايو 05, 2024 10:31 pm من طرف صادق النور

» الكتب المهمة التي ينصح بقراءتها في العقيدة الإسلامية الصحيحة
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الأحد مايو 05, 2024 3:23 pm من طرف عبدالله الآحد

» كلام الله قديم النوع حادث الآحاد أي متجدد الآحاد وهو غير مخلوق
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110السبت مايو 04, 2024 4:51 pm من طرف عبدالله الآحد

» 40 خطأ فى العقيدة
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:47 pm من طرف صادق النور

» ما هى حقيقة أيمانك
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 10:38 pm من طرف صادق النور

» التحذير من الغلو في النبي صلى الله وسلم والأنبياء والصالحين
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 4:41 pm من طرف عبدالله الآحد

» بطلان قاعدة الخلف في أن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم
وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooou110الجمعة مايو 03, 2024 12:22 am من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

وماذا  بعد  رمضان ..  ؟؟ Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 29 عُضو متصل حالياً :: 1 أعضاء, 0 عُضو مُختفي و 28 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

عبدالله الآحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9666 مساهمة في هذا المنتدى في 3202 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    وماذا بعد رمضان .. ؟؟

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود وماذا بعد رمضان .. ؟؟

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد مايو 01, 2022 4:24 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،

    وماذا بعد رمضان .. ؟؟

    قف حاسب نفسك

    هذهِ هي أيام رمضان ...

    سبحان الله على سرعة انقضائها، فلنجتهد في الطاعة، ولنُجِد في العبادة، فإن بختام الشهر تنتهي عبادة الصيامِ المفروضة،
    وزكاةِ الفطرِ المفروضة، وبختامِ هذا الشهرِ الفضيل ينالُ كلُ عاملٍ أجره، فإما يكون خير يوم طلعت علينا فيه الشمس أو ترغم أنوفنا-عياذًا بالله- فإننا نقتربُ من موعد قبضِ الأجر ومن ميعاد استيفاء الحقوق التي تكفل اللهُ بها وعَهِدَ إلينا بها ووعده الحق والله لا يخُلف الميعاد.

    لذلك ولأن كلَّ عاملٍ مهما قصرَّ في عمله فإنه لا يُقصر في أيام قبض الأجر، وإن غاب عن العمل مهما غاب فإنه لا يغيبُ عن عمله في اليوم الذي يتقاضى الناسُ فيه أُجُورهم،
    من أجل ذلك كان رسولُنا صلى الله عليه وسلم أشدَّ حرصًا على آخرِ رمضان من أوله، كان أشدَّ حرصًا على العشرِ الأخير من رمضان أكثرَ من حرصهِ على بداية الشهرِ، لأن هذه أيامٌ تُعقدُ فيها الأعمال، فهي مَربطُ الفرس، وهي النفسُ الطويل، وهي الجُهدُ الدائم غير قومٍ بدءوا رمضانَ بطاعة وما لبثوا أن انقطعوا، فبدءوا مع بداية الشهر ثم لم تبلغ بهم هممهم إلى نهاية العمل فكانت نشوةً وذهبت، وكانت نزوةً ومضت؛ نسأل الله الثبات على طاعته، لأن أحب الأعمال إلى الله أدوَمُهَا وإن قل

    الزمان يجري بسرعة والدنيا قد أوشكت على الانتهاء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، فَتَكُونَ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ، وَيَكُونَ الشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ، وَتَكُونَ الْجُمُعَةُ كَالْيَوْمِ، وَيَكُونَ الْيَوْمُ كَالسَّاعَةِ، وَتَكُونَ السَّاعَةُ كَاحْتِرَاقِ السَّعَفَةِ)
    وهكذا ينقلنا الليل والنهار رغْمًا عنَّا من حالٍ إلى حال، لا ندري متى يأتينا الموت؟ لكننا على يقين أننا نقترب منه كل يوم وليلة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ فاطر

    وهكذا يرحلُ كلُّ واحدٍ مِنَّا وترحلُ أيامُه ولياليه كما رحلت أيام وليالي هذا الشهر الكريم.

    وإن انتهى رمضان بما فيه من فضائل وخيرات، فإن فضائل الطاعة وخيرات العبادة لا تنتهي ولا تنقطع إلا بالممات.

    من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد وَلَّى وفات، و من كان يعبد الله في رمضان فإن الله حي لا يموت.

    مضى رمضان ولكن... ماذا بعد رمضان؟!!

    لذا احتجنا إلى وقفات، أو منازل ننزل إياها في سفرنا إلى الله،
    لأن السائر لابد أن يمر بمنازل ولابد أن يزل فيها كالسفر الحسي قبل انصرام ما بقي من أيامٍ قلائل،
    كما قال تعالى: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 184] فنندم ونخسر وتُرغم أنوفنا،
    فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ".

    فالطريق إلى الله على جانبيه منازل كالفنادق تنزل بها تستريح وتنطلق حتى تصل إلى غايتك، فالمنازل إلى الله كثيرة ولابد أن ننزل فيها، وفي شهر رمضان يقبل الناس عادة على العبادة ثم بعد ذلك تفطر هممهم مرة أخرى،
    فيا تُرى ما هو السبب الذي يجعلنا نرجع ونضعف كلما مرت أيام من الشهر حتى إذا انقضى عاد الواحد منا إلى سابق عادته إلا من رحم الله؟

    السبب أن السائر فوت منزلاً من المنازل كان لابد أن ينزل فيه وهذا المنزل اسمه منزل: "المحاسبة" وكل بلاء يكون بسبب ترك هذا المنزل، لأن هذا المنزل يؤدي إلى منزل آخر أعظم وأشرف ولابد للعبد منه من ساعة أن يكلف حتى يموت ألا وهو منزل التوبة.



    أولاً: المحاسبة:

    تعريفها: هي استيفاء الأعداد فيما للمرء أو عليه

    قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ * لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 18 - 21].

    يأمر تعالى عباده المؤمنين بما يوجبه الإيمان ويقتضيه من لزوم تقواه، سرًا وعلانية، في جميع الأحوال، وأن يراعوا ما أمرهم الله به من أوامره وشرائعه وحدوده، وينظروا ما لهم وما عليهم، وماذا حصلوا عليه من الأعمال التي تنفعهم أو تضرهم في يوم القيامة، فإنهم إذا جعلوا الآخرة نُصب أعينهم وقبلة قلوبهم، واهتموا بالمقام بها، اجتهدوا في كثرة الأعمال الموصلة إليها، وتصفيتها من القواطع والعوائق التي توقفهم عن السير أو تعوقهم أو تصرفهم، وإذا علموا أيضًا، أن الله خبير بما يعملون، لا تخفى عليه أعمالهم، ولا تضيع لديه ولا يهملها، أوجب لهم الجد والاجتهاد.

    وهذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللاً تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرًا في أمر من أوامر الله، بذل جهده واستعان بربه في تكميله وتتميمه، وإتقانه، ويقايس بين منن الله عليه وإحسانه وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياء بلا محالة.

    والحرمان كل الحرمان، أن يغفل العبد عن هذا الأمر، ويشابه قومًا نسوا الله وغفلوا عن ذكره والقيام بحقه، وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها، فلم ينجحوا، ولم يحصلوا على طائل، بل أنساهم الله مصالح أنفسهم، وأغفلهم عن منافعها وفوائدها، فصار أمرهم فرطًا، فرجعوا بخسارة الدارين، وغبنوا غبنا، لا يمكنهم تداركه، ولا يجبر كسره، لأنهم هم الفاسقون، الذين خرجوا عن طاعة ربهم وأوضعوا في معاصيه، فهل يستوي من حافظ على تقوى الله ونظر لما قدم لغده، فاستحق جنات النعيم، والعيش السليم -مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين- ومن غفل عن ذكر الله، ونسي حقوقه، فشقي في الدنيا، واستحق العذاب في الآخرة، فالأولون هم الفائزون، والآخرون هم الخاسرون.

    ولما بين تعالى لعباده ما بين، وأمرهم ونهاهم في كتابه العزيز، كان هذا موجبًا لأن يبادروا إلى ما دعاهم إليه وحثهم عليه، ولو كانوا في القسوة وصلابة القلوب كالجبال الرواسي،

    فإن هذا القرآن لو أنزله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله أي: لكمال تأثيره في القلوب، فإن مواعظ القرآن أعظم المواعظ على الإطلاق، وأوامره ونواهيه محتويةً على الحكم والمصالح المقرونة بها، وهي من أسهل شيء على النفوس، وأيسرها على الأبدان، خالية من التكلف لا تناقض فيها ولا اختلاف، ولا صعوبة فيها ولا اعتساف، تصلح لكل زمان ومكان، وتليق لكل أحد.

    ثم أخبر تعالى أنه يضرب للناس الأمثال، ويوضح لعباده في كتابه الحلال والحرام، لأجل أن يتفكروا في آياته ويتدبروها، فإن التفكر فيها يفتح للعبد خزائن العلم، ويبين له طرق الخير والشر، ويحثه على مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، ويزجره عن مساوئ الأخلاق، فلا أنفع للعبد من التفكر في القرآن والتدبر لمعانيه.

    أنواع محاسبة النفس:
    نوع قبل العمل
    ونوع بعدهُ.
    فأما النوع الأول: فهو أن يقف عند أول هَمِّهِ وإرادتِهِ، ولا يُبادرَ بالعمل حتى يتبين له رُجحانه على تَرْكِهِ.

    قال الحسن -رحمه الله-: "رَحِمَ اللهُ عبدًا وقف عند هَمِّهِ، فإن كان لله مَضى، وإن كان لغيره تأخرَ".

    النوع الثاني: محاسبة النفس بعد العمل،
    وهي ثلاثة أنواع:
    (1) محاسبتها على طاعة قصرت فيها.
    (2) محاسبتها على كل عمل كان تركه خيرًا له من فعْلِهِ.
    (3) محاسبتها على أمرٍ مباح، أو معتادٍ: لمَ فعله؟ وهل أراد الله والدار الآخرة؟ فيكون رابحًا، أو أراد به الدنيا وعاجلها؛ فيخسر ذلك الربح ويفُوته الظفرُ به

    أركان المحاسبة:

    قال ابن القيم -رحمه الله -: قال صاحب المنازل: ( أللإمام أبو إسماعيل الهروي)

    المحاسبة أركان ثلاثةٌ:

    أحدها: أن تُقايس بين نعْمَتِكَ وجنايتك: يعني أن تقايس بين ما من الله وما منك، فحينئذٍ يظهر لك التفاوتُ، ومعلومٌ أنه ليس إلا عفوه ورحمته، أو الهلاكُ والعَطَبُ.
    وثاني هذه الأركان: أن تُميِّز ما للحق عليك من وجوب العبودية والتزام الطاعة واجتناب المعصية وبين مالك وما عليك: فالذي لك هو المباح الشرعيُّ، فعليك حق ولك حق، فأد ما عليك يُؤتك ما لَكَ.
    • لأن رِضاءَ العبدِ بطاعتِهِ دليلٌ على حُسنِ ظنهِ بنفسه، وجهله بحقوقِ العبودية، وَعَدَمِ عَمَلِهِ بما يستحقه الرب عز وجل ويليق أن يُعامل به

    قال إبراهيم التيميُّ: مَثلتُ نفسي في الجنة آكُلُ من ثمارِهَا، واشربُ من أنهارها، وأُعانقُ أبكارَهَا، ثم مثلتُ نفسي في النار آكُلُ من زَقُّومِهَا، وأشربُ من صديدها، وأعالجُ سَلَالَهَا، وأغلالها، فقلتُ لنفسي: أيْ نَفْسي، أي شيءٍ تُريدين؟ قالت: أُريدُ أن أردَّ إلى الدنيا، فأعمل صالحًا، قال: قلت: فأنت في الأمنية، فاعْملي"

    تأمل هذا فيمن أتى إلى المسجد ثم ابتعد! لأنه ما عاش هذا المنزل إلا لحظات ما عاش فيها، فحري بنا قبل أن نُشيع ضيفنا الميمون أن نعود إلى أنفسنا ونتأمل ماذا قدّمنا بين يديه؟ وما هي الأسرار التي بيننا وبين ربنا في أيام شهرنا وسيرحل بها رمضان؟

    فإذا صح لنا هذا المقام، ووقفنا مع أنفسنا هذه الوقفة، أشرفنا منها على مقام" التوبة" لأنه بالمحاسبة قد تميز عندنا ما لنا وما علينا، لذا كان عنصرنا الثاني ...

    ثانيًا: التوبة:
    تعريف التوبة: ترك الذنب لقبحه والندم على ما فَرَطَ منه والعزيمة على ترك المعاودة، وتدراك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة

    قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ)
    ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [ المطففين: 14]

    لكن السؤال: كيف نتوب؟ ؟؟؟ لكن السؤال: كيف نتوب؟
    أول معاني التوبة أن تنظر إلى ما كان من انخلاعك عن الاعتصام بالله حين إتيان الذنب، وأن الله منع عصمته عنك.

    وأن تنظر إلى ما كان من فرحك عند ظفرك بذلك الذنب، وقعودك عن تداركه، مُصرًا عليه، مع تيقنك نظر الحقِ إليك، فإن العبد لو اعتصم بالله لما خرج عن هداية الطاعة، قال تعالى: ﴿ مَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]
    قال الحسن وقد ذكر أهل المعاصي: "هانوا عليه فعصوه ولو عَزُّوا عليه لعصمهم".

    فإذا علمنا هذا فيلزمُنا أن نستغفر الله ونتوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة -رضي الله عنها- في حادثة الإفك:
    "يَا عَائِشَةُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ".

    ومن أعظم الأمثلة التي تذكر في صدق التوبة "قصة كعب بن مالك رضي الله عنه":

    قَالَ كَعْبٌ: ...، كَانَ مِنْ خَبَرِي: أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ، فِي تِلْكَ الغَزَاةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ ... ،
    وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا،
    فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ،
    فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ،
    فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ ....

    قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلًا حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ،
    وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا، وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، ...
    جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ،
    فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ» فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ،
    فَقَالَ لِي: «مَا خَلَّفَكَ، أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟». فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ، لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ، تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ،
    لاَ وَاللَّهِ، مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى، وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ».
    فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَكَ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي
    ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ، قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ،

    فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا أُسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي،
    وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ،

    وَأَمَّا أَنَا، فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ،
    وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَيَّ أَمْ لاَ؟
    ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ

    جَفْوَةِ النَّاسِ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ

    السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ،
    فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ ....

    حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينِي،

    فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا؟ أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ،
    فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ، حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الأَمْرِ.

    قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ».

    قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ، مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا.

    فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟
    فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟

    فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَلاَمِنَا،
    فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ،
    سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ، أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ

    فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ

    مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ،

    فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا، بِبُشْرَاهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ

    فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ،

    يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ،
    قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ.

    قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،

    وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ».

    فخير يوم يمر علينا يكون يوم أن يتوب الله علينا، فنعتق من النار، ويغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا


    ثالثًا: منزلة مجاهدة النفس:

    تعريفها: أي محاربة النفس الأمارة بالسوء بتحميلها ما يشق عليها بما هو مطلوب في الشرع.

    مراتب مجاهدة النفس: قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: جهاد النفس أربعة مراتب:

    الأولى: مجاهدتها على تعلم الهدى ودين الحق.

    الثانية: مجاهدتها على العمل به بعد علمه.

    الثالثة: مجاهدتها على الدعوة إلى الحق.

    الرابعة: مجاهدتها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمل ذلك كله لله.

    ثم قال -رحمه الله- عقب ذلك: فإذا استكمل المسلم هذه المراتب الأربع صار من الربانيين،
    فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيًا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه، فمن عَلِمَ وعَمِلَ وعَلَّمَ فذاك يُدعى عظيمًا في ملكوت السماء.


    ويبرز معنى المجاهدة مع استشعار اقتراب الشهر من نهايته، فإذا استشعر المرء ذلك بانتهاء ثلثي الشهر، فينبغي أن يُبادر إلى محاولة اغتنام الثلث الآخر، وهو الأفضل ممثلاً في العشر الأواخر من رمضان.

    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص تلك العشر باجتهاد مضاعف، ليُرشد المؤمنين إلى تدارك ما فات وإدراك ما بقي،
    فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ"

    ولا ننسى في هذه الأيام ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة -رضي الله عنها-.

    قالت عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟

    قَالَ تَقُولِينَ: "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي"

    فالمغفرة هي
    : ستره على المذنبين من عباده، فلا يؤاخذهم فَيُشهِر بهم ويفضحهم، بل يسترهم.

    أما العفو فهو: أن يضع عن عباده تَبعات خطاياهم، وآثارهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا


    رابعًا: لا تكن كالتي نقضت غزلها:

    ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾
    [النحل: 92].

    ﴿ وَلَا تَكُونُوا ﴾ في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على سفه متعاطيها،
    وذلك ﴿ كَالَّتِي ﴾ تغزل غزلاً قويًا فإذا استحكم وتم ما أريد منه نقضته فجعلته ﴿ أَنْكَاثًا ﴾ فتعبت على الغزل ثم على النقض، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء وسفاهة العقل ونقص الرأي، فكذلك من نقض ما عاهد عليه فهو ظالم جاهل سفيه ناقص الدين والمروءة.

    ﴿ تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم ﴾ أي: خديعة ومكرًا ﴿ أن تكون أمة هي أربى من أمة ﴾ أي أكثر؛ أي: لا تنبغي هذه الحالة منكم تعقدون الأيمان المؤكدة وتنتظرون فيها الفرص،
    فإذا كان العاقد لها ضعيفًا غير قادر على الآخر أتمها لا لتعظيم العقد واليمين بل لعجزه،
    وإن كان قويًا يرى مصلحته الدنيوية في نقضها نقضها غير مبال بعهد الله ويمينه.

    كل ذلك دورانًا مع أهوية النفوس، وتقديما لها على مراد الله منكم، وعلى المروءة الإنسانية، والأخلاق المرضية لأجل أن تكون أمة أكثر عددا وقوة من الأخرى.

    والنص هنا يحذر من مثل ذلك المبرر، وينبه الى قيام مثل هذه الحالة: ﴿ أن تكون أمة هي أربى من أمة ﴾ هو ابتلاء من الله لهم ليمتحن إرادتهم ووفاءهم وكرامتهم على أنفسهم وتحرجهم من نقض العهد الذي أشهدوا الله عليه: ﴿ إنما يبلوكم الله به ﴾.

    وهذا ابتلاء من الله وامتحان يبتليكم الله به حيث قيض من أسباب المحن ما يمتحن به الصادق الوفي من الفاجر الشقي.

    ﴿ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ فيجازي كلا بما عمل، ويخزي الغادر

    فعلينا فيما بقي من أيام الشهر أن كحال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

    قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا،

    فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي،

    اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ»،

    فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ،

    ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ،

    فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ

    أي: اذكروا نعمة الله عليكم، لما قارب التقاؤكم بعدوكم، استغثتم بربكم، وطلبتم منه أن يعينكم وينصركم ﴿ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ وأغاثكم.

    كذا لما اقترب الشهر على الانتهاء، وهذه مصيبة لمن ضيع نفسه، احتجنا إلى الاستغاثة والالتجاء إلى الله ليغفر لنا، ويعتق رقابنا من النار، وألا نكون ممن ترغم أنوفهم، ويجد ألم الحسرة يوم القيامة يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولا هم يستعتبون.

    قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [الروم: 55 - 57].

    يخبر تعالى عن يوم القيامة وسرعة مجيئه وأنه إذا قامت الساعة ﴿ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ بالله أنهم ﴿ مَا لَبِثُوا ﴾ في الدنيا إلا ﴿ سَاعَة ﴾ وذلك اعتذار منهم لعله ينفعهم العذر واستقصار لمدة الدنيا.

    ولما كان قولهم كذبًا لا حقيقة له قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴾ أي: ما زالوا -وهم في الدنيا- يؤفكون عن الحقائق ويأتفكون الكذب، ففي الدنيا كذَّبوا الحق الذي جاءتهم به المرسلون، وفي الآخرة أنكروا الأمر المحسوس وهو اللبث الطويل في الدنيا، فهذا خلقهم القبيح والعبد يبعث على ما مات عليه.

    ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ ﴾ أي: مَنَّ الله عليهم بهما وصارا وصفًا لهم العلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق، وإذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم أن يكون قولهم مطابقا للواقع مناسبا لأحوالهم.

    فلهذا قالوا الحق: ﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ أي: في قضائه وقدره، الذي كتبه الله عليكم وفي حكمه ﴿ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ أي: عمرتم عُمْرًا يتذكر فيه المتذكر ويتدبر فيه المتدبر ويعتبر فيه المعتبر حتى صار البعث ووصلتم إلى هذه الحال.

    ﴿ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ فلذلك أنكرتموه في الدنيا وأنكرتم إقامتكم في الدنيا وقتا تتمكنون فيه من الإنابة والتوبة، فلم يزل الجهل شعاركم وآثاره من التكذيب والخسار دثاركم.

    ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ ﴾ فإن كذبوا وزعموا أنهم ما قامت عليهم الحجة أو ما تمكنوا من الإيمان ظهر كذبهم بشهادة أهل العلم والإيمان، وشهادة جلودهم وأيديهم وأرجلهم، وإن طلبوا الإعذار وأنهم يردون ولا يعودون لما نُهوا عنه لم يُمَكَّنُوا فإنه فات وقت الإعذار فلا تقبل معذرتهم، ﴿ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ أي: يزال عتبهم والعتاب عنهم

    فهذه الحسرة تكون بعد زال الدنيا والشعور بأنها كانت قصيرة جدًا، وفما بالنا بشهر واحد في العام؟! لا نكاد نشعر بالحسرة إلا بعد انتهاء الشهر وكأنه ما كان إلا ساعة!! فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.

    اللهم اجعلنا من العتقاء من النار، ومن المرحومين، اللهم يا جبار اجبر كسرنا وردنا إليك ردًا جميلا
    ## ** ##** ##
    ما زلنا أحبابي
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ****
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    أحبكم في الله


    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود وكيف نحافظ علي ما أكتسبناه في رمضان

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد مايو 01, 2022 5:10 pm


    ما قبله
    ----
    وكيف نحافظ علي ما أكتسبناه في رمضان

    المحافظة على الصلوات الخمس؛ خاصة صلاة الفجر:

    الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائرُ عملِه وإن فسدت فسد سائر عمله،

    أولُ ركنٍ عمليٍّ من أركان الإسلام، أمرنا الله بالحفاظ عليها وأوصانا بها،

    قال تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].

    الصلاة الوسطى: العصر أو الفجر.

    قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: (مَن صلى البَرْدين، دخل الجنة)،
    و قال أيضًا:(مَن صَلَّى الصُّبحَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ)

    وجدت نفسي في رمضان أحافظ على الصلوات في أوقاتها، إنها أحب الأعمال إلى الله؛
    عنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: (الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا)

    الصلاةُ هي الصلةُ بين العبدِ وربِّه، كيف يعيش إنسان وقد قطع صلته بالله؟

    فمن يدعو ومن يرجو؟ وبمن يستعين في الشدة ولمن يلجأ عند الحاجة؟

    المواظبه على اثنتي عشرة ركعة في كل يوم وليلة، وأمتثل قول الله -عز وجل-:
    (وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ
    وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)


    أي يكون مسددًا في هذه الأعضاء، يسدده الله في سمعه؛ فلا يسمع إلا ما يرضي الله وفي بصره فلا ينظر إلا إلى ما يحبه الله،
    و في يده فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله، لا تمشي رجلاه إلا إلى ما يرضي الله، هذا من ثمرات حب الله للعبد؛ تسديده وتوفيقه للخير،
    و كذلك من هذه الثمرات محبة جبريل، محبة أهل السماء وأن يوضعَ له القبول في الأرض، عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: " إذا أحَبَّ اللهُ عبدًا نادَى جِبريلَ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فلانًا فأحِبَّه، فيُحِبُّه جِبريلُ، فيُنادِي جِبريلُ في أهلِ السماءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فلانًا فأحِبُّوه، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ ثمَّ يُوضَعُ لهُ القَبولُ في الأرضِ "

    إذا أحبك الله لم يعذبك، قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّـهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ﴾ سورة المائدة (18).

    إذا أحبك عسَّلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أحب الله عبدًا عَـسَّله، قال: يا رسول الله وما عَسَّله؟ قال: يوفق له عملاً صالحاً بين يدي أجله)

    فمن علامات حب الله لعبده المؤمن أن يوفقه للموت على عمل صالح.

    المواظبه على صلاة الضحى صلاة الأوابيين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يُحَافِظُ عَلَى صَلاةِ الضُّحَى إِلا أَوَّابٌ)

    حافظ على صلاة الوتر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ)

    واظب على قيام الليل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ)
    قال صلى الله عليه و سلم:(أتاني جبريلُ، فقال: يا مُحمَّدُ! عِشْ ما شِئتَ فإنَّك مَيِّتٌ، وأحْبِبْ من شِئتَ فإنَّكَ مُفارِقُه،
    واعمَل ما شِئتَ فإنَّك مَجْزِيٌّ بهِ، واعلَم أنَّ شرفَ المؤمنِ قيامُه باللَّيلِ، وعِزُّه استِغناؤُه عن النَّاسِ)


    أعلم أن شرع الله هو النجاة:

    رأيت فيه من البركات والنفحات، أُعْطِيَ الفقيرُ مرةً ومرتين، وهذا احدى بركات العمل بطاعة الله،
    قال تعالى: ﴿ وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ ﴾ سورة الأعراف

    طاعة الله، الحياة الطيبة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة،
    قال تعالى: ﴿ مَن عَمِلَ صالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجزِيَنَّهُم أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ ﴾ سورة النحل

    المحافظه علي التراحم والترابط والمواساة


    أحْسَسْتُ بمعاناة الفقير، ليس فقط في رمضان بل في كل الأيام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَان وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ)

    نحن أمة الجسد الواحد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

    (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى).

    كن لأخيك المسلم كأخ له في النسب أو أشد.


    كن لأخيك شديد الولاء والبراء:

    أن الأخوة لا تكون إلا بين المسلم وأخيه المسلم، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ سورة الحجرات (10).

    محبَّتُك ونُصْرتُك وَوَلاؤك ونُصْحُك وتعاوُنُك يكون للمسلمين، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ﴾ سورة المائدة (55).
    وأن البغض والعدواة والبراء يكون من الكافرين، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ﴾ سورة الممتحنة (1)،
    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ سورة المائدة (51)،
    ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ سورة الممتحنة (4).

    ولذلك أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم -أن نخالف المشركين.

    أمرنا بالسحور (إِنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ).

    أمرنا عند صيام عاشوراء أن نضم إليه التاسع مخالفة اليهود.

    وفي الصلاة نهانا أن نصلى عند طلوع الشمس لأنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها كل كافر.

    أمرنا أن نخالف المشركين في الظاهر كما خالفناهم في الباطن، قال صلى الله عليه وسلم: ("أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى")

    نهانا أن نشاركهم في أعيادهم الشركية واعتقادتهم المحرفة،
    نهانا أن نهنئهم بأعيادهم أو أن نحتفل معهم، "فلا يجوز لأحد من المسلمين مشاركة أهل الكتاب في الاحتفال بعيد الكريسمس "أول السنة الميلادية" ولا تهنئتهم بهذه المناسبة لأن العيد من جنس أعمالهم التي هي دينهم الخاص بهم، أو شعار دينهم الباطل، وقد نهينا عن موافقتهم في أعيادهم، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع:

    1- أما الكتاب: فقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ﴾ [الفرقان:72].

    قال مجاهد في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى والضحاك.
    وقال ابن سيرين: الزور هو الشعانين، والشعانين: عيد للنصارى يقيمونه يوم الأحد السابق لعيد الفصح ويحتفلون فيه بحمل السعف، ويزعمون أن ذلك ذكرى لدخول المسيح بيت المقدس كما في اقتضاء الصراط المستقيم 1 / 537، والمعجم الوسيط1 / 488.

    ووجه الدلالة هو أ نه إذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور، لا مجرد شهوده.

    2- وأما السنة: فمنها حديث أَنَسٍ رضي الله تعالى عنه
    قَالَ: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا؛ فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ".رواه أبو داود، وأحمد، والنسائي على شرط مسلم.

    ووجه الدلالة أن العيدين الجاهليين لم يقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة،
    بل قال: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما...... والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه، إذ لا يجمع بين البدل والمبدل منه، وقوله صلى الله عليه وسلم: خيراً منهما. يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية.

    3- وأما الإجماع
    : فمما هو معلوم من السير أن اليهود والنصارى ما زالوا في أمصار المسلمين يفعلون أعيادهم التي لهم، ومع ذلك لم يكن في عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك،
    وكذلك ما فعله عمر في شروطه مع أهل الذمة التي اتفق عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم: أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وإنما كان هذا اتفاقهم على منعهم من إظهارهم، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها! أو ليس فعل المسلم لها أشد من إظهار الكافر لها؟

    وقد قال عمر رضي الله عنه: إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تتنزل عليهم. رواه أبو الشيخ الأصبهاني والبيهقي بإسناد صحيح.

    وروى البيهقي أيضاً عن عمر أيضاً قوله: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم.

    قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله -: "وهذا عمر نهى عن تعلم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة عليهم يوم عيدهم،
    فكيف بفعل بعض أفعالهم؟! أو فعل ما هو من مقتضيات دينهم؟ أليست موافقتهم في العمل أعظم من الموافقة في اللغة؟!
    أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم؟!
    وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك؟
    ثم قوله: واجتنبوا أعداء الله في عيدهم. أليس نهياً عن لقائهم والاجتماع بهم فيه؟ فكيف عن عمل عيدهم "

    و الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله فيها: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ﴾ [المائدة:48].

    قال ابن تيمية - رحمه الله -: " فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج، فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل إن الأعياد من أخص ما تتميز به الشرائع،
    ومن أظهر ما لها من الشعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه "

    وقال أيضاً: ثم إن عيدهم من الدين الملعون هو وأهله، فمواقتهم فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه....

    فإن قال قائل: إن أهل الكتاب يهنئوننا بأعيادنا فكيف لا نهنأهم بأعيادهم معاملة بالمثل وردًا للتحية وإظهارًا لسماحة الإسلام..... إلخ.؟

    فالجواب: أن يقال: إن هنئونا بأعيادنا فلا يجوز أن نهنئهم بأعيادهم لوجود الفارق، فأعيادنا حق من ديننا الحق، بخلاف أعيادهم الباطلة التي هي من دينهم الباطل، فإن هنئونا على الحق فلن نهنئهم على الباطل.

    ثم إن أعيادهم لا تنفك عن المعصية والمنكر وأعظم ذلك تعظيمهم للصليب وإشراكهم بالله تعالى وهل هناك شرك أعظم من دعوتهم لعيسى عليه السلام بأنه إله أو ابن إله، تعالى الله عما يقولون عُلوًّا كبيرًا،
    إضافة إلى ما يقع في احتفالاتهم بأعيادهم من هتك للأعراض واقتراف للفواحش وشرب للمسكرات ولهو ومجون، مما هو موجب لسخط الله ومقته، فهل يليق بالمسلم الموحد بالله رب العالمين أن يشارك أو يهنئ هؤلاء الضالين بهذه المناسبة؟!".

    وكذلك لا يجوز للمسلم أن يحتفل بما يسمى بـ (عيد شم النسيم) و هو من أعياد الفراعنة، ثم نقله عنهم اليهود، ثم انتقل إلى النصارى بعد ذلك وترجع ‏تسمية "شم النسيم" إلى الكلمة الفرعونية (شمو) وهي كلمة هيروغليفية، ويرمز بها عند ‏قدماء المصريين إلى بعث الحياة، وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، وفيه بدأ ‏خلق العالم.

    وأضيفت كلمة (النسيم) إليه لارتباط هذا اليوم باعتدال الجو، حيث تكون ‏بداية الربيع. ثم جاء اليهود من المصريين - على عهد سيدنا موسى عليه ‏السلام- و أخذوا عن الفراعنة المصريين احتفالهم بهذا العيد، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية،
    ‏وأطلقوا عليه اسم " عيد الفصح" والفصح: كلمة عبرية تعني: (الخروج أو العبور) ‏وذلك أنه كان يوم خروجهم من مصر، على عهد سيدنا موسى عليه السلام. و معلوم أن من أعياد النصارى ما يسمى بـ: "عيد يوم القيامة" والذي يرمز إلى قيام المسيح ‏من قبره - كما يزعمون - فلما دخلت النصرانية مصر أصبح عيدهم يلازم عيد المصريين القدماء - الفراعنة -
    فيقع شم النسيم دائماً في اليوم التالي لعيد الفصح أو عيد القيامة، فالنصارى كانوا ولا يزالون ‏يحتفلون بعيد الفصح (أو عيد القيامة) في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم ‏الاثنين.

    ومن مظاهر الاحتفال بعيد (شم النسيم) أن الناس يخرجون إلى الحدائق ‏والمتنزهات بمن فيهم النساء والأطفال، ويأكلون الأطعمة وأكثرها من البيض، والفسيخ (‏السمك المملح) وغير ذلك، فأكل السمك والبيض ‏ناشئ عن تحريمهما عليهم أثناء الصوم الذي ينتهي بعيد القيامة (الفصح) حيث يمسكون ‏في صومهم عن كل ما فيه روح أو ناشئ عنه، كما أن من العادات تلوين البيض بالأحمر، ‏و كانوا يرمزون بذلك إلى دم المسيح (المصلوب) حسب اعتقادهم الباطل المناقض ‏للقرآن الكريم،
    وإجماع المسلمين المنعقد على عدم قتل المسيح وعدم صلبه، وأنه رفع إلى ‏السماء كما يقول الله جل وعلا في محكم كتابه:

    ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ ‏مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ‏مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ﴾
    [النساء:157]‏

    ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾ [النساء:158]

    ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى صباغة البيض بمختلف الألوان التي أصبحت الطابع المميز لأعياد شم النسيم والفصح.

    وكذلك الخروج إلى الحدائق والمتنزهات مبني على عقيدة عندهم؛ فالحدائق رمز لفتح أبواب الفردوس (الجنة) بعد قيامة المسيح -على اعتقادهم الباطل-
    فلا يجوز للمسلم مشاركة النصارى وغيرهم في الاحتفال بشم النسيم ‏وغيره من الأعياد الخاصة بالكفار،
    كما لا يجوز تلوين البيض في أعيادهم، ولا التهنئة ‏للكفار بأعيادهم، وإظهار السرور بها،
    كما لا يجوز تعطيل الأعمال من أجلها لأن هذا من ‏مشابهة أعداء الله المحرمة ومن التعاون معهم على الباطل،
    وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه ‏وسلم أنه قال: « من تشبه بقوم فهو منهم »

    قال الحافظ الذهبي - رحمه الله-:(فإذا كان للنصارى عيد ولليهود عيد كانوا مختصين به فلا يشركهم فيه مسلم كما لا يشاركهم في شرعتهم ولا قبلتهم).

    قال ابن القيم - رحمه الله-: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم
    فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات
    وهو بمنـزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)


    ولا تعني البراءة من المشركين منهم ظلمهم أو إيذائهم أو التعدي عليهم، وإنما يجب معاملتهم بالإحسان،

    قال تعالى: ﴿ لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّـهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ سورة الممتحنة .
    يجوز البيع والشراء منهم، والنبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي،
    وقبل هدية يهودية (الشاة المسمومة)، وكان عمر يهدي جاره اليهودي عندما يذبح شاة أو غيرها،
    و يجوز كذلك مساعدتهم وإنقاذهم ويجب المحافظة على دمائهم وأعراضهم والدفاع عنهم،
    قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ آذَى ذِمِّيًّا فَأَنَا خَصْمُهُ)
    ، (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)

    لا صلاح للقلوب إلا بالقرآن

    قال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ المائدة (15، 16)،
    ﴿ إِنَّ هذَا القُرآنَ يَهدي لِلَّتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصّالِحاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبيرًا ﴾ الإسراء (9).

    هذا الكتاب شرفنا وعزنا، قال تعالى: ﴿ لَقَد أَنزَلنا إِلَيكُم كِتابًا فيهِ ذِكرُكُم أَفَلا تَعقِلونَ ﴾ الأنبياء (10)،
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ)
    . يرفع من آمن به وصدَّق بما فيه وعمل به واتبع هداه، ويضع من لم يؤمن به وأعرض عنه وهجره،

    قال تعالى: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى * وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى ﴾ طه (123، 124).

    القرآن يشفع لك يوم القيامة،

    يكون رفيقا لك في قبرك، يدافع عنك ويرفع عنك العذاب، ينتظرك حين ينشق عنك القبر يقول لك: (أنا صاحبك القرآن)،

    يظلك في ساحة القيامة، عن بُرَيْدَةَ بن الحصيب الأسلمي - رضي الله عنه قال: " كنتُ جالِسًا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

    فسمِعْتُهُ يقولُ تعلَّمُوا البقرةَ فإنَّ أخْذَها بَرَكَةً وتَرْكَهَا حَسْرَةً ولَا يستطيعُها البطَلَةُ قال ثمَّ سَكَتَ ساعَةً ثمَّ قال تعلَّمُوا البقرةَ وآلَ عمرانَ فإنَّهما الزهراوانِ يُظِلَّانِ صاحِبَهما يومَ القيامةِ كأنَّهما غمامتانِ أو غيابَتانِ
    أو فِرْقانِ من طيرٍ صوافٍّ وإنَّ القرآنَ يَلْقَى صاحِبَهُ يَومَ القيامةِ حينَ ينشقُّ عنه قبرُهُ كالرَّجلِ الشاحبِ فيقولُ هلْ تَعْرِفُنِي فيقولُ ما أعْرِفُكَ فيقولُ أنا صاحِبُكَ القرآنُ الذي أظمأتُكَ في الهواجرِ وأسْهَرْتُ ليلَكَ وإنَّ كلَّ تاجرٍ من وراءِ تجارتِهِ وإنكَ اليومَ من وراءِ كلِّ تجارَةٍ فيُعْطَى الملْكَ بيمينِهِ والخلدَ بشمالِهِ ويوضَعُ على رأسِهِ تاجُ الوَقَارِ ويُكْسَى والداه حلَّتَيْنِ لا تقومُ لهما الدُّنيا فيقولانِ بِمَ كُسِينَا هذا فيُقالُ بأخذِ ولدِكُما القرآنَ ثمَّ يقالُ اقرأْ واصْعَدْ في دَرَجِ الجنةِ وغُرَفِها فهو في صُعودٍ ما دامَ يقرأُ حدرًا كان أوْ تَرْتِيلًا "


    القرآن يشفع لك عند الله - عز و جل
    -، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ).

    " يقالُ لصاحِبِ القرآنِ: اقرأ، وارتَقِ، ورتِّل كَما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا، فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرأُ بِها
    ######################## #############
    أحبتي ما زلنا نرتع في رحاب مجالس الصالحين
    تابعونا جزاكم الله خيرا
    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود مجالسه الصالحين وصحبتهم

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد مايو 01, 2022 5:36 pm


    ما قبله
    -----
    المحافظه علي الصحبة الصالحة:

    كنا نتعاون على الطاعات والقربات، نشد أزر بعضنا بعضا، تأمل في قصة موسى - عليه الصلاة و السلام - عندما أرسله الله لم يزل يسأل ربَّه - عز و جل - أن يجعل معه أخاه هارون نبيًّا، قال تعالى: ﴿ وَاجعَل لي وَزيرًا مِن أَهلي * هارونَ أَخِي * اشدُد بِهِ أَزري * وَأَشرِكهُ في أَمري * كَي نُسَبِّحَكَ كَثيرًا * وَنَذكُرَكَ كَثيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنا بَصيرًا ﴾ طه (29: 35).

    قوِّي به ظهري و أعنِّي، بهذا الأخ المعين تزيد الطاعات و تتحقق البركات، هذه الأخوة من نِعَم الله - عز و جل -
    قال تعالى: ﴿ وَوَهَبنا لَهُ مِن رَحمَتِنا أَخاهُ هارونَ نَبِيًّا ﴾ مريم (53).

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا)[30].

    الالتزام بشرع الله سهل ميسور:

    فعل الطاعات، الامتناع عن المحرمات سهل ميسور، ترك الغيبة، ترك متابعة الأفلام والمسلسلات وبرامج المكائد والخداع ومتابعة أهل الفسق و الفساد، ترك التبرج والمحافظة على الحجاب و عدم إظهار زينة المرأة للرجال غير المحارم، ترك تضييع الأوقات أمام الفيس والشات، استطعت أن أفعل ذلك كله في رمضان، حرصت على ألا أصرف أوقاتي إلا في مرضات الله.

    المحافظه علي الذكر والدعاء:

    فليكن لسانك رطب من ذكر الله، واظب على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم وأذكار الدخول والخروج من البيت
    وأذكار الذهاب إلى المسجد حتى أثناء أعمال المنزل أذكر الله على كل حال،

    قال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ الأحزاب (35)،

    ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ الأحزاب (41، 42).


    المحافظه علي الدعاء كنا ندعو الله كل يوم حال صومنا وعند فطرنا
    ، كيف كنت أغفل عن الدعاء وأنا الفقير إلى الله ولي عنده حاجات وحاجات وطلبات ورغبات وهو السميع القريب المجيب،
    قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ البقرة (186).

    ومن لم يسأل الله يغضب عليه.

    الله يريد منك أن تدعوه وتلجأ إليه وتُظْهِر فقرك وحاجتك إليه، فهو يحبُّ مِنَّا أن نسأله.


    ومن لنا غيره ربنا ومولانا، فلا سؤال إلا منه ولا رجاء إلا فيه ولا توكل إلا عليه ولا تفويض إلا إليه ولا استعانة إلا به
    ولا استغاثة إلا به ولا مدد إلا منه ولا ذبح ولا نذر إلا له ولا حلف إلا به ولا طواف إلا ببيته ولا تحكيم إلا لشرعه
    ولا تحاكم إلا إليه ولا توحيد إلا له، قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ ربكم حَيِيُّ كَرِيمٌ، يَسْتَحِي أَنْ يَرْفَعَ الْعَبْدُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا، أَوْ قَالَ: خَائِبَتَيْنِ)

    المحافظه علي حسن الخلق:

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ
    فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ)

    أدفع بالتي هي أحسن السيئة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)

    ، (مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنَ حُسْنِ الْخُلُقِ)

    (إِنَّ المؤمنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ القَائِمِ)

    دخل رجل على ابن عباس - رضي الله عنه - يسبه ويشتمه و هو من هو؟ حبر الأُمَّة، من آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيقول ابن عباس - رضي الله عنه -: (هل للرجل من حاجة نقضيها له)، فيُنَكِّس الرجل رأسه وينصرف.

    الأحنف بن قيس يقول له أحدهم إن قلت كلمة لتسمعن عشرا فيقول له الأحنف: (ولكنك إن قلت عشرا لن تسمع كلمة).

    أستحضار الصبر وقوة الإرادة وصدق العزيمة والانتصار على النفس
    :

    فهو شهر الصبر، والصبر جزاؤه الجنة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ الزمر
    تجتمع فيه أنواع الصبر، الصبر على الطاعة من صيام وقيام وختم القرآن، والصبر عن المعصية بالبعد عن المحرمات والآثام، والصبر على أقدار الله المؤلمة بتحمل ألم الجوع والعطش وتعب القيام، الصبر عن شهوات النفس والصبر على الأذى، مجاهدة النفس،
    قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ العنكبوت (69).


    إنه رمضان مدرسة إيمانية ومحطة روحية نتزود منه لبقية العام ونشحذ الهمم لبقية العمر، إنه بحق مدرسة التغيير، تغيير في أعمالنا وسلوكنا وأخلاقنا ومعاملاتنا وعباداتنا، فهلا تعلمنا من رمضان وجنينا من ثماره اليانعة وظلاله الوافرة.

    قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ المائدة (27).


    من مِنَّا شغله هذا الأمر؟؟

    من مِنَّا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان، كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان، كنَّا في نهار رمضان صائمين وفي ليله ساجدين وبالأسحار مستغفرين، لكن ترى هل هذه الأعمال مقبولة؟؟ هل هي خالصة؟؟

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا....

    .قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ. قَالَ" أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا").

    لماذا ضاعت حسناتهم؟ السبب: عدم الحياء من الله، وعدم مراقبة الله، ذنوب الخلوات.

    الوقوع في المحرمات دليل على ضعف الإيمان، كلما خلا بمحارم الله انتهكها، ليس له وازع في قلبه.

    فينبغي للعبد إذا خلا بنفسه لا يعصي ربه ويخشاه ولا يبارزه بالمعاصي، ويستحيي من الله حق الحياء حتى لا تضيع منه حسناته.


    ينبغي أن يكون دائمًا على حذر من عدم القبول، كان السلف يجتهدون في إكمال العمل وإتمامه وإتقانه ثم يخافون من رده

    وعدم قبوله، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ سورة المؤمنون (60).

    عن فُضَالة بن عبيد قال: لأن أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها

    لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ المائدة (27).


    و ما هي علامات القبول؟؟!!

    1) الخوف من عدم القبول، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ سورة المؤمنون (60).

    سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ سورة المؤمنون (60) قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ! وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ)[37].

    2) أن يكون حالك بعد العمل خيرا من حالك قبله، حالك بعد رمضان أفضل من حالك قبله، هذا يدل على أن الله تقبَّل منك رمضان، فإذا رضي الله عن العبد وقبل عمله وفقه لعمل صالح بعده، فهذا يدل على أن الله قبل عمله الأول ومَنَّ عليه بعمل آخر ورضي به عنه.

    فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها. لو واظبت في رمضان على الفرائض لو كنت مقصرًا ثم بعد رمضان كنت حريصًا على الطاعة فاستمر على ذلك، لو امتنعت عن المحرمات، لو عطفت على الفقراء والمساكين، لا يمر عليك يوم إلا وقد أخذت من كتاب الله، لو كنت ذا خلق سيء فأصبحت بعد رمضان هادئ الطبع حسن الخلق، يكون لك نصيب في قيام الليل كل ليلة، هذا دليل على القبول.



    احذر العجب والغرور

    والزم الخضوع والانكسار للعزيز الغفار، ربما حدَّثتك نفسُك أنك فعلتَ وفعلتَ في رمضان.

    صليتَ وصمتَ وتصدقتَ وختمتَ القرآن.

    احذر أن يوقعك الشيطان في الغرور والعجب وتمتلئ نفسك بالفخر.



    تأمل ماذا قال الله لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم -:
    ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ* وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ ﴾ سورة المدثر (1:6).

    أتظن أنكَ قدمتَ أعمالا عظيمة؟

    لا تمن على الله بعملك، ولا تغتر وتعجب بنفسك.

    فلله وحدة المِنَّة والفضل، هو الذي وفقنا لذلك و أعاننا على الصيام فصمنا ووفقنا للقيام فقمنا ورزقنا من فضله فتصدقنا وشرح صدورنا للذكر والاستغفار فاستغفرنا، فلله الحمد أولا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، لولاك يا رب ما فعلنا، ومهما فعلنا لن نكافئ نعمك علينا ولو نعمة واحدة.

    وتأمل ثلاثين يومًا من العبادة ما خاتمتها؟؟

    زكاة الفطر


    أتفكرتَ لم؟ الإجابة في قول بن عباس رضي الله عنه: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ)



    ومن الذي يقوم بحق الله كاملا؟؟!

    حتى الملائكة إذا رفعوا رؤوسهم يوم القيامة من الركوع أو السجود والعبادة المتواصلة منذ خلقهم الله قالوا:(سبحانك ما عبدناك حق عبادتك).
    فماذا عن عبادتنا نحن؟؟ تحتاج لتكميل، أمرنا بعد الصلاة بالاستغفار، وكذلك عقب الحج،
    قال تعالى: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: 199].

    والنبي صلى الله عليه وسلم في ختام عمره المبارك صبر ودعوة وجهاد وعبادة أمر أن يستغفر الله عز وجل،
    قال تعالى: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3].

    قال بن المبارك - رحمه الله-: " الغيبة تُخَرِّق الصيام والاستغفار يُرَقِّعُه، فمن استطاع منكم أن يأتي بصيام مُرَقَّع فليفعل".

    نحتاج دوما للاستغفار، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا)
    ############################
    ما زلنا أحبابي
    تابعونا جزاكم الله خيرا


    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود وأعبد ربك حتي يأتيك اليقين

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد مايو 01, 2022 6:01 pm


    ما قبله
    ----
    ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]

    العبادة لا تنتهي بانتهاء رمضان، بل الذي يقطع العبادة بعد انتهاء رمضان يخشى ألا يكون قد تقبل الله منه رمضان.
    لأن من علامة قبول رمضان صلاح حال العبد بعد رمضان فإن ترك العبادة، ترك الصلاة، ترك صلاة الفجر في وقتها، ترك القيام والصيام والقرآن والصدقة ونقض غزله هذه علامة من الخذلان والخسران، العبادة ليس لها حد إلا خروج الروح من الجسد، قال تعالى: ﴿ وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ ﴾ سورة الحجر (99).


    اليقين يعني الموت الموقن به الذي لا شك فيه، أي اعبد الله في جميع أوقاتك ومدة حياتك حتى يأتيك الموت وأنت في عبادة ربك جلا وعلا، حياتك هي الفرصة الوحيدة لكي تعبد الله -عز وجل-، كل يوم يمر عليك يقربك من النهاية، لابد أن تستعد.

    سعادتك الحقيقية في دنياك وآخرتك إنما هي في تنفيذ ما خُلقتَ من أجله من العبودية لله تعالى وحده.

    أن تظل ساعاتك وأوقاتك وأنفاسك في طاعة الملك الجليل، احذر الغفلة لا تترك دنياك تأخذك.

    اشغل نفسك بما يصلح أمر آخرتك، استقم على طاعة الله عز وجل وعلى القيام بأمره.



    عن سفيان بن عبدالله الثقفي -رضي الله عنه-قال: قلتُ: يا رسولَ الله، قلْ لي في الإسلامِ قَولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدَك-

    وفى حديث أبى أسامة غيرك- قال: قلْ آمنْتُ بالله فاستَقِمْ

    وأصل الاستقامة استقامة القلب فإذا استقام القلب على توحيد الله استقامت الجوارح على طاعته، ألا تكفيك البشرى بالجنة عن الموت، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ فصلت (30).


    ألا يكفيك أن تعلم أن الاستقامة على دين الله سبب في سعة الرزق وتفريج الكربات وحفظ العبد،

    قال تعالى: ﴿ وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا ﴾ الجن (16).

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس - رضي الله عنه-: (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ).



    يجب أن يكون العبد مستمرًّا على طاعة الله، ثابتًا على شرعه، مستقيمًا على أمره،

    قال تعالى: ﴿ فَاستَقِم كَما أُمِرتَ وَمَن تابَ مَعَكَ ﴾ هود (113).

    لا تكن من هؤلاء القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان، لا يصلون ولا يصومون ولا ينفقون ولا يقرأون القرآن إلا في رمضان.

    فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان.

    أليس رب رمضان هو رب شوال وهو رب الشهور كلها؟ أليس قد أمرنا بعبادته في كل وقت وحين؟

    أليس واجب علينا أن نطيعه في كل لحظة وفي كل أوان وزمان؟



    إن من أعظم القربات والطاعات وأحب العمل إلى الله المداومة على الطاعات وإن قَلَّت، قال رسول الله صلى الله غليه وسلم:

    (سدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا، فإنَّه لا يُدخِلُ أحدًا الجنَّةَ عملُه. قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: ولا أنا، إلَّا أن يتغمَّدَني اللهُ بمغفرةٍ ورحمةٍ)].

    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    (قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا عبدَ اللهِ، لا تكنْ مثلَ فلانٍ، كان يقومُ الليلَ فتركَ قيامَ الليلِ)



    عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: (سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَ قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، كَيْفَ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنْ الْأَيَّامِ؟ قَالَتْ: لَا كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَسْتَطِيع)

    عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَة)

    كيف أثبت بعد رمضان؟؟!!

    1- اثبت على العبادة:

    الصلوات الخمس، صلاة الفجر، قيام الليل، استغفار السحر، الدعاء، صيام ستة أيام من شوال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صامَ رمضانَ. ثُمَّ أَتْبَعَهُ ستًّا مِنْ شوَّالٍ. كانَ كصيامِ الدَّهْرِ)
    ووجه كون صيام الست بعد رمضان كصيام الدهر هو أن الله عز وجل جعل الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان يضاعق بصيام عشر شهور، وصيام الستة بشهرين فصار المجموع اثني عشر شهرا عدة السنة كلها.

    صيام الإثنين و الخميس، وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صَومَ الاثْنَيْنِ وَالخَمِيس)

    ونصوم أيضا ثلاثة أيام من كل شهر (ثلاث عشر وأربع عشر وخمس عشر) وكذلك التسع من ذي الحجة ويوم عاشوراء ويوم عرفة.



    عبادتك بعد رمضان، صلاتك، صيامك، قراءتك للقرآن، استغفارك، دعاؤك...

    العبادة هي الهدف الذي خلقت من أجله، هي النجاة في الدنيا والآخرة، العمل الصالح نجاة في المحيا والممات وعند الحساب
    ، تعلم قصة الثلاثة الذين كانوا على سفر فآواهم المبيت إلى غار فنزلت صخرة من الجبل فسدت عليهم باب الغار،

    حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن نفس الموقف ولكن لم يكن أحد موجودًا في خارج الجبل حتى يزيح الصخرة عن هؤلاء الثلاثة، فتوجهوا إلى الله بالأعمال الصالحة التي عملوها ابتغاء مرضات الله، أحدهم توسل بِبِرِّهِ بوالديه، والآخر بأمانته، والثالث بعفته عن الحرام، وفي كل مرة تنزاح الصخرة حتى انفرجت تمامًا وفُتِح بابُ الغار وخرجوا ونجَّاهم الله.

    العمل الصالح قوته أكبر من إمكانيات دول، لسنا مقدِّرين العبادة قدرها وثمرتها في حياتنا ودنيانا وكذلك عند الممات، إذا مات العبد الصالح صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماوات، ما من ملك على باب من أبواب السموات إلا ضرع إلى الله أن تعرج روح هذا المؤمن من هذا الباب.


    وتحت التراب.

    ماذا تحت التراب لصاحب العمل الصالح؟

    تحت التراب روضة من رياض الجنة.

    ما الذي حول هذا التراب إلى روضة من رياض الجنة؟؟
    إنه العمل الصالح.


    عندما سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث)

    الشركيات والخرفات والاعتقادات الباطلة، ترك الصلاة، الظلم والبغي، العقوق، أكل الربا، شهادة الزرو، الكذب والفجور.

    تعلم لماذا زادت هذه المنكرات وقلت الخيرات؟؟ من الذي أغرى الناس بالفواحش وزين لهم المعاصي؟؟ إنهم شياطين الجن والإنس،
    قال تعالى: ﴿ وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يوحي بَعضُهُم إِلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ ﴾ الانعام (112).
    المسلسلات والأفلام التي تنشر الجريمة، سوء الخلق، العقوق.

    البرامج التي تروج للفواحش والقتل والاغتصاب بحجة أنها تعلِّم الناس.

    كيف انتشر الزواج العرفي بين الشباب؟ من الذي عرَّفهم به وأغراهم به؟

    ما الذي جعل الولد يتجرأ على والديه وعلى معلمه؟ مسرحية (مدرسة المشاغبين).

    دعاة النار أفسدوا أجيالا وأجيالا، نريد ألا نستجيب لدعاة النار.

    ابن عباس يسأله رجل: أفتني في الغناء حلال هو أم حرام؟ فقال بن عباس: لا أقول حلالا إلا ما أحل الله ولا أقول حراما إلا ما حرَّم الله لكن قل لي: إذا اجتمع الحق والباطل يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ قال الرجل: مع الباطل، فقال له بن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك.


    2- اثبت على كتاب الله بعد رمضان:

    قراءةً وفهمًا و عملا به، الصفحة بها كم حرف، والحرف بحسنة والحسنة بعشر أمثالها.

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ-رضي الله عنه- قَالَ رسول الله -صلى الله عليه و سلم-
    (: إنَّ هذا القرآنَ مَأْدُبَةُ اللهِ فتَعَلَّموا مَأْدُبَتَه ما استطعتم وإنَّ هذا القرآنَ هو حبلُ اللهِ وهو النورُ المبينُ والشفاءُ النافعُ عِصْمَةُ مَن تَمَسَّك به ونجاةُ مَن تَبِعَه لا يَعْوَجُّ فيُقَوَّمُ ولا يَزِيغُ فيُسْتَعْتَبُ ولا تَنْقَضِي عجائبُه ولا يَخْلَقُ عن كَثْرَةِ الرَّدِّ اتلُوه فإنَّ اللهَ يأجرُكم على تلاوتِه بكلِّ حرفٍ عَشْرُ حسناتٍ أَمَا إني لا أقول ب الم حَرْفٌ ولكن بالألفِ عَشْرًا وباللامِ عَشْرًا وبالميمِ عَشْرًا).

    إن أصفر البيوت البيت الذي ليس فسه شيء من القرآن، صفر في الخير، في البركة، في السعادة، في القرب من الله. أنت من غير القرآن صفر على الشمال، القرآن هو الذي يجعل لنا قيمة، لأننا بعدنا عن القرآن أصبحنا كغثاء السيل،

    3- اثبت على التوبة والاستغفار بعد رمضان:

    ابتعد عن المعاصي، العاصي غبي (يحب المعصية لكن الآخرة قادمة)، مثل إنسان اشترى سيارة جديدة غالية و جميلة، ركبها وهو فرح بها وفجأة وهو يمر بها على شريط السكة الحديد والقطار قادم توقفت السيارة، ماذا يفعل؟؟ ينزل ويجري ويترك السيارة أم يبقى فيها ويخسر حياته؟؟لازم تهرب من النار، اترك هوى نفسك حتى تنجو بها من الهلاك.

    كن عاقلا، لا تخسر حياتك في الآخرة من أجل دقائق معدودة في لذة محرمة فانية، لا يعقبها سعادة بل شقاء و ضيق في الدنيا وعذاب في القبر ونار وجحيم في الآخرة.

    كن عاقلا، احسبها بطريقة صحيحة، لا تضيِّع الآخرة.

    تفكر قليلا؛ العضو الذي تعصي الله به من الذي يغذيه ويحفظه ويرعاه؟؟ الله.

    فهو قادرٌ وأنت تنظر إلى الحرام أن يمنع القوت عن عينيك، تتوقف الدماء التي تغذيها فتعمى.



    قادر وأنت تسمع الحرام (الموسيقى والغناء كلمات الحب والغرام) أن يمنع القوت عن أذنيك فتصم ولا تسمع.

    قادر وأنت تسير إلى الحرام أن يمنع القوت والقوة عن رجليك فلا تستطيع أن تتحرك أو تتقدم خطوة واحدة.

    الله حليم يستر عليك ويرعاك ويعافيك وينجيك حتى وأنت تعصيه، سبحانه من رب كريم حليم يفرح بتوبتك إذا رجعت إليه.



    4- اثبت على الدعوة بعد رمضان:

    المنكرات في كل مكان، البلاء يصب على الناس صبا - لماذا؟؟!!

    كثرة المعاصى، قلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (السلبية) لو قلنا ذلك تعمنا العقوبة.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم)


    ماذا قدمنا للإسلام؟

    كم إنسان اهتدى على أيدينا، أم أنس لم تجد شيئا تقدمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت بابنها أنس، قالت:
    (يا رسول الله هذا ابني أنس يخدمك)، أعز ما تملك جعلته في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم.


    • أبو دجانة لما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في (أُحد) يتعرض للخطر تَرَّسَه بجسمه حتى صار جسمه كالقنفد (ظهره كله سهام) - فماذا فعلت أنت للدين؟؟

    • أم عمارة تلثمت ووقفت تدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد.

    • حنظلة بن عامر كان يوم أحد صبيحة عرسه، ترك عروسَه وذهب يقاتل في سبيل الله لأجل نصرة الدين.

    • مصعب لما تَقَطَّع يوم أُحد.

    • أبو بكر خرج من ماله أربع مرات.

    ماذا سنقول نحن؟ (ليس عندنا وقت نخدم الدين - مشغولين بالدنيا)

    لا أقول لك صلي وصُم واقرأ القرآن فحسب، بل أقول لك احمل هم الدين، ادعي غيرك إلى الله، غيَّر الواقع من حولك، لا تستبعد هداية أحد، ربعي ابن عامر لما دخل على رستم ملك الفرس فقال له: ما الذي جاء بكم؟؟

    قال: " ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد و من ضيق الدنيا إلى سعتها من جور الأديان إلى عدل الإسلام ".

    الدين هو حياتك لا يمكن أن تتخلي عنه لحظة، حياتك تكون بعد رمضان لله، مماتك لله، أحلامك، آمالك تكون وقف لله بعد رمضان، إنسان جديد ولدت من جديد، استشعر معنى السعادة، جنة الدنيا، عدِّل وجهتك، عدِّل هدفك.

    خرجت من رمضان لأي وجهة لأي هدف؟

    يكفي ما مضى من حياتك دون أن تحمل هم دينك، تدارك الأمر قبل فوات الأوان.

    الصحابي لما فاتته غزوة بدر قال:(لئن أدركت مشهدا آخر ليرين الله ما أصنع ليرين الله ما يرضى به عني).

    نريد أن نعود بعد رمضان كما كنا في رمضان فأكثر، لا موسمية في العبادة، نحن مع الله حتى آخر لحظة في حياتنا، حتى آخر نفس في صدورنا (رمضان نقطة بداية وليست نقطة نهاية).


    بعض الأسباب المعينة على الاستقامة بعد رمضان


    1) الدعاء: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.

    اللهم ما مُصَرِّف القلوب صَرِّفْ قلبي على طاعتك.

    يا رب أريد رضاك، أريد جنتك، أريد جوارك، لا تتركني لنفسي، لا تكلني لشيطاني، يا رب اهدني، ثبت قلبي، حسِّن عملي، طهِّر قلبي.

    2) الصحبة الصالحة: المرء على دين خليله، ابحث عمن يعينك على طاعة الله، إذا رأى منك معصية حذرك، وإذا رأى منك إقبالا على الله أعانك، الصحبة الطيبة تعين على طاعة الله والثبات عليها.



    3) طلب العلم: مجالس العلم، فالعلم فيه النجاة، فيه الحياة، علم الحلال والحرام، علم الشريعة، العقيدة، العبادة، المعاملات، الآداب، الأخلاق.



    4) تذكر دائما عداوة الشيطان لك وأنه يريد إغواءك لتكون من حزبه الهالكين الخاسرين،

    قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ فاطر (6)،

    تذكر أنه أخذ العهد على نفسه بذلك، قال تعالى: ﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ ص(82،83).



    5) تذكر دائمًا أن الدنيا مزرعةٌ للآخرة، وأننا سنعود إلى الله وتُوَفَّى كلُّ نفسٍ ما عملت،

    قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾ المؤمنون (115: 116).

    ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ البقرة (281).

    6) اعلم أن السعادة والنعيم إنما هو في القرب من الله، واتِّباع رضوانه، ستجد أثره؛ نور في قلبك، انشراح في صدرك، سعة في رزقك، تيسير في أمورك، بركة في أولادك، فلا تتحير كثيرا فالطريق واضح أمامك وما عليك إلا أن تسلكه، الباب مفتوح فادخل ولا تتردد، اسرع ولا تتأخر.
    لا تَقُلْ من أين أبدأ؟
    طاعةُ اللهِ البداية
    لا تقل أين طريقي؟
    شِرعة اللهِ الهداية
    لا تقل أين نعيمي؟
    جنةُ اللهِ كفاية
    لا تقل في الغد أبدأ؟
    ربما تأتي النهاية

    قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيرًا استعمَلَهُ قِيلَ: كيفَ يَستعمِلُهُ؟ قال: يُوفِّقُهُ لعملٍ صالِحٍ قبلَ الموْتِ ثمَّ يَقبِضُهُ عليهِ)


    • اللهم وفقنا للصالحات واختم لنا بالطاعات.

    • اللهم تب علينا توبة ترضى بها عنا، تنوِّر بها وجوهنا، تطهِّر بها قلوبنا، تُنَقِّ بها صحائفنا، تثبتنا بها على دينك.

    • اللهم افتح لنا أبواب طاعتك، وأبواب الدعوة إلى دينك.

    • اللهم إنا لا نطيعك إلا بعونك وإذنك اللهم مددك، اللهم عونك، اللهم لا حول ولا قوة إلا بك، اللهم إنا نستعين بك على أنفسنا.

    • اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، وأصلح لنا شأننا كله، عقيدتنا، عبادتنا، أخلاقنا، أولادنا، دنيانا، وآخرتنا.

    • اللهم ارض عنا وارزقنا شهادة في سبيلك وارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم في الجنة.

    اللهم آآآمين
    -----------------------------------------------
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    ::
    أحبكم في الله

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5202
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود وماذا بعد رمضان

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أبريل 23, 2023 9:58 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    والصلاة والسلام علي سيد ألإنام وحبيب الرحمن سيد ولد عنان عليه نزل القرآن فعلمنا الأحكام والبيان . سيدنا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم

    أياماً معدودات عشناها في طاعة الله عزوجل ، أحسسنا فيها بلذة القيام وجهد الصيام ، عجلنا فيها إلى الله عزوجل
    كان شعارنا فيها "
    وعجلت إليك رب لترضى
    "
    ، كان نشيدنا فيها "
    إني ذاهب إلى ربي سيهدين
    "
    ،
    وهكذا أيام رمضان تنتهي سريعاً لا يمر فيها يوم إلا تبعه أيام والسؤال : لماذا لا تكون السنة كلها رمضان ؟

    القرآن يحذر


    يقول الله تعالى : "
    ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم
    "
    [ النحل :92 ]

    يقول صاحب الظلال :
    فمثل الله من ينقض العهد مثل امراءة حمقاء ملتاثة ، ضعيفة العزم والرأي ، تفتل غزلها ثم تنقضه وتتركه مرة أخرى قطعاً منكوثة ومحلولة ! وكل جزئية من جزئيات التشبيه تشي بالتحقير والترزيل والتعجيب .
    وتشوه الأمر في النفوس وتقبحه في القلوب وهو المقصود . وما يرضى إنسان كريم لنفسه أن يكون مثله كمثل هذه المرأة الضعيفة الإرادة الملتاثة العقل ، التي تقضي حياتها فيما لا غناء فيه !

    ويحذرنا أيضاً بقوله :
    "
    ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين
    "
    [ الحج : 11 ]

    يقول صاحب الظلال :
    والتعبير القرآني يصوره في عبادته لله " على حرف " غير متمكن في العقيدة ، ولا متثبت في العبادة ، ويصوره في حركة جسدية متأرجحة قابلة للسقوط عند الدفعة الأولى .
    ومن ثم ينقلب على وجهه عند مس الفتنة ووقفته المتأرجحة تمهد من قبل لهذا الانقلاب .

    النبي صلى الله عليه وسلم يدعو
    دعانا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاستمرار علي الطاعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة ،
    ولما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها : هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص يوماً من القيام ؟ فقالت : لا ، كان عمله ديمة
    .

    فعلى خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم سر وكن على عمل دائم حتى ينتهي سباقك ويأتيك أجلك ،
    قال الحسن : "
    إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ، ثم قرأ
    "
    واعبد ربك حتى يأتيك اليقين
    " .

    بل إن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال أحاديثه يدعونا إلى المبادرة والمسارعة إلى الأعمال الصالحة
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
    بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ، ويمسي كافراً ، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا
    "
    . [ رواه مسلم ]

    يقول الإمام النووي :
    معنى الوصية : الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والانشغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم الليل المظلم لا المقمر ،
    وذكر النبي صلى الله عليه وسلم نوعاً من شدائد تلك الفتن ، ينقلب الإنسان هذا الانقلاب وهو أنه : يمسي مؤمناً ويصبح كافراً أو عكسه .

    وتلك الفتن قد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في وصية أخرى مفصلة فقال : "
    بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها أو الدخان أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم أو أمر العامة
    "
    . [ رواه مسلم ]

    والمقصود بخاصة أحدكم هو الموت ، والمقصود بأمر العامة هو يوم القيامة
    .

    ولنا في سلفنا الصالح القدوة
    فهاهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمنا بأن العاقل هو : من يحاسب نفسه ويقهرها حتى يصل إلى طاعة الله عزوجل قبل أن يقف في موقف الحساب يقول عمر رضي الله عنه :
    "
    حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر وأهون لحسابكم ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، وتجهزوا للعرض الأكبر
    "
    يومئذ ٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية
    "


    وعن حاتم الزاهد رحمه الله قال :
    "
    أربعة لا يعرف قدرها إلا أربعة : الشباب لا يعرف قدره إلا الشيوخ ، ولا يعرف قدر العافية إلا أهل البلاء ، ولا قدر الصحة إلا المرضى ، ولا قدر الحياة إلا الموتى ، والناس في هذه الدنيا وتجاه الأعمال الصالحة ثلاثة : رجل يشغله معاده عن معاشه ، ورجل يشغله معاشه عن معاده ، ورجل يشتغل بهما جميعاً فالأول درجة الفائزين والثاني درجة الهالكين والثالث درجة المخاطرين
    "
    .

    سئل الإمام الشبلي : أيهما أفضل رجب أم شعبان ؟ فقال : "
    كن ربانياً ولا تكن شعبانياً
    "


    بهذه الكلمة يقرع بها أسماع من عبد الله على حرف فعرفه في شعبان ونساه طوال العام ، وسالت دموعه في رمضان وقحطت في غير رمضان .

    ولما قيل لبشر بن الحارث الحافي إن قوماً يتعبدون ويجتهدون فقال : بئس القوم لا يعرفون الله حقاً إلا في شهر رمضان ، ويضع النقاط على الحروف فيقول : "
    إن الصالح الذي يعبد ويجتهد السنة كلها
    " .


    فأين هؤلاء الحمقى من قوم كان الدهر كله رمضان ؟ ليلهم قيام ونهارهم صيام فكان هؤلاء يحافظون على أوقاتهم ويعدوه هو حياتهم كما قال الإمام البنا رحمه الله : "
    الوقت هو الحياة
    "
    .

    ومن هذه الأمثلة أيضاً الجارية التي باعها سيدها فلما قرب شهر رمضان رأتهم يتأهبون له بما لذ وطاب من الطعام والشراب فسألتهم فقالوا : نتهيأ لصيام رمضان ، فقالت :
    وأنتم لا تصومون إلا رمضان ؟!! لقد كنت عند قوم كان كل زمانهم رمضان ... ردُّني عليهم
    .


    وباع عبد لله الحسن بن صالح جارية له ، فلما انتصف الليل قامت فنادت :
    يا أهل الديار ... الصلاة ... الصلاة قالوا : أطلع الفجر ؟ قالت : وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة ؟!! ثم جاءت الحسن وقالت : لقد بعتني لقوم سوء لا يصلون إلا المكتوبة ردني . ردني
    .

    -----------------------------------------------
    لا تنسونا من صالح دعائكم

    صادق النور يعجبه هذا الموضوع


      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 5:14 pm