آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» أهل السنة ليسوا مشبهة وعلامة الجهمية تسميتهم بالمشبهة
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110أمس في 4:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» الإيمان بأن الله خلق آدم على صورته كما قال رسول الله بلا كيف ولا تشبيه
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الأربعاء مايو 15, 2024 5:25 pm من طرف عبدالله الآحد

» أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الثلاثاء مايو 14, 2024 4:57 pm من طرف عبدالله الآحد

» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الإثنين مايو 13, 2024 10:55 pm من طرف صادق النور

» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الإثنين مايو 13, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد

» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد

» هل القرآن مدلول كلام الله؟!
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الجمعة مايو 10, 2024 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد

» إيضاح حركى لمناسك الحج وشرح جميع المناسك
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الخميس مايو 09, 2024 7:57 pm من طرف صادق النور

» النذر لغير الله شرك أكبر
معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooou110الخميس مايو 09, 2024 3:57 pm من طرف عبدالله الآحد

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 15 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 15 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9686 مساهمة في هذا المنتدى في 3211 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود معامله الرسول صل الله عليه وسلم للناس

    مُساهمة من طرف صادق النور الأحد أكتوبر 31, 2021 5:51 pm



    الرسول صل الله عليه وسلم والناس ..
    ___________________
    كيف كان الرسول يعامل الناس

    وصف الله -عزّ وجلّ- رسوله محمّد -صل الله عليه وسلم-، فقال -سبحانه-: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ

    وما وصفه الله بذلك إلا لعظيم شأن مكارم الأخلاق في الإسلام وعلوّ منزلتها.

    تعامله مع أهل بيته، وأصحابه، والأطفال، وحتى أعدائه.

    تعامل النبي الكريم مع أهل بيته

    كانت معاملة رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- مع أهل بيته جامعةً لحسن الخلق، فكان يلاطف الكبير والصغير،

    ويقوم بخدمة نفسه وأهل بيته، وكان -عليه الصلاة والسلام- يخيّط نعله ويرقّع ثوبه، ويتعامل مع زوجاته بقدر ما تملك كلٌّ منهم

    من الحكمة ورجاحة العقل، وربما داعبهنّ فسابقهنّ، كما كان يسابق عائشة -رضي الله عنها-، وإن قُدِّم له طعام فاشتهاه أكله،

    وإلا تركه دون أن يعيبه، وما كان ليغضب إلا إذا رأى حرمات الله تُنتهك، فلم يغضب لنفسه قطّ،
    وكان يحرص على مناداة كل زوجةٍ من زوجاته بأحبّ الأسماء إليها، فقد كان ينادي عائشة -رضي الله عنها-

    فيقول: (يا عائِشَ هذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ)، وتروي لنا عائشة رضي الله عنها فتقول: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ

    يُقَبِّلُ إحْدَى نِسَائِهِ وَهو صَائِمٌ ثُمَّ تَضْحَكُ)، وإنّ مما يؤلّف بين الزوج والزوجة كما قال رسول الله: (وإنَّكَ مَهْما أنْفَقْتَ مِن نَفَقَةٍ،

    فإنَّها صَدَقَةٌ، حتَّى اللُّقْمَةُ الَّتي تَرْفَعُها إلى في امْرَأَتِكَ)،


    فهذا الفعل يزيد الوُدّ، ويعتبر أحد أبواب الصدقة. ومما كان يتميّز به -عليه الصلاة والسلام- إظهار مشاعره لزوجاته وتعبيره

    عن مكنونات صدره من حبّه لهنّ، فقد وصف لعائشة حبّه لها كالعقدة في الحبل، وما زال يذكّرها ببقاء هذه العقدة على حالها،

    مما يدلّ على بقاء حبه لها، وكان رسول الله يجلس إلى زوجاته ويسمارهنّ ويستمع إليهنّ، ففي ذات مرّةٍ جلس إلى عائشة

    وسمع منها قصة عشر نساء من الجاهلية، يستمع إليها رسول الله والسرور يملأ قلبه، ولم تمنعه المسؤوليات الواقعة على عاتقه

    من مجالسة زوجاته ومؤانستهنّ في أي وقتٍ أردْن ذلك، فتروي عائشة -رضي الله عنها- وتقول: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عليه

    وسلَّمَ كانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وهو جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِن قِرَاءَتِهِ نَحْوٌ مِن ثَلَاثِينَ -أوْ أرْبَعِينَ- آيَةً قَامَ فَقَرَأَهَا وهو قَائِمٌ، ثُمَّ يَرْكَعُ،

    ثُمَّ سَجَدَ يَفْعَلُ في الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذلكَ، فَإِذَا قَضَى صَلَاتَهُ نَظَرَ: فإنْ كُنْتُ يَقْظَى تَحَدَّثَ مَعِي، وإنْ كُنْتُ نَائِمَةً اضْطَجَعَ)،

    ولا يتعارض هذا الأمر مع ما يكون في ذلك الوقت من الاجتهاد في العبادات، لأن مجالسة الزوجة يعدّ أيضاً من العبادات.

    ومن عظيم لطف رسول الله بزوجاته ما صنعه مع عائشة حين كان الأحباش يلعبون في المسجد بحرابهم،

    فتقول: (فَسَتَرَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أنْظُرُ، فَما زِلْتُ أنْظُرُ حتَّى كُنْتُ أنَا أنْصَرِفُ)،

    وكان رسول الله يستشير زوجاته في أمورٍ تتعلّق بالأمة وليس فقط على مستوى الأسرة، فها هو في صلح الحديبية

    وحينما كان من شروط الصلح أن يعود وأصحابه دون أداء مناسك الحج؛ رفض الصحابة ذلك،

    فدخل على أمّ سلمة واستشارها، فأشارت عليه أن يخرج إليهم ولا يكلّم أحداً منهم، ويذْبح هَدْيه ثم يحلق رأسه، فإن رأوه

    يفعل ذلك فعلوا مثله، ففعل ما أشارته عليه، فما كان من الصحابة إلا أن أقدموا على الهدي ونحروها، وبدأوا يحلقون لبعضهم

    البعض،

    كما أوصى رسول الله بالمرأة حتى حال الإساءة منها، وقال: (واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شيءٍ

    في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا).



    تعامل النبي الكريم مع أصحابه

    عامل رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- أصحابه معاملةً طيّبة، ويظهر فيها الرفق والعفو عن المخطئ،

    وكان يشاورهم في العديد من الأمور، كما كان يعدهم بالنّصر ويقوّي عزائمهم، ويُظهر حبّه في تعامله معهم، ويصف كلّ منهم

    بوصفٍ يختلف عن الآخر، مما يزيد من الألفة والمحبّة بينه وبينهم، فقد وصف الزبير بن العوام بأنّه حواريّه،

    ووصف أبو بكر وعمر بن الخطاب بأنّهما وزيراه، وجعل حذيفة بن اليمان أمين سرّه، وعامر بن الجراح أمين الأمّة،

    وكان يمازح أصحابه ويلاطفهم، ويشاركهم طعامه، فيروي جابر بن عبد الله أنّه كان جاساً في يومٍ من الأيام، فأتى النبيّ وأشار

    إليه أن يأتي معه، وأخذ بيده ذاهباً به إلى إحدى حجرات زوجاته، فدخل النبيّ وأذِن لجابر أن يدخل،

    فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لأهله: (هلْ مِن غَدَاءٍ؟ فَقالوا: نَعَمْ، فَأُتِيَ بثَلَاثَةِ أَقْرِصَةٍ، فَوُضِعْنَ علَى نَبِيٍّ،

    فأخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قُرْصًا، فَوَضَعَهُ بيْنَ يَدَيْهِ، وَأَخَذَ قُرْصًا آخَرَ، فَوَضَعَهُ بيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ أَخَذَ الثَّالِثَ، فَكَسَرَهُ باثْنَيْنِ،

    فَجَعَلَ نِصْفَهُ بيْنَ يَدَيْهِ، وَنِصْفَهُ بيْنَ يَدَيَّ، ثُمَّ قالَ: هلْ مِن أُدُمٍ؟ قالوا: لا إلَّا شيءٌ مِن خَلٍّ، قالَ: هَاتُوهُ، فَنِعْمَ الأُدُمُ هُوَ).

    ويشارك -عليه السلام- أصحابه حزنهم وفرحهم، ويراعي ظروفهم النفسيّة فيرفع من هممهم،

    ويحرص على أن يكون معهم، ويتألّم مما يتألّمون، ويعاني ما يعانون، ويحاول إسعادهم بكل ما يملك، ففي الخندق

    وحين كان الطعام لا يكفي لهم، لم يرضَ أن يأكل دون مشاركتهم لهم فيه، فنادى عليهم قائلاً:

    (يا أهْلَ الخَنْدَقِ، إنَّ جَابِرًا قدْ صَنَعَ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بهَلّكُمْ)، وحين كانت تهبط عزائمهم

    ويقعون في الحزن، فإنّ رسول الله يقدّم لهم الحلول العمليّة التي ترفع من همّتهم، ويذكّرهم بنصر الله لهم،

    وما ينتظرهم من أجر الصابرين في الآخرة، وتراه بينهم يأكل مما يأكلون، ويشرب مما يشربون، ويلبس مما يلبسون،

    لا فرق بينه وبينهم.

    تعامل النبي الكريم مع الأطفال

    عامل رسول الله الأطفال برفقٍ ولينٍ، وكان عطوفاً حنوناً عليهم، وتجلّى ذلك من خلال معاملته مع ابنه إبراهيم، وحفيديه الحسن

    والحسين، ويصف أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذه المعاملة فيقول: (ما رَأَيْتُ أَحَدًا كانَ أَرْحَمَ بالعِيَالِ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّ اللَّهُ

    عليه وسلَّمَ، قالَ: كانَ إبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا له في عَوَالِي المَدِينَةِ، فَكانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ معهُ، فَيَدْخُلُ البَيْتَ وإنَّه لَيُدَّخَنُ،

    وَكانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ)، ولم تكن أعمال النبيّ ومسؤوليّاته تشغله عن حقوق أبنائه من العطف والحنوّ،

    وقد وصف أنس بن مالك رسول الله بأنّه أفكه الناس مع الصبيان، ولعلّ أنساً كان قد أخذ من ذلك نصيباً كبيراً لملازمته لرسول

    الله منذ نعومة أظفاره، وكان رسول الله يقبّل الأطفال، ويحملهم ويضمّهم إلى صدره، فكان يحمل الحسن وأسامة بن زيد ويضمّهما

    ويدعو لهما، وكان يضع الحسن والحسين على ظهره، ويمشي بهما، ويصُفّ -عليه الصلاة والسلام- الأطفال ويجعلهم يتسابقون

    إليه، فيركضون إليه ويقعون عليه، فيأخذهم ويقبّلهم.

    وكان -عليه الصلاة والسلام- يتودّد إلى الأطفال بالهدية، فقد أهداه النجاشي حلقةً فيها خاتم ذهب، فدعا حفيدته أمامة بنت العاص

    ابنة زينب -رضي الله عنها-، فأعطاها إياها لتتحلّى بها،

    ومن تودّده لأنس -رضي الله عنه- أنّه كان يناديه بغير اسمه من باب الممازحة، فيقول الحبيب المصطفى: (يا ذا الأُذُنَيْنِ)،

    وكان يسأل أخاً صغيراً لأنس بن مالك، وكان له نغرٌ يلعب به، فلما مات قال له النبيّ مواسياً ومازحاً: (يا أبا عُميرُ، ما فعل

    النُّغَيرُ)، ويقول محمود بن الربيع -رضي الله عنه- وهو من صغار الصحابة: (عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجَّةً مَجَّها

    في وجْهِي وأنا ابنُ خَمْسِ سِنِينَ مِن دَلْوٍ).

    وراعى رسول الله مشاعر الأطفال ومحدوديّة تفكيرهم، فإن قام للصلاة وكانت أمامة بنت أبي العاص معه؛ وضعها إلى جانبه إن

    أراد الركوع والسجود، ثم إذا قام أخذها، وكان رسول الله إذا سجد جاء الحسن والحسين يلعبان على ظهره، فيطيل السجود حتى

    يفرغان ويقومان، فلما سأله الصحابة عن ذلك أجاب أنّه أراد أن يقضيا حاجتهما في اللّعب، فهذان طفلان لا يميّزان بين وقت

    اللعب والجدّ، وفي يومٍ من الأيام وبينما رسول الله على المنبر يخطب بالناس، إذْ جاء الحسن فصعد إلى المنبر، فأخذه رسول الله

    وقال: (إن ابني هذا سَيَّدٌ، وإني لأرجو أن يُصْلِحَ اللهُ به بين فئتين مِن أمتي)، فلم ينهرْه النبيّ ولم ينهاه عن فعلته،

    وكما حرّم الإسلام الكذب على الكبار؛ فقد حرّمه على الصغار أيضاً، وسار رسول الله على هذا النهج،

    فلمّا دعت أم عبد الله بن عامر ابنها لتُعطيه شيئاً، وكان ذلك بوجود رسول الله، فسألها عمّا تريد أن تعطيه إياه، فقالت له إنها

    أرادت أن تعطيه تمراً، فأخبرها أنّها لو لم تعطِهِ ذلك لكانت كاذبة.

    تعامل النبي الكريم مع أعدائه

    حرص رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- أن يُرسل المسلمين إلى القبائل العربية من المشركين؛ كي يدعوهم إلى الإسلام،

    فقبيلة غفّار كانت من أقوى القبائل الموجودة في المدينة، وقد أرسل إليهم رسول الله أبا ذرٍّ الغفاري كي يدعوهم إلى رسالة

    الإسلام، فاستجاب له عددٌ كبيرٌ منهم حتى وصل النصف، وكان رسول الله يُرسل إليهم من يعلّمهم أمور دينهم،

    وفي الجهة الأخرى فقد حرص رسول الله على إظهار قوّة ومنعة المسلمين أمام المشركين، حتى لا يعتقدوا أن المسلمين لا توجد

    لهم قوّةً تحميهم، أمّا القبائل الأخرى المحيطة بالمدينة المنورة فقد حاول رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أن يُبرم معهم

    المعاهدات التي تضمن حقّ المسليمن.

    وقد وضع رسول الله ميثاق المدينة فور وصوله إليها، ونظّم فيه العلاقة بين المهاجرين والأنصار من المسلمين من جهةٍ،

    وبين اليهود من جهةٍ أخرى، فأصبحوا بذلك قوةً تقف بوجه أعداء المدينة،

    وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كانَ بينَهُ وبين قَومٍ عهدٌ فلا يَحُلَّنَّ عهدًا، ولا يَشُدَّنَّهُم حتَّى يمضي أمدُه أو يَنبِذَ إليهم

    على سواءٍ)
    ، وأوفى رسول الله بالعهود والمواثيق التي أبرمها مع غير المسلمين،

    فقد كان حذيفة بن اليمان وأبوه أسيريْن عند الكفّار، فأطلقوهما مقابل ألّا يقاتلوا مع رسول الله ضدّهم،

    وفيما بعد لمّا أرادا أن يخرجا مع رسول الله إلى غزوة بدرٍ، أرجعهما النبيّ وفاءً بعهدهما،

    وعندما كان هؤلاء المشركون أسرى عند المسلمين؛ أوصى بهم رسول الله خيراً، كما حصل في أسارى بدر.

    ولمّا أتى عُمير بن وهب متّفقاً مع صفوان بن أميّة على أن يقتل رسول الله مقابل أن يتكفّل صفوان بعائلته؛ أوحى الله إلى

    رسوله، فقال النبيّ لعُمير أن يقترب منه، فلما دنا أخبره رسول الله بالإسلام فأسلم،

    وكذلك فضالة بن عمير لما أتى رسول الله يريد قتله، فوضع رسول الله يده على صدره حتى هدأ وأسلم،

    وكان -عليه الصلاة والسلام- يُحسن إلى جاره، فقد زار جاره اليهوديّ حين مرض،

    واستغلّ رسول الله الموقف فدعاه إلى الإسلام، فجاء والده وأمَره أن يطيع رسول الله، فدخل ابنه في الإسلام،

    وخرج رسول الله من عنده يحمد الله -تعالى- بأن أنقذه من النار.

    أهمية الأخلاق في التعامل مع الناس

    أعطى الإسلام الأخلاق منزلةً عظيمةً، وجعلها من أهمّ دواعي نبوّة سيدنا محمد -صلّ الله عليه وسلّم-،

    فقال -عليه الصلاة والسلام-: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)، والأخلاق الحسنة من

    القواعد الأساسية التي يرتكز عليها الإسلام، وهي بالنسبة إلى الإسلام كالوقوف بعرفة في الحج،

    فالحجّ لا يصحّ دون الوقوف بعرفة، وكذلك الإسلام لا يصحّ دون حسن الخلق، ويعدّ الالتزام بها من أعظم ما يُثقل كفّة الحسنات

    في الميزان عند الله يوم القيامة، وهي معيار التّفاضل بين المؤمنين عند الله،

    فقد قال رسول الله: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ).

    وكان رسول الله يدعو ربّه في قيام الليل أن يرزقه محاسن الأخلاق وأكملها، وهو أحسن الناس خلقاً،

    فيقول: (واهدني لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنها إلا أنتَ، واصرفْ عني سيئَها لا يصرفُ عني سيئها إلا أنتَ)،

    وذلك دليلٌ على محبة الله -تعالى- للأخلاق الحسنة، ومما يدلّ على أهمية الأخلاق؛ كثرة الأدلة الواردة بها في الآيات القرآنية،

    سواء كان ذلك في الآيات المكية أم المدنية، وهي تدلّ على ضرورة الالتزام بها في جميع شؤون الحياة،

    والنّهي عن التخلّي عنها، فالأخلاق ملازمةٌ للمسلم في كل أحواله، كما هو شأن العقيدة في ذلك.


    معاملة الرسول لجيرانه

    كان النبيّ -صل الله عليه وسلم- أحسن النّاس تعاملاً مع جيرانه، وقد كان دائم الوصيّة بالجار،

    فقد أوصى أبا ذرٍ فقال له: (يا أبا ذَرٍّ، إذا طَبَخْتَ مَرَقَةً، فأكْثِرْ ماءَها، وتَعاهَدْ جِيرانَكَ)

    كما حذّر من الإساءة إلى الجار فقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ)،

    وقد كان النبيّ يتصدّق على جيرانه المحتاجين ويُهديهم، ففي يومٍ من الأيّام أمر -عليه الصلاة والسلام- أهل بيته بذبح شاة

    وتوزيعها بين الجيران، وكان أحبّ شيءٍ إليه الذراع، فلمّا قدم سأل عائشة -رضي الله عنها-: (ما بقيَ منْها؟ قلت: ما بقيَ منْها

    إلَّا كتفُها، قالَ: بقيَ كلُّها غيرَ كتفِها)، ويقصد بذلك الثواب والأجر،

    وكان -عليه الصلاة والسلام- يواسي أصحابه وجيرانه، ويحرص على زيارة المريض منهم، فعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-

    قال: (عادَني النَّبيُّ صلَّ اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ مِن وجَعٍ كانَ بعَيني).

    وكان النبيّ يصبر على أذى جيرانه في مكّة، حيث جاوَر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- العديد من الناس على اختلاف دينهم

    وصفاتهم وأخلاقهم في مكّة المكرمة والمدينة المنورة،

    أمّا جيرانه في مكّة فقد نال منهم صور متعدّدة من الأذى، ومن ذلك أذى جاره وعمّه أبو لهب، خاصّة عندما بدأ النبيّ بدعوته،

    وزوجته أم جميل التي كانت لا تتوانى في فعل كل ما يؤذي رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم-؛ كوضع الشوك والقاذورات في

    طريقه أو أمام بيته، وكذلك أمرهما لأبنائهما بتطليق بنات النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بسبب دعوته،

    وأذى جاره عقبة بن أبي معيط الذي حاول خنق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بردائه، فدفعه أبو بكرٍ -رضي الله عنه-.

    وأمّا جيرانه -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، فقد أحسنوا استقباله فور وصوله إليهم،

    فما مرّ رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- بأحد أحياء الأنصار إلّا سارع أهله بدعوته للنزول عندهم حبّاً وطمعاً في جواره، إلى

    أن بركت ناقته في حيّ أخواله بني النّجار، ونزل في بيت أبي أيوب الأنصاري، لأنّه كان الأقرب،

    فقد صحّ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (فقالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ بُيُوتِ أهْلِنا أقْرَبُ.

    فقالَ أبو أيُّوبَ: أنا يا نَبِيَّ اللَّهِ، هذِه دارِي وهذا بابِي، قالَ: فانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لنا مَقِيلًا، قالَ: قُوما علَى بَرَكَةِ اللَّهِ)،

    وأمّا المهاجرين الذين نالوا شرف مجاورته -صلّ الله عليه وسلّم- فكان منهم أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، والعباس

    -رضي الله عنهم-، ولا بدّ من الإشارة إلى حرص رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- على التّهادي مع جيرانه،

    ومن ذلك قدح اللبن الذي قدّمه لِأبي هريرة -رضي الله عنه- عندما جاع، وتشارك فيه مع أهل الصفّة.


    مكانة الجيران في الإسلام

    أوْلى الإسلام الجار اهتماماً عظيماً، فقد رفع شأنه وحثّ على صَوْن حقوقه ورعايتها،

    ويظهر ذلك من خلال ثلاثة أمور: أوّلها قَرْن الله -تعالى- الإيمان به وإفراده بالعبادة بالإحسان إلى الجار،

    كما في قوله -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي

    الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ)،


    ثانيها إشارة رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- إلى كثرة توصيته وأمره بالإحسان إلى الجار والاهتمام به حتى حَسِبَ أنّ الله

    -تعالى- سيقضي بتوريثه؛ أي بجعله ممّن له الحقّ في الميراث، وذلك بقوله -صلّ الله عليه وسلّم-: (ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي

    بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ)،


    ثالثها قَرْن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الإيمان بالله -تعالى- واليوم الآخر بحقّ الجار من الإكرام والإحسان،

    وذلك بقوله -صلّ الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ).

    ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الجار ثلاثة أنواع:

    أوّلها الجار المسلم من ذوي الرحم والقرابة، قال -تعالى-: (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ)، وله ثلاثة حقوق؛ حقّ القرابة، وحقّ الجوار،

    وحقّ الإسلام،

    وثانيها الجار المسلم الذي لا يعدّ من ذوي الرحم والقرابة، قال -تعالى-: (وَالْجَارِ الْجُنُبِ)،

    وله حقّان؛ حقّ الإسلام، وحقّ الجوار،

    وثالثها الجار المشرك؛ وله حقّ واحد وهو حقّ الجوار،


    آداب الجوار

    تتعدّد آداب الجوار التي ينبغي المحافظة والحرص عليها، ومنها ما يأتي:

    تقديم العون والنفع للجار، لِقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ في جِدَارِهِ)،

    فيُستحَب للجار أن يقبل بعد أن يُؤخَذ إذنه بكل ما فيه نفع وفائدة لجاره الآخر؛ كوضع خشبةٍ أو وتدٍ في حائطه ما لم يُلحِق ذلك به

    الضرر.

    تبادل الهدايا مع الجار

    ، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا نِساءَ المُسْلِماتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لِجارَتِها، ولو فِرْسِنَ شاةٍ)،

    ويُقصَد بفرسن الشاة خفّ البعير، حيث إنّ عظمه قليل اللحم.

    مواساة الجار، والتّخفيف من أحزانه، والسؤال عن أحواله،

    لِقول رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم-: (ليس المؤمنُ بالذي يشبعُ وجارُه جائِعٌ إلى جنبَيْهِ)،

    والذي يَظهر من الحديث أمرين: أوّلهما أنه يَحرم على الجار الغنيّ أن يترك جاره الفقير بحاجةٍ للطعام أو الكسوة أو غير ذلك

    من ضروريات الحياة، وثانيهما أنه لا تبرأ ذمّة الغنيّ بإخراج حقّ الزكاة من ماله فحسب، بل هناك العديد من الحقوق التي لا بدّ

    من القيام بها حتى يُخرِج نفسه من الوعيد الذي أشار إليه الله -تعالى- بقوله: (وَالَّذينَ يَكنِزونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقونَها في

    سَبيلِ اللَّـهِ فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ)
    .

    إعداد الطعام وتقديمه للجار الذي وقعت في بيته حالة وفاة،

    لِقول رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم-: (اصنَعوا لآلِ جعفَرٍ طعامًا، فقد أتاهم أمرٌ يشغلُهُم أو أتاهم ما يَشغلُهُم).

    الأولوية للجار بشراء بيت جاره أو أرضه،

    لِقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن كانت له أرضٌ فأراد بَيْعَها فَلْيَعْرِضْها على جارِه).

    تفادي إيذاء الجار أو ارتكاب الخطأ في حقّه،

    لِقول رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ)،

    ومن صور إيذاء الجار؛

    إطلاق البصر على عوراته ومحارمه، فقد حذّر رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- من ذلك حتى عدّه من أعظم الذنوب عند الله

    -تعالى-، لِما صحّ عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ عِنْدَ

    اللَّهِ) فعدّ رسول الله أموراً إلى أن قال: (أنْ تُزانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ)،

    وقد دعا رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- إلى الصبر وتحمّل أذى الجار وعدم ردّ أذاه،

    فقال -صلّ الله عليه وسلّم-: (ثلاثةٌ يُحِبُّهمُ اللهُ)؛ وذكر منهم: (الرَّجلُ يكونُ له الجارُ

    يُؤْذيهِ جِوارُه، فيَصبِرُ على أَذاهُ حتى يُفرِّقَ بينَهما موتٌ أو ظَعنٌ).


    الإحسان إلى الجار وإكرامه

    ، لِقول رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم-: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إلى جارِهِ)،

    فقد عظّم رسول الله -صلّ الله عليه وسلّم- حقّ الجار حتى كاد أن يجعله بمنزلة الوارث كما أُشير إلى ذلك مُسبقاً.


    تعامل الرسول مع اليهود والنصارى

    جعل الله -عزّ وجلّ- لكلّ رسولٍ من الرسل شريعةً، فجاءت التوراة مُبيّنةً لشريعة موسى عليه السلام،

    والإنجيل مُبيّناً لشريعة عيسى عليه السلام، وخُتمت الشرائع السماوية بشريعة محمّدٍ صلّ الله عليه وسلّم،

    يقول الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ
    أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)،


    كما أراد الله أن تكون كلّ شريعةٍ ناسخةً للشريعة التي قبلها، فالإسلام ينسخ ما قبله من الأديان السماويّة،

    وكلّ رسولٍ يأتي يبشّر بالذي بعده؛ فقد بشّر عيسى -عليه السلام- بالنبيّ محمّدٍ صلّ الله عليه وسلّم،

    ويُقسم أهل الكتاب إلى قسمين: المُعادي؛ وهذا القسم يُعامل بالمثل من المعاداة،

    أمّا القسم الآخر فهو غير المعادي الذي يعامل بالعدل، ويحرم الاعتداء عليه أو معاملتهم بسوءٍ،

    وكان النبيّ -صلّ الله عليه وسلّم- خير مثالٍ في معاملته لليهود والنصارى. وقد كان النبيّ -صلّ الله عليه وسلّم- عادلاً في

    تعامله مع المسلمين وغيرهم، وأمّا ما كان من إجلاء اليهود ومُحاربتهم فهو من إقامة العدل،

    فقد عُرف اليهود بنقض العهود في زمن النبيّ صلّ الله عليه وسلّم، فعندما أمر بإجلاء يهود بني النضير عن المدينة، كانوا قد

    غدروا به وتآمروا على قتله، فجاءه الوحي من السماء؛ ليخبره بكيدهم، فحاصرهم النبيّ -صلّ الله عليه وسلّم- وقام بإجلائهم عن

    المدينة مع قدرته على قتلهم والانتقام منهم، لكنّه عاملهم بالحسنى كقائدٍ يُريد حماية دولته من كلّ معادٍ،

    وقد كانت لأهل الكتاب مكانةٌ خاصّةٌ فقد أباح الإسلام الأكل من طعامهم ومصاهرتهم،

    كما أنّ لأهل الكتاب تولي الوظائف في الدولة الإسلاميّة، ومن المشاهد الدالّة على احترام الإسلام لأهل الكتاب ومراعاة كرامتهم

    الإنسانيّة؛ ما رُوي عن النبيّ -صلّ الله عليه وسلّم- أنّه كان مع أصحابه، فمرّت بهم جنازةٌ، فقام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-

    لها، فقال له أحد الصحابة متعجّباً: إنّها جنازة يهوديّ، فردّ عليه النبيّ -صلّ الله عليه وسلّم- بقوله: (أليسَتْ نفساً)،

    فإنّ للنفس الإنسانيّة حُرمةً عظيمةً لا يجور قتل أهل الكتاب أو ظلمهم إذا كانوا غير مُعادين للإسلام والمسلمين.

    أقسام أهل الكتاب

    ينقسم أهل الكتاب إلى أربعة أقسامٍ؛

    القسم الأول: الحربي؛

    وهو الذي يُظهر العداء للإسلام والمسلمين،

    أمّا القسم الثاني: فهو الآمن

    وهو الحربي الذي يحتمي في ديار المسلمين لسببٍ من الأسباب،

    ومنهم أهل الصلح والعهد وهم أيضاً أهل حرب في الأصل، ولكنّهم أقاموا الصلح مع المسلمين،

    وآخر الأقسام: أهل الذمّة

    وهم الذين قبلوا حُكم الإسلام وسكنوا أرض المسلمين، ولم يتعرّضوا لأهل الإسلام بأذى أو ظلم، وقاموا بدفع ما عليهم من

    الجزية، وإن لم تُدفع الجزية، فإنّ التعامل مع أهل الكتاب لا يختلف؛ فالتعامل معهم يجب أن ينطلق من البرّ والعدل، والعدل في

    معاملتهم لا يعني ولا يستلزم حبّ كفرهم أو موافقتهم عليه، وقد توعّد الله -عزّ وجلّ- من تُسوّل له نفسه التعدّي عليهم بأيّ طرق

    العداء من قولٍ أو فعلٍ، فهم آمنون في ديار الإسلام، ومن ظلمهم أو عاملهم بسوءٍ فقد خالف أمر الله، وسنّة رسوله صلّ الله عليه وسلّم.

    إحسان النبي وأصحابه في التعامل مع اليهود والنصارى

    إحسان النبي في التعامل مع اليهود والنّصارى كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مثالاً للرّحمة والتّسامح، فقد وصفته أم المؤمنين

    عائشة -رضي الله عنها- بقولها: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَ أمْرَيْنِ إلَّا أخَذَ أيْسَرَهُمَا، ما لَمْ يَكُنْ إثْمًا، فإنْ كانَ

    إثْمًا كانَ أبْعَدَ النَّاسِ منه، وما انْتَقَمَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عليه وسلَّمَ لِنَفْسِهِ إلَّا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بهَا)،

    وصُور السّماحة في هدْيِه كثيرة؛ كرحمته بجميع الخلق، لقوله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)،

    وكذلك حثّه على العطف والرحمة في الكثير من أحاديثه، كقوله -عليه الصلاة والسلام-: (لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَن لا يَرْحَمُ النَّاسَ)،

    وتجاوزه عمّن عاداه وآذاه يوم فتح مكة، والصّفح عنهم، بالإضافة إلى دُعائه لمُخالفيه من غير المُسلمين بالهداية؛

    كدُعائه لطُفَيْل بن عمرو الدُّوسيّ بالهداية له ولقومه، ودُعائه لأمُّ أبي هُريرة، وبلغ من إحسانه بعد فتح خيبر وأخذ صُحُف التوراة

    منهم، أنْ أعادها وأرجعها إليهم لما طلبها اليهود، ولم يفعل كما فعل غيره بتحريقها أو وضعها تحت قدمه.

    وأجاز الإسلام التعامل مع اليهود والنصارى دون مُجالسةٍ ومُخالطة، والاستعانة بهم في الحروب،

    وقد تعامل النبي -عليه الصلاة والسلام- مع رَجُلٍ من اليهود يُسمى أبو الشحم، ومات ودرعُهُ مرهونة عِنده،

    وقد أعطى الإسلام أهل الذِمّة حُقوقم كاملة، وأعطاهم الحُرّيّة في الدُخول في الإسلام، وأَمَر بالإحسان إليهم في المُعاملات، والقسط

    معهم، ولما هاجر النبي -عليه الصلاة والسلام- ووجد عدداً كبيراً من اليهود في المدينة، قام بوضع المواثيق التي تُحدّد العلاقة

    معهم على مبدأ التسامُح، وضمان الحُقوق لهم،

    وقد كان بجوار النبي -عليه الصلاة والسلام- بعض أهل الكتاب، فكان يبرُّهم، ويُهدي إليهم، ويُهدى إليه منهم،

    وجاءه عددٌ من وُفود النصارى؛ كوفد الحبشة ونجران، فكان يُكرِمُهم، ويُدخِلُهم المسجد، وسمح لهم بإقامةِ صلواتهم فيه،

    وسار الصحابة الكرام على هذا المبدأ بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كَعُمر بن الخطاب عندما دخل القُدس، حيث قبِل

    جميع شُروط سُكّانها من المسيحيين. فهكذا كانت الأُسس التي قامت عليها علاقة المُسلمين بغيرهم؛ تقوم على الإحسان والتسامُح،

    والاشتراك في الحُقوق والواجبات، وحُريّة العبادة لهم؛ بشرط عدم فتنة المُسلمين بهم في دِينهم، والتحاكُم في مسائلهم لِحاكِمهم،

    ولحفظ هذه الأُسس والحُقوق؛

    أوصى بها النبي -عليه الصلاة والسلام- في كثيرٍ من وصاياه وأفعاله ووعوده، كالمُعاهدات التي عقدها مع اليهود بعد الهجرة، ومُعاهدات الصُّلح التي كانت مع يُحنة بن روبة، وأهل جرباء، وأذرُح، ونصارى نجران، وغيرهم،

    وكان النبيّ والصحابة أوفى الناس بهذه العقود، امتثالاً لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)،

    كما أن عدم دُخولهم في الإسلام ليس سبباً لِقتالهم، بل لا بُدّ من سَبَبٍ آخر؛ كنقض العهد، أو التآمُر ضد المُسلمين.

    إحسان الصحابة في التعامل مع اليهود والنصارى

    يشْهد التاريخ على سماحة الصحابة الكرام في تعامُلِهم مع غير المُسلمين، ولم يُعهد عنهم تضييقهم عليهم، أو إجبارِهم على

    الإسلام، فكان الخُلفاءُ الراشدين يُعينونهم بالمال عند الحاجة، ويهتمّون بكفالتهم عند العجز والكِبَر،

    ففي خلافة أبي بكرٍ -رضي الله عنه- كتب لِخالدٍ بن الوليد بصرف المال من بيت مال المُسلمين لمن ضَعُفَ عن العمل،

    أو كان مريضاً، أو فقيراً، كما أنه كان يُوصي الجيوش المُسلمة بعدم إرهاب الرُّهبانِ في صوامعهم،

    وأوصى عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بأهل الذمّة، والوفاء بِعُهودهم، وعدم تكليفهم فوق ما يُطيقون، وذات يومٍ وجد يهوديّاً

    يطلب المال؛ لحاجته وكبر سنّه، فصرف له مبلغاً من بيت مال المُسلمين،

    وهذه السماحة تكون ضمن ضوابط الإسلام ومقاصد الشرع، وفي عهد عُمر بن عبد العزيز كتب إلى أحد وُلاته وهو عديّ بن

    أرطأة بمُساعدة من كان من أهل الذِمّة ولا يقدِرُ على الكسب.

    وبعد أن قام الجيش الإسلامي بفتح الشام والعراق وحمص، سمِع أبو عُبيدة -رضي الله عنه- بتجهيز الروم لجيشٍ كبيرٍ بقيادة

    هرقل لِقتال المُسلمين، فأعاد الجزية إلى أهل حمص ودمشق، وقال لهم: "إننا لا نستطيع أن نحميكم وأن ندافع عنكم، وهذه جزيتكم

    التي دفعتموها لنا في مقابل حمايتكم"، فأجابوه: "والله لعدلكم أحبّ إلينا من جور الروم وظلمهم"، مع أنهم كانوا على نفس

    دينهم،

    ومما يُؤكّد عظمة التسامح عند الصحابة الكرام؛ أنه كانت امرأةٌ مسيحيّةٌ من مصر تشتكي على عمرو بن العاص للخليفة عُمر بن

    الخطاب، لأنه أدخل جُزءاً من بناء المسجد في بيتها، فعرض عليها عمر شراء بيتها بضعف الثمن، لكنّها رفضت، فأمر عمر بهدم

    البناء الجديد للمسجد، وإعادة بيتها كاملاً إليها،

    وكان لتسامُح النبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته الأثر الكبير في نُفوس غيرهم من غير المُسلمين.


    ________________________________________
    اللهم أرزقنا حسن إتباع سنه حبيبك المصطفي صل الله عليه وسلم ومن القائمين عليها

    ..........................................

    جزاكم الله خيرا

    ولا تنسونا من صالح دعائكم






      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 3:42 am