آل راشد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

آل راشد

آل راشد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
آل راشد

ثقافى-اجتماعى

*** - اللَّهُمَّ اَنَكَ عَفْوٍ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعِفُو عَنَّا - *** - اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك . *** - اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ الْمَوْتِ وَ ارْزُقْنَا حُسْنَ الْخَاتِمَةِ . *** -

إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا شَابَتْ عَبِيدَهُمْ.. .. فِي رِقِّهِمْ عَتَقُوهُمْ عِتْقَ أَبْرَارٍ .. .. وَأَنْتَ يَا خَالِقِيُّ أوْلَى بِذَا كَرَمًا.. .. قَدْ شُبْتُ فِي الرِّقِّ فَأَعْتَقَنِي مِنَ النَّارِ .

المواضيع الأخيرة

» الإيمان بأن الله خلق آدم على صورته كما قال رسول الله بلا كيف ولا تشبيه
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110أمس في 5:13 pm من طرف عبدالله الآحد

» صفات الله الفعلية قديمة النوع حادثة الآجاد أي متجددة الآحاد غير مخلوقة
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الجمعة مايو 17, 2024 4:29 pm من طرف عبدالله الآحد

» أهل السنة ليسوا مشبهة وعلامة الجهمية تسميتهم بالمشبهة
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الخميس مايو 16, 2024 4:52 pm من طرف عبدالله الآحد

» أقوال علماء السنة في أن القرآن ليس قديما بقدم الله ولا يوصف بمحدث
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الثلاثاء مايو 14, 2024 4:57 pm من طرف عبدالله الآحد

» أخطاء فى الحج كيف نتفاداها ؟؟؟
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الإثنين مايو 13, 2024 10:55 pm من طرف صادق النور

» أنواع التوحيد عرفت بالاستقراء من القرآن والسنة لهذا تقسيم التوحيد ليس ببدعة بل عليها الدليل وعرفها العلماء
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الإثنين مايو 13, 2024 4:49 pm من طرف عبدالله الآحد

» التحذير من إنكار صفات الله سبحانه لأن ذلك كفر
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الأحد مايو 12, 2024 4:15 pm من طرف عبدالله الآحد

» اثبات صفة النزول لله والرد على شبهة
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110السبت مايو 11, 2024 4:38 pm من طرف عبدالله الآحد

» هل القرآن مدلول كلام الله؟!
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الجمعة مايو 10, 2024 4:53 pm من طرف عبدالله الآحد

» إيضاح حركى لمناسك الحج وشرح جميع المناسك
الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooou110الخميس مايو 09, 2024 7:57 pm من طرف صادق النور

اهلا بكم

الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:32 am من طرف mohamed yousef

الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ  Ooousu10

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 18 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 18 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 624 بتاريخ الأربعاء سبتمبر 15, 2021 4:26 am

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 9689 مساهمة في هذا المنتدى في 3212 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 286 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو عبدالرحمن فمرحباً به.

دخول

لقد نسيت كلمة السر

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى

أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع


    الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ

    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أغسطس 10, 2021 6:51 am



    طريق هجرة الرسول صل الله عليه وسلم


    بدأت هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- مُنذ ذهابه إلى منزل صاحبه أبي بكرٍ الصديق -رضي الله عنه-، حيث كان منزله في

    أسفل مكة، واتّجهوا إلى غار ثور، ومن هناك ليذهبوا إلى المدينة المنورة، وكان معهم مولى أبو بكر عامر بن فهيرة -رضي الله

    عنه-، وعبد الله بن أُريقط الذي كان دليلهم في هجرتهم، وكان -عليه الصلاة والسلام- قد استأجره لحِنكته وحذاقته بالطُّرق ومسالكها،

    وقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- فقالت: (واسْتَأْجَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِن بَنِي الدِّيلِ،

    وهو مِن بَنِي عبدِ بنِ عَدِيٍّ، هادِيا خِرِّيتًا، والخِرِّيتُ الماهِرُ بالهِدايَةِ، قدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ العاصِ بنِ وائِلٍ السَّهْمِيِّ، وهو علَى دِينِ

    كُفّارِ قُرَيْشٍ، فأمِناهُ فَدَفَعا إلَيْهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيالٍ، براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثَلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ،

    والدَّلِيلُ، فأخَذَ بهِمْ طَرِيقَ السَّواحِلِ)، وكان طريق هجرة النبي وصاحبه أبي بكر مختلفاً تماماً عن أيّ طريقٍ كان يسلكه الناس في

    ذلك الوقت، وذلك لكي لا يستطيع أحدٌ أن يتعقّبهم أو يُباغتهم في طريقهم،

    وقال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: "ونهضوا أي الرسول وصحبه قاصدين على غير الطريق المعهودة"


    وقد أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في الحديث عن الأماكن التي مرَّ بها الرسول -عليه الصلاة والسلام- ووالدها أبو

    بكر -رضي الله عنه-؛ فبدأوا بمرورهم من أسفل مكة مع مولى أبيها والدليل عبد الله، ثمّ اتّجهوا الى مُحاذاة الساحل أسفل عُسفان،

    ثم مضوا حتى تجاوزوا قُدَيْداً، وساروا للخَرّار، واتّجهوا بعدها لثنية المرة، ثم أكملوا طريقهم من المدلجة؛ وهي بين طريق عُمق

    وطريق الروحاء، فوصلوا لطريق العرْج، ثم أكملوا من طريق الماء؛ ويُقال له الغابر عن يمين ركوبة، حتى وصلوا إلى بطن رئم،

    مُكملين الطريق إلى المدينة المنورة، وصولاً إلى بني عمرو بن عوف فيها أخيراً.

    وقد ذكر ابن اسحاق -رحمه الله- مسار طريق هجرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- وصاحبه -رضي الله عنه-،

    فقال: إنهم توجّهوا أسفل مكة، مُستمرّين حتى الساحل، وصولاً إلى أسفل عُسفان، ثم إلى أسفل أَمَج،

    وكانوا قد اجتازوا من الطريق حتى وصلوا قُديداً، وأكملو منها الى أن وصلوا وادي الخرّار، مُكملين حتى ثنيّة المَرَّة،

    فأخذهم الدليل من طريقٍ يسمّى لقفاً، مُتجاوزين منه مُدلجة لَقَف، ثم دخلوا إلى مُدلجة مِجاج، ومنها إلى مرجح مِجاج،

    حتى وصلوا إلى ذي كَشْرٍ، فساروا من الجُداجد، ثم الأجرد، ووصلوا بعدها ذا سُلم من داخل أعداء مدلجة تِعْهِن؛ وتعني العين،

    وصولاً إلى العبابيد، ثم القاحة، ثم العرْج، ثم ثنيّة الغائر، فبطن رئم، وصولاً إلى قباء لبني عمرو بن عوف،

    وكان ذلك في اليوم الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول. وفيما يأتي توضيحٌ للأماكن والطّرق التي مرّوا منها:

    عُسْفَانُ:
    وهي بلدة تقع شمال مكة، وتبعد عنها بثمانين كيلو متراً.


    قُدَيْدٌ:
    وهو وادٍ من أودية الحجاز.

    الخرّار:
    هو وادي الجحفة وغدير خمّ، يقع شرق رابغ بنحو خمسٍ وعشرين كيلو متراً.

    ثنية المرَّة:
    مكان بين غدير خم والفرع. المدلجة: هي روافد الماء بين الأودية،

    وهم أربع مدالج: لقْف، ومجاج، وثقيب، وتِعهِن، وتقع بين وادي الفرع والقاحة.

    العرج:
    هو وادٍ من أودية الحجاز، يقع جنوب المدينة على بعد مئة وثلاثة عشر كيلو متراً.

    ركوبة:
    طريقٌ صعب بين مكة والمدينة، ويسمّى الآن بريع الغائر.

    بطن رئم:
    هو وادٍ من روافد وادي النقيع.

    أمج:
    هو وادٍ زراعي شمال مكة بنحو مئة كيلو متراً.

    لِقْفٌ:
    وهو رافد وادي الفرع.

    كَشْرٌ:
    جبلٌ بين مكة والمدينة.

    الجَدَاجِد:
    الأرض المستوية، وهي آبار قديمة.

    ذو سلم:
    وادٍ في الحجاز.

    تِعهِن:
    عين ماء بين مكة والمدينة، وهي من روافد وادي القاحة.

    العبابيد:
    وهي أرض غير معروفة لليوم.

    القاحة:
    هو وادٍ قبل المدينة.


    سبب هجرة الرسول صل الله عليه وسلم

    هاجر أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة لمّا اشتدّ أذى المشركين، وضاقت الحال بهم في مكة المكرمة،

    إلا أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يهاجر معهم؛ لانتظاره الإذن من الله -تعالى-، وقد نُقل عن ابن عباس -رضي الله عنه-

    أنه لمّا سمعت قريش إيمان أنصار المدينة برسول الله وهجرة أصحابه إليهم؛ خافوا أن يمتدّ نفوذه وتبدأ الحرب بينهم،

    فاجتمع الملأ يتآمرون على محمد -عليه الصلاة والسلام- بدار الندوة حتى يجدوا حلّاً يمنعوا به رسول الله من الخروج للمدينة،

    فمنهم من اقترح أن يُحبس -عليه الصلاة والسلام- في منزله ويُغلقوا عليه الباب، ومنهم من رأى أن يُخرجوه وينفوه من مكّة فلا

    يعنيهم أمره بعد إخراجه منها.
    أمّا أبو جهل فاقترح قتله عن طريق عدّة أشخاصٍ من قبائل مختلفة، بحيث يقتلوه ضربة رجلٍ واحدٍ كي لا يقوى أحدٌ من بني هاشم

    على أخذ الثأر من قاتليه، ويصعب عليهم ذلك فيقبلوا الدّية، وقد قبِل الجميع بهذا الاقتراح،

    وعلِم النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بتآمر المشركين عليه لمّا أتى جبريل -عليه السلام- يُوحي إليه بأمر الله -تعالى- أن لا ينام في

    مكانه هذه الليلة، وأن يذهب مُهاجراً إلى المدينة المنورة مع صاحبه أبي بكر -رضي الله عنه-،

    فنام في مضجعه تلك الليلة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وبسبب ذلك أُطلق عليه لقب أول فدائي في الإسلام.


    أحداث على طريق هجرة الرسول صل الله عليه وسلم

    التجأ النبي -عليه الصلاة والسلام- وصاحبه أبو بكر في طريق هجرتهم إلى غار ثور؛ ليتواروا عن أنظار المشركين،

    وكان المشركون قد وصلوا إلى مدخل الغار، فخاف أبو بكر -رضي الله عنه- من أن يكشفهم المشركون، إلا أن نبي الله طمأنه،

    وقال له إن معهم الله -تعالى-، أخرج الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه ما رواه أبو بكر -رضي الله عنه-،

    حيث قال: (كُنْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الغَارِ، فَرَأَيْتُ آثَارَ المُشْرِكِينَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لو أنَّ أحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا،

    قالَ: ما ظَنُّكَ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا)، فوحْده الله -تعالى- في هذه الهجرة من سيحفظهم، ويحميهم من أذى المشركين،

    ويؤيّدهم بجنودٍ تحرسهم، وستكون كلمة الله هي الحق، وقد ذكر الله -سبحانه- ذلك في كتابه الحكيم،

    فقال: (إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّـهَ مَعَنا فَأَنزَلَ

    اللَّـهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّـهِ هِيَ العُليا وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ)،

    ولمّا أوكل الرسول وصاحبه أمرهم إلى الله -تعالى- وأيقنوا أن الأمر كلّه بيده؛ رزقهم الله التثبيت والسكينة، وأبعد عنهم الظالمين،

    إذ قال الله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّـهُ ما يَشاءُ).

    كانت قريش قد وضعت جائزةً مقدارها مئة ناقةٍ لمن يجد محمّداً ويُحضره إليهم، وسمع بذلك رجلٌ اسمه سُراقة، فأخذ فرسه وذهب

    وراء أثر رسول الله طَمَعاً بالجائزة، ولمّا أدرك النبيّ وصاحبه وقارب على الإمساك بهم؛ انغمست قدما فرسه بالأرض،

    وأَبَت أن تخرج، فأيقن أن ذلك كان عائقاً بينه وبين رسول الله وصاحبه، فأخذ يُنادي بصوتٍ عالٍ ويُعرّف عن نفسه بأنه سراقة بن

    جعشم، وأنه لا يريد بهم الأذى أبداً، وإنما يريد محادثتهم، وطلب أن يكتب له رسول الله كتاباً يكون آية بينه وبينهم،

    ففعل رسول الله، ومضى كلٌ منهم في طريقه، وعاد سُراقة لقومه ولم يُكلّم أحداً عن رسول الله، وكان سُراقة قد أسلم بعد فتح مكة،

    وقد شهد فتح مدائن كسرى على يد سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-، فناداه خليفة المسلمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-

    وأعطاه سِواريّ كسرى؛ لأن رسول الله قد وعده وبشّره بالحصول عليها عند إسلامه، ووفّى الخليفة بكلام رسول الله -عليه الصلاة

    والسلام-. وخلال هجرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- استراح عند أم معبد الخزاعية، وهي امرأة كبيرة هَرِمة، فسألها الرسول

    إن كان عندها لحماً أو تمراً لنفاد زادهم، ولكن لم يجدوا شيئاً، فوجد الرسول عند خيمتها شاةً مُتعبة وهزيلة، فطلب منها رسول الله

    أن يحلبها رغم هزلها، فسمّى الله -عز وجل- وبدأ -عليه الصلاة والسلام- يحلب، وإذا بلبنٍ كثيرٍ يخرج منها ويروي كلّ أصحابه،

    وشرب -عليه الصلاة والسلام- وحلبها مرّةً أخرى، ووضع الحليب بإناءٍ لأم معبد ورحل، وعند عودة زوجها تعجّب لوجود شاة

    حلوب في منزلهم، فطلب منها وصف ما حدث، فحدّثته عن الرسول، وقالت وصف رسول الله: (رأيتُ رجلًا ظاهرَ الوضاءةِ، أبلجَ

    الوجهِ، حسَنَ الخلقِ، ... إن صمتَ فعليهِ الوقارُ، وإن تَكَلَّمَ سماهُ وعلاهُ البَهاءُ، أجملُ النَّاسِ وأبهاهُ من بعيدٍ، وأحسنُهُ وأجملُهُ من

    قريبٍ، حُلوُ المنطقِ فَصلًا، ... فَهوَ أنضرُ الثَّلاثةِ مَنظرًا وأحسنُهُم، قدرًا لَهُ رفقاءُ يحفُّونَ بِهِ، إن قالَ: سمِعوا لقولِهِ، وإن أمرَ تبادروا إلى أمرِهِ)

    الرسول صل الله عليه وسلم في المدينه

    وما إن وصل النبي المدينة في ضحى يوم الإثنين، الموافق (12 من ربيع الأول للسنة الأولى من الهجرة = 24 سبتمبر 622م)

    حتى بدأ العمل الجاد، والسعي الدءوب، حتى أكمل رسالته على نحو لا مثيل له في تاريخ الإنسانية. ولم تكن يثرب عندما نزلها النبي

    (صلى الله عليه وسلم) مدينة بالمعنى المعروف، وإنما كانت واحات متفرقة في سهل فسيح يسكنها قبائل الأوس والخزرج

    والجماعات اليهودية، فنظّم العمران بالمدينة، وشق بها طرقا معبّدة، وكان المسجد هو الأساس في هذا التنظيم، انتظم حوله عمران

    المدينة الجديدة، واتسقت شوارعها. وكان هذا المسجد هو مقر الرئاسة الذي تقام فيه الصلاة، وتُبرم فيه كل الأمور، وتُعقد به مجالس

    التشاور للحرب والسلم واستقبال الوفود، وبجوار المسجد اتخذ النبي مساكنه، وكانت متصلة بالمسجد، بحيث يخرج منها إلى صلاته

    مباشرة، وأصبح من السُنّة أن تُبْنى المساجد وبجوارها بيوت الولاة ودواوين الحكم.

    ثم أصلح النبي ما بين الأوس والخزرج وأزال ما بينهما من عداوة، وجمعهما في اسم واحد هو الأنصار،

    ثم آخى بينهم وبين المهاجرين على أساس أن المؤمنين إخوة، وكانت المرة الأولى التي يعرف فيها العرب شيئا يسمى الأخوة،

    دون قرابة أو صلة رحم، حيث جعل كل رجل من المهاجرين يؤاخي رجلا من الأنصار، فيصير الرجلان أخوين،

    بينهما من الروابط ما بين الأخوين من قرابة الدم. وبعد المؤاخاة كانت الصحيفة،

    وهي الدستور الذي وضعه النبي (صلى الله عليه وسلم) لتنظيم الحياة في المدينة، وتحديد العلاقات بينها وبين جيرانها،

    هذه الوثيقة لم يُمْلِها النبي (صلى الله عليه وسلم) إملاء، وإنما كانت ثمرة مناقشات ومشاورات بينه وبين أصحابه من المهاجرين

    والأنصار وغيرهم، وكلما استقروا على مبدأ قام الرسول بإملاء نصه على علي بن أبي طالب، وشيئا فشيئا اكتملت الوثيقة، وأصبحت

    دستورا للجماعة الجديدة، ولا يكاد يُعرف من قبل دولة قامت منذ إنشائها على أساس دستور مكتوب غير هذه الدولة الإسلامية

    الجديدة، فإنما تقام الدول أولا، ثم يتطور أمرها إلى وضع دستور. وأدت هذه السياسة الحكيمة إلى قيام جماعة متآلفة متحابة، وإلى

    ازدياد عدد سكان المدينة حتى زاد عدد سكانها عما كانوا عليه أكثر من خمس مرات، بعد أن أقبل الناس على سكناها؛ طلبا للأمن

    والعدل في ظل الإسلام، والتماسًا لبركة مجاورة النبي (صلى الله عليه وسلم)، واستجابة لما دعا إليه القرآن من الهجرة إلى الله وإلى رسوله

    دروس من وحي الهجرة النبوية

    أولا درس التجرد والإخلاص لله تعالى:

    وهو أهم درس نتعلمه من هذا الحدث الكبير، لأنه فعل الهجرة ليس بالأمر السهل والبسيط، لأن فيه تركا للأموال والدّور والأبناء

    والأحبة وللغالي والنفيس من أجل رسالة الإسلام أي من جل الله ومن أجل رسوله صلى الله عليه وسلم،

    وهنا وقف الرسول الكريم لكي يؤكد على مضمون الهجرة ومقاصدها العالية بقوله في الحديث الصحيح “إنما الأعمال بالنيات وإنما

    لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها

    فهجرته إلى ما هاجر إليه”.

    ان من مقاصد الهجرة النبوية المباركة هو البحث عن أرض طيبة لغرس بذرة الإيمان والتمكين للعقيدة التوحيدية الربانية، وتوفير

    الأمن والسلام للمؤمنين الذين اتبعوا هذا الدين القيّم، وإيجاد أنصار أقوياء أمناء يسهمون في بناء الدولة الإسلامية على أصولها

    الإنسانية والربانية وهذا الحديث يعد أساسا في الشريعة للتفريق بين العادات والعبادات

    وقد جعله بن حجر العسقلاني في مصنفه فتح الباري ركنا من أركان العمل التعبدي (كالصلاة والصيام والحج ..)

    وشرطا لصحتها لقبولها، فالأعمال أيها الأحبة صور قائمة وروحها ولبها هو نية الإخلاص والتجرد فيها لله تعالى.


    ثانيا درس اليقين والثقة بوعد الله تعالى:


    وهذه القيمة كانت بارزة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه الصاحب والرفيق الأمين القوي ،

    وخاصة عندما أدركهما الكفار عند الغار فقال أبو بكر للنبي “لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا” فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم

    واثقا وموقنا بوعده ونصرته “يا أبا بكر .. ما ظنك باثنين الله ثالثهما” فصنع عند أبي بكر الصديق استشعار قيمة معية الله تعالى

    للمؤمن الصادق الناصر للحق القائم على الخير، فأنزل الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة

    يقول فيه الله تعالى “ثاني اثنين إذ هما في الغار، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا”

    هذه الآية ينبغي أن تكون شعار للمسلم الرسالي والرباني في وجه التحديات والصعوبات التي يجدها في حياته، ينبغي أن يستحضر

    معية الله تعالى ونصرته وحفظه للمؤمنين، يتوكل على الله تعالى ويجتهد في التخطيط المحكم والأخذ بالأسباب الدنيوية.


    ثالثا درس النصرة والأخوة الإيمانية الصادقة:


    ومن بين الأهداف الإستراتيجية للهجرة هي البحث عن أنصار للدعوة الإسلامية، يقومون بحمايتها وإقامة رسالتها

    والإسهام في نشرها في الآفاق والدفاع عنها عند الأخطار والكروب، فكان للأنصار دور كبير في التمكين للدين ونصرة المؤمنين،

    فالمدينة أصبحت مركزا لدولة الإسلام ومنطلقا لقيمها وأحكامها ومهدا لحضارتها الراشدة، لذا سمي أهل يثرب بالأنصار لأنهم نصروا

    رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة دين الإسلام. وقد قدم الأنصار درسا كبيرا في ترسيخ وتحقيق قيمة الأخوة في الله تعالى

    وترجمة معانيها السامية المثالية إلى واقع عملي، وذلك حينما آخى النبي الأكرم بين المهاجرين والأنصار على التقوى والنصح

    والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبادر الأنصار إلى إيواء المهاجرين واقتسام المال والمسكن والزاد معهم بل والاجتماع على

    الحب في الله تعالى والولاء والوفاء من أجل خدمة الدين ونصرة الأمة.

    فالأخوة في الله تعالى قيمة مركزية في الإسلام يحتاجها المسلم في تعلم أحكام دينه وحماية تدينه واستقامته والتعاون على إقامته

    ونشر قيمه العالمية العابرة للحدود الجغرافية والزمانية، ولها أجر كبير عند الله تعالى

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب

    المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار ) رواه البخاري.

    وما رواه مسلم عن أبِي هريرة – رضِي الله عنه – عنِ النَّبيّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّ رجلا زار أخًا له في الله، فأرصد الله

    له ملَكًا، فقال: أين تُريد؟ قال: أُريد أن أَزور أخِي فلانًا، فقال: لحاجة لك عنده؟ قال: لا، قال: لقرابةٍ بيْنك وبينه؟ قال: لا، قال:

    فبِنعمة له عندك؟ قال: لا، قال: فبم؟ قال: أحبُّه في الله، قال: فإنَّ الله أرسلني إليْك يُخبرك بأنَّه يحبُّك لحبِّك إيَّاه، وقد أوجب لك الجنَّة.



    آفاق جديدة في فيه الهجرة النبوية


    ويبقى معين الهجرة حيا لا ينضب ولا يتقادم كلما تبددت الأيام والسنون،

    حيث يكتشف الباحث والمتأمل آفاق جديدة لمفهوم الهجرة ومحركاتها التربوية والحضارية من أجل استيعاب أوسع لفقه التدين

    والنصرة، فالهجرة قد انتهت بعد فتح مكة حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية” فالجهاد

    والنية والإيمان بالغيب والثقة في المستقل هي روح الهجرة وجوهرها ،

    فالنبي الكريم أعاد بناء مفهوم الهجرة من حدث زمني ومكاني إلى قيمة أخلاقية ووسيلة للوصول إلى معارج الكمال الرباني

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك عز وجل “.

    وقال صلى الله عليه وسلم ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده المهاجر من هجر ما نهى الله عنه” رواه البخاري.

    الأخوة في الله تعالى قيمة مركزية في الإسلام يحتاجها المسلم في تعلم أحكام دينه وحماية تدينه واستقامته والتعاون على إقامته ونشر

    قيمه العالمية العابرة للحدود الجغرافية والزمانية فينبغي للمؤمن أن يهاجر هجرة روحية ويرتقي في منازل الإيمان ومدارج المعرفة،

    هجرة فيها إرادة الفرار إلى الله تعالى والاقتراب من صفاته وأسمائه الحسنى، واتباع سنة رسوله الكريم والاقتداء به في أخلاقه

    وأحواله وجهاديته،


    قال ابن القيم كلاما نفيسا في مصنفه طريق الهجرتين : ” والهجرة هجرتان: هجرةٌ إلى الله بالطَّلَب والمَحبَّة، والعبودية والتوكُّل،

    والإنابة والتسليم والتفويض، والخوف والرجاء، والإقبال عليه، وصِدْقِ اللَّجَأ والافتقار في كلِّ نفَسٍ إليه،


    وهجرةٌ إلى رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – في حركاته وسكناته، الظَّاهرة والباطنة؛ بِحَيث تكون موافِقَة لِشَرعه الذي هو تفصيل

    مَحابِّ الله ومَرْضاته، ولا يقبل الله من أحدٍ دينًا سواه، وكلُّ عمل سواه فعيشُ النَّفْس وحَظُّها، لا زادَ المعادِ”.


    و قال العزُّ بن عبدالسلام في موسوعة نظرة النعيم “الْهِجرة هجرتان: هجرة الأوطان، وهجرة الإثْم والعدوان،

    وأفضلهما هجرة الإثم والعدوان؛ لِما فيها من إرضاء الرحمن، وإرغام الشيطان”. وإن تدين المسلم يبنى ويتقوى بتقليب النظر في

    الآيات القرآنية والكونية وتجديد الفكر وتثوير العقل وتحريكه من أجل اكتشاف معاني وآفاق جديدة لفهم الإسلام وترشيد التدين وشحذ

    الفاعلية للعطاء والعمل من أجل تحقيق الوجود الحضاري والصلح مع الأدوار الرسالة المنوطة بالمسلم في علاقته بالله تعالى وعلاقته بنفسه ومجتمعه وأمته والإنسانية جمعاء.

    ويبقي الموضوع متصل

    تابعونا بارك الله فيكم وعفا عنكم

    لا تنسونا من صالح دعائكم




    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أغسطس 10, 2021 7:01 am





    مظاهر النصر في الهجرة النبوية

    خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مستخفيا من القوة الباطشة بمكة، تاركًا هو وأصحابه ديارهم وأموالهم وممتلكاتهم ،

    وسمَّى الله عز وجل هذا الخروج نصرًا، فقال : ” إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة/40]

    فكيف يكون الخروج على هذا الوجه انتصارًا!

    الهجرة كانت إنقاذا من قتل محقق إن الهجرة كانت إنقاذًا من قتل محقق، فقد اتخذت قريش قرارها بأن تُجهز على هذه الدعوة الوليدة وعلى أتباعها واحدًا تلو

    الآخر. فلم يكن أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خياران:


    الخيار الأول : أن يبقى هو وصحابته في مكة، تتصيدهم قريش واحدا تلو الآخر، حتى يفنوا جميعا، تأخذهم كما يأخذ الإعصار القاصف أعجاز النخل الخاوية.

    ومن المهم هنا أن نستحضر شيئا قد يغيب عن البال، وهو أن هذا المصير كان محتوما لو بقوا في مكة

    لسبببن اثنين: السبب الأول : انعدام التكافؤ، فمع قريش العدد والعدة والنفوذ والسلطان والإعلام ، وكل أسباب القوى المادية الأرضية،

    وليس مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها شيء، فلا عدد ولا عدة ولا إعلام ولا سلطان ولا مال. فكانت المواجهة ليست إلا قرارا بالانتحار.

    السبب الثاني : لأن القوم كانوا مكفوفين عن الجهاد في مكة، فلم يكونوا بعدُ قد أمروا بالجهاد، حتى جهاد الدفع، فكانت هذه هي المرحلة التي قال الله عز وجل

    فيها : ” أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ [النساء/77] حتى شرع الله عز وجل لهم الجهاد

    بعد في قوله : ” أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ [الحج/39، 40].

    وقال فيها : ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]؛

    حيث الكفُّ والإعراض والصَّفْح. الهجرة كانت احتفاظا للقوة النامية

    الخيار الثاني : التفكير في حلٍّ، يمكن معه الاحتفاظ بهذه القوة النامية بعيدا عن قوة البطش حتى يشتد أزارها، ويقوى أوارها فتتكافأ القوى أو تتقارب.

    فكانت الهجرة، حيث الاحتفاظ بهذه القوة بعيدًا عن أماكن نفوذ قريش، هناك في المدينة، حيث كان صلى الله عليه وسلم قد مهّد مع الأنصار على أن ينصروه

    ويمنعوه من أي عدو يتهددهم. فلم يكن يوم الهجرة إلا يومًا من أيام النصر والعزة في الإسلام، ولم لا يكون كذلك ،

    وهو اليوم الذي بدأت فيه الخطوة الأولى لبناء دولة الإسلام، والخطة الكبرى لاستنقاذ الجماعة المؤمنة، ريثما تشب وتقوى فتعود فتية صلبة، تفتح القلوب ،

    وتستنقذ الحق المسلوب، وتتوالى في انتصاراتها هادرة الأمواج، قوية الانطلاق، قاهرة الردع، سريعة الحركة، جياشة المد، فوارة الاندفاع، عظيمة المنح

    والعطاء. إن عمر الفارق الملهم قد لَمَحَ ببصيرته هذا المعنى الكبير في يوم الهجرة فجعله مُفْتَتَح تاريخ الإسلام، وليس معقولاً أن يبدأ تاريخ المسلمين بيوم انهزم فيه الإسلام.


    اعتراف قريش بأن الهجرة نصر


    ولقد أدركت قريش هذا المعنى في الهجرة ، فاجتمعت لتمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهجرة إلى أنصاره حيث القوة والمنعة والإيمان والفداء

    والتضحية والبطولة وصدق الإخلاص للدعوة ، فعرفوا أنهم مأكولون بسيوف المهاجرين والأنصار ، يمضغونهم كما تمضغ الرحى هري الطحين لو أن محمدا

    وصل إليهم ، وأمسك بيده زمام قيادهم، ,وأحكم بسياسته نظام مجتمعهم القوي الرهيب. لقد كان يوما تلته أيام، فقد كان بعده بدر، وحمراء الأسد، وفتح مكة،

    وغيره من أيام لم تكن تتحقق إلا بادخار هذه الفئة المؤمنة. لقد كان الإسلام في هذه الفترة من تاريخ الدعوة، كان يتطلب أن يعيش له وأن يحيا من أجله كل فرد

    من أبنائه ، فضلا عن الرجل الأول فيه محمد صلى الله عليه وسلم. كان الإسلام يفرض عليهم أن يعيشوا من أجله حتى يكونوا له على ظهر الأرض أمة

    راسخة البناء، ودولة سامقة اللواء. فإذا استقامت للدين الجديد أمته ودولته، سُفكت لحياطتها الدماء،

    وقُدِّم للدفاع عنها الفداء!! لقد كانت حياة كل مسلم قذى في عين الكفر والكافرين، فضلا عن حياة المسلم الأول صلى الله عليه وسلم .

    إذن فليمسك المسلمون بحياتهم حتى يغرسوا نبت التوحيد في أرض الجزيرة وفيما حولها، ولا عليهم بعد إذ غرسوه أن يرووه بدمائهم.


    مواجهة الباطل وتحديد الزمان


    إن مبدأ الهجرة في هذا السياق يعلمنا أن مواجهة الباطل ليست مطلوبة في كل وقت، بل تكون مطلوبة حيث كانت المواجهة في صالح الحق،

    وإلا فالصبر والكمون حتى يتجهز أصحاب الحق للمواجهة، وإلا كانت نوعاً من الانتحار.

    إن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كانت فرارا من موت ليس معه فائدة للمسلمين، فكيف يكون الموت حينئذ مكرمة؛

    ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي حافظ على هذه الرقاب من تلك الميتة الرخيصة، وهو نفسه الذي جمعهم صلى الله عليه وسلم من بعد على

    جبهات القتال، واستحثهم للهجوم والصمود، واستنهضهم للثبات حتى الممات، فكان يقول لهم في بدر مثلا : “لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا

    غير مدبر إلا أدخله الله الجنة” نعم، الآن تسفك الدماء حيث يكون سفكها مظنة للنصر، فحينئذ يكون الموت شهادة في سبيل الله. كما تعلمنا الهجرة أن أصحاب

    الحق ليس لهم عند الله عهد أن ينصرهم في مواجهة الباطل على أي حال كانوا عليه من الضعف في العدد والعدة

    ، فإن الأمر لو كان كذلك لنصر الله نبيه على أعدائه في مكة دون حاجة إلى الهجرة، بل لا بد من الإعداد الذي أمر به الله تعالى :

    ” {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]


    ما زلنا أيها ألأحباب تابعونا


    وين الدعوات















    صادق النور
    صادق النور
    مدير عام


    عدد المساهمات : 5204
    تاريخ التسجيل : 02/02/2010

    محمد عبد الموجود رد: الهجرة النبوية .. حدث غيّر مجرى التاريخ

    مُساهمة من طرف صادق النور الثلاثاء أغسطس 10, 2021 7:15 am



    عبرة الهجرة النبوية

    إنَّ في أخلاق النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وسَجَاياه التي لا تشتمل على مثلها نفس بَشَريَّة ما يغنيه عن خارقة تأتيه منَ الأرض أو السَّمَاء، أو الماء، أو الهواء.

    إنَّ ما كان يَبهر العرب مِن معجزات علمه، وحِلْمه، وصَبْره، واحتماله، وتَوَاضعه، وإِيثاره، وصِدْقه، وإِخْلاصه، أكثر ممَّا كان يبهرهم مِن معجزات تسبيح

    الحَصَى وانشقاق القَمَر، ومَشْي الشَّجر، ولين الحجر؛ وذلك لأنَّه ما كان يَريبهم في الأولى ما كان يريبهم في الأخرى مِنَ الشّبَه بينها وبين عرَافَة العَرَّافين،

    وكهانة الكَهَنَة، وسِحْر السحرة، فلَولا صفاته النفسية، وغرائزه، وكمالاته ما نهضَتْ له الخوارق بكل ما يريده، ولا تركت له المعجزات في نفوس العَرَب

    ذلك الأثر الذي تَرَكَته؛ ذلك هو معنى قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}.

    كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم – شُجاع القَلْب، فلم يهب أن يدعوَ إلى التَّوحيد قومًا مُشركينَ يعلم أنَّهم غِلاظ جفاة، شَرسون، متنمِّرون، يغضبون لدينهم

    غضبَهم لأعراضهم، ويُحبُّون آلِهَتهم حبَّهم لأبنائهم. كان على ثقةٍ من نَجاح دَعْوَته، فكان يقول لقُريش أشدَّ ما كانوا هزءًا به وسخرية:

    “يا مَعشَر قريش، والله لا يأتي عليكم غيْر قليل حتَّى تعرفوا ما تنكرونَ، وتُحبُّوا ما أنتم له كارهونَ”.

    كان حليمًا سَمح الأخلاق؛ فلم يُزْعِجه أنْ كان قومه يؤذونه، ويزدرونه، ويُشَعِّثون منه، ويضعون التُّراب على رأسه، ويُلْقُونَ على ظهره أمعاء الشَّاة،

    وسَلَى الجَزور، وهو في صلاته؛ بل كان يقول: “اللهُمَّ اغفر لقومي فإنَّهم لا يعلَمونَ”. كان واسعَ الأمل، كبير الهمَّة، صلب النَّفس، لبث في قومه ثلاث عشرة

    سنة؛ يدعو إلى الله فلا يلبي دعوته إلاَّ الرَّجل بعد الرَّجل، فلم يبلغ المَلَل من نفسه، ولم يخلص اليأس إلى قلبه،

    فكان يقول: “والله لو وَضَعوا الشَّمس في يَميني، والقمرَ في شِمالي، على أن أتركَ هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك دونه فيه ما تركته”.

    وما زالَ هذا شأنه حتَّى عَلمَ أنَّ مَكَّة لن تكونَ مبعث الدَّعوة، ولا مطلع تلك الشمس المشرقَة، فهَاجَرَ إلى المدينة المنورة ؛

    فانتَقَلَ الإسلام بانتقاله منَ السُّكون إلى الحَرَكَة، ومن طَور الخفاء إلى طَور الظُّهور؛ لذلك كانت الهجرة مبدأ تاريخ الإسلام؛ لأنَّها أكبر مظهر من مَظَاهره.

    لذلك كانت الهجرة مبدأ تاريخ الإسلام لأنها أكبر مظهر من مظاهره، وكانت عيدا يحتفل به المسلمون في كل عام لأنها أجمل ذكرى للثبات على الحق والجهاد

    في سبيل الله. لقد لَقيَ -صلَّى الله عليه وسَلَّم- في هجرته عناءً كثيرًا، وَمَشَقَّةً عظمى؛ فإن قومه كانوا يكرهون مهاجرته لا ضِنًّا به؛ بلْ مَخَافة أن يَجدَ في دار

    هِجْرته منَ الأعوان والأنصار ما لم يَجِد بينهم، كأنَّما يشعرون بأنَّه طَالب حق، وأنَّ طالب الحق لا بدَّ أن يجدَ بين المحقينَ أعوانًا وأنصارًا،

    فوَضَعوا عليه العيون والجواسيس؛ فخَرَجَ من بينهم ليلة الهجرة متَنَكِّرًا بعد ما ترك في فراشه ابن عمه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عبثًا بهم، وتضليلاً

    لهم عنِ اللحاق به، ومشى هو وصاحبه أبو بكر -رضي الله عنه- يَتَسَلَّقان الصخور، وَيَتَسَرَّبان في الأغوار والكهوف، ويلوذان بأكناف الشعاب والهِضاب

    حتَّى انقَطَعَ عنهما، وتَمَّ لهما ما أرادَا بفَضل الصَّبر والثَّبات على الحق. إنَّ حياة النَّبي -صَلَّى الله عليه وَسَلَّم- أعظم مثال يجب أن يحتذيَه المسلمونَ للوصول

    إلى التَّخَلُّق بأشرف الأخلاق، والتَّحَلِّي بأكرم الخصال، وأحسن مدرسة يجب أن يَتَعَلَّموا فيها كيف يكون الصِّدق في القول، والإخلاص في العمل،

    والثَّبات على الرَّأي وسيلة إلى النَّجاح، وكيف يكون الجِهاد في سبيل الحق سببًا في عُلُوِّه على الباطل. لا حاجَةَ لنا بتاريخ حياة فلاسفة اليونان، وحكماء

    الرُّومان، وعلماء الإفرنج؛ فلَدَينَا في تاريخنا حياة شريفة مملوءةٌ بالجد والعمل، والبر والثَّبات، والحب والرَّحمة، والحكمة والسِّياسة، والشَّرَف الحقيقي، والإنسانيَّة

    الكاملة، وهي حياة نَبينا -صلى الله عليه وسلم- وحسبنا بها وكَفَى.




    ***************
    لا تنسونا من صالح دعائكم


    أحبكم في الله






      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 7:16 am