آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110أمس في 10:55 pm من طرف صادق النور

» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110أمس في 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد

» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد

» هل القرآن مدلول كلام الله؟!
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الجمعة مايو 10, 2024 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد

» إيضاح حركى لمناسك الحج وشرح جميع المناسك
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الخميس مايو 09, 2024 7:57 pm من طرف صادق النور

» النذر لغير الله شرك أكبر
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الخميس مايو 09, 2024 3:57 pm من طرف عبدالله الآحد

» الجواب عن شبهة أن أهل السنة ينزلون آيات الكفار عن المسلمين
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الأربعاء مايو 08, 2024 4:55 pm من طرف عبدالله الآحد

» عقيدة أهل السنة في كلام الله عز وجل
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الثلاثاء مايو 07, 2024 5:10 pm من طرف عبدالله الآحد

» فَضْلَ صِلَةِ الأَرْحَامِ -* - * كَيْفَ تَصِل رَحِمَك .
خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooou110الإثنين مايو 06, 2024 10:13 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

خطوره الـكـلـمـه  وأثرها علي ألأنسان المسلم Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 25 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 25 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9680 مساهمة في هذا المنتدى في 3208 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة ديسمبر 24, 2021 10:27 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلاة دائمه كامله علي الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم وعلي آله وصحبه وسلم

    الحمد لله ربّ العالمين، الحمد الله الذي أنعم علينا بالإسلام، وجعلنا من أمّة خير الأنام، الحمد لله الذي أكرمنا فأحسن الإكرام


    خطورة الكلمه وأثرها علي ألإنسان المسلم

    الكلمة
    بضع أحرف تخرج من فم الإنسان ثم تكتب عليه رحلة المعالي بكامل فصولها ، أو تدوّن في حياته أقسى لحظات عمره على الإطلاق .
    الإنسان فصول من التحدي والعنف والقوة والجبروت ، وكلمة واحدة تخرج من فمه تملكه طول أيام عمره كلها حتى يجد الخلاص منها .
    وأكبر دليل على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخل دين الله تعالى الإسلام بكلمة ، ويخرج من دائرته مع سعتها بكلمة ، ويبنى بيتاً وأسرة ومجتمعاً بكلمة ، ويشل بناء بيت ويفرّق جمع أسرة بكلمة ، ويعانق الإنسان الجنة بكلمة ، ويسقط في حضيض النار بكلمة .
    فما يُميّز الإنسان عن باقي المخلوقات على وجه الأرض هو الكلام والعقل. -
    فالقرآن وهو كلام الله الذي تكلم به حقيقة، وأنزله على عباده ليخرجهم من الظلمات إلى النُّور. -
    ودعوة الأنبياء والرسل تكمن في كلمة! وهي كلمة التوحيد. -
    والدعوة إلى الله بكلمة. -
    ورتّب الله الثواب أو العقاب على كلمة. -
    ويدخل الإنسان في الإسلام بكلمة التوحيد، أو يخرج من الملّة بكلمة الكفر. -
    ويأمن الإنسان في قبره إذا أجاب على الملكين بكلمة، أو يشقى إن لم يَقل الكلمة! -
    وأمرْ الله يكمن في كلمة: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة من الآية:117]. -
    ويتم الزواج بكلمة، أو يتم الطلاق بكلمة. -
    وذِكرُ الله بكلمة، وصَرْف الشيطان بكلمة.
    وكم من كلمة أشعلت نيران الحروبِ أو أدّت إلى السلام..!
    وكم من كلمة خربت بيوت أو ألّفت بينها..!
    وكم من كلمة غيّرت مسار حياة إنسان إلى النقيض..!
    وكم من كلمة قد يندمُ الإنسان عليها الباقي من عمره!
    وقد كان النبي الحبيب صلى الله عليه وسلّم دائم التعوّذ من شر اللسان.. واللسان إما أن يقول كلمة الخير من: قول معروف، وذكر، واستغفار، وتشميت عاطس، وشهادة حق.
    قال تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 24- 27].

    قال صل الله عليه وسلم (إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً من رضوان الله يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم) (رواه البخاري ومسلم)

    إن الله تعالى عرض علينا الأمانة بعدما عرضها علي السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها فقال تعالي﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]

    لذلك لا بد أن نعلم أن مفهوم الأمانة في الإسلام مفهوم عام شامل لأقوال العبد وأعماله، فكما أنه محاسب على أعماله، مُؤتَمَنٌ عليها؛ فهو محاسب على الأقوال، ومُؤتَمَن عليها.

    فالكلمة أمانة، فإمَّا أن تؤدي كلمة صادقة نافعة مفيدة، فتكتسب بها أجرًا وثوابًا، وإما كلمة سيئة، وكلمة خبيثة، وكلمة تدعو إلى باطل، وتؤيد الشرَّ والفساد؛ فتلك كلمة تُحاسَب عليها.
    فاسمع إذًا فضل الكَلِم الطيِّب، قال صل الله عليه وسلم: (كلمتان خفيفتان على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) أخرجه البخاري

    كم تتكلّم في حياتك بكلمات؟ هذه الكلمات ستكون عليك في دنياك وآخرتك، وسيخفُّ بها ميزان أعمالك، فأنت محاسَب على الأقوال؛ كما أنت محاسب على الأعمال؛ بل الأقوال أشدّ، فكم من مُسيطِر على نفسه في أعمال جوارحه، لكنَّه أمام لفَظَات اللسان عاجز، يُطلِق للسانه العِنان ليقول ما يشاء؛ فتعظم الأوزار والآثام.

    الوقوف مع نعمة البيان:-

    نقف أمام عضوٍ خلقه الله، فجعل خلقته دليلاً على وحدانيته.. عضوٌ صغيرٌ، ولكنه جليلٌ وخطيرٌ يقود إلى الروح والريحان وعظيم درجات الجنان.. عضوٌ صغير إذا لم يتق العبد فيه ربه هوى، وضل عن سبيل ربه وغوى، إنه اللسان الذي إذا نظرت إليه حارك صنعه، ووقفت أمام بديع صنع الله في خلقته، ولئن سمعت أصواته وأنصت إلى عباراته بهرتك تلك الأصوات وتلك العبارات.

    خلق الله اللسان لكل ناطقٍ من الحيوان، وجعل لكل حيوانٍ لغته، ولكل حيوانٍ منطقه، فعلم جل جلاله وتقدست أسماؤه كلمات النمل في ظلمات الليل وضياء النهار، وسمع أصواتها، وعلم لغاتها، وقضى حوائجها جل جلاله وتقدست أسماؤه. تقف أمام هذا العضو الصغير، فيستهويك ما فيه من دلائل عظمة الله وشواهد وحدانيته، فلئن أصبحت وسمعت أصوات الطيور،
    فقل: سبحان الله! ولكل حيوانٍ لغته، ولكل مخلوقٍ عبارته ولهجته، ومع هذا كله لا يختلف عليه صوت من صوت، ولا تشكل عليه عبارة من عبارة، فكلها وسعها سمع الله، وكلها في علم الله عز وجل!
    يقف الإنسان حائراً أمام هذا اللسان الذي أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه المبين أنه دليلٌ على وحدانية الله رب العالمين، آية آية..
    وما أكثرها! يقول جل جلاله في كتابه محركاً القلوب للتفكر والاعتبار بهذه الآية من آياته: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم: 22]. وقال تعالى ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [البلد: 8 - 10].

    ومن آياته التي دلت على وحدانيته وعظمته وألوهيته وربوبيته اختلاف ألسنتكم وألوانكم، خلق الإنسان، وجعل له هذا اللسان لكي يعبر عما في القلب من أشجانٍ وأحزانٍ، لكي يعبر عما في الجنان من أفراح وأتراح..

    خلق هذا اللسان وخلق صاحبه على صفاتٍ لا يعلمها إلا هو جل جلاله.
    نثر الناس من بني آدم في مشارق الأرض ومغاربها، وجعل لكل قومٍ لسانهم، ولكل أمة لهجتهم، فوقف أمام تلك اللهجات وتلك اللغات علماء اللغات فحيرتهم، ووقفوا أمامها حيارى من عظيم صنع الله جل جلاله!
    حتى إن اللغة الواحدة كلغة العرب - مثلاً- كم فيها من لهجات.. قد تفرقت قبائلهم، فأصبحت لكل قبيلةٍ لهجتها، يشب عليها الصغير ويشيب عليها الكبير، فلا إله إلا الله العليم الخبير!

    هذا اللسان ما خلقه الله عبثاً.

    هذا اللسان أمره عظيمٌ عند الله الواحد الديان! إنه طريقٌ إلى روح وريحان، أو إلى دركات الجحيم والنيران.

    هذا اللسان الذي إذا استقام لله جل وعلا استقامت من بعده جوارح الإنسان.

    هذا اللسان الذي إذا حركه قلبٌ يخاف الله ويخشاه لم تسمع منه إلا طيباً.

    هذا اللسان الذي إذا أُطلق له العنان هوى صاحبه في دركات الجحيم والنيران.

    ولقد وصَّى الله جل وعلا عباده المؤمنين بأن يتقوه -سبحانه وتعالى- في هذا العضو، وأن ينظر الإنسان إلى نعمة الله جل وعلا يوم أنطقه، فيستحي من الله أن يسمع منه كلمةً لا ترضيه، ويستحي يوم ينظر إلى الأخرس الذي لا يستطيع أن يعبر عن أشجانه وأحزانه، بينما تفضل الله عليه وأكرمه فأنطق لسانه وأفصح بيانه، فيستحي الإنسان من الله جل وعلا يتقي الله في اللسان.
    ولذلك وصَّى الله عز وجل عباده المؤمنين أن يتقوه فيما تنطق به الألسنة فقال جل وعلا في كتابه المبين آمراً عباده المؤمنين، وواعداً لهم بعظيم ما يكون من الخير في الدنيا والآخرة إذا اتقوا الله في اللسان: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
    من اتقى الله في لسانه، فإن الله وعده أن يصلح حاله، وأن يحسن عاقبته ومآله، وأنه يفوز فوزاً عظيماً.



    ا قيمة الكلمة:-

    الكلمة خفيفة على اللسان، سهلة النطق والجريان، ولكن لها قيمة في نظر العقلاء وفي نظر الشارع الحكيم.

    أما عند العقلاء: فيقول أكثم بن صيفي: «رب قول أشد من صول».

    ويقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «من كثر كلامه كثر سقطه» وحسبك به حاكماً ودليلاً - فإننا نجد في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة نصوصاً كثيرة تُؤكّد على قيمة الكلمة وتُنوّه بشأنها وعظيم خطرها.

    ومن ذلك قول الله عز وجل: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

    وقال تعالي: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾ [النور: 24، 25].

    وقول? تعالى في الكلمة الطيبة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}

    [إبراهيم:24]. وقوله تعالى في الكلمة الخبيثة: {مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} [إبراهيم:26].

    يقول الله تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 24، 25].
    والكلمة في الإسلام ليست حركات يؤديها المرء دون شعور يتبعها بل إن الانضباط في الكلمة سمة من سمات المؤمنين الصادقين، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 3].

    ويظهر لنا قيمة الكلمة من خلال هذه النقاط:-

    آثار الكلمة الخبيثة على صاحبها والمجتمع:

    إن قيمة الإنسان الحقيقة في إعراضه عن الكلمات الخبيثة، قال جلّ وعزّ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 1 - 3]، ولذا فإنّ العقوبة قد غُلِّظت، وكذا النتيجة بالنسبة للكلمة الخبيثة، ومن بين آثارها ما يأتي:

    الكلمة الخبيثة سبب لدخول النار: «

    إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ» [رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة].
    وهي سبب لسُخط رب العالمين على خبيث القول والكلمة: «وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» [رواه البخاري من حديث أبي هريرة].

    وقد تحبط العمل الصالح: فعَنْ جُنْدَبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، حَدَّثَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ، أَوْ كَمَا قَالَ» [رواه مسلم في صحيحه]. فها هي كلمة أحبطت كلّ عمله الصالِح، ونال بسببها النار، وفي المقابل: العبد ضعيف العمل الصالح نال مغفرة الرحيم الرحمن.
    وقد علّق أبو هريرة رضي الله عنه على هذا الحديث، فقال: والله لقد تكلّم بكلمة أوبقت –أهلكت- دنياه وآخرته..
    وهي هلاكٌ للفرد وغيره ممن يؤثّر فيهم بكلماته الخبيثة، وهذا الهلاك محقق
    لقول النبي المصطفى: «إذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ» [رواه مسلم من حديث أبي هريرة]. وما قصّة قاتل التسعة وتسعين نفس عن ببعيد، وبيان ما صنعه هذا القاتل بمن أغلق باب التوبة في وجهه (لا توبة لك).

    1- أن الكلمة وسيلة البيان.

    2- إنها وسيلة للإثبات والاعتراف: فحينما يريد الإنسان أن يثبت شيئاً مادياً أو معنوياً فهو بحاجة إلى الكلمة.

    3- أنها وسيلة للنفي والإنكار:

    • فإذا نُسب إلى الإنسان شيء ولم يعترف به، فوسيلته للنفي الحقيقي هي الكلمة.

    • وإذا أراد تغيير المنكر وإزالته، فوسيلته القريبة والميسرة هي الكلمة أو القول.

    قال الله عز وجل: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79].

    وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ). رواه مسلم.

    4-الكلمة هي البريد إلى القلب والعقل، وسبيل الوصول إلى الإقناع والتفاهم.

    فالكلام أسيرك.. فإذا خرج من فيك صرت أنت اسيره..
    وإذا أردت أن تستدل على مافي القلب فاستدل عليه بحركة اللسان فانه يطلعك على مافي القلب شاء صاحبه أم آبى..
    قال يحي بن معاذ: " القلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها فانظر إلى الرجل حين يتكلم فان لسانه يغترف لك مما في قلبه حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ويبين لك طعم قلبه اغتراف لسانه "...

    5- الكلمة السبيل لإعلاء كلمة الحق وهي السبيل لرد الباطل.

    6- الكلمة السبيل لكسب القلوب.

    7- الكلمة هي السبيل للدفاع عن النفس.



    : جهاد الكلمة:-

    إن الحرب الآن حربٌ كلامية؛ مقروءة، ومسموعة، ومرئية، ومرسومة، فواجب على أهل الحق بعدما تحرك أهل الباطل لباطلهم أن يتحركوا جميعاً لدين الله جل وعلا، إن الكلمة الصادقة هي السيف الذي يُجاهد به المسلم، فبها تقوم الحجة، وبها يرتّد الباطل على أدباره منهزماً، وبها تنجذب القلوب، وبها يرضى العاقل.

    ومتى أحيطت الكلمة بسياج العقل والشرع فإنها تفعل فعل السحر، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن من البيان لسحراً»[رواه البخاري في صحيحه]. ولكي تؤتي الكلمة ثمرتها لابد أن تكون سامية وصادقة تخرج من القلب، وتوضع من مكانها المناسب كما أن الطبيب يضع الدواء حيث يجد الداء، وأن تكون رقيقة
    قال الله عز وجل لنبيه موسى وأخيه هارون عليهما السلام حينما أرسلهما إلى فرعون: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44]

    وامتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم باللين، فجعله خلقاً فيه، قال سبحانه: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159].

    فإذا كانت الكلمة لينة رقيقة ورافقها لين في التعامل، فإنها تلامس الوجدان وتهزّ المشاعر، وتنفذ إلى القلب والعقل.

    ومن ذلك قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فانتهره الناس فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوه، ثم دعا بذنوب من ماء وأهريق على بوله، ثم دعا الأعرابي فعلمه برفق، قال الأعرابي بعد أن فقه: فقام إليّ بأبي وأمي فلم يُؤنّب ولم يسبّ فقال: «إنَّ هذا المسجد لا يُبال فيه وإنما بني لذكر الله وللصلاة».
    فلا حجْر على سعة رحمة الله، فكم من بلد فُتحت بالقرآن، وما فُتحت المدينة المنورة ودول جنوب شرق آسيا، وكثير من دول إفريقيا.. إلاَّ بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، وقد أسلم معظم أهل المدينة على يد مصعب بن عمير المقرئ رضي الله عنه، ثم كانت بيعة العقبة المباركة، وتبعها هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام للمدينة التي فتحت قلبها قبل أبوابها لدين الله.

    وقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يربي الرجال الذين أسلموا تربية خاصة في دار الأرقم بن أبي الأرقم، فكانت حياته صلى الله عليه وسلم في نشر دعوة التوحيد وتربية الناس على معاني الإيمان في مكة من أعلى صور الجهاد في سبيل الله، ونزل بشأنها: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

    ولم يكن يومئذ جهاد بالسيف، وقد قام الأفاضل بهذا الجهاد خير قيام وصدعوا بكلمة الحق غير هيابين لما أصابهم في سبيل الله.
    فبعد ما أسلم أبو ذر رضي الله عنه قام يُعلن إسلامه وينطق بالشهادتين، فانهال المشركون عليه ضربًا.
    وكذلك قام ابن مسعود رضي الله عنه يتلو على المشركين آيات من كتاب الله، فكادوا يقتلونه، ولما تخوف عليه أصحابه، قال: لو شئتم لعاجلتهم بها من الغد.
    وكان بلال رضي الله عنه يردد: «أحد أحد» وهم يخرجون به في رمضاء مكة ويضعون عليه كتل الصخر في حر الظهيرة.
    وقُتلت سُميّة وزوجها ياسر وابنها عمار لنطقهم بهذه الكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.
    وكان خباب بن الأرت من أوائل من أسلم، وكانت سيدته أم تميم تسخن كتل الحديد حتى تحمر، ثم تضعها على رأسه حتّى يتلوى من الألم رجاء أن يكفر، ولما ذهب يومًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ والنبي متوسد بردة في ظل الكعبة، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم وقال: «كان من منكم من قبل، كان يؤتى بالرجل ويُحفر له في الأرض، ويُؤتى بالمنشار، فيوضع فوق رأسه ما يصرفه ذلك عن دينه أبدًا، وكان يمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه ما يصرفه ذلك عن دينه أبدًا، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضر موت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه».
    كل هذا وغيره يدل دلالة قاطعة على أنّ جهاد الكلمة قد يكلف الكثير من التضحيات.

    ومن صور الجهاد بالكلمة:ـ

    • جهاد غلام أصحاب الأخدود مع الطاغية الظالم واستدراجه لأن يقول: بسم الله رب الغلام، ووقوع السهم في صدغ الغلام ونطق الناس جميعًا: «آمنّا بالله رب الغلام» ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8].

    • جهاد مؤمن آل فرعون: ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ﴾ [غافر: 28، 29]، ومحاولتهم قتله ﴿ فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45].

    • جهاد مؤمن آل يس ودعوته لقومه:ــ وهي من أروع صور جهاد الكلمة عندما قال لقومه: ﴿ وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ * إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس: 20 - 27]، أخذوه فقتلوه، فنصحهم ميتًا كما نصحهم حيًا.

    ومازال العلماء والدعاة إلى الله يُقتَلون ويُعَذَّبون ويُسجنون ويُشردون لنفس التهمة، وهي تهمة تعبيد الدنيا بدين الله، إنها نفس تهمة الأنبياء والمرسلين، حين قالوا لقومهم: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [المؤمنون: 23]، فقامت الدنيا ولم تقعد، واستمر دعاة الحق في ممارسة جهاد الكملة غير وجلين ولا مبالين بما يصيبهم من أذى في سبيل هذه المهمة العظيمة، ولسان حالهم ينطق تهمة لا ننفيها وشرف لا ندّعيه، فالمهم أن يرضى عنهم ربهم، وأن يدخلهم سبحانه برحمته في عباده الصالحين، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ * وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 13 - 15].

    والكلمة في موطنها ومكانها قد تكون أوقع وأمضى من ضربات السيوف، ففي الحديث «سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاهُ في ذات الله فقتله» رواه الحاكم - وصححه.

    وقال صلي الله عليه وسلم «ما من نبيّ بعثه الله إلاَّ كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بهديه، ثم إنه يتخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يُؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان» رواه مسلم.

    وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) رواه أحمد والنسائي.
    فسمى النّبيُّ صلى الله عليه وسلم الدعوة وبيان الحق جهادًا.
    لقد عزّت وندرت الكلمات الطيبة التي تبنى، وكثرت الكلمات القبيحة والخبيثة التي تهدم، كلمات من سخط الله تراها في الإعلام والتعليم، في الثقافة والفن.. هي أشبه بالطوفان الذي يدمر البلاد والعباد، فلا أقل من غِيرَةٍ إذا انتهكت محارم الله، وشفقة ورحمة من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله، لابد من جهاد كبير في إبلاغ الحق للخلق لِيَهْلَكَ من هَلَكَ عن بينة ويَحْيَى من حيَّي عن بيّنة، لا تبخل بكلمة تبصر بها بتوحيد الله جل وعلا ومتابعة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، كلمة تزكو بها النفوس عساها يُنادى بها على أبواب الجنة وتقول الملائكة لأصحابها ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].

    أمانة الكلمة:-

    فالكلمة إذن ليست شيئاً يمكن أن يُلفظ فيُهمل، أو يُودع في عالم النسيان، كلا، بل هي ذات شأن جليل، سلب، أو إيجاب، ولها تبعة دنيوية وأخروية، فإنها مسجلة ومكتوبة لن تضيع أبدا.
    فالكلمة أمانة ضخمة في دين الله تعالى وأننا مسئولون بين يدي الله عن هذه الأمانة العظيمة، فليتق الله كل منا ولنعلم أن كل كلمة نتلفظ بها قد سُطِّرت علينا ﴿ عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ﴾ [طه: 52].
    يقول الله جل وعلا ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 18].

    وقال جل وعلا: ﴿ وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَاً يَلْقَاهُ مَنشُورَاً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبَاً ﴾ الإسراء. وقال تعالى ﴿ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11].

    وقال جل وعلا: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولَاً ﴾ [الإسراء: 36].
    ولعظم الأمانة أوصي النبي صلي الله عليه بالحفاظ عليها فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال رسول الله عليه وسلم يا معاذ: (ألا أخبرك برأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه؟ قال: بلى يا رسول الله! قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قال: بلى يا رسول الله! فأخذ رسولُ الله بلسانه، ثم قال: كُفَّ عليك هذا. فقال معاذ: أوَإنا مؤاخذون بما تتكلم به ألسنتنا؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكُبُّ الناسَ في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائدُ ألسنتهم؟!).رواه الترمذي.
    وقال صلي الله عليه وسلم (إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة -مِنْ رضوان الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها في الجنة، وإن العبد ليتكلم بالكلمة -من سَخَط الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يهوي بها في جهنم)) [أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح، والترمذي في سننه، ومالك في الموطأ].
    وعن سهل بن سعد الساعدي ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة))رواه البخاري.

    ولعظم أمانة الكلمة بين النبي صلي الله عليه وسلم أنها من صفات المسلم الحق فقال صلي الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" ) متفق عليه.
    ولمجرد إشارة من أمنا السيدة عائشة أم المؤمنين، ذكرت فيها أختها صفية ضرتها، قالت: (قصيرة فقط، ما قالت فوق ذلك فقال عليه الصلاة والسلام: يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بمياه البحر لأفسدته) رواه أبو داود.
    واعتبر الإسلام الكلمة الزور من أكبر الكبائر لأن خطرها عظيم فقال صلي الله عليه وسلم"ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله وعقوق الوالدين، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وقول الزور) رواه البخاري.

    ويأتي الإنسان مفلس يوم القيامة بسبب كلامه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ((أتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المفلس الذي لا درهم له ولا دينار، قال: لا، المفلس من أتى بصلاة، وصيام –ونحن في الصيام- وصدقة، يأتي وقد شتم هذا، وسب هذا، وأخذ مال هذا، وضرب هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته، طرحوا عليه سيئاتهم، حتى يُطرح في النار)) رواه مسلم والترمذي.

    ولقد حاسب الله تعالى المؤمنين حنين لمجرد كلمة قيلت ماذا قالوا؟. كلمة قالوا؛ صحابة كرام، وفيهم النبي العظيم، وجاهدوا معه في بدر، وأحد، والخندق، وبذلوا أموالهم، ودماءهم في سبيل الله، وجاهدوا في الله حق جهاده، وهم نخبة المجتمعات البشرية، ومع كل هذه الميزات، قالوا كلمة. قال: لن نغلب من قلة. نحن كثر. قال: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25] درس.
    إذا الله عز وجل ما سامح الصحابة، وفيهم رسول الله، فكيف يكون حالنا نحن؟.
    ونهي عن الثرثرة في الكلام والتكلم فيما لا يعني فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال)). رواه البخاري.

    وقال تعالى ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [ الإسراء:35].
    ويقول ابن عباس رضي الله عنهما: لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه فضل ولا آمن عليك الزور ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعا فرب متكلم في أمر يعنيه قد وضعه في غير موضعه فأعنته.

    وقال الإِمامُ الشافعيُّ رحمه اللّه لصاحبه الرَّبِيع: يا ربيعُ! لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا تكلَّمتَ بالكلمة ملكتكَ ولم تملكها.
    ودخلوا على أبي دجانة رضي الله عنه وهو مريض فكان وجهه يتهلل فقيل له: ما بال وجهك يتهلل يرحمك الله؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني وكان قلبي للمسلمين سليما ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35].

    فبكلمة تُشْعَل نار الفتن والحروب! وبكلمة خُرِّبت البيوت، وتألمت القلوب، وبكت العيون!

    بكلمة سُطِّرت في تقريرٍ أسود مِن رجل لا يتقي الله ولا يعبد إلا كرسياً زائلاً ولا يعبد إلا منصباً فانياً خُرِّبت البيوت، وجُرِّحت القلوب، وبكت العيون، وتألمت النفوس
    وبكلمة فُرِّق بين زوجين، وبكلمة فُرِّق بين الأخ وأخيه، وبين الوالد وولده، وبين الولد ووالده!

    كل ذلك بسبب كلمة

    ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر ومن النظر المحرم وغير ذلك ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه؟!!

    خطورة الكلمة:-

    فالكلمة سلاح خطير، وهي سلاحٌ ذو حدَّين، إما أن يؤدي إلى البناء والإعمار، وإما أن يؤدي إلى الهدم والخراب؛ ذلك لأن الكلمة هي التي تشكِّل التصوُّر، وتوجِّه الفكر، وتحرِّك الوجدان، ومن ثمَّ تحدِّد الموقفَ وتدفع إلى السلوك، فإن كانت الكلمة صادقةً أمينةً صالحةً أدَّت إلى الخير والبناء، وإن كانت كاذبةً باطلةً فاسدةً قادت إلى الشرِّ والدمار.

    فهذه بعض الأمثلة علي خطورة الكلمة من القرآن الكريم:

    * حديث الإفك:-

    إذا أردتَ أن تتعرف على خطورة الكلمة بحق فاعلم أنه بسبب كلمات قليلة كاذبة طيَّرها رأس النفاق (ابن سلول)، وتلقفتها أبواق الدعاية، وعصابات الإرجاف والنفاق، تطايرت هذه الكلمات لتنال من أشرف وأطهر عرض، ألا وهو عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    ففي الصحيحين من حديث عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أراد أن يخرج في سفر أقرع بين نسائه، فأيتهن وقع سهمها خرجت معه)، وفي غزوة بني المصطلق ضرب النبي القرعة بين نسائه فوقع السهم على عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فخرجت عائشة مع الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    تقول عائشة: (وكنت أُحْمَل في هودجي، وأُنْزَل فيه، وكان هذا بعد نزول آية الحجاب ). والهودج هو: محملٌ أو رحلٌ يوضع على ظهر البعير لتركب فيه المرأة؛ ليكون ستراً لها، فكانت عائشة بعد نزول الحجاب تركب في هذا الهودج، ويُنْزَل هذا الهودج وهي فيه.
    فلما انتهى رسول الله من غزوِه وقَفَل -أي: عاد-، وقرب من المدينة، وقف الجيش في مكان، وأرادت هذه الزهرة التي نشأت في بستان الحياء أن تقضي حاجتها، فانطلقت عائشة بعيداً عن أعين الجيش لقضاء حاجتها، فلما عادت إلى هودجها ومكانها التمست صدرها فلم تجد عقدها، فعادت لتبحث عن عقدها في موضع قضاء شأنها، فأخرها البحث، فعادت مرة أخرى فلم تجد بموضع الجيش من داعٍ ولا مجيب! فجلست عائشة رضي الله عنها في موضعها، فغلبتها عينها فنامت، وهي تعتقد أن القوم إذا فقدوها سيرجعون إليها مرةً أخرى، وكان من وراء الجيش صفوان بن المعطل السلمي رضوان الله عليه، فاقترب صفوان فرأى سواد إنسان نائم، فعرفها فقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون)؛ عائشة وقد كان يراها قبل نزول آية الحجاب.

    تقول عائشة: (فاستيقظتُ من نومي على استرجاعه -أي: على قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون- فأناخ راحلته فركبتُها، ووالله! ما سمعت منه كلمةً غير استرجاعه، ثم انطلق يقود بي الراحلة، فأدركنا الجيش وقد نزلوا موغلين في نحر الظهيرة أي: في وقت شدة الحر- فهلك في شأني مَن هلك، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ابن سلول.

    وفي بعض الروايات في غير الصحيحين: قال المنافق الخبيث: من هذه؟ قالوا: عائشة. قال: ومن هذا؟ قالوا: صفوان. فقال الخبيث المجرم وما أكثرهم اليوم زوج نبيكم تبيت مع رجل حتى الصباح، ثم جاء يقودها؟!

    والله! ما نجت منه، وما نجا منها! فقال قولة عفنة خبيثة شريرة، وتلقفت هذه الكلمات أبواق الدعاية وعصابات الإرجاف والنفاق، وانطلق المنافقون والمرجفون يرددون هذه الكلمات؛ لتنال من عرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. رُحماك.. رحماك يا ألله! رسول الله يُتَّهم في عرضه وهو الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين؟! رسول الله يُتَّهم في صيانة حرمته وهو القائم على صيانة الحرمات في أمته؟!

    وهاهي عائشة رضوان الله عليها تلكم الزهرة التي تفتحت في حقل الإسلام، وسُقيت بمداد الوحي على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ تُرمى في أشرف وأعز ما تعتز به كل فتاة شريفة..

    وهذا هو صديق الأمة الأكبر، ذلكم الرجل الرقيق الوديع الحليم الذي بذل ماله وروحه، بل وبذل أولاده لدين الله؛ يُتَّهم بهذا الاتهام الخطير المريبإنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه..
    وهذا هو صفوان بن المعطل يُتَّهم في عقيدته وفي دينه يوم أن يُرمى بخيانة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم!

    تقول عائشة رضوان الله عليها: (فلما عدنا إلى المدينة مرضت شهراً كاملاً، وأنا لا أعلم شيئاً عن قول أهل الإفك، إلا أنه يريبني أني لا أرى من رسول الله اللطف الذي كنتُ أرى حينما أشتكي، بل كان يدخل رسول الله عليّ ويقول: (كيف تيكم؟! ثم ينصرف) فخرجت ذات يوم لقضاء حاجتها مع أم مسطح، فأخبرتها بقول أهل الإفك، فازدادت مرضاً على مرضها، فعاد إليها الرسول يوماً فقالت: أتأذن لي يا رسول الله أن أذهب إلى أبَوَي؟ تقول: وأنا أريد أن أتحقق الخبر من قبلهما، فأذن لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
    وبعد ذلك ذهب رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً لزيارة عائشة، فسلم وجلس إلى جوارها، وكانت امرأةٌ من الأنصار قد جلست إلى جوارها تبكي لبكائها، فتشهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمد الله وأثنى عليه، ثم نظر إلى عائشة وقال: (يا عائشة! إنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنتِ بريئة فسيبرئك الله عزَّ وجل، وإن كنتِ قد ألممتِ بذنبٍ فاستغفري الله، وتوبي إليه، فإن العبد إذا أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله تاب الله عليه).

    لا إله إلا الله! كلمات تهدهد الحجارة، وتفتت الكبد! عائشة تسمع هذا من رسولها ومن حبيبها وزوجها صلى الله عليه وآله وسلم!

    فلما سمعت عائشة هذه الكلمات جف الدمع في مقلتيها، ونظرت إلى أبيها صديق الأمة الأكبر وهي تريد أن يرد أبوها عنها هذا الاتهام، وهذه الكلمات المزلزلة فقالت: (يا أبت! أجب عني رسول الله، فنظر إليها الصديق الذي هدهد الألم قلبه، وعصر الإفك فؤاده- نظر إليها نظرة استعطاف وهو يقول: (والله! يا ابنتي! ما أجد ما أقوله لرسول الله) فنظرت البنت المسكينة إلى أمها وقالت: (يا أماه! أجيبي عني رسول الله) فقالت الأم المسكينة -التي عصر الألم كبدها وفؤادها (والله! يا بنيتي! ما أجد ما أقول لرسول الله) فبكت عائشة رضي الله عنها، وقالت: والله! ما أجد لي ولكم مثلاً إلا كما قال أبو يوسف: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18].

    واضطجعت في فراشها وهي تقول: والله! إني لَبريئة، وإن الله مبرئي ببراءة؛ ولكني ما ظننتُ أن يُنزل الله في شأني وحياً يُتلى، فلَشأني في نفسي كان أحقر من أن يُنزل الله فيَّ قرآناً يُتلى؛ ولكني كنتُ أرجو أن يرى رسول الله رؤيا في نومه يبرِّئني الله فيها، فوالله! ما رام رسول الله مجلسه؛ وإذا بالوحي يتنزَّل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الوحي إذا نزل عليه عرف الناس منه ذلك من شدة ما يتنزَّل عليه، وصمتت الألسنة، وتوقفت الكلمات، وتعلقت الأبصار برسول الله، وانتهى الوحي، وسُرِّي عن الحبيب، فسُرِّي عنه وهو يضحك، فالتفت إلى عائشة وهو يقول: (يا عائشة! أبشري، فلقد برأك الله من فوق سبع سماوات، فقامت أمها في فرح وسعادة وسرور وقالت لابنتها: (قومي يا عائشة! أي: قومي إلى رسول الله فاحمدي، واشكري رسول الله، فقالت عائشة: لا، والله! لا أقوم إلى رسول الله، ولا أحمد رسول الله، بل لا أحمد إلا الله عزَّ وجل الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات)..

    وتلا النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ * وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 11 - 20].

    وهذا مثال آخر من القرآن الكريم يبين مدي خطورة الكلمة حديث شاس ابن قيس مع الأوس والخزرج:-

    مر شاس بن قيس اليهودي وكان شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من جماعتهم، وألفتهم، وصلاح ذات بينهم،
    فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرار، فأمر شابا من اليهود كان معه،
    فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم بعاث وما كان فيه، وكان بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج،
    ففعل فتكلم القوم عند ذلك، فتنازعوا وتفاخروا وغضب الفريقان جميعا وقالوا موعدكم الظاهرة، فخرجوا إليها فانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية،

    فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم فقال: "يا معشر المسلمين، أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم فترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا الله الله " فعرف القوم أنه كيد من عدوهم، فألقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق بعضهم بعضا. بسبب كلمة أوشكت أن تنشب الحرب بينهم. فنزل قول الله تعالى ﴿ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ۗ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 100-101].


    --------
    جزاكم الله خيرا
    ما زلنا تابعونا
    :
    لا تنسونا من صالح دعائكم



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة ديسمبر 24, 2021 10:29 pm









    السبيل لحفظ اللسان:-

    1- تذكر الأخرة كان السلف رحمهم الله يحفظون الألسنة بكثرة ذكر الموت والآخرة، وكان الواحد منهم يعد كلماته خلال الأسبوع كله من الجمعة إلى الجمعة- ليعرف عدد الكلمات التي تكلم بها؛ من خوف الله جل وعلا، وكثرة الاستشعار لهيبة الموقف بين يدي الله الواحد القهار.

    2- الإبتعاد عن مجالس السوء والإنشغال بالطاعة فالنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

    3- محاسبة النفس والوقوف معها كان سيدنا أبو بكر يؤدب لسانه ويقول هذا الذي أوردني الموارد.

    إن الكلمة سلاح ذو حدين.. فاجعلها كلمة طيبة تنال بها الأجر العظيم في الدنيا والآخرة.

    إن الكلمة الطيبة تؤلف القلوب وتصلح النفوس وتذهب الحزن وتزيل الغضب وتشعر بالرضا والسعادة لا سيما إذا رافقتها ابتسامة صادقة (تبسمك في وجه أخيك صدقة).

    • بالكلمة الطيبة تكسب الأم والأب قلوب أبنائهما ويضمنا صلاحهما.

    • بالكلمة الطيبة يكسب الزوج قلب زوجته ويتواصل معها بالتوجيه والنصح في مسيرة بناء الأسرة الصالحة.

    • بالكلمة الطيبة نصلح بين الناس ونعدل بينهم بشهادة الحق وندفع الظلم بالعدل والسوء بالإحسان قال تعالى: ﴿ (وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾) [فصلت:34-35].

    • بالكلمة الطيبة نفسد مخططات الشيطان في التحريش بيننا وبين إخوتنا امتثالا لأمر الحق عز وجل: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53].

    • بالكلمة الطيبة نقدم النصح للآخرين، فنهدي بإذن الله ضالاً، ونعلم جاهلاً، ونرشد تائهاً، ونذكر غافلاً (الدين النصيحة).
    • بالكلمة الطيبة نعلم أبناءنا احترام آباءهم وحقوق الوالدين والبر بهما ولين الجانب لهما: ﴿ فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].
    • بالكلمة الطيبة نتصدق على أنفسنا (الكلمة الطيبة صدقة ) ونحسن للفقراء والمساكين ﴿ قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ﴾ [البقرة: 263].

    • بالكلمة الطيبة نبذل شفاعة حسنة ونبلغ أمانة وننفس كربة ونواسي مكلوما ونخفف عن مريض..

    • بالكلمة الطيبة نقدم رأياً صائبا ونقترح فكرة حسنة تنهض بأمتنا وترقى بمستوى شبابنا.

    • بالكلمة الطيبة ننمي مواهب الناشئة من أبنائنا وبناتنا ونأخذ بأيدي الطلبة على مقاعد الدرس ببث روح الثقة والدعم المعنوي والهداية إلى الصواب.

    ومن آثار الكلمة الطيبة وثمراتها ما يأتي:

    تصعـد إلى الله تعالى تقديرًا لها ولقائلها وللناطق بها... ولنا -أيها الأخوة- أن نتأمّل فيما قاله ربّنا عن الكلم الطيب،

    ماذا يحدث له؟ مما يبيّن عظيم فضل الكلمة الطيبة والصالحة، أنها تُرْفع إلى الله تعالى، يقول سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10]، تصعد إلى الله كل كلمة طيبة، وتحفظ للعبد عنده، ويُكتب ثوابها في ميزان حسناته، أما كلمة السوء فتردّ على صاحبها، وتدوّن في سجل سيئاته..
    الحصول على ثوابها من الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلّم: «الكلمة الطيبة صدقة» [متفق عليه].
    تحصيل مغفرة الذنوب؛ ففي الحديث الذي رواه الطبراني: «إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام»
    والكلمة الطيبة سببٌ في دخول الجنّة؛ ففي الحديث: «في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها لمن ألان الكلام أطعم الطعام بات لله قائماً والناس نيام» [رواه أحمد في مسنده، وهو حديث حسن].
    تحجب المؤمن عن نار جهنّم؛ ففي حديث عمر بن حاتم رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «اتّقواالنار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة».

    ----------------
    تابعونا
    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة ديسمبر 24, 2021 10:36 pm



    المسلم وتميز كلماته وألفاظه

    لقد أمر الله تعالى عباده أن يتخيروا من الألفاظ أحسنها، ومن الكلمات أجملها عند حديث بعضهم لبعض؛ حتى تشيع الألفة والمودة، وتندفع أسباب الهجر والقطيعة والعداوة. يقول الله تعالى: ((وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)) [البقرة: 83]. وفي قراءة حمزة والكسائي: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حَسَناً».

    إنه خطاب لجميع الناس وليس للمسلمين فحسب بأن يختاروا أجمل الألفاظ وأحسن الكلمات حينما يتحدثون فيما بينهم. والقول الحسن قاعدة مهمة من قواعد التعامل مع الناس، كما أنها وسيلة لكسب قلوب الخلق؛ فمعلوم ما تفعله الكلمة الطيبة في نفس مستمعها.. والحُسْن المقصود من الآية السابقة بقراءاتها المتعددة: حُسْن هيئتها وحسن مضمونها؛ فهيئتها حسنة وطيبة وجيدة، ومضمونها خير وبِرّ وإحسان..

    وإذا كان جميع الناس مطالبون بإحسان الكلام، فمن باب أوْلى المسلم المؤمن، الذي يراقِب ربّه في أقواله وأفعاله.
    ويقول عزّ وجلّ: ((وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [الإسراء:53] أي التي هي أجمل وأفضل وأكرم. كما أنّ الكلام الحسَن: هو دليل استقامة للإنسان؛ ففي الحديث: «لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ» [رواه أحمد في مسنده وفي إسناده ضعف].

    والمسلم متميّز في كلماته وألفاظه، فالمسلم الحقيقي هو: «من سلِمَ المسلمون من لسانه ويده» [كما في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث عبدالله بن عمرو]، كما ينبغي أن يكون متميّزًا في ملبسه وزيِّهِ ومشيتِه؛ فهو صورة للإسلام، إذا سار في طريق، أو تكلّم بكلمة، أو نطق بلفظة مّا. متميّز في كلماته مع كل الناس.

    مع الأبوين، فلا ينطق المسلم لهما بكلمات التأفّف والضّجر، قال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23] بل ويدعو لهما بأطيب الدعوات؛ قال سبحانه: {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].
    مع الزوجة والزوج فلا ينطق إلا بلفظة تزيد المحبة وتحفظ الأسرة، من باب قوله صلى الله عليه وسلّم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي) [رواه الترمذي من حديث أم المؤمنين عائشة الصديقة، وقال عنه: حسن صحيح]

    فالخيرية هنا في كل ناحية حتى اللفظة الكريمة الرقيقة التي تزيد المحبة وتذيب الفوارق وتعالج الجراحات العاطفية والنفسيّة؛ حيث يحتاج الزوجان لاختيار أحسن الألفاظ للتخاطب بها ولإبداء مشاعر الحب والرحمة تجاه بعضهما البعض،
    ولنا أن نتأمّل هذا الحديث الراقي بين رسول الله وزوجه عائشة رضي الله عنها؛ حيث كان يقول لها يومًا: «إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليّ غضبى. قالت أم المؤمنين عائشة: فقلت: من أين تعرف ذلك؟ فقال: أما إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى، قلت: لا ورب إبراهيم. قالت: قلت: أجل والله يا رسول الله، ما أهجر إلا اسمك» [رواه البخاري في الصحيح]. فما أرْوع هذه الحياة التي يغلّفها الكلمات الطيبة والرقيقة.
    متميّز في ألفاظه وتعبيراته مع جيرانه: فالإحسان إلى الجيران بكلمة طيبة سبب لدخول الجنة، والعكس فإن الكلمة السيئة مع الجيران سبب لدخول النار؛ ففي الحديث: -كما عند الإمام الحاكم في المستدرك على الصحيحين، وعند البخاري في الأدب المفرد- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فُلَانَةَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا فَقَالَ: «لَا خَيْرَ فِيهَا هِيَ فِي النَّارِ»، قِيلَ: فَإِنَّ فُلَانَةَ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَتَصَدَّقُ بِأَثْوَارٍ مِنْ أَقِطٍ وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا بِلِسَانِهَا قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ».. والحديث صحيح.

    والمسلم متميّز في ألفاظه وكلماته حتى مع أعدائه، ومع من يدعوهم من العُصاة والمُذنبين، ولا أدلّ على ذلك مما وجّه الله به نبيه موسى عليه السلام حين أرسله إلى فرعون، فقال له ولأخيه هارون عليهما السلام: ((فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)) [طه:44]. وإذا خاطبه جاهلٌ كان متميّزًا في ردّه عليه وليكن لفظه حسنا، قال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63].
    متميز في ألفاظه عند الصلح بين المتخاصمين، قال عزّ وجلّ: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].
    المسلم متميز في قول الحق ولو كان مُرّا ولو أمام إنسان ظالم أو طاغية، فالنبي صلى الله عليه وسلّم علّمنا أن أفضل الجهاد كلمة حق، عند سلطان جائر، فالمسلم متميز في هذا فلا يكسُل ولا يخفْ، ولا يتوانى عن قول الحق، كما أنه لا ينبغي للمسلم أن ينزوي أو يكون سلبيًّا عن توجيه ونصح الحكّام مهما بلغ خطرهم ولكن بأسلوب رحيم حكيم..
    متميز حتى عند الخلاف مع غيره: وانظروا إلى صفة المؤمن التي عناها النبي الحبيب صلى الله عليه وسلّم بقوله: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» [رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين]. فالمؤمن إذًا متميز في كافة نواحي حياته، وخاصة في دقة ألفاظه، وحلاوة منطقه، وعذوبة بيانه..
    المسلم متميّز حتى في التعامل مع السائل والمحتاج: قال تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 10]. فلا ينهر الغني الفقير، ولا المعطي سائله، سواء أسأل مالا أم غيره من علم أو نصيحة أو موعظة أو نُصْرة؛ فلا يزجره المسلم الداعية؛ ولكن يتفضل عليه بشيء أو يردّه بقولٍ جميلٍ..



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة ديسمبر 24, 2021 10:44 pm


    بصمات اللسان الغائبة:

    الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله تعالى، يقول عزّ وجلّ: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33]. فالمسلم مُطالَبٌ بأن يكون صاحب لسان آمِرٍ بالمعروف ناهٍ عن المنكر، وأن يكون داعية إلى الحق بالحقّ. فلربما بكلمة منك تكون سببًا في هدايته وإرشاده إلى الخير، وتغيير سلوكه إلى الأفضل، وصرفه عن الخبيث من القول والفعل، يقول صلى الله عليه وسلّم: «فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». [صحيح البخاري].
    الذكر والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن: ليس فقط لإشغال اللسان بهذا أو لمنعه عن الخوض في الحرام؛ ولكن لأنّ في الذكر اللساني والاستغفار وقراءة القرآن تجد طمأنينة قلبية لا تُعْطَى إلا لمن استعان بالله تعالى ودعاه ولجأ إليه،
    قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
    الصمت أحيانًا، لا سيّما إذا كثُر الباطل، فلا أقلّ من السكوت والصمت، وفي هذه الحالة يكون صمت الإنسان إيمان وعبادة لله تعالى، بل هو دليل على عقيدة سليمة، وفهم راقٍ لطبائع الأمور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم
    قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» [متفق عليه].
    ويقولون في الحِكَـم: «من قلّ كلامه كثر صوابه».. وعن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أنه قال: «إذا رأيتم الرجل يُطيل الصمت ويهرب من الناس، فاقتربوا منه؛ فإنه يُلَقَّن الحكمة».
    ويقول القائل: احفظ لسانك أيــها الإنسان *** لا يلدغنــك إنــه ثعبان *** كـم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تخاف لقاءه الشجعان..

    ولقد صحّ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «والذي لا إله غيره؛ ما على ظهر الأرض من شيء أحوج إلى طول سجنٍ من لسان».

    التشجيع والتحفيز:

    إن كثيرًا من الآباء والأُمّهات يرتكبون ذنبًا خطيرًا للغاية وهو التنقيص من شأن أبنائهم، وكم قُتِلَت همم لأبناء وبنات بسبب كلمات محبطة، فلا بد من التشجيع والتحفيز بدلا من الإحباط والتنقيص، ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ حيث دخل عبدالله بن عمر يومًا على أخته حفصة –زوج الرسول-
    وسأل النبي زوجه حفصة رضي الله عنها: من عندنا بالبيت، قالت ابن عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم محفّزًا له: -كما في صحيح البخاري- «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ لَوْ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ»
    وانظر ماذا تقول السيدة حفصة: «فَكَانَ بَعْدُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَّا قَلِيلًا» ..
    فكلمتك أخي المسلم والمسلمة إمّا أن تبني إنسانًا أو تهدمه..
    ترك الكلام فيما لا يعني؛ ففي الحديث: «من حسن إسلام المرء تركُهُ ما لا يعنيه» [رواه الترمذي وأحمد، والحديث صحيح]. وكان عُمَرُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللّه- يقول: مَنْ عَدَّ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ، قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ. وكثير من الناس يتحدّث في كلّ شيء، ويدّعي أنه على علم بكل أمر، ولربما أفسد بكلمة لا يقدّرها ولا يقدُر ضررها، فلا أقل أن يترك الكلام فيما لا يعنيه.

    الصلح بين المتخاصِمَيْن:
    وهذه بصمة أخرى من بصمات اللسان غابت عن حياة كثير من الناس اليوم، إننا بحاجة إلى أن يكون اللسان سببا في الصلح والإصلاح الفردي والجماعي، والإصلاح المجتمعي من أهم عوامل بناء الأمم الناهضة والشعوب المتقدّمة، ولذا حفّزت الشريعة أمر الصلح بين المتخاصمين والقول الحسن في ذلك، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114].

    -------------
    تابعونا



    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: خطوره الـكـلـمـه وأثرها علي ألأنسان المسلم

    مُساهمة من طرف صادق النور الجمعة ديسمبر 24, 2021 10:50 pm



    كيف نحفظ ألسنتنا؟

    ورد في الحديث الحسَن في سنن الترمذي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَفَعَهُ قَالَ: «إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ، فَإِنْ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا».، ومن هنا فلا بُدّ من الحفاظ على اللسان..

    ومن وسائل حفظ اللسان ما يأتي:

    المراقبة المستمرة لله تعالى

    قال سبحانه: [أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] [المجادلة: 7]. فسُبحان من أحاطَ بكل شيء عِلماً.
    تذكُّـر شهادة اللسان يوم القيامة، فبأيِّ شيء سينطق؟!! قال تعالى واصفًا هذا المشهد: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور: 24، 25].

    تذكّر ثواب حفظ اللسان يوم القيامة، ومن بين الأحاديث الصحيحة الثابتة التي تبيّن ثواب حفظ اللسان عن نطق السوء،
    ما قال الرسول الصادق المصدوق: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ- يريد لسانه- وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ- يريد فرجه- أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» [رواه البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد].

    محاسبة النفس كلما أخطأ اللسان في لفظة أو كلمة:

    كان بعض السلف «كلما عمل غيبة وضع حجراً في الغرفة، يقول: ولو أني فعلت ذلك لامتلأت الغرفة من الحجارة».
    وقال أحد التابعين: جلسنا مع عطاء بن أبي رباح -رحمه الله- ثلاثين سنة في الحرم ما كان يتكلم إلا بذكر الله أو بآيات الله، أو بأمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو بحاجة لا بد منها، فقلنا له في ذلك،
    فقال: [[مالكم! أتنسون أن عليكم من يحفظ أنفاسكم ومن يسجل كلماتكم ويحاسبكم به أمام الله؟ {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:18]]] فالله الله في حفظ اللسان.

    ---------------------
    جزاكم الله خيرا أحبابي في الله
    :
    للموضوع بقيه
    لا نسونا من صالح دعائكم


      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 9:05 am