((( تأملات فى ألأية رقم 3 من سورة الطلاق )))
في سورة الطلاق أو سورة النساء الصغرى - كما تسمى - وردت أربع آيات كريمة، ربطت بين الفعل والجزاء، ورتبت النتيجة على أسبابها ومقدماتها؛ الآية الأولى، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}... (الطلاق:2-3) والثانية قوله سبحانه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}... (الطلاق:3) والثالثة، قوله عز وجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}... (الطلاق:4) والرابعة، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (الطلاق:5) ولنا مع هذه الآيات بضع وقفات:
الأولى: أن الجزاء في ثلاث من هذه الآيات رُتب على تقوى الله؛ وتقوى الله في معهود الشرع، فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وهي رأس الأمر كله، وفي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته، قوله عليه الصلاة والسلام: (اتق الله حيثما كنت) رواه أحمد و الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح .
الثانية: جاء قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} تكملة لأمر التقوى؛ فإذا كانت تقوى الله سبب لتفريج الكربات، ورفع الملمات، وكشف المهمات، فإن في توكل المسلم على ربه سبحانه، ويقينه أنه سبحانه يصرف عنه كل سوء وشر، ما يجعل له مخرجًا مما هو فيه، وييسر له من أسباب الرزق من حيث لا يدري؛ وأكد هذا المعنى ما جاء في الآية نفسها، وهو قوله تعالى: { إن الله بالغ أمره } أي: لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة، فإن الله إذا وعد وعدًا فقد أراده، وإذا أراد أمرًا يسر وهيأ أسبابه .
وقد وردت عدة أحاديث تشد من أزر هذا المعنى؛ من ذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم ، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} فما زال يكررها ويعيدها). رواه أحمد و الحاكم وغيرهما .
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر).
الثالثة: أن الله سبحانه وعد عباده المتقين الواقفين عند حدوده، بأن يجعل لهم مخرجًا من الضائقات والكربات التي نزلت بهم؛ وقد شبَّه سبحانه ما هم فيه من الحرج بالمكان المغلق على المقيم فيه، وشبَّه ما يمنحهم الله به من اللطف وتيسير الأمور، بجعل منفذ في المكان المغلق، يتخلص منه المتضائق فيه .
الرابعة: في قوله تعالى سبحانه: {مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} احتراس ودفْعٌ لما قد يُتوهم من أن طرق الرزق معطلة ومحجوبة، فأعْلَم سبحانه بهذا، أن الرزق لطف منه، وأنه أعلم كيف يهيئ له أسبابًا، غير مترتبة ولا متوقعة؛ فمعنى قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} أي: من مكان لا يحتسب منه الرزق، أي لا يظن أنه يُرزق منه .
الخامسة: تفيد الآيات المتقدمة، أن الممتثل لأمر الله والمتقي لما نهى الله عنه، يجعل الله له يسرًا فيما لحقه من عسر؛ واليسر انتفاء الصعوبة، أي: انتفاء المشاق والمكروهات؛ والمقصود من هذا تحقيق الوعد باليسر، فيما شأنه العسر .
السادسة: في قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} أعيد التحريض هنا على التقوى مرة أخرى، ورتَّب عليه الوعد بما هو أعظم من الرزق، وتفريج الكربات، وتيسير الصعوبات، وذلك بتكفير السيئات، وتعظيم الأجر والثواب .
وبعد: فإن للتقوى أثرًا أي أثر في حياة المؤمن، فهي مفتاح كل خير، وهي طريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة، يكفيك في ذلك، قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} (الأعراف : 96).
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) رواه مسلم ، نسأل الله أن يجعلنا من الملتزمين بشرعه، ومن المتقين لأمره ونهيه.
********************************************************
إن مرت الايام ولم تروني فهذا اسمى وهذه مشاركاتي ...فتذكروني . وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فلا تنسوني من صالح دعاءكم
في سورة الطلاق أو سورة النساء الصغرى - كما تسمى - وردت أربع آيات كريمة، ربطت بين الفعل والجزاء، ورتبت النتيجة على أسبابها ومقدماتها؛ الآية الأولى، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}... (الطلاق:2-3) والثانية قوله سبحانه: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}... (الطلاق:3) والثالثة، قوله عز وجل: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}... (الطلاق:4) والرابعة، قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} (الطلاق:5) ولنا مع هذه الآيات بضع وقفات:
الأولى: أن الجزاء في ثلاث من هذه الآيات رُتب على تقوى الله؛ وتقوى الله في معهود الشرع، فعل ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، وهي رأس الأمر كله، وفي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته، قوله عليه الصلاة والسلام: (اتق الله حيثما كنت) رواه أحمد و الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح .
الثانية: جاء قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} تكملة لأمر التقوى؛ فإذا كانت تقوى الله سبب لتفريج الكربات، ورفع الملمات، وكشف المهمات، فإن في توكل المسلم على ربه سبحانه، ويقينه أنه سبحانه يصرف عنه كل سوء وشر، ما يجعل له مخرجًا مما هو فيه، وييسر له من أسباب الرزق من حيث لا يدري؛ وأكد هذا المعنى ما جاء في الآية نفسها، وهو قوله تعالى: { إن الله بالغ أمره } أي: لا تستبعدوا وقوع ما وعدكم الله حين ترون أسباب ذلك مفقودة، فإن الله إذا وعد وعدًا فقد أراده، وإذا أراد أمرًا يسر وهيأ أسبابه .
وقد وردت عدة أحاديث تشد من أزر هذا المعنى؛ من ذلك ما رواه أبو ذر رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم ، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} فما زال يكررها ويعيدها). رواه أحمد و الحاكم وغيرهما .
وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن ثوبان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر).
الثالثة: أن الله سبحانه وعد عباده المتقين الواقفين عند حدوده، بأن يجعل لهم مخرجًا من الضائقات والكربات التي نزلت بهم؛ وقد شبَّه سبحانه ما هم فيه من الحرج بالمكان المغلق على المقيم فيه، وشبَّه ما يمنحهم الله به من اللطف وتيسير الأمور، بجعل منفذ في المكان المغلق، يتخلص منه المتضائق فيه .
الرابعة: في قوله تعالى سبحانه: {مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} احتراس ودفْعٌ لما قد يُتوهم من أن طرق الرزق معطلة ومحجوبة، فأعْلَم سبحانه بهذا، أن الرزق لطف منه، وأنه أعلم كيف يهيئ له أسبابًا، غير مترتبة ولا متوقعة؛ فمعنى قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} أي: من مكان لا يحتسب منه الرزق، أي لا يظن أنه يُرزق منه .
الخامسة: تفيد الآيات المتقدمة، أن الممتثل لأمر الله والمتقي لما نهى الله عنه، يجعل الله له يسرًا فيما لحقه من عسر؛ واليسر انتفاء الصعوبة، أي: انتفاء المشاق والمكروهات؛ والمقصود من هذا تحقيق الوعد باليسر، فيما شأنه العسر .
السادسة: في قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} أعيد التحريض هنا على التقوى مرة أخرى، ورتَّب عليه الوعد بما هو أعظم من الرزق، وتفريج الكربات، وتيسير الصعوبات، وذلك بتكفير السيئات، وتعظيم الأجر والثواب .
وبعد: فإن للتقوى أثرًا أي أثر في حياة المؤمن، فهي مفتاح كل خير، وهي طريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة، يكفيك في ذلك، قول الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ} (الأعراف : 96).
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) رواه مسلم ، نسأل الله أن يجعلنا من الملتزمين بشرعه، ومن المتقين لأمره ونهيه.
********************************************************
إن مرت الايام ولم تروني فهذا اسمى وهذه مشاركاتي ...فتذكروني . وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فلا تنسوني من صالح دعاءكم
أمس في 6:57 am من طرف عبدالله الآحد
» تحذير من كتاب القرآن قديم او محدث
الأربعاء مارس 27, 2024 7:04 am من طرف عبدالله الآحد
» اثبات أن القرآن كلام الله حقيقة لا عبارة ولا حكاية
الثلاثاء مارس 26, 2024 6:59 am من طرف عبدالله الآحد
» الرد على أشعري زعم أن أهل السنة مشبهة
الإثنين مارس 25, 2024 6:54 am من طرف عبدالله الآحد
» الاستعاذة بغير الله شرك وبيان أقوال السلف في ذلك
الأحد مارس 24, 2024 6:54 am من طرف عبدالله الآحد
» ذم علم الكلام وأهله
السبت مارس 23, 2024 6:59 am من طرف عبدالله الآحد
» الرد على الاحباش والكلابية واثبات الصفات الاختيارية لله سبحانه
الجمعة مارس 22, 2024 7:02 am من طرف عبدالله الآحد
» الإيمان عند أهل السنة اعتقاد وقول وعمل
الخميس مارس 21, 2024 7:12 am من طرف عبدالله الآحد
» أحكام القرآن لأبن العربي - أبو بكر محمد بن عبد الله الأندلسي
الأربعاء مارس 20, 2024 10:07 pm من طرف صادق النور
» وظائف شهر رمضان المعظم
الأربعاء مارس 20, 2024 4:33 pm من طرف صادق النور